- ندوات تلفزيونية
- /
- ٠24برنامج قوانين القرآن الكريم - قناة الرسالة
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
قانون الرزق :
أعزائي المشاهدين ... أخوتي المؤمنين ... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، لازلنا في قوانين القرآن ، والقانون اليوم ، بل قوانين زيادة الرزق ، ولابد من مقدمة .
تثبيت الله عز وجل ملايين القوانين و تحريك الصحة و الرزق لتأديب البشر :
الله جلّ جلاله ثبت ملايين ملايين القوانين في الكون
قانون الحركة ثابت ، وقانون السقوط ثابت ، الجاذبية ثابت ، خواص المواد ثابت ، ملايين ، ملايين القوانين ثبتها الله عز وجل كي تستقر الحياة ، كي يتعامل الإنسان معها تعاملاً مريحاً .
فكل شيء له قانون ، والقانون يعني ببعض تعريفاته : علاقة ثابتة بين متغيرين تطابق الواقع ، وعليها دليل ، ومقطوع بصحتها .
أيها الأخوة الأحباب ، هذه القوانين ثبتها الله عز وجل ، ولكن حرك قضيتين خطيرتين ، حرك قضية الصحة ، وقضية الرزق ، فالإنسان قد يمرض ، بل إن الإنسان حريص حرصاً لا حدود له على صحته ، وعلى حياته ، وعلى رزقه ، من هنا من خلال هذين المتحركين يأتي التأديب الإلهي ، قال تعالى :
﴿ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾
﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾
قوانين زيادة الرزق :
اليوم الحديث عن قوانين زيادة الرزق ، لأن الإنسان حريص حرصاً لا حدود له على زيادة رزقه ، والحقيقة : إن الله سبحانه وتعالى هو الرزاق .
﴿ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ﴾
ولأنه رازق وضع قواعد ثابتة نجدها في كتاب الله ، وفي سنة نبيه صلى الله عليه وسلم لزيادة الرزق ، فالذي يرى أنه لابدّ من أن يزداد رزقه عليه أن يسلك القواعد التي شرعها الله عز وجل ، لا أن يسلك طريقاً آخر ، لأن هذا الرزق إما أن يكون وفق طريق غير شرعي يسمى رزقاً حراماً ، غير مشروع يسبب تدهور الإنسان في الشقاء في الدنيا وفي الآخرة ، وإما أن يكون رزقاً حلالاً يسبب للإنسان سعادة في الدنيا والآخرة .
1 ـ تقوى الله عز وجل وطاعته :
أيها الأخوة الأحباب ، القانون الأول : تقوى الله عز وجل وطاعته ، قال تعالى :
﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً ﴾
أحياناً كلمة مخرج توحي أن الأبواب كلها مغلقة ، فحينما يتساءل الإنسان من أين المخرج لحكمة بالغةٍ بالغة يغلق الله جميع الأبواب يفتح باب السماء ، حتى يتوجه الإنسان إلى الله عز وجل
﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً ﴾
﴿ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾
فمن كان يعاني من ضائقة مالية وهو مقيم على مخالفات شرعية ، فيزيل كل مخالفة ، ويأتمر بما أمر ، وينتهي عما نهى الله عنه ، وهذه الآية زوال الكون أهون على الله من ألا تحقق لأنها السهم الأخير في حلّ مشكلات الإنسان
﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً ﴾
من كل ضائقة ، يجعل له مخرجاً من الضيق المادي ، يجعل له مخرجاً من الضيق المعنوي ، يجعل له مخرجاً من الإحباط ، يجعل له مخرجاً من مشكلات قد لا تحل
﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً ﴾
2 ـ التوكل على الله بعد الأخذ بالأسباب :
هذا القانون الأول ، أما القانون الثاني ، الله عز وجل يقول :
﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾
أنت حينما تتوكل على الله لا بجوارحك ، تسعى جاهداً بالأخذ بالأسباب ، وبعدها تتوكل على رب الأرباب ، تسعى جاهداً لإغلاق كل ثغرة في حياتك ، وبعدها تتوكل .
لذلك الإنسان ينبغي أن يأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء ، ثم يتوكل على الله وكأنها ليست بشيء ، لكن الله جلّ جلاله يقول
﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾
لكن المسلمين حينما ضعف عندهم الإيمان بالله ، وحينما تخلفوا عن فهم دينهم جعلوا محل التوكل الجوارح ، مع أن محل التوكل هو القلب ، أما الجوارح ينبغي أن تتحرك .
لذلك رأى سيدنا عمر أناساً يتكففون الناس في موسم الحج ، فسألهم من أنتم ؟ فقالوا : نحن المتوكلون ، قال : كذبتم ، المتوكل من ألقى حبة في الأرض ثم توكل على الله .
3 ـ صلة الرحم :
أيها الأخوة الأحباب ، قانون ثالث لزيادة الرزق إنه صلة الرحم ، فقد قال عليه الصلاة والسلام :
(( من سره أن ينسأ له في أجله ويوسع عليه في رزقه فليصل رحمه ))
يبدو أن الناس فهموا صلة الرحم فهما محدوداً جداً ، يعني في العيد يطل على بعض أقربائه ، ويتمنى ألا يجدهم ليضع بطاقة مكان زيارته ، وجلسته معهم ، لكن الحقيقة أن صلة الرحم تعني أن تتصل به ، وأن تزوره ، وأن تتفقد أحواله ، وأن تمد له يد العون ، العون المادي ، أو الروحي أحياناً ، أو العلمي ، لابدّ من أن يرعى الغني الفقير ، ويرعى القوي الضعيف ، ويرعى العالم غير المتعلم ، صلة الرحم أحد أسباب زيادة الرزق .
الاستقامة على أمر الله عز وجل دوام للنعمة :
أيها الأخوة الكرام ، يقول الله عز وجل :
﴿ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ﴾
الإنسان حينما يكرمه الله بمأوى ، يقول : الحمد لله لهذا المأوى ، حينما يكرمه الله بشهادة عالية ، أو بمنصب معقول ، أو بدخل يغطي حاجاته ، أو بزوجة صالحة ، أو بأولاد أبرار ، حينما يعزو هذه النعم الجليلة إلى الله عز وجل ، ويشكره عليها ، هذه النعم تدوم وتزيد ،
﴿ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ﴾
يعني ضمان النعمة لا أن تفكر كيف تهاجم خصومك المنافسين ، لا ، دوام النعمة أن تستقيم على أمر الله ، وأن تشكر الله عليها ، شكر النعمة حصن لها ، وبالشكر تدوم النعم ، والنعمة حينما تعزوها إلى الله أولاً ، ثم يمتلئ قلبك امتناناً منه ثانياً ، ثم حينما تقابل هذه النعمة بخدمة الخلق ثالثاً كقوله تعالى :
﴿ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْراً ﴾
فأنت شاكر لها ، وهذه النعمة لم تتحول عنك .
﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾
من استغفر ربه و اعترف بذنبه فهو في بحبوحة زيادة الرزق :
أيها الأخوة الكرام ، في القرآن الكريم :
﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً ﴾
فما دام الإنسان معترفاً بذنبه ، مستغفراً لربه ، تائباً من ذنبه فهو في بحبوحة ، بحبوحة زيادة الرزق ،
﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً ﴾
﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ﴾
أي ما دامت سنتك قائمة في حياتهم ، في بيوتهم ، في أعمالهم ، في كسب أموالهم ، في إنفاق أموالهم ، أي وما داموا يستغفرون .
﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾
هم في بحبوحة ، وفي خير ، وفي عطاء .
4 ـ الصلاة :
أيها الأخوة الكرام ، أما القانون الذي يلي هذا القانون هو الصلاة : فالصلاة عماد الدين ، من أقامها فقد أقام الدين ، ومن تركها فقد هدم الدين ، ولا خير في دين لا صلاة فيه ، يقول الله عز وجل :
﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ ﴾
بيت تؤدى فيه الصلوات ، يتلى فيه القرآن ، فيه انضباط ، انضباط أخلاقي انضباط اجتماعي ، العورات مستورة ، هذا البيت مرزوق ، ومحل تجاري تؤدى فيه الصلوات ، وفيه أمر بالمعروف ، ونهي عن المنكر ، وفيه انضباط أخلاقي ، وفيه غض بصر ، هذا المحل أيضاً مرزوق عند الله .
5 ـ الصدقة :
أيها الأخوة ، أما الصدقة الله عز وجل يقول ، وكلمة رائعة جداً في هذه الآية :
﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً ﴾
أية آية كائن من كان هو قرض لله عز وجل ،
﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً ﴾
﴿ فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً ﴾
6 ـ الإحسان إلى مخلوقات الله عز وجل :
لذلك أحد أسباب زيادة الرزق أن تحسن إلى مخلوقات الله عز وجل ، والبيت الذي يتلى فيه القرآن الكريم بيت مرزوق ، يقول عليه الصلاة والسلام :
(( إن البيت الذي يقرأ فيه القرآن يكثر خيره والبيت الذي لا يقرأ فيه القرآن يقل خيره ))
7 ـ التوسعة على العيال :
بل إنه من غرائب الحديث : أن التوسعة على العيال أحد أسباب زيادة الرزق .
(( ليس منا من وسع الله عليه ثم قتر على عياله ))
لذلك :
(( يا ابن آدم ، أنفقْ أُنفِقْ عليك ))
(( أنفق بلالُ ولا تخش من ذي العرش إقلالاً ))
8 ـ النكاح :
أيها الأخوة ، قانون آخر من قوانين زيادة الرزق وهو النكاح ، فقد قال عليه الصلاة والسلام :
(( ثلاثة حقّ على الله عَوْنُهم : المجاهدُ في سبيل الله ، والمُكَاتِبُ الذي يريد الأداءَ ، والناكحُ الذي يريد العَفَافَ))
ومن بحث عن الحلال أكرمه الله ، حق العباد على الله أن يعين الشاب إذا طلب الحلال .
9 ـ طلب العلم :
قانون آخر : هو طلب العلم ، من طلب العلم تكفل الله له برزقه .هذه بعض القوانين التي تزيد الرزق والإنسان حريص حرصاً لا حدود له على زيادة رزقه .
أيها الأخوة الكرام ، إلى لقاء آخر إن شاء الله تعالى .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .