- ندوات تلفزيونية
- /
- ٠31برنامج الإيمان هو الخلق - قناة سوريا الفضائية
تقديم وترحيب :
أيها السادة المشاهدون ، سلام الله عليكم ورحمته وبركاته ، وأهلاً ومرحباً بكم في هذه الحلقة الجديدة من برنامجكم الإيمان هو الخلق .
كما مر معنا عرفنا الخلق من خلال اللقاء المستمر مع الأستاذ البحاثة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي ، أستاذ الإعجاز العلمي في القرآن والسنة في كليات الشريعة وأصول الدين ، أهلاً وسهلاً بك دكتور .
أهلا بكم أستاذ علاء ، جزاكم الله خيراً ـ أهلاً وسهلاً.
تذكير بتعريف الخلق :
ونعود لنلخص بومضة إن صح التعبير عندما عرفتم الخُلق بأنه انضباط وعطاء في معنى السلب ، الكبح ، ثم العطاء ، وهذا الكبح والسلب يقطّر للعطاء سلوكه الصحيح ، ويضبط إيقاعه بكل معنى الكلمة .
والخلق هو ثمرة من ثمرات التكليف ، لهذا الإنسان المكرم الذي كرمه الله عز وجل وفضله على جميع المخلوقات ، وقال :
﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ ﴾
ومر معنا في الحلقة السابقة ، أو في حلقتين سابقتين تلخيص موجز لمقومات التكليف ، بأننا أمام مجموعة من مقومات التكليف تبدأ بالكون ، ثم العقل ، الفطرة الشهوة ، الاختيار ، التشريع ، الوقت ، ووعدنا السادة المشاهدين بأننا سوف نقف عند كل مقومة من مقومات التكليف في محطة واسعة إن شاء الله .
الآن نبتدئ بالمقوم الأول من مقومات التكليف : الكون ، ماذا يعني الكون ؟ وكيف يُقسم ؟ هل يُقسم إلى الأجرام ، والعوالم ، وذلك الفضاء الفسيح ، أم أنه يحتوي أيضاً من على هذا الفضاء ، أو من على هذه الأجرام ، من الإنسان وغيره من المخلوقات .
مقدمات هامة في مقومات التكليف : الله لا تدركه الأبصار :
الدكتور :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين .
1 ـ الله لا تدركه الأبصار :
أستاذ علاء ، جزاك الله خيراً ، بادئ ذي بدء : الله عز وجل يقول متحدثاً عن ذاته العلية :
﴿ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ ﴾
حواسنا الخمس لا يمكن أن تستطيع أن تدرك الله عز وجل ، ولكن العقول تصل إليه ، لا أقول تحيط به ، تصل إليه ، وفرق كبير بين أن تصل إليه ، وبين أن تحيط به .
المذيع :
العقول هي أعلى من الحواس في مقدراتها ؟
2 ـ العقول أقوى من الحواس :
الدكتور :
نعم ، لأن الحواس تكتشف شيئاً ظهرت ذاته ، وآثاره ، بينما العقل يكتشف شيئاً غابت ذاته ، وبقيت آثاره ، هذه نقطة دقيقة جداً ، فلذلك الكون مظهر لأسماء الله الحسنى ، يمكن أن ترى قدرته ، رحمته ، لطفه ، حكمته ، جبروته ، جماله ، الكون مظهر لأسماء الله الحسنى ، لذلك قال عليه الصلاة والسلام :
(( تفكروا في خلق الله ، ولا تفكروا في الله فتهلكوا ))
كلما ازددت تفكيراً في آلاء الله ازددت تعظيماً له ، ومع التعظيم يكون الانضباط وفق المنهج ، هذه نقطة مهمة جداً في هذا اللقاء الطيب .
المذيع :
إذاً دكتورنا معرفة الأثر ، ومعرفة دقائق هذا الأثر ، وهذا المخلوق ، والتعرف على نظامه في الكون ، يدلنا على العظيم المطلق .
3 ـ معرفة الآمر قبل معرفة الأمر :
الدكتور :
لأن أصل الدين معرفة الله ، إن عرفته عرفت كل شيء ، وإن فاتك فاتتك معرفته فاتك كل شيء ـ المعرفة إذاً تولد الانضباط ـ وإذا عرفت الآمر ، ثم عرفت الأمر تفانيت في طاعة الآمر ، أما إذا عرفت الأمر ، ولم تعرف الآمر تفننت في التفلت من الأمر ز
أكاد أضع يدي على مشكلة العالم الإسلامي ، عرفوا أمره ، ولم يعرفوا ذاته العلية ، فتفلتوا من منهجه .
4 ـ الكون مظهر لأسماء الله الحسنى :
هذه حقيقة دقيقة جداً ، فلذلك الكون مظهر لأسماء الله الحسنى ، وصفاته الفضلى بل إن معرفة الله يمكن أن تسلك في طرق ثلاثة : التفكر في مخلوقاته ، قال تعالى :
﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ *الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾
التفكر جاء بصيغة المضارع الذي يدل على الاستمرار ، وأكاد أقول : إن التفكر أعظم عبادة على الإطلاق .
﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ﴾
(( فقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد ))
(( فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب ))
فإذا عرفت الله تفانيت في طاعته ، إذا عرفت الله زهدت فيما سواه ، إذا عرفت الله سعدت في الدنيا والآخرة ، أنا أركز على معرفة الله ، يمكن أن تكون من خلال خلقه تفكراً ، ومن خلال كلامه تدبراً ، ومن خلال أفعاله نظراً .
﴿ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ﴾
الآيات الدالة على عظمة الله :
فهذه الحلقة إن شاء الله مخصصة للتفكر في خلق السماوات والأرض ، يمكن أن نبدأ ببعض الآيات التي تشير إلى عظمة هذا الكون ، الآية الأولى :
﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ﴾
الآية الأولى : بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ
أستاذ علاء ، بين الأرض وأقرب نجم ملتهب إليها أربع سنوات ضوئية ، ماذا تعني عند الإخوة المشاهدين ؟ ماذا تعني أربع سنوات ضوئية ؟ الضوء يقطع في الثانية الواحدة 300 ألف كم ، كم يقطع في الدقيقة ؟ ضرب 60 ، في الساعة ضرب 60 ، في اليوم ضرب 24 ، في العام ضرب 365 ، في أربع سنوات ضرب أربعة ، معنى رقم كبير جداً هذا الرقم لو قسمناه على 100 ، لماذا ؟ لو أردنا أن نصل إلى هذا الكوكب بمركبة أرضية الناتج كم ساعة نحتاج ؟ لو قسمناه على 24 ، كم يوما نحتاج ؟ لو قسمنا على 365 كم سنة نحتاج ؟ من أجل أن نصل إلى هذا النجم الذي هو أقرب نجم ملتهب إلى الأرض بمركبة أرضية نحتاج إلى 50 مليون عام بسرعة 100 كم ، أقرب نجم ملتهب إلى الأرض نحتاج أن نصل إليه بمركبة أرضية إلى 50 مليون عام ، أربع سنوات ضوئية تعني 50 مليون عام في قيادة سيارة .
متى نصل إلى نجم القطب الذي يبعد عنا أربعة آلاف سنة ضوئية ؟ متى نصل إلى المرأة المسلسلة ؟ مجرة تبعد عنا مليوني سنة ضوئية ، متى نصل إلى نجم اكتشف حديثاً يبعد عنا عشرين مليار سنة ضوئية ؟
الآن إذا قرآنا قوله تعالى يقشعر جلدنا :
﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ﴾
ولكن عالم الفلك لو وقف عند كلمة مواقع لخر ساجداً لله ، لماذا هذا النجم الذي أطلق ضوءه إلينا من عشرين مليار سنة سرعته 240 ألف كم في الثانية ، أين هو الآن ؟ فهذا المكان ليس نجماً هو موقع ، لأن كلمة موقع أن صاحب الموقع ليس في الموقع .
لو فرضنا النص : فلا أقسم بالمسافات التي بين النجوم ، هذا ليس قرآناً ، لأن النجم متحرك ،
﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ﴾
لذلك قال تعالى :
﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾
هذه آية .
الآية الثانية : وَالسَّمَاءِ ذَاتِ البُرُوجِ
آية ثانية : بين الأرض والشمس 156 مليون كم ، يقطعها الضوء في 8 دقائق ، الشمس تكبر الأرض بمليون و300 ألف مرة ، أي أن مليون و300 ألاف أرض تحتويها جوف الشمس ، قال تعالى :
﴿ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ البُرُوجِ ﴾
الأرض في دورتها حول الشمس تمر بالبروج ، أحد هذه البروج برج العقرب ، فيه نجم صغير متألق أحمر اللون ، اسمه قلب العقرب ، هذا النجم الصغير الأحمر ، المتألق يتسع للأرض والشمس مع المسافة بينهما ، 156 مليون كم . لذلك لا تنظر إلى صغر الذنب ، ولكن انظر على من اجترأت ، أنت تعلم عندما يعصي الإنسان الله من هذا الذي يعصيه ؟ لذلك : رأس الدين معرفة الله ، وما لم نعرف الله ما قطفنا من ثمار الدين شيئاً ، لأن الإنسان إذا عرف الله أصبح بطلاً صار الواحد كمليون ، أما إذا ما عرف أحدنا الله عز وجل المليون كأف ، لا نقدم ولا نؤخر ، هذه ناحية .
الآية الثالثة : إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرِضَ أَنْ تَزُولاَ
ناحية ثانية تأخذ باللباب : أن الأرض تدور حول الشمس في مسار إهليلجي بيضوي ، وهذا المسار الإهليلجي يعني أن هناك قطرين ، قطرا أدنى ، وقطرا أعلى ، الأرض الآن في القطر البعيد ، اقتربت من القطر الأدنى ، لما قَلَّت المسافة بينها وبين الشمس زادت الجاذبية ، فهناك احتمال أن تنجذب الأرض إلى الشمس ، وإذا انجذبت إليها تبخرت في ثانية واحدة ، لأن حرارة جوف الشمس عشرون مليون درجة ، فتفني الأرض بأكملها ، فهي مادة غير عاقلة ، ماذا يفعل الله بها وقد اقتربت من أن تنجذب إلى الشمس ، تزداد سرعتها لينشأ من هذه الزيادة قوة نابذة تكافئ القوة الجاذبة فتبقى في مسارها .
﴿ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا ﴾
أن تنحرف عن مسارها ، إذا انحرفت عن مسارها نحو الشمس تبخرت في ثانية واحدة . إذاً : من أجل أن تبقى الأرض على مسارها تزداد سرعتها ، فينشأ من هذه الزيادة قوة نابذة تكافئ القوة الجاذبة ، إذاً تبقى على مسارها ، لكن العظمة هنا يبدو اسم الله : ( اللطيف )، أما هذا التسارع فيكون بتباطؤ ، تزداد السرعة شيئاً فشيئاً ، ولو أنها ازدادت فجأة لهدم كل ما على الأرض ، ولم يبقَ على سطحها منشأة ، التسارع بطيء ، كيف أن السائق يسارع بمركبة بشكل لطيف ، يبقى الراكب مرتاحا ، لو أنه أقلع بها فجأة لزلزلت به السيارة .
الآن تتابع الأرض مسارها حول الشمس ، فتقترب إلى القطر الأطول ، هناك خطر ، طبعاً لما زادت المسافة ضعفت الجاذبية ، إذاً هناك إمكان للتفلت من مسارها حول الشمس ، فإذا سارت في الفضاء الخارجي أصبحت الحرارة 270 درجة تحت الصفر ، فانتهت الحياة ، إما أن تتبخر في ثانية ، وإما أن تتجمد كلياً .
فأي قدرة تمسك الأرض أن تبقى على مسارها ؟ إنها قدرة الله عز وجل :
﴿ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا ﴾
هناك كتاب وقع تحت يدي ، الذي ألفه يؤمن بأنه ( لا إله )، يقول : لو أنها تفلتت ، هو يبين للطلاب قارئي الكتاب كم هي قوة انجذاب الأرض نحو الشمس ، احتاج إلى مليون مليون حبل فولاذي ، قطر الحبل خمسة أمتار ، والحبل الفولاذي الذي قطره خمسة أمتار يحتمل قوى شد مليوني طن ، الأرض مرتبطة بالشمس بقوة جاذبية تساوي مليوني ضرب مليون مليون طن ، كل هذه القدرة الفلكية من أجل أن تحرف الأرض عن مسارها حول الشمس 3 مم كل ثانية ، انحراف الأرض 3 مم كل ثانية يشكل مسار مغلق حول الشمس ، مليونان ضرب مليون مليون طن هي قوة انجذاب الأرض نحو الشمس ، من أجل أن تنحرف3 م كل الثانية ترسم مسارا إهليلجيا حول الشمس . الآن لو غرسنا هذه الحبال على سطح الأرض لاكتشفنا حقيقة المليون مليون حبل ، فإن بين الحبلين خمسة أمتار فقط ، وتغطي هذه الحبال كل الكرة الأرض ، عندها حجبت الشمس ، فلا مواصلات ، ولا بحار ، ولا مدن ، انتهى كل شيء.
الآية الرابعة : اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا
لذلك تأتي الآية الكريمة :
﴿ اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ﴾
يعني بعمد لا ترونها ، قوى الجاذبية عاملة ، لكننا لا نراها ، ونحن نمشي خلالها ، وهذا من لطف الله عز وجل ، هل بإمكان الإنسان أن يبني بناء من مئة طابق من دون ما يكون متصلا بالأرض ؟ بينه وبين الأرض عشرة أمتار يمشي خلاله ، هذا غير معقول ، هكذا الكون :
﴿ اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ﴾
قال بعض المفسرين : بعمد لا ترونها ، هي قوى التجاذب .
المذيع :
تسمح لي سيدي الكريم ، بين ما قدمت من إعجاز يقف الإنسان رغم ما أوتي من قوى العقل ، والتفكير ، والسعة ، والتخيل ، يقف عاجزاً عن تخيل هذه الحقائق العلمية الموجودة ، سيدي الكريم هذا الكلام نزل من 1400 سنة على الصحابة الكرام ، وعلى أمة العرب ، حيث لم تكن هنالك مراكز الاستشعار عند بُعد ، ولم تكن هنالك يا سيدي لا تليسكوبات ، ولم تكن هنالك مركبات تسيح ، تتلمس هذه الحقائق ، وتقربها إلى الأذهان كما نحن نعيش في التقانة الحديثة ، كيف قبل الصحابة الكرام ، وتقبلوا هذه المعاني وفهموها ، فالتزموا بأمر ذلك العظيم الذي خلقها ؟
كيف قَبل الصحابة الكرام ، وتقبلوا هذه المعاني وفهموها ؟
الدكتور :
الحقيقة أن النبي صلى الله عليه وسلم له آلاف الحديث عن القضايا التعبدية ، لكنه لم يؤثر عن النبي أنه شرح الآيات الكونية ، لحكمة كبيرةٍ كبيرةٍ كبيرة ، بليغةٍ بليغةٍ بليغة لو أنه شرحها شرحاً مبسطاً يفهمه من حوله لأنكرنا عليه ، ولو شرحها شرحهاً مفصلاً نفهمه نحن لأنكروا عليه ، تركت هذه الآيات كأداة أعجاز لهذا القرآن ، يكشف هذه الآيات كل عصر بحسب تقدمه ، فكلما تطور العلم كشف عن آية لم تكن معروفة من قبل ، إذاً : 1300 آية في القرآن دليل قطعي على أنه كلام الله ، ولا يقبل إنسان واحد على وجه الأرض فيه ذرة عقل أن هذه الآيات الكونية كان تعلم أبعادها وقت نزول الوحي ، الآن عُلمت .
هذا القرآن كلام الله ، لأن كل كتاب سماوي رافقه معجزة حسية ، والمعجزة الحسية كتألق عود الثقاب ، تتألق مرة ، وتنطفئ ، فتصبح خبراً يصدقه من يصدقه ، ويكذبه من يكذبه ، أما هذه فمعجزة علمية ، كلما تقدم العلم اكتشف أن هذا الكلام من عند خالق الأكوان .
أهمية الإعجاز العلمي في القرآن والسنة لإقناع الناس بهذا الدين :
الإعجاز العلمي في القرآن هي الآن المادة الأولى ، هي المادة التي تقنع أي إنسان من دون استثناء ، أن الذي خلق الأكوان هو الذي أنزل هذا القرآن ، لأن هذا القرآن لكل البشر ، ولكل الأمم والشعوب ، ولآخر الدوران ، لا بد من أن تكون أداة إقناع الناس به معه ، لا بد من أن تكون أداة إقناع الناس به معه فالـ 1300 إن شاء الله في لقاءات قادمة نبين حكمة بعض هذه الآيات ، لكن الآيات الكونية 1300 آية ، سدس القرآن ، عبارة عن سبق علمي مذهل ، بعد 1500 سنة جامعات ، وعلماء ، ومخابر ، ودراسات ، وإحصائيات ، يتوصلون إلى معنى آية وردت قبل 1400 عام .
فلذلك القرآن معه دليل أنه كلام الله ، هذه نقطة دقيقة جداً ، فالنبي إما باجتهاد منه أو بتوجيه الله له ، لو شرحها شرحا مبسطا لأنكرنا عليه ، لو شرحها شرحا بحسب ما أراده الله لأنكر عليه أصحابه ، هذه تُركت ، أما أصحابه حينما وصلوا إلى الله استغنوا عن كل شيء ، كما لو أنك في البحر ، كل خلية في جسمك تشعر بماء البحر ، فأنت بهذه لا تحتاج إلى دليل أبداً ، وصلوا إلى الله ، نحن لم نصل إليه ، نحتاج إلى أدلة ، وإلى إقناع ، وإعجاز ، هم وصلوا إليه .
الإنسان أستاذ علاء ، حينما يعمل لا يسأل ، أما حينما يعمل يسأل ، وحجم الأسئلة يتناسب مع العمل ، وحينما يعمل يقطف الثمار ، صار معه الدليل .
الاصطلاح مع الله سبيل التوفيق والاطمئنان :
أنا أقول كلمة لا أدري مدى قبولها : الذي أراه أن الذي يشد الإنسان إلى الدين ليس أفكار الدين ، مع أن أفكار الدين رائعة ، الدين قدم للإنسان تفسيرا تصوريا عميقا دقيقا ، متناسقا للكون والحياة والإنسان ، ومع ذلك الذي يشدك إلى الدين ليس أفكار الدين فقط ، أنت حينما تصطلح مع الله ترى معاملة من الله مذهلة ، ترى التوفيق ، ترى الراحة النفسية ، ترى التفاؤل ، ترى الثقة بالنفس ، ترى القوة ، ترى الجرأة ، لا تنافق ، لا تحابي ، حر ، لك موقف ، تحس بقدسية الإنسان ، فالذي يشد الناس إلى الدين حينما اصطلحوا مع الله تلقوا من الله معاملة مذهلة ، الدعم الكامل ، فهذا الدعم أنساهم كل شيء ، والصحابة في تصوري حينما وصلوا إلى الله لا يحتاجون إلى طرح سؤال .
مسك رجل بيده الجوهرة ، هناك جوهرة في اسطنبول ثمنها 150 مليون دولار ، وصل إلى الجوهرة ، فاستغنى عن أي سؤال آخر .
فالذي لم يمسك بيده الجوهرة له مليون سؤال ، فهذا الذي يفسر أن الصحابة الكرام خففوا من الأسئلة لأنهم وصلوا إلى الله .
" ابن آدم اطلبني تجدني ، فإن وجدتني وجدت كل شيء ، وإن فتك فاتك كل شيء ، وأنا أحب إليك من كل شيء " .
ويا رب ، وماذا فقد من وجدك ؟ وماذا وجدك من فقدك ؟ وإذا كان الله معك فمن عليك ؟ وإذا كان عليك من معك ؟
والمسلمون اليوم في أمسّ الحاجة لهذه المعاني ، الله لا يتخلى عنهم ، ولكنه يعالجهم ، فإذا فهموا على ربهم حكمته من هذه الشدة ، وهذا الضيق اصطلحوا معه ، لذلك إذا رجع العبد إلى الله نادى منادٍ في السماوات والأرض : أن هنئوا فلاناً فقد اصطلح مع الله .
المذيع :
نعود الآن بعد هذه المحطة التفسيرية التي كان لا بد أن أسألك عنها ، يخطر في بال كثير من المشاهدين التي وقفنا عندها التي نكمل في آيات الكون .
النظرية النسبية لإنشتاين وسبق القرآن لها :
الدكتور :
أنشتاين يعد من أكبر علماء الفيزياء في القرن العشرين ، وجاء بنظرية النظرية النسبية ، هذه قلبت مفاهيم الحركة والفيزياء في الأرض ، السرعة المطلقة في الكون سرعة الضوء ، وأي جسم سرى مع الضوء أصبح ضوءاً ، كتلته صفر ، وأبعاده لا نهائية .
هل تصدق أستاذ علاء أن في القرآن الكريم آية تنطوي فيها نظرية أنشتاين ، وقد عرضت في مؤتمر الإعجاز العلمي الخامس الذي عقد في موسكو ، هي الآية الكريمة :
﴿ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ﴾
والعرب تعد السنة القمرية ، الآن القمر يدور حول الأرض ، دورة كل شهر ، لو أردنا أن نحسب كم يقطع من الكيلو مترات في هذه الدورة ، الحساب سهل جداً ، نأخذ مركز الأرض ومركز القمر ، نصل بينهما بخط ، هذا الخط طوله نصف قطر الأرض مع نصف قطر القمر مع المسافة بينهما ، طالب من طلابنا يحسبه ، ضرب 2 قطر ، ضرب 3،14 المحيط ، ضرب 12 بالسنة ، ضرب ألف بألف سنة ، طالب من طلاب المرحلة الإعدادية بآلة حاسبة يمكن أن يحسب لنا كمن يقطع القمر في رحلته حول الأرض في ألف عام ، الآية تقول :
﴿ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ﴾
أي أن ما يقطعه القمر في رحلته حول الأرض في ألف عام يقطعه الضوء في يوم واحد ، لو قسمنا هذا الرقم على ثواني اليوم لكانت سرعة الضوء الدقيقة 299752 بالدقة البالغة ، وإن شاء الله نعرض بعد قليل هذه النظرية على شكل مشاهد إن شاء الله .
المذيع :
الحقيقة دكتورنا نود أن نستمر الحقيقة في هذه المعاني الكونية ، التي جاءت من خلال الكتاب الكريم ، الوقت أدركنا لكن بقي معنا دقيقة واحدة نجمل فيها الكلام . الآيات الكونية لا تعد ولا تحصى ، والله عز وجل ينتظر من عبده أن يفكر .
﴿ قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾
﴿ وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ (105) وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ ﴾
خاتمة وتوديع :
المذيع :
اسمح لي بأن دائماً الوقت يقطع المتع ، والوقت غير متاح إلى أن نلتقي إن شاء الله في الحلقة القادمة لنتابع مسألة الكون كأحد مقومات التكليف لهذا الإنسان المخلوق المكرم على الأرض .
أعزائي المشاهدين ، لا يسعني إلا أن أشكر الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي أستاذ الإعجاز العلمي في القرآن والسنة في كليات الشريعة وأصول الدين ، شكراً لك ، ونلتقي إن شاء الله في الحلقة القادمة يوم الاثنين القادم الساعة الثانية ظهراً ، إلى ذلك الحين نستودعكم الله .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته