- ندوات إذاعية / ٠09برنامج حياة المسلم - إذاعة حياة إف إم
- /
- ٠3برنامج حياة المسلم 3
مقدمة :
المذيع:
الحمد لله رب العالمين ، يا ربنا صل وسلم ، أنعم وأكرم على نبينا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم .
السلام عليكم أينما كنتم مستمعينا الكرام ، وأهلاً ومرحباً بكم معنا من جديد على الهواء ، عبر أثير إذاعتكم إذاعة حياة fm ، نتواصل مستمعينا الكرام نحن وإياكم في هذه الحلقة المباشرة على الهواء ، عبر أثير إذاعتكم fm .
مع فضيلة العلّامة المربي الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي ، نواصل مشوارنا حياكم الله شيخنا الكريم .
الدكتور محمد راتب :
بارك الله بكم ، ونفع بكم ، وأعلى قدركم .
المذيع:
أهلاً وسهلاً بكم ، حديثنا شيخنا ، مستمعينا الكرام ، عن سلامة القلب ، نبدأ حلقتنا بقول الخالق سبحانه وتعالى :
﴿ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ(89) ﴾
وأيضاً من قول النبي عليه الصلاة والسلام :(( عن أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال : ' إِيَّاكُم والظَّنَّ ، فإنَّ الظنَّ أكذبُ الحديثِ ، ولا تَحَسَّسُوا ، ولا تَجسَّسُوا ، ولا تَنَافسُوا ، ولا تحاسَدُوا ، ولا تَبَاغضُوا ، ولا تَدَابَروا ، وكُونوا عبادَ اللهِ إِخواناً كما أمرَكُم ، المسلم أخو المسلم ، لا يظلِمُهُ ، ولا يَخْذُلُهُ ، ولا يَحْقِرُهُ . التقوى هاهنا ، التقوى هاهنا ، التقوى هاهنا - ويشير إِلى صدره - بِحَسْب امرئ من الشَّرِّ أن يَحْقِر أخاه المسلمَ ، كلُّ المسلمِ على المسلم حَرَام : دمُهُ ، وعِرْضُهُ ، ومَالُهُ . إِن الله لا ينظر إِلى أجسادكم ، ولا إِلى صُوَرِكم ، ولكن ينظر إِلى قلوبكم وأَعمالكم ))
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا جميعاً قلباً مستقيماً .شيخنا ؛ حينما نتحدث عن استقامة القلب ، وهذا المصطلح كثيراً ما يتم تداوله ضمن مصطلحات أخرى ، استقامة الجوارح واللسان ، وهذا ما كان في حلقاتٍ سابقة ، اليوم عن استقامة القلب .
حرص الإنسان على سلامته وسعادته :
الدكتور محمد راتب :
لكن لابد من مقدمةٍ تلقي ضوءاً على هذا الموضوع ؛ الإنسان في أدق تعريفاته : عقلٌ يدرك ، وقلبٌ يحب ، وجسمٌ يتحرك ، غذاء العقل العلم ، وغذاء القلب الحب ، الحب الذي يسمو بالإنسان ، وغذاء الجسم الطعام والشراب ، الطعام حلال ، وثمنه حلال ، فإذا غذى عقله بالعلم ، وقلبه بالحب ، وجسمه بطعامٍ حلال ، بثمنٍ حلال تألق ، ارتقى إلى الله ، سلم وسعد في الدنيا والآخرة ، طبق تعليمات الصانع ، والجهة الصانعة هي الجهة الوحيدة التي ينبغي أن تتبع تعليماتها ، لأنها الجهة الخبيرة .
شخص يمشي في طريق ، هناك لوحة : حقل ألغام ممنوع التجاوز ، إذا كان فهمه ساذجاً يُعد هذه اللوحة حداً لحريته ، وإن كان عميق الفهم ، يفهمها ضماناً لسلامته ، كل أوامر الله الإيجابية والسلبية ، الأوامر والنواهي لمصلحته ، ليست حداً لحريته بل ضماناً لسلامته.
مثلاً : الشهوة بالإنسان طاقة ، قوة ، كصفيحة البنزين تماماً ، ضع هذه الصفيحة في المستودع المحكم ، وهذا البنزين سال في الأنابيب المحكمة ، وانفجر في الوقت المناسب ، والمكان المناسب بالبستونات ، ولدت حركةً نافعةً أقلتك في العيد إلى العقبة ، نفس الصفيحة صُبها على المركبة ، أعطها شرارة ، أحرقت المركبة ومن فيها ، فالإنسان انطلاقه من حرصه على سلامته وسعادته .
أخي الكريم ؛ يوجد ثمانية مليارات إنسان ، لا يوجد فيهم واحد يحب الفقر ، ولا المرض ، ولا القهر ، لا يوجد فيهم واحد إلا يتمنى أن تكون زوجته صالحة ، وأولاده أبراراً ، وبناته محتشمات ، وبيته واسعاً ، ودخله معقولاً ، كل واحد ، ولا يوجد واحد لا يحب أن يعيش مئة وثلاثين سنة ، أن تحرص على سلامة وجودك ، وعلى كمال وجودك ، السلامة ؛ بالطعام والشراب ، والكمال بالزواج ، وتألق وجودك بالتفوق ، هذه مضمونة في الدين مئة بالمئة ، أي لا يوجد كلمة فيها مودة للنبي من الله تفوق هذه الكلمة .
﴿ وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ(48) ﴾
أي أنت غال جداً علينا ، مثل أب طبيب ، دخله كبير ، تزوج فتاة أحبها كثيراً ، لكنها لم تنجب ، ولا يوجد عنده رغبة ليزعجها بزوجة ثانية ، بعد عشر سنوات ، جاءه مولود آية في الجمال منها ، أحبه حباً جماً ، ثم اكتشف الطبيب الأب مع هذا المولود التهاب زائدة ، فيسمح باستئصال الزائدة بعد إجراء عملية جراحية ، هي المصائب كلها سميت مصائب لأنها تصيب الهدف .المذيع:
إذا أدرك الإنسان الهدف منها .
الدكتور محمد راتب :
أبداً ، رضي بها ، وعلامة المؤمن أن يرضى بها .
المذيع:
سبحان الله ! الله يفتح عليكم شيخنا ، سيدنا حينما نستخدم هذا المصطلح ونقول : سلامة القلب ، ما المراد به ؟
سلامة القلب :
الدكتور محمد راتب :
أي هذا القلب هو النفس ، هذا الإنسان بالأساس هو خائف ، شهواني ، هذه فطرته، عندما اتصل بالله أخذ منه الكمال ، أخذ منه العدل ، أخذ منه الحكمة ، أخذ منه الرحمة ، إذا أردتم رحمتي فارحموا خلقي ، عنده رحمة ، هذه الرحمة تجعله أحسن إنسان ، يتألق بالمجتمع ، يصبح محبوباً ، والله أعرف قصصاً عن أُناس كانوا رحماء ، كان لهم مكانة تفوق حدّ الخيال ، إذا أردتم رحمتي فارحموا خلقي .
والله أعرف شخصاً طلق زوجته ببلد آخر لسبب قاهر ، تركها في البيت ومصروفها كامل .
المذيع:
البيت بقي لها ؟
الدكتور محمد راتب :
لها مع أولادها ، والمصروف كامل ، الله يحب المحسنين سيدي .
المذيع:
شيخنا ؛ مثل هذا الرجل نقول : إن قلبه سليم ، لأنه مثلاً لم ينكل بها ، أو ينتقم منها .
الدكتور محمد راتب :
طبعاً أبداً ، الحقيقة ؛ القلب هو النفس هنا ، أي ذات الإنسان ، المؤمنة ، الكافرة ، المحسنة ، المسيئة ، الرحيمة ، الظالمة .
﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا(9) ﴾
أفلح ، ما الفلاح ؟ بيل غيتس يملك تسعين ملياراً ، أو ثلاثة وتسعين ملياراً ، جوبز سبعمئة مليار ، هذا ليس فلاحاً ، هذا نجاح فقط ، نجاح أحادي ، نجحت بكسب المال ، هناك شخص حكم اليابان سبعين سنة ، رئيس وزارة ، سبعون سنة ، الفلاح غير النجاح ، النجاح أحادي ، أما الفلاح فشمولي ، الفلاح أي عرفت الله ، فعبدته وأطعته ، وأحسنت إلى خلقه ، ودعوت إليه ، أولاً ، اخترت زوجة صالحة ، عفيفة ، مؤمنة ، صادقة ، ثانياً ، لك أولاد أبرار ، واخترت عملاً فيه عطاء .حدثني أخ كريم عن أضخم ملهى في دمشق ، بنت صاحب الملهى لو طلبت من أبيها مليوناً يعطيها ، تعمل معلمة بالريف ، وتأكل من دخلها فقط ، عندها قناعة مليار بالمئة أن مال والدها حرام ، والدها يملك الملايين ، لو طلبت منه مليوناً لا يسألها لماذا ؟ تعمل معلمة بالريف ، بريف دمشق ، وتتقاضى الراتب ، وتأكل من طعامها .
﴿ إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ(95) ﴾
أبوها ميت دينياً ، لأن عنده ملهى .المذيع:
إذاً القلب السليم هو الذي اتصل بالله ، واستقام على شرع الله .
القلب السليم هو القلب المتصل بالله والمستقيم على شرعه :
الدكتور محمد راتب :
هي مصطلحات عديدة ، عفواً .
﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ(185) ﴾
﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا(10) ﴾
هي النفس ، مركز النفس القلب .المذيع:
الله يفتح عليكم ؛ والقلب السليم إذاً شيخنا هو الذي بالكلام يكون قد استقام على شرع الله .
الدكتور محمد راتب :
القلب السليم ؛ هذا القلب الذي لا يشتهي شهوةً لا ترضي الله .
المذيع:
ليس لا يفعلها ، لا يشتهيها .
الدكتور محمد راتب :
لا يشتهي الزنا ، لكن طبعاً هو يرقى هكذا ، الإنسان أول شيء يشتهي الزنا ، ويشتهي المال ولو كان حراماً ، عندما يخاف من الله يرتفع لمستوى الشرع ، كان هناك إرادة قوية وحزم ، أما عندما عرف الحق ، صار الشرع متناغماً معه .
المذيع:
سيدنا ؛ صوب لي إذا كان فهمي خاطئاً : إذا كان الإنسان بفطرته يميل إلى الشهوات ، فكلما ضبط جوارحه على شرع الله كلما بدأ قلبه يتهذب أكثر .
الدكتور محمد راتب :
هذا يسمونه التصعيد ، ارتقت أذواقه .
المذيع:
حتى يصل إلى مرحلة لا يشتهي الحرام ، هنا يكون القلب السليم .
الدكتور محمد راتب :
نعم والله .
المذيع:
سبحان الله ! حتى لو كان مسلماً منضبطاً اشتهى الحرام ولم يفعله قلبه سليم .
الدكتور محمد راتب :
رمضان ، الحرارة حوالي أربعين درجة ، وأطول يوم بالسنة ، وهو لوحده في البيت، والبراد فيه مياه ، وشراب ، وعصير ، وماء ، ما الذي منعه أن يشرب ؟
المذيع:
مخافة الله .
الدكتور محمد راتب :
هذا الدين .
المذيع:
لكن سيدنا لو اشتهى هذا الشراب ، لكنه لم يشربه ؟
الدكتور محمد راتب :
الشهوة موجودة .
المذيع:
هل يعتبر قلبه غير سليم ؟
الدكتور محمد راتب :
لا ، أبداً.
المذيع:
المهم ألا يقع في الحرام .
الدكتور محمد راتب :
هناك قواعد عامة ، هذا الإنسان ، رأيت منظر بحر ، وأمامه جبل أخضر ، هذا منظر جميل ، هل تستطيع أن تقول : إنك لا تحبه ؟ كل الناس يحبونه ، خذها على النساء نفس الشيء .
المذيع:
سبحان الله ! إذاً هو القلب الذي يبتعد عن الحرام .
الدكتور محمد راتب :
لا يشتهي شهوةً لا ترضي الله .
المذيع:
حتى يصل لهذه المرحلة ، الخطوة الأولى شيخنا ، لا يشتهي ما يغضب الله ، ثم ؟
الدكتور محمد راتب :
ولا ينكر حكم الله ، ويتناغم معه .
المذيع:
جميل ! إذاً هو شعورٌ في القلب وتطبيقٌ بالجوارح ، الله يفتح عليكم .
موسوعة النابلسي للعلوم الإسلامية هي الموقع الإلكتروني الأول بالعالم :
الدكتور محمد راتب :
يوجد عندي كُتيبان يؤخذان من الموقع مجاناً ، الأول : سُبل الوصول وعلامات القبول ، هذا الكتاب ينسحب من الإنترنت مجاناً ، واحد أعمال الجوارح وواحد أعمال القلوب ، سبل الوصول إلى الله بقلبك وبجوارحك .
المذيع:
إذاً اسم الكتاب : سُبل الوصول وعلامات القبول .
الدكتور محمد راتب :
جزءان أعمال القلوب ، أعمال الجوارح ، يؤخذ من الموقع مجاناً ، يوجد مكان تحميل كُتب ، كتاب بكامله عبارة عن مئتي صفحة ، بغلافه ، بمقدمته مجاناً .
المذيع:
الله يفتح عليكم سيدنا ؛ ننوه للمستمعين ، موقع فضيلة الشيخ اسمه : موسوعة النابلسي للعلوم الإسلامية ، وهو الموقع الإلكتروني الأول بالعالم ، وهو أيضاً تطبيق عبر الجوالات بإمكانكم أن تقوموا بتحميله ، والاطلاع على كل دروس وخطب شيخنا ، خلال السنوات الدعوية .
الدكتور محمد راتب :
كلمة صغيرة ، هذا الموقع فيه أربعة مستطيلات فوق ، أنت راكب سيارتك والطريق طويل ، أردت أن تسمع موضوعاً ، أول قسم الصوتي ، أنت داعية تحضر موضوعاً ، النصي ، جالس بسهرة ويوجد معك أولادك وأقرباؤك ، وهناك موضوع يهمك يعرفونه ، صار المرئي ، كل شيء بالموقع إما أن تأخذه صوتياً ، أو نصياً ، أو مرئياً ، والفتاوى رقم أربعة .
المذيع:
الله يفتح عليكم شيخنا ؛ ما شاء الله عليكم ! إذاً موسوعة النابلسي للعلوم الإسلامية كموقع وكتطبيق .
نستأذنكم شيخنا الكريم ، مستمعينا الكرام ، إلى فاصل قصير ، ونعود معاً بعد ذلك على الهواء عبر أثير إذاعتكم حياة fm ، لنواصل هذه الحلقة ، وعنوانها سلامة القلب ، مع فضيلة العلّامة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي ، لك بعد الفاصل .
حياكم الله مستمعينا الأكارم ، من جديد على الهواء اهلاً وسهلاً بكم ، عبر أثير إذاعتكم حياة fm .
شيخنا الكريم ، كنا نتحدث عن سلامة القلب ، ننتقل شيخنا إلى حديث النبي الكريم الذي بدأنا فيه حلقتنا ، في قوله عليه الصلاة والسلام :
(( إِن الله لا ينظر إِلى أجسادكم ، ولا إِلى صُوَرِكم ، ولكن ينظر إِلى قلوبكم وأَعمالكم ))
مبادئ العقل :
الدكتور محمد راتب :
لكن ممكن أن نتابع ما هو العقل ؟ العقل أعقد جهاز بالكون ، والعقل عاجز عن فهم ذاته ، فقط الشيء الذي بين أيدينا ، والعقل له مبادئ ثلاث : مبدأ السببية ، والغائية ، وعدم التناقض ، أي لا تصدق أنك أنت غادرت بيتك ، وأطفأت الكهرباء كلياً ، وغبت شهراً ، رجعت فوجدت الإضاءة متقدة بالبيت ، لماذا تقلق ؟ تقول : لقد أطفأتهم من دخل البيت بغيابنا ؟ أنت لا تقبل شيئاً حدث بلا سبب ، مبدأ السببية .
لو فرضنا أن شخصاً متهم بجريمة بحلب ، وأثبت بوثيقة من وزير معتمد أنه كان عندي بهذا الوقت ، التغى الاتهام ، لا يقبل التناقض ، السببية ، والغائية ، وعدم التناقض .
ما الغائية ؟ تكون راكباً سيارتك ، تجد شاحنة ضخمة نازل منها سلسلة ، وفيها حديدة موصولة بالأرض ، أنت لا علاقة لك بالشحن إطلاقاً ، لا علاقة لك بهذا الموضوع كلياً ، لكن عندك حاجة عقلية ، هي لماذا ؟ إذا جاءت صاعقة تمتصها إلى الأرض ، فأنت عندك بالعقل حاجة لفهم كل شيء ، من خلال ثلاثة مبادئ ، السببية ، والغائية ، وعدم التناقض .
المذيع:
الله يفتح عليكم شيخنا ، جميل !
شيخنا ؛ ما العلاقة بين القلب والعقل ؟ هل القلب يؤثر على العقل والعقل يؤثر على القلب ؟
العلاقة بين القلب والعقل :
الدكتور محمد راتب :
القلب مركز النفس ، والعقل بترجمته الآن الفكر ، الدماغ فقط .
المذيع:
من يؤثر على الآخر ؟
الدكتور محمد راتب :
الحقيقة أن الفكر عندما يكون متمرساً ، ومتكرراً ، تنتقل المعلومة للقلب ، ما الدليل؟
﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ(179) ﴾
تجربة ، اثنتا ، ثلاث ، أربع ، خمس ، ست ، الفكر أدركها ، ترسخت بالقلب ، الآن صار القلب أداة العقل ، وهذا الشيء اكتشفوه حديثاً ، هناك تجارب دقيقة جداً أجروها ، الإنسان الحي يتبدل فيه كل شيء كل خمس سنوات ، جهازه العظمي ، واللحمي ، والأعصاب ، كل شيء بالإنسان يتبدل كل خمس سنوات ، أقصر خلية الأمعاء الدقيقة ؛ عمرها ثمان وأربعون ساعة فقط، أطول خلية العظام خمس سنوات ، فأنت تتبدل كلياً كل خمس سنوات .المذيع:
الخلايا تتغير ، سبحان الله !
الدكتور محمد راتب :
كل خمس سنوات أطول شيء ، وهناك أجزاء من الخلايا تتبدل كل يومين فقط ، الخاصة بالأمعاء ، إلا القلب والعقل لا تتبدل الخلايا أبداً ، شخص درس ، معه هندسة ، الأخ ماذا يعمل ؟ والله كنت مهندساً ، لما تبدلت الخلايا طارت معلوماته كلها ، العقل للأفكار ، والقلب للأذواق .
المذيع:
الله يفتح عليكم شيخنا ؛ سنستأذنكم بجولتنا الأولى من مشاركات مستمعينا الكرام .
معنا عبد المعين ، من المملكة العربية السعودية ، تفضل يا عبد المعين .
أسئلة وأجوبة :
المستمع :السلام عليكم ، أسعد الله مساءك دكتور ، دكتور أنا عندي مشكلة عائلية بالبيت ، وضغط على القلب ، الولد عاق عندي ، صار يتطاول عليّ ، هو وأمه تطاولا عليّ ، والآن الولاية سحبوها من الأب .
المذيع:
أخي عبد المعين ، نستسمحك ، قضية خاصة وهي خارج موضوع الحلقة ، هل لك أن تتصل بعد البرنامج مباشرة ، وإن شاء الله تتكلم مع الشيخ ، لأن القضية خاصة .
المستمع :
لكن أريد أن أقول له أن الموضوع فقط بكلمتين ، إذا كان القلب ينبض ، أنا أريد أن أدعو رب العالمين ، أشكو أمري إلى الله بهذا الموضوع ، بالأولاد ، أدعو على ولدي ، أم أرضى على ولدي ؟
الدعوة للأولاد بالصلاح :
الدكتور محمد راتب :
لا ، ادع له بالصلاح ، هذا الأكمل .
المستمع :
أنا تأذيت منه ومن زوجتي كثيراً .
الدكتور محمد راتب :
نعم ، ادع لهما بالصلاح .
المستمع :
وعلماً إني أنا بار والحمد لله رب العالمين ، لكن والدي ووالدتي قد توفيا .
الدكتور محمد راتب :
حقك عند الله محفوظ ، لن تضام إطلاقاً ، البطولة ألا تكون مخطئاً .
المستمع :
والله الحمد لله رب العالمين ، فضل من رب العالمين ، دكتور أنا حججت ثلاث حجج ، وملتزم بنور ربي ، وملتزم معكم ، الحمد لله رب العالمين ، من حوالي عشرين سنة دكتور ونحن ملتزمون ، نحن من سورية صار عندنا الوضع بسوريا كما تعلم .
المذيع:
أخي عبد المعين شكراً لك ، إن شاء الله يكون جواب الشيخ وافياً ، نسأل الله أن يصلح الأحوال ، شكراً لك ولاتصالك .
لننتقل إلى موسى ، تفضل أخي موسى .
المستمع :
السلام عليكم ، تحياتنا لك ولشيخنا الجليل ، حفظه الله ، وإذا بلغتك أمانة تُقَبِلهُ عني.
المذيع:
بعد الكورونا ، سيدنا لا أسلم حتى بالكورونا ، ولنا الشرف أن نقبّل يده ورأسه .
المستمع :
حفظك الله من كل سوء ، بالنسبة لسلامة القلب وسلامة المجتمع ، عندما تنزل إلى المجتمع ، و إلى السوق ، وبين الناس ، تشعر أن الصلاة عندنا عادة وليست عبادة ، تشعر بالغش في السوق ، عدم سلامة القلب ، اللباس السافر ، المجتمعات سافرة ، أقول : لو يجلس شيخنا وعلّامتنا الدكتور مع المشايخ - وكل واحد فينا مسؤول طبعاً – ويقابلون المسؤولين عن الإذاعة والتلفاز ويحدثونهم عن تلك الأشياء التي تهدم المجتمع ، يجلسون مع المسؤول ، مع مدير التحرير ، مع المسؤول عن البث والإذاعة ، يقولون : أنت تؤذي المجتمع ، نحن نبني ، ألف واحد يبني ، أنت وحدك تهدم مجتمعاً كاملاً ، ربما الله يأخذ بأيديهم ، وبالتدريج يصطلح المجتمع .
المذيع:
مقترح طيب أخي موسى بارك الله بك ، وشكراً لك ولاستفسارك معنا أيضاً .
إذاً لنستمع إلى أبي قصي ومشاركته ، تفضل أبو قصي .
المستمع :
السلام عليكم ، أطال الله في عمر دكتورنا الفاضل ، وجمعنا به في الفردوس الأعلى إن شاء الله .
الدكتور محمد راتب :
بارك الله بك .
المستمع :
آمين يا رب العالمين ، دكتور والله أنا ملتزم بفضل الله ، بالنسبة لسلامة القلب بفضل الله لا يوجد عداء بيني وبين أي مخلوق يخلق على وجه الأرض ، ولا أكره إنساناً ، وأنا ملتزم في الصلاة ، لكن في بعض الأحيان أشعر ببعض النفاق في داخلي ، لا يوجد نفاق ربما وسوسة شيطان ، لا أعرف ما رأي دكتورنا ؟
محاسبة الإنسان على الأعمال لا على الوساوس والخواطر :
الدكتور محمد راتب :
﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ(53)﴾
الله عز وجل .﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ(222)﴾
النقطة الدقيقة : ما هي التوبة ؟ التوبة أولاً فيها ثلاثة أركان ، الركن الأول الندم على ما مضى ، الندم توبة ، ثانياً : الإقلاع عن هذه المخالفة ، ثالثاً : عقد العزم على ألا تعود إليها﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾
المذيع:لو أن الإنسان تاب شيخ ، لكن وهو في العبادة .
الدكتور محمد راتب :
يجب أن يتوب مرة ثانية ، وثالثة ، ورابعة ، الله توّاب .
المذيع:
أحياناً تأتيه وسوسة بأنه منافق ، وأن الله لن يقبل منه صلاةً ، ولا صياماً .
الدكتور محمد راتب :
الله عز وجل لا يحاسبك على الوساوس إطلاقاً .
المذيع:
هذه الوساوس من الشيطان .
الدكتور محمد راتب :
إلا بحالة واحدة ، أنت ارتحت لها ، وتابعتها ، الوساوس إذا أنت ارتحت لها تنقلب بعد ذلك إلى عمل .
المذيع:
حتى لا يستسلم إلى هذه الوساوس يقول : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .
الدكتور محمد راتب :
﴿ وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ(200)﴾
المذيع:إذاً الإنسان المؤمن الذي يتعبد قد يأتيه وسوسة من الشيطان أنك منافق ، وأن الله لا يقبل عملك ، عليه أن يستعيذ بالله من الشيطان .
الدكتور محمد راتب :
لا تحاسب على الوساوس إطلاقاً ، لا تحاسب إلا على عمل اقترفته ، فعلته ، ظلمت ، أكلت مالاً حراماً ، أما الوساوس والخواطر فلا تحاسب عليها ، لكن أنا أنصح ألا تتابعها، استعذ بالله منها .
المذيع:
ويحسن الظن أنه إن شاء الله ربنا يتقبل مني عملي ، أكرمكم الله شيخنا .
أبو سند تفضل باتصال جديد ، أبو سند معنا على الهواء ، تفضل .
المستمع :
السلام عليكم ، والله من ثلاثة أشهر أحاول أن أتكلم معكم كل يوم خميس ، كي أسمع صوت الشيخ ، وأقول له : يا شيخ والله إني أحبك في الله ، وإني أتابعك ، وأشكرك ، وأطلب من الله أن يبعث للأمة الإسلامية مثلك .
سؤالي هو ، رجاء من الشيخ أنه يدعو لنا أن يفرج الله على الأمة الإسلامية وعلينا، ويبعد عنا الشر .
دعوات الدكتور راتب للأمة الإسلامية :
الدكتور محمد راتب :
سوف أدعو لكم ست دعوات ، يحفظ إيمانكم ، وأهلكم ، وأولادكم ، وصحتكم ، ومالكم ، أهم واحدة السادسة : واستقرار هذه البلاد ، هذه نعمةٌ لا يعرفها إلا من فقدها .
المذيع:
أسأل الله أن يفرج على الأمة في كل مكان ، شكراً لك أبو سند .
لننتقل إلى أم جهاد ، تفضلي يا أم جهاد .
المستمعة :
السلام عليكم ، سؤالي للدكتور : الآن رسول الله عليه الصلاة والسلام مدح القلب المخموم ، فأنا أقرأ كنت في كتاب ، فتحت حلقتكم كانت عن نفس الموضوع :
(( عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما : قَالَ : قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ : كُلُّ مَخْمُومِ الْقَلْبِ ، صَدُوقِ اللِّسَانِ ، قَالُوا : صَدُوقُ اللِّسَانِ نَعْرِفُهُ فَمَا مَخْمُومُ الْقَلْبِ قَالَ هُوَ التَّقِيُّ النَّقِيُّ لَا إِثْمَ فِيهِ وَلَا بَغْيَ وَلَا غِلَّ وَلَا حَسَدَ ))
دكتور ، أحياناً الإنسان يتعرض للأذى أو الظلم ، يكون في قلبه ألم أو غل على الإنسان الذي ظلمه أو أذاه ، هل الإنسان هنا لا يكون مخموم القلب ؟الألم لا ينقض القبول بقضاء الله :
الدكتور محمد راتب :
لا ، الألم لا ينقض القبول بقضاء الله ، شخص مثلاً بحاجة لشيء ليس مؤمناً ، يتألم ، وقف ابنه منه موقفاً غير لائق ، يحاسب ابنه ، والابن يتألم ، لكن لا يحاسب الأب على هذا الشيء .
المذيع:
هي قصدها شيخنا ممكن مرات أن يؤذيك أحد ، فأنت تشعر بأن قلبك يحمل على هذا الإنسان ، هل هذا يجعل القلب غير سليم ؟
الدكتور محمد راتب :
﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُهِيناً(57)﴾
لا تؤذون الله ، تقنع ، أنا عبد مستقيم ، هذا آذى الله عز وجل .المذيع:
أي من الفطرة الإنسان يتأذى قلبه .
الدكتور محمد راتب :
والنبي يؤذى .
﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ(5)﴾
الإيذاء أنت تربي ولداً صالحاً ، جاء شخص أفسده لك ، ترك الصلاة ، صار يشاهد الأفلام مثلاً ، هذا إيذاء ، الإنسان قد يؤذي خالق الأكوان بمعصيته .المذيع:
لكن هذا لا يجعل المؤمن في قلبه غل على الناس .
الدكتور محمد راتب :
لا ، أبداً ، هذه طبيعة البشر .
المذيع:
أكرمكم الله شيخنا ، شكراً لكِ أختي أم جهاد .
شيخنا نعود ، إلى سؤال أخينا موسى لم نجب عليه ، حينما تحدث بأنه هل من رابط بين سلامة القلب وبين السلوك ، فمشاهداته لبعض الناس ، ممكن في المسجد منتظم ، بعد المسجد لا .
الرابط بين سلامة القلب وبين السلوك :
الدكتور محمد راتب :
كل الروابط ، من لم يكن له ورع يصده عن معصية الله لم يعبأ الله بشيء من عمله، هو الدين كله سلوك ، العبادات الشعائرية ، الصلاة ، والصوم ، والحج ، والزكاة عبادات شعائرية .
يؤتى برجال يوم القيامة لهم أعمال كجبال تهامة يجعلها الله هباء منثوراً ، قيل : جلهم لنا ؟ قال : إنهم يصلون كما تصلون ، ويأخذون من الليل كما تأخذون ، ولكنهم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها ، الصلاة انتهت .
(( عن أبي هريرة رضي الله عنه : قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مَن لم يَدَعْ قولَ الزُّورِ والعمَلَ بِهِ ، فَليسَ للهِ حاجة فِي أَن يَدَعَ طَعَامَهُ وشَرَابَهُ ))
راح الصيام .﴿ قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْماً فَاسِقِينَ(53)﴾
راحت الزكاة ، الحج : من حج بمال حرام ووضع رجله في الركاب وقال : لبيك الله لبيك ، ينادى أن لا لبيك ولا سعديك ، وحجك مردود عليك .الشهادة : من قال لا إله إلا الله بحقها دخل الجنة ، قيل : وما حقها ؟ قال : أن تحجبه عن محارم الله .
العبادات الخمسة لا تقطف ثمارها ، ولا تقبل من الله ، إلا إذا صحت العبادة التعاملية ، ما التعاملية ؟ والله يوجد حوالي خمسة آلاف بند ، التعاملية تبدأ من فراش الزوجية وتنتهي بالعلاقات الدولية .
المذيع:
إذاً شيخنا ، نفهم من هذا الكلام بأن القلب السليم هو القلب الذي يسير على شرع الله .
الدكتور محمد راتب :
لا يشتهي شهوةً لا ترضي الله ، ولا يصدق خبراً يتناقض مع وحي الله ، ولا يعبد إلا الله .
تعريف دقيق جداً لعالم كبير : القلب السليم هو القلب الذي لا يشتهي شهوةً لا ترضي الله ، لا يشتهي الزنى ، ولا مال حرام ، ولا الربا ، ولا يصدق خبراً يتناقض مع وحي الله ، الله قال :
﴿ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ(58)﴾
لا يصدق خبراً يتناقض مع القرآن ، ولا يعبد إلا الله ، هذا تعريف القلب السليم بدقة بالغة .المذيع:
جزء من المفهوم الصحيح للعبادة ألا تسيء لعباد الله ، هذه العبادة الصحيحة كما ذكرتم ، وفصلتم قبل قليل ، العبادة بشقيها الشعائرية والتعاملية .
الله يفتح عليكم سيدنا ؛ نستأذن فضيلتكم شيخنا ، ومستمعينا الكرام ، ونقف من جديد إلى فاصل ، ونعود بعد ذلك للمزيد من أسئلتكم على أرقام البرنامج ، ومواصلة حوارنا مع فضيلة العلّامة المربي ، الدكتور محمد راتب النابلسي ، عن سلامة القلب .
شيخنا الكريم كنا قبل الفاصل نتحدث في قول النبي عليه الصلاة والسلام :
(( إن الله لا ينظر إِلى أجسادكم ، ولا إِلى صُوَرِكم ، ولكن ينظر إِلى قلوبكم وأَعمالكم ))
البعض شيخنا يفسر هذا الحديث بأن ربنا لا ينظر إلى صورنا ، معنى هذا أن الحجاب غير مهم ، اللحية غير مهمة ، وإنما ربنا رب قلوب ، ما هو الفهم الصحيح ؟الله تعالى ينظر إلى القلب والعمل :
الدكتور محمد راتب :
أعوذ بالله من هذا المعنى ، لا ينظر إلى مثلاً مساحة بيتك ، إلى نوع مركبتك ، إلى أناقتك ، إلى وسامتك ، ينظر إلى عملك الطيب ، إلى طاعتك لله ، إلى عملك الصالح ، إلى عباداتك ، ينظر إلى قلبك وعملك .
المذيع:
هل الحجاب هو جزء من الشكل ؟
الدكتور محمد راتب :
لا ، الحجاب أمر إلهي ، مع الأمر لا يوجد مناقشة إطلاقاً ، أنت تستطيع أن تلبس سادة ومقلماً ، ومربعاً ، لكن يوجد أشياء فيها حرمة ، هناك أشياء حرام لا تقدر .
المذيع:
كالذهب مثلاً للرجال .
الدكتور محمد راتب :
خيارك مع المباحات ، عندك عقائد ، عبادات ، معاملات ، أذواق ، هذا الدين فيه مباحات ، أردت أن تأكل وجبتين بالنهار ، أردت أن تأكل ثلاث مرات لحماً ، مشكلتك أنك أحببت ذلك فتشتري ما تريد ، عندك خمسة بدلات ، ممكن سبع ، هذا لا علاقة له .
المذيع:
لكن حينما تأتي إلى فرائض كالحجاب وتتركها اختلف الأمر هنا .
الدكتور محمد راتب :
نحن بالمنهج ، عملنا بالمنهج ، الآخر صار مباحاً .
المذيع:
سيدنا ، في قول النبي الكريم عليه الصلاة والسلام .
الدكتور محمد راتب :
عفواً ، المباح يوجد عندك مخالفتان ، الإسراف والتبذير ، الإسراف المبالغة في الحلال ، التبذير بالحرام .
المذيع:
الله يفتح عليكم شيخنا ؛ في قول النبي عليه الصلاة والسلام :
(( عن أنس بن مالك رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ' لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسأنه ولا يدخل الجنة حتى يأمن جاره بوائقه ))
هل اللسان مرتبط بالقلب لهذه الدرجة ؟ارتباط القلب باللسان :
الدكتور محمد راتب :
طبعاً ، قالت له : قصيرة ، إحدى زوجاته وصفت ضرتها أنها قصيرة ، قال لها : يا عائشة ! لقد قلت كلمة لو مزجت بمياه البحر لأفسدته .
كلمة ثانية : لو أنت قرأت مقالة ، وأنا قرأت هذه المقالة ، أنت ضعيف لأنك أخلاقي ، أنت أخلاقي لأنك ضعيف ، تعرف السم ؟ هاتان الكلمتان سمّ رعاف ، لا ، أخلاقي لأنك مؤمن ، فقط هذه ، لا يوجد غير ذلك ، أنت تتبع منهج الله عز وجل .
المذيع:
الله يفتح عليكم شيخنا ؛ إذاً سلامة اللسان مرتبطة كثيراً بسلامة القلب .
الدكتور محمد راتب :
(( عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول إِنَّ العبد ليتكلّم بالكلمة - مِنْ رضوان الله - لا يُلْقِي لها بالا ، يرفعه الله بها في الجنة . وإن العبد ليتكلم بالكلمة - من سَخَط الله - لا يُلْقِي لها بالا ، يهوي بها في جهنم ))
إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم سبعين خريفاً ، حديث صحيح : إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالاً ، يهوي بها في جهنم سبعين خريفاً ، قالت له : قصيرة ، قال لها : يا عائشة ! لقد قلت كلمة لو مزجت بمياه البحر لأفسدته .المذيع:
كيف يحاول الإنسان شيخنا أن يبقي قلبه سليماً ؟
كيفية بقاء القلب سليماً :
الدكتور محمد راتب :
سيدي ضبط اللسان جزء من الدين ، من عدّ كلامه من دينه فقد نجا .
المذيع:
ماذا أيضاً شيخنا ؟ ماذا تنصح المستمعين في ختام الحلقة شيخنا إضافةً لضبط اللسان ؟
الدكتور محمد راتب :
ضبط اللسان .
المذيع:
وأيضاً .
الدكتور محمد راتب :
يوجد طرفة خبيثة ، طرفة جنسية ، طرفة تكسر خاطر إنسان ، أحياناً أب لا يعدل بين بناته ، ابنته الأولى زوجها له مكانة كبيرة ، محترمة كثيراً ، والثانية أخلاقها عالية ، لكن زوجها أقل من زوج الأخت الأولى فيحترق قلبها .
(( عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال : اتقوا الظلم ، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة ، واتقوا الشُّحّ ، فإن الشحّ أهلك من كان قبلِكم حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلّوا محارمهم ))
المذيع:ماذا تنصح المستمعين أيضاً إضافة لضبط اللسان ؟
الدكتور محمد راتب :
لا بد من طلب العلم ، إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم ، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم ، والعلم لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كلك ، فإذا أعطيته بعضك لم يعطك شيئاً .
المذيع:
الله يفتح عليكم شيخنا ، وصلنا إلى الختام ، نختم حلقتنا بالدعاء .
الدعاء :
الدكتور محمد راتب :
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا ، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا ، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير ، وأصلح أمر ديننا إن شاء الله ، احفظ هذا البلد ، اجعله آمناً سخياً رخياً ، واحقن دماء المسلمين في كل مكان .