- محفوظات
- /
- ٠1جلسات إرشادية
القدوة قبل الدعوة :
الدكتور محمد راتب :
عندك هدف أكبر منك أنت شاب دائماً .
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
حديث شريف أنا أعده وسام شرف لكل معلم ، قال عليه الصلاة والسلام :
(( عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال : دخل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد ، وقوم يذكرون الله تبارك وتعالى ، وقوم يتذاكرون الفقه ، فقال صلى الله عليه وسلم : كلا المجلسين على خير ، أما الذين يذكرون الله تعالى ، ويسألون ربهم فإن شاء أعطاهم ، وإن شاء منعهم ، وهؤلاء يعلمون الناس ويتعلمون ، وإنما بعثت معلماً ، وهذا أفضل))
(( عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ' إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق ، إلا أنه قال : لأتمم مكارم الأخلاق ))
كان هذا الحديث فيه شقان ، تعليم وتربية .
والحقيقة الدقيقة أنه يوجد عندنا منهج بالدعوة ؛ القدوة قبل الدعوة ، لو أن المعلم أو الأب ما تكلم ولا كلمة توجيهية ، إلا أن هذا الأب ما كذب ، ولا تابع شيئاً لا يرضي الله على الشاشة ، ولا خلع ثيابه أمام أولاده ، استقامته تدعو أولاده للاستقامة ، وقد قيل : استقم يستقم بكم .
الناس يتعلمون بعيونهم لا بآذانهم ، أوضح مثل : أحياناً تذهب الأم لزيارة الجيران ، تتأخر ، يأتي الأب غاضباً ، والطعام ليس جاهزاً ، يقول : أين كنتم ؟ تقول : لم نخرج من البيت، ابنتها صغيرة ، ابنتها شربت الكذب منها دون أن تشعر .
لي كلمة لعلها إن شاء الله لا تكون قاسية : أكثر أخطاء أولادنا من الآباء والمعلمين .
التعليم صنعة الأنبياء :
بشكل عام بالتعليم يوجد استفزاز أحياناً ، طالب استفزازي ، ولكن هذا يحتاج إلى صدر واسع ، أنا أقول دائماً :
(( عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رجلاً قال لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم : أوصني ، لا تُكْثِرْ عليَّ ، أو قال : مُرْني بأمر وأَقْلِلُه لي كَيْلا أنسى ، قال : لا تَغْضَبْ ))
الإنسان عندما يغضب يغلط .
أستحي أن أقول : أنا داعية ، أقول : سُمح لي أن أكون داعية ، أن أكون معلماً ، عفواً الحداد ماذا يعمل ؟ بالحديد ، والنجار ؟ بالخشب ، والطبيب ؟ بالمرضى ، والمعلم ؟ بأطهر فئة بالمجتمع ، الطفل طاهر ، الطفل على الفطرة ، توجهه بأي اتجاه .
أنا أرى التعليم صنعة الأنبياء ، احفظوا هذه عني ، التعليم صنعة الأنبياء ، إذا الله عز وجل تفضل عليك جعلك معلماً ، الآية الدقيقة الدقيقة الدقيقة :
﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ(21)﴾
قال علماء التفسير : ألحقنا بهم أعمال ذريتهم ، طالب من طلابك ، تفوق ، صار طياراً ، وكان مستقيماً ، أو صار أستاذ جامعة ، كل أعماله بصحيفتك بنص الآية .
تخرج طلاباً مؤمنين مستقيمين ، مواطن صالح ، بالقيم المعاصرة مواطن لا يغش ، لا يرتشي ، ولا يكذب ، ولا يماطل ، يوجد أمراض بالموظفين تهد الأمم ، أمراض كلها من ضعف الدين كله ، المؤمن الله يحاسبه .
التعليم أكبر تجارة مع الله :
أكبر تجارة مع الله ؛ التعليم ، التجارة ما هي أرباحها ؟ عشرة بالمئة ، اثنا عشر بالمئة ، الصناعة عشرون بالمئة ، التعليم مليون بالمئة ، أقسم بالله مليون بالمئة .
مثلاً : طالب كان عندي ، أخذ صفراً باللغة العربية ، ضعيف لدرجة متناهية ، قلت له : لا تخرج من الصف ، أعطيته بيت شعر صعباً جداً ، وأعربته له ، وطلبت منه أن يكتبه كله ، ويحفظ طوال الليل الإعراب ، في اليوم الثاني ، البيت صعب جداً ، سألت عنه الطالب الأول والثاني والثالث لم يعرفه أحد قلت له : يا فلان أعرب البيت التالي فأعربه ، ما شاء الله ! صفقوا له ، أخذ علامة تامة آخر السنة ، شجعته .
وأهم شيء أن يكون عندك لكل طالب سيرته الذاتية ، وتعامله كأب ، المعلم أب ، أب ثان .
التعليم أخلاق :
أناقتك ، صدقك ، أمانتك ، حلمك ، كاد الحليم أن يكون نبياً ، هذا التعليم أخلاق .
الدرس إذا لم يكن محضراً ، ما هو التحضير ؟ التحضير له أثر ديني ؟ يقول سيدنا عمر : كنت قد أعددت كلاماً قاله عني أبو بكر ، أعددت كلاماً .
كلما رفعت مستوى لغتك ترتاح ، اللغة العامية أريد أن أمثلها تمثيلاً لكنه مزعج ، بذلة بيير كاديان ، أعلى نوع تحتها قبقاب ، هذا غير لائق ، يجب أن يكون هناك كمال ، وهندام ، ورحمة .
﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ(33)﴾
بالقرآن ، أنت معلم رياضيات ، مرة أستاذ - طرفة من أجل أن تضحكوا قليلاً - : كان ببلد نفطي ، رسم متوازيين ، قال : المتوازيان لا يلتقيان ، قال له : أستاذ هذا الكلام فيه شرك ، هذه رياضيات لا علاقة لها بالدين يا بني ، النتيجة عندما أصر على أنه لا يلتقيان ، أنهوا له عقده ببلد نفطي ، أحضروا أستاذاً ثانياً أذكى منه ، رسم متوازيين ، قال : المتوازيان لا يلتقيان إلا بإذنه تعالى ، فإذا التقيا فلا حول ولا قوة إلا بالله .
يقولون : إن سيدنا عيسى رأى حيواناً ميتاً ، قالوا : ما أنتن ريحها ! قال : بل ما أشد بياض أسنانها ، أخذ الناحية الإيجابية .
الشباب أمل الأمة ومستقبلها :
إذا أصبت نعمة الهدى ، ونعمة الصحة ، ونعمة الكفاية ما فاتك من الدنيا شيء .
أنا أعرف شاباً ، عمره سبع وتسعون سنة ، وأعرف عجوزاً بالمعنى السلبي عمره أربعون سنة ، عندك هدف أكبر منك أنت شاب دائماً .
قال لي : يا عم عمري خمس وتسعون سنة ، عملنا البارحة تحليلاً كاملاً ، فكان كل شيء طبيعي ، لكن أنا لا أعرف الحرام إطلاقاً ، لا حرام النساء ، ولا حرام المال .
كان عندنا عالم اسمه : الشيخ بدر الدين الحسني ، هذا شيخ العلماء في الشام ، إذا رأى شاباً يقول له : يا بني أنت كنت تلميذي ، وكان أبوك تلميذي ، وكان جدك تلميذي ، مات بالثامنة والتسعين ، منتصب القامة ، حاد البصر ، مرهف السمع ، أسنانه في فمه ، يقال له : يا سيدي ! ما هذه الصحة التي حباك الله بها ؟ يقول : يا بني ! حفظناها في الصغر فالله عز وجل حفظنا في الكبر ، من عاش تقياً عاش قوياً .
أنتم شباب ، والشباب أمل الأمة ، مستقبل الأمة ، قوة الأمة ، وريح الجنة في الشباب، وما من شيء أحب إلى الله تعالى من شاب مؤمن .
أنت استغل الشباب ، وطع الله عز وجل ، لا يفوتك من الدنيا شيء .
هنيئاً لكم إدارتكم ، ومدرستكم ، وتوجيهكم إن شاء الله ، وبلدكم ، هذا البلد الطيب .
خاتمة وتوديع :
المذيع :
سيدنا جزاك الله خيراً ، أهدى للمدرسة كتابه ، جبر الله بخاطره ، ووقعه لنا .
الدكتور محمد راتب :
هذا الكتاب أخذ مني جهداً مدته أربعين سنة ، هذا تفسير ، وأنا لكم من الشاكرين .