- ندوات تلفزيونية
- /
- ٠07برنامج الإسلام منهج حياة - قناة إقرأ
مقدمة :
السلام عليكم ورحمة الله ، أيها الأخوة والأخوات أرحب بكم أجمل ترحيب في حلقة جديدة من برنامج : " الإسلام منهج حياة ".
كما أرحب بفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي الداعية الإسلامي ، أهلاً بكم سماحة الدكتور .
الدكتور راتب :
بكم أستاذ جميل جزاك الله خيراً .
الأستاذ جميل :
المفترض في الأسرة أن تكون عش سكن ، ومنبع المودة والرحمة ، إلا أن الأعم الأغلب غير ذلك ، فالخلافات منتشرة وهي على أشدها ، ونسب الطلاق في تزايد ينذر بالخطر ، ما هو المنهج الإسلامي في حل هذه المشكلات الأسرية ؟.
من بنود الوفاق بين الزوجين :
1 ـ البعد عن التقليد الأعمى :
الدكتور راتب :
المنهج الإسلامي واسع جداً في هذا الموضوع ، ولكن من بنود الوفاق بين الزوجين البعد عن التقليد الأعمى ، هناك أُسر ذات دخل معتدل ، هناك أُسر ذات دخل كبير ، فلو أن الأُسر التي دخلها معتدل تطلعت إلى أُسرة دخلها كبير ، وطلبت الزوجة من زوجها طلبات فوق طاقته بغية التقليد الأعمى ، بغية المنافسة في بعض مظاهر الحياة ، فهذا خطأ كبير ، فالتقليد الأعمى قد ذكره النبي عليه الصلاة والسلام حينما قال :
(( يا عائشة إياكِ ومجالسة الأغنياء ))
المقصود هنا الأغنياء غير المؤمنين ، الغني المؤمن تشتهي الغنى من تواضعه ، ومن سخائه ، أما إنسان بعيد عن الله وهو يتمتع بأموال كبيرة جداً ، هذا يستعلي على من حوله ، فالاستعلاء يظهر أثره جلياً في النساء ، فلذلك التقليد الأعمى أحد أكبر الشقاق الزوجي .
ويقال : من دخل على الأغنياء ـ طبعاً غير المؤمنين ـ خرج من عندهم وهو على الله ساخط ، ويقال : لا تصاحب من لا يرى لك من الفضل مثلما ترى له .
فلمجرد أن أقلد الغني في إنفاقه ، في بذخه ، في مصروفه ، في أثاث بيته، والزوج دخله محدود ، زوج رائع ، مؤمن ، مستقيم ، بيته كأنه عش ، بيته قطعة من الجنة ، أما حينما تريد الزوجة أن تقلد أُسرة غنية مترفة ، وتضغط على زوجها ينشأ الشقاق الزوجي بينهما .
الأستاذ جميل :
غياب الرجل عن البيت هل يعتبر سبباً من أسباب الشقاق ؟ إن كان الجواب نعم فماذا يفعل الزوج ؟ هل يقعد في البيت ؟.
2 ـ أن يكون لك وقت معقول وكافٍ للجلوس مع الزوجة :
الدكتور راتب :
لا ، لكن لا بد أن يخص بيته بوقت ، أما حينما أغيب عن البيت ساعات طويلة جداً ، أخرج قبل الفجر ، أو بعد الشمس وأعود بعد منتصف البيت هذه الزوجة من لها ؟ هي تزوجت كي تأنس بك أيها الزوج ، فإذا غبت عنها طويلاً فلابد من وجبة أو وجبتين تأكلها مع زوجتك ، لابد من وقت تجلس معها ، تأنس بك ، وتأنس بها ، فالعمل الذي يأخذ كل وقتك هو خسارة كبيرة .
الحقيقة الإنسان ما لم يكن عنده وقت فراغ يمليه بحسب رغبته ، ما لم يكن لديك وقت فراغ تعيش به مع زوجتك ، تزور بعض أصدقائك ، تحضر درس علم ، فالإنسان الذي لا يملك وقت فراغ إطلاقاً عمله مهما كان دخله كبيراً يعد خسارة كبيرة ، لأنه أفقد الأب أبوته ، و أفقد حقيقة الزواج .
أنا أقول : ينبغي أن يكون لك وقت معقول وكافٍ للجلوس مع الزوجة ، إن في الصباح ، أو في الظهيرة مع الطعام ، أو في المساء ، أما انشغال إلى درجة مذهلة ، وإهمال الزوجة ، أحد أكبر مشكلات الخيانة الزوجية ، تتأتى من غياب مديد جداً عن البيت .
