وضع داكن
18-04-2024
Logo
الزكاة - الدرس : 11 - الخطأ في مصرف الزكاة
  • الفقه الإسلامي / ٠5العبادات الشعائرية
  • /
  • ٠4الزكاة
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علَّمْتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علِّمنا ما ينْفعنا وانْفعنا بِما علَّمتنا وزِدْنا عِلماً، وأَرِنا الحق حقاً وارْزقنا اتباعه، وأرِنا الباطل باطِلاً وارزُقنا اجْتنابه، واجْعلنا ممن يسْتمعون القول فَيَتَّبِعون أحْسنه، وأدْخِلنا برحْمتك في عبادك الصالحين.

الخطأ في مصرف الزكاة :

 أيها الأخوة المؤمنون، وصلنا في الفقه وفي موضوع الزكاة إلى الفقرتين الأخيرتين، وهما الخطأ في مصرف الزكاة، وإظهار الصّدَقة.
 أولاً: الخطأ في مصرف الزكاة، ملخَّص الموضوع لو أنَّ المسلم أعطى زكاة ماله لِمَن لا يستحقُّها، هل سقطَتْ عنه أم عليه أن يدفعها مرَّةً ثانية؟! هذا الموضوع خلافيّ، أيْ أنَّ للسادة العلماء الأجِلاَّء آراء متداولة فقد تقدَّم الكلام على من تَحِلُّ لهم الصَّدَقة، ومن تحرُمُ عليهم، ثمَّ إنَّه لو أخطأ المُزَكِّي، وأعطى من تحرمُ عليه، وتركَ من تَحِلُّ له دون عِلْمِهِ، ثمَّ تبيَّن له خطؤُهُ، فهل يجزئه ذلك؟! أم أنّ الزكاة لا تزال دَينًا في ذِمَّتِهِ حتى يضعها موضعها؟ سؤال مهمّ جدًّاً، فلو أخطأت ودفعْتَ الزكاة إلى من لا يستحقّها، فهل سقطَتْ عنك أم تبقى ذِمَّة في رقبتك؟ وهل يجزئك ذلك أم أنّها تبقى واجبة عليك؟ هذا هو السؤال!
 اختلفت أنظار الفقهاء في هذه المسألة، فقال أبو حنيفة ومحمد والحسن وأبو عبيدة: يجزئه ما دفعهُ، ولا يُطالب بِدَفع زكاةٍ مرَّة أخرى، فاختلاف أئمةّ المسلمين رحمة واسعة، فلو أنّ أحدهم دفع الزكاة بِشِقّ الأنفس، لو طالبتهُ أن يدفعها مرَّةً ثانية، لأنَّه أخطأ في مصرفها لرفض، وربما ارتدّ، نقول له: الإمام أبو حنيفة يقول: إن أخطأتَ في دَفْع الزكاة إلى من لا يستحقّها سقطَت عنك، وللعلماء عبارة مشهورة: سقط الوُجوب وإن لم يحصل المطلوب.

(( عن معن بن يزيد قال: كان أبي أخرج دنانير يتصدّق بها، فوضَعها عند رجل في المسجد، فجئتُ فأخذتها وأتيْتُهُ بها، فقال: والله ما إيَّاك أردتُ فخاصمْتُهُ إلى النبي صلى الله عليه وسلّم، فقال: عَن مَعْنَ بْنَ يَزِيدَ رَضِي اللَّه عَنْه حَدَّثَهُ قَالَ بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا وَأَبِي وَجَدِّي وَخَطَبَ عَلَيَّ فَأَنْكَحَنِي وَخَاصَمْتُ إِلَيْهِ وَكَانَ أَبِي يَزِيدُ أَخْرَجَ دَنَانِيرَ يَتَصَدَّقُ بِهَا فَوَضَعَهَا عِنْدَ رَجُلٍ فِي الْمَسْجِدِ فَجِئْتُ فَأَخَذْتُهَا فَأَتَيْتُهُ بِهَا فَقَالَ وَاللَّهِ مَا إِيَّاكَ أَرَدْتُ فَخَاصَمْتُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَقَالَ لَكَ مَا نَوَيْتَ يَا يَزِيدُ وَلَكَ مَا أَخَذْتَ يَا مَعْنُ ))

[البخاري عن معن بن يزيد]

 وبعض العلماء وجَّه هذا الحديث على أنّ الاحتمال في أن تكون هذه الصَّدَقة نفلاً، إلا أنَّ لفظ ما في قوله: لك ما أخذْت، ولك ما نوَيْت، قال علماء الأصول: يفيد العموم.

كلّ شيءٍ وقعَ على وجه الأرض أرادهُ الله :

 هناك قِصَّة رُوِيت عن أبي هريرة أنَّ النبي عليه الصلاة والسلام روى قصَّة عن رجل من بني إسرائيل قال رجل من بني إسرائيل لأتصدَّقنّ الليلة بصدقة فخرج بِصَدقته فوضعها في يد سارق فأصبح الناس يتحدَّثون:

((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّه عَنْه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قَالَ: رَجُلٌ لَأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا فِي يَدِ سَارِقٍ فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ تُصُدِّقَ عَلَى سَارِقٍ فَقَالَ اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ لَأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا فِي يَدَيْ زَانِيَةٍ فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ تُصُدِّقَ اللَّيْلَةَ عَلَى زَانِيَةٍ فَقَالَ اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى زَانِيَةٍ لَأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا فِي يَدَيْ غَنِيٍّ فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ تُصُدِّقَ عَلَى غَنِيٍّ فَقَالَ اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى سَارِقٍ وَعَلَى زَانِيَةٍ وَعَلَى غَنِيٍّ فَأُتِيَ فَقِيلَ لَهُ أَمَّا صَدَقَتُكَ عَلَى سَارِقٍ فَلَعَلَّهُ أَنْ يَسْتَعِفَّ عَنْ سَرِقَتِهِ، وَأَمَّا الزَّانِيَةُ فَلَعَلَّهَا أَنْ تَسْتَعِفَّ عَنْ زِنَاهَا، وَأَمَّا الْغَنِيُّ فَلَعَلَّهُ يَعْتَبِرُ فَيُنْفِقُ مِمَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ))

[البخاري عن أبي هريرة]

 تعليقي على هذه القصَّة، أنَّ الخطأ الذي يرتكبهُ الإنسان، عند الإنسان خطأ، ولكن عند الله ليس بِخَطأ، إنّما يوظَّف الخطأ لِحِكمة بالغة، وأنا لا أنسى قِصَّة في هذا الموضوع؛ لي قريبة ليْسَت ملتزمة بالدِّين أخَذَت شهادة وأرادَت أن تتوظَّف بِمُوجبِها، فَطُلِبَ منها شهادة صِحِيَّة، فذَهَبت إلى المستشفى، وصوَّرَت صدرها، وبعد أيَّام جاءَت النتيجة أنَّ هناك مرضًا ساريًا في صدرها، علم أهلها بذلك فابتَعَدوا عنها، وجعلوا لها أدواتٍ خاصَّة، هذه العُزْلة في البيت، وهذا الخوف من الاقتِراب منها، سبَّب لها أزمة نفْسِيَّة، فجعَلَتْ تبكي بكاءً مرًّاً، واعْتَزَلت الناس إلى أن صلَّت، ثمَّ تحجَّبَت، ثمّ ظهر أنَّ هناك خطأٌ في النتيجة!! فهي ليْسَت لها، وهي سليمة مُعافاة وليس بها أيّ شيء، فهذا الخطأ الذي ارْتكبهُ الموظَّف لا شكّ أنّه خطأ، ولكنَّ الله سبحانه وتعالى وظَّفهُ لِتَوبتها، ولكي تتوب، فإذا أخطأ الإنسان فالله تعالى لا يخطئ، والذي وقعَ أرداهُ الله قولاً واحدًا، فكلّ شيءٍ وقعَ على وجه الأرض أرادهُ الله، ولا يُعفي هذا أن يُحاسَبَ المخطئ على خطئِه، إياكم أن تخلطوا بين التوحيد وبين الشُّعور بالمسؤوليَّة! إذا أخطأ إنسان وتسبَّب بِمَوت إنسان آخر يُحاسَب، ويدفع الديّة، هذا موضوع، ولكن بالنِّهاية أنَّ الشيء الذي وقع أراده الله سبحانه وتعالى.
 رجلٌ آخر كان بِجَولة سِياحِيَّة وصَل بها إلى أمريكا، شَعَر بآلام بِعَموده الفقري اتّصل بِكِبار الأطباء هناك، فأنبؤوهُ مباشرةً أنَّ بِعَموده الفقري سرطانًا!! خارَتْ قِواه، ولم تقو رِجلاهُ على حَملِهِ، وقَطَع رِحلتَهُ السِّياحِيّة الممتِعة، وعاد إلى بلده لِيُصَلِّي ويصوم ويحضر مجالس العلم، وبعد شَهرين أو ثلاثة أكَّد له الأطباء أنَّ هذا الكلام لا أصل له، وأنَّ هذه الآلام طارئة وقد زالت، لكنّ هذا الكلام الذي أنبؤوه به سبَّبَ توبتهُ، فالذي وقَعَ أراده الله عز وجل قال تعالى:

﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ﴾

[ سورة الحديد : 22 ]

 فلو لا توجد بالدِّين، وهي تفتحُ عمَلَ الشّيْطان، ولكن قُلْ: قدَّر الله وما شاء فعل فإنَّ كلمة لو تفتحُ عمَلَ الشَّيطان.

الحكمة من التشدد في الخطأ في مصرف الزكاة :

 الآن رأيٌ ثان، فالرأي الأوّل هو رأي أبو حنيفة، هل يجوز أن أقول: رأيُ أبو حنيفة أم رأيُ أبي حنيفة؟! هناك من يُجيز ذلك، فأنت لك أن تقول: سورة المؤمنون على الحكاية من دون جرِّها، أما الإمام مالك والشافعي وأبو يوسف والثوري وابن المنذر فيذهب هؤلاء جميعًا إلى أنَّه لا يجزئه دفْعُ الزكاة إلى من لا يستحقُّها، أي لا تسقط عنه إلا إذا دُفِعَت إلى من يستحقُّها، فقد يقول لك أحدهم: عليَّ ضريبة، ولكن هذه الضريبة في نهايتها للمدارس أو الطرقات، ويحسِبُ الضريبة من الزكاة، نقول له: لا، هذا لا يجزئ، فالإمام مالك والشافعي وأبو يوسف والثوري وابن المنذر يذهب هؤلاء جميعًا إلى أنَّه لا يجزئه دفْعُ الزكاة إلى من لا يستحقُّها أما إذا تبيَّن له خطؤُهُ، وأنَّ عليه أن يدفعها مرَّةً أخرى إلى أهلها لماذا هذا التَّشدُّد؟ الإمام مالك والشافعي قالوا: لا تسقط عنه إلا إذا دُفِعَت إلى من يستحقّها، فهم اتَّجهوا هذا الاتِّجاه من أجل أن يُفكِّر المسلم ألف مرَّة إلى من يدفعُ الزكاة، من أجل أن تذهب إلى من يستحقّها، وشُعور المسلم حينما يدفع الزكاة إلى من يستحقّها شعور لا يعادله شعور، فهو يحسّ بنَشوة وسعادة لا حدود لها، أسرة مستورة مؤمنة مستقيمة تعيش أزمة فجاء هذا المبلغ فحلَّ هذه المشكلة، كأن تُبنى غرفة لِفَصل الذُّكور عن الإناث، وكإجراء عمليَّة جِراحِيَّة، ودُفِعَ قِسط المدرسة من دون إرهاق الأب، فأحيانًا تأتي الصَّدَقة في مكانها الصحيح، لذلك حينما تشدَّد الإمام الشافعي رحمه الله والإمام مالك رحمه الله من أجل أن نجْتَهِد اجْتِهادًا دقيقًا في دَفْعِ الزكاة إلى من يستحقُّها، ولكنَّك إذا وثَقْت بإنسانٍ، نُقِلَتْ المسؤوليَّة منك إليه، كأن تقول لِمَن تثق فيه: خُذْ هذا المبلغ، وادْفَعْهُ إلى من يستحقّه فأنت بهذا لك براءة ذِمَّة، وأصبح هو مسؤولاً عن الاجتهاد في دفع هذا المبلغ.

الزكاة دين الله :

 الإمام الشافعي قاس على موضوع الدَّيْن، فالزكاة دَين الله، فلو أنَّ لك مع إنسان ألف ليرة، ذهبتَ أنت إلى بيته مثلاً، فدققت الباب، خرج إنسان وقلت له: خذْ ألف ليرة و أعطها لفلان؟ هل يمكن هذا؟ لا بدّ أن تتأكّد فقد يكون هذا مستأجر، ويذهب في اليوم نفسه، فقضاءً وقانونًا هل يسقط عنك هذا الدَّين؟ أين توقيعي؟ وأين السَّنَد؟ وأين الشُّهود؟ كيف أنَّ دَين البشر لا يسقط عنك إلا إذا أدَّيتَهُ إلى صاحبه تمامًا، فكذلك دَين الله! فالأصل أن تسأل الدائن: إذا جئتُ ولم أجدك، ماذا أفعل؟! إذا قال لك: أعْطِ المبلغ لِزوجتي، انتهى الأمر، أما إن أكَّد عليك عدم إعطاء المبلغ إلا في يدي فعندها اتَّضَح الأمر.

رأي الإمام أحمد في الخطأ في مصرف الزكاة :

 عندنا مذهب وسط، فالإمام أبي حنيفة له رأي، والإمام مالك والشافعي لهما رأي، بقي الإمام أحمد، هذا الإمام يقول: إذا أعطى الزكاة من يظنُّه فقيرًا فبان غنِيًّاً، ففيه روايتان رِوايةٌ بالإجزاء، ورِوايةٌ بعدَمِهِ، فأما إن بان الآخذُ عبدًا، أو كافرًا، أو هاشِمِيًّا، أو ذا قرابةٍ للمعطي مِمَّن لا يجوز الدَّفعُ إليه لم يُجزِئْهُ الدفع إليه، هذا موقف آخر، فيمكن أن يكون الغنى مخفيّاً، وأذكرُ أنَّني دفعت لأحدهم مبلغًا فقيل لي: هذا دخله ثمانية آلاف ليرة، منظرهُ يوحي أنَّه لا يجد ما يأكلهُ، فموضوع الغِنى والفقر لا يعلمهُ إلا الله تعالى، فهناك أشخاص لهم مهارة بالغة في إظهار الفقر، أما المؤمن فَيُظْهر التَّعَفُّف، ومن علامة الإيمان أنَّك تحْسبُهُ غنيًّاً، قال تعالى:

﴿ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ﴾

[ سورة البقرة: 273 ]

 من جلس إلى غنيّ فَتَضَعْضَع له ذَهَب ثلثا دينه، ففي موضوع الغنى أو الفقر قال تُجزئهُ، أما في موضوع أنَّه كافر أو عبدٌ أو هاشِمِيّ أو ذا قرابة فقال: لا تجزئهُ، وهذا هو الحلّ الوسط.

إظهار الصدقة :

 الموضوع الأخير في الزكاة هو: إظهار الصَّدَقة، يجوز للمُتَصَدِّق أن يُظهر صدقته، سواءٌ أكانت الصَّدقة صدَقَةَ فرضٍ أم نافلةٍ دون أن يُرائي بِصَدقته وإخفاؤُها أفضل، وهذا كلامٌ واضِحٌ كالشَّمس، ولكن لو سألتني: متى ينبغي أن نُخفيَها؟ ومتى ينبغي أن نُظْهرها؟ إذا كانت هذه الصَّدَقة اسْتقرَّتْ بِيَد إنسان وأظهرتها فضَحْتَهُ، أما إذا كانت الصَّدَقة لِمَشروعٍ عام كَبِناءِ مسجدٍ، و أحدهم فكّر بِدفع خمسين، فإذا بالذي أمامه دفع خمسمئة، فَخَجِل ودفع مئتين، ففي هذه الحالات إذا أظهرت الصَّدَقة كنتَ قُدوةً حسنة، وحمَّسْت الآخرين، وشجَّعتهم، أما إن تعلَّقَت الصَّدَقة بإنسان، وذَكَرتها، فقد أبْطَلت أجركَ، فهذه نصيحة لِوَجه الله إنْسَ كلّ عملٍ طيِّب فعلتهُ مع الآخرين، وتذكَّر إلى الأبد كلّ عملٍ طيِّبٍ عمله الناس معك، أما اللَّئيم فلا يذْكرُ إلا عمله الطَّيِّب، ولا يزال يمْتنُّ به على من أعطاهُ إلى أن يكفرُ هذا المُعْطى بالمال، وبهذه النِّعمة، أما أعمال الناس الطَّيِّبة إليه فيَنْساها، وكأنَّها لم تكن، قال تعالى:

﴿ إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾

[ سورة البقرة: 271 ]

 روى الشيخان - البخاري ومسلم- عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:

(( سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ إِمَامٌ عَدْلٌ وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ ))

[متفق عليه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّه عَنْه]

 هؤلاء السَّبعة يُظِلُّهم الله تحت ظِلِّه يوم لا ظلّ إلا ظلّه، فهل هناك صِفةٌ من هذه الصفات تنطبق عليك؟ نرجو الله سبحانه وتعالى أن تنطبق علينا ولو صفة أو صفتان أو ثلاث، وإذا كنَّا طموحين فنرجو أن تنطبق علينا هذه الصِّفات السَّبعة.
 إلى هنا ينتهي موضوع الزكاة، وقد شُرِح من خلال كتاب فقه السنَّة، وهذا الكتاب فيه ميِّزة، وهي أنَّ فيه الحُكم وتعْليلهُ ومستندُهُ النَّصي، والميِّزة الثانية أنَّ فيه وجهات نظر متبايِنة مع ترجيح بعضها على بعض، وأُسلوبهُ واضِحٌ يسير.

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور