وضع داكن
22-02-2025
Logo
أحكام التجويد - الحلقة ( 049 - 113 ) - حالات خاصة - المحاضرة(2-7) : التقاء ساكنان.
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 
  الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد الأولين والآخرين وعلى آله وصحبه أجمعين، الحروف وما ينشأ من اجتماعها بعضها مع بعض، من صفات عارضة بسبب التجاور، وتحدثنا عن ذلك بأشياء كثيرة كأحكام النون الساكنة والتنوين، وأحكام الميم الساكنة، وأحكام المدود والإدغام بأنواع متماثلين ومتجاورين ومتقاربين.
من جملة ما يحدث عند تجاور الحروف أن يلتقي حرفان ساكنان، العرب كان من النادر جداً أن يكون في لغتهم حرفان ساكنان ملتقيان، وللتقائهما قواعد، الساكنان يا أخوة، إذا اجتمعا إما أن يكونا في كلمة واحدة، وإما أن يكونا في كلمتين، إذاً نوزع البحث وهو عنوان بحثنا التقاء الحرفين الساكنين إن كان هذان الساكنان الملتقيان في كلمة واحدة هذه حالة، أو يكون الساكنان في كلمتين، هذه حالة أخرى إن كان الساكنان في كلمة واحدة لم تكن العرب تجمع بين ساكنين في كلمة واحدة إلا في حالتين اثنتين.
 فإن العرب كانت تستسيغ ذلك لسهولة سببها ما يلي: الحالة الأولى أن يكون الأول من الساكنين الملتقيان في كلمة واحدة، حرف مد أو حرف لين حرف، مد يعني ألف أو واو أو ياء ساكنة وقبلها حركة تناسبها أو حرف لين يعني واو أو ياء ساكنة وقبلها فتحة، كما مر معنا في حرفي اللين، فإن وجد ساكنان في كلمة والأول حرف مد أو حرف لين فلم تكن العرب تمانع من ذلك وكانوا ينطقون ذلك نطقا عادياً، فلذلك العرب تقول: ( والضالين ) هنا التقى ساكنان الألف واللام الأولى من اللام المشددة، لكن لما كان الأول من الساكنين حرف مد استساغ العرب ذلك ولم ينكروا ذلك، بالنسبة لحرف اللين بالنسبة للحروف المقطعة، (كهيعص )، ( عين )، هنا أيضاً التقى ساكنان والأول حرف لين، والعرب تقول في غير القرآن ( دُوَيْبْ )، تصغير دابة ولم تأت بالقرآن، ( دويب )، إذاً هنا اجتمع ساكنان والأول حرف لين فهذا أمر مستساغ هذه الحالة الأولى من التقاء الساكنين في كلمة.
 الحالة الثانية أن يكون الساكن الثاني قد سكن عُروضاً بسبب الوقف، يعني أن يكون الأصل فيه الحركة، ولكنه سكن بسبب الوقف، مثل لما نقف على المدود العارضة للسكون ( تعملونَ )، لما نقف عليها فإن النون المفتوحة تسكن فتصير ( تعملونْ )، هنا التقى ساكنان وهما في كلمة واحدة العرب لا تمانع من ذلك لأنه متطرف في آخر الكلمة وموقوف عليه:

﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ﴾

[ سورة القدر: 1]

 هنا اجتمع أيضا ساكنان الدال والراء ولكن الراء سكنت سكوناً عارضاً:

﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ﴾

[ سورة القدر: 1]

 إذاً هذا أيضاً مستساغ عند العرب لا بأس به هاتان الحالتان هما اللتان كانت العرب تجمع فيهما بين ساكنين في كلمة واحدة، ما قلته نستطيع أن نشاهده على اللوحة، التعليمية الأولى التي تبين ذلك، نرى على الشاشة، التقاء الحرفين الساكنين بكلمة واحدة في تلاوة القرآن الكريم، يصح الجمع بين حرفين ساكنين بكلمة واحدة في حالتين:
أولاً، أن يكون الأول من الساكنين حرف مد أو لين نحو:

﴿ الضَّالِّينَ ﴾

[ سورة الفاتحة: 7]

 الضالِّين هنا الساكن الأول هو الألف والساكن الثاني هو اللام الساكنة من اللام المدغمة أو المشددة.

﴿ أَتُحَاجُّونِي ﴾

[ سورة الأنعام: 80]

 هذه الكلمة اجتمع فيها مثالان المثال الأول الألف وبعدها الجيم الأولى من الجيم المشددة والمثال الثاني هو الواو المدية وبعدها النون الساكنة من النون المشددة المكسورة، المثال الذي بعده:

﴿ يس ﴾

[ سورة يس: 1]

 هنا أيضاً اجتمع حرفان ساكنان الأول منهما حرف مد وهو الياء الساكنة المكسور ما قبلها مع النون بعدها.

﴿ ن ﴾

[ سورة القلم: 1]

أيضاً اجتمع ساكنان الأول هو حرف مد والثاني ساكن سكوناً أصلياً، (عين )، هذا أيضاً اجتمع فيه ساكنان الأول حرف لين والثاني ساكن سكوناً أصلياً.
 أما الحالة الثانية التي يكون فيها التقاء الساكنين في كلمة وهو أمر سائغ أن يكون سكون الحرف الثاني منهما عارضاً نحو: ( الحساب )، ( تعملون )، التقى ساكنان هما الواو في كلمة تعملون والنون الساكنة بعدها، (الرحيم )، هنا المثال يائي المثال الأول كان ألفاً الثاني كان واواً الثالث كان ياءً، ( قريش )، هذا مثال التقى فيه ساكنان والأول منهما حرف لين يائي، (خوف)، أيضاً التقى ساكنان والأول منهما حرف لين واوي، (من بعْدْ)، (القدْرْ)، (السحْتْ)، هذه الأمثلة الثلاثة التقى فيها ساكنان في كلمة واحدة وليس فيها لا حرف مد ولا حرف لين بل هما حرفان صحيحان، هذا بالنسبة للكلمة الواحدة.
 بالنسبة للكلمتين إذا التقى ساكنان في كلمتين بأن يكون الساكن الأول آخر الكلمة الأولى والساكن الثاني أول الكلمة الثانية، فإن العرب لم تكن تنطق ذلك بل كانوا يتخلصون من التقاء الساكن كيف ذلك؟ إن كان الساكن الأول من الساكنين الملتقيين في كلمتين إن كان حرف مد، ولا أقول حرف مد ولين، ولكن حرف مد فقط فإنهم يتخلصون من التقاء الساكنين باسقاطه من اللفظ، يعني بدل من أن يقولوا في القرآن: ( وقالا الحمد لله ) على لسان داوود وسليمان يقولون: ( وقالَ الحمد لله )، فتسقط ألف المثنى: ( أفي الله شك )، التقا ساكنان الأول ياء ساكنة في آخر الكلمة الأولى وأول الكلمة الثانية ساكن وهو اللام الأولى من اللام المشددة من لفظ الجلالة فنسقط الياء من كلمة: ( أفي )، من اللفظ فنقول: ( أفِ الله شك ) باسقاط الياء لفظاً هذا في حالة الوصل، أما لو وقفنا لم يلتق ساكنان فيعود المحذوف فنقول: ( أفي )، باثبات الياء هذا إن كان الساكن الأول حرف مد، إن كان غير حرف مد يعني إن كان حرفاً الساكن الأول صحيحاً ساكناً سكوناً صحيحاً، هو حرف صحيح ليس بحرف مد، أو كان حرف لين مثل قوله تعالى:

﴿ يَاصَاحِبَيِ السِّجْنِ ﴾

[ سورة يوسف: 41]

 ( يا صاحبي )، أصلها ( ياصاحبين )، مثنى فحذفت النون للإضافة فصارت يا صاحبي هذا حرف لين، ( السِّجن )، أول حرف فيها سين ساكنة فنحرك الساكن الأول بالكسر فتصير: ( يا صاحبيِ السِّجن ) نحركه بالكسر.
إذاً نعود فنقول إذا التقى ساكنان وهما في كلمتين فالعرب لا تجتمع بينهما نطقاً فإن كان الساكن الأول حرف مد أسقطوه من اللفظ وإن كان حرفاً ساكناً أو حرف لين تخلصوا من التقاء الساكنين بتحريك الأول.
 نلاحظ على اللوحة ما قلته، في التقاء الحرفين الساكنين في كلمتين، لا تجمع العرب بين حرفين ساكنين في كلمتين فإن وجد ذلك في كلامهم تخلصوا منه بإحدى الطريقتين الآتيتين: الأولى بإسقاط الأول يعني من الحرفين الساكنين لفظاً انتبهوا ليس خطاً، بل بإسقاط الأول لفظاً إن كان حرف مد نحو: ( وقالَ الحمد لله )، ولا نمطه كما يفعل بعض إخواننا هداهم الله، فيقولون:( وقالا الحمد لله )، هذا لا يصح، ( وإذا قالوا اللهم )، لاحظوا الواو من قالوا ساكنة واللام الأولى من اللهم ساكنة فالتقيا في اللفظ والنطق فسقط الأول من النطق وصلاً: ( وإذ قالُ اللهم )، فإذا وقفنا نقول: ( وإذ قالوا )، ( أفي الله شك )، أيضاً سقطت الياء وصلا وتحدثت عنها منذ قليل.
 الحالة الثانية: كيف يتخلص من التقاء الحرفين الساكنين في كلمتين؟ بتحريك الساكن الأول إن كان حرفاً صحيحاً أو حرف لين، فالأمثلة التي أمامنا: ( من الله )، أصلها (منْ )، حرف جر نونه ساكنة فلما التقت مع لفظ الجلالة وأول لفظ الجلالة لام ساكنة، تحرك الأول بالفتح لأن الفتح أخف الحركات فصارت ( من الله )، ( عليكمْ القتال )، أيضاً التقا ساكنان الميم ساكنة ولام التعريف ساكنة، فحركنا الميم بالضم ( عليكمُ القتال )، قد يقول قائل لماذا بالضم وليس بالفتح أو الكسر؟ نقول هذا سماعي من العرب ما حركته العرب بالكسر نحركه بالكسر وما سمعناه من العرب محركاً بالضم حركناه بالضم، وما سمع بالفتح يحرك بالفتح.
 إذاً ( منَ الله )، حرك بالفتح ( عليكمُ القتال )، حرك بالضم لأنها ميم جمع ( قلِ اللهم )، التقى ساكنان الساكن الأول هو اللام الساكنة من فعل الأمر قل، مع اللام من اللهم فحرك الأول بالكسر فصارت ( قلِ اللهم )، ( دَعَوُ الله )، هذه واو الجماعة دخلت على فعل (دعا )، فصار عندنا واو ساكنة مفتوح ما قبلها يعني حرف لين، ( دَعَوُ )، فلما التقت مع الساكن بعدها حركت الواو بالضم فصارت ( دعوُ الله )، والمثال الأخير الذي نراه ( يا صاحبيِ السجن )، وشرحته منذ قليل.
 إذاً نلخص على اللوحة الأخيرة التي ترونها أمامكم، حالات الحرفين الساكنين الملتقيان، نرى أمامنا على الشاشة، الساكنان الملتقيان نفرق بين حالتين إما أن يكونا في كلمة أو في كلمتين، فإن كانا في كلمة جائز في حالتين وسبق شرحمهما بالتفصيل، أما إن كانا في كلمتين فغير جائز، ويتخلص من التقاءهما أيضا بإحدى طريقتين، كما ترون الحالة الأولى بإسقاط الأول لفظاً إن كان حرف مد، والحالة الثانية بتحريك الأول إن كان غير حرف مد فبقولنا غير حرف مد دخل الساكن الصحيح ودخل حرف اللين.
 هذا ما يتعلق في بحث التقاء الحرفين الساكنين، هذا بحث قرآني لُغوي، فما قلناه على نطق القرآن الكريم ينطبق على الكلام العربي لا غنى للمتكلم باللغة العربية عن معرفة كيف يفعل إذا التقى بكلامه حرفان ساكنان، هذا درسنا اليوم، وصلى اللهم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

نص الزوار

إخفاء الصور