الأستاذ جميل :
دكتور ، هل للزوج أن ينظر إلى مال زوجته ؟ أو أن مالها لها ؟.
3 ـ عدم طمع الزوج بمال زوجته أو العكس :
الدكتور راتب :
أحياناً ترث الزوجة مبلغاً كبيراً عن أهلها ، فيطمع الزوج به ، ويضايقها كي تعطيه من هذا المال ، هذا الطمع من الزوج بمال زوجته ، أو طمع الزوجة بمال زوجها ، أو محاولة أخذ قسط كبير من المال بأسماء متعددة
هذا التصرف أحد أسباب الشقاق الزوجي حينما يطمع الزوج بمال زوجته ، أو حينما تطمع الزوجة بمال زوجها ، أو حينما يطمعان بشيء ليس لهما ، هذا من شأنه أن يسبب ضعفاً في العلاقة الزوجية .
الأستاذ جميل :
إذاً لا يطمع بمالها ، ولا تطمع بماله ، وهذا يقودنا إذاً إلى الإنفاق ، إنفاق الرجل على أهل بيته .
ينبغي على الزوج أن ينفق على أهله لكن بالمقياس الشرعي :
الدكتور راتب :
من واجباته ، ينبغي أن ينفق على أهله لكن بالمقياس الشرعي ، أن يطعمهم مما يأكل ، أن يلبسهم مما يلبس .
﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا ﴾
الصحابية الجليلة كانت تقول لزوجها :" نحن بك ، إن استقمت استقمنا ، وإن اعوججت اعوججنا ، نطلب الحلال ، لا نطلب غير ذلك ، اتقِ الله بنا ".
ورد في بعض الآثار أن : " أعظم النساء بركة أقلهن مهراً ، أعظم النساء بركة أقلهن مؤونة "
فالزوجة الطاهرة هي الزوجة التي لا ترهق زوجها ولا تكلفه ما لا يطيق .
هناك صحابي طالبته زوجته بأشياء كثيرة ، فقال : " اعلمي أيتها المرأة أن في الجنة من الحور العين ما لا لو أطلت إحداهن على الأرض لغلب نور وجهها ضوء الشمس والقمر ، فلأن أضحي بك من أجلهن ، أهون من أن أضحي بهن من أجلك ".
الأستاذ جميل :
دكتور سوء الظن ، وحسن الظن أيهما المحكم في العلاقة الزوجية ؟.
سوء الظن عصمة والحزم سوء الظن :
الدكتور راتب :
الحقيقة سوء الظن كما ورد أنه عصمة .
(( احترسوا من الناس بسوء الظن ))
والحزم سوء الظن ، لذلك قال تعالى :
﴿ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ﴾
ما كل الظن إثم إلا إذا كان هناك دليل ، دخلت إلى البيت ، الزوجة تتكلم في الهاتف، حينما رأتك وضعت السماعة ، هناك مشكلة ، معنى ذلك أنها تكلم إنساناً ينبغي ألا أعلم من هو ، إذا كان هناك بوادر ، إذا كان هناك مؤشرات ، إذا كان هناك أسباب فسوء الظن عصمة، والحزم سوء الظن .
(( احترسوا من الناس بسوء الظن ))
أما من دون أي دليل فسوء الظن إثم كبير ،
﴿ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ﴾
لا يوجد أي دليل ، هناك سوء ظن يعد مرضاً نفسياً ، تسيء الظن بزوجها ، زوجها طالب علم ، إنسان منضبط ، له أخلاق عالية ، عفيف ، ومع ذلك تسيء الظن به ، هذه حالة مرضية ، أو أن الزوجة طاهرة ، عفيفة ، مؤمنة ، رائعة ، لا تفكر أن يكون لها علاقة مع رجل آخر يسيء الظن بها ، فسوء الظن من دون دليل ذنب كبير ، وإثم كبير ، أما بدليل فهو حزم ، و كياسة ، وحسن إدارة .
الأستاذ جميل :
هل يمكن أن يكون فضيلة الدكتور الأولاد سبباً من أسباب الخلاف ؟.
الإيمان يدعو الإنسان إلى العدل و حسن التصرف :
الدكتور راتب :
والله ! حينما تنحاز المرأة إلى أحد الأولاد ، وتؤثره على غيره ، أو حينما تنحاز المرأة لأولاد زوجها وتؤثرهم على أولاد ضرتها أحياناً ، عندئذٍ تنشأ المشكلة ، العدل أصل في العلاقات .
أنا أذكر أن بعض النساء تسقي أولادها حليباً كامل الدسم ، أما أولاد زوجها تعطي نصف الكأس حليباً ، ونصفه ماء ، هذا الانحياز يسبب علاقات سيئة جداً ، والأصل أستاذ جميل هو الإيمان ، فالإيمان يدعوك إلى العدل و إلى حسن التصرف.
فحينما تكون هناك مؤاثرة ، أحياناً زوجة حديثة تطالب أن يكتب بيتاً لأولادها ، بينما لا يكتب بيوتاً لزوجته السابقة ، هذا انحياز ، والعدل في العلاقات الزوجية أصل لذلك :
(( يا رسول الله ، إني أريد أن أنحل ابني هذا حديقة ، وأريدك أن تشهد على ذلك ، فقال له صلوات الله وسلامه عليه : ( أكل أولادك أعطيت ؟ )ـ أي أعطيت بقية أولادك أو أعطيت هذا فقط ؟ ـ قال : لا , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( اذهب فإني لا أشهد على جور))
الأستاذ جميل :
صلى الله عليه وسلم ، دكتور ما رأيكم في تداخل القريب أو الغريب في العلاقات السرية حتى لو كان أباً أو أماً ؟.
المشكلات بين الأزواج تنشأ غالباً من تدخل طرف آخر :
الدكتور راتب :
والله أنا في حكم عملي في الدعوة هناك مشكلات كثيرة جداً ، سببها تدخل الآباء والأمهات في الشؤون الخاصة بين الزوجين ، الأب العاقل ، والأم العاقلة ، هذا الزوج ، أو هذا الابن اختار هذه الزوجة تحبها وتحبه ، متفاهمان معاً ، لماذا أتدخل في شؤونهما الخاصة ؟ هذه سيطرة لا مبرر لها ، فكلما كان الأب مترفعاً والأم كذلك عن التدخل في تفاصيل حياة أولادهما فالعلاقة تبدو أفضل بكثير .فلذلك أحياناً الزواج ينجح بعيداً عن الأهل ، أحياناً الإنسان يتزوج ويسافر ، يقيم مع زوجته سنوات في مكان بعيد عن الأقارب ، تجد العلاقة طيبة ، وهناك مودة ، و محبة و تفاهم ، فإذا عادا إلى بلديهما ، تدخل الأم ، تدخل الأب ، تدخل أم الزوجة ، هكذا .
الأستاذ جميل :
خروج المرأة من بيتها ما الذي يحكمه ؟.
البيان يطرد الشيطان :
الدكتور راتب :
النبي عليه الصلاة والسلام كان مع زوجته صفية ، مرّ صحابيان ، قال : " على رسليكما هذه زوجتي صفية ، قالوا : يا رسول الله ! قال : لئلا يدخل الشيطان بينكما ".
فالبيان يطرد الشيطان ، فحينما تخرج من دون إذن زوجها ، وحينما تستقبل رجلاً من أقاربها من دون علم زوجها ، هذا يسبب سوء ظن .
الأستاذ جميل :
دكتور ، هذا يقودنا إلى خلو الزوجة بأحد الأقارب ، أو الزوج بأحد الأقارب وهي مسألة الحمو .
نهي النبي الكريم عن الخلوة المحرمة لأنها تثير الشك :
الدكتور راتب :
والله :
(( ما خلا رجل بامرأة إلا دخل الشيطان بينهما ))
هذا منهج ، وتقريباً معظم المشكلات الكبيرة في الزواج ، والتي أدت إلى الطلاق بخلوة غير مشروعة ، الخلوة تثير الشك ، فلذلك النبي الكريم نهى عن الخلوة ، بل قال :
(( ما خلا ـ ما قال عاصٍ ، ما قال فاسق ـ قال : ما خلا رجل ـ أي رجل ـ بامرأة ـ أي امرأة ـ إلا دخل الشيطان بينهما ))
وأكثر الأعمال القبيحة المنحرفة تبدأ بالخلوة ، فلذلك المرأة المؤمنة لا تسمح بغياب زوجها أن يكون هناك رجل ليس من الممكن إلا أن يكون أحد أقاربها الأرحام ، كأخيها وأبيها ، ... إلخ .
خاتمة و توديع :
الأستاذ جميل :
جزاكم خيراً فضيلة الدكتور وأحسن إليكم ، نسأل الله سبحانه وتعالى أن تكون بيوتنا وبيوتكم بيوت سعادة ، اللهم أدم علينا عزك ، نلقاكم في حلقة قادمة ، نستودعكم الله .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته