- أسماء الله الحسنى
- /
- ٠3الأسماء المختصرة
من أسماء الله الحسنى: الرفيق.
تجليات ( الرفيق ) في رمضان.
معنى الرفيق.
هذا الاسم ورد في السنة النبوية الصحيحة، ورد مطلقاً معرّفا بأل، مراداً به العلمية، دالاً على كمال الوصفية، فقد ورد في صحيح البخاري ومسلم من حديث عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
(( يَا عَائِشَةُ، إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ، وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ، وَمَا لَا يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ))
الرفيق هو اللطيف، والرفيق هو الذي يرافقك، والرفيق هو الذي يتصرف برفق، والإنسان عليه أن يتخلق بالكمال الإلهي دائما، والحلم رفق، والمعالجة بحكمة من الرفق، والعفو من الرفق، والمغفرة من الرفق، والتسامح من الرفق.
إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله، يحب الرفق في تربية الأولاد، يحب الرفق في معاملة الزوجة، يحب الرفق في التعامل التجاري.
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(( رَحِمَ اللهُ رجلاً سَمْحاً إذا باع ، وإذا اشترى ، وإذا اقْتَضَى))
المؤمن من صفاته أنه رفيق لطيف، وإذا كان معك فظله خفيف، لا ينتقد، لا يحاسب، لا يدقق، لا يؤاخذ، لا يقسو، لطيف، المؤمن لين العريكة، يألف ويؤلف.
والرفيق معنا دائماً بعلمه، لكنه لطيف، لذلك الذي يعصي ربه في رابعة النهار، نهاراً جهاراً، وينسى أن الله معه، وأن الله يراقبه، هذا ليس بكامل الإيمان، لذلك من أرقى مستويات الإيمان أن تؤمن أن الله معك.
عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
(( إِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ ، وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ ))
النبي عليه الصلاة والسلام وهو سيد الخلق، وحبيب الحق، وسيد ولد آدم، أوتي المعجزات، أوتي الوحي، أوتي القرآن، وكان جميل الصورة، كان فصيح اللسان، كان رحيماً، كان حليماً، كان متواضعاً، ومع كل هذه الصفات يقول الله له:
﴿ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ﴾
إذا دخلت إلى البيت فقل: السلام عليكم.
إذا أردت أن تربي أبناءك فقل: يا بني، هذا الشيء يؤذيك، أنا ناصح أمين لك، من دون أن تبدأ بالضرب والشتم والقسوة.
البيت الذي فيه رفق فيه حب وهدوء، فيه راحة نفسية، فيه أولاد ينشؤون نشأة صحية، يرون أباهم وأمهم على وفاق، وعلى وئام، الصوت منخفض، النصيحة مهذبة، ومَن أمر بالمعروف فليكن أمره بالمعروف، ومن نهى عن منكر فليكن نهيه من دون منكر.
والرفيق يصحبك بعلمه وحفظه ومن أدعية النبي عليه الصلاة والسلام ما ثبت عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَافَرَ فَرَكِبَ رَاحِلَتَهُ قَالَ:
(( اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ ، وَالْخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ ، اللَّهُمَّ اصْحَبْنَا بِنُصْحِكَ ، وَاقْلِبْنَا بِذِمَّةٍ ، اللَّهُمَّ ازْوِ لَنَا الْأَرْضَ ، وَهَوِّنْ عَلَيْنَا السَّفَرَ ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ ، وَكَآبَةِ الْمُنْقَلَبِ ))
والنبي عليه الصلاة والسلام خُيِّر بين زهرة الحياة الدنيا، وبين أن يكون مع الرفيق الأعلى، قال: بل الرفيق الأعلى.
علاقة المؤمن بهذا الاسم.
الله تعالى رفيق فما نصيب المؤمن من هذا الاسم؟
أولاً ينبغي أن يكون الإنسان رفيقاً بنفسه.
فقد يفعل من الأعمال ما لم يحتمل تبعتها، نفسك مطيتك إلى الله فارفق بها، وهناك أعمال تسبب بعدًا عن الله، وأعمال تسبب انقطاعاً عن الله، فارفق بنفسك، ولا تحمّلها ما لا تطيق، فهذا الذي يستقيم على أمر الله عز وجل، ويقف عند حدوده، إنما يسعد نفسه بالقرب من الله، أما إذا عمل أعمالاً لا ترضي الله فقد أقام باختياره وبفعل يده حجاباً بينه وبين الله، فحمّل نفسه من آلام البعد وجفوة المعصية ما لا يطيق.
من ناحية ثانية لو أن الإنسان حمل نفسه، من العبادات ما لا يطيق فإنه لم يرفق بنفسه.
فعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا امْرَأَةٌ، قَالَ:
(( مَنْ هَذِهِ ؟ قَالَتْ : فُلَانَةُ ، تَذْكُرُ مِنْ صَلَاتِهَا ، قَالَ : مَهْ ، عَلَيْكُمْ بِمَا تُطِيقُونَ ، فَوَ اللَّهِ لَا يَمَلُّ اللَّهُ حَتَّى تَمَلُّوا ، وَكَانَ أَحَبَّ الدِّينِ إِلَيْهِ مَادَامَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ ))
ثانياً الرفق بأهل البيت.
أقرب الناس إليك زوجتك، هذه شريكة العمر، ينبغي أن ترفق بها، هي أقرب الناس إليك، وهي أولى الناس بحسن معاملتك، وما مِن إنسان كامل، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
(( اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ ))
ومن أدق ما قرأت في قوله تعالى:
﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾
قال بعض المفسرين: ليست المعاشرة بالمعروف أن تمتنع عن إيقاع الأذى بها، بل أن تحتمل الأذى منها.
عَنْ الْأَسْوَدِ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ: مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ فِي أَهْلِهِ؟ قَالَتْ:
(( كَانَ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ ، فَإِذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ ))
بل إن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الخيرية في البيت، فعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(( خَيرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي ))
وينبغي أن تكون رفيقاً بأولادك.
(( علموا ، ولا تعنفوا ، فإن المعلم خير من المعنف ))
استخدم المكافآت بدل العقوبات، اجعل العلاقة بينك وبين أولادك علاقة طيبة
ولابد من الترفق في معاملة الوالدين.
﴿ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً﴾
ثالثاً الرفق بالناس جميعاً.
قال صلى الله عليه وسلم:
(( اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ ، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ))
سيدنا عمر سأل واليا أراد أن يمتحنه، قال له: << ماذا تفعل إذا جاءك الناس بسارق أو ناهب قال: أقطع يده، قال له عمر: إذًا: إذا جاءني مِن رعيتك مَن هو جائع أو عاطل فسأقطع يدك، إن الله قد استخلفنا عن خلقه لنسد جوعتهم، ونستر عورتهم، فإن وفينا لهم ذلك تقاضيناهم شكرها، إن هذه الأيدي خلقت لتعمل، فإذا لم تجد في الطاعة عملاً التمست في المعصية أعمالاً، فاشغلها بالطاعة قبل أن تشغلك بالمعصية>>.