وضع داكن
27-04-2024
Logo
حياة المسلم 3 - إذاعة حياة إف إم : الحلقة 05 - ضاقت الأرض
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

الدكتور راتب :
 بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين ، وعلى صحابته الغر الميامين ، أمناء دعوته ، وقادة ألويته ، وارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم ، إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
المذيع :
 آمين ، بسم الله الرحمن الرحيم ، والحمد لله رب العالمين ، يا ربنا صل وسلم ، أنعم وأكرم على نبينا ورسولنا محمدٍ صلوات الله وسلامه عليه ، حياكم الله شيخنا الكريم .
الدكتور راتب :
 بارك الله بكم ، ونفع بكم ، وأعلى قدركم .
المذيع :
 الله يحفظكم يا دكتور ، وينفعنا بعلمكم ، ويمد في عمركم ، ضاقت الأرض هذا هو عنواننا لهذا اليوم في نقاشنا مع دكتورنا الحبيب ، ونبدأ حلقتنا بقول الخالق سبحانه وتعالى ، بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، الآية الثامنة عشرة بعد المئة من سورة التوبة :

﴿ وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾

[ سورة التوبة : 118]

 شيخنا الفاضل ، اليوم تضيق الأرض على أصحابها ، تضيق مجازاً ، وتضيق بأنفسهم بما رحبت ، من كثرة الهموم والغموم والانتكاسات التي تمر بها الأمة ، ما هو الملجأ ؟ وما هو المنجى ؟

 

الله عز وجل الذات الكاملة هو أصل الجمال والكمال والنوال :

الدكتور راتب :
 أولاً حقيقةً ومجازاً معاً ، الآية تقول :

﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً ﴾

[ سورة طه :124]

 هذه ضاقت .

الله أصل الجمال وتجلى جماله على كل شيء

﴿ وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى ﴾

[ سورة طه :124 ـ 126]

 لذلك الله عز وجل الذات الكاملة ، أصل الجمال والكمال والنوال ، فإما أن تتصل به اتصالاً حقيقياً ، أساسه معرفته أولاً ، ومعرفة منهجه ثانياً ، والخضوع لمنهجه ثالثاً ، والإحسان إلى خلقه رابعاً ، إنك إن فعلت هذا كان لك خطٌ ساخن مع الله ، هذا الخط يسهل لك السبيل .
 فلذلك هذه العين البشرية لو أن إنساناً فحص عينيه عند طبيب عيون ، وكان الجواب تمام وكمال مئة بالمئة ، يعني ستة من ستة ، ودخل إلى غرفةٍ مظلمةٍ ، ودخل معه إنسان فاقد البصر يستويان معاً ، لأنه لن يرَ بهذه العين إلا بوسيط من ضوءٍ ، هذا الضوء يتوسط بين العين وبين المرئي ، تمام واضحة ؟
المذيع :
 نعم .

 

في عقل الإنسان ثلاثة مبادئ مبدأ السببية والغائية وعدم التناقض :

الدكتور راتب :
 الآن أعطانا الله عقلاً ، العقل فيه ثلاثة مبادئ ، مبدأ السببية ، والغائية ، وعدم التناقض ، فالإنسان لا يفهم شيء بلا سبب ، لو أنه أراد أن يسافر سفراً طويلاً ، وألغى الكهرباء من بيته كلياً ، وأقفل البيت ، وبعد شهر عاد فإذا الضوء متألق في البيت ، لماذا يضطرب ؟ لأن عقله يقول : لا يمكن أن تتألق هذه المصابيح إلا بفعل فاعل ، هذا مبدأ السببية .
 العقل يدرك الأشياء بأسبابها
وقد تمشي في طريقٍ سفري ، تجد شاحنة كبيرة ، في مؤخرتها سلسلة مع قطعة حديد تلمس الطريق ، فأنت لا علاقة لك بالشحن ، ولا بالنقل ، ولا بالسفر ، لكن عقلك يحتار لمَ هذه الحديدة ؟ لو سألت الخبراء لقالوا : إذا جاءت صاعقة لهذه الشاحنة ، هذه السلسلة مع قطعة الحديد المتصلة في الأرض تفرغ هذه الشحنة .
 مرةً وجدت قرصاً من البلور ، يعني له حرف ، فإن وضعته في الحليب ، الحليب لا يفور ، يعني لا يرتفع إلى درجة أنه يتسرب من أطراف الآنية ، والله اشتريته ووضعته شيء رائع جداً ، لكن بقي عندي فضول عقلي لم أفهم السبب ، كيف ؟ ما الذي حصل ؟ هذا القرص البلوري الذي هو له جوانب ، والجانب مفتوح من طرف واحد ، سألت وبحثت لفترة طويلة ، حتى علمت أن الحليب حينما يأتيه النار من تحته يرتفع بفعل الفقاعات ، الفقاعات تدفع القشدة إلى الأعلى فيتسرب من أطراف الوعاء ، هذا القرص الذي على شكل حرف مفتوح ، الفقاعات تصدر معاً وبقوةٍ تثقب هذه القشدة ، الآن فهمته .
فهذا العقل لا يمكن أن يفهم شيئاً بلا سبب ، كما أنه لا يمكن أن يفهم شيئاً بلا غاية، مثلاً هذه البقرة يحتاج وليدها إلى كيليين من الحليب ، لِمَ تعطه سبعة وستين كيلو ؟ العقل لا يفهمها إلا إذا قرأ قوله تعالى :

﴿ وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ ﴾

[ سورة النحل : 5]

 لكم خصيصاً ، هذه البقرة مصممة أن تعطي حليباً يزيد عن حاجة وليدها خمسين ضعفاً ، إذاً هي :

﴿ خَلَقَهَا لَكُمْ ﴾

[ سورة النحل : 5]

 

العقل لا يفهم شيئاً بلا سبب ولا يفهم شيئاً بلا غاية ويرفض التناقض :

 إذا فتحنا كتاب الله على كلمة لكم ، نشعر بشيء دقيق جداً ، مثلاً : أنت قد تدعو إنساناً إلى طعام ، إنسان أحد وجهاء المجتمع تدعو معه شخصين أو ثلاثة ، في أثناء الطعام يطرق الباب ، يأتيك زائر تدعوه ليأكل معك ، لكن هذا الزائر ، هذا الطعام ليس له في الأساس ، الطعام صنع على شرف الضيف الأول ، فلذلك :

العقل يرفض التناقض

﴿ وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ ﴾

[ سورة النحل : 5]

 فإذا قرأت القرآن وقفت عند كلمة :

﴿ لَكُمْ ﴾

[ سورة النحل : 5]

 قد يقشعر جلدك ، الإنسان يقفز خوفاً من عقرب وقد يقود طفل الجمل ، مثلاً جمل وزنه ثلاثة أطنان يقوده طفل ، وعقرب تخرج من جلدك منه .

﴿ وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ ﴾

[ سورة النحل : 5]

 وفي آية ثانية :

﴿ وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ ﴾

[ سورة يس : 72]

 في بعض أرياف دمشق بقرة جنت ، هذا مرض خطير ، فلما ظهر في بريطانيا قتلوا ما يقارب ثلاثمئة ألف بقرة ، اسمه جنون البقر ، فلما جنت قتلت فقتلوها ، من ذللها للإنسان ؟ من جعلها مذللة ؟ لخدمته خاضعة ، فكل الحيوانات التي أنت بحاجة إليها مذللة لك ، مذللة بأعلى درجة ، هذا كله من فعل الله عز وجل ، فهذا العقل لا يفهم شيئاً بلا سبب ، ولا يفهم شيئاً بلا غاية ، ويرفض التناقض .
 مثلاً ، المثل ضروري : إنسان متهم في بلد بقتل إنسان فإذا ثبت لدى القاضي يقيناً أنه كان في مدينة بعيدة عن هذا المكان ، في الوقت نفسه ، براءته لا تقبل التناقض ، فالعقل هو أعقد جهاز في الكون ، يقوم على مبادئ ثلاث : مبدأ السببية والغائية وعدم التناقض .
المذيع :
 ما الرابط بين هذا دكتورنا ، بين ما يشعر به الإنسان أحياناً بأن هذه الدنيا رغم رحبها قد ضاقت عليه ؟

 

أي أمر أُمرت به أنت مبرمج على محبته :

الدكتور راتب :
 لأنه مصمم من قبل الخالق لهذا المنهج ، هذا المنهج مرتبط مع فطرة الإنسان ، الآية دقيقة جداً ، الفطرة هي الطبيعة النفسية الداخلية .

﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ﴾

[ سورة الروم : 30]

 العاصي تصيبه الكآبة بسبب فطرته
أي أمرٍ أُمرت به فطرت أو برمجت أو ولفت على محبته ، وأي أمرٍ نهيت عنه فطرت أو برمجت أو ولفت على كراهيته ، والدليل :

﴿ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ ﴾

[ سورة الحجرات : 7]

 أنت مبرمج ، هذا اسمه كآبة ، كل إنسان يرتكب معصية عن علمٍ أو عن غير علمٍ يصاب بكآبة .
 لو فرضنا مثلاً إنسان دخل بيته ، وجاء بطعام أكله وحده ، وأمه جائعة ، يشعر بكآبة ، أبلغ من ذلك ، لو أن أمه أيقظته الساعة الواحدة ليلاً هي مضطرةٌ ضرورة بالغة إلى دواء مسكن ، فقال لها : الصيدليات مغلقة ، فسكتت ، لكنه يعلم أن هناك صيدليات مناوبة ، ومعه سيارته ، يشعر بكآبة ، لو أنه فرضاً انطلق من البيت وركب سيارته ، وطاف على كل الصيدليات المناوبة ، فالدواء مفقود ، يعود إلى البيت ، فالوالدة بالحالتين الدواء ما أخذته ، لكنه بالحالة الثانية نام مرتاحاً .

﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ﴾

[ سورة الروم : 30]

 فأي أمر أُمرت به ، أنت مبرمج على محبته .
المذيع :
 أفهم من كلامكم شيخنا بأن الإنسان حينما خلقه الله تعالى خلق معه فطرة أو احتياجات .

 

الفطرة هي نية نفسية متوافقة مع المنهج الإلهي :

الدكتور راتب :
 لا فطرة ، فطرة .
المذيع :
 فطرة عفواً .
الدكتور راتب :
 أي بنية نفسية متوافقة مع المنهج الإلهي .
المذيع :
 جميل! هذه الفطرة إذا سار عليها بين قوسين ، سار وفق شرع الله ، وصل إلى الطمأنينة ، إن لم يسر عليها وصل إلى الكآبة ، ألا وهي بين قوسين ضاقت عليه الأرض .
الدكتور راتب :
 أي معاقبة الفطرة له .
المذيع :
 لأنه يشعر بأنه ؟
الدكتور راتب :
 أخطأ .
المذيع :
 ونفسه تضيق عليه رغم أن هذا الكون فسيح ، ورغم أن الأمل موجود ، لكن لا يعود يستشعر بشيء بسبب الكآبة .
الدكتور راتب :
 إلا إذا تاب طبعاً ، ما دام لم يتب فعنده مشكلة .
المذيع :
 شيخنا سنتوقف إلى فاصل ، سنطرح عليكم .

عدم التوبة هو سبب شقاء المنحرفين عن الله :

الدكتور راتب :
 هذا سبب شقاء المنحرفين عن الله .
المذيع :
 أنا سؤالي من الشق الآخر دكتور ، وسأستمع لجواب من حضرتكم .
الدكتور راتب :
 أما الآخر فمعلوماتي الدقيقة العلمية ، العالم الغربي المتفلت نسب الكآبة مئة و اثنان و خمسون بالمئة ، فلما سألنا أستاذنا الدكتور في الجامعة - كان أستاذاً بعلم النفس كبيراً جداً - عن هذه النسبة قال : مئة معهم كآبة ، واثنان وخمسون يعانون من معهم كآبتين .
المذيع :
 يا لطيف! السؤال دكتورنا الكريم : من المسلمين ومن المتدينين ومن الذين يصلون أيضاً يشعرون بالكآبة وتضيق عليهم الأرض ، ما الذي يحصل ؟ وسنستمع لإجابة وافية من فضيلتكم ، بعد إذن حضرتكم شيخنا ، بعد فاصل قصير ومعكم مستمعينا عبر حياة FM ، فابقوا بالقرب .
 ضاقت الأرض نتحدث حينما يشعر الإنسان بأن هذه الدنيا رغم رحبها قد أصبحت ضيقةً عليه ، شيخنا الفاضل فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي مرحباً بفضيلتكم من جديد .
الدكتور راتب :
 بارك الله بكم ، ونفع بكم .
المذيع :
 شيخنا قبل الفاصل طرحنا سؤالاً على فضيلتكم ، الكآبة لا تقتصر على غير المسلمين ، هنالك مسلمٌ مطبقٌ لشرع الله ، يصلي ويصوم ، لكنه ولو في جزءٍ وليس في كل حياته يشعر بأن الدنيا أصبحت ضيقة عليه ، لمَ ؟

الفرق بين الاتصال والصلاة :

الدكتور راتب :
 هناك إجابة دقيقة : عندك بيت فيه جميع الأجهزة الكهربائية قاطبةً ، التيار الرئيس انقطع ، انقطع بمقدار ميلي واحد ، فلما قطع هذا الميلي كل هذه الأجهزة تعطلت .
المذيع :
 المعاصي حجاب بينك وبين الله
هذه الأجهزة كصلاتنا ، وصيامنا ، وقيامنا .
الدكتور راتب :
 طبعاً ، مادام هناك مخالفة فهناك حجاب .
المذيع :
 حتى لو كانت الصلاة موجودة .
الدكتور راتب :

﴿ كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ﴾

[ سورة المطففين :15]

 إذا إنسان جاءته امرأةٌ تشتري منه حاجةً ، وأدرك أنها لا تفهم في الأسعار ، فرفع السعر أو ملأ عينيه من محاسنها ، جاء ليصلي الظهر ، يشعر بحجاب ، لأنه غشها أو بالغ في إملاء عينيه من محاسنها .
المذيع :
 إذاً معصيته لا تمنعه من الصلاة دكتور ؟
الدكتور راتب :
 لا ، يصلي ، هناك اتصال وهناك صلاة ، أن تقف ، وتكبر ، وتقرأ الفاتحة ، وتركع ، وتسجد هذه صلاة ، أما في اتصال بالله ، هذا الاتصال ينقطع لأن المخالفة حجبتك عن الله .
المذيع :
 فأنت تصلي لكن لا تدرك .

 

معنى الحجب عن الله :

الدكتور راتب :
 والله عز وجل يقول :

﴿ كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ﴾

[ سورة المطففين :15]

 سيدي أي إنسان مسلم أو غير مسلم إذا غش في بيعه ، إذا اعتدى في عينه ، إذا أدلى شهادة غير صحيحة ، حجب عن الله ، والآية تقول :

﴿ كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ﴾

[ سورة المطففين :15]

المذيع :
 فإذا حجب عن الله شيخنا ، تضيق عليه الأرض .
الدكتور راتب :
 طبعاً .
المذيع :
 لكن هذا للمؤمن ، أم أنه حتى للكافر ؟
الدكتور راتب :
 للجميع .
المذيع :
 لكن هناك أناس دكتور ، لا يهتمون إذا حجبوا عن الله .
الدكتور راتب :
 هؤلاء :

﴿ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ ﴾

[ سورة النحل :21]

المذيع :
 أنا سؤالي عفواً لفضيلتكم : لو أن إنساناً مؤمناً عصى ، فشعر أن الدنيا ضاقت عليه، هل هذه علامة خير أن ضميره لا زال يتألم إن حجب عن الله ؟

 

من يحجب عن الله يتألم فيتوب ويصطلح معه سبحانه :

الدكتور راتب :
 لو أن إنساناً آخر غير مؤمن ، كان صادقاً في بيعه وشرائه مثلاً ، أو أحسن للعباد ، الله عز وجل يقبل من إنسان بعيد عنه عملاً طيباً ، لو أنه خدم العباد ، له شيء عند الله عز وجل ، فإذا أوقع فيهم الأذى ، هذا الشيء القليل جداً الذي يناله أي إنسان خدم الأمة فحجب عنه .
الدكتور راتب :
 لكن الإنسان المؤمن دكتور ، إذا شعر بألم لأنه حجب عن الله فهذه علامة خير ؟
الدكتور راتب :
 أكيد ، لأنه ذاق القرب من الله ، فلما حجب وجد الفرق .
المذيع :
 يتألم فيتوب ويصطلح مع الله .
الدكتور راتب :
 أما هؤلاء الآخرون البعد المستمر قد يلبد حسهم ، وقد يفقدهم الفطرة السليمة ، فتنطمس فطرتهم .
المذيع :
 من خلال كثرة المعاصي ؟
الدكتور راتب :
 نعم ، إذا تراكمت .
المذيع :
 من أسرف على نفسه بالمعصية دكتور ماذا يفعل حتى لا تنطمس فطرته ؟

القنوط واليأس وعدم الثقة بعفو الله هذه المشاعر تقترب من الكفر :

الدكتور راتب :
 عليه أن يقرأ الآية الكريمة :

﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً ﴾

[ سورة الزمر : 53]

 اليأس يقترب من الكفر
دقق؛ القنوط ، واليأس ، وعدم الثقة بعفو الله ، المشاعر الثلاثة تقترب من الكفر .

﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ ﴾

[ سورة الزمر : 53]

 ما قال : أيها العباد .

﴿ يَا عِبَادِيَ ﴾

[ سورة الزمر : 53]

 هذه ياء المتكلم ، نسبهم إليه .

﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً ﴾

[ سورة الزمر : 53]

 لذلك قالوا : الأرض ، والكلمة دقيقة جداً ولابن تيمية ، تصلح بالكفر والعدل ولا تصلح بالإيمان والظلم ، لو أن حاكماً دينه قليل عمل تأميناً اجتماعياً ، عمل تكافؤ فرص ، الله يقويه ، كلام دقيق .
المذيع :
 وصلت الفكرة سيدنا .
الدكتور راتب :
 أريد ألا يفهم فهماً آخر .
المذيع :
 لا وصلت دكتور .

 

الفرق بين من ضاقت عليهم الأرض ومن ضاقت عليهم أنفسهم :

الدكتور راتب :
 أنت إذا خدمت العباد لك من رب العباد مكافأة في الدنيا ، فإذا أنت مؤمن بالآخرة لك في الدنيا والآخرة ، في الآخرة ليس مؤمناً ، يعطيه الدنيا ، هذا يفسر قوة الآخرين ، قوتهم بخدمة شعوبهم .
المذيع :
 المنقطع عن الله لا يرى محاسن الأشياء
كانوا صالحين لإدارة الكون فمكنوا من إدارتها ؟
الدكتور راتب :
 أبداً .
المذيع :
 الله يكرمك دكتور . من مشاركات مستمعينا الكرام ، معنا هذا الاتصال دكتور جمال ، أهلاً وسهلاً بك دكتور جمال أنت معنا على الهواء تفضل ، دكتور جمال ، نتمنى أن يستمع إلينا ونسعد باتصاله من جديد ، والباب مفتوح لكل مستمعينا بمشاركاتهم . شيخنا في قوله تعالى:

﴿ ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ ﴾

[ سورة التوبة : 118]

 ما الفرق ضاقت عليهم الأرض ثم ضاقت أنفسهم ؟
الدكتور راتب :
 الأرض جميلة ، إذا إنسان يعاني ما يعاني لا يرى جمالها ، ونفسه أصبحت بعيدة ، الأرض جميلة حجب عنها ، ونفسه الأصل أنها متصلة بالله ، فلما أذنبت انقطعت عنه فمن حوله لا يرى محاسنهم ، ونفسه بعيدة عن الله .
المذيع :
 أي المرحلتين دكتور أكثر ألماً للإنسان أن تضيق عليه الأرض بما رحبت ، أم تضيق عليه نفسه ؟

 

أسئلة المستمعين :

الدكتور راتب :
 نفسه يعني عفواً في أناس ألفوا أجمل تفسير بالسجن ، السجن ألفوه .
المذيع :
 الأرض كانت ضيقة ، لكن نفسه ؟
الدكتور راتب :
 رحبت؛ توسعت ، تفسير مهم جداً بالسجن .
المذيع :
 سبحان الله! الله يفتح عليك يا دكتور . دكتور جمال مرحباً باتصالك تفضل .
المستمع :
 يعطيك العافية شيخنا .
المذيع :
 تفضل يا دكتور جمال أنت معنا على الهواء .
المستمع :
 الله يعطيك العافية ، ما شاء الله عنكم ، ما شاء الله عنك يا دكتور! في سؤال سيدي للدكتور ، أنه يوجد حديث أعتقد قدسي ، كل الذي أعرفه أنه :

(( ليس كل مصل يصلي ، إنما أتقبل الصلاة ممَّن تواضع لعظمتي ))

[ حديث قدسي ]

 أريد أن أعرف صحة هذا الحديث ؟

 

الفرق بين الحديث الموضوع والحديث الضعيف :

الدكتور راتب :
 صحيح ، أو يعني وارد .

(( ليس كل مصل يصلي ، إنما أتقبل الصلاة ممَّن تواضع لعظمتي ، وكفَّ شهواته عن محارمي ، ولم يصرَّ على معصيتي ، وأطعم الجائع ، وكسا العُريان ، ورحم المصاب ، وآوى الغريب ، كل ذلك لي ، وعزتي وجلالي إن نور وجه لأضوأ عندي من نور الشمس على أن أجعل الجهالة له حلماً))

[ حديث قدسي ]

 إلى آخر الحديث ، طبعاً إن كان في حديث موضوع شيء ، وضعيف شيء آخر ، إذا كان ضعيفاً يعني يوجد علة في السند ، يوجد علة خارجية عنه ، أما في أحاديث موضوعة ليس لها أصل أساساً .
المذيع :
 إذاً هو بحاجة إلى أن يتم تحقيق هذا الحديث حتى نصل ، يعني الله يجزيكم الخير قدمتم المعنى شيخنا ، لكن بحاجة إلى تحقيق شرعي حتى تصل الفكرة . دكتورنا الكريم ، أعود أيضاً إلى الآية الكريمة ، بعد قوله تعالى :

﴿ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ ﴾

[ سورة التوبة : 118]

 يقول الله سبحانه وتعالى :

﴿ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ﴾

[ سورة التوبة : 118]

 ما المراد هنا دكتور ؟

 

الإله وحده فقط تفر منه إليه :

الدكتور راتب :
 ظن أحياناً تأتي يقيناً ، ظن من معانيها الشك ، من معانيها الأخرى :

﴿ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ ﴾

[ سورة البقرة : 46]

 الفرار إلى الله أن تفر من عقابه إلى قبول توبتك
يعتقدون يقيناً ، معنى آخر هنا ، ما الآية ؟
المذيع :
 في قوله تعالى ، دكتورنا الكريم .

﴿ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ﴾

[ سورة التوبة : 118]

الدكتور راتب :
 أي الجهة الإلهية وحدها ، الإله وحده فقط تفر منه إليه .
المذيع :
 ما معنى هذا ؟
الدكتور راتب :
 تفر من عقابه إلى قبول توبتك ، تفر من بطشه إن كنت منحرفاً إلى رحمته إذا كنت تائباً ، الجهة الوحيدة في الكون التي يفر منها إليها . للتقريب : غضبت أمٌ على ابنها ، فطردته من البيت ، هو ليس له غير أمه ، طرق الباب كثيراً ، فتحت وقبلته ، موضوع الأم شيء كبير .
المذيع :
 والله أرحم من هذه الأم بنا .

 

الله تعالى يسوق لعباده من الشدائد ما يحملهم بها على التوبة :

الدكتور راتب :
 أبداً .
المذيع :
 سبحانه وتعالى ! شيخنا في قوله تعالى :

﴿ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا ﴾

[ سورة التوبة : 118]

الدكتور راتب :
 والله المعنى دقيق ، هذا الثاني يعني إذا كان إنسان عنده ابن لم يدرس ، قال له : كما تريد ، فلما كبر وجد أصدقاءه معهم شهادات عليا ، ولهم عمل جيد ، ودخل معقول ، وتزوجوا ، وعندهم سيارة ، وبيت ، وهو بلا عمل ، وبلا زواج ، يتألم ألماً شديداً من والده الذي ما عاقبه عندما أخطأ أما لو عاقب الأب ابنه ، ودفعه للدراسة ، فأصبح طبيباً ، وعيادته جيدة ، وتزوج ، وعنده تقريباً أمور الدنيا ميسرة ، هذا بسبب الشدة في مقتبل العمر أنجزت هذا الإنجاز .
 فعندما يعاقب الله عز وجل عبده ، قد يكون عقابه شديد ، حمله بهذا العقاب على التوبة ، يكون رحمه أعلى رحمة ، الآن هنا :

﴿ تَابَ عَلَيْهِمْ ﴾

[ سورة التوبة : 118]

 أي ساق عليهم من الشدائد ما يحملهم بها على التوبة .
المذيع :
 هل يشترط فقط الشدائد دكتور ؟
الدكتور راتب :
 لا ، علاج إلهي .
المذيع :
 سبحان الله! يعني ممكن أن يكون ساق لهم الهداية ؟

 

ثقة المؤمن بالله عز وجل تخفف عنه ألم المصيبة :

الدكتور راتب :
 لا ، ليس القصد هنا الهداية ، هنا :

﴿ لِيَتُوبُوا ﴾

[ سورة التوبة : 118]

 المؤمن إنسان عنده طمأنينة من الله
لم يهتدوا بعد ، لكن ساق عليهم شيئاً ، أحياناً سعة في المال ، أو ضيق في المال ، أحياناً صحة جيدة ، أعرف شخصاً عمل تحليل دم لشخصين ، وبالخطأ أعطى الشخص الأول تحليل الشخص الآخر وبالعكس ، فالشخص الذي كان معه أمراض ولكن تحليله كان مئة بالمئة صحيح ، صدقه فارتفعت معنوياته ، وثق أنه سيعيش حياة مديدة ، فاختلف وضعه كلياً ، مع أنه هو المريض ، والشخص الثاني الصحيح مئة بالمئة ، عندما شاهد التحليل ، وبأن فيه مشاكل ، أصيب بكآبة ، وانسحب من المجتمع ، إلى أن مات ، معنى ذلك الذي حدث هنا هو العكس ، الذي جسمه صحيح مات بسبب الكآبة ، والذي جسمه عليل شفي ، المؤمن إنسان لكن عنده طمأنينة من الله ، الله غفور رحيم ، الله تواب كريم ، ثقته بالله عز وجل تخفف ألم المصيبة ، ولعل هذا يبعده عن نتائجها الوخيمة .
المذيع :
 الله يفتح عليكم يا دكتورنا الكريم ، نستأذن فضيلتكم من جديد إلى فاصل قصير ، ونعود بعد ذلك على الهواء مباشرة مستمعينا عبر إذاعة حياة FM ، لمواصلة حلقتنا وعنوانها ضاقت الأرض .
 من جديد وعلى الهواء عبر أثير إذاعتكم حياةFM ، مع فضيلة العلامة الدكتور محمد راتب النابلسي ، ضاقت الأرض هو عنواننا لهذا اليوم ، نسعد بمزيد من مشاركاتكم . نضال تفضل يا أخي .
المستمع :
 السلام عليكم ، الله يعطيك العافية دكتور ، دكتور والله أنا لا أريد أن أطيل عليك ، لكن سؤال سريع ، أنا مشكلتي الوحيدة في الحياة يا دكتور أنني أقطع في الصلاة ، أريد منك نصيحة أو دعوة أن ألتزم في الصلاة ، عمري تسع وعشرون سنة ، والحمد لله لا ينقصني شيء، لكن مشكلتي الوحيدة التقطيع في الصلاة ، فضيلة الشيخ لو سمحت أريد منك نصيحة ، أو أي شيء يجعلني ألتزم ، أنا أحب أن ألتزم .
المذيع :
 شكراً لك نضال ، الفكرة واضحة تماماً ، تستمع إلى رد من الدكتور ، شيخنا الكريم .

 

حلاوة القرب من الله لمن استقام على أمره :

الدكتور راتب :
 إذا دعاك شخص إلى طعام وكانت الصحون فارغة ، ثم دعاك مرة ثانية لا تأتي ، لو كانت الصحون ممتلئة بطعام نفيس ، تأتي مسرعاً ، فإذا أنت استقمت استقامة دقيقة في كل شؤون حياتك ، بدخلك ، بإنفاقك ، بعلاقاتك ، بسهراتك ، بأجهزتك التي في بالبيت ، منضبطة ، غير منضبطة ، عندما تستقيم ينشأ لك مع الله خط ساخن ، تذوق حلاوة القرب ، وعندئذٍ لا يمكن أن تترك الصلاة ، ماذا قال النبي الكريم :

(( أرحنا بها))

[الطبراني عن عبد الله بن محمد بن الحنفية]

 وفي لسان حال بعض الناس أرحنا منها .

(( أرحنا بها يا بلال ))

[الطبراني عن عبد الله بن محمد بن الحنفية]

 أنت تتصل مع الذات الكاملة ، مع أصل الجمال والكمال والنوال ، مع خالق السماوات والأرض ، أنت معه ، فأنت تسعد في الصلاة ، يوجد استقامة ، أنا لا أقصد بكلامي أي إنسان ، أنا أتكلم بشكل عام ، يوجد استقامة ، يوجد دخل حلال ، وإنفاق حلال ، لن تجد لقاء لا يرضي الله .
المذيع :
 فيشعر بلذة الصلاة .
الدكتور راتب :
 يوجد خط ساخن مع الله .
المذيع :
 فيثبت عليها .

 

النعم الظاهرة عطاء والنعم الباطنة حرمان ولكن لصالحنا :

الدكتور راتب :
 تسعد بها ، يوجد مخالفات فأصبح هناك حجاب .
المذيع :
 معنا اتصال جديد من مرام ، تفضلي .
المستمعة :
 السلام عليكم ، الله يعطيك العافية يا دكتور ، دكتور والله عندما أسمع صوتك أحس قلبي يطير من الفرح ، ربي يجزيك الخير .
الدكتور راتب :
 الله يبارك فيكي ، ويعلي قدرك ، وينولك مرادك إن شاء الله .
المستمعة :
 الله يجزيك الخير يا دكتور ، ويبارك فيك يا الله ، يا دكتور سؤالي :

﴿ فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾

[ سورة الصافات : 87 ]

 ظننا بالله كل خير ، أحياناً تضيق بنا الدنيا ، يكون ظننا بالشيء أنه سيكون خيراً لنا ، ونؤمن بقوله تعالى :

﴿ فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾

[ سورة الصافات : 87 ]

 لكن لا يحدث الذي نريده .
الدكتور راتب :
 لا يحدث لأنه رب ، إذا ابن عنده شهادة ثانوية ومعلق على النجاح مستقبله الكبير ، فانشغل بدراجته ولم يدرس ، فأخذها منه والده ، لماذا أخذها ؟ رحمةً به ، فكل شيء الله أعطانا إياه ، النبي ماذا قال ؟

(( ما رَزَقْتَني مما أُحِبُّ فاجعَلْهُ قُوَّة لي فيما تُحِبُّ ، وما زَوَيْتَ عني مما أُحِبُّ فاجعَلْهُ فَرَاغا لي فيما تُحِبُّ ))

[الترمذي عبد الله بن يزيد الخطمي ]

 فالإنسان بين أن يأخذ أو ألا يأخذ ، إن أخذ نعمة كبيرة ، وإذا ما أخذ أيضاً نعمة كبيرة ، قال تعالى :

﴿ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ﴾

[ سورة لقمان : 20]

 النعم الظاهرة عطاء ، والنعم الباطنة حرمان أحياناً ، يعني إذا قال الطبيب للمريض : السكر لا يناسبك ، فتوقف عن تناول السكر ، وهو يحب السكر .
المذيع :
 لكن لصالحه .

 

تكرار الذنب يُشعر المؤمن بخجل من الله :

الدكتور راتب :
 لصالحه .
المذيع :
 الله يفتح عليكم يا دكتور ، إيناس معنا باتصال جديد ، مرحباً بك .
المستمعة :
 السلام عليكم ، أتكلم مع الدكتور محمد راتب ، دكتور الله يفتح عليك فتوح العارفين يا رب ، دكتور أريد أن أسأل بالنسبة للذنب المتكرر ، يعني يقوم بذنب بعدها استغفار شديد وتوبة ثم يعود ويتكرر ، ما الحل دكتور لهذه الحالة ؟
الدكتور راتب :
 أولاً : ليس لنا إلا الله ، علينا أن نتوب دائماً ، لكن نصيحة أول توبة هي أهون توبة ، الصلحة بلمحة ، الذنب نفسه إذا تكرر التوبة تصبح أصعب ، تحتاج لصدقة معها ، ندعمها بصدقة ، كلما تكرر الذنب ، ينشأ خجل من الله ، ينشأ شعور أنه ما كان صادقاً في توبته ، لكن في النهاية ليس لنا غير الله عز وجل .
المذيع :
 ونعم بالله ، الله يفتح عليكم يا دكتور ، وإن شاء الله ربنا سبحانه وتعالى يثبتنا جميعاً على العبادات والأعمال الصالحة .
 مستمعينا كانت هذه الحلقة بعنوان ضاقت الأرض وهي حينما يشعر الإنسان بالكآبة وذاك لأن فطرته في التزامه بدين الله ، فإن ضل عن هذه الفطرة ، ضلت عنه المكافأة النفسية فضاقت عليه الأرض ، وضاقت عليه نفسه .
 شيخنا الكريم نختم هذه الحلقة بالدعاء ، ونسأل الله القبول .

الدعاء :

الدكتور راتب :
 بسم الله الرحمن الرحيم ، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا ، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا ، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر مولانا رب العالمين ، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك ، وبطاعتك عن معصيتك ، وبفضلك عمن سواك ، اللهم لا تؤمنا مكرك ، ولا تهتك عنا سترك ، ولا تنسنا ذكرك ، أعطنا ولا تحرمنا ، أكرمنا ولا تهنا ، آثرنا ولا تؤثر علينا ، أرضنا وارضَ عنا ، اجعل هذا البلد آمناً سخياً رخياً وسائر بلاد المسلمين ، واحقن دماء المسلمين في كل مكان .

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور