وضع داكن
22-02-2025
Logo
حياة المسلم 3 - إذاعة حياة إف إم : الحلقة 28 - سلامة القلب
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

المذيع:
  الحمد لله رب العالمين ، يا ربنا صل وسلم ، أنعم وأكرم على نبينا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم .
 السلام عليكم أينما كنتم مستمعينا الكرام ، وأهلاً ومرحباً بكم معنا من جديد على الهواء ، عبر أثير إذاعتكم إذاعة حياة fm ، نتواصل مستمعينا الكرام نحن وإياكم في هذه الحلقة المباشرة على الهواء ، عبر أثير إذاعتكم fm .
 مع فضيلة العلّامة المربي الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي ، نواصل مشوارنا حياكم الله شيخنا الكريم .
الدكتور محمد راتب :
 بارك الله بكم ، ونفع بكم ، وأعلى قدركم .
المذيع:
 أهلاً وسهلاً بكم ، حديثنا شيخنا ، مستمعينا الكرام ، عن سلامة القلب ، نبدأ حلقتنا بقول الخالق سبحانه وتعالى :

﴿ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ(89) ﴾

[ سورة الشعراء]

 وأيضاً من قول النبي عليه الصلاة والسلام :

(( عن أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال : ' إِيَّاكُم والظَّنَّ ، فإنَّ الظنَّ أكذبُ الحديثِ ، ولا تَحَسَّسُوا ، ولا تَجسَّسُوا ، ولا تَنَافسُوا ، ولا تحاسَدُوا ، ولا تَبَاغضُوا ، ولا تَدَابَروا ، وكُونوا عبادَ اللهِ إِخواناً كما أمرَكُم ، المسلم أخو المسلم ، لا يظلِمُهُ ، ولا يَخْذُلُهُ ، ولا يَحْقِرُهُ . التقوى هاهنا ، التقوى هاهنا ، التقوى هاهنا - ويشير إِلى صدره - بِحَسْب امرئ من الشَّرِّ أن يَحْقِر أخاه المسلمَ ، كلُّ المسلمِ على المسلم حَرَام : دمُهُ ، وعِرْضُهُ ، ومَالُهُ . إِن الله لا ينظر إِلى أجسادكم ، ولا إِلى صُوَرِكم ، ولكن ينظر إِلى قلوبكم وأَعمالكم ))

[متفق عليه عن أبي هريرة]

 نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا جميعاً قلباً مستقيماً .
 شيخنا ؛ حينما نتحدث عن استقامة القلب ، وهذا المصطلح كثيراً ما يتم تداوله ضمن مصطلحات أخرى ، استقامة الجوارح واللسان ، وهذا ما كان في حلقاتٍ سابقة ، اليوم عن استقامة القلب .

حرص الإنسان على سلامته وسعادته :

الدكتور محمد راتب :
 لكن لابد من مقدمةٍ تلقي ضوءاً على هذا الموضوع ؛ الإنسان في أدق تعريفاته : عقلٌ يدرك ، وقلبٌ يحب ، وجسمٌ يتحرك ، غذاء العقل العلم ، وغذاء القلب الحب ، الحب الذي يسمو بالإنسان ، وغذاء الجسم الطعام والشراب ، الطعام حلال ، وثمنه حلال ، فإذا غذى عقله بالعلم ، وقلبه بالحب ، وجسمه بطعامٍ حلال ، بثمنٍ حلال تألق ، ارتقى إلى الله ، سلم وسعد في الدنيا والآخرة ، طبق تعليمات الصانع ، والجهة الصانعة هي الجهة الوحيدة التي ينبغي أن تتبع تعليماتها ، لأنها الجهة الخبيرة .
 شخص يمشي في طريق ، هناك لوحة : حقل ألغام ممنوع التجاوز ، إذا كان فهمه ساذجاً يُعد هذه اللوحة حداً لحريته ، وإن كان عميق الفهم ، يفهمها ضماناً لسلامته ، كل أوامر الله الإيجابية والسلبية ، الأوامر والنواهي لمصلحته ، ليست حداً لحريته بل ضماناً لسلامته.
 مثلاً : الشهوة بالإنسان طاقة ، قوة ، كصفيحة البنزين تماماً ، ضع هذه الصفيحة في المستودع المحكم ، وهذا البنزين سال في الأنابيب المحكمة ، وانفجر في الوقت المناسب ، والمكان المناسب بالبستونات ، ولدت حركةً نافعةً أقلتك في العيد إلى العقبة ، نفس الصفيحة صُبها على المركبة ، أعطها شرارة ، أحرقت المركبة ومن فيها ، فالإنسان انطلاقه من حرصه على سلامته وسعادته .
 أخي الكريم ؛ يوجد ثمانية مليارات إنسان ، لا يوجد فيهم واحد يحب الفقر ، ولا المرض ، ولا القهر ، لا يوجد فيهم واحد إلا يتمنى أن تكون زوجته صالحة ، وأولاده أبراراً ، وبناته محتشمات ، وبيته واسعاً ، ودخله معقولاً ، كل واحد ، ولا يوجد واحد لا يحب أن يعيش مئة وثلاثين سنة ، أن تحرص على سلامة وجودك ، وعلى كمال وجودك ، السلامة ؛ بالطعام والشراب ، والكمال بالزواج ، وتألق وجودك بالتفوق ، هذه مضمونة في الدين مئة بالمئة ، أي لا يوجد كلمة فيها مودة للنبي من الله تفوق هذه الكلمة .

﴿ وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ(48) ﴾

[ سورة الطور]

 أي أنت غال جداً علينا ، مثل أب طبيب ، دخله كبير ، تزوج فتاة أحبها كثيراً ، لكنها لم تنجب ، ولا يوجد عنده رغبة ليزعجها بزوجة ثانية ، بعد عشر سنوات ، جاءه مولود آية في الجمال منها ، أحبه حباً جماً ، ثم اكتشف الطبيب الأب مع هذا المولود التهاب زائدة ، فيسمح باستئصال الزائدة بعد إجراء عملية جراحية ، هي المصائب كلها سميت مصائب لأنها تصيب الهدف .
المذيع:
 إذا أدرك الإنسان الهدف منها .
الدكتور محمد راتب :
 أبداً ، رضي بها ، وعلامة المؤمن أن يرضى بها .
المذيع:
 سبحان الله ! الله يفتح عليكم شيخنا ، سيدنا حينما نستخدم هذا المصطلح ونقول : سلامة القلب ، ما المراد به ؟

سلامة القلب :

الدكتور محمد راتب :
 أي هذا القلب هو النفس ، هذا الإنسان بالأساس هو خائف ، شهواني ، هذه فطرته، عندما اتصل بالله أخذ منه الكمال ، أخذ منه العدل ، أخذ منه الحكمة ، أخذ منه الرحمة ، إذا أردتم رحمتي فارحموا خلقي ، عنده رحمة ، هذه الرحمة تجعله أحسن إنسان ، يتألق بالمجتمع ، يصبح محبوباً ، والله أعرف قصصاً عن أُناس كانوا رحماء ، كان لهم مكانة تفوق حدّ الخيال ، إذا أردتم رحمتي فارحموا خلقي .
 والله أعرف شخصاً طلق زوجته ببلد آخر لسبب قاهر ، تركها في البيت ومصروفها كامل .
المذيع:
 البيت بقي لها ؟
الدكتور محمد راتب :
 لها مع أولادها ، والمصروف كامل ، الله يحب المحسنين سيدي .
المذيع:
 شيخنا ؛ مثل هذا الرجل نقول : إن قلبه سليم ، لأنه مثلاً لم ينكل بها ، أو ينتقم منها .
الدكتور محمد راتب :
 طبعاً أبداً ، الحقيقة ؛ القلب هو النفس هنا ، أي ذات الإنسان ، المؤمنة ، الكافرة ، المحسنة ، المسيئة ، الرحيمة ، الظالمة .

﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا(9) ﴾

[ سورة الشمس]

 أفلح ، ما الفلاح ؟ بيل غيتس يملك تسعين ملياراً ، أو ثلاثة وتسعين ملياراً ، جوبز سبعمئة مليار ، هذا ليس فلاحاً ، هذا نجاح فقط ، نجاح أحادي ، نجحت بكسب المال ، هناك شخص حكم اليابان سبعين سنة ، رئيس وزارة ، سبعون سنة ، الفلاح غير النجاح ، النجاح أحادي ، أما الفلاح فشمولي ، الفلاح أي عرفت الله ، فعبدته وأطعته ، وأحسنت إلى خلقه ، ودعوت إليه ، أولاً ، اخترت زوجة صالحة ، عفيفة ، مؤمنة ، صادقة ، ثانياً ، لك أولاد أبرار ، واخترت عملاً فيه عطاء .
 حدثني أخ كريم عن أضخم ملهى في دمشق ، بنت صاحب الملهى لو طلبت من أبيها مليوناً يعطيها ، تعمل معلمة بالريف ، وتأكل من دخلها فقط ، عندها قناعة مليار بالمئة أن مال والدها حرام ، والدها يملك الملايين ، لو طلبت منه مليوناً لا يسألها لماذا ؟ تعمل معلمة بالريف ، بريف دمشق ، وتتقاضى الراتب ، وتأكل من طعامها .

﴿ إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ(95) ﴾

[ سورة الأنعام]

 أبوها ميت دينياً ، لأن عنده ملهى .
المذيع:
 إذاً القلب السليم هو الذي اتصل بالله ، واستقام على شرع الله .

القلب السليم هو القلب المتصل بالله والمستقيم على شرعه :

الدكتور محمد راتب :
 هي مصطلحات عديدة ، عفواً .

﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ(185) ﴾

[ سورة آل عمران]

﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا(10) ﴾

[ سورة الشمس]

 هي النفس ، مركز النفس القلب .
المذيع:
 الله يفتح عليكم ؛ والقلب السليم إذاً شيخنا هو الذي بالكلام يكون قد استقام على شرع الله .
الدكتور محمد راتب :
 القلب السليم ؛ هذا القلب الذي لا يشتهي شهوةً لا ترضي الله .
المذيع:
 ليس لا يفعلها ، لا يشتهيها .
الدكتور محمد راتب :
 لا يشتهي الزنا ، لكن طبعاً هو يرقى هكذا ، الإنسان أول شيء يشتهي الزنا ، ويشتهي المال ولو كان حراماً ، عندما يخاف من الله يرتفع لمستوى الشرع ، كان هناك إرادة قوية وحزم ، أما عندما عرف الحق ، صار الشرع متناغماً معه .
المذيع:
 سيدنا ؛ صوب لي إذا كان فهمي خاطئاً : إذا كان الإنسان بفطرته يميل إلى الشهوات ، فكلما ضبط جوارحه على شرع الله كلما بدأ قلبه يتهذب أكثر .
الدكتور محمد راتب :
 هذا يسمونه التصعيد ، ارتقت أذواقه .
المذيع:
 حتى يصل إلى مرحلة لا يشتهي الحرام ، هنا يكون القلب السليم .
الدكتور محمد راتب :
 نعم والله .
المذيع:
 سبحان الله ! حتى لو كان مسلماً منضبطاً اشتهى الحرام ولم يفعله قلبه سليم .
الدكتور محمد راتب :
 رمضان ، الحرارة حوالي أربعين درجة ، وأطول يوم بالسنة ، وهو لوحده في البيت، والبراد فيه مياه ، وشراب ، وعصير ، وماء ، ما الذي منعه أن يشرب ؟
المذيع:
 مخافة الله .
الدكتور محمد راتب :
 هذا الدين .
المذيع:
 لكن سيدنا لو اشتهى هذا الشراب ، لكنه لم يشربه ؟
الدكتور محمد راتب :
 الشهوة موجودة .
المذيع:
 هل يعتبر قلبه غير سليم ؟
الدكتور محمد راتب :
 لا ، أبداً.
المذيع:
 المهم ألا يقع في الحرام .
الدكتور محمد راتب :
 هناك قواعد عامة ، هذا الإنسان ، رأيت منظر بحر ، وأمامه جبل أخضر ، هذا منظر جميل ، هل تستطيع أن تقول : إنك لا تحبه ؟ كل الناس يحبونه ، خذها على النساء نفس الشيء .
المذيع:
 سبحان الله ! إذاً هو القلب الذي يبتعد عن الحرام .
الدكتور محمد راتب :
 لا يشتهي شهوةً لا ترضي الله .
المذيع:
 حتى يصل لهذه المرحلة ، الخطوة الأولى شيخنا ، لا يشتهي ما يغضب الله ، ثم ؟
الدكتور محمد راتب :
 ولا ينكر حكم الله ، ويتناغم معه .
المذيع:
 جميل ! إذاً هو شعورٌ في القلب وتطبيقٌ بالجوارح ، الله يفتح عليكم .

موسوعة النابلسي للعلوم الإسلامية هي الموقع الإلكتروني الأول بالعالم :

الدكتور محمد راتب :
 يوجد عندي كُتيبان يؤخذان من الموقع مجاناً ، الأول : سُبل الوصول وعلامات القبول ، هذا الكتاب ينسحب من الإنترنت مجاناً ، واحد أعمال الجوارح وواحد أعمال القلوب ، سبل الوصول إلى الله بقلبك وبجوارحك .
المذيع:
 إذاً اسم الكتاب : سُبل الوصول وعلامات القبول .
الدكتور محمد راتب :
 جزءان أعمال القلوب ، أعمال الجوارح ، يؤخذ من الموقع مجاناً ، يوجد مكان تحميل كُتب ، كتاب بكامله عبارة عن مئتي صفحة ، بغلافه ، بمقدمته مجاناً .
المذيع:
 الله يفتح عليكم سيدنا ؛ ننوه للمستمعين ، موقع فضيلة الشيخ اسمه : موسوعة النابلسي للعلوم الإسلامية ، وهو الموقع الإلكتروني الأول بالعالم ، وهو أيضاً تطبيق عبر الجوالات بإمكانكم أن تقوموا بتحميله ، والاطلاع على كل دروس وخطب شيخنا ، خلال السنوات الدعوية .
الدكتور محمد راتب :
 كلمة صغيرة ، هذا الموقع فيه أربعة مستطيلات فوق ، أنت راكب سيارتك والطريق طويل ، أردت أن تسمع موضوعاً ، أول قسم الصوتي ، أنت داعية تحضر موضوعاً ، النصي ، جالس بسهرة ويوجد معك أولادك وأقرباؤك ، وهناك موضوع يهمك يعرفونه ، صار المرئي ، كل شيء بالموقع إما أن تأخذه صوتياً ، أو نصياً ، أو مرئياً ، والفتاوى رقم أربعة .
المذيع:
 الله يفتح عليكم شيخنا ؛ ما شاء الله عليكم ! إذاً موسوعة النابلسي للعلوم الإسلامية كموقع وكتطبيق .
 نستأذنكم شيخنا الكريم ، مستمعينا الكرام ، إلى فاصل قصير ، ونعود معاً بعد ذلك على الهواء عبر أثير إذاعتكم حياة fm ، لنواصل هذه الحلقة ، وعنوانها سلامة القلب ، مع فضيلة العلّامة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي ، لك بعد الفاصل .
 حياكم الله مستمعينا الأكارم ، من جديد على الهواء اهلاً وسهلاً بكم ، عبر أثير إذاعتكم حياة fm .
 شيخنا الكريم ، كنا نتحدث عن سلامة القلب ، ننتقل شيخنا إلى حديث النبي الكريم الذي بدأنا فيه حلقتنا ، في قوله عليه الصلاة والسلام :

(( إِن الله لا ينظر إِلى أجسادكم ، ولا إِلى صُوَرِكم ، ولكن ينظر إِلى قلوبكم وأَعمالكم ))

مبادئ العقل :

الدكتور محمد راتب :
 لكن ممكن أن نتابع ما هو العقل ؟ العقل أعقد جهاز بالكون ، والعقل عاجز عن فهم ذاته ، فقط الشيء الذي بين أيدينا ، والعقل له مبادئ ثلاث : مبدأ السببية ، والغائية ، وعدم التناقض ، أي لا تصدق أنك أنت غادرت بيتك ، وأطفأت الكهرباء كلياً ، وغبت شهراً ، رجعت فوجدت الإضاءة متقدة بالبيت ، لماذا تقلق ؟ تقول : لقد أطفأتهم من دخل البيت بغيابنا ؟ أنت لا تقبل شيئاً حدث بلا سبب ، مبدأ السببية .
 لو فرضنا أن شخصاً متهم بجريمة بحلب ، وأثبت بوثيقة من وزير معتمد أنه كان عندي بهذا الوقت ، التغى الاتهام ، لا يقبل التناقض ، السببية ، والغائية ، وعدم التناقض .
 ما الغائية ؟ تكون راكباً سيارتك ، تجد شاحنة ضخمة نازل منها سلسلة ، وفيها حديدة موصولة بالأرض ، أنت لا علاقة لك بالشحن إطلاقاً ، لا علاقة لك بهذا الموضوع كلياً ، لكن عندك حاجة عقلية ، هي لماذا ؟ إذا جاءت صاعقة تمتصها إلى الأرض ، فأنت عندك بالعقل حاجة لفهم كل شيء ، من خلال ثلاثة مبادئ ، السببية ، والغائية ، وعدم التناقض .
المذيع:
 الله يفتح عليكم شيخنا ، جميل !
 شيخنا ؛ ما العلاقة بين القلب والعقل ؟ هل القلب يؤثر على العقل والعقل يؤثر على القلب ؟

العلاقة بين القلب والعقل :

الدكتور محمد راتب :
 القلب مركز النفس ، والعقل بترجمته الآن الفكر ، الدماغ فقط .
المذيع:
 من يؤثر على الآخر ؟
الدكتور محمد راتب :
 الحقيقة أن الفكر عندما يكون متمرساً ، ومتكرراً ، تنتقل المعلومة للقلب ، ما الدليل؟

﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ(179) ﴾

[ سورة الأعراف]

 تجربة ، اثنتا ، ثلاث ، أربع ، خمس ، ست ، الفكر أدركها ، ترسخت بالقلب ، الآن صار القلب أداة العقل ، وهذا الشيء اكتشفوه حديثاً ، هناك تجارب دقيقة جداً أجروها ، الإنسان الحي يتبدل فيه كل شيء كل خمس سنوات ، جهازه العظمي ، واللحمي ، والأعصاب ، كل شيء بالإنسان يتبدل كل خمس سنوات ، أقصر خلية الأمعاء الدقيقة ؛ عمرها ثمان وأربعون ساعة فقط، أطول خلية العظام خمس سنوات ، فأنت تتبدل كلياً كل خمس سنوات .
المذيع:
 الخلايا تتغير ، سبحان الله !
الدكتور محمد راتب :
 كل خمس سنوات أطول شيء ، وهناك أجزاء من الخلايا تتبدل كل يومين فقط ، الخاصة بالأمعاء ، إلا القلب والعقل لا تتبدل الخلايا أبداً ، شخص درس ، معه هندسة ، الأخ ماذا يعمل ؟ والله كنت مهندساً ، لما تبدلت الخلايا طارت معلوماته كلها ، العقل للأفكار ، والقلب للأذواق .
المذيع:
 الله يفتح عليكم شيخنا ؛ سنستأذنكم بجولتنا الأولى من مشاركات مستمعينا الكرام .
 معنا عبد المعين ، من المملكة العربية السعودية ، تفضل يا عبد المعين .

أسئلة وأجوبة :

المستمع :
 السلام عليكم ، أسعد الله مساءك دكتور ، دكتور أنا عندي مشكلة عائلية بالبيت ، وضغط على القلب ، الولد عاق عندي ، صار يتطاول عليّ ، هو وأمه تطاولا عليّ ، والآن الولاية سحبوها من الأب .
المذيع:
 أخي عبد المعين ، نستسمحك ، قضية خاصة وهي خارج موضوع الحلقة ، هل لك أن تتصل بعد البرنامج مباشرة ، وإن شاء الله تتكلم مع الشيخ ، لأن القضية خاصة .
المستمع :
 لكن أريد أن أقول له أن الموضوع فقط بكلمتين ، إذا كان القلب ينبض ، أنا أريد أن أدعو رب العالمين ، أشكو أمري إلى الله بهذا الموضوع ، بالأولاد ، أدعو على ولدي ، أم أرضى على ولدي ؟

الدعوة للأولاد بالصلاح :

الدكتور محمد راتب :
 لا ، ادع له بالصلاح ، هذا الأكمل .
المستمع :
 أنا تأذيت منه ومن زوجتي كثيراً .
الدكتور محمد راتب :
 نعم ، ادع لهما بالصلاح .
المستمع :
 وعلماً إني أنا بار والحمد لله رب العالمين ، لكن والدي ووالدتي قد توفيا .
الدكتور محمد راتب :
 حقك عند الله محفوظ ، لن تضام إطلاقاً ، البطولة ألا تكون مخطئاً .
المستمع :
 والله الحمد لله رب العالمين ، فضل من رب العالمين ، دكتور أنا حججت ثلاث حجج ، وملتزم بنور ربي ، وملتزم معكم ، الحمد لله رب العالمين ، من حوالي عشرين سنة دكتور ونحن ملتزمون ، نحن من سورية صار عندنا الوضع بسوريا كما تعلم .
المذيع:
 أخي عبد المعين شكراً لك ، إن شاء الله يكون جواب الشيخ وافياً ، نسأل الله أن يصلح الأحوال ، شكراً لك ولاتصالك .
 لننتقل إلى موسى ، تفضل أخي موسى .
المستمع :
 السلام عليكم ، تحياتنا لك ولشيخنا الجليل ، حفظه الله ، وإذا بلغتك أمانة تُقَبِلهُ عني.
المذيع:
 بعد الكورونا ، سيدنا لا أسلم حتى بالكورونا ، ولنا الشرف أن نقبّل يده ورأسه .
المستمع :
 حفظك الله من كل سوء ، بالنسبة لسلامة القلب وسلامة المجتمع ، عندما تنزل إلى المجتمع ، و إلى السوق ، وبين الناس ، تشعر أن الصلاة عندنا عادة وليست عبادة ، تشعر بالغش في السوق ، عدم سلامة القلب ، اللباس السافر ، المجتمعات سافرة ، أقول : لو يجلس شيخنا وعلّامتنا الدكتور مع المشايخ - وكل واحد فينا مسؤول طبعاً – ويقابلون المسؤولين عن الإذاعة والتلفاز ويحدثونهم عن تلك الأشياء التي تهدم المجتمع ، يجلسون مع المسؤول ، مع مدير التحرير ، مع المسؤول عن البث والإذاعة ، يقولون : أنت تؤذي المجتمع ، نحن نبني ، ألف واحد يبني ، أنت وحدك تهدم مجتمعاً كاملاً ، ربما الله يأخذ بأيديهم ، وبالتدريج يصطلح المجتمع .
المذيع:
 مقترح طيب أخي موسى بارك الله بك ، وشكراً لك ولاستفسارك معنا أيضاً .
 إذاً لنستمع إلى أبي قصي ومشاركته ، تفضل أبو قصي .
المستمع :
 السلام عليكم ، أطال الله في عمر دكتورنا الفاضل ، وجمعنا به في الفردوس الأعلى إن شاء الله .
الدكتور محمد راتب :
 بارك الله بك .
المستمع :
 آمين يا رب العالمين ، دكتور والله أنا ملتزم بفضل الله ، بالنسبة لسلامة القلب بفضل الله لا يوجد عداء بيني وبين أي مخلوق يخلق على وجه الأرض ، ولا أكره إنساناً ، وأنا ملتزم في الصلاة ، لكن في بعض الأحيان أشعر ببعض النفاق في داخلي ، لا يوجد نفاق ربما وسوسة شيطان ، لا أعرف ما رأي دكتورنا ؟

محاسبة الإنسان على الأعمال لا على الوساوس والخواطر :

الدكتور محمد راتب :

﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ(53)﴾

[ سورة الزمر]

 الله عز وجل .

﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ(222)﴾

[ سورة الزمر]

 النقطة الدقيقة : ما هي التوبة ؟ التوبة أولاً فيها ثلاثة أركان ، الركن الأول الندم على ما مضى ، الندم توبة ، ثانياً : الإقلاع عن هذه المخالفة ، ثالثاً : عقد العزم على ألا تعود إليها

﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾

المذيع:
 لو أن الإنسان تاب شيخ ، لكن وهو في العبادة .
الدكتور محمد راتب :
 يجب أن يتوب مرة ثانية ، وثالثة ، ورابعة ، الله توّاب .
المذيع:
 أحياناً تأتيه وسوسة بأنه منافق ، وأن الله لن يقبل منه صلاةً ، ولا صياماً .
الدكتور محمد راتب :
 الله عز وجل لا يحاسبك على الوساوس إطلاقاً .
المذيع:
 هذه الوساوس من الشيطان .
الدكتور محمد راتب :
 إلا بحالة واحدة ، أنت ارتحت لها ، وتابعتها ، الوساوس إذا أنت ارتحت لها تنقلب بعد ذلك إلى عمل .
المذيع:
 حتى لا يستسلم إلى هذه الوساوس يقول : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .
الدكتور محمد راتب :

﴿ وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ(200)﴾

[ سورة الزمر]

المذيع:
 إذاً الإنسان المؤمن الذي يتعبد قد يأتيه وسوسة من الشيطان أنك منافق ، وأن الله لا يقبل عملك ، عليه أن يستعيذ بالله من الشيطان .
الدكتور محمد راتب :
 لا تحاسب على الوساوس إطلاقاً ، لا تحاسب إلا على عمل اقترفته ، فعلته ، ظلمت ، أكلت مالاً حراماً ، أما الوساوس والخواطر فلا تحاسب عليها ، لكن أنا أنصح ألا تتابعها، استعذ بالله منها .
المذيع:
 ويحسن الظن أنه إن شاء الله ربنا يتقبل مني عملي ، أكرمكم الله شيخنا .
 أبو سند تفضل باتصال جديد ، أبو سند معنا على الهواء ، تفضل .
المستمع :
 السلام عليكم ، والله من ثلاثة أشهر أحاول أن أتكلم معكم كل يوم خميس ، كي أسمع صوت الشيخ ، وأقول له : يا شيخ والله إني أحبك في الله ، وإني أتابعك ، وأشكرك ، وأطلب من الله أن يبعث للأمة الإسلامية مثلك .
 سؤالي هو ، رجاء من الشيخ أنه يدعو لنا أن يفرج الله على الأمة الإسلامية وعلينا، ويبعد عنا الشر .

دعوات الدكتور راتب للأمة الإسلامية :

الدكتور محمد راتب :
 سوف أدعو لكم ست دعوات ، يحفظ إيمانكم ، وأهلكم ، وأولادكم ، وصحتكم ، ومالكم ، أهم واحدة السادسة : واستقرار هذه البلاد ، هذه نعمةٌ لا يعرفها إلا من فقدها .
المذيع:
 أسأل الله أن يفرج على الأمة في كل مكان ، شكراً لك أبو سند .
 لننتقل إلى أم جهاد ، تفضلي يا أم جهاد .
المستمعة :
 السلام عليكم ، سؤالي للدكتور : الآن رسول الله عليه الصلاة والسلام مدح القلب المخموم ، فأنا أقرأ كنت في كتاب ، فتحت حلقتكم كانت عن نفس الموضوع :

(( عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما : قَالَ : قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ : كُلُّ مَخْمُومِ الْقَلْبِ ، صَدُوقِ اللِّسَانِ ، قَالُوا : صَدُوقُ اللِّسَانِ نَعْرِفُهُ فَمَا مَخْمُومُ الْقَلْبِ قَالَ هُوَ التَّقِيُّ النَّقِيُّ لَا إِثْمَ فِيهِ وَلَا بَغْيَ وَلَا غِلَّ وَلَا حَسَدَ ))

[ابن ماجه عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما]

 دكتور ، أحياناً الإنسان يتعرض للأذى أو الظلم ، يكون في قلبه ألم أو غل على الإنسان الذي ظلمه أو أذاه ، هل الإنسان هنا لا يكون مخموم القلب ؟

الألم لا ينقض القبول بقضاء الله :

الدكتور محمد راتب :
 لا ، الألم لا ينقض القبول بقضاء الله ، شخص مثلاً بحاجة لشيء ليس مؤمناً ، يتألم ، وقف ابنه منه موقفاً غير لائق ، يحاسب ابنه ، والابن يتألم ، لكن لا يحاسب الأب على هذا الشيء .
المذيع:
 هي قصدها شيخنا ممكن مرات أن يؤذيك أحد ، فأنت تشعر بأن قلبك يحمل على هذا الإنسان ، هل هذا يجعل القلب غير سليم ؟
الدكتور محمد راتب :

﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُهِيناً(57)﴾

[ سورة الأحزاب]

 لا تؤذون الله ، تقنع ، أنا عبد مستقيم ، هذا آذى الله عز وجل .
المذيع:
 أي من الفطرة الإنسان يتأذى قلبه .
الدكتور محمد راتب :
 والنبي يؤذى .

﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ(5)﴾

[ سورة الصف]

 الإيذاء أنت تربي ولداً صالحاً ، جاء شخص أفسده لك ، ترك الصلاة ، صار يشاهد الأفلام مثلاً ، هذا إيذاء ، الإنسان قد يؤذي خالق الأكوان بمعصيته .
المذيع:
 لكن هذا لا يجعل المؤمن في قلبه غل على الناس .
الدكتور محمد راتب :
 لا ، أبداً ، هذه طبيعة البشر .
المذيع:
 أكرمكم الله شيخنا ، شكراً لكِ أختي أم جهاد .
 شيخنا نعود ، إلى سؤال أخينا موسى لم نجب عليه ، حينما تحدث بأنه هل من رابط بين سلامة القلب وبين السلوك ، فمشاهداته لبعض الناس ، ممكن في المسجد منتظم ، بعد المسجد لا .

الرابط بين سلامة القلب وبين السلوك :

الدكتور محمد راتب :
 كل الروابط ، من لم يكن له ورع يصده عن معصية الله لم يعبأ الله بشيء من عمله، هو الدين كله سلوك ، العبادات الشعائرية ، الصلاة ، والصوم ، والحج ، والزكاة عبادات شعائرية .
 يؤتى برجال يوم القيامة لهم أعمال كجبال تهامة يجعلها الله هباء منثوراً ، قيل : جلهم لنا ؟ قال : إنهم يصلون كما تصلون ، ويأخذون من الليل كما تأخذون ، ولكنهم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها ، الصلاة انتهت .

(( عن أبي هريرة رضي الله عنه : قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مَن لم يَدَعْ قولَ الزُّورِ والعمَلَ بِهِ ، فَليسَ للهِ حاجة فِي أَن يَدَعَ طَعَامَهُ وشَرَابَهُ ))

[البخاري وأبو داود والترمذي]

 راح الصيام .

﴿ قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْماً فَاسِقِينَ(53)﴾

[ سورة التوبة]

 راحت الزكاة ، الحج : من حج بمال حرام ووضع رجله في الركاب وقال : لبيك الله لبيك ، ينادى أن لا لبيك ولا سعديك ، وحجك مردود عليك .
 الشهادة : من قال لا إله إلا الله بحقها دخل الجنة ، قيل : وما حقها ؟ قال : أن تحجبه عن محارم الله .
 العبادات الخمسة لا تقطف ثمارها ، ولا تقبل من الله ، إلا إذا صحت العبادة التعاملية ، ما التعاملية ؟ والله يوجد حوالي خمسة آلاف بند ، التعاملية تبدأ من فراش الزوجية وتنتهي بالعلاقات الدولية .
المذيع:
 إذاً شيخنا ، نفهم من هذا الكلام بأن القلب السليم هو القلب الذي يسير على شرع الله .
الدكتور محمد راتب :
 لا يشتهي شهوةً لا ترضي الله ، ولا يصدق خبراً يتناقض مع وحي الله ، ولا يعبد إلا الله .
 تعريف دقيق جداً لعالم كبير : القلب السليم هو القلب الذي لا يشتهي شهوةً لا ترضي الله ، لا يشتهي الزنى ، ولا مال حرام ، ولا الربا ، ولا يصدق خبراً يتناقض مع وحي الله ، الله قال :

﴿ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ(58)﴾

[ سورة الذاريات]

 لا يصدق خبراً يتناقض مع القرآن ، ولا يعبد إلا الله ، هذا تعريف القلب السليم بدقة بالغة .
المذيع:
 جزء من المفهوم الصحيح للعبادة ألا تسيء لعباد الله ، هذه العبادة الصحيحة كما ذكرتم ، وفصلتم قبل قليل ، العبادة بشقيها الشعائرية والتعاملية .
 الله يفتح عليكم سيدنا ؛ نستأذن فضيلتكم شيخنا ، ومستمعينا الكرام ، ونقف من جديد إلى فاصل ، ونعود بعد ذلك للمزيد من أسئلتكم على أرقام البرنامج ، ومواصلة حوارنا مع فضيلة العلّامة المربي ، الدكتور محمد راتب النابلسي ، عن سلامة القلب .
 شيخنا الكريم كنا قبل الفاصل نتحدث في قول النبي عليه الصلاة والسلام :

(( إن الله لا ينظر إِلى أجسادكم ، ولا إِلى صُوَرِكم ، ولكن ينظر إِلى قلوبكم وأَعمالكم ))

 البعض شيخنا يفسر هذا الحديث بأن ربنا لا ينظر إلى صورنا ، معنى هذا أن الحجاب غير مهم ، اللحية غير مهمة ، وإنما ربنا رب قلوب ، ما هو الفهم الصحيح ؟

الله تعالى ينظر إلى القلب والعمل :

الدكتور محمد راتب :
 أعوذ بالله من هذا المعنى ، لا ينظر إلى مثلاً مساحة بيتك ، إلى نوع مركبتك ، إلى أناقتك ، إلى وسامتك ، ينظر إلى عملك الطيب ، إلى طاعتك لله ، إلى عملك الصالح ، إلى عباداتك ، ينظر إلى قلبك وعملك .
المذيع:
 هل الحجاب هو جزء من الشكل ؟
الدكتور محمد راتب :
 لا ، الحجاب أمر إلهي ، مع الأمر لا يوجد مناقشة إطلاقاً ، أنت تستطيع أن تلبس سادة ومقلماً ، ومربعاً ، لكن يوجد أشياء فيها حرمة ، هناك أشياء حرام لا تقدر .
المذيع:
 كالذهب مثلاً للرجال .
الدكتور محمد راتب :
 خيارك مع المباحات ، عندك عقائد ، عبادات ، معاملات ، أذواق ، هذا الدين فيه مباحات ، أردت أن تأكل وجبتين بالنهار ، أردت أن تأكل ثلاث مرات لحماً ، مشكلتك أنك أحببت ذلك فتشتري ما تريد ، عندك خمسة بدلات ، ممكن سبع ، هذا لا علاقة له .
المذيع:
 لكن حينما تأتي إلى فرائض كالحجاب وتتركها اختلف الأمر هنا .
الدكتور محمد راتب :
 نحن بالمنهج ، عملنا بالمنهج ، الآخر صار مباحاً .
المذيع:
 سيدنا ، في قول النبي الكريم عليه الصلاة والسلام .
الدكتور محمد راتب :
 عفواً ، المباح يوجد عندك مخالفتان ، الإسراف والتبذير ، الإسراف المبالغة في الحلال ، التبذير بالحرام .
المذيع:
 الله يفتح عليكم شيخنا ؛ في قول النبي عليه الصلاة والسلام :

(( عن أنس بن مالك رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ' لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسأنه ولا يدخل الجنة حتى يأمن جاره بوائقه ))

[أخرجه الإمام أحمد]

 هل اللسان مرتبط بالقلب لهذه الدرجة ؟

ارتباط القلب باللسان :

الدكتور محمد راتب :
 طبعاً ، قالت له : قصيرة ، إحدى زوجاته وصفت ضرتها أنها قصيرة ، قال لها : يا عائشة ! لقد قلت كلمة لو مزجت بمياه البحر لأفسدته .
 كلمة ثانية : لو أنت قرأت مقالة ، وأنا قرأت هذه المقالة ، أنت ضعيف لأنك أخلاقي ، أنت أخلاقي لأنك ضعيف ، تعرف السم ؟ هاتان الكلمتان سمّ رعاف ، لا ، أخلاقي لأنك مؤمن ، فقط هذه ، لا يوجد غير ذلك ، أنت تتبع منهج الله عز وجل .
المذيع:
 الله يفتح عليكم شيخنا ؛ إذاً سلامة اللسان مرتبطة كثيراً بسلامة القلب .
الدكتور محمد راتب :

(( عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول إِنَّ العبد ليتكلّم بالكلمة - مِنْ رضوان الله - لا يُلْقِي لها بالا ، يرفعه الله بها في الجنة . وإن العبد ليتكلم بالكلمة - من سَخَط الله - لا يُلْقِي لها بالا ، يهوي بها في جهنم ))

[أخرجه البخاري ومسلم والترمذي ومالك]

 إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم سبعين خريفاً ، حديث صحيح : إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالاً ، يهوي بها في جهنم سبعين خريفاً ، قالت له : قصيرة ، قال لها : يا عائشة ! لقد قلت كلمة لو مزجت بمياه البحر لأفسدته .
المذيع:
 كيف يحاول الإنسان شيخنا أن يبقي قلبه سليماً ؟

كيفية بقاء القلب سليماً :

الدكتور محمد راتب :
 سيدي ضبط اللسان جزء من الدين ، من عدّ كلامه من دينه فقد نجا .

المذيع:
 ماذا أيضاً شيخنا ؟ ماذا تنصح المستمعين في ختام الحلقة شيخنا إضافةً لضبط اللسان ؟
الدكتور محمد راتب :
 ضبط اللسان .
المذيع:
 وأيضاً .
الدكتور محمد راتب :
 يوجد طرفة خبيثة ، طرفة جنسية ، طرفة تكسر خاطر إنسان ، أحياناً أب لا يعدل بين بناته ، ابنته الأولى زوجها له مكانة كبيرة ، محترمة كثيراً ، والثانية أخلاقها عالية ، لكن زوجها أقل من زوج الأخت الأولى فيحترق قلبها .

(( عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال : اتقوا الظلم ، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة ، واتقوا الشُّحّ ، فإن الشحّ أهلك من كان قبلِكم حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلّوا محارمهم ))

[مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما]

المذيع:
 ماذا تنصح المستمعين أيضاً إضافة لضبط اللسان ؟
الدكتور محمد راتب :
 لا بد من طلب العلم ، إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم ، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم ، والعلم لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كلك ، فإذا أعطيته بعضك لم يعطك شيئاً .
المذيع:
 الله يفتح عليكم شيخنا ، وصلنا إلى الختام ، نختم حلقتنا بالدعاء .

الدعاء :

الدكتور محمد راتب :
 اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا ، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا ، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير ، وأصلح أمر ديننا إن شاء الله ، احفظ هذا البلد ، اجعله آمناً سخياً رخياً ، واحقن دماء المسلمين في كل مكان .

الاستماع للدرس

00:00/00:00

نص الزوار

إخفاء الصور