الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
الطلاق السنِّي هو طلقةٌ واحدة في طهرٍ لم تمسَّ الزوجة فيه:
أيها الإخوة المؤمنون؛ مع الدرس الثالث من سورة الطلاق، ومع الآية الثانية وهي قوله تعالى:
﴿ فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3)﴾
أيها الإخوة؛ كلمة: ﴿فَإِذَا بَلَغْنَ﴾ أي فإذا اقترب، اقتربت نهاية العِدَّة، ألم يقل الله عزَّ وجل:
﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا (1)﴾
أي طلقوهن مستقبلاتٍ عِدَّتَهُن.
﴿وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ﴾ الله جلَّ جلاله يقول: ﴿لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا﴾ أي أن هذا الغضب الشديد، وهذا القرار العاطفي بعد أيامٍ عدة، أو بعد أسابيع عدة، أو بعد شهرٍ، أو شهرين، أو ثلاثة، ربما تلاشى وعادت الأمور إلى مجاريها، فإذاً الطلاق السُّنِّي هو طلقةٌ واحدة في طهرٍ لم تمسَّ فيه، لعل الزوج يراجع نفسه، لعله يراجعها قولاً أو عملاً، أو لعلها تملك نفسها، ويعود خاطباً لها من جديد، فيعقد عليها العقد ثانيةً بموافقتها وبمهرٍ جديد، الله عزَّ وجل ما أراد الطلاق أن يوقع إلا مرةً واحدة، وإلا خالف السنَّة.
الله سبحانه وتعالى عن طريق النبي عليه الصلاة والسلام وصَّانا بالنساء خيراً:
قال تعالى: ﴿فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ﴾ أي قرُبت نهاية العدة، هنا: ﴿بَلَغْنَ﴾ بمعنى اقتربت نهاية العدة، أما لو بلغنَ وانقضت العدة انتهى الأمر، صار هناك فراق، ﴿فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ﴾ أي قبل أيامٍ من نهاية العدة أنت مخيَّر، إما أن تمسك بمعروف، وإما أن تطلِّق بإحسان، إمساكٌ بإحسان أو تفريقٌ بمعروف.
وذكرت في الدرس الماضي أن الزوجة ينبغي أن تكون زوجة بكل معنى الكلمة، أي لها حقوق، لها حق أن تنفق عليها، ولها حق أن تسكنها، وأن تطعمها إذا أكلت، وأنت تلبسها إذا لبست، وألا تعنِّفها، وألا تضربها، هذا من حقها: ﴿فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ﴾ أما الذي يمسك زوجته ضراراً ليعتدي عليها فهذا يرتكب أكبر معصيةٍ، لأن الله سبحانه وتعالى عن طريق النبي عليه الصلاة والسلام وصَّانا بالنساء خيراً.
الطلاق ينبغي أن يثبت والإرجاع ينبغي أن يثبت:
في الآية شيء جديد، هو أنك إذا أمسكتها راجعتها، أو فارقتها، يجب أن تُشْهِدَ شهوداً، السبب؟ لو أن إنساناً يملك ثروة طائلة، وطلَّق زوجته، وبانت منه، وتوفي، ولم يخبر أحداً، ولم يُشْهد على التفريق أحداً، ثم ادّعت أنه راجعها، لها نصيبٌ من الثروة كبير، لئلا يقع التجاحُد والإنكار، لعله يقع ضياع الحقوق، ربنا عزَّ وجل قال: ﴿وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ أشهد على أنك أرجعتها كي تثبت الزوجية، وتنال حقها منك، وأشهد إذا فارقتها كي يثبت الطلاق، فالطلاق ينبغي أن يثبت، والإرجاع ينبغي أن يثبت، لذلك: ﴿وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ على المراجعة أو على الفِراق، وهذا الأمر فيه خلاف بين الفقهاء حول وجوب الإشهاد، أو أنه مندوب، بين أنه واجب، وبين أن يكون مندوباً، على كلٍّ الأمر واضح: ﴿وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ .
الفرق كبير بين أن يراجع الزوج زوجته خلال العدة أو بعدها:
لكن الشيء الدقيق في موضوع الطلاق أنك إذا أرجعتها في خلال العِدَّة ليس لها خيار، لا خيار لها، لا تستطيع أن ترفض، لو أن الزوج طلّق زوجته طلاقاً سُنِّياً، طلقها طلقةً في طهرٍ ما مسها فيه، ثم أراد أن يراجعها إما بقوله أو بسلوكه، ليس لها أن تتأبى، وليس لها أن ترفض، وليس لها خيار، أما حينما تنقضي عدتها، ويمضي القُرْء الأول والثاني والثالث، ويأتيها الحيض في القرء الثالث، ثم تطهر من الحيض فعندئذٍ ملكت نفسها، بإمكانك أن تعيد العقد عليها، بإمكانك أن تتزوج منها مرةً ثانية، ولكن بشرط أن توافق، المراجعة ليس لها خيار، وافقت أم لم توافق لا اختيار لها، أما حينما تمضي القُروء الثلاث، حينما تنقضي عدتها أصبحت مخيرة، بإمكانها أن ترجع، وبإمكانها أن تمتنع، وإذا امتنعت لا سلطان لك عليها، إذاً هناك فرق واضح بين أن تُرَاجعها في خلال العدة، وبين أن تعقد عقداً عليها بعد انقضاء العدة، في الحالة الأولى ليس لها خيار، وليس لها ألا توافق، أما في الحالة الثانية فبيدها الأمر، توافق أو لا توافق.
العدالة صفةٌ نفسيةٌ والضبط صفةٌ عقلية:
﴿فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ دائماً الشاهد لا يستطيع الإنسان أن ينكر شيئاً إذا شهد عليه شهودٌ عدول، وكلمة عدل هذا موضوع دقيق جداً، ينقلنا إلى موضوع العدالة في الإسلام، العدالة صفةٌ نفسيةٌ، والضبط صفةٌ عقلية، راوي الحديث ينبغي أن يكون ضابطاً عدلاً، ذاكرته قوية، يؤدِّي الحديث بنصه الحرفي دون زيادةٍ أو نقصان، ودون حذفٍ أو تبديل، هذه صفة الضبط، أما صفة العدل فأن يكون مخلصاً، صادقاً، لا يبيع دينه بعَرَض من الدنيا قليل، لا يكذب، لا يدلِّس، لا يوهم، لا ينتفع براوية، ولا يعبأ بصحتها، فالعدالة من صفات المؤمن، وقد ذَكرتُ في دروسٍ سابقة فيما أذكر أن العدالة قد تسقط؛ حينما تظلم الناس تسقط عدالتك، وحينما تكذب على الناس تسقط عدالتك، وحينما تخون الأمانة تسقط عدالتك، وحينما تُخْلِفُ الوعد تسقط عدالتك، من عامل الناس فلم يظلمهم، وحدَّثهم فلم يكذبهم، ووعدهم فلم يخلفهم، فهو ممن كَمُلَتْ مروءته، وظهرت عدالته، ووجبت أخوَّته، وحرُمت غيبته.
بعض المواقف التي تُجرح فيها عدالة الإنسان:
ذكرت لكم أيضاً أن الإنسان حينما يأكل في الطريق تُجرح عدالته، وحينما يمشي حافياً تُجرح عدالته، وحينما يبول في الطريق تُجرح عدالته، وحينما يتنزَّه في الطريق تُجرح عدالته، وحينما يتحدث عن النساء عن شكلهن تُجرح عدالته، وحينما يصاحب الأراذل تُجرح عدالته، وحينما يأكل لقمةً من حرام تُجرح عدالته، وحينما يطفف بتمرةٍ تُجرح عدالته، وحينما يعلو صياحه في البيت تُجرح عدالته، وحينما يقود برزوناً يخيف الناس به تُجرح عدالته، وحينما يطلق لفرسه العِنان أي يقود مركبته بسرعةٍ عالية تُجرح عدالته، هذه بعض المواقف التي تُجرح فيها عدالة الإنسان.
الإنسان حينما يُشْهِد الآخرين يتوقى أن ينكر الطرف الآخر عمله:
قال ربنا جلَّ جلاله: ﴿وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ والإنسان حينما يُشْهِد الآخرين، عقد بيع مثلاً، زواج، أشياء نفيسة، إن أشهدت عليها شهوداً عدولاً أنت تَوَقَّيْت أن يُنكر الطرف الآخر توقيعه، الآن كاتب عدل، أنت حينما تُبرم عقداً، أو تبيع بيتًا، أو تَهَب شيئًا، وتأتي بكاتب العدل فيُصدق ذلك، تُقرّ أمامه وتُوقّع أمامه، لا يستطيع الطرف الآخر أن يرفع دعوى بإنكار توقيعه لأنه وقّع أمام كاتب العدل، وكاتب العدل هذه من القرآن: ﴿وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ أي خدمة كبيرة جداً، أحياناً هناك قضاياً تُرفع إلى المحاكم ثماني سنوات إنكار توقيع، يأتون بشهود، ويأتون بخبراء تواقيع، الدعوى إنكار توقيع، قد يكون هناك هبة، قد يكون هناك بيع بمبلغ كبير جداً، فيحتال الذي أبرم العقد فيدَّعي أن هذا ليس توقيعه، وهذا الموضوع قد يبقى في المحاكم ثماني سنوات من أجل إنكار توقيع، يأتون بخبير، ثم بخبيرين، ثم بثلاثة خبراء، إلى أن يأتي بخمسة خبراء للتحقق من صحة التوقيع، أما إذا أشهدت كاتب العدل فقد ألغيت كل هذا الطريق الوعر، لا يستطيع إنسان وَقَّع أمام كاتب العدل، وفي حضرته أن ينكر توقيعه: ﴿وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ .
من حصَّن أخاه بعقد موثق فقد قطع عليه طريق الشيطان:
قد ننتقل بالمناسبة إلى موضوع فرعي هو أنك إذا حصَّنت أخاك بعقد مُوَثق قطعت عليه طريق الشيطان، لو لم تحصن أخاك بعقدٍ موثق جعلت للشيطان عليه سبيلاً، قد يأتيه الشيطان ويقول له: دعك من هذا العقد، أنكر توقيعك، دعك من هذا العقد، البيت باسمك، وضمن شراكة البيت، دخل في البيت شراكة، فإذا لم توقِّع، ولم تنجز عقداً موثقاً، ولم يُسَجل العقد في محكمة البداية، ولم يشهد عليه كاتب العدل ربما أعنت أخاك على أن يأكل حراماً، لذلك أنا أقول لكم: الاتفاقات التي تتم بينكم وثِّقوها بعقد، والعقد وثِّقوه بكاتب العدل، أو بمحكمة البداية، بهذه الطريقة لا يستطيع الشيطان أن يدخل على أحد الأطراف أبداً.
يبدو أن الإنسان إذا أكل المال الحرام يحاسب عند الله أشدّ الحساب، ولكن قد يغيب عن أذهانكم أنك إذا مَكَّنْتَ إنساناً من أن يأكل المال الحرام فأنت شريكه في الإثم، إن سَيَّبْتَ أمورك، أهملت العقود، أهملت الإيصالات، أهملت التسجيل، أهملت التوثيق، فرأى الناس أنه بالإمكان أن يُنكروا استلام هذه البضاعة، إن استلمت بضاعةً ولم تعُدَّها تجعل الذي سلمك إياها يفكر أن يأخذ من حجمها شيئاً له.
حَدَّثني صديق مع أنه يبيع بيعاً غير معقول، في النهاية لا يربح، بل إنه يخسر، ثم اكتشف أنه كلما أُرْسِل له مواد أولية لمعمله يقول: ضعها هنا، وقد استلمتها، فشعر الذي يسلمه إيَّاها أنه لا يدقق، فصار يسلمه نصف الكمية، ويوقّع على كامل الكمية، حصل الخلل، الإنسان يجب أن يضبط أموره، قد تفلِّس من عدم استلام المواد الأولية، قد تفقد مالاً كثيراً من عدم ضبط القيود والسجِلات، انظر الآية ما أدقها: ﴿وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ .
طبعاً القرآن الكريم فيه شيء رائع جداً، هذا الشيء هو أن الآية وهي في سياقها لها معنى، فإذا نزعتها من سياقها وقرأتها وحدها لها معنى آخر، وهذا من إعجاز القرآن، كل آيةٍ إن انتظمت مع أخواتها تؤَدِّي معنى محدداً، أما حينما تُنزع من سياقها فتؤدي معنى شموليًّاً كبيرًا جداً، وسوف يتضح هذا جلياً في قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا﴾ في سياق الآيات لها معنى، فإذا نُزعت من سياق الآيات لها معنى آخر.
﴿وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ طبعاً في موضوع القضاء الذي بُحِثَ من قبل أنك إذا أتيت بشاهدين عَدْلَين فهذا دليلٌ قويّ جداً على أنك على حق.
أداء الشهادة من الأعمال الصالحة الجليلة:
ولكن الله سبحانه وتعالى يقول:
﴿ فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2)﴾
إخواننا الكرام؛ الشهادة عمل صالح في أعلى الدرجات، قد تكون تركب في مركبة، وصار هناك حادث، والحادث فادح، والمبلغ كبير جداً، أنت شاهد من هو الذي أخطأ في قيادة المركبة، قد تجد أنه من عدم الحكمة أن تذهب، وتُدلي بشهادتك، ولا يوجد عندك وقت، الوقت قليل، القضية شائكة، تقول: أنا ليس لي علاقة، هل تعلم أنك عصيت الله عزَّ وجل حينما لم تؤدِّ هذه الشهادة؟ إنك إذا أديت الشهادة حفِظت الحقوق، وإنك إن امتنعت عن الإدلاء بالشهادة ضَّيعت الحقوق، وعدل ساعةٍ يعدل عند الله أن تعبده ثمانين عاماً، طبعاً وإن كان الإدلاء بالشهادة يكلِّف الإنسان وقتاً وجهداً، وأن يذهب إلى قصر العدل، وأن يبحث عن المحكمة، وأن ينتظر دوره في الإدلاء بالشهادة، وأن يكون متوضِّئاً، وأن يُقسم على القرآن الكريم، وأن تُكتب إفادته، وقد ينتظر يومين أو ثلاثة، ولكن أداء الشهادة من الأعمال الصالحة الجليلة، لذلك يقول الله عزَّ وجل: ﴿وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ﴾ يجب أن تشهد، لا تكن سلبياً، لا تقل: أنا ليس لي علاقة، وقتي ضيِّق، إن قلت أنت وقتك ضيق، وقال الآخر: وقته ضيق، والثالث تهرَّب، والرابع قال: أنا ليس لي علاقة، القاضي إذاً كيف يعرف الحقيقة؟ يجب أن تُعين القاضي على معرفة الحقيقة، فلعل الخصم ألحن بحجته من الآخر، أما الشاهد فيقيم الدليل.
أداء الشهادة جزءٌ من الدين:
إذاً يجب أن نعلم أيها الأخوة أن أداء الشهادة جزءٌ من الدين، بل من أجلّ الأعمال الصالحة، لأن الله حقّ، ويحب إحقاق الحق، ولأن عدل ساعةٍ يعدل عند الله ثمانين عاماً تعبده خالصاً لوجه الله.
﴿وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ﴾ والحقيقة كلمة شهادة تقول: أنا شهدت، أي رأيت بأمِّ عينك، علمت علم اليقين، لا تشهد إلا على مثل الشمس في وضح النهار، على مثل هذا فاشهد، لا تكن شاهداً، لأنه:
(( عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ؟ ثَلَاثًا، قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَجَلَسَ، وَكَانَ مُتَّكِئًا، فَقَالَ: أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ، قَالَ: فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا: لَيْتَهُ سَكَتَ. ))
الشيء الذي يؤسَفُ له أنه حول المحاكم هناك مئات الشهود ينتظرون أن تَدفع لهم مبلغاً من المال ليشهدوا معك أي شيء، مع أن الشاهد لا يكون شاهداً إلا إذا كان شاهداً، شَهِدَ الحقيقة بأم عينه.
الإنسان لا يستجيب لأمر الله إلا إذا عرف الله:
﴿وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ هذه الآية دقيقة جداً، الإنسان لا يستجيب لأمر الله إلا إذا عرف الله، لا يتقي أن يعصيه إلا إذا عرفه، لا يعمل للجنة إلا إذا عرفها، لا يتقي النار إلا إذا عرف لهيبها وحريقها، لذلك قال بعض العلماء: قرأت حديثاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم استغنيت به عن علم الأولين والآخرين، هذا الحديث رواه الشِّبْلي قال: "اعمل لله بقدر حاجتك إليه، واعمل للدنيا بقدر بقائك فيها، واعمل للجنة بقدر مقامك فيها، واتَّقِ النار بقدر صبرك عليها" .
الجنة للأبد، اعمل للآخرة بقدر مقامك فيها، واتّقِ النار بقدر صبرك عليها، واعمل لله بقدر حاجتك إليه، واعمل للدنيا بقدر بقائك فيها، الدنيا محدودة، والآخرة ممدودة، والله سبحانه وتعالى يحتاجه كل شيءٍ في كل شيء.
فروع الدين لأهل الإيمان أما أصول الدين فلمخاطبة أهل الإنكار والإلحاد:
﴿وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ﴾ هذا التوجيه:
﴿يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ .لذلك في الدين أصول، وفي الدين فروع، لا تحاول أن تخاطب مُنكري الدين بفروع الدين، فروع الدين ليست لأهل الكُفر والإلحاد، فروع الدين لأهل الإيمان، أما أصول الدين فخاطب بها أهل الإنكار والإلحاد، لذلك أن تشهد، اعرض هذا الموضوع على إنسان من أهل الدنيا، يقول لك: أنا ضيَّعت عقلي حتى أضيّع يومين من أجل أن أدلي بشهادة سير، ضيّعت عقلي، لا يرضى، أما المؤمن فيرى في الإدلاء بالشهادة عمل صالح، أن في الإدلاء بالشهادة عملاً صالحاً يتقرَّب به إلى الله عزَّ وجل، أي الإنسان ليس سلبياً، المؤمن ينبغي أن يكون إيجابياً، يجب أن يُسْهِم في إحقاق الحق، يجب أن يسهم في رفع الظُّلام عن إنسان، كم من حادث يتَّهم فيه إنسان وهو بريء، لكن لا يوجد شهود، لو جاء الشهود وأدلوا بشهاداتهم، وحلفوا على كتاب الله أنهم رأوا بأم أعينهم هذا، لكان الأمر غير الذي وقع.
من طلّق زوجته وفق السنة يجد مخرجاً إلى استرجاعها:
﴿ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا﴾ .
إخواننا الكرام؛ هذه الآية وردت في سورة الطلاق، معناها السياقي: أي أن من يتق الله في تطليق زوجته؛ يطلقها وفق السنة، يطلقها لعدتها، يطلقها في طهرٍ ما مسها فيه، يطلقها وهو يعتقد أن الله لعله يحدث بعد ذلك أمراً، من طلّق زوجته وفق منهج الله عزَّ وجل، ووفق سنة النبي عليه الصلاة والسلام، طلقها لعدتها، وأحصى العدة، قال: يجعل الله له مخرجاً إلى الرجوع إليها، لو أنه ندم القضية سهلة جداً، لو أنه نَدِم بإمكانه أن يُرْجِعَها، لو أنه تأثَّر لفراقها بإمكانه أن يرجعها، فالآية بمعناها السياقي: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا﴾ لاسترجاعها، الإنسان مهما كان غاضباً، مهما كان حانقاً، مهما كان حاقداً، مهما كان متألِّماً، مهما شعر أنه لا يمكن أن يعيش مع هذه الزوجة، طَلِّقْها وفق السنة، طلِّقها تطليقةً واحدة وانتظر لعل الله يُحدث بعد ذلك أمراً، لعلك تنسى هذه المشكلة، لعل قلبك يميل إلى إرجاعها، لعلك تمتلئ عَطفاً عليها، لعلك تحتاج إليها، طلِّقها وفق السنة، تجد مخرجاً إلى استرجاعها، هذه الآية معناها السياقي هكذا.
حكمة الله البالغة في تربية عباده:
هناك نقطة دقيقة في الآية معنى استنباطي: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا﴾ ماذا تفيد كلمة (مخرجاً) ؟ أي يجعل الله له مخرجاً، لم يكن هناك مخرج، أي القضية محيطة، الحلقات مُغلقة، لو كان هناك مخرج لا يوجد حاجة لكي تبحث عن مخرج، لو أن هناك باباً مفتوحاً لا تبحث عن مخرج، لكن متى تبحث عن مخرج؟ إن رأيت الأبواب كلها موصدة، وضاقت نفسك، إذاً الإنسان أحياناً يوضع في ظرف صعب، يوضع في ظرف يتوهَّم أن كل الأبواب موصدة، يوضع في ظرف يتوهَّم أن مشكلته ليس لها حل؛ أن دخله لن يزيد، أنه لن يجد عملاً، أنه لن يُوَفّق إلى زواج، أنه لن يشتري بيتاً، أنه لن يصبح كغيره من الناس، كلمة: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا﴾ كلمة (مخرجًا) تفيد أنه لم يكن هناك مخرج، ما دام يجعل الله له مخرجاً، لم يكن هناك مخرجاً.
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فُرجت وكان يظن أنها لا تفرج
وهذا من حكمة الله البالغة في تربية عباده.
من يتق الله في الحرام يجعل الله له مخرجاً:
أحياناً يضعك في ظرف كل أبواب الحلال مغلقة، وكل الأبواب المشروعة مغلقة، وكل الطرق الآمنة مغلقة، وكل الأسباب التي رسمها الله عزَّ وجل مغلقة، ثم يفتح الله لك باب الحرام، باب المعصية، باب النفاق، باب الكذب، ويمتحنك، المؤمن يقول: والله لن أعصي الله ما حييت، ولن أتساهل في منهج الله قيد أنملة، أنا أعرف رجلاً أراد أن يشتري بيتاً، عُرِض عليه بيت بأقل من سعره بعشرة آلاف ليرة، البيت ثمنه خمسة وعشرون ألفاً، عُرِض للبيع، القصة قبل عشرين عاماً تقريباً، أما هو فقيمته تقدر بخمسة وثلاثين ألفًا، أي معروض بسبب السفر بسعر مغرٍ، معه مبلغ لا يكفي لثمنه، عنده سندات بإمكانه أن يحسمها في مصرف، فذهب ليحسمها، مدير المصرف ألهمه الله أن ينصحه، قال له: يا فلان، أنت رجل مسلم، وهذا حرامٌ في دينك، تلقَّى هذه الموعظة ممن يعمل في هذه الدائرة، قال لي: استحييت من الله أن أتلقى النصيحة بهذا الشكل، فرجعت إلى دُكَّاني وقلت: حسبي الله ونعم الوكيل، وعاهدت الله عزَّ وجل أن أصرِف النظر عن هذا البيت، لأن في حسم هذه السندات ما يسميه العلماء رِباً معكوساً، حسم السند، يُقسم بالله العظيم أنه ما إن وصل إلى دُكَّانه حتى وجد صديقاً له ينتظره، قال له: أنا هنا من نصف ساعة أنتظرك، قال له: ليس هناك موعد بيننا، قال له: أنا مسافر إلى الخليج، ومعي مبلغ من المال أريد أن يكون عندك، وأُنشدك الله أن تستعمله، أنا سأغيب سنتين، أعطاه مئة ألف، هو بحاجة إلى عشرة آلاف، وأُنشدك الله أن تستعمله في غيبتي، أنا سأعود بعد سنتين، هو لما نصح قال: معاذ الله، معاذ الله أن أعصي الله عزَّ وجل، مثل هذه القصة لها مثيلات بالآلاف: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا﴾ .
فيا أيها الإخوة الكرام؛ الذي يُطلِّق زوجته وفق السنَّة يجعل الله له مخرجاً إلى استرجاعها، إذا ندم فتكون جاهزة، بكلمة تسترجعها، بتصرف تسترجعها، لو وضعت يدك على يدها كما قال العلماء تسترجعها، ولا خيار لها، لك أن تسترجعها في خلال ثلاثة أشهر، من ثاني يوم يمكنك أن تسترجعها، بعد أسبوع، أسبوعين، ثلاثة، أربعة، شهر، شهرين، في الشهر الثالث، لذلك: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا﴾ لو نزعنا هذه الآية من سياقها يُكتب عليها مجلَّدات، من يتق الله في اختيار زوجته يجعل الله له مخرجاً من تطليقها.
الآية الكريمة: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا﴾ إذا نزعت من سياقها أصبحت قاعدة:
من تزوج المرأة لجمالها أذلَّه الله، لجمالها فقط، ومن تزوجها لمالها أفقره الله، ومن تزوجها لحسبها زاده الله دناءةً، فعليك بذات الدين تَرِبَت يداك.
إن تزوجتها ذات دينٍ وخُلُق يجعل الله لك مخرجاً من تطليقها، لا تحتاج إلى تطليقها، لأنها تعرف الله، الآن من رَبَّى أولاده تربيةً إسلاميةً جعل الله له مخرجاً من عقوق الأولاد، من كَسِب المال وفق السُنَّة بالطريق المشروع جعل الله له مخرجاً من إتلاف المال وضياعه، من اتّقى الله في أداء زكاة ماله يجعل الله له مخرجاً من ضياع الأموال وإتلافها، من اتّقى الله في معرفته يجعل الله له مخرجاً من المعاصي التي تُرتكب بسبب الجهل بالله عزَّ وجل، يمكن أن تُطبِق هذه الآية على آلاف الموضوعات، من اتقى الله في معاملة زوجته، الله عزَّ وجل قال:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا (19)﴾
من اتّقى الله في أصول معاملة الزوجة يجعل الله له مخرجاً من النكَدِ الزوجي، والشقاء الزوجي، والخصومة الزوجية، والزوجان المتباغضان هذه مشكلة: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا﴾ من يتقِ الله في اختيار البيت المناسب، اختاره في حيّ محافظ، بعيد عن الشبُهات، بعيد عن التفلُّت يجعل الله له مخرجاً من انحراف الأولاد، من اتقى الله ولم يجلب إلى بيته هذه البدع وتلك الصحون يجعل الله له مخرجاً من انحراف الأولاد الخطير الذي لا يُحْتَمَل، هذه الآية يمكن أن تُطبق على مليون حالة، إذا نزعت من سياقها أصبحت قاعدة: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا﴾ والآية تشير بشكل أو بآخر إلى أنه قبل أن يخلق الله المخرج لم يكن هناك مخرج، يبدو أن الأمر مستعصٍ، الأمر مغلق، الأمر لا يوجد فيه فرج: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا﴾ .
كلّ إنسان يتقي الله يفرِّج الله عنه ويخلق له فرجاً لم يكن في حسبانه:
أما لو أردنا أن ندلل على هذه الآية بالأدلة الكثيرة من واقع الحياة فهناك قصصٌ لا تعد ولا تحصى، بل إن كل واحد منكم إذا نظر إلى ما ساقه الله له يجد أن فِعل الله عزَّ وجل يأخذ بالألباب، كل إنسان يتقي الله ربنا جلَّ جلاله يُفرِّج عنه، ويخلق له فرجاً ما كان في حسبانه: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾ أي الله عزَّ وجل خلق الإنسان، وأمده بالرزق، موضوعان خطيران جداً، موضوع الحياة، وموضوع الرزق، فلو أن الإنسان توكَّل على الله حقّ توكُّلِهِ لكفاه الله أمر مؤنته، يرزقه من حيث لا يحتسب، الله هو الرزَّاق ذو القوة المتين، لذلك ورد:
(( عن عبد الله بن مسعود: إنَّ رُوحَ القُدُسِ نفث في رُوعِي أنَّ نَفْسًا لن تموتَ حتى تستكملَ رزقَها فاتقوا اللهَ وأَجْمِلُوا في الطلبِ. ))
[ تخريج مشكلة الفقر: خلاصة حكم المحدث: صحيح ]
أجملوا في الطلب واستجملوا مهنكم لأن روح القدس نفثت في روعي أن نفساً لن تموت حتى تستوفي رزقها.
من اتقى الله عزَّ وجل جاءه رزقٌ وفير من حيث لا يحتسب:
﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾ هذه الآية دقيقة، بمعنى أحياناً تُعرض عليك الدنيا من طريقٍ غير مشروع، قد يأتيك رزق وفير من معصية، من عملٍ مشبوه، من إنجاز عملٍ لا يرضي الله، من طريقةٍ لا ترضي الله، هذا المال الوفير الذي يأتيك من هذا الطريق لا بركة فيه، وقد يذهب، ويُذهب معه صاحبه، لكنك إذا اتّقيت الله عزَّ وجل جاءك رزقٌ وفير من حيث لا تحتسب.
أخٌ كريم سألني مرةً عن دخلٍ فيه شبهة، والشبهة واضحة، يوجد بضاعة لا ترضي الله يتعامل بها، قلت له: والله لا ينبغي أن تفعل هذا، قال لي: البديل أن أبقى على راتبي المحدود الذي لا يكفيني يومين، قلت له: هذا هو الحكم الشرعي، وافعل ما تريد، ترك هذه البضاعة التي لا تُرضي الله في التعامل بها، وبقي على دخلٍ محدودٍ جداً لا يكفيه يومين أو ثلاثة، ومضى شهرٌ وشهران وثلاثة أشهر، قلت له: أنت حينما ترضى بهذا الدخل المحدود جداً، والذي لا يكفيك لأنه حلال، وترفض الحرام، أنا لا أضمن لك أن يأتيك رزقٌ وفير بعد حين، أنت عليك أن تطيع الله وكفى، هو حكيم يرزق أو يؤَخِّر، فإذا جاء الرزق الوفير متأخراً أكّد هذا صدقك مع الله، وصبرك على أمره، وبالحقيقة مضى شهران أو ثلاثة أرسل لي استفهاماً مع بعض أصدقائه، قال لي: الامتحان هل سيطول؟ أصبحت طويلة، هبط دخله إلى العُشر، البضاعة محرم بيعها وشراؤها، لكنها تدر عليه رزقاً وفيراً، ثم فجأةً جاء الفرج من الله عزَّ وجل، فصار له دخل كبير، صديق صاحب معمل وثق فيه: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا﴾ لكن لا تطالب الله بالوقت، الوقت له حكمته، أنت عليك أن تعبد الله.
لابد من ضيق ليظهر صدق الإنسان مع الله وبعد ذلك يأتي فرج الله:
الآية الدقيقة، وهذه نقطة مهمة جداً لما ربنا عزَّ وجل قال:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (28)﴾
هذه السياحة قديمة، حينما يأتي هؤلاء إلى المسجد الحرام يشترون الطعام والشراب، يسكنون في البيوت، ينفقون أموالاً كثيرة جداً، والآن تكاد تكون صناعة السياحة أروج صناعةٍ في كل البلاد، وتحقق أكبر دخلٍ من العملات الصعبة، فربنا عزَّ وجل قال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ﴾ ما قال: نجسون، قال: ﴿نَجَسٌ﴾ هم عين النجاسة، ﴿فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا﴾ طبعاً من لوازم هذا المنع انخفاض الدخل، طبيعي، قال: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً﴾ أي فقراً ﴿فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ لكن لم يقل: يغنيكم، قال: ﴿فَسَوْفَ﴾ أي لابد من مرحلة من أجل أن يظهر صدقكم مع الله، من أجل أن يظهر ثباتكم على الحق، من أجل أن تظهر مؤاثرتكم، أي يا رب رضاك أغلى عندنا من كل شيء، قال تعالى: ﴿فَسَوْفَ﴾ وبعد حين يأتي فرج الله عزَّ وجل، هذه الآية قانون، أي إذا الإنسان اتقى الله عزَّ وجل، وصرف نفسه عن دخل كبير فيه شبهة، وقنع بالقليل الذي لا يكفيه لأنه حلال، قد يعاني لبعض الوقت ليدفع ثمن هذا القرار الحكيم، ليدفع ثمن هذه الطاعة، وبعد حين يرزقه من حيث لا يحتسب، فالإنسان لا يستعجل، من كان يريد لقاء الله فإن أجل الله لآت.
﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾ والله الذي لا إله إلا هو آلاف القصص حول هذه الآية يمكن أن تُذكر، وأنا أعتقد أنه لا يوجد أخ من إخواننا من دون استثناء إلا وله مع هذه الآية خبرة عملية:
(( عن سالم عن أبيه مرفوعاً: ما ترك عبد شيئاً لله إلا عوضه الله خيراً منه في دينه ودنياه. ))
[ رواه أبو نعيم عن ابن عمر مرفوعاً ]
أيها الإخوة الكرام؛ أعيد عليكم نص الحديث الشريف: ((ما ترك عبدٌ شيئاً لله إلا عوضه الله خيراً منه في دينه وديناه)) طبيعة الدرس لا تسمح برواية القصص الكثيرة، لكن ما من عبدٍ يقول: معاذ الله! إني أخاف الله رب العالمين، لا أفعل هذا، ولا أُغضِب الله، وأنا أرضى بالقليل الذي يرضي الله، وأؤثر عليه الكثير الذي لا يرضي الله، إلا رزقه الله الرزق الوفير بعد حين، إذاً: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾ أنت في امتحان دائم، وطبيعة الحياة الدنيا فيها معصية، وفيها طاعة، فيها حرام، وفيها حلال، فيها شيء مشبوه، وشيء واضح، فيها شيء يرضي، وشيء لا يرضي، أما إذا اتقيت الله أن تعصيه، اتقيت أن تعصي الله عزَّ وجل فلك مخرجٌ من كل ضيق ورزقٌ وفير ولكن بعد حين.
﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾ أي يكفيه، الإنسان أحياناً يوكِّل محامياً لامعاً، وله صلات وثيقة مع القضاة، يشعر بطمأنينة، يقول لك: وكّلنا فلانًا، أما أنت إذا وكلت الله عزَّ وجل وبيده كل شيء، كل شيء بيده، ولا يعجزه شيءٌ في السماوات ولا في الأرض، أكبر أعدائك في قبضته، كل المتغيرات بيده، كل الظروف المحيطة بك بيده: ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾ أي التوكل جُزء من الدين.
﴿ قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (23)﴾
فإن لم تتوكلوا فلستم بالمؤمنين: ﴿وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا﴾ .
ما من عبد يعتصم بالله إلا جعل الله له مخرجاً من كل شيء:
الإنسان يمكن أن يلاحقه عدو قوته تزيد عن قوته بمئة ضعف، سيدنا موسى مع أصحابه، من وراءهم؟ فرعون، وما أدراكم ما فرعون، فرعون بجيشه، وقوته، وجبروته، وغطرسته، وقهره، واستعلائه، وهؤلاء سيدنا موسى وأصحابه شرذمةٌ قليلون.
﴿ وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ (55)﴾
﴿ فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61)﴾
البحر أمامهم، وفرعون وراءهم احتمال الهلاك بالمئة كم؟ بالمئة مئة، البحر من أمامهم، وفرعون من ورائهم، بقوةٍ تفوق قوتهم بمئات المرَّات، لا يوجد أمل.
﴿ فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62)﴾
سيدنا النبي في الغار مع سيدنا الصديق، سيدنا أَبِو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا فِي الْغَارِ:
(( عن أبي بكر الصديق قلتُ للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ونحن في الغارِ لو أنَّ أحدَهم ينظرُ إلى قَدَمَيْهِ لَأَبْصَرَنا تحتَ قَدَمَيْهِ فقال : يا أبا بكرٍ ما ظَنُّكَ باثنينِ اللهُ ثالثُهُما؟ ))
ما من عبدٍ يعتصم بي من دون خلقي أعرف ذلك من نيته، فتكيده أهل السماوات والأرض إلا جعلت له من بين ذلك مخرجاً، وما من عبدٍ يعتصم بمخلوقٍ دوني أعرف ذلك من نيَّته إلا جعلت الأرض هوِياً تحت قدميه، وقَطَّعْت أسباب السماء بين يديه : ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾ ، ﴿وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ .
الإنسان لا يستطيع أن يتوكل على الله إلا إذا كنت مطيعاً له واثقاً من رحمته:
ضعف الإيمان يسبب أشياء مقلقة كثيرة جداً، هناك ألف سيف مُسَلَّط على رأس كل منا، سيوف المرض، أحياناً حادث، أنت تمشي نظاميّاً على اليمين بسرعة معتدلة، وإنسان نائم، الإنسان تحت آلاف الأخطار، ما الذي يُطمئنك؟ أن تتوكل على الله، لكنك لن تستطيع أن تتوكل عليه إلا إذا كنت في مرضاته، لن تستطيع أن تتوكل عليه إلا إذا كنت مطيعاً له، واثقاً من رحمته، وحكمته، واثقاً من عدالته، واثقاً من ربوبيَّته: ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾ يكفيه، ﴿إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ﴾ أي أمر الله هو النافذ.
﴿ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ (11)﴾
ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم: ﴿إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ﴾ .
من تعجَّل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه:
الإنسان أحياناً يخطط، ولا يستطيع أن يصل إلى هدفه، أما ربنا عزَّ وجل فأمره هو النافذ: ﴿إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا﴾ أي كل شيء يأتي في وقته المناسب، وفي القدر المناسب، وهذه حكمة الله عزَّ وجل.
﴿ وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (27)﴾
أي القدر مناسب، والوقت مناسب، من تعجَّل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه، حكمة الله تتجلى في أن هذا الشيء يناسبك منه بهذا القدر، وأن يأتيك بهذا الوقت، لو جاء قبل وقته لفُتِنْت، ولو جاء بأكثر من قدره لفُتنت، ولو جاء بأقل من قدره لفُتنت، ولو جاء بعد وقته لفتنت، قبل الوقت، وبعد الوقت، وأكبر، وأصغر تُفْتَن، لكن يأتي بقدرٍ مناسب، وفي الوقت المناسب، ما كل ما يعلم يقال- كما قال سيدنا علي-وما كل ما يقال له رجال، ولا إذا وُجِد الرجال آن الأوان، هناك شيء لا يقال، وهناك شيء يقال، والذي يقال لا يقال لكل الناس، يقال لبعضهم، وهذا الذي يقال لبعضهم لا يقال لهم في كل الأوقات، يقال لهم في بعض الأوقات، هذه الحكمة: ﴿إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا﴾ .
على الإنسان أن يطيع الله وعلى الله الباقي:
النبي عليه الصلاة والسلام في الهجرة مطارد، مئتا ناقة لمن يأتي به حياً أو ميتاً، ينظر إلى سراقة الذي تبعه ليأخذ الجائزة، غاصت قدما فرسه في الرمل، أول مرة، وثاني مرة، فعلم أن هذا الإنسان ممنوعٌ منه، فرجا النبي أن يعفو عنه، قال له: كيف بك يا سُراقة إذا لبست سواري كسرى؟ الله جعل لكل شيء قدراً، أي أن يلبس سراقة سواري كسرى، عند الله يكون بعد رسول الله، وبعده سيدنا الصديق، في عهد عمر، في عهد عمر قال: أين سراقة؟ فجاؤوا بسراقة، فألبسه تاج كسرى وسواره وقميصه، وقال: بٍخٍ بخٍ، أُعَيْرَابي من بني مُدْلِج يلبس سواري كسرى!! لقد تحققت نبوءة النبي عليه الصلاة والسلام، وكل واحد منا لكن لا أجد فتاة مناسبة، ﴿إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا﴾ هناك وقت مناسب للزواج، ووقت مناسب لإيجاد عمل، ووقت مناسب لتأمين سكن، ووقت مناسب للتأَلَّق، أنت عليك أن تطيع الله:
﴿ بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (66)﴾
أطعه وكفى، وعلى الله الباقي.
من أطاع الله تولى الله أمره:
إذاً: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا﴾ .
ملخَّص الدرس أنك إذا أطعت الله عزَّ وجل تولى أمرك، أنت في ظله.
﴿ وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (48)﴾
وأنك في حفظه، والحكمة البالغة أن يأتيك الشيء بالقدر المناسب، وبالوقت المناسب، عليك أن تطيعه وكفى، وعلى الله الباقي.
أطع أمرنا نرفع لأجلك حجبــنــا فإنا منحنا بالرضا من أحبــنــــــا
ولذ بحمانا واحتـــــــم بجنابنـــــا لنحميك مما فيه أشـــرار خلقنـــا
وعن ذكرنا لا يشغلنك شاغـــــل وأخلص لنا تلق المـسرة والهنــا
وسلم إلينا الأمر في كل ما يكــن فما القرب و الإبعاد إلا بأمـرنـــا
ينادى له في الكون أنـــــا نحبــه فيسمع من في الكون أمر محبنــا
فيكسى جلابيب الوقار لأنـــــــه أقــــام بإذلالٍ على باب عــزِّنــــا
وجدناك مضطراً فقلنا لـك ادعنا نجبك فهل أنت حقـــاً دعوتنــــــا
دعوناك للخيرات أعرضت نائياً فهل تلقى من يحسن لمثلك مثلنا؟
فيا خجلي منه إذا هو قال لـــــي أيــــا عبدنــا ما قرأت كتابــــنـا؟
أما تستحي منا ويكفيك مـا جرى أما تختشي من عتبنا يوم جمعنـــا
أما آن أن تقلع عن الذنب راجعاً وتنـــظر ما بــــه جاء وعــــدنــا؟
[ عبد الوهاب بوعافية الحسني ]
فالملخص: علينا أن نطيع الله وكفى، والله جلَّ جلاله يتولى أمورنا: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾ اجعل همك طاعة الله، وعلى الله الباقي.
الملف مدقق