- ندوات إذاعية / ٠09برنامج حياة المسلم - إذاعة حياة إف إم
- /
- ٠3برنامج حياة المسلم 3
مقدمة :
الدكتور راتب :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا بما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
المذيع :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته في مجلس العلم والإيمان مع الدكتور محمد راتب النابلسي شيخنا الكريم ، مرحباً بفضيلتكم ..
الدكتور راتب :
بارك الله بكم ، ونفع بكم ، وأعلى قدركم .
المذيع :
حلقتنا لهذا اليوم تحت عنوان التربية الإيمانية كيف لنا أن نربي أولادنا تربية إيمانية في هذه الحياة ؟ نبدأ حلقتنا بقوله تعالى :
﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ﴾
ونأخذ من قول النبي صلى الله عليه وسلم :(( كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ))
فالأمير الذي على الناس راع وهو مسؤول عن رعيته ، والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عنهم ، بين هذه المسؤولية والتكليف الشرعي في رعاية أبنائنا دكتور وبين فضل الأجر الذي يمكن أن يلحق بأعمالهم إلى أعمالنا تكون حلقتنا لهذا اليوم ..تربية الابن تربية إيمانية :
الدكتور راتب :
كأن هذين الحديثين متكاملان بمعنى أن الإنسان حينما يكون قدوة يربي أولاده ، الابن ما سمع من والده كذباً ، ولا مشاهدة على الشاشة لا ترضي الله ، ما رأى منه إلا استقامة ، وقد قيل : استقيموا يستقم بكم .
الشيء الثاني ؛ الإنسان حينما يربي ابنه تربية إيمانية له مثل أجره ، واحد مسوغ والثاني مشجع .
المذيع :
نوضح أكثر .
الدكتور راتب :
﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ﴾
ألحقنا بهم أعمال ذريتهم ، ألحقنا بهم ذريتهم أي ألحقنا بهم أعمال ذريتهم ، جميع الأعمال الصالحة ، والبطولات الرائعة ، والالتزام والدعوة إلى الله من قبل ذريتك ، كل هذه الأعمال بمجموعها وتراكمها في صحيفة الأب ، قال تعالى :﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ ﴾
الأب كان قدوة ، أولاً : يوجد دعوة صامتة لو لم يتكلم كلمة ما سمع الابن من أبيه كذبة .المذيع :
شيخنا سندخل في أنواع الدعوة ولكن حتى نتأكد من فهمنا ، إذاً في هذه الآية الكريمة يرشدنا الله أن الأب الذي يجعل أولاده يتبعونه بإيمان كل عبادات هذا الابن له لأنه كان السبب.
التجارة الرابحة هي التجارة مع الله عز وجل :
الدكتور راتب :
الحقيقة أكبر تجارة مع الله ، التجارة العادية الربح من اثني عشر إلى خمسة عشر ، بالصناعة من عشرين إلى خمسة وعشرين ، أما الواحد بمليون فأكبر تجارة مع الله تربية الأبناء، أعمال الابن كلها إلى أن يموت في صحيفة أبيه وأمه .
المذيع :
شيخنا الكريم هل فقط أعماله الدينية أم دراسته وسلوكه وأصحابه ؟
الدكتور راتب :
الأعمال التي يستحق عليها الجنة ، إذا أطلقناها الأعمال الصالحة ، كل إنسان يشتغل ليكسب قوت يومه .
المذيع :
لو أخذ نية بهذا العمل ألا يؤجر به ؟
انقلاب العادات إلى عبادات بالنية الطيبة :
الدكتور راتب :
تنقلب العادات إلى عبادات بالنية الطيبة ، الأب عندما يذهب إلى عمله المؤمن ، ليكسب قوت يومه ، ليكفي زوجته وأهله وأولاده ، ليعيشوا حياة معقولة ، لا يشتهون شيئاً أساسياً ليس عندهم ، المؤمن عاداته عبادات ، والمنافق عباداته سيئات ، هو ينافق بها ، يعطي نفسه مكانة ليس هو فيها ، أما العادات فالأب المؤمن بحث عن عمل ، داوم ثماني ساعات ، تعب ، لكن بالمقابل حصل على دخل أطعم أولاده ، كسا أولاده ، أمّن لأولاده حاجاتهم الأساسية ، صار الأب معطاء ، الأولاد انضموا إلى أبيهم ، حاجاتهم عند أبيهم ، الأب الكسول الذي لا يعمل لا يوجد معه مال ، كل شيء لا نقود لدي ، لا نقود لدي ، فقد قيمته كأب ، هو يحترم لكن لا يحب ، هناك فرق ، البطولة ليس أن تحترم ، الأب محترم بالثقافة الإسلامية ، بأي مكان في العالم ، الأب محترم ، لكن بطولتك أن تحب لا أن تحترم فقط .
المذيع :
وكيف تنال هذه المحبة ؟
المحبة تُنال بالأخلاق و الإحسان :
الدكتور راتب :
بالإحسان :
(( يا داود ذكر عبادي بإحساني ، فإن القلوب جبلت على حبِّ من أحسن إليها ، وبغض من أساء إليها ))
عندما دخل أهل حمص زرافات ووحدانا في الإسلام ليس لأن الدعوة عميقة جداً ، فيها إعجاز ، لا ، ولا المتكلم فصيح جداً ، هناك إحسان ، هذا الجيش الإسلامي في حمص ما انتهك عرضاً ، ولا أكل مالاً حراماً ، سيدنا صلاح الدين اشترى الأشياء بأثمانها الحقيقية ما استغل أنه فتح القدس ، ما استغلها أبداً ، اشترى الأشياء- حينما غادر الطرف الآخر القدس -بأثمانها الحقيقية ، الذي يبقى هو الأخلاق ، الله عز وجل آتى النبي مليون خصيصة يتميز بها لكن لما مدحه قال له :﴿ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾
ما قال له : إنك ذو خلق عظيم ، ما معنى ذو خلق عظيم ؟ فرضاً أنت عندك كمية فواكه معقولة ، جاءك خمسة ضيوف احترت هل تبقي هذه لأولادك أم تقدمها ضيافة والجماعة ضيوف محترمون ؟ جاؤوا من محل بعيد ، دخلت في صراع مع نفسك ثم انتصرت وقدمت هذه الفواكه ضيافة للضيوف ، أنت هنا ذو خلق ، أما على خلق لا يوجد تردد ، ولا صراع ، ولا تريث :﴿ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾
والذي يبقى هو الخلق ..المذيع :
شيخنا الكريم بين هذا التحفيز والتشجيع في الأجر أن الأب والأم إذا ما زرعوا هذه التربية الإيمانية فكل أعمال أولادهم في صحيفتهم ؟
تربية الأولاد أكبر تجارة مع الله :
الدكتور راتب :
لنهاية حياتهم في صحيفة آبائهم ، قال تعالى :
﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ﴾
بإيمانهم ، واستقامتهم ، وعفتهم ، وعملهم الصالح ، وأداء عباداتهم ، هؤلاء في صحيفة الآباء إلى نهاية الحياة .المذيع :
شيخنا هل هذه الدائرة لا تنتهي أي لو أن ابني حمل نفس المنهج وربى أحفادي أيضاً أحفادي سيصبحون في ميزاني ؟
الدكتور راتب :
أحفاد الأحفاد ، كل من طبق هذا المنهج تقليداً لأبيه ، والأب للأب ، وأول أب هؤلاء جميعاً ، أي أكبر تجارة مع الله تربية الأولاد .
المذيع :
شيخنا دائرة لا تنتهي من الحسنات ؟
الدكتور راتب :
أبداً .
المذيع :
شيخنا هل هذا هو مصداق قول النبي :
(( مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كَانَ لَهُ أَجْرُهُ وَمِثْلُ أُجُورِهِمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئاً ..)
الدكتور راتب :هذا النص القاطع بالموضوع ، أجر من عمل بها إلى يوم القيامة .
المذيع :
شيخنا الشق الآخر هناك مسؤولية قول النبي عليه الصلاة والسلام : والرجل راع عن أهله وهو مسؤول عنهم ، ماذا لو لم يقم بهذه التربية ما هي المسؤولية الشرعية ؟
كل إنسان مسؤول عن رعيته ومحاسب عنها لأن هذه أمانة :
الدكتور راتب :
يحاسب في الدنيا والآخرة لأن هذه أمانة ، قال تعالى :
﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ﴾
عندما حمل الأمانة مسؤول عن زوجته ، مسؤول عن أولاده، المعلم عن طلابه ، المهندس عن صاحب البناء ، عمل خطأ وفر مبلغاً ضخماً ، لكن البناء انهار بعد ذلك ، المحامي قال لك : الدعوى ناجحة وهي ليست ناجحة ، أعطه حقه فقط ، قد تتوهم أنه ذهب منك دخل كبير ، لا ، الدخل الآخر يذهب على صحته ، الشيء ليس سهلاً ، أنت عندما تفكر أن تبني مجدك على أنقاض الناس ، أو على كذبهم ، أو على غشهم ، أو على إيهامهم ، أعطى وصف لمرضه كبيراً جداً فجعله يستسلم ، وأخذ منه مبالغ كبيرة عن أشياء لا يحتاجها .المذيع :
هذا غش ، شيخنا الأب والأم بين أن يلحق بهم أعمال ذريتهم وبين أن يتحملوا مسؤولية هذا التقصير ؟
الدكتور راتب :
أبداً ، أهمل ابنه فابنه تفلت كلياً ، محاسب عن تفلته ، أما لو أدى الذي عليه وتفلت صار هذا موضوعاً ثانياً ، إذا لم يؤد الذي عليه وأهمله تركه بلا توجيه ، بلا دين ، بلا صلاة ، يحاسب .
المذيع :
شيخنا أنا كأب ما الذي أكلف به في تربية أولادي إيمانياً ؟
كيفية تربية الابن تربية إيمانية :
الدكتور راتب :
لابد من أن تتعهدهم بدينهم ، لابد من أن تبين لهم ، لابد من جلسة حوارية من حين لآخر ، أقل شيء كل أسبوعين ، والأصح كل أسبوع جلسة حوارية ، مع طعام العشاء ، اجعل العشاء ساعتين ، اسأل ابنك ما فهم من أستاذ الديانة ، ما أدلة أن الصلاة فرض ؟ ما ثمار الصلاة ؟ هذا الحوار نفتقده في بيوتنا ، بين الآباء والأبناء ، وبين الأزواج والزوجات .
المذيع :
شيخنا أنا أعرف أن لحضرتكم باعاً كبيراً في التربية ما الأثر التربوي لهذا الحوار على الأولاد ؟ لماذا أنا لا ألقنه هذه المعلومة ؟ لماذا الحوار ؟
التلقين أفشل طريقة في التربية :
الدكتور راتب :
التلقين أفشل طريقة في التربية ، مثلاً أنت لقنته ألا يسرع ، محاضرة ، اثنتان ، ثلاث، أربع ، خمس ، ثم شاهد حادثاً مرورياً أربعة أشخاص ميتون ، هذه المشاهدة أبلغ من مليون محاضرة ، فأنت ضع ابنك أمام حالة ، أمام مشكلة ، أمام حدث ، وبين له ، حقيقة الأبوة فن ، الأبوة علم ، لكن أريد أن أقول كلمة وأنا بأشد الألم : إذا الأب أهمل عمله فاقد الشيء لا يعطيه ، الأب همه فقط الأكل ، والشرب ، والنزهات ، والولائم ، والسهرات ، والحفلات ، ما عرف الله ، ما عرف طريق التربية ، ما عرف ثمار الأولاد ، أكبر تجارة مع الله من دون استثناء أن تربي أولادك ، هؤلاء أعمالهم كلها إلى ما شاء الله في صحيفتك ، والآية مثل الشمس أنت ذكرتها :
﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ﴾
أي أعمال ذريتهم ، كل أعمال الأبناء إلى أبد الآبدين في صحيفة الآباء .المذيع :
شيخنا أول مسؤولية على الأب والأم شيخنا الكريم هي التربية الإيمانية لأولادهم وخير الأسلوب هو الحوار وأن تعرض التجارب لا التلقين .
الدكتور راتب :
أقل شيء بالأب أن يـأتي بالطعام والشراب ، أحياناً يأتي متأخراً الساعة العاشرة ، ما شاهد أولاده ، وغادر قبل أن يستيقظوا ، هذا ليس أباً ، إذا ما عندك وقت تجلس مع أقرب الناس لك ، مع أولادك ، أقول : الآخر أنت له وغيرك له ، أما ابنك فمن له غيرك ؟
المذيع :
شيخنا ظروف الحياة صعبة ؟
الدكتور راتب :
عندما يكون المنهاج من عند الخالق ، الله عز وجل هو الخبير :
﴿ لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا ﴾
وأي عذر خلاف الآية غير مقبول ، يقعد على فيلم ثلاث ساعات أولادك أولى ، أكثر الأسر للساعة الواحدة حتى يناموا ، السهرة الطويلة على فيلم وكله متكرر ، وكله ممل ، وكله يطرح قيماً خلاف الدين .المذيع :
شيخنا أولاده أولى بهذا ؟
تربية الأولاد أخطر قضية على الإطلاق :
الدكتور راتب :
عفواً ليس أولى ، مضطر أن أقول : القضية خطيرة جداً ، أنت عندك خطوط دفاع ، أنت عندك الخمر حرام ، والربا حرام ، كمسلم ، والزنا حرام ، ترى من خلال التلفاز شخصاً عند بيت أو قصر ، أناقة تفوق حدّ الخيال ، ثريات ، غرف ضيوف ، صالونات ، سيارتان أو ثلاث، ويستقبل صديقات زوجته بغياب زوجته ، متفلتات ومتبرجات ، وثيابهن فاضحة ، هذا الإنسان الحضاري الأنيق الرشيق ، البيت الفخم .. ثم ترى شخصاً آخر صاحب دين ، زوجته عند الجيران ، أولاده بالطريق ، أولاده متخلفون دراسياً ، هم ما تكلموا شيئاً عن الدين ، لكن قدموا أبشع صورة للدين ، وقدموا أجمل صورة للتفلت ، الآن الغرب ألغى الكلمة ، بالكلمة ما نجح ، اعتمد الصورة وليس الكلمة ، الصورة أبلغ بكثير .
المذيع :
شيخنا التربية الإيمانية ، تربية أولادنا على الدين موضوع هذه الحلقة ، تكلمت شيخنا أن من ربت أولادها على الدين أعمالهم في صحيفة أعمالهم .
الدكتور راتب :
إلى يوم القيامة .
المذيع :
هذه أعظم تجارة .
الدكتور راتب :
أكبر تجارة مع الله .
المذيع :
وفي المقابل التقصير في تربية الأولاد الإيمانية سيؤاخذ ويؤثم على عدم تربيتهم كيف ندلهم على الله ؟
القدوة قبل الدعوة :
الدكتور راتب :
كما ورد في الأثر : البنت يوم القيامة تقف أمام رب العزة ، تقول : يا رب ، لا أدخل النار حتى أدخل أبي قبلي ، تفلتت ، هي جميلة ، ثياب فاضحة ، لقاءات لا ترضي الله ، ما تكلم أية كلمة .
المذيع :
شيخنا كيف نربي أولادنا ؟ ذكرتم الحوار مثلاً جلسة عشاء .
الدكتور راتب :
وقدوة ، القدوة قبل الدعوة أب وأم ما كذبوا أبداً ، ما ضبطوا بفيلم على الشاشة لا يرضي الله عز وجل ، ما كانوا بسهرة لا ترضي الله عز وجل أبداً ، مادام الأب مستقيم :
(( استقيموا يستقم بكم ))
القدوة قبل الدعوة ، قبل إلقاء محاضرة ، وقبل موعظة حسنة ، وقبل تلقين الآخر درساً لا ينسى ، أنت كن أكابر ، صالحاً ، صادقاً ، أميناً ، عفيفاً ، القدوة قبل الدعوة .المذيع :
شيخنا إذا اتبعت أسلوب الحوار والبيان واتبعت أسلوب القدوة لكن لم أستطع أن أربي ابني هناك مغريات وفتن كبيرة حولنا هل أنا آثم ؟
من بذل جهده في تربية ابنه و لم يكن ابنه كما تمنى فلا إثم عليه :
الدكتور راتب :لا ، إذا ما استطعت ، يوجد اختصاصيون ، يوجد شيخ الجامع .
المذيع :
أي لا أتركه .
الدكتور راتب :
هناك موجه ، أستاذ ديانة ، خطيب المسجد ، وهناك موقع في النت إسلامي قوي جداً ، مليون طريق ، الطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق الآن ، يبلغ هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ، هذا دين الله عز وجل ، إن هذا العلم دين ، فانظروا عمن تأخذون دينكم ، دينك دينك ، إنه لحمك ودمك ، خذ عن الذين استقاموا ، ولا تأخذ عن الذين مالوا ، هذا دين ، مصير أبدي .
المذيع :
شيخنا إذا كان الطفل صغيراً يستطيع الأب أن يؤثر عليه لكن إذا كبر يختار طريقه بمفرده ؟
حاجة كل إنسان إلى حاضنة إيمانية :
الدكتور راتب :
نعم ، والكلمة الآن دقيقة جداً وخطيرة ، هناك دراسة أكاديمية تربوية ، الأب ، والأم ، والعم ، والخال ، وأستاذ الجامعة ، وخطيب المسجد ، ورجل الدين ، والندوة الإسلامية في الشاشة ، جميع الجهات الدينية بدءاً من الأب والأم والخال والعم ... كل هؤلاء تأثيرهم في الطالب 40 % ، وصاحب السوء 60 % ، يجب أن تعلم يقيناً من هو صديق ابنك ؟ والأم يجب أن تعلم يقيناً من هي صديقة ابنتها ، شيء خطير ، لذلك تأثر الشاب بصديقه 60% ، وتأثره بكل الجهات الدعوية في حياته من أب وأم وعم وخال 40 % ، فلا بد من حاضنة إيمانية غير أهله ، يكون صديق ابنك مؤمناً ، ابحث عن صديق ابنك ، عن صديقة ابنتك ، تحتاج إلى حاضنة إيمانية دليلها ...
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾
المذيع :شيخنا هل هذا يشمل وضعه في مدرسة محددة ؟
الدكتور راتب :
طبعاً أحياناً المدرسة فيها تفلت ، فيها اختلاط ، فيها بنات كاسيات عاريات ، في الصف الحادي عشر الشاب في أوج شهوته الجنسية ، بنت متفلتة كل مفاتنها ظاهرة ، هذا شيء غير معقول إطلاقاً .
المذيع :
شيخنا إذا أدينا كل الذي علينا لكنه لم يرد أن يستقم ، أو انحرف على كبر .
من أدى الذي عليه انتهت مسؤوليته :
الدكتور راتب :
قيل : أدّ الذي عليك واطلب من الله الذي لك ، أديت الذي عليك انتهت المسؤولية ساعتها يوجد حكمة إلهية ، سيدنا نوح ابنه كافر ، في حالات نادرة أبناء أنبياء كفروا ، وزوجات فراعنة مؤمنات .
المذيع :
شيخنا انتهت المسئولية بمعنى لن أحاسب .
الدكتور راتب :
لن تحاسب ، لكن كمسؤولية أديت الذي عليك ، علمته ، بينت له وجهته بأعلى درجة، أكرمته ، أديت له كل حاجاته ، هو أخذ خطاً آخر ، هذا عنده اختلاف ثان .
المذيع :
شيخنا المجال التربوي الذي تعملون به ما هي الأسرار التي يمكن أن تجلب الأطفال ليربوا تربية إيمانية ؟
الإحسان أفضل أسلوب لجلب الأطفال ليربوا تربية إيمانية :
الدكتور راتب :
الإحسان ، املأ قلبه بإحسانك حتى يفتح لك عقله لبيانك ، أب قاس إن كان فصيحاً، متكلماً ، وخطيباً ، ومقنعاً ، ما دام قاسياً فالقسوة حجاب بينه وبين ابنه ، الإحسان قبل البيان ، القدوة قبل الدعوة ، مخاطبة القلب والعقل معاً ، استخدام القصة ، القصة مؤثرة جداً، القصة قوتها مخيفة ، ممكن تفكك كل مسلماتك ، كل شيء أنت مؤمن به بفطرتك القصة تستطيع أن تفكك كل مسلماتك ، هذه الأفلام ، الغرب اعتمد الأفلام ما اعتبر الإقناع ، أراك حياة راقية ، سيارات فارهة ، قصوراً جميلة ، امرأة متفلتة ، ثيابها فاضحة ، أما أصدقاء زوجها قد يأتون لزيارة هذه المرأة بغياب زوجها مثلاً ، ما تكلموا بالدين إطلاقاً ، وأطلعوك على إنسان دين ، محدود الأفق ، زوجته لا تليق به ، عندها ترهل غير معقول ، أولاده في الحي دائماً ، هم ما فعلوا شيئاً ، أنهوا الدين وكبروا الدنيا ، قال تعالى :
﴿ َقَدْ مَكَرُوا مَكْرُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ ﴾
أخي الكريم فرنسا وجهت حوالي أربعين محطة إباحية للجزائر أثناء الثورة ، مدروسة.المذيع :
معنا أختي غادة تفضلي ..
أنت قدوتنا شيخنا الكريم مع أولادنا وبيتنا وأزواجنا ، أريد أن آخذ كلمتك الأخيرة التي قلتها ألينوا قلوبهم ، أنا أستخدم قصصك التي تقولها وأطرحها بأسلوبي ، أشعر أنهم استحسنوا الأمر .
الالتفاف و الانفضاض :
الدكتور راتب :
أختي الكريمة الله خاطب سيد الخلق ، وحبيب الحق ، وسيد ولد آدم قال له : أنت أنت يا محمد :
﴿ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾
﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ ﴾
هذه الآية أصل في الموضوع ، أي يا محمد بسبب رحمة استقرت في قلبك من خلال اتصالك بنا كنت ليناً معهم ، فلما كنت ليناً معهم التفوا حولك ، وأحبوك ، وأخذوا منك ، وقلدوك، وأنت أنت بالذات لو كانت منقطعاً عن الله افتراضاً ، يمتلئ القلب قسوة ، وهذه القسوة تنعكس على الناس غلظة وفظاظة ، قال تعالى:﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ﴾
المذيع :
شيخنا في قضايا التربية يمكن يكون هناك خلاف بين منهج الأب ومنهج الأم ، هو يريد للأولاد مثلاً أن يصلوا في البيت هي تريد أن يصلوا في المسجد ؟
أخطر شيء في التربية أن يختلف الأب والأم أمام أولادهما :
الدكتور راتب :
أخطر شيء في التربية أن يختلف الأب والأم أمام أولادهم حول السياسة معهم ، يتفاهمون مع بعضهم في غرفة النوم ، تصرف موحد ، أخطر شيء لأن هذه أمه وهذا أبوه ما الثمار الخطيرة ؟ مرض انفصام الشخصية ، والاثنان متحاربان ، هذا : اذهب إلى الفيلم لا يوجد مانع ، والفيلم لا يجوز ، عندما يكون هناك تناقض بين الأم والأب يدفع الثمن الأولاد فقط .
المذيع :
تفضل معنا أخونا عبدو ..
سؤالين : ما الواجب على الآباء تجاه أبنائهم في أوروبا بموضوع التربية والصعوبات ؟
السؤال الثاني : ما الواجب عليّ تجاه والدي أن أكون حذاءً مريحاً في قدم أمي وأبي مع العلم أني أنا في بلد وهم في بلد آخر ، أنا في ألمانيا وأنا غير متزوج ؟
الفرق بين بلاد المسلمين وبلاد الغرب فرق نوعي كبير جداً :
الدكتور راتب :الموضوع خطير جداً ، الفرق بين بلاد المسلمين وبلاد الغرب هناك فرق نوعي كبير جداً ، هناك أكبر معصية عادية جداً ، أما في بلادنا فيوجد بقية حياء ، بقية مروءة ، بقية غيرة، في بقايا ، فلذلك الإقامة في ظروف استثنائية موضوع ثان ، له فتوى ثانية ، أما إن لم هناك داع ليقيم معهم في بلادهم فهناك مشكلة كبيرة ، ما ملك ابنه إطلاقاً ، أول شيء خسر أولاده .
المذيع :
شيخنا إذا موجود تحت ظروف معينة كيف يربي أولاده في الغربة ؟
الدكتور راتب :
لو فرضنا عندنا وحدة للتربية مثل ديسيبل للضجيج ، إذا عندنا وحدة للتربية إذا في بلاد المسلمين يحتاج إلى ألف ، هناك يحتاج عشرة آلاف ، الصوارف والعقبات كبيرة جداً ، العقبات أمام الدين ، والصوارف عن الدين كبيرة ، إلا إذا كان الشخص مضطراً ، كان في بلده عنده إشكال كبير على حياته ، هذا موضوع ثان .
المذيع :
شيخنا يحتاج إلى جهد أكبر في التربية .
الدكتور راتب :
يحتاج عشرة أضعاف .
المذيع :
شيخنا يحتاج حاضنة أكبر .
الدكتور راتب :
لأن الشبهات كثيرة ، والشهوات كثيرة ، وأكبر معصية ، مرة كنت في الجامع بعد أن ألقيت خطبة في الجامع إنسان سألني عن موضوع الإقامة في بلاد الغرب ، قلت له : كان أمامي براد ماء لو أنت ذهبت أمام مئة شخص ملأت الكأس ماء وشربته ، ماذا فعلت ؟ قال : ما فعلت شيئاً ، قلت له : أقسم لك بالله الزنا هناك كذلك ، شيء واضح جداً لا يوجد أي قيود .
المذيع :
شيخنا الفاضل ذكرتم أن الحوار مع الأولاد ، والإحسان قبل البيان ، والتعامل بالقدوة ، ماذا أيضاً ؟
أصول الدعوة :
الدكتور راتب :
الحقيقة مخاطبة القلب والعقل معاً ، الإنسان عقل يدرك ، وقلب يحب ، وجسم يتحرك، غذاء العقل العلم ، وغذاء القلب الحب الذي يسمو به ، وغذاء الجسم الطعام والشراب ، فإذا كان خطابنا الديني موجهاً للعقل بالعلم ، بالأدلة والبراهين ، بالنصوص القطعية ، بالشرح الصحيح ، بالسيرة النبوية ، بالقدوة الصالحة ، ببطولات الصحابة ، القدوة قبل الدعوة ، والإحسان قبل البيان ، والأصول قبل الفروع ، ومخاطبة القلب والعقل معاً ، أي الإنسان عقل يدرك ، وقلب يحب ، قال تعالى :
﴿ يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ ﴾
هنا خاطب القلب .﴿الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ ﴾
هنا خاطب العقل ، فأي خطاب يجمع بين مخاطبة القلب والعقل معاً والأصول والفروع والتطبيقات والحوار ، هذه كلها وسائل ناجحة جداً ، هذه اسمها أصول الدعوة .المذيع :
الله يفتح عليكم دكتور ! نختم هذه الحلقة بالدعاء ، ونسأل الله تعالى القبول .
الدعاء :
الدكتور راتب :
بسم الله الرحمن الرحيم ، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا ، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا ، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر مولانا رب العالمين ، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك ، وبطاعتك عن معصيتك ، وبفضلك عمن سواك ، اللهم لا تؤمنا مكرك ، ولا تهتك عنا سترك ، ولا تنسنا ذكرك ، أعطنا ولا تحرمنا ، أكرمنا ولا تهنا ، آثرنا ولا تؤثر علينا ، أرضنا وارضَ عنا ، اجعل هذا البلد آمناً سخياً رخياً وسائر بلاد المسلمين ، واحقن دماء المسلمين في كل مكان .