- محفوظات
- /
- ٠1جلسات إرشادية
مقدمة :
الدكتور عمر عبد الكافي :
بارك الله لنا بك ، وجزاك خيراً ، والله هذه كلمات من ذهب .
الدكتور محمد راتب :
والله أنا أسعد الناس معكم ، لك مكانة كبيرة جداً ، إنك متواضع جداً .
الدكتور عمر عبد الكافي :
لا ، رضي الله عنك ، بالعكس والله أنت الذي نتعلم منه ، جزاك الله خيراً على هذا اللقاء .
أحمد الله رب العالمين ، وأصلي وأسلم على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم .
كلما حانت فرصة أن ألتقي بأستاذنا وعالمنا الجليل ، مولانا الشيخ محمد راتب النابلسي حفظه الله ، وبورك لنا في عمره وعلمه ، ونفع الله به دائماً ، نستغل هذه الفرصة أن نشنف آذان المشاهدين على قناتنا ، والمستمعين بحديثه الطيب ، وكلماته الصادقة ، وحنوه الأبوي الكريم ، مرحباً أستاذنا الفاضل .
الدكتور محمد راتب :
بارك الله بكم ، ونفع بكم ، وأعلى قدركم ، ونتعلم منكم .
الدكتور عمر عبد الكافي :
العفو سيدي أستغفر الله ، معذرة كلما تحدثت عنك أوجزت ، وقلت أنا : هذا رجل متصالح مع نفسه ، حقيقة دكتور راتب ؛ لماذا معذرة ؟ أنت لا تحب أن تكون لك عداوات ، ولا تحب الصراعات ، وإنما تحب أن تنشر دين الله سبحانه وتعالى بالحكمة والموعظة الحسنة ، هل توافق النفس ؟ هل هو ملكة أم الإنسان يكتسبه مع خبرة الأيام ؟
بطولة الإنسان تلافي أخطاء الآخرين :
الدكتور محمد راتب :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين .
الإنسان أحياناً يرى بعض الأخطاء في الآخرين ، فبطولته أن يتلافاها ، أدق كلام أن تقف على مسافة واحدة من الجميع ، وأن تدع الأحكام المطلقة ، كل المحامين مثلاً لا يوجد كل ، ألغِ كلمة كل ، وألغِ كلمة كذا ، فيما أعتقد ، فيما أتصور ، فيما يبدو لي ، فإذا تحفظت في الحكم ، وفي الفهم ترقى .
الدكتور عمر عبد الكافي :
طالما أنه ليس هناك حد فاصل أو واضح .
مقومات التكليف :
الدكتور محمد راتب :
الحقيقة أن القوانين الفيزيائية قطعية ، كل القوانين المتعلقة بالإنسان ثمانون بالمئة ممكن أي قانون نفسي ألا يتحقق مع الإنسان ، لأن الإنسان معه اختيار ، له اختيار ، قد تضغط فلا يثور ، وقد يثور قبل أن تضغط ، الإنسان له خاصة ، هو المخلوق الأول ، والمكرم والمكلف ، والمفضل .
﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ ﴾
فلما قبل الإنسان حمل الأمانة كان عند الله المخلوق الأول ، أعطاه مقومات التكليف ، أعطاه الشهوة ، لولا الشهوات ما ارتقينا إلى رب الأرض والسماوات ، ما دام تحب شيئاً وهذا محرم وتركته ترتقي عند الله ، لكن ما من شهوة أودعت فينا إلا لها حيز مسموح به .
افرض أن الشهوات مئة وثمانون درجة ، مسموح بمئة وأربعين ، أو بمئة وعشرين ، لا يوجد حرمان .
أقول كلمة دقيقة : ما من شهوة أودعت في الإنسان إلا جعل الله لها قناة نظيفة طاهرة تسري خلالها ، فالإنسان عندما قبِل حمل الأمانة أعطاه الله مقومات التكليف ، أعطاه العقل ، قبلها أعطاه الكون ، الكون ينطق في كل جزئية منه بوجود الله ، ووحدانيته ، وكماله ، أعطاه العقل ، العقل أعقد آلة في الكون ، هناك مبدأ السببية ، والغائية ، وعدم التناقض ، الإنسان لا يفهم شيئاً بلا سبب ، ولا يفهم شيئاً بلا غاية ، ولا يقبل التناقض ، أعطاه فطرة متطابقة تطابقاً تاماً مع منهج الله ، فكل شيء أمرنا الله به فطرنا على محبته ، والدليل :
﴿ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ ﴾
أعطانا عقلاً ، أعطانا فطرة ، أعطانا شهوة ، أعطانا ميزاناً ، فالميزان هو الشرع ، فإذا تطابقت هذه الشهوة مع شيء مباح في الشرع لا شيء عليك .
الدكتور عمر عبد الكافي :
لماذا مولانا شبابنا ، وأبناؤنا ، وبناتنا ، يرون أن كلامنا ربما يكون ثقيلاً عليهم لأن هناك أوامر ونواه قد تخالف ما يقولون عنه حرياتهم ، وانطلاقهم ، وإبداعهم ، وطموحهم وتفوقهم ، هل الدين حجزهم عن هذا ؟
الدين توقيفي والخطأ في الخطاب الديني :
الدكتور محمد راتب :
الدين مطلق ، توقيفي ، أما الخطاب الديني ففيه خطأ ، إذا أنت اخترت الأشياء المخيفة ، الثعبان الأقرع ، جهنم ، وهناك جنة ، وبشارات ، وسعادة ، وتوفيق ، أنت اذكر الإيجابيات بأكملها مع السلبيات ، صار هناك توازن ، لكن يوجد أئمة ينسون الإيجابيات ، هذه السلبيات شيء مخيف ، أنا أرى الخطأ في الخطاب الديني .
والتجديد الحقيقة الدين لا يجدد ، لأنه توقيفي ، الذي يجدد الخطاب الديني ، أنا أقترح اقتراحاً متواضعاً ، هذا الإنسان المستمع يحتاج - الدين نص - إلى نص صحيح التأويل إن كان قرآناً ، وصحيح السند إن كان نبوياً - يوجد نص - والعقل لا يتناقض مع النقل ، لأن هذا مستحيل ، النقل من عند الله ، والعقل من صنع الله ، ما دام هناك شيئان يتوافقان مع شيء واحد فهما متوافقان ، لو فرضنا هناك تناقض بين النقل والعقل يكون النقل غير صحيح ، أو ضعيف ، أو خطأ في التأويل ، أو العقل غير صريح ، العقل تبريري ، عندنا عقل حقيقي موضوعي ، وعقل تبريري ، قد يأتي مستعمر للعراق ويقول : جئنا من أجل الحرية ، كذاب ، جاء من أجل النفط ، فهناك عقل تبريري ، ونقل غير صحيح ، وفطرة غير سليمة ، المعاصي إذا تراكمت انطمست الفطرة ، وهناك واقع غير موضوعي .
الموضوعية قيمة أخلاقيّة وعلميّة :
أخي الكريم بارك الله بك على هذا السؤال ، الموضوعية قيمة أخلاقية ، وقيمة علمية ، إذا كنت موضوعياً فأنت أخلاقي ، موضوعية علمية .
سيدنا رسول الله له صهر ، جاء يحاربه ، زوج ابنته ، فلما استعرض الأسرى قال : والله ما ذممناه صهراً ، ما هذه الموضوعية ؟ هي سبب إسلامه .
إذا كنت موضوعياً فأنت عالم ، موضوعي ؛ أخلاقي ، تلتقي قيم الأخلاق مع قيم العلم في الموضوعية .
الدكتور عمر عبد الكافي :
هل يعني الدعاء – بارك الله لنا بكم ، وأنت على رأسهم بارك الله لنا بك - دوره الوحيد في هداية هذه الطوائف الكثيرة من الجمهرة في الشرق والغرب ؟
أين دور الآباء والأمهات ناهيك عن المدارس والإعلام وغيرهم من المؤسسة المنزلية والمؤسسة التي تتكلم بالكتاب والسنة ؟
دور الآباء و الأمهات و المؤسسات الأخرى في العناية بالأولاد :
الدكتور محمد راتب :
سيدي الكريم ، بارك الله بكم ، ونفع بكم ، الحقيقة أخطر شيء في البداية الأم ، حينما تنشغل الأم بعمل خارج البيت ، ويترك الأطفال للخدم ، هذه مشكلة كبيرة جداً ، وهناك كاميرات خفية تصور شيئاً لا يصدق ، الأم أم ، أما غير الأم فغير الأم ، فلابد من أن يسمح للأم أن تتفرغ .
قد بلغني أن بلاداً متقدمة جداً أكبر وسام شرف للأم أنها أم ، ربة منزل ، فنحن إذا تركنا المنزل هناك من يعطي الأطفال أشياء لا تعقل .
الدكتور عمر عبد الكافي :
أي لا نجعل ربة المنزل موظفة ؟
الدكتور محمد راتب :
إذاً ربة المنزل أول شيء .
المعلم ؛ أول شيء الأم ، أول مؤسسة تربوية الأم ، الثانية ؛ المعلم ، أي إذا كان المعلم يأخذ أقل راتب ، لا يأتي العلماء الأذكياء ، جاءت الطبقة الدنيا الدنيا ، أنت تسلم أغلى شيء بحياتك ابنك لإنسان جاهل ، أحياناً المعلم يدخن ، أحياناً يتكلم كلمة بذيئة، هذه مشكلة كبيرة ، ما لم نتعهد الأم المتفرغة لأولادها ، والمعلم المكتفي ، سمعت في بعض البلاد : أعلى معاش للمعلم ، يمكن في اليابان ، وفي ألمانيا ، أعلى معاش للمعلم ، بقي الآن المدرسة ، المدرسة والمعلم ، بقيت المراجع الدينية ، عندما يكون المرجع الديني لا يوجد عنده حكمة فقد الحكمة ، لا يوجد عنده غير جهنم ، والثعبان الأقرع ، لا ، هناك جنة ، وتوفيق بالحياة ، وإن لم تخطط يُخطط لك ، عندما أعطي الطالب أملاً ، وأعطيه خطة ، وأعطيه عطفاً ، شيء رائع جداً ، النبي قال :
(( وإنما بعثت معلماً ))
أي رفع قيمة المعلم .
(( إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق ))
الدكتور عمر عبد الكافي :
الآن الأم صالحة ، وربة منزل ، أو متفرغة لأهم وظيفة ومهمتها وتربيتها للولد والبنت ، ثم وجدنا المعلم الجيد ، لكن للولد أقران ، والبنت لها قرينات من السوء بمكان ، تربوا في محاضن سيئة ، لا أم صالحة ، ولا وجدوا معلماً ، ولا وجدوا سلوكاً من أب ، أو خال ، أو عم ، هذه الثمرة أو التفاحة السليمة الصحيحة - دخلوا صندوق المجتمع - عندما اجتمعت بالمعطوب إن جاز التعبير من دقيق الثمرات كيف نعالج ؟
ضرورة التعرف على أصدقاء الابن و البنت :
الدكتور محمد راتب :
معلوماتي المتواضعة ، الأب ، الأم ، الأخ الأكبر ، المعلم ، الأستاذ ، شيخ الجامع، كل هذه الفئات التوجيهية تساوي أربعين بالمئة ، ورفيق السوء يساوي حوالي ستين بالمئة، فما لم تعرف من هو صديق ابنك ، وصديق ابنتك العطب كبير جداً .
الدكتور عمر عبد الكافي :
إذا كان الأب ....
الدكتور محمد راتب :
يجب أن تبحث عن أصدقاء ابنك ، تدعوهم للبيت ، وترحب بهم ، وتدعو أولياءهم.
أعرف شخصاً أنا أحترمه كثيراً يدعو أصدقاء ابنه مع آبائهم إلى وليمة ، لا بد من صديق ، الصديق ستون بالمئة ، الموجهون جميعاً أربعون ، والشيخ ، والمعلم ، والأم ، والأب ، والأخ الأكبر ، والعمة ، والخالة ، أربعون بالمئة ، وهذا الصديق ستون بالمئة ، يجب أن تعرف من هو صديق ابنك ، ومن هي صديقة ابنتك .
خاتمة وتوديع :
الدكتور عمر عبد الكافي :
بارك الله لنا بك ، وجزاك الله خيراً ، والله هذه كلمات من ذهب .
الدكتور محمد راتب :
والله أنا أسعد الناس معك .
الدكتور عمر عبد الكافي :
رضي الله عنك .
الدكتور محمد راتب :
أنا أسعد الناس معك ، ولك مكانة كبيرة لأنك متواضع جداً .
الدكتور عمر عبد الكافي :
رضي الله عنك ، بالعكس والله أنت الذي أتشرف بك ، جزاك الله خيراً على هذا اللقاء ، وجزاكم الله خيراً على حسن المشاهدة والاستماع ، لا تنسونا من صالح دعائكم ، نشكر أستاذنا الجليل الدكتور محمد راتب النابلسي ، ونشكركم .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته