- ندوات تلفزيونية
- /
- ٠39برنامج إلى الإيمان من جديد - قناة فور شباب
مقدمة :
المذيع :
بسم الله الرحمن الرحيم ، والحمد لله رب العالمين ، وأتمّ الصلاة وخير التسليم على سيدنا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، أهلاً ومرحباً بكم مشاهدينا الكرام ، نتحدث وإياكم في ملفات شبابية ساخنة مهمة جداً إلى الشباب .
ربنا سبحانه وتعالى في كتابه الحكيم علمنا أفلا يتدبرون ، أفلا يتفكرون ، وغيرها كثير من الآيات القرآنية التي دعتنا إلى التدبر والتفكر فيما يحصل حولنا ، كيف يمكن للشباب أن يكون حقيقة هو نقطة التغيير لهذه الأمة ؟ لا بد في البداية أن نحدد من أنا ؟ هل أنا كشاب لي قيمة في هذه الحياة ؟ هل أنا رقم ضمن الأرقام الكثيرة الموجودة من باقي البنات وباقي الشباب في المجتمع ؟ أم يمكن أن أكون أنا الرقم الصعب الذي يغير المعادلة كاملة في المنطقة حينما علمنا النبي صلى الله عليه وسلم إنما نصرت بالشباب ؟ لم تكن فقط للماضي فكل من يستن بسنة النبي يستطيع أن يعيد هذا التاريخ من جديد ، وأن يكون النصر حليفاً للأمة من خلال الشباب .
يسعدنا أن نبدأ حوارنا من أنا ؟ نحن كشباب ما قيمتنا ؟ مع فضيلة الداعية الكبير الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي ، السلام عليكم شيخنا وأهلاً ومرحباً بكم .
الدكتور راتب :
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
المذيع:
شيخنا الفاضل نسعى في بداية هذا البرنامج أن نتحدث في مفهوم الأنا ، فكثير من الشاب لازال سؤال من أنا ليس واضحاً لديه ، كشاب ، كمسلم ، كإنسان .
الشباب عماد الأمة و مستقبلها :
الدكتور راتب :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد ، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين ، وعلى صحابته الغر الميامين ، أمناء دعوته ، وقادة ألوِيَتِه ، وارضَ عنّا وعنهم يا ربّ العالمين .
الحقيقة الدقيقة أن الشباب عماد الأمة ، والشباب قوام الأمة ، والشباب مستقبل الأمة ، وحينما نعتني بالشباب نعتني بقوميتنا ، نعتني بمستقبلنا ، نعتني بتقدمنا ، نعتني بحضارتنا ، والشباب لهم حيز كبير في هذا الدين القويم ، فلذلك حينما نتفهم حاجات الشباب هذه نقطة دقيقة جداً هذا الشاب يسعى إلى أشياء ثلاثة وكلها طلبات متواضعة ، يسعى إلى دار سكن ، وإلى زوجة ، وإلى فرصة عمل ، فإذا أمنا لهؤلاء الشباب حاجاتهم الأساسية ملكناهم ، وكانوا في دعم هذه الأمة ، وفي قوتها ، وفي انتصاراتها ، أما إذا أهملنا الشباب فهناك مشكلة كبيرة جداً ، فأنا أرحب بهذه السلسلة من اللقاءات التلفزيونية التي تتمحور حول الشباب ، إنهم عماد الأمة ومستقبل الأمة ، والشباب طاقة كبيرة جداً ، الأمة بحاجة إلى الشباب لأنهم كالمحرك في السيارة ، وأما الشيوخ كالمقود ، وأما المنهج كالطريق ، يوجد طريق ويوجد مركبة فيها محرك وفيها مقود ، فإذا ضبطنا سير المركبة على الطريق عن طريق المقود نجحنا . أنا أرحب بهذه الحلقات المتعلقة بالشباب .
المذيع:
دكتور ؛ كثير من الشباب يعتقد أن لا قيمة له ، ولا يستطيع أن يغير ، يعيش في دول تسمى العالم الثالث ، أين نحن وأين الغرب وأين ؟ من هذه الجمل المليئة بالإحباط ، وقلة الثقة بالنفس ، ما رأيك دكتور ؟
الشيء الذي تتوهم أنك لا تستطيع أن تفعله هو الذي لا تريد أن تفعله :
الدكتور راتب :
أولاً : الشيء الذي نتوهم أننا لا نستطيع أن نفعله هو الشيء الذي لا نريد أن نفعله، هذه حقيقة دقيقة وخطيرة ، أي إنسان غير الشباب ، الشيء الذي تتوهم أنك لا تستطيع أن تفعله هو الشيء الذي لا تريد أن تفعله ، لكن الإنسان يضع مبررات لتقصيره ، أما حينما قال الله عز وجل :
﴿ وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ ﴾
فلمجرد أن تقبل بصدق تصل ، هذه الحقيقة أضعها بين يدي الأخوة المشاهدين ، أي إنسان بأي عمر بأي وظيفة بأي مكون إذا أراد شيئاً الله عز وجل جاء به إلى الدنيا ليحقق مراده ، ولكن الله لا يتعامل مع الكاذبين يتعامل مع الصادقين ، إن القرار الذي يتخذه الإنسان في شأن مصيره قلّما تنقضه الأيام ، إذا كان صادراً حقاً عن إرادة و إيمان ، أي قرار يتخذه الإنسان كائناً من كان شاباً أو كهلاً أو شيخاً أو صغيراً أو كبيراً ، ذكراً أو أنثى ، أي شيء يصبو الإنسان إليه ، ويقدم أسبابه ، أنا أرى ومتيقن من رؤيتي لا بد من أن تصل إليه ، لأن الله قال :
﴿ وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ ﴾
جاء بك إلى الدنيا ليحقق مرادك ، ليحقق رغبتك ، ليحقق اختيارك ، فالبطولة أن تحسن الاختيار .
المذيع:
دكتور سنعود إلى نقطة عن الشباب ما المطلوب من الشباب شرعاً حينما خلقنا الله عز وجل كشباب يعيشون في هذه الأمة الإسلامية ؟ ما هو الدور والواجب ؟
ضرورة تأمين حاجات الشباب :
الدكتور راتب :
والله أنا قلت قبل قليل : الشاب له حاجات وعليه واجبات ، فالبطولة أن نؤمّن له الحاجات كي نطالبه بالواجبات .
المذيع:
ثلاث حاجات ؛ فرصة عمل ، وسكن ، وزوجة .
الدكتور راتب :
ولكن بعد أن تؤمّن له هذه الأشياء قد يكون أكبر قوة ، ريح الجنة في الشباب ، الشباب طاقة ، الشباب قدرة ، الشباب اندفاع ، كل شيء له خصائص ، ومن أهم خصائص الشباب الاندفاع بقوة ، لكن يحتاج إلى شيخ يخطط له ، شيخ أقصد إنساناً واعياً متقدماً في السن عنده خبرات متراكمة ، هذا الشيخ مهمته أن يخطط لهذا الشاب حركته .
المذيع:
دكتور الاندفاع في الشباب ميزة إيجابية أم سلبية ؟
الاندفاع في الشباب ميزة حيادية :
الدكتور راتب :
حيادية ، الشهوة سلم نرقى بها ، أو دركات نهوي بها ، صفيحة البنزين ، إن وضعت في المستودعات المحكمة ، وسالت في الأنابيب المحكمة ، وانفجرت في الوقت المناسب ، وفي المكان المناسب ولّدت حركة نافعة ، أقلتك إلى مكان جميل ، أما إذا صُبت على المركبة ، وأصابتها شرارة أحرقت المركبة ومن فيها ، فإما أن تكون الشهوة قوة دافعة أو قوة مدمرة ، لذلك نحن في أمس الحاجة إلى تعليمات الصانع ، تعليمات الخالق .المذيع:
الاندفاع والإدارة الصحيحة لهذه الشهوات ، تؤدي إلى أن يقوموا بواجباتهم ، ما هي الواجبات المطلوبة من الشباب شرعاً واجتماعياً ؟
الواجبات المطلوبة من الشباب :
الدكتور راتب :
يرتبط الشاب بأهداف الأمة ، كل أمة لها أهداف تنبثق من عقيدتها ، من خصائصها ، العقيدة والخصائص هذه ترسم الأهداف ، المعول على الشباب في تحقيق الأهداف أن يكون توجيه الشيوخ فيه تكامل ، دائماً التكامل هو الأصل في العلاقات الاجتماعية .
المذيع:
دكتور أكثر نقطة تعين الشباب على تحقيق هذا الأمر ما هي ؟
الدكتور راتب :
الشاب يطمح بمأوى قد يكون ستين متراً ، ويطمح إلى فرصة عمل تغنيه عن السؤال وأن يبقى عالة على الآخرين ، هذه حاجات أساسية جداً ، لذلك أنا حينما أرى إنساناً عنده معمل وعنده ألف فرصة عمل ، أنا أراه إنساناً قديساً آمن فرص عمل .
أذكر أن أحد أصحاب المعامل استأذنني أن يوقف هذا المعمل ، قلت له : كم عامل عندك ؟ قال : أولاً الربح صفر ، ستة وثمانون عاملاً عندي ، قلت له : أنت تفتح ستة وثمانين بيتاً ، وست وثمانين أسرة ، الأسرة خمسة أشخاص ، حوالي خمسمئة إنسان يأكل ويشرب بفضل هذا المعمل الذي لا يربح ، فحينما تفهم أنه أنت حينما تفتح ستة وثمانين بيتاً والبيت فيه خمسة أشخاص وأنت لا تربح هذا بميزان الأخلاق والقيم والمبادئ والوطن هذا أكبر ربح ، فالشاب حينما توفر له فرصة عمل تكون قد ملكته ، و لكن حينما يلد المال المال يكون الربا ، وما من معصية توعد الله مرتكبها بالحرب إلا الربا ، أما في الأعمال فالأعمال تلد المال .
أنت حينما تفتح محلاً ، تحتاج إلى أن تستأجر محلاً ، ربح صاحب المحل ، تحتاج إلى أثاث ، ربحوا من صنعوا الأثاث ، تحتاج إلى بضاعة أصحاب البضاعة ربحوا ، أنت عندما تشكل عملاً تجارياً أو صناعياً أو زراعياً ، تستخدم مئة إنسان دون أن تشعر ، حتى أنني سمعت معمل سيارات في فرنسا يتعامل مع مئتي معمل حتى يحقق حاجته .
المذيع:
هذا عن التجارة ماذا عن الربا ؟
الدكتور راتب :
الربا المال يلد المال ، أساس المشكلات أن إنساناً يملك مليون ومليوناً لا يملكون واحداً ، هذه الحالة المرضية الخطيرة التفاوت الطبقي وراء الثورات ، أعمال العنف ، وراء أي مشكلة نعاني منها التفاوت الطبقي الكبير ، وكلما ارتقت الأمة تجد الفروق صغيرة جداً ، معظم الناس لهم بيوت وعندهم مركبات صغيرة ، إذا كان التفاوت قليلاً فالحالة صحية جداً ، وإذا كان التفاوت كبيراً فهناك تنشأ الأحقاد .
المذيع:
الشباب أمل الأمة ، ويجب تأمين فرص عمل وطموحاتهم في المستقبل ، سوف نطرح سؤالاً : كيف لهؤلاء الشباب أن يواجهوا الظروف الصعبة التي تحيط بهم ؟ يريدون فرص عمل لكن لا يوجد فرص عمل ، يبحث عن زوجة ، يبحث عن بيت لا يستطيع أن يصل إلى بيت بعد أربعين عاماً...
شيخنا محمد لنكن واقعيين ومنطقيين الظروف التي تحيط بالشباب ، الغلاء ، ارتفاع أسعار المهور ، قلة فرص العمل ، هذه نقطة من عوامل الإحباط التي تصيب الشباب ، كيف يمكن أن نتجاوزها ونتعامل معها ؟
كيفية التعامل مع عوامل الإحباط التي تصيب الإنسان :
الدكتور راتب :
والله الشاب أولاً يحتاج إلى عقيدة صحيحة ، هذه العقيدة الصحيحة ترشده إلى الطريق الصحيح ، رد الفعل إما أن يكون منطقياً واقعياً وفق ضوابط معينة ، أو رد فعل عشوائي عنيف ، فحينما أغرس في نفوس الشباب علة وجود الإنسان في الدنيا ، من هو الإنسان ؟ هو المخلوق الأول رتبة عند الله ، حين عرضت الأمانة على السموات والأرض والجبال أبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان ، لأنه قبل حمل الأمانة كان المخلوق الأول رتبة ، وهذا المخلوق الأول مكلف بعبادة الله ، وهذا المخلوق الأول مكرم ، مخلوق أول مكرم مكلف ، فإذا عرف الإنسان قيمته تحرك حركة صحيحة وفق هذه القيمة ، وذاك الهدف ، حينما أغرس في نفوس الشباب حقائق الدين الصحيحة المتوازنة الوسطية فهذه الحقائق تكون كالمصباح في طريق الشباب ، قال تعالى :
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ ﴾
فالذي يمشي في طريق ومعه مصباح كشاف لا يتعثر ، لا يصدم بصخرة ولا يقع في حفرة ، صحة الحركة تحتاج إلى مصباح ، فالقيم الدينية ، والمبادئ الدينية ، وعلة وجود الإنسان ، ومن هو الإنسان ، وما حقيقة الحياة الدنيا ، وماذا بعد الموت ، ولماذا خلقنا في الدنيا، هذه حقائق كبرى ما لم نفهمها ونقنع بها تأتي الحركة عشوائية ، فيها مبالغة ، وفيها تطرف ، وفيها قهر وعنف ، فكل ما نعاني منه في حياتنا الاجتماعية واليومية من مشكلات بسبب خطأ في الرؤية ، إن صحت الرؤية صحت الحركة ، وإن لم تصح الرؤية لم تصح الحركة، فأنا حينما أدرج المناهج ، الحقائق الأصيلة الصحيحة اليقينية لهذا الدين العظيم ، هذا الشاب حمل رسالة ، الفرق كبير كبير بين المرتزق وبين من يحمل رسالة ، فأنت حينما تعرف هذا الشاب بسرّ وجوده عن طريق المناهج والتعليم وغاية وجوده وما الذي يرفعه عند الله ؟ وما الذي يحقق للمجتمع سعادته ؟ هذه الكليات الدينية الأساسية حينما تبعدها عن الشباب يتحرك حركة عشوائية ، محرك قوي لكن بلا مقود ، يوجد حوادث ، ممكن أن نمشي بطريق كله انعطافات ليلاً من دون مصابيح ؟ الحادث حتمي ، أنا عندما أبعد الدين عن الشباب ، لا يوجد منظومة قيم ، ولا منظومة مبادئ أتحرك وفقها ، فالمبادئ الصحيحة والرؤية الصحيحة والقيم الأصيلة هذه ترشد الحركة ، فالإنسان كائن متحرك شاء أم أبى ، ما الذي يحركه ؟
أولاً الحاجة إلى الطعام والشراب تحركه ، والذي يحركه أيضاً الحاجة إلى الزواج ، ثم الذي يحركه الحاجة إلى التفوق ، يحتاج إلى أن يأكل ويشرب حفاظاً على بقاء الفرد ، ويحتاج إلى شريك في الحياة، إن أنثى بحاجة إلى شاب يخطبها حفاظاً على بقاء النوع ، إن شاب بحاجة إلى أن يخطب أنثى، ويحتاج إلى التفوق ، إلى أن يشار إليه بالبنان حفاظاً على بقاء الذكر .
المذيع:
دكتور في قضية التفوق هل الأصل كشباب مسلم نسعى إلى أن يشار إلينا بالبنان أن نكون متميزين أم نكون متواضعين؟
تفوق الإنسان يزيد من تواضعه :
الدكتور راتب :
التواضع ليس له علاقة بالتفوق ، قد يكون المتفوق متواضعاً ، وكما قال الإمام الشافعي : " كلما ازددت علماً ازددت علماً بجهلي ". وكلما تفوق الإنسان ازداد تواضعه ، الكبر يأتي من الفراغ ، السيارة المحملة بالبضاعة ليس لها صوت ، الصندوق الفارغ من البضاعة أصوات لا تحتمل ، يأتي الصوت العالي من الفراغ .المذيع:
أحياناً العكس ، زاهد على ألا يعمل ، لا يمتلك مالاً .
عادات المؤمن عبادات :
الدكتور راتب :
العمل أحد أسباب وجودنا في الدنيا ، إنسان يخرج من بيته باكراً ، ويستقبل عملاً شاقاً ، ويؤديه بالتمام والكمال ، ويعود إلى البيت ومعه حاجات أولاده وزوجته ، هذا الإنسان في عبادة ، كلمة دقيقة جداً عادات المؤمن عبادات ، إذا أكل ، وشرب ، وذهب إلى عمله ، وأخذ أهله نزهة يوم العطلة ، وجلس مع أولاده ودعا لهم ، كلها عبادة ، قال تعالى :
﴿ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ ﴾
في خطأ كبير أن نفهم الدين عبادات شعائرية ، الدين حركة واسعة جداً تبدأ من العلاقات الأسرية وتنتهي بالعلاقات الدولية ، حركة ، هذه الحركة إذا كانت هادفة كلها أعمال صالحة ، إنسان أخذ أهله نزهة أراد أن يمتن علاقته بزوجته وأولاده ، هذا في عبادة :
﴿ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا ﴾
أي موطئ ؟
﴿ إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ ﴾
عادات المؤمن عبادات وعبادات المنافق سيئات .
المذيع:
هل يصح القياس على هذه القاعدة ، الشاب الذي يخرج إلى الجامعة طلباً للعلم هو في عبادة ؟
الدكتور راتب :
نعم ، لأنه حقيقة يسعى إلى أن ينال ليسانس اختصاص يسهم في بناء الأمة ، كان السلف الصالح إذا فتح المحل التجاري يقول : نويت خدمة المسلمين .
المذيع:
وإذا لم يستحضر النية هكذا أنا ذاهب إلى الجامعة ؟
الدكتور راتب :
حينما يكون مؤمناً عنده نية شمولية ، ليس شرطاً كلما دخل الجامعة يا رب نويت ، لما هو آمن وعرف سر وجوده وغاية وجوده ودرس حتى يقدم شيئاً لأمته ويكفي نفسه .
المذيع:
دكتور كل هذا الكلام باعث إلى الأمل والمزيد من الثقة بالنفس ، وأن يبحث عن فرص عمل وتفوق ونجاح ، نصطدم بالواقع الظروف عكس ذلك ، نتخرج من الجامعة زميل لك له واسطة يعمل وأنت لا تعمل ، تبحث عن فرصة عمل عاماً وعامين يتولد الإحباط لدى الشباب .
الدعاء مخ العبادة :
الدكتور راتب :
أنا ما عندي غير جواب ديني بهذا الموضوع :
(( إذا كان ثلث الليل الأخير نزل ربكم إلي السماء الدنيا فيقول : هل من تائب فأتوب عليه ؟ هل من سائل فأعطيه ؟ هل من مستغفر فأغفر له ؟ هل من طالب حاجة فأقضيها له ؟ حتى يطلع الفجر))
أنا لا أصدق إنساناً توجه إلى الله ودعاه مخلصاً بشأن يصلح له دنياه ودينه إلا و أجابه الله ، الحقيقة الدين كله دعاء ، قال تعالى :
﴿ قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ ﴾
نحن عندنا أسباب ونتائج ولكن عندنا دعاء ، الدعاء مخ العبادة ، هذا الشاب الذي نال شهادة عليا ولم تتح له فرصة عمل ، ألا يقدر أن يقول : يا رب أتمنى أن يكون لي عمل ؟ ألا يقدر أن يدعو إلى الله عز وجل ؟ الدعاء مخ العبادة ، الله عز وجل حينما خلق هذا الإنسان تكفل له برزقه .
مداخلة دينية محضة ، إذا كان هناك مشكلة يعاني منها الشاب هناك إله يرى هذه المشكلة ، يستجيب له ويسمعه ، لكن نحن نأخذ بالأسباب لكن الموقف الإيماني أن نأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء ثم نتوكل على الله وكأنها ليست بشيء ، سهل جداً أن تأخذ بالأسباب، وتعتمد عليها ، وأن تؤلهها ، وأن تنسى الله ، وأسهل منها ألا تأخذ بها أصلاً ، فالغرب أخذ بالأسباب ، واعتمد عليها ، وألهها وقع في وادي الشرك ، والشرق لم يأخذ بها أصلاً، وقع في المعصية ، فبين أن تقع في الشرك أو المعصية ، الموقف الإيماني المتوازن أن نأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء ثم نتوكل على الله وكأنها ليست بشيء ، تقرأ الكتاب قراءة دقيقة عميقة مع التلخيص والمراجعة والحفظ ويأتي يوم الامتحان تقول : يا رب يسر لي النجاح ، هذا الموقف الكامل .
عنده سفر راجع السيارة ، المحرك ، العجلات ، كل شيء راجعه في السيارة ، الزيوت ، الأشرطة ، تمام يا رب أنت الحافظ ، أما أنت الحافظ من دون مراجعة !!
المذيع:
دكتور النصيحة الشرعية الاجتماعية للشباب حتى يواجهوا الإحباط ، أن يأخذوا بالأسباب ما استطاعوا ، أن يبحثوا عن فرص عمل ، ويبحثوا في أكثر من مكان ، وألا يتوقفوا عن البحث ، وبذات الوقت في الثلث الليل الأخير سهام الليل لا تخطئ .
ضرورة الأخذ بالأسباب و التوكل على الله :
الدكتور راتب :
نأخذ بالأسباب كأنها كل شيء ثم نتوكل على الله وكأنها ليست بشيء .
المذيع:
دكتور الترتيب مقصود ثم .
الدكتور راتب :
سيدنا عمر رأى جملاً أجرب ، سأل صاحبه يا أخ العرب ، ما تفعل بهذا الجمل الأجرب ؟ قال : أدعو الله أن يشفيه ، قال : هلا جعلت مع الدعاء قطراناً ؟
المذيع:
دكتور لدينا دقيقة إذا تغير حال الشباب وانتقلنا من حال الإحباط إلى النجاح ، وانتقلنا من عدم إدراك دورنا إلى إدراكه ، ماذا يمكن أن يتغير في واقع الأمة الإسلامية ؟
خلاص العالم بالإسلام القائم على المبادئ و القيم :
الدكتور راتب :
أنا أعتقد أن أمة إسلامية تملك نصف ثروات الأرض ، وهي أكثر الأمم فقراً ، أمة تملك نصف ثروات الأرض حصراً وهي أكثر الأمم فقراً ، معنى ذلك هناك خلل عندنا ، فنحن عندما نستخرج ثرواتنا ، ويكون هناك عدالة اجتماعية بالتوزيع ، عندما يكون الرجل المناسب بالمكان المناسب ، عندما نعتمد وسائل علمية بالتوزيع ، علمية في الترفيع ، في التقدير ، نربح و نفوز ، و لكن عندنا خللاً اجتماعياً نحن وخللاً عقائدياً
أما حينما نصحو من غفلتنا من أخطائنا ونعتمد منهج الله عز وجل والله نحن من أغنى الأمم ، ومن أغناها بالمبادئ والقيم ، يقول أحدهم : لا بد أن العالم كله سيركع أمام أقدام المسلمين ، لا لأنهم أقوياء ، هم ضعاف ، ولكن لأن خلاص العالم بالإسلام .
خاتمة و توديع :
المذيع:
دكتور بارك الله بكم .
مشاهدينا الكرام ؛ كان حديثنا في هذه الحلقة عن الشباب تحت عنوان :"من أنا" ، فإذا أدرك كل واحد منا من أنا ، وأدرك أنه غال وله قيمة كبيرة أولاً عند الله عز وجل ، ثم عند نبيه سيد البشرية ، ثم عند عائلته ومجتمعه ، وأدرك أن هذه الأمة أمة غنية ، وأن أساس غناها وثروتها الشباب الذين هم عماد الأمة كما وصفهم الدكتور راتب النابلسي ، وأخلص النية ، وحدد المسار بطريقة صحيحة ، فأصبحت حتى عاداته عبادة يؤجر عليها عند الله ، وأخذ بالأسباب ثم توكل على الله حق التوكل ، وناجاه في ليله وقد أدى ما عليه ، الله سبحانه وتعالى يجعل النصر على يد هذا الشاب .
شكراً دكتور راتب النابلسي ، وما زالت سلسلة حلقات هذا البرنامج متواصلة ، وحديثنا عن الشباب متواصل ، سبحانك اللهم وبحمدك ، نشهد أن لا إله إلا أنت ، نستغفرك ونتوب إليك ، تحية طيبة لكم ، والسلام عليكم .