وضع داكن
28-03-2024
Logo
مختلفة - الأردن - المحاضرة : 12 - مدينة عمان، جامع السحاب الكبير - خواطر إيمانية.
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد، وعلى آله وأصحابه الطيّبين الطاهرين، أمناء دعوته، وقادة ألوِيَتِه، وارضَ عنّا وعنهم يا ربّ العالمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم، إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وُحول الشهوات إلى جنّات القربات.

تسخير الكون للإنسان تسخير تعريف و تكريم :

 أيها الأخوة الكرام؛ قيل: من عرف نفسه عرف ربه، فمن أنت أيها الإنسان؟ هل تدري أنك المخلوق الأول عند الله، الدليل:

﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ﴾

[ سورة الأحزاب: 72 ]

 لأن الإنسان قبِل حمل الأمانة، قال تعالى:

﴿ وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ ﴾

[ سورة الجاثية: 13 ]

 تسخير تعريف وتسخير تكريم، موقفك أيها الإنسان من تسخير التعريف أن تؤمن، وموقفك من تسخير التكريم أن تشكر، فإذا آمنت وشكرت حققت الهدف من وجودك، قال تعالى:

﴿ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ ﴾

[ سورة النساء: 147]

 ينبغي أن نؤمن بهذا الإله العظيم، بهذا الرب الكريم، بهذا الخالق الحكيم، وأن نشكر، فإذا آمنا وشكرنا حققنا الهدف من وجودنا، عندئذ نكون من الفائزين، وفرق كبير بين النجاح والفلاح، النجاح أن تحقق هدفاً جزئياً، قد تنجح في كسب المال، وقد تنجح في اختيار الزوجة، وقد تنجح في اختيار الحرفة، ولكن ما لم تنجح مع الله لا يعد النجاح نجاحاً، لأن النجاح في تعاريفه الحديثة نجاح شمولي، لكن القرآن استبدل كلمة النجاح بالفلاح قال تعالى:

﴿ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾

[ سورة الأعراف: 157]

 أي حققوا الهدف من وجودهم، حققوا علة الوجود، وعلة الوجود العبادة، والدليل:

﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾

[ سورة الذاريات: 56]

العبادة علة وجود الإنسان في الدنيا :

 علة وجودك في الدنيا أن تعبد الله لا بالمفهوم الضيق لكن بالمفهوم الواسع، أي أن تخضع لمنهج الله، أن تخضع لأوامره، أن تنتهي عما نهاك عنه، حينما تخضع، حينما تتقي لقد حققت الهدف من وجودك، لذلك قال بعض العلماء: العبادة التي هي علة وجودك هي طاعة طوعية، ما أرادها الله قهرية، هو الخالق، هو المربي، هو المسير، حياتنا بيده، رزقنا بيده، أهلنا بيده، من فوقنا بيده، من تحتنا بيده، وكل شيء حولنا بيده، ومع ذلك ما أراد أن تكون العلاقة به علاقة إكراه، قال تعالى:

﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾

[ سورة البقرة: 256 ]

 أرادها أن تكون علاقة حب، الله عز وجل أراد أن تكون العلاقة معه علاقة حب، قال تعالى:

﴿ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ﴾

[ سورة المائدة: 54 ]

﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ ﴾

[ سورة البقرة: 165 ]

ضرورة تغذية العقل بالعلم :

 لذلك الإنسان عقل يدرك، وقلب يحب، وجسم يتحرك، غذاء العقل العلم، وغذاء القلب الحب، وغذاء الجسم الطعام والشراب، أي ما لم تغذّ عقلك بالعلم لا بد من درس علم، لابد من متابعة العلم، لأنك إذا أهملت العلم أهملت الجزء الأعلى منك، أما الأسفل فشأن الإنسان وبقية المخلوقات سواء، تأكل وبقية المخلوقات تأكل، تتزوج وبقية المخلوقات تتزوج، تنام، ينامون، مادام الهم الطعام والشراب وكسب الرزق، هبطت عن مستوى إنسانيتك إلى مستوى لا يليق بك، لا بد من أن تتحرك نحو معرفة الله، كل شيء في الكون يدل على الله، قال تعالى:

﴿ وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ ﴾

[ سورة الذاريات: 20]

﴿ وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾

[ سورة الذاريات: 21 ]

 يا أيها الأخوة الكرام؛ ما لم نتحرك نحو معرفة الله هبطنا عن مستوى إنسانيتنا إلى مستوى لا يليق بنا، قال تعالى:

﴿ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً ﴾

[ سورة الفرقان: 44 ]

﴿ مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً ﴾

[ سورة الجمعة: 5 ]

﴿ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ ﴾

[ سورة المنافقون: 4 ]

ضرورة معرفة الله لأن أصل الدين معرفة الله :

 يا أيها الأخوة الكرام؛ يجب أن يدخل طلب العلم في الحياة اليومية، أن تتعرف إلى الله، لأن الإمام علي رضي الله عنه يقول: " أصل الدين معرفة الله ".
 هذا الذي أتمنى أن يكون واضحاً، كما أن المصلين يصلون ويصومون ويحجون ويزكون لكن لا بد من أن يقتطعوا من وقتهم وقتاً لمعرفة الآمر، لمعرفة الخالق، هناك خالق وهناك أمر، إذا عرفت الآمر ثم عرفت الأمر تفانيت في طاعة الآمر، أما إذا عرفت الأمر ولم تعرف الآمر تفننت في التفلت منه، وكأني أضع يدي على مشكلة المسلمين الأولى، إنهم عرفوا الأمر فهو بين أيديهم، درسوه في المدارس، لكن الآمر الخالق الرب الإله المسير صاحب الأسماء الحسنى والصفات الفضلى هل عرفته؟ تقول: نعم، أقول: لك متى عرفته؟ متى فرغت وقتاً لمعرفته؟ متى طلبت العلم؟ ما لم تطلب العلم عطلت الجزء الأعلى منك، أما الأسفل فنحن وبقية المخلوقات سواء.
 لذلك أيها الأخوة الكرام؛ لا بد من معرفة الله كيف نعرفه؟ كما قال الله عز وجل:

﴿ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ ﴾

[ سورة الأنعام: 103 ]

 ولكن العقول تصل إليه، هناك مؤثر وهو الله وهناك أثر، هناك خالق وهناك خلق، هناك تسيير وهناك مسير، فينبغي أن تعرف الله من تسييره، من تربيته، من خلقه، من آياته.

 

معرفة الله من آياته الكونية :

 شيء آخر الله عز وجل يقول:

﴿ إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى ﴾

[ سورة الليل: 12 ]

 وحيثما كانت على إلى جانب لفظ الجلالة تعني أن الله ألزم ذاته العلية بهداية خلقه، فالبطولة أن تستجيب، قال تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكم ﴾

[ سورة الأنفال: 24 ]

 غير المؤمن ميت، الدليل قال تعالى:

﴿ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ ﴾

[ سورة النحال: 21 ]

 المؤمن حي، وقيل:

ليس من مات فاستراح بميت إنما الميت ميت الأحياء
* * *

 هذا الذي يأكل ويشرب وينام ويستريح ليس غير بنص الآية الكريمة ميت، قال تعالى:

﴿ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ ﴾

[ سورة النحال: 21 ]

 فلذلك لا بد من أن نعرف الله، نعرفه من آياته الكونية، بين الأرض وبين أقرب نجم ملتهب أربع سنوات ضوئية، والضوء يقطع في الثانية الواحدة ثلاثمئة وستين ألف كيلو متر، في الدقيقة ضرب ستين، بالساعة ضرب ستين، باليوم ضرب أربع وعشرين، بالسنة ضرب ثلاثمئة وخمسة وستين، أربع سنوات ضرب أربع، هذه المسافة بالكيلو مترات بيننا وبين أقرب نجم ملتهب، لو أردنا أن نصل إليها بسيارة أرضية لاحتجنا إلى خمسين مليون عام، خمسون مليون عام من أجل أن نقطع أربع سنوات ضوئية، متى نصل إلى نجم القطب أربعة آلاف سنة ضوئية؟ من أربعة إلى أربعة آلاف، متى نصل إلى مجرة المرأة المسلسلة التي تبعد عنا مليوني سنة ضوئية؟ متى نصل إلى بعض المجرات الحديثة التي تبعد أربعة وعشرين ألف مليون سنة ضوئية؟ اقرأ القرآن:

﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ﴾

[سورة الواقعة: 75-76]

 مواقع النجوم أي بالمسافات بين النجوم، إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم، والعلم لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كلك، فإذا أعطيته بعضك لم يعطك شيئاً، ويظل المرء عالماً ما طلب العلم، فإذا ظنّ أنه قد علم فقد جهل، لأن طالب العلم يؤثر الآخرة على الدنيا فيربحهما معاً، بينما الجاهل يؤثر الدنيا على الآخرة فيخسرهما معاً، من هنا لا بد من أن نعرف الله من آياته الكونية.
 آية ثانية؛ الأرض تدور حول الشمس في مسار بيضوي، وهذا الشكل له قطر أصغر وقطر أطول، فإذا انتقلت الأرض من القطر الأكبر إلى الأصغر، حينما تقل المسافة بينها وبين الشمس بحسب قانون الجاذبية تزداد الجاذبية، فالأرض هنا والمسافة طويلة، فإذا وصلت إلى هنا المسافة قلت لا بد من أن تنجذب الأرض إلى الشمس، فإذا جُذبت إليها تبخرت في ثانية واحدة، وانتهت الحياة لأن حرارة الشمس عشرون مليون درجة، ما الذي يحصل؟ قدرة من؟ يد من؟ علم من؟ حكمة من؟ والأرض مادة صلبة غير عاقلة؟ الله عز وجل يرفع سرعة الأرض، فتنشأ قوة نابذة تكافئ القوة الجاذبة، فتبقى في مسارها، اسمع قوله تعالى:

﴿ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا ﴾

[ سورة فاطر: 41 ]

 أي أن تنحرف من أعظم الآيات الكونية، فإذا وصلت إلى هنا المسافة ازدادت والجاذبية ضعفت، هناك احتمال قوي أن تتابع الأرض سيرها في الفضاء الكوني، وعندها تصبح الحرارة مئتين وستين تحت الصفر، وتنتهي الحياة، تنتهي الحياة إذا انجذبت، وتنتهي الحياة إذا ابتعدت، يد من؟ حكمة من؟ رحمة من؟ علم من؟ هذا الإله العظيم يعصى؟ ألا يخطب وده؟ ألا ترجى جنته؟ ألا تخشى ناره؟

(( ابن آدم اطلبني تجدني، فإذا وجدتني وجدت كل شيء، وإن فتك فاتك كل شيء، وأنا أحب إليك من كل شيء ))

[ تفسير ابن كثير]

 ما من مخلوقٍ يعتصم بي من دون خلقي أعرف ذلك من نيَّته، فتكيده أهل السموات والأرض إلا جعلت له من بين ذلك مخرجاً، وما من مخلوقٍ يعتصم بمخلوقٍ دوني أعرف ذلك من نيَّته، إلا جعلت الأرض هوياً تحت قدميه، وقطَّعت أسباب السماء بين يديه.

خيار الإنسان مع الإيمان خيار وقت فقط :

 أيها الأخوة الكرام؛ قضية أنت مخير، مخير قطعاً لكن هناك مليون موضوع لك أن ترفضه، ألا تختاره، مليون، مئة مليون، إلا موضوع واحد خيارك مع هذا الموضوع خيار وقت لا خيار رفض، لماذا؟ لأن فرعون أكفر كفار الأرض الذي قال:

﴿ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى ﴾

[ سورة النازعات: 24]

 والذي قال:

﴿ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي ﴾

[ سورة القصص: 38 ]

 هذا فرعون وما أكثر الفراعنة! هذا فرعون ماذا قال حينما أدركه الغرق؟ قال:

﴿ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِـهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ ﴾

[ سورة يونس: 90 ]

 إذاً خيار الناس مع الإيمان خيار وقت، فإما أن تؤمن بالوقت المناسب وأنت حي، شاب، قوي، وإما أن تؤمن بعد فوات الأوان يوم:

﴿ لَا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً ﴾

[ سورة الأنعام: 158]

 أنا أخاطب الطلاب بمثل من حياتهم؛ لا سمح الله ولا قدر لو دخلت إلى الامتحان وجاء السؤال ولم تقرأ عنه شيئاً، وقدمت الورقة بيضاء، وعدت إلى البيت، وفتحت الكتاب المقرر، وقرأت الموضوع الذي جاء منه السؤال، وفهمته جيداً، ما قيمة هذا الفهم؟ هذا فهم بعد فوات الأوان، فلذلك قال تعالى:

﴿ فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ﴾

[ سورة ق: 22 ]

﴿ وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾

[ سورة الملك: 10]

 أهل النار وهم في النار:

﴿ وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾

[ سورة الملك: 10]

 لا تقل: أتابع الصلاة بعدما ينتهي الامتحان، بعدما أتعين، بعدما.. ورد في بعض الآثار النبوية:

((هلك المسوفون ))

[ورد في الأثر]

 من الآن افتح مع الله صفحة جديدة، من الآن تب إلى الله توبة نصوحة، من الآن غض البصر عن محارم الله، وإلا الإنسان حينما يستبرئ التقصير والمخالفة والمعصية تصبح جزءاً من حياته، لا بد من تحذير.

 

الإنسان هو المخلوق الأول و المكلف و المكرم :

 نحن في هذا اللقاء الطيب نذكر، قال تعالى:

﴿ فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ*لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ﴾

[ سورة الغاشية: 21-22]

 فلا بد من التذكير، لا بد من ومضة إيمانية تجتمع في قلبك، لا بد من بحث عن الحقيقة، لا بد من من سؤال لماذا أنا في الدنيا؟ إنسان وصل إلى باريس سأل: إلى أين أذهب؟ قلنا له: عجباً لسؤالك، نسأله نحن لماذا أتيت إلى هنا؟ إن جئت طالب علم فاذهب إلى جامعة السوربون، إن جئت سائحاً فاذهب إلى برج إيفل، إن جئت تاجراً فاذهب إلى المعامل والمؤسسات، لذلك أنت كائن متحرك، أما هذه العلبة فكائن ساكن دعها مئة عام تبقى بمكانها، أنت متحرك ما الذي يحركك؟ الحاجة إلى الطعام والشراب، لا يكفي، هناك محرك ثان بحاجة إلى زوجة، لا يكفي، بحاجة إلى أولاد، لا يكفي، بحاجة إلى شيء سماه علماء النفس تأكيد الذات، أنت بحاجة إلى التفوق، بحاجة أن يقال: أنت الطبيب الأول، المحامي الأول، المدرس الأول، بحاجة إلى أن يشار إليك بالبنان، لذلك هذا الدين العظيم يتسع للحاجات الثلاث الأولى والثانية والثالثة، فكر من أنت؟ أنت المخلوق الأول، المخلوق المكرم:

﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ ﴾

[ سورة الإسراء: 70 ]

 والإنسان هو المخلوق المكلف، كلفه الله بعبادته، قال تعالى:

﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾

[ سورة الذاريات: 56 ]

 ومن أدق تعريفات العبادة أنها طاعة طوعية، ممزوجة بمحبة قلبية، أساسها معرفة يقينية، تفضي إلى سعادة أبدية. طاعة طوعية سلوك، حركة.

 

الإسلام دين فردي و جماعي معاً :

 أخواننا الكرام؛ أينما جلسنا كمسلمين نعتز بديننا، ديننا عظيم، نبينا آخر الأنبياء بل هو سيد الأنبياء، نحن أمة القرآن، نحن أمة الوحيين، ولماذا لا تنتصر؟

(( ولن يُغْلَبَ اثنا عَشَرَ ألفا مِنْ قِلَّةٍ ))

[أبو داود والترمذي عن عبد الله بن عباس]

 نحن بأحدث إحصاء مليارا مسلم، كنا ملياراً وثمانمئة مليون لما كان العالم ثمانية مليارات، الإحصاء من أيام: تسعة مليارات، بينهم مليارا مسلم، ملياران من المسلمين وليست كلمتهم هي العليا، وليس أمرهم بيدهم، وللطرف الآخر عليهم ألف سبيل وسبيل، للطرف الآخر علينا ألف سبيل وسبيل، أين الخلل؟ زوال الكون أهون على الله من ألا يحقق وعوده للمؤمنين، لو طالب من الطلاب قال: أنا لا علاقة لي بالأمة، هذه الأمة شردت عن الله، أجيبك فأقول: عظمة هذا الدين أنه دين جماعي ودين فردي في آن واحد، إذا طبقته الأمة تنتصر، وإذا طبقه واحد يحقق أهدافه الفردية، أنت لوحدك طبق، من يمنعك أن تكون صادقاً أميناً باراً بوالديك؟ لا أحد يمنعك.

 

العبادة جانب سلوكي و معرفي و عقائدي و نفسي :

 أخواننا الكرام؛ القضية قضية مصيرية، فلذلك هذا الإنسان الأول مكلف بعبادة الله، والعبادة فيها جانب سلوكي؛ الحركة، فيها إقبال، فيها امتناع، فيها عطاء، فيها منع، فيها رضا، فيها غضب، فيها وصل، فيها قطع، الإيمان حركة، المسلم كائن متحرك، والإيمان فضلاً عن الحركة اعتقاد حقيقي، أيديولوجيا، فكر، فكر وحركة وهناك جانب جمالي، لذلك العبادة طاعة -سلوك - طوعية، جئت الله باختيارك، بمبادرة منك، طاعة طوعية ممزوجة بمحبة قلبية، ما عبد الله من أحبه ولم يطعه، وما عبد الله من أطاعه ولم يحبه، طاعة طوعية، ممزوجة بمحبة قلبية، أساسها معرفة يقينية، تفضي إلى سعادة أبدية.
فيها جانب معرفي، جانب فكري، جانب أيديولوجي، جانب عقائدي، جانب سلوكي، وجانب نفسي، فالمؤمن أسعد الناس، والله الذي لا إله إلا هو - دققوا فيما سأقول وأنا مؤمن بما سأقول إيماني بوجودي- إن لم تقل: ليس في الأرض من هو أسعد مني إلا أن يكون أتقى مني يوجد بإيمانك خلل، أنت مع من؟ مع الخالق، مع العظيم، مع المربي، مع الإله، مع العليم، مع الرحيم، مع الغني، مع القادر، كل شيء بيده وأنت معه، لذلك:

كن مـع الله تر الله معك  واتـرك الكل وحاذر طمعك
و إذا أعطـاك من يمنعه  ثم من يعطـي إذا ما منعك
* * *

 أيها الأخوة الكرام؛ إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم، هذا العلم لا يأتي ومضات متباعدة كل شهرين أو ثلاثة، أتى ضيف ألقى محاضرتين أو ثلاث والله استفدنا منه، يجب عليك أن تتلقى العلم أسبوعياً حتى يصبح عندك تراكم، إذا لم يصبح عندك تراكم قناعات لا يتغير السلوك، أنت لك سلوك ويجب أن تغيره، ثم تتراكم فتجد نفسك مرغماً للاستقامة على أمر الله، ما لم تستقم على أمر الله لن تقطف من ثمار الدين شيئاً.

 

الدين اتصال بالله عز وجل :

 إذاً الدين اتصال بالله، اتصال بالخالق، اتصال بالمربي، اتصال بالمسير، اتصال بالكامل، اتصال بالقوي، ليس كل مصلٍّ يصلي، إنما أتقبل الصلاة ممن تواضع لعظمتي، هل فهمت الله عظيماً؟ تقول: نعم، لمجرد أن تخرج عن أمره لم تكن معرفتك بالله كافية، لمجرد ألا تطيعه، أن تأخذ حظ نفسك ولو كان في معصية، لمجرد أن تفعل هذا فأنت لا تعرفه، لذلك أيها الأخوة؛ امتحن إيمانك باستقامتك، هناك استقامة إذاً إيمانك جيد، الاستقامة ضعيفة الإيمان ضعيف، الاستقامة أحياناً تفتقدها كلياً، فقدت إيمانك كلياً، القضية خطيرة جداً دائماً لا تقبل من يدغدغ مشاعرك، يستطيع أن يخطب يدغدغ مشاعر الناس لكن هناك حقائق، وعد الله، زوال الكون أهون على الله من ألا يحقق وعوده للمؤمنين، قال تعالى:

﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ ﴾

[ سورة النور: 55 ]

 بربكم هل نحن بمجموعنا مستخلفون في الأرض؟ لا والله، قال تعالى:

﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ ﴾

[ سورة النور: 55 ]

 هل هذا الدين العظيم ممكن في الأرض أم يواجه حرباً عالمية ثالثة؟ معلنة كانت قبل حين تحت الطاولة الآن فوق الطاولة، استمعوا إلى الأخبار الدين الإسلامي محارب جهاراً نهاراً من فوق الطاولة، كشر الغرب عن أنيابه ضد الدين، ليس ضد إنسان معين ضد الدين بشكل كلي.

 

محاسبة كل إنسان وحده فاستقامته متعلقة باختياره :

 فيا أيها الأخوة الكرام؛ لكن الله عز وجل يقول وهذه من آيات الله الدالة على عظمته:

﴿ َقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ ﴾

[ سورة إبراهيم: 46 ]

 يا ترى أي جبل في هذا البلد الطيب تستطيع قوى الأرض مجتمعة أن تزيله؟ الله وصف مكر الآخرين:

﴿ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ ﴾

[ سورة إبراهيم: 46 ]

 معنى هذا قد تيأس، لا تيأس، والله الذي لا إله إلا هو مشكلات العالم الإسلامي بأكملها تحل بكلمتين في القرآن الكريم، قال تعالى:

﴿ وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً ﴾

[ سورة آل عمران: 120]

 أنت مع الخالق، مع القوي، مع العظيم، قال تعالى:

﴿ وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً ﴾

[ سورة آل عمران: 120]

 لكن المعصية مع الصبر ماذا بعدها؟ القبر، أما الطاعة مع الصبر فبعدها النصر، طاعة صبر نصر، معصية صبر قبر، الإنسان غال على الله عز وجل، أنت المخلوق الأول، بإمكانك أن تتعرف إلى الله عز وجل، وأن تقطف كل ثمار الدين الفردية وحدك، لا تعلق استقامتك على المجموع، أنت محاسب وحدك، علق استقامتك على اختيارك، فإذا أردت الطاعة الطاعة بين يديك والجنة بين يديك، يمكن أن تطيعه في البيت، وفي العمل، أن تكون صادقاً رحيماً متوازناً.

 

التفكر في خلق السموات و الأرض أوسع باب لمعرفة الله :

 يا أيها الأخوة الكرام؛ إذاً ليس كل مصلٍّ يصلي، إنما أتقبل الصلاة ممن تواضع لعظمتي، هل تفكرت في خلق السموات والأرض؟ للتقريب هذه العين قال تعالى:

﴿ أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ ﴾

[ سورة البلد: 8]

 في الطبقة الأولى الطبقة الشفافة، الشفافية بالأنسجة غير موجودة، جميع الأنسجة تتغذى بالشعريات، لو أن طبقة العين الشفافة غذيت بالطريقة نفسها لرأيتم ضمن شبكة، الخلية الأولى تأخذ غذاءها وغذاء جارتها، وتنتقل الأغذية عبر غذاء خلوي لا عبر الأوعية، في العين ماء هذا الماء يتجمد بدرجة صفر، فإذا ذهب إلى بلد أربعين تحت الصفر يفقد بصره، الله عز وجل وضع في العين مادة مضادة للتجمد.
 في شبكية العين في الميليمتر- أحدث آلة للتصوير احترافية ورقمية فيها في الميليمتر الواحد عشرة آلاف مستقبل ضوئي- مليون مستقبل ضوئي، أي الإنسان يفرق بين تسعة ملايين لون، قال تعالى:

﴿ أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ ﴾

[ سورة البلد: 8]

 ماء العين آية، العدسة آية، الشبكية آية، الحدقة آية، والله لو أمضينا عاماً بأكمله في هذه العين لا ننتهي، والشعر كل واحد يوجد شعر بجسده، الشعرة لها وريد وشريان وعضلة وغدة دهنية وغدة صبغية، صنعة من؟ علم من؟ حكمة من؟ قدرة من؟ هذا الجسم بين يديك، والكون بين يديك؛ المجرات، المجرات عدد لا يستهان به، هناك ملايين الملايين من المجرات، الرقم غير معقول، المجرات ومجرتنا اسمها درب التبابنة صورتها على شكل بيضوي- شكل عضلة - والمجموعة الشمسية بأكملها نقطة في هذه العضلة، المجموعة الشمسية والأرض من أصغر كواكب المجموعة الشمسية، والأرض أربعة أخماسها ماء، والخمس يابسة، ونحن بقارة آسيا بمدينة صغيرة اسمها عمان، فنحن موقعنا من الكون شيء لا يصدق، هذا الإله العظيم يعصى؟ نقول:

﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾

[سورة الفاتحة: 1-5]

 هل العبادة خالصة لله عز وجل أم أن هناك أشياء تعكر عليك العبادة؟

 

مغادرة الدنيا أخطر حدث في المستقبل علينا التفكر به :

 فيا أيها الأخوة الكرام؛ قضية الدين قضية مصيرية، الدين يحدد مصيرك، إما في جنة يدوم نعيمها أو في نار لا ينفذ عذابها، فالتفكر بأخطر حدث واقعي، نحن جميعاً نتحدث عن واقعنا، وعن ماضينا، لكن لا يوجد بالألف واحد يتحدث عن المستقبل، المستقبل أخطر حدث مغادرة الدينا، أي في البلد النفطي إذا الإنسان معه إقامة هناك، ودخله كبير جداً، ممكن أن يجمع ثمن بيت، لو كتبوا على جوازه: مغادرة بلا عودة ينخلع قلبه، أما نحن جميعاً عند الموت فمغادرتنا بلا عودة، كلنا نخرج من البيت بشكل عامودي وهناك يوم سنخرج بشكل أفقي، بنعش، فيا أيها الأخوة؛ هذا الحدث الخطير حدث الموت يجب أن يدخل في حساباتنا اليومية، عبدي رجعوا وتركوك، وفي التراب دفنوك، ولو بقوا معك ما نفعوك، ولم يبقَ لك إلا أنا، وأنا الحي الذي لا يموت.
 لذلك التفكر في الموت يعد باعثاً دقيقاً وخطيراً وفعالاً إلى الله، حتى بعضهم قال: صلّ صلاة مودع، لو أن الإنسان يعلم أنه بعد ساعة سيموت وأذن العصر كيف يصلي العصر؟ هل يقول: ماذا طبختم اليوم؟ فصلّ صلاة مودع، لذلك الله عز وجل أقسم بمطلق الزمن، أنت زمن، والله الذي لا إله إلا هو ما قرأت بحياتي تعريفاً للإنسان جامعاً مانعاً كتعريف الإمام الحسن البصري: الإنسان بضعة أيام كلما انقضى يوم انقضى بضع منه. أنت زمن لذلك الله أقسم بالزمن قال تعالى:

﴿ وَالْعَصْرِ ﴾

[ سورة العصر: 1]

 جواب القسم:

﴿ إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴾

[ سورة العصر: 2]

 أي الإنسان خاسر، مضي الزمن فقط يستهلكه، كل واحد منا يقول لك: عمري ثلاثة وخمسون، كيف مضت هذه الأعوام؟ ساعة، قال تعالى:

﴿ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ ﴾

[ سورة يونس: 45 ]

 الدنيا ساعة اجعلها طاعة، أنت زمن، ومضي الزمن يستهلكك.

 

العاقل من ينفق وقته استثماراً لا استهلاكاً :

 الآن إنفاق الزمن؛ هناك إنفاق استهلاكي كما يفعل معظم الناس؛ نأكل ونشرب وننام ونسهر ونتابع البرامج و في اليوم الثاني نستيقظ نصلي الصبح ونأكل ونتوجه إلى العمل، وعندنا مشكلات في العمل نأتي الظهر نتغذى وننام وهكذا حتى ينشأ عنده طارئ بصحته غير متوقع، يفحص هناك مشكلة بعد حين تكتب النعوة، عندنا في الشام نعوات باليوم حوالي خمسين نعوة، يموت مئة إنسان نصفهم يضعون نعوات هذا عميد أسرتهم، هذا الطبيب الفلاني، هذا التاجر الفلاني، هذا الموت ألا يجب أن نفكر به؟ نأخذ موقفاً منه أو نستعد له؟ هذه البطولة، هذا الذكاء، قالوا: العقل أن تصل إلى الشيء قبل أن تصل إليه، هناك طالب نال الدرجة الأولى سألوه: ما سبب تفوقك؟ قال: لأن لحظة الامتحان لم تغادر ذهني ولا دقيقة.
 هذا الموت هل هناك أحد من الأخوة الحاضرين وأنا معكم يقول: أنا لا أموت؟ وقتها يحتاج إلى مستشفى من نوع ثان، ماذا أعددت للموت؟ أن نعد له عملاً صالحاً، أن نعد له انضباطاً، تربية أولاد وبنات، تجد إنساناً يصلي وابنته ترتدي ثياباً فاضحة، يقول لك: هذا يليق بها، هل هذا أب؟
 فيا أيها الأخوة الكرام؛ الموضوع خطير إما أن تقف من هذا الدين موقف المتلقي، موقف المطبق، أو نعد الدين شيئاً من ثانويات حياتنا، يقول لك: أنا مهندس، و إذا كنت مهندساً؟

 

من لم يؤمن بالله العظيم و لم يستقم على أمره لن يقطف من ثمار الدين شيئاً :

 لذلك أيها الأخوة؛ ليس كل مصلٍّ يصلي، إنما أتقبل الصلاة ممن تواضع لعظمتي، قال تعالى:

﴿ خُذُوهُ فَغُلُّوهُ* ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ* ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ* إِنّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ ﴾

[ سورة الحاقة: 30-33 ]

 يجب أن تؤمن بالله العظيم، إبليس آمن بالله، قال تعالى:

﴿ قَالَ فَبِعِزَّتِكَ ﴾

[ سورة ص: 82 ]

 لكنه لم يؤمن بالله العظيم، بالله العظيم لا بد من التفكر في خلق السموات والأرض والآية تقول:

﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾

[ سورة آل عمران: 190-191 ]

 إذاً لا بد من تفكر في خلق السموات والأرض، إنما أتقبل الصلاة ممن تواضع لعظمتي، سبب التواضع لعظمة الله التفكر بل إن التفكر في خلق السموات والأرض أوسع باب ندخل منه على الله، وأقصر طريق نصل به إلى الله، إنما أتقبل الصلاة ممن تواضع لعظمتي، وكفّ شهواته عن محارمي.
 كلمة تعتبرونها قاسية واقعية، سموها ما شئتم، ما لم نستقم على أمر الله لن تقطف من ثمار الدين شيئاً، دين من دون استقامة فلكلور، تراث، لا يقدم ولا يؤخر، عندنا مظاهر مساجد في المغرب، مسجد كلف مليارات فيه ترف بالفن الإسلامي شيء لا يصدق، الدين تطبيق و استقامة، نحن نريد بيتاً إسلامياً، نريد عملاً إسلامياً، يجب أن تدخل الإسلام في نفسك وفي بيتك وفي عملك، أن تقيم الإسلام في نفسك أولاً، وفي بيتك ثانياً، وفي عملك ثالثاً، ولك أن تنصح من حولك، ساعتها تصبح داعية ناصحاً، أما الذي أنت محاسب عنه فنفسك وبيتك وعملك.
 أيها الأخوة الكرام؛ إنما أتقبل الصلاة ممن تواضع لعظمتي، وكفّ شهواته عن محارمي، ولم يصر على معصيتي، هذه توبة والتوبة باب من أبواب الله عز وجل، قال تعالى:

﴿ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً ﴾

[ سورة النساء: 27]

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور