- ندوات تلفزيونية
- /
- ٠39برنامج إلى الإيمان من جديد - قناة فور شباب
مقدمة :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على حبيب قلوبنا ، على نبينا وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وأهلاً ومرحباً بكم مشاهدينا الكرام في حلقة جديدة ومازلنا نتحدث عن ملفات الشباب متواصلاً معكم ، أهلاً وسهلاً بكم .
أرحب بفضيلة العالم الرباني الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي ، حياكم الله شيخنا .
الدكتور راتب :
بارك الله بكم ونفع بكم .
المذيع:
جزاكم الله عنا كل خير .
مشاهدينا الكرام ؛ لا زل حديثنا يرتبط ببناء الشباب ، فكم من قضية تشغل بال الشباب ، ومن حقهم أن تكون هذه القضية شاغلاً لهم ، كيف يمكن أن يتعاملوا مع الشهوات ؟ النزعات ؟ هذه التي أوجدها الله سبحانه بنا لم تكن عبثاً ، فالله عز وجل قادر على كل شيء ، وكان بإمكان الله أن يخلقنا بلا شهوات ، لكنه أمر الله ، فهل هذه الشهوات من أجل أن نقع في المعصية ونبتعد أكثر عن الرحمن ؟ أم أننا إذا استطعنا أن ندير هذه الشهوات إدارة ناجحة ففي لحظة من اللحظات يمكن أن نرتقي بها عند الله سبحانه وتعالى ؟ تعالوا نتوسع في هذا الموضوع في إدارة الشهوات مع فضيلة الشيخ محمد راتب النابلسي ، شيخنا الحبيب لماذا أوجد الله عز وجل الشهوات عندنا كبشر ؟
العمل الصالح علة وجود الإنسان في الدنيا :
الدكتور راتب :
ما أودع الله فينا الشهوات إلا لنرقى بها إلى رب الأرض والسموات
الإنسان بلا شهوة لا يتحرك ، لماذا يتحرك ؟ ليأكل ، ليعمل ، له حرفة ، له مهنة يرتزق بها ، حينما يرتقي بها هل يغش ؟ هل يصدق ؟ هل يكذب ؟ هل يبالغ ؟ هل ؟ هل ؟ مليون نقطة يمتحن بها وهو لا يشعر ، لأن الله سبحانه وتعالى خلق الموت والحياة ليبلوكم ، علة وجودنا في الدنيا الابتلاء ، والابتلاء هو الامتحان ، عفواً عندما نرى طالباً أرسله والده إلى باريس لينال الدكتوراه من السوربون ، باريس مدينة كبيرة جداً ، واسعة ، مترامية الأطراف ، فيها ملاه ، فيها حدائق ، دور سينما ، مسارح ، مؤسسات ، وزارات ، بيوت سكنية ، متنزهات ، نقول : هذا الطالب علة وجوده في هذه المدينة العملاقة شيء واحد ، الدراسة .
السؤال الثاني : ما علة وجودنا في الدنيا ؟ العمل الصالح بعد الإيمان ، الدليل الإنسان إذا دنا أجله وليس له عمل صالح يقول :
﴿ رَبِّ ارْجِعُونِي*لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا ﴾
آية ثانية ، حجمك عند الله بحجم عملك الصالح ، قال تعالى :
﴿ و لِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ ﴾
أي العمل الصالح ليس وردة توضع على صدر الإنسان ، يضعها أو لا يضعها ، ليس فاكهة نادرة تأكلها أو لا تأكلها ، العمل الصالح هواء تستنشقه ، الحاجة إلى العمل الصالح كالحاجة إلى الهواء والماء فما لم يكن لنا عمل صالح لا معنى لوجودنا في الدنيا ، ما الذي يحصل؟ يوجد خط بياني صاعد ، كان طفلاً صغيراً دخل التعليم الابتدائي ، المتوسط ، الثانوي، الجامعي ، ثم بحث عن زوجة تزوج ، اشترى بيتاً ، يأتي الموت بنقطة من هذه النقط ، بالأرض إذاً لا معنى للحياة ، عملياً الإنسان يعد لحياته أربعين عاماً حتى يصبح دكتوراً ، عنده عيادة وبيت وسيارة ، هذه بالأربعين أو الخمسين ، بقي له عشرون سنة ، هل من المعقول أن يعمل أربعين سنة من أجل عشرين سنة ؟ ما لم يكن هناك حياة أبدية لا معنى للحياة الدنيا ، لا نفهم الدنيا إلا بالاخرة ، لا تكتمل الصورة إلا بالآخرة ، هناك غني وفقير ، ما ذنب الفقير ؟ تأتي فتاة من أندونيسيا تعمل في بلاد الشرق الأوسط بمئة دولار بالشهر أو مئتي دولار ، و أخرى تستيقظ الساعة الثانية عشرة ظهراً وتسكن في بيت أربعمئة متر ، وتملك سيارتين أو ثلاث ، وكل يوم بوليمة وسهرة ، وأخرى تترك زوجها وأولادها من عشرة آلاف كيلو متر وتشتغل عشرين ساعة باليوم على مئة دولار ؟ إن لم يكن هناك آخرة تنشأ مشكلة ليس لها حل ، لكن لأن هناك آخرة تسوى فيها الحسابات فيطمئن الإنسان
عندي غني وفقير مثلاً ، الفقير عاش بالكفاف ، دخله محدود ، دائماً عنده تقنين بالحسابات ، و آخر معه مليارات ، هل من المعقول أن تنتهي الحياة ولا شيء بعد الممات ؟ العلماء يقولون : الإيمان بالآخرة إيمان نقلي وليس عقلياً ، أنا أجتهد اجتهاداً أرجو أن يكون صواباً ، أنا أؤمن أن الإيمان بالآخرة إيمان عقلي .
المذيع:
هذا منطق .
الدكتور راتب :
إنسان مجرم وآخر قتل وانتهت الحياة ، أساساً في مسرح معين تبدأ المسرحية يرخى الستار لا أحد يقوم ، القصة لم تنته ، لتشاهد مصير المجرم ، ما دام هناك مشكلة وصار هناك قتل أرخوا الستار ، لم يقم أحد ، عندنا فصول في الحياة ، فالآخرة تكمل الدنيا ، تسوى فيها الحسابات ، المحسن له آخرة ينال بها جزاء إحسانه والمسيء يعاقب .
المذيع:
أستاذنا الكريم ماذا عن حسابات الشهوات حينما نفهمها بما يرتبط باليوم الآخر ؟
الشهوة مادة امتحان الإنسان :
الدكتور راتب :
الشهوات التي أودعها الله فينا ما أودعها فينا إلا لنرقى بها إلى رب الأرض والسموات
الشهوة محرك ، أنت إذا ما تحركت ، إذا كان الإنسان لا يأكل ولا يشرب ، جالس لا يتحرك ، ما الذي يدفعه إلى الحركة ؟ يريد أن يأكل ، يحتاج إلى الطعام ، إذاً يحتاج إلى ثمن الطعام ، لما الله عز وجل وصف الأنبياء بم وصفهم ؟
﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ ﴾
مفتقرون في وجودهم إلى الطعام ، ومفتقرون إلى ثمن الطعام ، علامات البشرية ، الإنسان خلق لمهمة جليلة أنه لا بد من أن يدفع ثمن الجنة من خلال عمله ، كيف يعمل ؟ الحاجة إلى الطعام والزواج والتفوق حاجات أساسية ، أنت كائن متحرك تتحرك بدافع إلى الطعام والشراب حفاظاً على بقائك كفرد ، تتحرك بدافع إلى الزواج حفاظاً على بقاء النوع ، تتحرك بدافع إلى تأكيد الذات حفاظاً على بقاء الذكر ، أول شيء الطعام ، بعد أن أكل وشرب يريد أن يتزوج، أنجب يريد أن يشعر أن له مكانة ، أنه مشهور ، طبيب أول ، مدرس أول ، أستاذ جامعي أول، تاجر أول ، الحاجة للتفوق ، فمن خلال حاجته إلى الطعام والشراب حفاظاً على بقاء جسمه حياً يرزق ، وانطلاقاً من حاجته للزواج لبقاء النوع ، وانطلاقاً من حاجته للتفوق حفاظاً على بقاء الذكر يتحرك وعندما تحرك امتحن .
إن هذه الدنيا دار التواء لا دار استواء ، هناك شباب ثم هرم ثم شيخوخة ، ومنزل ترح لا منزل فرح ، قد تتوفى زوجته أو أحد أولاده ، أو يتوفى أبوه ، فمن عرفها لم يفرح لرخاء ، لأنه مؤقت ، ولم يحزن لشقاء ، لأنه مؤقت ، قد جعلها الله دار بلوى ، وجعل الآخرة دار عقبى، فجعل بلاء الدنيا لعطاء الآخرة سبباً ، وجعل عطاء الآخرة من بلوى الدنيا عوضاً ، فيأخذ ليعطي ويبتلي ليجزي . الإنسان عندما يعرف الله ، ويعرف سرّ وجوده ، وغاية وجوده ، تأتي الحركة صحيحة.
المذيع:
أستاذنا الكريم لماذا الشهوات موجودة لدينا ؟ تكلمت عن نقطة مهمة أن الشهوات هي محرك للإنسان ، و عندما يبدأ بالحركة هنا يبدأ بالامتحان .
وجوب أن تكون طرائق كسب رزق الإنسان مشروعة وفق منهج الله عز وجل :
الدكتور راتب :
هو جائع يحتاج إلى عمل ، مثلاً تفاحة بحاجة لها وقد يتسولها ، وقد يسرقها ، وقد يشتريها ، قد تقدم له هدية ، التفاحة هو بحاجة إليها خلقها الله له بالأصل ، لكن طريقة وصولها إليه باختياره .
المذيع:
هذا هو الامتحان .
الدكتور راتب :
قد يأكلها هدية ، وقد يأكلها ضيافة - هدية لبيته ، أما الضيافة فعند شخص - وشراء وسرقة وتسولاً ، خمس طرق لوصول التفاحة إليه ، فالمؤمن مرزوق عند الله ، ولكن طرائق كسب رزقه مشروعة وفق منهج الله عز وجل .
المذيع:
الشهوات هي محرك داخلي لإنجاز مهامه في الحياة ، وبأي اتجاه نتحرك يكون هنا الامتحان حلال أو حرام ، نتوقف مع فاصل ..
إدارة الشهوات أن نكون على مقدرة بالتحكم بالشهوات بما يقربنا إلى الله تعالى ...
حياكم الله من جديد ، ونتابع حديثنا حول إدارة الشهوات ، بعلمي إدارة الأزمات وإدارة المشاكل يقولون : الخروج الناجح من الأزمة هو خروج بأقل قدر من الخسائر ، لكن بالتعامل مع الله سنحاول أن نخرج بلا سيئات ، بلا خسائر ، لكننا إذا وقعنا بها فخير الخطائين التوابون .
مرة أخرى أرحب بفضيلة العالم الرباني الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي ، حياكم الله شيخنا ، شيخ الشباب في برنامج الشباب ، أرشدتنا قبل الفاصل أن الإدارة الصحيحة للشهوات تجعل الإنسان يرتقي بها إلى الله ، أنا سأسألك كيف ؟ الامتحان صعب ، اسمح لي أن أكون واقعياً ، أنا كشاب صغير في مقتبل عمري لا أستطيع الزواج ، تحركني عدة شهوات منها حبي للمال ، للجنس الآخر، هذه شهوة أسكنها الله فيّ كإنسان ، مع مغريات هذا الزمان كيف أزيل هذه الشهوات؟ كيف أسيطر عليها حتى لا تقودني إلى السيئات ؟
السيطرة على الشهوات حتى لا تقود الإنسان إلى السيئات :
الدكتور راتب :
هناك جواب دقيق جداً هو أن هذا المنهج الإلهي منهج متكامل ، بمعنى أننا لا نستطيع أن نطبق جزءاً منه وندع الأجزاء الأخرى ، نقع في مطبات كبيرة ، فالمرأة ستر مفاتنها عن الشباب ، وإذا عندنا صفة للإنسان عالية جداً للإنسان هي الجهاد
الجهاد للرجال وهو ذروة سنام الإسلام ، أعلى شيء بالإسلام المجاهدة ، الآن والمرأة لها عمل وذروة سنامها إعفاف الشباب ، حينما تستر مفاتنها عن العامة ، وتحفظ مفاتنها لزوجها ولمحارمها ، هذا المنهج الإلهي ، أما حينما تبرز كل ما عندها من مفاتن في الطريق ، فهذا الشاب صار عنده إثارة وكبت ، إثارة وكبت ، هنا أتت المشكلة ، إذا لم يكن هناك إثارة مثلاً لو ذهبت فرضاً إلى المدينة المنورة الحجاب إلزامي ، لا تر شيئاً ، قد يمضي شهر ولا يأتيك خاطر نسائي واحد ، لأنه لا يوجد مثير ، أما إذا كان هناك إثارة غير معقولة تكاد تبدي كل مفاتنها في الطريق ، والشاب أول حياته وبينه وبين الزواج عشرين سنة قادمة فهنا المصيبة .
المذيع:
أستاذنا الكريم ماذا يفعل الشاب إذا كان هذا الواقع ؟
الدكتور راتب :
لذلك حصننا الله بغض البصر ، قال تعالى :
﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ ﴾
لأن غض البصر سبب حفظ الفرج :
﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ﴾
ما دام هناك غض بصر إذاً هناك حفظ للفرج ، هذا منهج إلهي ، المرأة قد تتفلت من منهج الله ، قد تبرز كل مفاتنها في الطريق .
المذيع:
في إدارة الشهوات مثلاً يحب الرجال النظر للنساء ، المرأة مأمورة بستر زينتها ، لكنها إن لم تستر فالرجل مأمور بغض البصر ، لكن لا يعني هذا أنها إذا كانت تمشي كاشفة لعوراتها من حقي أن أنظر ، أنا أيضاً شريك بهذا الإثم لأني لم أتقيد بفريضة غض البصر .
الفرق بين الفطرة و الصبغة و الطبع و التكليف :
الدكتور راتب :
موضوع يجب أن أطرقه متعلق بهذا السؤال ، نحن عندنا فطرة ، وعندنا صبغة ، وعندنا طبع ، فالفطرة متوافقة مع الدين تماماً ، إن هذا الدين دين الفطرة ، الذي أمرك الله به تسعد إذا طبقته ، والذي نهاك الله عنه تتألم إذا فعلته ، هذا دين الفطرة ، لكن لا تعني الفطرة أنك كامل ، لكنها تعني أنك تحب الكمال ، أن تحب الكمال شيء وأن تكون كاملاً شيء آخر ، الفطرة أن تحب الكمال ، الفطرة صفحة بيضاء ، أما حينما تتصل بالله وتكسب منه الكمال فتشتق منه الكمال من خلال اتصالك به ، تنقلب هذه الفطرة إلى صبغة .
عندنا شيء ثالث دقيق جداً الطبع يقتضي أن تأخذ المال ، والتكليف يقتضي أن تنفقه ، الطبع يقتضي أن تملأ عينك من محاسن المرأة ، والتكليف يقتضي أن تغط بصرك ، الطبع يقتضي أن تخوض في فضائح الناس ، والتكليف يقتضي أن تصمت ، صار عندنا فطرة وصبغة وطبع ، الطبع متناقض مع التكليف ، وهذا التناقض ثمن الجنة ، قال تعالى :
﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾
المذيع:
لمن خالف طبعه .الدكتور راتب :
الطبع يقتضي أن تملأ عينك من محاسن المرأة ، قال تعالى :
﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ ﴾
هذه شهوة أودعت فينا ، الرد عليها بغض البصر .
المذيع:
لكن الله عز وجل لم يجعل مبدأ غض البصر شيئاً صعباً غير قابل للتطبيق .
الدكتور راتب :
ما من شهوة أودعها الله في الإنسان إلا وجعل لها قناة نظيفة طاهرة تسري خلالها ، في الإسلام لا يوجد حرمان ، والدليل :
﴿ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ ﴾
هناك معنى في علم الأصول يدعى المعنى المعاكس ، المعنى الخلافي ، أي الذي يتبع هواه وفق هدى الله لا شيء عليه ، في الإسلام لا يوجد حرمان ، والذي يتبع هواه وفق هدى الله لا شيء عليه ، اشتهى المرأة فتزوج ، اشتهى المال فعمل عملاً شريفاً ، ما من شهوة أودعها الله في الإنسان إلا وجعل لها قناة نظيفة راقية تسري خلالها .
المذيع:
الشباب وهذا ينطبق على كل البشر لديهم محركات أو شهوات ، هناك طرق حلال للوصول لها ، وهناك طرق حرام ، أنا أحب المال فأسعى في طرق التجارة والوظيفة والعمل ، ومن بحث عن الحرام ، الربا ، السرقة ، فيحمل هذا الوزر .
الشهوات سبيل رقي الإنسان إلى رب الأرض و السماء :
الدكتور راتب :
الحركة في الشهوة مئة وثمانون درجة ، أعطاك مئة درجة حلالاً ابق بها ، قال تعالى :
﴿ بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾
ما تبقى لكم من الشهوات هو الخير .
المذيع:
قنوات التعبير عن الشهوات الحلال أم الحرام ؟
الدكتور راتب :
قال تعالى :
﴿ وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾
هناك مليون شراب مسموح لك أن تشربه ، و لكن حرم الخمر عليك ، وهناك مليون نوع لحم وحرم الخنزير فقط ، عدد المحرمات إلى المباحات واحد بالمليار ، ما أودع الله فينا الشهوات إلا لنرقى بها إلى رب الأرض والسموات ، ما من شهوة أودعها الله في الإنسان إلا وجعل لها قناة نظيفة طاهرة تسري خلالها.
المذيع:
الشاب أو الفتاة الذي يستطيع أن يدر الشهوات بشكل ناجح وينضبط بهذا المنهج ما هي آثار ذلك ؟
آثار غض البصر :
الدكتور راتب :
أولاً :
(( إِنَّ الدُّنْيَا كُلَّهَا مَتَاعٌ وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ ))
الزوجة الصالحة التي إن نظرت إليها سرتك ، وإذا غبت عنها حفظتك ، وإذا أمرتها أطاعتك ، لا يوجد شاب يغض بصره عن محارم الله إلا وله مكافأة من جنس عمله ، زوجة صالحة، تسره إن نظر إليها ، وتحفظه إذا غاب عنها ، وتطيعه إن أمرها .
المذيع:
الطيبون للطيبات .
الدكتور راتب :
أنا حينما أغض بصري أنا لست بالحرمان ، أنا في وعد إلهي ، وزوال الكون أهون على الله من ألا يحقق وعوده للمؤمنين ، أقسم لك بالله إذا لم يقل الشاب وهو يغض بصره : ليس على وجه الأرض من هو أسعد مني فأنا مسؤول ، غض بصره لكن الله وعده بزوجة صالحة ، تسره إن نظر إليها ، وتحفظه إذا غاب عنها ، وتطيعه إن أمرها .
المذيع:
أستاذنا الكريم مكافأة من يغض بصره في الدنيا أم الآخرة ؟
مكافأة من يغض بصره تكون في الدنيا قبل الآخرة :
الدكتور راتب :
الدنيا قبل الآخرة ، قال تعالى :
﴿ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ﴾
له جنة في الدنيا وجنة الآخرة .
المذيع:
نريد مثالاً للبنات ، كانت الأمثلة للشباب .
الدكتور راتب :
هذه البنت محببة لكل البشر ، هكذا طبيعة الحياة ، فحينما سترت محاسنها عن الأجنبي ، وادخرت مفاتنها لزوجها ومحارمها - الابن والأخ والعم والخال - مفاتن المرأة الزوج له حالة خاصة ، والمحارم لهم حالة ، فحينما سترت مفاتنها عن الأجنبي ، وادخرت مفاتنها لزوجها بطريقة ، ولمحارمها بطريقة أخرى ، حققت كل أهدافها ، عفواً السيارة الخاصة أغلق الباب له نغمة رائعة ، هذه لواحد ، أما السيارة العامة فالباب له ترتيب ثان ، حينما تغلقه مستعمل في اليوم مليون مرة ، فهذه المفاتن التي جعلها الله مرغوبة إذا ادخرتها لزوجها ولمحارمها ، وحجبتها عن العامة ، ارتقت عند الله ، والمكافأة زوج صالح يكرمها ويحفظها ويحبها .
المذيع:
ولا ينظر لغيرها ، وتؤجر من التزمها بحجاب الله الشرعي بحسنات عند الله .
السؤال قبل الأخير ماذا على من لم ينضبط بإدارة الشهوات وأطلقها هكذا ؟
الإسراع إلى التوبة لمن لا ينضبط بإدارة الشهوات :
الدكتور راتب :
يتوب ، إذا رجع العبد إلى الله نادى منادٍ في السموات والأرض أن هنئوا فلاناً فقد اصطلح مع الله ، قال تعالى :
﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ﴾
هناك خطأ يصحح ، يوجد توبة مقبولة عند الله .
المذيع:
أستاذنا الكريم نصيحة للشباب كيف ندير شهواتنا بما يرضي الله ؟
كيفية إدارة الشهوات بما يرضي الله :
الدكتور راتب :
لا بد من طلب العلم الديني بشكل أم بآخر ، ليعرف الشاب لماذا خلق في الدنيا ، ليعرف ما نظرة الدين للشهوات ، ليعرف ما البدائل ، ليعرف ما المهمات الكبرى ، الإنسان يأتي إلى الدنيا معه رسالة كبيرة جداً
أما إذا لم يكن معه رسالة فعنده ضياع ، تشتت ، عنده وهن ، ضعف ، الشهوة قوية لكن الدين أقوى ، الإيمان يخلق بالإنسان دوافع كبيرة جداً للعمل الصالح ، هذا الذي يحمل رسالة لا يلتفت إلى هذه الأشياء الصغيرة .
خاتمة و توديع :
المذيع:
أستاذنا الكريم جزاك الله خيراً فضيلة الشيخ محمد راتب النابلسي الداعية الإسلامي الكبير ، كما نشكركم أيضاً مشاهدينا الكرام ، لمتابعة هذه الحلقة وكان حديثنا تحت عنوان : إدارة الشهوات ، نعم ما خلقها الله كشهوات أو كغرائز فينا كشباب إلا لحكمة منه ، ومن استطاع أن يديرها بشكل ناجح كان مرتاحاً في هذه الحياة ، فمن يتعامل معها بشكل صحيح ، ومن يديرها بشكل ناجح ، يؤجر عند الله يوم القيامة ، ويتنعم في هذه الدنيا بجنة الدنيا ، أما من لا يستطيع أن يديرها بشكل ناحج فهو بعيد عن الله تعالى :
﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً ﴾
نسأل الله حياة جميلة للجميع ، نصل إلى الختام ، سبحانك اللهم وبحمدك ، نشهد أن لا إله إلا أنت ، نستغفرك ونتوب إليك ، تحية طيبة لكم ، والسلام عليكم .