- محاضرات خارجية / ٠08رحلات - أستراليا
- /
- ٠3رحلة أستراليا - 3
مقدمة :
يسرنا ويشرفنا أن نكون في صحبة ضيف أستراليا الكبير فضيلة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، الداعية المعروف، الغني عن التعريف بالأحرى، فأهلاً بك فضيلة الدكتور.
الدكتور راتب:
بارك الله بكم.
المذيع:
مفتي أستراليا العام فضيلة الدكتور إبراهيم أبو محمد، أهلاً بكم فضيلة الدكتور إبراهيم.
دكتور محمد راتب، أهلاً بك في بلدك الثاني، أو الأول بالأحرى بالنسبة لنا بلدك الأول لا نقول بلدك الثاني، في أستراليا، وأهلاً بك في إذاعة القرآن الكريم.
دكتور محمد شخصيتك معروفة لدى الكل، كل مسلمي العالم لا نقول في أستراليا نود من فضيلتك في هذا اللقاء القصير أن نستعرض بعض الأفكار، وبعض الآراء التي نسمعها أحياناً على النت في التلفاز، أو في وسائل أخرى، لكن يكون اليوم اللقاء مباشراً.
بداية نحن في أيام المولد النبوي الشريف، وكما تعلم فضيلتك الحرب العالمية الثالثة قامت ولم تنتهِ بخصوص الاحتفال، أو عدم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، هناك من يؤيد، هناك من يرفض، هناك من يبدع، هناك من يتمادى في كيفية الاحتفال، ويضع فيه ما أنزل الله به من سلطان، وهناك من يحرج حتى النطق في هذه الكلمة، أين نحن كمسلمين في نظر الدكتور محمد راتب النابلسي؟
ترحيب حار بالدكتور محمد راتب النابلسي :
الدكتور إبراهيم:
بعد إذنك قبل أن يسترسل مولانا في الإجابة، أولاً: أنا أرحب بسماحة الشيخ الدكتور محمد راتب النابلسي، وأعتبر أن زيارته لأستراليا حدث كبير، لا يكاد يخلو شهر من ضيف يأتينا من أي مكان في العالم، ونحن نحتفي بهم جميعاً، ونقدرهم جميعاً، ونثمن ما يقومون به في خدمة المجتمع الأسترالي، لكن زيارة الشيخ النابلسي مختلفة عن زيارة أي زائر آخر، وجود الشيخ النابلسي في أستراليا نحن نعتبره، أو أنا شخصياً أعتبره حدثاً دعوياً كبيراً جداً ولست أنا وحدي، أنا ومجلس علماء أستراليا الذي يضم مئتين و ستة من العلماء في مختلف الولايات، نعتبر زيارة الشيخ تشريفاً كبيراً، وعظيماً جداً لنا في المجتمع الأسترالي، ذلك فضلاً عما يتمتع به الشيخ من رصيد شعبي لدى الناس جميعاً، أي المثقفين منهم، والعامة، العلماء والعامة من الناس، فنحن قبل أن يبدأ الشيخ في الحديث أنا أرحب به باسم مجلس علماء أستراليا، باسم اتحاد مجلس الأئمة الفيدرالي، ومجلس الأئمة في الولاية، ونتمنى له طيب الإقامة، ونشكره على أنه يصل أرحاماً قطعت منذ زمن، و لا يوجد أحد يسأل علينا، غير الضيوف الذين نأتي بهم، فالشيخ يصلنا، وصله الله سبحانه وتعالى، ونتمنى له دوام الصحة، وطول العمر، والعافية، والتوفيق في دعوته الكبيرة، والتي غطت مساحة كبيرة من الكرة الأرضية، والحمد لله رب العالمين.
الدعوة إلى الله دعوتان :
الدكتور راتب:
بارك الله بكم، ونفع بكم، وأرجو الله أن أكون عند حسن ظنكم، ولكنني أقول هذه الكلمة: الدعوة إلى الله دعوتان، دعوة إلى الله خالصة، ودعوة إلى الذات مغلفة بدعوة إلى الله خصائص الدعوة الخالصة، هي الاتباع، بينما الدعوة إلى الذات خصائصها الابتداع، إلى الله الخالصة الاتباع، هنا الابتداع، الدعوة إلى الله الخالصة من خصائصها التعاون، أما إلى الذات فمن خصائصها التنافس، لأنه يوجد مكاسب، الدعوة إلى الله الخالصة من خصائصها الاعتراف بالآخر أما الدعوة إلى الذات فمن خصائصها إلغاء الآخر، فإذا أخلصنا في دعوتنا، وتعاونا مع الدعاة، ارتفعنا عند الله جميعاً، فإذا تنافسنا وتبادلنا التهم سقطنا من عين الله جميعاً.
الأمة أو الشعب المؤمن لا يصدق أن هناك تنافساً بين الدعاة، التنافس يكون على مادة، على حطام الدنيا، على مناصب، أما على مقامات إيمانية، أو على دعوة إلى الله، فهذا مما لا يليق بالدعاة إلى الله أبداً.
وأنا أقول: من لوازم الإخلاص في الدعوة إلى الله التعاون، ومن ضعف الإخلاص التنافس، فأرجو الله سبحانه وتعالى أن ينظر الله عز وجل لهذه الأمة ولاسيما إلى الدعاة نظرة عطف ومحبة، فلعلنا نرتقي عند الله جميعاً.
المذيع:
أكرمك الله يا دكتور، بارك الله فيك، ممكن أن نعود فضيلتك - لأن وقت البرنامج محدود اعذروني لهذا الإلحاح - إلى حكم الاحتفال بالمولد النبوي؟
حكم الاحتفال بالمولد النبوي :
الدكتور راتب:
والله أنا أرى أن هذه قضية خلافية، لكن أنا نمطي في الدعوة إلى الله نمط وسطي، بل نمط توفيقي، فأقول: ما الذي يمنع أن تجمع الناس في البيت أو في المسجد وأن تحدثهم عن شمائل النبي؟ وعن أخلاق النبي؟ وعن رحمة النبي؟ وعن عدل النبي؟ وعن عطف النبي؟ هو يتمتع بخلق عظيم، وشمائل راقية جداً، هو حقق وجود الإنسان الأكمل، وكأن النبي عليه الصلاة والسلام كان قدوة للبشرية كلها، فكل إنسان خُلق ليكون على شاكلة محمد، على منهجه، إذاً نحن حينما نتحدث عن السيرة نتحدث عن القدوة الأولى في حياتنا، هذا شيء دقيق جداً، أما هذا اللقاء في المسجد، في البيت فيسمى لقاء، يسمى اجتماعاً، يسمى دعوة، يسمى توجيهاً فإذا سميته عبادة فقد دخلت في المحظور، أما العبادات فتوقيفية، لا تضاف عبادة إلا بالنص الصحيح.
بالمناسبة: عندنا العبادات، وعندنا الأشياء، الأشياء الأصل فيها الإباحة، ولا يحرم شيء من الأشياء إلا بالدليل القطعي والثابت، الأصل الإباحة، أما في العبادات فالأصل هو الحظر، ولا تشرع عبادة إلا بالدليل، فخطأ كبير جداً أن تقول: الاحتفال بالمولد عبادة.
المذيع:
فضيلة الدكتور، أنت تقول: الاحتفال ليس عبادة وإنما هو عادة، أو نشاط إسلامي، دكتور النشاط هذا ألا يوجد فيه أجر أم هو من المباحات؟.
عادات المؤمن عبادات وعادات الفاسق سيئات :
الدكتور راتب:
لا فيه أجر كبير.
﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً ﴾
المذيع:
دعا بعبادة أم دعا بعادة؟.
الدكتور راتب:
بكليهما، كيف العادة؟ العبادات عند المؤمن تصبح عادات، وعبادات الفاسق سيئات، عادات المؤمن عبادات، وعادات الفاسق سيئات، فإذا الإنسان دعا إلى عبادة، إلى طاعة، إلى الحديث عن رسول الله، هذا شيء عظيم جداً.
المذيع:
فضيلتك، إذاً: أخواني وأخواتي ومستمعينا الأفاضل في كل مكان الدكتور محمد راتب النابلسي يقول لا بأس في الاحتفال، لكن لا نسميه عبادة، ولا نقيم له شروطاً خاصة، وطقوساً يجب أن تمارس، وإذا أصبح هناك خلل في إحدى طقوس المولد فهذا فاشل كما يقول بعض الناس.
الدكتور راتب:
ليس هذا وارداً إطلاقاً، الذي يرد أن نذكر الناس بأخلاق النبي، بشمائل النبي، بمنهج النبي، بمكانة النبي عند الله، كي نتعلق به.
المذيع:
دكتور إبراهيم، الجانب الذين يعارضون هذا الاحتفال بالمولد النبوي، بالبساطة، وبالسهولة، وباليسر الذي ذكره الدكتور محمد، إنهم يقولون: لم يرد عن السلف، كيف نرد على هذه النقطة؟.
الاحتفال بعيد المولد النبوي يجب أن يكون محل اتفاق من الأمة كلها :
الدكتور إبراهيم:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، اللهم صلِّ وسلم على خاتم الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد النبي الأمي الأمين، وعلى آله وأصحابه والتابعين له بإحسان إلى يوم الدين.
أولاً: لا مزيد على كلام الشيخ، والاعتراض بأنه لم يرد، عدم الفعل ليس دليلاً على التحريم، هناك قواعد تحكم عملية ما يجوز وما لا يجوز، من ضمن هذه القواعد أن عدم الفعل لا يدل على التحريم، كونها لم تفعل من قبل ليس دليلاً على التحريم.
الشيخ استند أن هذا الشيء جزء من الدعوة، والحقيقة أنا ضد كلمة ذكرى مولد النبي لأن الذكرى لا تأتي إلا بعد نسيان، الأصح أنها ذكرى نحيا بها، وليست ذكرى نحييها، الذكريات التي نحييها هي الذكريات التي ماتت، أو كادت أن تموت، أو تمحى من الذاكرة، أما النوع من التذكر الذي أمرنا به القرآن فهو التذكر الذي نحيا به، نعيش به، نتزود منه، هو زاد روحي، وزاد خلقي، وزاد اجتماعي، وزاد إنساني، وزاد من الرحمة، وزاد من الفيض الإلهي.
فما تفضل به الشيخ هو الأصل في الموضوع، والقضية لا تحتاج إلى أن نحدث هذه المعركة، القضية يجب أن تكون محل اتفاق من الأمة كلها، لو أنها تفكر بنوع من الإدراك، أو نوع من الفقه، أو يمزج جهاد الهجرة التي نسمعه من الكثيرين لو أنه يمتزج بشيء من الإدراك الفقهي لاتفقنا جميعاً، ومَن مِن الناس يقول بأننا لا نتحدث؟ نحن كل السنة نتحدث، زادنا كله من كلام رسول الله عليه الصلاة والسلام، فإذا وضعنا خصوصية اجتماعية معينة، بعض العائلات مثلاً تجتمع كل يوم سبت يا مولانا، بعض الأسر تجتمع كل يوم سبت، يجتمعون جميعاً وكل واحد يفرغ نفسه من أجل أن يكون تواصل بين أبناء العائلة، فإذا اجتمعنا في يوم معين ولا نقول إنه عبادة وإنما جزء من النشاط الدعوي فما الذي يمنع؟
القضية لا تحتاج إلى أن هذه التشددات التي تظهر كل سنة، والإيميل الذي يبعث للناس، والكلام الذي يظهر على الانترنت، بعض الناس احذروا الصلاة في هذه الليلة، انظر إلى أي مدى؟ احذروا الصلاة في هذه الليلة، احذروا الصيام في هذه الليلة، كأننا نفعل منكراً، ضبط متلبساً بالصلاة في ليلة النصف من شعبان، أو ضبط متلبساً بالدعاء في النصف من شعبان، أنا أتصور أن الحقيقة عندنا مشكلة فكرية قبل أن تكون لدينا مشكلة سلوكية، من بعض الناس نحن لدينا مشكلة فكرية، المشكلة الفكرية أن أي كلام حق لا يسمح فيه إلا بكلام المتخصص، الحق الوحيد المستباح الذي كل واحد يتكلم فيه، لدرجة أن بعض الناس يسمعون شريطاً، ويبدؤون يبنون على سماعهم لهذا الشريط واستيعابهم أنهم مفتون ويقولون آراءهم، ويحلّون ويحرمون، هذه كارثة، القرآن الكريم علمنا قال:
﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾
ويقول لنا:
﴿ وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ﴾
لو أن المسألة تترك لأهل العلم، وأهل الاختصاص لم يبقَ مشكلة، إنما تترك بيد الصبيان، وكل واحد عنده رأي، مثلاً ألف شخص يبعثون: احذروا الاحتفال بهذه الليلة، هذه إساءة، هي إساءة إلينا كمجتمع مسلم، وإساءة أيضاً إلى القيم العليا الكبيرة التي نحملها لأنه لا يصح أن يكون الاختلاف حول شخص رسول الله، نجلس ونتدارس سيرته، نتدارس خلق الله، أو نتزود من سنة صلى الله عليه وسلم، لا يجوز أن يكون هذا الكلام محل خلاف، وإذا كان الصوت علياً قليلاً من بعض الناس فالمفروض أن هذه القضية تحسم، ويقول فيها العالم الثقة رأيه، و انتهى الموضوع.
المذيع:
شكراً فضيلة الدكتور إبراهيم، دكتور محمد راتب النابلسي نعود لك في سؤال، ذكرت حضرتك في سلسلة لك (الشمائل المحمدية) لمحمد عليه الصلاة والسلام كذا من صفات المصطفى، نريد اليوم أن نركز على صفة المصطفى عليه الصلاة والسلام كقائد.
منهج الدعوة إلى الله :
الدكتور راتب:
قبل ذلك سامحني، الإنسان في شأن القضايا الخلقية، أمور مكارم الأخلاق هذا الموضوع كموضوع نظري لا قيمة له إطلاقاً، مكارم الأخلاق لا تعيش إلا بالمثل الحي، أنا حينما أرى أمامي إنساناً يطبق القرآن أقتنع بالقرآن.
لذلك قالوا: الكون قرآن صامت، والقرآن كون ناطق، والنبي عليه الصلاة والسلام قرآن يمشي، أنا أريد أن يرى الأسترالي هنا مسلماً مطبقاً، يمشي على قدمين أمامه، عندئذٍ يقنع بالدين، أما كفكر مجرد، كنصوص، كمناقشات، كحواريات من دون واقع يجسد هذا الدين فالدعوة لا تنجح.
لذلك الصحابة الكرام ما قيمة دعوتهم العظيمة؟ لأنهم فعلوا ما قالوه بأنفسهم، فحينما تكون هناك مسافة بين الأقوال والأفعال تضعف الدعوة، أما حينما ترى إنساناً يجسد قيم الدين في سلوكه، في حديثه، في بيته- بيت الداعية جزء من الدعوة- في علاقاته، في تجارته، في بيعه، في شرائه، فأنت الآن تقنع بهذا المنهج، أما كمنهج إذا نزعته من الواقع، وعالجته كمنهج نظري مجرد فالدعوة عندئذٍ لا تنجح.
فلذلك أنا أؤمن أن القدوة قبل الدعوة، والإحسان قبل البيان، والأصول قبل الفروع، والتربية لا التعرية، هذا منهج في الدعوة، القدوة قبل الدعوة، الأب لو لم ينطق بكلمة في مكارم الأخلاق، و كان صادقاً في البيت، أولاده صادقون، القدوة لها أثر مذهل، أكاد أقول: لا يوجد أثر في الدعوة أبلغ من أن تكون قدوة لمن حولك.
النبي الكريم كيف جمع أصحابه حوله؟ لأنه كان قدوة كاملة، ومثلاً أعلى، ما الذي يبعد الإنسان عن الدين؟ أن يرى إنساناً يتكلم بالدين فإذا راقب حياته الخاصة وجده لا يطبق شيئاً فينتهي الدين عنده، وكل فكر نظري ينجح حينما تنشره، إلا الفكر الديني لا ينجح إلا إذا طبقته، إذاً الداعية مهمته تطبيق ما يقول، عندئذٍ يقنع الناس بما يقول.
المذيع:
المسافة بين الأقوال والأفعال تضعف الدعوة، كيف يتجاوزها الداعية هذا؟ الداعية بشر وفضيلتك ذكرت في لقاء خاص للدخول للاستديو أنه بشر، يجوع، ويشبع، ويضحك ويغضب.
الأمة الإسلامية معصومة بمجموعها أما النبي فمعصوم بمفرده :
الدكتور راتب:
لكن أنا أعتقد اعتقاداً جازماً لا يمكن للداعية أن يرتكب معصية كبيرة، التقصير الذي معه في أمور صغيرة جداً، وغير مقصودة، وسرعان ما يتركها، أنا لست معصوماً، أنا عندما أتكلم كلمة في ضعف أتلافها فوراً، ولا أعيدها إطلاقاً، أنا أؤكد أني غير معصوم، لكن حياتنا كمسلمين إنسان واحد معصوم هو رسول الله، أما أمته فمعصومة لكن بمجموعها، هو معصوم بمفرده لكن أمته بمجموعها.
(( لا تجتمع أمتي على ضلالة ))
أحياناً يؤلف كتاب، ينشر لا أحد ينطق بكلمة، معنى هذا أنه صحيح، مثلاً كتاب فيه انحراف عقدي تقوم الدنيا ولا تقعد، إذاً أمة محمد عليه الصلاة والسلام لا تجتمع على خطأ، الأمة بمجموعها معصومة، أما النبي فمعصوم بمفرده، أنا حينما أعتقد أنه لا يوجد إنسان معصوم إلا النبي أتعامل مع الشيخ تعاملاً منطقياً، فإذا رأيت منه شيئاً غير مناسب أقول: هذا من عدم عصمته وانتهى الأمر، لا أحمل عليه.
المذيع:
دكتور إبراهيم، الدكتور النابلسي يقول: هذا من عدم عصمته، العوام لا يقولون هذا يقولون: أنت شيخ وتخطئ؟ وهذه نلاحظها، وفضيلة الدكتور إبراهيم يعيش معنا في هذا المجتمع.
الحقيقة المرة أفضل من الوهم المريح :
الدكتور راتب:
أنا أقول بدروس كثيرة بالصوت العالي: راتب النابلسي يخطئ، فإذا أخطأ فالدين صح لكن أنا غلطت لوحدي، لا أريد أن يربط أحد دينه بي، إذا ربط دينه بي فهذه مشكلة كبيرة جداً، لو فرضنا أخطأت يتزلزل.
أنا أعرف شيخاً في الشام هو يدّعي أنه لا يغلط، عندما يغلط أحياناً يكفرون بالدين وليس به، هذه مشكلة كبيرة جداً، يجب أن تعطي أخوانك الحقيقة، وأنا أقول دائماً: الحقيقة المرة هي أفضل من الوهم المريح، هذا وهم، أنا أخطئ لكن من فضل الله خطأ بكلمة، بفهم معين، وسريعاً أعود إلى الصواب، وليس خطأ بفاحشة، ليس خطأ بأكل مال حرام، هذا مستحيل على داعية.
المذيع:
دكتور إبراهيم، نعود لك بالسؤال، ذكرت حضرتك في أكثر من لقاء في أحد كتاباتك: - كثيراً ما ذكرت هذا المصطلح- يجب أن تكون القدوة خالصة، وحدانية القدوة في البداية، ألا ترى هذه صعبة، أو بالبداية كيف تكون القدوة خالصة في البداية وتطبيقها؟. وأنا أريد أن أسمع تعليق الدكتور النابلسي.
على الإنسان أن يتعامل مع الداعية على أنه بشر :
الدكتور إبراهيم:
دعنا نفرق بين شيئين، الناس عادة لا تفرق بين الفكرة وبين الأتباع، وأحياناً ينسحب خطأ التابع على الفكرة كما تفضل مولانا الشيخ، نموذج الشام الرجل الذي لا يخطئ، إذا أخطأ الناس تكفر بالدين نفسه، لأنهم لا يفرقون بين الفكر والأتباع، هذا خطأ، خطأ بالمنهج، خطأ في منهج التلقي، أو الخطأ في التعامل مع أي قدوة.
المذيع:
الخطأ ممن دكتور؟.
الدكتور إبراهيم:
الخطأ من الناس لأنك يجب أن تتعامل مع الداعية على أنه بشر، يمكن أن يخطئ لكن كما تفضل الشيخ هناك فرق بين الضعف البشري كقاسم مشترك بين جميع البشر، وبين الجرأة على فعل الكبائر، الجرأة على فعل الكبائر لا يمكن أن تكون سمة من سمات أي واحد من أهل العلم لكن الغفلة يمكن أن تكون، سوء الفهم يمكن أن يكون، سوء التقدير يمكن أن يكون، سوء التصرف في موقف معين يمكن أن يكون، يجب أن ننظر إلى الناس بالمعيار البشري، بمعنى أن كونه عالماً، وعالماً فصيحاً، وعالماً بليغاً، وعالماً كذا، وعالماً كذا، أنه لا يخطئ، وإذا أخطأ القيامة تقوم، هذا خطأ في التفكير، خطأ في التعامل مع الحدث.
ويجب أن نفرق بين الفكرة وبين الأتباع، طبعاً الفكرة عندما تجسد في الشخص وتجسيد الفكرة كقدوة غير شخصنة الفكرة، شخصنة الفكرة أخطر ما يكون أنه يهدد الدعوة إلى الله، أول سبب يجعل الدعوة فاشلة أنك تشخصن الفكرة، وأنت تخدع الناس حينما تشخصن الفكرة، أنت تخدع الناس لأنك تدعو إلى نفسك في الوقت الذي تدعي فيه أنك تدعو إلى الله، هذه مصيبة.
المذيع:
هل من علامات دكتور إبراهيم؟.
الدكتور إبراهيم:
الشيخ قال لك.
المذيع:
لا علامات، كيف يميزون؟ هذا يشخصن الدعوة وهذا؟.
الابتعاد عن شخصنة الدعوة :
الدكتور إبراهيم:
مثلاً بعض الناس عندما يقع خطأ، والناس يأخذون منه موقفاً يقول لك: لا، هم يكرهون الدعوة، هؤلاء لأنهم ضد الدعوة الإسلامية، أي أصبحت أنا الدعوة الإسلامية؟ أنا أصبحت الإسلام؟ أخذت بالك؟ وعندما أخطئ ويريد البعض أن يحاسبني، أو حتى يراجعني، أو ينقدني يبقى يكره الإسلام؟ هذه شخصنة الدعوة، وشخصنة الدعوة تعني شيطنة الدعوة، لأنه دخل الهوى هنا مقابل الله.
﴿ أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ ﴾
وقد يكون على علم.
﴿ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً ﴾
فأنت أمام قضية خطيرة جداً، وأظن وبعض الظن حق أن الدعوة نشيطة جداً، و هناك حركة نشاط غير عادي، لكن الثمار ليست بسبب الجهد المبذول، لماذا؟ السبب شخصنة الدعوة، هذا أول شيء.
هذا من ناحية الداعية، من الناحية الأخرى من ناحية المتلقي لا يجب أبداً أن نسحب أخطاء الداعية على الفكرة نفسها، وبالتالي لو إبراهيم أبو محمد أخطأ، أو الشيخ النابلسي أخطأ يبقى الإسلام لا ينفع؟ بعض الناس يبطل الصلاة لأنه رأى الشيخ فلان يعمل كذا أو رأى إنسانة محجبة تعمل كذا، تقول: أنا سأخلع الحجاب لأني رأيت واحدة تفعل كذا، هذا خطأ.
في تأثير القدوة مرحلتان في حياة الإنسان:
الشيء الثاني الذي يتصل في تأثير القدوة الذي سألتني عليه، في تأثير القدوة مرحلتان في حياة الإنسان، مرحلة التكوين العقلي والوجداني، وهذه يجب أن تكون القدوة فيها بغير منافس، لماذا؟ وأنت تربي ابنك، تربي أولادك، المصدر الذي تأخذ منه يجب أن يكون واحداً وهو القرآن، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام، لماذا؟ لأنها مرحلة تكوين وجداني، لم يتكون لدى الطفل، أو لدى المربى، جهاز المناعة الثقافي الذي يستطيع به أن يفرز بين ما هو صواب، وبين ما هو خطأ، بين الحق والباطل، بين الضلال والهدى، لم يتكون هذا بعد، فأنت أولاً ترسخ القدوة بحيث تكون بغير منافس، هذه مرحلة، لماذا؟ لأنه يتلقى من هنا ويتلقى من هنا، يحصل تداخلات مضرة، قد تسبب تشوهاً في الفكر، وشذوذاً في السلوك، لأنه يرى حاجة ضد حاجة، وحاجة ليست متوافقة مع حاجة غير متوافقة مع حالة.
النبي عليه الصلاة والسلام لما رأى سيدنا عمر في مرحلة من مراحل الدعوة يقرأ في بعض صحائف التوراة، غضب، وقال له: ( أفي شك أنت يا بن الخطاب ) وفي لفظ ( أمتهوكون فيها يا بن الخطاب) والله لو أن أخي موسى حياً ما وسعه إلا اتباعي .
مرحلة التكوين والتلقي مرحلة واحدة :
كيف يتوافق الكلام هذا مع كلام الله تعالى:
﴿ فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾
فكيف هذا يتفق مع هذا؟ الاثنان يتناقضان، لماذا؟ لأن هذه مرحلة، وهذه مرحلة، مرحلة التكوين والتلقي جهة واحدة، بعدما ينضج الإنسان ويتخلق لديه جهاز المناعة الثقافي والعقدي، وتحفظ لغته الفكرية، والثقافية، والعقدية، ينطلق وينفتح على كل الثقافات، لا يوجد خوف حتى لو يقرأ عن الكفر، صار معه ميزان، يقرأ الكفر ولا خوف عليه، يقرأ كل شيء، لماذا؟ لأن لديه القدرة على الفرز والغربلة.
و هناك ابن رشد الذي يتكلم عن ثقافة الآخرين، انظر إلى الثقافة الإسلامية، الثقافة الإسلامية هنا تمتاز بقدرة هائلة على الانفتاح على الآخرين، وقدرة هائلة على فرز ما لديهم، والاستفادة بالصواب منه، لأننا نحن نؤمن أن الثقافة تراكمية، وأن العقل البشري دائماً له عطاء، لأنه مخلوق لله، فيتلقى.
فبالتالي الثقافة الإسلامية هي التي قدمت للناس سقراط، وأرسطو، وهم ليسوا مسلمين ولا عرب، لكن قدمتهم الثقافة الإسلامية للعالم، هذا واحد.
انفتاح الثقافة الإسلامية على الثقافات الأخرى و النظر فيها :
ثانياً: تتمتع الثقافة الإسلامية بأنها تنظر فيما لدى الآخرين، كما يقول ابن رشد: "ننظر فيما عندهم، فإن كان حقاً قبلناه، وانتفعنا به، وشكرناهم عليه، وإن كان باطلاً رددناه، وعذرناهم ونبهناهم إليه"، هذا الكلام من أين أتى به ابن رشد؟ أتى به من كلام الله، أتى به من كلام سيدنا رسول الله:
((الحِكْمَةُ ضَالَّةُ المؤمن ))
بصرف النظر عن مصدرها، ونحن عندنا مثل مصري يقول: خذ الحكمة من أفواه المجانين، أي المجنون قد تجري على لسانه حكمة، لا بأس من أن تستفيد منها، ما دام ميزانك يقول إنها حكمة، والمعول عليه كله كما تفضل أستاذنا وشيخنا الميزان، أنه يملك ميزاناً.
منهج التلقي :
الدكتور راتب:
تعقيب سريع: أنا أقول الداعية الناجح الموفق لا يكتفي بإلقاء المعلومات على إخوانه يعطيهم ميزاناً، يعطيهم منهج التلقي، هذا المنهج يطبق عليه، أنا عندي نص قرآني، ثابت قطعاً، يجب أن أجتهد في فهم المعنى وفق قواعد علم الأصول لا وفق مزاجي، وبالأدلة، وبما جاء عن النبي الكريم وأصحابه، هذا منهج.
الآن الحديث هناك نشاطان، مع القرآن نشاط واحد أن نفهم ماذا أراد الله، مع الحديث أن نتأكد من صحة الحديث، هناك أربعمئة ألف حديث موضوع فلابد من التأكد من صحة الحديث، وبعدئذٍ نفهم، هذا معنى يوجد نشاطين مع الحديث، مع القرآن واحد لأنه ثابت، نشاط الفهم، أما الحديث لأن بعضه غير ثابت فنشاط التأكد والفهم.
نص ثالث: أي كلام عدا القرآن والسنة، فيه ثلاثة نشاطات، أن تتأكد من مطابقة هذا الكلام مع الكتاب والسنة، ثم صحة نسبته لصاحبه، ثم ما دار في هذا الكلام، إذاً: إن كنت ناقلاً فالصحة، مدعياً فالدليل، الآن تنقل صحة النقل، تتكلم من عندك بأن ينطبق كلامك مع أصول الدين.
المذيع:
دكتور محمد، اسمح لي أن أعود معك في موضوع الجيل والتربية التي ذكرها فضيلة الدكتور إبراهيم، الدكتور إبراهيم ذكر قال: يجب أن تكون وحدة التلقي ووحدة المصدر في فترة نشوء الجيل- الولد أو البنت- في بلد الغربة بدون شك، ولا تحتاج إلى تساؤل كبير، هذا الموضوع نحتاجه بشكل أكثر مما في بلاد الإسلام، كيف نربي الجيل الجديد الذي هو في أستراليا أو في بلد أوربي أو أمريكي لكنه مسلم عربي؟ كيف نربيه على القدوة وهو لا يفهم شيئاً من القدوة؟ وعندما نسأل بعض الدعاة يقول: النبي كان يتبسط مع الأطفال، ماذا فعل النغير والنقير، وينتهي الموضوع، هذه علاقة النبي مع الأطفال، وكان يلاعب الحسن والحسين فنعم الراكب والمركوب، هاتان الروايتان، ثم ينتهي الحديث، أنا كيف أخلق جيلاً جديداً له وحدة تلق و مصدر واحد؟.
اهتمام المتلقي بوضوح الدعوة :
الدكتور راتب:
الحقيقة المتلقي قد لا يهتم بتفاصيل أصول الدعوة، لكن يهتم بوضوح الدعوة، بأن يأتيها بالدليل، افعل كذا لقول الله عز وجل، أنت حينما تعطي الدليل مع كلامك أنشأت مع المتلقي فكراً منهجياً، أما كلام بلا أدلة، أي إنسان يتكلم كلاماً بلا أدلة، أنت حينما تؤيد كلامك بالدليل بشكل مبسط، فقه السنة مثلاً، أنا أعده من أروع كتب الفقه، هذه الفكرة معها الدليل البسيط، آية أو حديث، فأنت علمك هذا الكتاب، كل حكم شرعي يقابله دليل.
وأنا أقول وأكثر كلمة أقولها بحياتي: أقول ورد كذا، والدليل كذا، والدليل آية أو حديث، فأنا كونت عند المتلقي فكراً اسمه الفكر الدلالي، أي لا يوجد عندي شيء من عندي.
يقولون:
هذا عندنا غير جائز فمن أنتمُ حتى يكون لكم عندُ
* * *
لا يوجد شيء من عندي، أنا أقول كلمة: كيف البلور البلجيكي الجيد الغالي جداً شفاف شفافية مطلقة، أنا أرى أن النبي الكريم عليه الصلاة والسلام كان شفافاً في أن يشف عن دعوة الإسلام النقية، وكل داعية يجب أن يكون على قدر كبير من الشفافية، بحيث أن ينقل دعوة النبي كما جاءت، البلور الشفاف هذا أكمل شيء، و هناك بلور تريكو فيه صور، هذه الصور تعيق الرؤية، فهناك دعاة كبلور التريكو لا يشفون عن حقيقة هذا الدين.
المذيع:
إذاً اتفقنا فضيلة الدكتور أنه تريد أن تقول للسادة المستمعين: تبسيط المعاني وليس الدخول في نصوص، مثلاً قال ابن المسيب، أو قال فلان.
تبسيط المعاني أمر أساسي في الدعوة :
الدكتور راتب:
أنا رأيي الشخصي أن الإنسان في البدايات لو أنك قلت له الآراء المتعددة يتعقد، أنت تبنى رأياً مقتنعاً فيه ثم اعرضه عرضاً بسيطاً، وعندما يتقدم بالعلم تبلغه أن هناك آراء عديدة، بالبدايات آراء عديدة، أنت اعتمد رأياً مقتنعاً به، دليله واضح جداً، قريب من الفطرة والواقع، يكون الحكم أحياناً قريباً من الفطرة والواقع، ومعه دليل قوي، اعتمد هذا، فأنت بالبدايات تلقى توجيهاً موحداً، والخلافيات تكون بعد ذلك.
المذيع:
نعم، أستسمحكم عذراً دكتور محمد، معنا اتصال، نأخذ اتصالاً، على الهواء، السلام عليكم.
أسئلة و أجوبة :
السائل:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، تحياتنا للأخ مقدم البرنامج، والدكتور إبراهيم أبو محمد، والضيف العزيز على كل مسلم في أستراليا الدكتور الشيخ النابلسي، جزاكم الله خيراً على استضافته، أنا من أشد المعجبين بعلمه، وبتحليله العظيم للمواضيع المختلفة التي يتطرق إليها وفي صوته، وهذا ليس مدحاً في الوجه، في صوته نبرة تريح الأعصاب، وجزاك الله الخير يا شيخ.
وأنا أريد أن أقول شيئاً: أنا لست متابعاً الحلقة للأسف، لكن أنا سمعت في بداية البرنامج عن المولد النبوي الشريف، أنا أختلف مع فضيلة الدكتور النابلسي بأننا ممكن أن نفرح بميلاد النبي صلى الله عليه وسلم بدون أن نخالف سنته، الرسول صلى الله عليه وسلم كان يحتفل بميلاده يوم الاثنين، وقال: هذا يوم ولدت فيه، وترفع فيه الأعمال إلى الله عز وجل، لا يوجد أحد في الدنيا يوافق على الذي يحصل في الموالد، نحن عندنا في مصر تحصل حاجات غربية جداً.
الاحتفال بعيد المولد النبوي يجب أن يكون على مدار العام :
الدكتور راتب:
أنا أتحدث عن الموالد في الشام، أحد علماء مصر كان عندي بالشام، دعوته إلى حضور مولد فأبى إباء غير معقول، قلت له: أرجوك اذهب معي، والله لما ذهب معي بكى، لا يوجد غير قرآن، وحديث عن أسماء الله الحسنى، وأنا ألقيت كلمة، ونشيداً عن أسماء الله الحسنى، غير معقول، هذا المولد عندنا.
السائل:
الموالد التي تحصل في مصر يحصل فيها اختلاط بين الجنسين، ورقص، والصوفية لها عدة أعمال.
الدكتور راتب:
والرقص، يحدث كل شيء إلا المولد.
السائل:
وبعدها تخصيص يوم، هذا فيه إن.
الدكتور راتب:
أنا أقول: لا يوجد يوم إنما يجب أن يكون على مدار العام، أنا أيضاً بتعريفي ألغي اليوم، أن تجمع الناس في بيتك أو في المسجد.
السائل:
في ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم آراء أخرى على العموم اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية، فنحن نعزك جداً، ونقول لك صدقاً: جزاك الله خيراً ونورت أستراليا، وربنا يفرج على إخواننا في سوريا، ويزيل الغمة عنهم.
الدكتور راتب:
لكن أنت لما تفضلت وقلت المولد بذهنك ما يجري في مصر، وأنا لما قلت المولد بذهني ما يجري في سوريا.
السائل:
ليس فقط بمصر وبالمغرب أيضاً، انظر إلى الموالد في المغرب وفي بلاد أخرى حاجة غريبة جداً، على العموم نحن نتكلم كلنا نحب النبي صلى الله عليه وسلم، ونفرح بميلاد النبي صلى الله عليه وسلم، أنا نفسي أن أسمع الحلقة لكن لم أستطع أن أسمعها.
الدكتور إبراهيم:
سنقوم بتسجيلها على سي دي يا شيخ، وسنوصلها لك.
السائل:
الحلقة تعاد متى؟.
الدكتور إبراهيم:
الحلقة تعاد يوم الجمعة، الساعة الثامنة مساء.
السائل:
شكراً يا دكتور إبراهيم.
الدكتور إبراهيم:
شكراً على اتصالك يا مولانا.
المذيع:
دكتور اسمحوا لي بتعليق بسيط على سؤال فضيلة الشيخ المتصل، في أستراليا دكتور محمد عندنا حوالي عشرة أعياد نحتفل بهم، (( father day، (mother day)، فالانتاين، أدنى يوم للخيل، وهناك عطلة رسمية في مدينة ملبن، يا أخي ابنك سيضيع إذا ما خصصت يوماً للنبي، دكتور مع هذه الأيام الكثيرة التي يحتفلون بها، وأولادنا يعيشون في المجتمع الأسترالي أين المشكلة أن أضع يوماً للاحتفال بالمولد النبوي؟ اعتبرها علاجاً لا تعتبرها عبادة أنا أخذها من هذه الزاوية، صوب لي رأيي فضيلة الدكتور إبراهيم.
الفرق بين الحكم العام و الحكم الخاص :
الدكتور إبراهيم:
على فكرة المتصل شيخ من العلماء، أقول: هناك فرق بين الحكم العام والحكم الخاص، ما تفضلت به هو الحكم العام، تنزيل الحكم العام على واقعة من الوقائع هذا يأخذ حكماً خاصاً، قد يكون الحكم الخاص متناقضاًَ مع الحكم العام، يبقى الحكم العام مباحاً، ومطلوباً، ومندوباً، والحكم العام والحكم الخاص حرام كيف يكون هذا؟ استدعاء الواقعة في زمنها ومكانها، حضرتك عندما تحدثت، تحدثت عن المولد بضابط الشرعية في الشام، الشيخ لما استدعت ذاكرته استدعت المولد في مصر، لا يوجد تناقض إطلاقاً، و لا اختلاف بالموضوع، لماذا؟ لأن الشيخ تحدث عن الحكم العام، بينما الشيخ الثاني يتحدث عن الحكم الخاص.
الدكتور راتب:
في الشام المولد في المسجد، لا يوجد نساء، الشيء الثاني: نشيد في مدح النبي منضبط، وقرآن، وإلقاء كلمات.
الدكتور إبراهيم:
لا يوجد مانع أبداً، إنما المراجيح، والسهرة الثقافية، والخيام، والمطربون الذين يغنون في الخيمة، والجوزة، والأركيلة، هذا لا علاقة له، هذا مولد دنيا.
الدكتور راتب:
هناك فتوى جغرافية، كل بلد له فتوى جغرافية.
المذيع:
جميل جداً هذا الكلام، إذاً دكتور إبراهيم يمكن أن نعود لك بسؤال، هذا كان طلب الدكتور النابلسي.
الدكتور إبراهيم:
والله أنا جئت إلى الحلقة امتثالاً لأنه شيخنا وأستاذنا، وأنا كنت أريد أن يستمتع المستمعون به وحده، لا نشوش عليهم.
المذيع:
دكتور محمد، نرجع لك بالسؤال، هل هناك فرق تطبيق للقدوة، أن يطبق المفاهيم اختلاف الزمان، أنا أؤكد على اختلاف الزمان الذي أشار إليها الدكتور إبراهيم، عندما بعض الدعاة تسأله عن مسألة معينة، يقول لك: قال عليه الصلاة والسلام، وكان النبي يأكل كذا، وكان النبي يفعل كذا، وانتهى الموضوع ويترك الموضوع، يترك السائل في حيرة، كيف أنا أطبق؟.
علامات نجاح الدعوة :
الدكتور راتب:
من علامات نجاح الدعوة أن تلحظ البيئة التي تلقى بها هذه الدعوة، وأن تلحظ الاهتمامات التي تعيشها، أنت حينما تدعو إلى الله، ويأخذ ذهنك معطيات البيئة، معطيات البلد، طبعاً فيما يتعارض مع الدين تكون ناجحاً جداً في الدعوة، إذاً حينما تدعو إلى الله عليك أن تدعو في ضوء خصائص البيئة التي تعيشها.
المذيع:
يحضرني سؤال من الذاكرة، تعرضنا إليه في ندوة كانت للشباب، فسأل أحد الآباء هذا الكلام في سدني قبل سنتين، كان هناك أحد الأخوة يحسب من أهل العلم، من طلبة العلم له منهج معين، سأل: يا شيخ، هل أسمح لأولادي أن يقرؤوا المجلات التي في أستراليا ويطلعون على الإعلام وعلى المجلات؟ أجاب هذا الداعية مع شديد الأسف، قال له: تخيل هذا السؤال، لو النبي صلى الله عليه وسلم موجود معنا اليوم، هل كان سيقرأ المجلات؟ ووضع السائل في زاوية ضيقة، محرجة جداً، قال: والتلفزيون، والسينما، والإعلام الموجود الذي يكتسح العالم، ونحن في بلد غربي، أجاب هذا الرجل، قال: تخيل، أي سؤال، قال: تخيل وجود النبي بيننا فهل يفعل هذا؟ وقس على ذلك، تعليقك على هذا السؤال.
دور الفضائيات الإسلامية في نشر الإسلام و التعرف على العلماء :
الدكتور راتب:
والله الحقيقة هناك معطيات نعيشها لها أثر كبير جداً، أنت حينما توجه الناس إلى سلبيات هذا السائل، وتثمن إيجابياتها، تكون معتدلاً وعلمياً، مثلاً تؤدي الآن الفضائيات الإسلامية دوراً بالدعوة كبيراً جداً، كان العالم موجوداً في مدينة واحدة، بمسجد واحد سابقاً.
الآن الداعية، أنا ذهبت إلى البرازيل كأنني في الشام، ذهبت إلى كندا كأنني في الشام، إلى شمال السويد كأنني في الشام، أثر الفضائيات مذهل، والله مرة في أماكن بعيدة في البرازيل القاعة مكتظة، أنا لست معروفاً من دون الفضائيات، إلا بالفضائيات، معنى هذا أن هذه الوسائل الحديثة قدمت ثماراً يانعة جداً في الدعوة، أنا ينبغي أن أشجع أن تبقى هذه الفضائيات تبث الدعوة، لكن يوجد تحذير، أنا أقول لهم: الفضائيات الغير إسلامية كالخمر تماماً:
﴿ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا ﴾
المذيع:
دكتور إبراهيم هل هذه الفتوى تطبق على المجتمع الأسترالي؟.
المناعة الثقافية الموجودة لدى الإنسان تعرفه ما يقبل و ما لا يقبل :
الدكتور إبراهيم:
تعتمد المسألة على المناعة الثقافية الموجودة لدى الإنسان، الإعلام في أستراليا فيه أشياء كثيرة جداً، وهذا جزء من ثقافتهم نحن لا نرضى عنه، ولا نقبله، لكنه جزء من ثقافتهم، ولا يمكن أن تفرض إرادتك عليهم، لا يعجبك، لا تراه، لكن أيضاً هناك جوانب أخرى لا تستطيع لا تراها، لا تستطيع أن تكون معزولاً عن مجتمعك ولا ترى نشرة الأخبار، فالحكم ليس عاماً، أقفل، وأنزع كبس الكهرباء، وأطفئ النور، وانتهى الأمر، القضية قضية استعمالك لهذه الآلة، استعمالك لهذا الشيء.
الآن كما تفضل الشيخ عندنا في أستراليا يمكنك أن ترى الجزيرة، يمكنك أن ترى اقرأ، يمكنك أن ترى قناة كالبي بي سي، يمكنك أن ترى قناة الناس، قناة الهدى، قناة الحكمة، عشرات القنوات موجودة على الفضائيات، وحتى الولد الآن أنت تأتي لابنك بكومبيوتر إلى البيت، فيلعب، يلعب ألعاباً في البيت، الفضائيات تأتي نفسها، ممكن أنت أن تثبت له واحدة أو اثنتين، وحتى هناك قنوات للأطفال، قنوات إسلامية متخصصة للأطفال، تثبت له قناة أو اثنتين يمكن أن يستفيد بها، أما الحكم العام فلا ينفع.
الحق يغلب الباطل دائماً :
الدكتور راتب:
أريد أن اثني على كلام فضيلة الدكتور، أنت حينما تقدم له الحق أولاً، هو متاح له أن يرى كل شيء، لكن صار معه مقياس، أنت إذا قدمت له الحقيقة الناصعة، بأدلتها، بثمارها، بخصائصها، بشكل جيد جداً، هذا صار عنده أصل، الآن هو يوازن به، وأي اتجاه آخر هو اتجاه سلبي، تقدم له الحق أولاً، الحق يغلب على الباطل دائماً، فإذا أنت ربيته تربية جيدة، وقدمت له شيئاً صحيحاً هذا الصحيح صار هو المقياس عنده، لذلك ممكن أن يقيم كل شيء في ضوء ما ربيته عليه.
المذيع:
إذاً الإجابة كانت متطرفة.
الدكتور إبراهيم:
نحن لا نقيّم إجابة الرجل، هذه وجهة نظره نحن لا نقيمها لكن نحن نقول ما نراه، أي الشيخ يتفضل و يقول رؤيته، وأنا أقول رؤيتي، الشيخ في الموضع هذا قال رؤيته، وانتهى الأمر.
الدكتور راتب:
أنت مع ابنك، بدون دعوة، مساء اجلس معه ساعة، حدثه عن القرآن، عن أحكام القرآن، عن إعجاز القرآن، عن مصداقية القرآن، فأنت هذا الحديث جعلته مقياسه القرآن، هو سيقرأ مجلة، يسمع خبراً فيقيّمه دون أن يشعر بعقله الباطن بالقرآن.
المذيع:
جميل جداً، هذا ما كنا ننتظره دكتور محمد، نحدث الأولاد عن قيم معينة، في أوقات صفاء ذهني للأولاد يتكون المقياس دون أن أقول له: تعال يا بني هذا مقياس.
الابتعاد عن التكلف في تعريف الأولاد بالمقاييس الصحيحة :
الدكتور راتب:
لا، دون أن يشعر، هو عرف أن هذا وحي، هذا كلام خالق الأكوان، وهناك ترابط مع فطرته، مع عقله، مع كيانه، مع واقعه، فيقبله بحكم الفطرة، صار عنده المقياس دون أن يشعر، ما من داع للتكلف، هذا مقياس، يرى موقفاً مشيناًَ، فيعرف أن هذا الموقف غلط، أنت أعطيته مقياساً دون أن تشعر، دون أن يشعر هو.
الدكتور إبراهيم:
أنا أريد أن أشير إلى مشكلة عندنا، على البعض، بعض الآباء، وبعض الأمهات مع الأسف الشديد، أحياناً يظن أنه لمجرد أنه أخذ ابنه إلى مدرسة إسلامية انتهى الموضوع، أنا أدفع ألفي دولار في السنة، أو ثلاثة آلاف دولار في السنة، أنا أديت الذي عليّ.
مكانة الأم و الأب في حياة الأولاد كبيرة جداً :
الدكتور راتب:
أنا تعليقي: لا يمكن أن تحل جهة في الأرض محلك كأب.
الدكتور إبراهيم:
ولا محل الأم على الإطلاق، تماماً هذا الذي نريد أن نوصله للناس، أنه ليس معنى إذا أخذت ابنك إلى مدرسة إسلامية انتهى الأمر وتفرغت أنت من مسؤولياتك، لا يمكن أن حاجة في الدنيا تحل محل الأب والأم، وبالتالي أنا أيضاً أعتقد أن الأب الذي لا يجد وقتاً لكثرة عمله، و نجاحاته، و تحقيقه الأرباح الكثيرة، ويظن أنه يفعل ذلك لأولاده، بينما أولاده لا يجدون من وقته ساعة كما تفضلت ليجلس معهم، ويتحدث معهم، في الأمور التي تحميهم في المستقبل، مع الأسف الشديد أنا أعتقد أن هذا الأب يساهم في خسارة أبنائه، يساهم في ضياعهم، لأنه جزء من المسؤولية، جزء من العمل اليومي، الذي يكسب منه هو رسالته مع أولاده.
الدكتور راتب:
أحد أنواع اليتم، طفل يجد أماً تخلت، أو أباً مشغولاً، هذا يُتْم.
الدكتور إبراهيم:
دكتور محمد، ليس اليتيم من؟
الدكتور راتب:
لكن من يجد أماً تخلت أو أباً مشغولا، هذا اليتيم.
المذيع:
شيء جميل دكتور محمد، أعود للسؤال الأول، أنت وضعت منهاجاً راقياً جداً، أن أُحدّث ابني عن الفضائل بأسلوب بسيط ليفهمها، أنا مضطر لإعادة كلامك لترسيخه عند الأخوة والأخوات.
الدكتور راتب:
لكن هذا الأب يجب بادئ ذي بدء أن يطلب العلم، فاقد الشيء لا يعطيه.
المذيع:
أنا معك فضيلة الدكتور حتى لو كانت المعاني التي يزرعها بسيطة عند الولد أو البيت ثم عندما يتكون عنده هذا المقياس والمناعة دون أن يشعر يقيس عليه الخطأ عندما يتعرض إلى مجلة، أو تلفزيون، أو موقف في الشارع، هل على الأب أن يوضح للولد الأشياء الممنوعة أم يتكلم في المحاسن فقط؟
على الآباء توجيه أولادهم و تنويرهم بأسلوب لطيف :
الدكتور راتب:
لا أنا أخاف خوفاً شديداً أن تزل قدم الابن بشيء ممنوع، فيظنه مباحاً، لابد من التوجيه، وهناك خطأ، وبرامج خاطئة، وبرامج مؤذية، هذا تعطيه تنويراً لكن بأسلوب لطيف، الطفل لا يظن واهماً أن كل شيء صح، لا ليس كله صح، هناك أشياء غير صحيحة.
المذيع:
بالضبط هذا كان سؤالي، إذاً على المربي الأب والأم أيضاً أن يوضحا للولد عن الخمر، والمخدرات.
الدكتور راتب:
سيدي كلام خالق الأكوان فيه حديث عن الخمر، وعن الزنا، وعن المعاصي، للتنبيه.
المذيع:
بعض الآباء كان يحدث ابنه عن الأمور الجنسية و ابنه لما يبلغ بعد، فقال له آخر: لا تحدث الولد عن هذا، فسأله لماذا؟ قال: أنت تفتح عينه على هذه الأمور التي لم يأخذها من المدرسة، بعد فترة هناك متطوعون يعطونه هذه المعلومات دون مقابل بالمدرسة.
على الإنسان أن يعلم ابنه ما هو خطأ كما يعلمه ما هو صواب حتى يحذر الخطأ :
الدكتور راتب:
أنا عندي قصة بالشام، قصة غريبة جداً، أب كان حريصاً على ابنه حرصاً يفوق حدّ الخيال، بأن يحجزه عن كل شيء غلط، فسافر إلى أمريكا مضطراً، له قريب مريض، فهذا الابن بغياب والده انحرف انحرافاً مخيفاً، لم يتلقَ من والده ولا دقيقة أن هناك خطأ، هناك علاقة محرمة هذه لا تجوز، تكلم فقط عن الصواب، ما قال له عن الخطأ.
أنا أقول: يجب أن تعلم ابنك ما هو خطأ كما تعلمه ما هو صواب حتى يحذر الخطأ.
المذيع:
إذاً ليس من العيب أن أطرق مع ولدي وبصراحة الأمور الجنسية.
أكبر خطأ أن يترفع الأب والأم عن تلقين أولادهما في القضايا الجنسية :
الدكتور راتب:
أنا أعدّ أكبر خطأ أن الأب والأم يترفعان عن تلقين أولادهما في القضايا الجنسية، الأم تبلغ ابنتها، والأب يبلغ ابنه، هناك حالات تطرأ على الطفل بعدما يبلغ، لا يوجد عنده معلومات عنها، أحياناً يمارس العادة السرية سنوات طويلة و لا يعلم أن هذا خطأ، هناك خطأ كبير أنه أنت تترفع أن تتكلم عن أشياء جنسية، لا ،جزء من الدعوة، طبعاً هناك أساليب لطيفة جداً تتكلم بها.
﴿ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ ﴾
هذا كلام قرآني، أدب قرآني،
﴿ أَوْ لَامَسْتُمُ ﴾
بمعنى الجماع، يقرأها طفل:
﴿ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ ﴾
﴿ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ ﴾
وراء ذلك تحتوي ألف انحراف جنسي، انظر إلى القرآن كيف فيه عبارة مؤدبة.
الدراسات الفقهية تعرف الإنسان بأحكام الإسلام بشكل لطيف و مهذب :
الدكتور إبراهيم:
الدراسات الفقهية فضيلة الشيخ، الدراسات الفقهية نفسها باب الطهارة يتناول كل هذه الأمور، وبشكل لطيف جداً، حتى ونحن صغار في المعهد الديني درسنا باب نواقض الضوء، حدث أكبر، وحدث اصغر، جاءت كجرعة فقهية أصبحت في ذاكرتك حاجة اسمها الحدث الأكبر والحدث الأصغر، وهناك حاجة اسمها أحداث وأسباب أحداث، والدراسات الفقهية تقدم لك هذا الكلام على مستوى الذكر، وعلى مستوى الأنثى، والحيض والنفاس، وكل هذه المسائل هي جزء حتى في الثقافة الإسلامية، المشكلة أن المجتمع الإسلامي حصل فيه نوع من الإقصاء، أو نوعين من الإقصاء، الإقصاء العملي، والإقصاء الثقافي والعقلي، الإقصاء العملي أحكام الإسلام بعدت عن الحياة، أو استبعدت من الحياة، كان هذا الإقصاء العملي، والإقصاء العقلي والثقافي أصبح المسلم ليس له بالعلاقات الفقهية، قد يتخرج من الجامعة وهو لا يعرف أحكام الوضوء، ولا الطهارة، فالتكوين الطبيعي للمسلم جزء من هذه المسألة، أن تتعرض لها بشكل لطيف، ومهذب، وفيه رعاية للمشاعر، ولا يوجد فيه لفت نظر.
المذيع:
فضيلة الدكتور إبراهيم نشكر هذا الإيضاح، الحقيقة الدكتور محمد أسعدنا وجودك بشكل لا يوصف، لكن جاءنا سؤالين ممكن أن نعرضهم على حضرتك، على فضيلة الشيخ محمد.
سيدة كبيرة بالثمانين، ذاكرتها قوية، دائماً يحدث لها الحدث الأصغر هل تسقط عنها الصلاة؟
الحدث الأصغر لا يسقط الصلاة :
الدكتور راتب:
لا، إذا كان عندها عدم ضبط تتوضأ لكل صلاة.
المذيع:
وإذا كانت أثناء الصلاة.
الدكتور راتب:
لا تؤاخذ، ما دام عندها حالة غير طبيعية، تتوضأ وضوءاً واحداً لكل صلاة.
المذيع:
هي تتوضأ فضيلة الشيخ، لكن في الصلاة أيضاً يتم الحدث الأصغر.
الدكتور راتب:
هذا الحكم ينطبق عليها، عندها مشكلة تتوضأ وتصلي.
المذيع:
لدينا سؤال آخر أيضاً، وصل تحت الهواء، تقول: توفي الوالد ويوجد أرض، نزل أخو هذه السيدة إلى المحكمة الشرعية في لبنان، حتى يبحث مسألة الأرض، قالوا له: إن الأرض أميري بمعنى أن حصة البنت مثل حصة الرجل؟
الأرض الأميرية في بلاد المسلمين توزع وفق الشريعة الإسلامية :
الدكتور راتب:
الجواب الشرعي: ليس موجوداً في الشرع توزع الأرض الأميرية وفق الشريعة الإسلامية.
﴿ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ﴾
أصل الموضوع للذكر كالأنثى، أما الأرض الأميرية في بلاد المسلمين فيجب أن توزع وفق الشريعة الإسلامية.
المذيع:
إذا وجدتها في لبنان توزع للذكر مثل الأنثى ماذا تفعل؟ تتمثل للأمر؟.
الدكتور راتب:
ممكن أن تمتثل، وتعطي أخاها حصتها، ممكن.
المذيع:
إذا اضطرت والقانون أجبرها أن تأخذ حصة من حصة أخيها عليها أن تعطي.
الدكتور إبراهيم:
عليها أن تعلم أن الجزء المضاف إليها أخذته زيادة عن نصيبها الشرعي، وهذا ليس من حقها، من حق أخيها، يجب أن تعلم هذا، وهي بالتالي مطالبة أن تؤدي له.
الدكتور راتب:
لكن لو قالت لأخيها: هي لك، انتهى، الله يتدخل إذا اختلفنا، فإذا اتفقنا لا يتدخل.
الدكتور إبراهيم:
﴿ فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ ﴾
المذيع:
جميل جداً، نرجو أن يكون أصحاب الأسئلة قد استمعوا إلى الإجابات الواضحة من فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي، والدكتور إبراهيم أبو محمد.
أخواني وأخواتي مستمعو إذاعة القرآن الكريم، بكل أسف نقول: إن وقت البرنامج قد انتهى مع الضيوف الكرام لكن هذا قانون الوقت، وفي نهاية البرنامج فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي ماذا تريد أن تقول بكلمة سريعة؟.
كلمة الدكتور راتب النابلسي لأبناء الجالية في أستراليا :
الدكتور راتب:
أقول لأخواني المقيمين في هذا البلد:
﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾
النبي الكريم قال:
(( اتقِ الله حيثما كنت ))
ولو بأستراليا، في أي مكان، وأي مكان قابل أن تطيع الله فيه، وأن تبلغ أعلى درجة في الإيمان، وقد تنجح في الحياة الدنيا وفي الآخرة، هناك بعض الأخوة من الجالية يقولون: هذا بلد صعب أن نستقيم فيه، هذا بلد كذا، هذه كلها حجج لا يقبلها الله عز وجل، أما إذا حال بلد بينك وبين أن تعبد الله فيجب أن تغادره.
أنت ذهبت إلى باريس لسبب واحد نيل الدكتوراه من السوربون، فإن لم تقبل في الجامعة يجب أن تغادر باريس، إذا حال بلد، ولا أظن ذلك، بالعكس قد يكون أسهل، إذا حال بلد بينك وبين أن تعبد الله فينبغي أن تغادر.
خاتمة و توديع :
المذيع:
بارك الله فيك دكتور محمد راتب النابلسي، دكتور إبراهيم كلمة أخيرة.
الدكتور إبراهيم:
يعز علينا أن زيارة الشيخ تكون أسبوعين، ونحن نحتاج أن يكون معنا لوقت أطول، لأن حاجتنا إليه أكثر، توجيهه، وأسلوبه، وآدابه، التي نحن جميعاً نستفيد إليها، نتمنى لو أنه يسكن عندنا.
الدكتور راتب:
لكن أنا كطبيب عندي بمكان خمسة آلاف زبون، وبمكان خمسة زبائن فقط.
المذيع:
أمدك الله بالعافية.
الدكتور إبراهيم:
أمدك الله بالصحة والعافية، وفي العالم العربي نظائر وأشباه وإن لم يصلوا إلى مستوى الشيخ إنما نحن لا يوجد عندنا أحد فنحتاج إليه في شدة والله، وأنا أسعد والله بوجوده دائماً وأسعد أكثر برؤيته، وبالقرب منه.
الدكتور راتب:
لا أضن بشيء عندي لكم.
الدكتور إبراهيم:
أعزك الله و بارك فيك.
المذيع:
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجمعنا عنده إن شاء الله عند:
﴿ مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ﴾
الدكتور راتب:
قبل عنده نلتقي بالشام لنكرمكم أعلى تكريم.
المذيع:
شرف لنا، ختام لهذا اللقاء الممتع أخواني وأخواتي إذاعة القرآن الكريم في كل مكان تتوجه بالشكر الكبير لفضيلة الداعية الإسلامي المعروف الدكتور محمد راتب النابلسي.