- التربية الإسلامية / ٠7موضوعات مختلفة في التربية
- /
- ٠2دروس حوارية
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا ، إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين ، أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
لابد من الصراحة ولو كانت مُرّة :
أيها الإخوة ، في الدرس الماضي كان معظم الحديث عن أخطار التدخين ، وانطلاقاً من أن النعامة تغمس رأسها في الرمال متجاهلة الخطر المحدق بها ، وغمس رأسها في الرمل لا يعفيها من الخطر الذي سيداهمها ، لذلك أرى أن المصارحة والمكاشفة وعرض الحقيقة المرة المؤلمة أقرب إلى نجاحنا ، وإلى تقدمنا من أن نثني على أنفسنا كأمة عريقة أصيلة ، أمة فتحت العالم ، نريد الواقع الآن ، لا بد من حقيقة مُرّة تعلن وتلقى .
الحقيقة خير من الوهم المُريح :
الدرس الماضي كان عن التدخين ، معظم المسلمين متوهمون أن مرض الإيدز نحن في منجاة منه ، عندنا قيم وعندنا مبادئ ، وعندنا أسرة ، وعندنا خوف من الله ، هذه الحقيقة أنا كنت متوهماً بها ، لكن الحقيقة الآن مخيفة ، وهذا الدرس تحذيري ، أنا لا أصدق أن واحداً من رواد المساجد من طلاب العلم ، لكن أنا أصدق أنه قد يلوذ بك إنسان مقصر ، وقد يلوذ بك إنسان أخطأ مرة ، ولم ينتبه إلى أن خطأه قد يجر لزوجته ولأولاده المصائب الكبيرة .
أرقام مذهلة ومخيفة عن الإيدز :
بين يدي كتاب قدم إلي من قِبل مصادر علمية موثوقة ، أنا لم أتكلم كلمة من عندي ، أنا أقرأ عليكم بعض ما في هذا الكتاب .
يقدر عدد المصابين في العالم بمرض الإيدز أو بفيروس نقص المناعة المكتسب بحوالي أربعين مليونًا ، في آخر سنة 2004 ، هذا الرقم أخذ في آخر عام ألفين وأربعة ، ووصل عدد الأموات إلى اثنين وعشرين مليونًا ، وهذا أكبر خطر يهدد العالم ، لولا أن الحقيقة التي بين يدي تنبئ أن الخطر في بلاد الشرق الوسط ليس أقلّ أبداً من أي خطر في أي بلاد أخرى إن لم يكن أكثر ، اثنان وعشرون مليونًا ماتوا في عقدين من الزمن بسبب هذا المرض ، يعيش أكثر من ثلثي الأشخاص المصابين بفيروس نقص المناعة في إفريقيا جنوب الصحراء .
أيها الإخوة الكرام ، معظم المصابين في سن الشباب ، في مرحلة العطاء ، حيث نلاحظ أن ثمانين بالمئة من الإصابات بين أعمار الخامسة عشر والخمسة والثلاثين .
هناك تعليق : كلكم يظن أن هذا المصاب جاءه العقاب الإلهي ، هذا الكلام صحيح ، لكن ما ذنب زوجته وأولاده ؟ وأخطر ما في الموضوع أن الإنسان قد يحمل هذا الفيروس عشر سنوات دون أن تظهر عليه أعراضه ، وهو ناقل جيد لكل من يلوذ به ، أنا أقول : الزوج والزوجة ينقلان هذا المرض إلى أولادهما ، فكل مولود تلده زوجة أصابتها عدوى من زوجها بهذا الفيروس ينتقل المرض إلى أولادها ، فأنا لا أقول عن هذا المرض : قد انصب على من أخطأ ، انصب على من يلوذ بمن أخطأ .
ليسنا بمنأى عن الإيدز !!!
الوهم الذي كان واضحاً عند معظم المسلمين أن منطقتنا العربية فيها استثناء ، لأن فيها الإسلام ، وهناك وهم آخر ، هو أن الإسلام هو الشريط الأخضر الذي يقي هذا المرض ، هذا وهم ، المسلمون ليسوا كما تظنون ، المسلمون انتشرت بينهم الفواحش ، لذلك لا تشكل منطقتنا العربية استثناءً ، فآخر المعطيات الإحصائية المتوفرة تشير إلى أن ازدياداً في نسب المصابين في هذا الوباء ، يزداد عاماً بعد عام في منطقة الشرق الأوسط ، وخاصة فيما بين فئة الشباب ، ونصفهم من الإناث ، وتشير بعض التقارير إلى أن عدد المصابين في البلاد العربية يقارب من خمسمئة وأربعين ألفاً ، والحقيقة الخطيرة أن كل أرقام الإحصائيات هي الأرقام التي أخذت من أناس أصيبوا بهذا المرض ، واضطروا أن يفحصوا دمهم ، أما هذا الذي لم يفحص دمه ، أو لم يسافر ، ولم يأتٍ إلى بلده ، ويطالب بفحص لدمه ، هذا مستثنى من هذه الإحصائيات .
هناك مقولة دقيقة جداً : أن عدد المصابين قد يصل إلى عشرين ضعف الحقيقي ، هذا المعلن عنه ، والذي وصل إلى سمع المسؤولين وبصرهم بسبب أنه ألزم هذا الإنسان بفحص دمه .
إنّ إحصائية منظمة الصحة العالمية تؤكد أن عشرة ملايين إصابة تنتقل عن طريق الجنس ، قال تعالى :
﴿ وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا ﴾
إنه يتناقص عندهم ويزيد عندنا !!!
مع الأسف الشديد أن عدد المصابين في أوربا يتناقص من الوعي المنتشر بينهم ، بينما يتزايد بشدة في المنطقة العربية ، عندهم وهم لا يؤمنون لا بدين ولا بآخرة ، حرصهم على صحتهم جعلهم يتعظون ، لكن مفارقة أتمنى أن تكون واضحة لديكم ، قديماً قبل هذا المرض حينما يعف الإنسان عن الحرام يكون عند الله في أعلى عليين :
(( ورجلٌ دَعَتْهُ امرأةٌ ذاتُ منصبٍ وجمالٍ فقال : إني أخافُ الله ))
هذا الشاب من السبعة الذي يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ، الآن إذا دعت امرأة شابًا إلى الفاحشة يقول : إني أخاف الإيدز ، هذا إحباط العمل ، بين أن تكون خائفاً من الله ، وترقى بهذا الخوف إلى أعلى عليين ، الشاب اليوم يخشى هذا المرض ، ولا أجر له في هذه العفة ، هذه عفة الخوف لا عفة الخشية ، والفرق كبير .
الإصابة في العالم العربي كادت تقترب من الإصابة في عالم الإباحة والجنس في أوربا ، معنا نصف مليون إصابة معلنة بحسب الإحصائيات ، نصف مليون أسرة مهددة بفقد معيلها ، وفقد الأب ، وفقد المنتج ، وفقد العامل ، نصف مليون ضرب خمسة ، لو أخذنا الأسرة الوسطية خمسة أشخاص ما بين أولاد وزوجة وأهل ، أحياناً أخوات وإخوة وأم وأب ، تقريباً عندنا خمسمئة ألف ضرب خمسة ، هؤلاء بحسب الأرقام المعلنة المسجلة التي علمت بسبب إجبار هذا الإنسان على فحص دمه ، أما الذي لم يجبر ، وزلت قدمه ما الذي حصل ؟ يمكن أن يبقى هذا الفيروس عشر سنوات في دمه ، وهو ناقل جيد لهذا الفيروس ، إما بالطرق المشروعة عن طريق زوجته ، وبالتالي أولاده ، أو بالطرق غير المشروعة عن طريق الفاحشة ، لكن الخطر من هذا الذي يحمل هذا الفيروس ، ولا يدري هو أو لا يريد أن يعلن ، فهو بحق من حوله يعد مجرماً .
خذوا حذركم فقد يصاب من لا يتوقع الإصابة !!!
ما قولكم في امرأة محجبة صالحة مؤمنة اضطرت إلى الولادة في المستشفى ، وأصابها نزيف حاد ، فاضطرت إلى أن تأخذ الدم ، والدم مفحوص ، وكتب على وثيقة هذا اللتر من الدم أن النتائج سلبية في الإيدز ، وليست إيجابية ، فإذا بها تصاب بهذا المرض ، بعد التحقيق والتحليل والمتابعة تبين أن هذا الفيروس لا يمكن أن يكشف قبل بقائه في الجسم ستة أشهر ، فسمى العلماء هذه المدة قبل أن يظهر مدة الصمت المخبري ، إذْ يمكن أن يتبرع شاب بدمه ، وأن يفحص هذا الدم ، وأن تكون النتيجة سلبية ، وليست إيجابية ، معنى سلبية أي ليس عنده هذا الفيروس ، ثم يكون أن هذا الفيروس لا يعلن عن وجوده قبل مضي بقائه في دم الإنسان ستة أشهر ، هنا أخطر مشكلة في الموضوع ، فقد يأخذ الإنسان دماً ، وقد فحص ، وكتب على بطاقة هذا الكيس من الدم أن النتيجة سلبية ، وهذا الدم فيه فيروس الإيدز .
لقد قرأت بأم عيني قبل سنوات عدة تصريحاً لمدير بنك الدم ، أن العمليات الجراحية نوعان : عمليات باردة ، وعمليات حارة ، الباردة كمن يزمع استئصال مرارته ، ينصح أن يأخذ من دمه ، ويوضع أمانة في مكان ما ، إلى أن يجري العملية ، فإن احتاج إلى الدم أخذ من دمه ، أما العملية الحارة فإنسان أصيب بحادث سير ، ومعه في نزيف ، هو بحاجة ماسة إلى دم ، مدير بنك الدم يصرح في تشرين الجريدة اليومية في مثل هذه الحالات في حالات العمليات الحارة ينصح أن يأخذ المريض دماً من أحد أقاربه المستقيمين ، دققوا ، إذاً : عندنا مشكلتان : مشكلة أن إنسانًا أخذ دمًا مفحوصًا ، والنتيجة سلبية ، والدم فيه فيروس الإيدز ، لأنه أخذ في مدة الصمت المخبري ، فهذا الفيروس لا يعلن عن وجوده قبل مضي ستة أشهر من دخوله إلى الجسم ، سبحانك يا رب ! مع أن هذا المرض حتى الآن لا شفاء له ، وأسهل شيء أن تتقيه بعفتك واستقامتك ، طريق الخلاص من هذا المرض في متناول كل إنسان بلا جهد ، يكفي أن يكون مستقيماً ، يكفي أن يكون طاهراً ، يكفي أن يقيم أمر الله عز وجل ، لا يزني ، ولا يقارب الفاحشة .
لكن الحديث عن الإيدز اليوم من أجل أقرباء المصاب ، من أجل أن يكون شجاعاً .
مرة طبيب بمصر في مستوصف عام جاءه طفل مريض مع أبيه ، وصف له دواء ، وبالخطأ بكميات للكبار ، فلو تناول هذا الطفل الدواء المخصص للكبار لمات فوراً ، والطبيب سمعته شيء ثمين جداً ، الذي حصل أنه توجه إلى التلفزيون المصري ، وقال في رسالة موجهة إلى أب وابنه كانا في زيارة المستوصف الفلاني ، والدواء الذي وصف لا يصلح للابن ، وسبحان الله ! البلاغ وصل إلى هذا الأب ، وكان قد اشترى هذا الدواء ، لكن لم يعطه للابن ، جرأة هذا الطبيب وبطولته وحرصه على سلامة هذا الطفل ، وضحى بسمعته ، الذي حصل أن هذا الطبيب تألق نجمه ، وارتفعت أسهمه ، وصار في العلياء .
أحياناً البطولة في الجرأة ، هو ضحى بسمعته ، وبين أن الخطأ من عنده ، فإذا لم يأخذ هذا الطفل الدواء أنقذ حياة إنسان .
هناك أكثر من نصف مليون إصابة في العالم العربي ، أكثر من خمسة أضعاف هذا الرقم متضرر بهذه الإصابات ، المشكلة أن البلاد التي كانت تظن أن هذه الأرقام مبالغ بها ، ولن تصاب بهذا الوباء الكبير تساهلها في قبول هذه المعلومات جعلها ترزح تحت هذا الوباء الكبير .
السكوت على الواقع المر جلوسٌ على فوهة بركان :
قال مؤلف هذا الكتاب : السكوت على الواقع المر يعني الجلوس على فوهة بركان ، فلا بد من صدق المجتمع تجاه مرضاه ، وصدق المصاب مع الآخرين ، وبخاصة الزوجة والأولاد ، حتى لا ينتقل المرض إليهم ، فلا ضرر ولا ضرار ، والمريض مسؤول عن حماية زوجته وأولاده .
أيها الإخوة الكرام ، قبل خمس أو ست سنوات لجأت تشرين الجريدة اليومية إلى عرض قصة مؤثرة جداً كل أسبوع عن أحد ضحايا هذا المرض ، وأنا ألفت أن أروي هذه القصة على المنبر ، لمأساة رجلٍ ذهب إلى ألمانيا ليعالج أمه ، واضطروا إلى إعطائها الدم ، فأعطاها من دمه ، وكان أخطأ قبل يوم مع فتاة ألمانية ، فانتقل هذا المرض إلى أمه ، وأمه امرأة طيبة جداً ، ومحافظة ومستورة .
وإنسان أوفد بمهمة إلى أمريكا ، وأخطأ هناك ، فلما عاد إلى بلده انتقل بعد حين المرض إلى زوجته وإلى ولدين ولدا بعد هذه الخطيئة .
إن تعبيرات الإنسان حينما يسيء إلى أقرب الناس إليه تعبيرات تبكي وتدمي ، يقول أحدكم : نحن هنا بعيدون ، صحيح ، أنا لا أصدق أن إنساناً يرتاد بيوت الله عز وجل إلا وهو طاهر ، لكن أريد أن يعي من حولكم ، شاب أخطأ في حياته ، هذا إنسان قد يمضي عشر سنوات دون أن يشعر ، وهو حامل لهذا المرض ، لو أخطأ في العلاقات انتقل حتماً ، الآن المفرزات تكفي المفرزات .
الحلّ ليس في المصول والمعالجة :
الكلام الدقيق العلمي أنه لا يمكن معرفة الإصابة بفيروس الإيدز إلا بإجراء اختبار خاص ، والمشكلة في اختبار صحيح مئة بالمئة يكلف تقريباً عشرة آلاف ليرة ، وهذا الاختبار صالح لأحد سلالات الإيدز ، له مئات ، بل آلاف السلالات ، طريق شبه مغلق ، والصواب العفة ، أنا أكثر ما أتعجب من الدول حينما تريد حل هذه المشكلة عن طريق المصول .
أنا أوضح لكم هذا المثل : تصور مدينة ، مياه الشرب فيها ملوثة ، وهذه المياه الملوثة سببت أمراضاً مستعصية لهذه البلدة ، المسؤولون في هذه البلدة بدل أن يحموا الشباب من هذا الانحراف أرسلوا الأطباء إلى العالم الغربي ، واستقدموا الآلات والتجهيزات والمستشفيات ، هذا الطريق طويل ، أوقفوا التلوث يتوقف المرض .
العالم الآن لا يفكر أبداً بضبط السلوك ، يفكر بالبحث عن مصل مضاد لهذا المرض ، يريد أن يبقى الوضع كما هو ، إباحية وتفلت جنسي ، يريد أن يبقى الأمر هكذا ، ويحتاج إلى مصل مضاد لهذا الفيروس ، هذا طريق مضحك ، طريق العفة هو أقصر طريق للوقاية من هذا المرض .
قد يكون الشخص مصاباً دون أن تبدو عليه أية أعراض مرضية ، فلا يمكن معرفة إصابته إلا عن طريق الاختبار ، ويعد الشخص المصاب خزاناً من الفيروسات يستطيع أن ينقلها من خلال الممارسة الجنسية في غطاء قانوني ، كالزواج ، أو في غطاء غير قانوني كالفاحشة عن طريق دمه وإفرازات جسمه .
يا أيها الناس انتبهوا ! حرفتان تحتاجان إلى تعقيم شديد :
لكن أتمنى أن يكون واضحاً لدى إخوتنا الكرام أن أحياناً حرفتان تحتاجان إلى تعقيم شديد ، طبيب الأسنان والحلاّق ، لأن الموس لو جرح إنسانًا مصاب بالإيدز ، وشيء من دم المصاب انتقل إلى السكين ، وجاءه إنسان آخر فحلق له يمكن أن ينتقل هذا المرض من إنسان إلى إنسان ، الذي يتولى قص الشعر بحاجة ماسة إلى دقة بالغة في وضع شفرة في الموس ، لكل إنسان شفرة خاصة به ، وألا يستخدم السكين الواحد لأشخاص عديدين ، وينتقل المرض عن طريق الحقن في المستوصف ، فإذا حقنا إنسانًا بدواء معين هذه الحقنة دخلت إلى جلده ، وتلوثت بالدم ، فإذا كان الممرض ثقافته ضعيفة جداً ، وليس عنده الحرص الشديد ، ولا الإبرة جديدة ، فاستخدم السابقة لعله ينقل هذا المرض من إنسان إلى إنسان ، وكذلك طبيب الأسنان .
الإنسان كمواطن إنسان يعالج عند طبيب ، أو يقص شعره عند حلاق ، أو يأخذ حقنة بمستوصف ، يجب أن ينتبه إلى أن تكون الأدوات معقمة ، وهذه حالة لا علاقة لها بالفاحشة ، بل إنسان بريء طاهر أراد أن يقص شعره ، ما ذنبه أن يصاب بهذا المرض ؟ هكذا ودائماً المرض ينتقل إلى الجنين من أمه ، ولا تتصور ألم الأم والأب حينما يصاب طفل بريء مولود حديثاً في هذا المرض العضال ، ولا ذنب له به ، قال تعالى :
﴿ إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ ﴾
الحقيقة التي ذكرتها في هذا اللقاء كثيراً وأعيدها فيروس الإيدز يظل كامناً ظاهرياً مدة قد تصل إلى أكثر من عشر سنوات قبل أن تظهر على المريض الأعراض حامل هذا الفيروس ، وعن طريق الزواج ، أو الفاحشة ، أو عن طريق التلوث بآلات حادة من دم إلى دم ينتقل هذا المرض إلى الآخرين .
لا شيء يعلو على أكمل البيت !!!
بالمناسبة الشيء بالشيء يذكر ، أن الإنسان إذا كان يعمل في مطعم ، ودخل إلى الحمام ، ولم ينظف يديه جيداً كما ذكر النبي عليه الصلاة والسلام ، ومعه التهاب كبد وبائي ، هذا مرض قاتل ، إلى الآن ليس له دواء ، يمكن أن ينقل هذا المرض إلى ثلاثمئة إنسان من رواد المطعم .
لذلك لا شيء يعلو على أكل البيت ، والأم الكاملة هي التي تعد وجبات جيدة يقنع بها الصغار ، لئلا يتطلعوا إلى أن يأكلوا من الأماكن الأخرى .
من أعراض مرض الإيدز :
أيها الإخوة الكرام ، من أعراض هذا المرض حينما يفعل بعد عشر سنوات يظهر مرض السل في الأعم الأغلب ، والسرطانات ، وفقدان شديد للوزن ، والتهابات في الجلد ، وأمراض أخرى كثيرة ، طبعاً هذا الكتاب من منظمة الصحة العالمية ، كتاب معتمد ، وفيه أرقام دقيقة وفيه حقائق خطيرة .
ما هي سبل الوقاية من الإيدز ؟!
أما في السنة النبوية : فيقول عليه الصلاة والسلام :
((مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلَاهَا ، وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا ، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنْ الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ فَقَالُوا : لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا ، وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا ، فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا ، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا ))
أقول لكم بشكل موضوعي : عندنا إجراءات قاسية جداً لمن يأتي من بلد بعيد ، لا بد من أن يفحص دمه قبل أن يعطى الإقامة ، لكن نحن نخاف من هذا المصاب ، ولا يعلم به أحد ، هذا قنبلة موقوتة ، هذا يبدأ بإيذاء زوجته وأولاده ، ومن يلوذ به ، ومن تلوث دمه بدمه .
دولة إفريقية نسبة المسلمين فيها تصل إلى أربعين بالمئة ، كانت نسبة الإصابة فيها بضعاً من عشرة بالمئة ، قبل عقد ونصف من الزمن ، يعني قبل خمسة عشر عاما نسبة الإصابة بها بضعاً من عشرة بالمئة ، يعني ثلاثة بالمئة ، دفنوا رأسهم بالرمال ، وساروا بسيرة النعامة ، انفجر الوضع ، ومضى الوباء ينتشر ، وخلال بضع سنوات ارتفعت النسبة إلى ثلاثين بالمئة من السكان ، أصبحوا مصابين بهذا الفيروس ، وقامت قائمة ولاة الأمور تبحث عن مخرج لهذه الأزمة ، وحاولوا بشتى السبل فلم تجدِ إطلاقاً ، حتى خرج أحد أئمة المساجد المعروفون هناك ، ومد يده إلى الجميع ، وبدأ حملة قوية توعية دعوية في المساجد ودور العبادة ، فدعا ومن معه إلى العفة والطهارة ، والإخلاص وإلى تجنب السلوكيات المحرمة ، والتي تساهم في نشر هذا المرض ، ودعا إلى استعمال وسائل التقليل من نشره خاصة عند المصابين ، فكانت النتيجة بعد سنوات من الجهد أن انخفضت النسبة إلى اثنين وعشرين بالمئة .
أنا أتألم ألماً شديداً أن الغرب إباحي ، ولا يؤمن بدين أساساً الغرب ملحد ، ومع ذلك تقل فيه نسب المصابين ، وتقل فيه نسب المدخنين .
والشرق المؤمن بالله ، الذي معه رسالة السماء تزداد فيه نسب المدخنين ، ونسب المصابين بهذا المرض .
بالمناسبة أعلى نسبة مدخنين في العالم ، في العالم الإسلامي ودخان هؤلاء فيه عشرة أضعاف من النيكوتين إن صح التعبير ، إن كان في قمامة أوراق فالتبغ القمامة ، القمامة تصدر إلينا ، والنيكوتين فيها عشرة أضعاف ، هذه حقائق مرة ، هذه أمراض وبيلة .
أنت سفير من حولك :
أيها الإخوة الكرام ، أنت الآن سفير من حولك ، أنا واثق أن الحاضرين عافانا جميعاً ، إنسان يطلب العلم الشرعي ، يرتاد المسجد إنسان طاهر ، هكذا يظن ، لكن أنا أريد أن تكون أنت داعية لمن حولك لتحذير الناس من هذا المرض ، ومن الدخان .
قال أحد العرب لرجل من دولة في جنوب إفريقيا : نحن في مأمن من الإيدز ، فنسبة الإصابة عندنا فقط واحد بالمئة ، وعندكم ستة عشر بالمئة ، فقال له الرجل ، وهو يبتسم : قبل عشر سنوات كانت النسبة عندنا أقل من هذا فسكتنا ، ونمنا مطمئنين ، فأصبحنا الآن هكذا ، هذا شيء خطير جداً لا ينبغي أن يكون .