- أحاديث رمضان / ٠09رمضان 1423هـ - أحاديث قدسية وأدعية
- /
- 2- رمضان 1423 - أدعية مأثورة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
الطعام والشراب هما النشاط الأول الذي يمارسه الإنسان كل يوم :
أيها الأخوة المؤمنون: الدعاء والطعام والشراب، النشاط الأول الذي يمارسه الإنسان كل يوم هو أن يأكل وأن يشرب، والله سبحانه وتعالى وصف الأنبياء وهم قمم البشر بأنهم يأكلون الطعام، ويمشون في الأسواق، لأنهم بشر، ولأن كل خصائص البشر تجري عليهم إذاً هم مفتقرون في وجودهم إلى الطعام والشراب، ومفتقرون في كسب ثمن الطعام والشراب إلى أن يمشوا في الأسواق، يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق.
وكل واحد منا لابد من أن يأكل، ولا بد من أن يحصل رزقاً يشتري به الطعام والشراب، هذه سنة الله في خلقه، إذاً المؤمن يأكل ويشرب، ولكن ماذا يأكل؟ وكيف يأكل؟ هذا مما يتميز به كل بني آدم، يأكلون ويشربون وقد قال الله عز وجل عن هؤلاء الشاردين:
﴿ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً ﴾
لكن المؤمن يأكل ويشرب إلا أنه يعلم ماذا ينبغي أن يأكل وكيف يأكل وكيف يشكر الله على أنه أكل.
الطيبات التي خلقها الله مسموح لنا أن نأخذ منها وأن نشكر الله عليها :
فالنقطة الأولى أن النبي عليه الصلاة والسلام في بعض أحاديثه يقول:
(( اخشوشنوا فإن النعم لا تدوم ))
الإنسان حينما يُعوّد نفسه على المبالغة في الاستمتاع بطيبات الحياة ثم يقل دخله لسبب أو لآخر يرى نفسه مضطراً إلى كسب المال الحرام، أو إلى ممالئة السلطان، أما إذا عود نفسه على عيش خشن، أحياناً على كميات قليلة جداً من الطعام، على طعام بسيط جداً، رخيص جداً، إذا عود نفسه على هذا بقي على مبدئه، ولا تأخذه في الله لومة لائم.
إذاً من صفات المؤمن أنه إذا أكل طيباً يشكر الله ويحمده، وأنه إذا اضطر يمكن أن يعيش حياةً خشنة جداً حفاظاً على مبادئه لأن كلمة لا يقولها المؤمن بملء فمه:
((رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى عَلَى عُمَرَ قَمِيصًا أَبْيَضَ فَقَالَ: ثَوْبُكَ هَذَا غَسِيلٌ أَمْ جَدِيدٌ؟ قَالَ: لَا بَلْ غَسِيلٌ، قَالَ: الْبَسْ جَدِيدًا وَعِشْ حَمِيدًا وَمُتْ شَهِيدًا))
زينة الله عز وجل في الطعام والشراب واللباس لم تحرم على المؤمن:
(( الْبَسْ جَدِيدًا وَعِشْ حَمِيدًا وَمُتْ شَهِيدًا))
معنى ذلك أن هذه الطيبات التي خلقها الله مسموح لنا أن نأخذ منها، وأن نشكر الله عليها.
من يصبر يأتيه الرزق الحلال :
والنبي عليه الصلاة والسلام إذا أكل كان يقول وقد وجهنا فقال:
((إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ طَعَامًا فَلْيَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ فَإِنْ نَسِيَ فِي أَوَّلِهِ فَلْيَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ فِي أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ ))
معنى كلمة بسم الله أي لولا أن الله خلق هذا الطعام لما أكلته، أنا آكله بسم الله الذي خلقه، بسم الله الذي أكرمني به، بسم الله الذي أعطاني إياه، وقد ذكرت لكم أن الإنسان مقسوم رزقه، لكن طريقة وصول هذا الرزق إليه باختياره، وكنت ذكرت مرةً أن تفاحةً على شجرة في بستان، هي لفلان، فلان قد يأكلها سرقةً لا سمح الله، وقد يأكلها ضيافةً، وقد يأكلها تسولاً، وقد يأكلها شراءً، وقد يأكلها هديةً، تنوعت الطرق في وصولها إليه بحسب اختياره واستقامته وورعه لكن هذه التفاحة له.
إذاً حينما يصبر الإنسان يأتيه الرزق الحلال وقد قال عليه الصلاة:
((أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ فَإِنَّ نَفْسًا لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ رِزْقَهَا وَإِنْ أَبْطَأَ عَنْهَا فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ خُذُوا مَا حَلَّ وَدَعُوا مَا حَرُمَ - وهناك زيادة ببعض الروايات- واستجملوا مهنكم))
يقول عليه الصلاة والسلام:
((إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ طَعَامًا فَلْيَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ فَإِنْ نَسِيَ فِي أَوَّلِهِ فَلْيَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ فِي أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ ))
انعدام قيمة المال إن لم يكن هناك طعام يأكله الإنسان :
وفي حديث آخر من شمائله عليه الصلاة و السلام أنه إذا أكل أو شرب يقول:
((الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنَا وَسَقَانَا وَجَعَلَنَا مُسْلِمِينَ ))
ما قيمة المال إن لم يكن هناك طعام تأكله؟ والناس يتوهمون أنهم يدفعون ثمن طعامهم، إنهم يدفعون ثمن خدمات حفت بطعامهم، التفاحة مثلاً لا يمكن لبشر أن يصنعها، تدفع أنت ثمن الخدمات التي رافقت هذه الفاكهة، تدفع ثمن الخدمات، أما:
((الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنَا وَسَقَانَا وَجَعَلَنَا مُسْلِمِينَ ))
وقال عليه الصلاة والسلام:
((إِنَّ اللَّهَ لَيَرْضَى عَنْ الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الْأَكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا))
هناك أناس لا يستطيعون أن يأكلوا يأتيهم الغذاء على شكل سائل يحقن في أوردتهم، النبي عليه الصلاة و السلام من أدعيته أنه إذا خرج من الخلاء يقول:
(( الحمد لله الذي أذاقني لذته، وأبقى فيّ منفعته، وأذهب عني أذاه ))
هذا علم، ذاق طعم الطعام، و بقي في جسمه المواد المغذية المرممة، المواد التي تنقلب إلى طاقة، أما الفضلات فخرجت بيسر و سلام.
نعم الله عز وجل لا يعرفها إلا من فقدها :
أيها الأخوة: من أدعية النبي عليه الصلاة و السلام:
(( عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ حَدَّثَهُ رَجُلٌ خَدَمَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَمَانِ سِنِينَ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قُرِّبَ لَهُ طَعَامٌ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ فَإِذَا فَرَغَ مِنْ طَعَامِهِ قَالَ: اللَّهُمَّ أَطْعَمْتَ وَأَسْقَيْتَ وَأَغْنَيْتَ وَأَقْنَيْتَ....))
ألا ترون أن البواخر حينما تغرق و يركب بعض الركاب في قوارب النجاة أن معظمهم يموت عطشاً و هو على البحر؟ لو أن الماء كان أجاجاً ماذا نفعل؟ من الذي جعل هذا الماء العذب الفرات في الينابيع و الأنهار؟ يموت الإنسان في البحر عطشاً، البحر كله ماء، من جعله عذباً فراتاً و جعل البحر ملحاً أجاجاً؟ أحياناً الشيء المألوف قد لا ننتبه إليه
الشجرة معمل صامت بلا ضجيج و بلا صوت، تحمل هذه الفاكهة اليانعة، الفاكهة حجمها مناسب، طعمها طيب، رائحتها زكية، قوامها يتناسب مع أسنانك، كل ما في الفاكهة متناسب مع جسمك، محببة، مرغوبة، من جعل هذا الطعام طيباً؟ لو أن الطعام الذي يقوي أجسادنا مر أو لا يستساغ ماذا نفعل؟
((الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنَا وَسَقَانَا وَجَعَلَنَا مُسْلِمِينَ))
و في الدعاء الثاني:
((عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ حَدَّثَهُ رَجُلٌ خَدَمَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَمَانِ سِنِينَ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قُرِّبَ لَهُ طَعَامٌ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ فَإِذَا فَرَغَ مِنْ طَعَامِهِ قَالَ اللَّهُمَّ أَطْعَمْتَ وَأَسْقَيْتَ وَأَغْنَيْتَ وَأَقْنَيْتَ وَهَدَيْتَ وَاجْتَبَيْتَ فَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى مَا أَعْطَيْتَ))
أطعمت و سقيت.
الطعام و الشراب و نتائج الاستقلاب من نعم الله الكبرى على الإنسان :
أذكر مرة أن أحد الأخوة الكرام توفاه الله عز وجل بفشل كلوي، فكان يذهب كل أسبوع إلى المستشفى ليغسل دمه، مرة عنفته الممرضة و قالت له: لا تشرب هذا الأسبوع ماء الآلة معطلة، تركت هذه الملاحظة في ذهني انطباعاً أن الإنسان حينما يشرب إذا عطش هذه نعمة لا يعرفها إلا من فقدها، تشرب إذا عطشت، أما هذا فممنوع أن يشرب لأن الآلة معطلة، هذه الكلية التي في جسم الإنسان حجمها بحجم قبضة اليد لا صوت لها، و لا عبء في حملها، أما جهاز التنقية فيزيد عن حجم هذه الطاولة، ينبغي أن تستلقي ست ساعات كي يغسل الدم و المبلغ كبير، فالذي أطعمنا و سقانا و سهل خروج الفضلات و خروج الماء الذي يحمل حمض البول و نتائج الاستقلاب في الجسم، هذا من نعم الله الكبرى:
(( عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ حَدَّثَهُ رَجُلٌ خَدَمَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَمَانِ سِنِينَ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قُرِّبَ لَهُ طَعَامٌ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ فَإِذَا فَرَغَ مِنْ طَعَامِهِ قَالَ: اللَّهُمَّ أَطْعَمْتَ وَأَسْقَيْتَ وَأَغْنَيْتَ وَأَقْنَيْتَ وَهَدَيْتَ وَاجْتَبَيْتَ فَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى مَا أَعْطَيْتَ))
ما يقوله عليه الصلاة و السلام عقب تناول الطعام :
و هناك دعاء آخر يقول عليه الصلاة و السلام عقب تناول الطعام:
(( مَنْ أَكَلَ طَعَامًا ثُمَّ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنِي هَذَا الطَّعَامَ وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلَا قُوَّةٍ))
النتاج الزراعي أحياناً يكون سعره رخيصاً جداً، مبذول فيه جهود كبيرة جداً، و جهود علمية، و جهود التسميد، و جهود التهوية والتدفئة، و أنت لا تدري تأكل هذه الحاجة، أو هذه الفاكهة، أو أنواع الخضراوات بسعر معتدل جداً، بسبب كثرة الإنتاج، و قد ورد أن:
(( غَلَا السِّعْرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ سَعِّرْ لَنَا؟ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُسَعِّرُ....))
و في دعاء آخر:
((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَكَلَ أَوْ شَرِبَ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَ وَسَقَى وَسَوَّغَهُ وَجَعَلَ لَهُ مَخْرَجًا))
عندما طلب خليفة كأس ماء فقال له من حوله: يا أمير المؤمنين بكم تشتري هذا الكأس إذا منع منك؟ قال: بنصف ملكي، قال: فإذا منع إخراجه؟ قال: بنصف ملكي الآخر.
الذين عندهم احتباس في البول يعلمون هذه النعمة التي أنعم الله بها على عباده أن هذا الماء تشربه وجعل الله له مخرجاً.
من حصّل نعمة الهدى و الصحة و الكفاية فقد حيزت له الدنيا بحذافيرها :
وفي دعاء آخر:
((الْحَمْدُ لِلّهِ الّذِي مَنّ عَلَيْنَا وَهَدَانَا، وَاَلّذِي أَشْبَعَنَا وَأَرْوَانَا، وَمِنْ كُلّ الْإِحْسَانِ آتَانَا))
معنى ذلك أن نعمة الهدى لا تعدلها نعمة، النعمة الأولى نعمة الهدى، والنعمة الثانية نعمة الصحة، والنعمة الثالثة نعمة الكفاية، ومن أصبح آمناً في سربه معافى في جسمه، عنده قوت يومه، فقد حيزت له الدنيا بحذافيرها، ثلاث نعم لا تعدلها نعم.
ملك سأل وزيره: من الملك؟ والملك جبار قال: أنت و هل هناك ملك آخر؟ فقال له: لا، الملك رجل لا نعرفه ولا يعرفنا، له بيت يؤويه، وزوجة ترضيه، ورزق يكفيه، إنه إن عرفنا جهد في استرضائنا، وإن عرفناه جهدنا في إذلاله.
فالإنسان الذي أنعم الله عليه بنعمة الهدى، وأنعم الله بنعمة الصحة، وأنعم الله عليه بنعمة الكفاية، فقد حيزت له الدنيا بحذافيرها.
فوائد الخل :
كان عليه الصلاة والسلام إذا دخل بيته فلم يجد شيئاً يأكله يقول: "إني صائم".
إن كان هناك طعام يأكل ويشكر، إن لم يكن هناك طعام يصبر، إني صائم، وقد قدم له خل مرةً فقال:
((نعم الإدام الخل))
و لعل سبب هذا الحديث جبراً لهذا الأخ الذي قدم له خلاً فقط ثم اكتشف أن في الخل فوائد لا يعلمها إلا الله، الخل له خصائص في إذابة الشحوم، وفي تنقية التوعية لا يعلمها إلا الله، ففهم الحديث على معنىً آخر أن الخل مادة أساسية في غذائنا، والحديث الآن عن خل التفاح لا يصدق، عن فوائد خل التفاح، فالإنسان حينما يأكل أو يشرب خلاً من حين إلى آخر قد علمت أن كأس شاي من خل التفاح يعيد للجسم حيويته ونشاطه، ويعمل على انتظام عمل الغدد الصماء، وهي من أخطر أجهزة الجسم.
إذاً نعم الإدام الخل قالها تواضعاً، وقالها جبراً، وقالها علماً.
الإنسان مكرم من كل الجهات :
الآن هذا الطعام إذا خرج كان عليه الصلاة والسلام يقول:
(( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنِّي الْأَذَى وَعَافَانِي ))
هل تصدقون أن إنساناً أصيب بشلل في مستقيمه، ماذا يعمل كي يذهب هذا الأذى؟ شيء لا يصدق، آلام لا تحتمل، جهود مستقذرة لا تقبل، لو أن هذا المستقيم أصابه الشلل هناك أمراض تجعل حياة الإنسان جحيماً:
(( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنِّي الْأَذَى وَعَافَانِي ))
والدعاء الذي ذكرته في مقدمة الدرس:
(( الحمد لله الذي أذاقني لذته، وأبقى فيّ منفعته، وأذهب عني أذاه ))
أيها الأخوة: هذه الأدعية الحقيقة أن الإنسان إذا دعاها هو موصول بالله عز وجل هذا معنى قول الله عز وجل:
﴿ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ ﴾
جلست إلى الطعام هناك من يشتهي أن يأكل، هناك من يأكل أكلاً لا يقيم أوده، والحديث عن ألوان الفقر في العالم حديث غني جداً، بتفاصيل مذهلة، يتفطر لها القلب، فإذا وجد أحدنا ما يأكل فهذه نعمة كبرى، ويجب أن يشكر الله عليها، وأن يعلم أن الله سمح له أن يأكل، أعطاه أجهزةً تسوغ له أن يأكل، أعطاه أجهزةً تطرح عنه الفضلات، أعطاه مالاً يشتري به الطعام، إذاً المؤمن مكرم من كل الجهات، لكنه يأكل ليعيش، لا يعيش ليأكل، وهذا الفرق الكبير بين المؤمن وغير المؤمن، هو يأكل ليعيش، بينما غير المؤمن يعيش ليأكل، أما إذا ارتقى المؤمن فهو يعيش ليعرف الله، هناك من يعيش ليأكل هذا مستوى بهيمي، وهناك من يأكل ليعيش، وهناك من يعيش لمعرفة الله عز وجل.