- التربية الإسلامية
- /
- ٠9سبل الوصول وعلامات القبول
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم، إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
الاستقامة من أشد الوسائل فعاليةً في الوصول إلى الله :
أيها الأخوة الكرام، لا زلنا في موضوع الاستقامة، والاستقامة عين الكرامة، وهي من أشد الوسائل فعاليةً في الوصول إلى الله، لكن في هذا اللقاء الطيب نتحدث عن الاستقامة من خلال السنة النبوية، أحد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له:
((يا رسول الله قل لي في الإسلام قولاً لا أسألُ عنه أحداً بعدك؟ قال: قل: آمَنْتُ بالله ثم استقم ))
أنا كنت أقول دائماً: يمكن أن يضغط الإسلام كله بكلمة واحدة، إنها الاستقامة، فإن لم تستقم لن تقطف من ثمار الدين شيئاً، يبقى الدين ثقافةً، معلومات، تراثاً، فكراً، يبقى الدين خلفيةً إسلامية، أرضيةً إسلامية، مشاعر إسلامية، اهتمامات إسلامية، ثقافة إسلامية، إن لم نطبق منهج الله عز وجل يبقى الدين ثقافةً ليس غير.
لذلك لو اعتنق الإسلام مليارات لا وزن لهم في الأرض، كما هي الحال اليوم، مليار وخمسمئة مليون مسلم لا وزن لهم، ليس أمرهم بيدهم، ليست كلمتهم هي العليا، للطرف الآخر عليهم ألف سبيلٍ وسبيل، خمس دول إسلامية محتلة، ثرواتهم منهوبة، شبابهم يقتلون، أليس كذلك؟
(( قل لي في الإسلام قولاً لا أسألُ عنه أحداً بعدك قال: قل: آمَنْتُ بالله، ثم استقم ))
بعد الاستقامة الحديث لا ينتهي عن مكاسب المسلم، عن أخلاق المسلم، عن روحانية المسلم، عن سكينة المسلم، عن ثقة المسلم بالله عز وجل، عن تفاؤل المسلم، عن سعادة المسلم، أما قبل الاستقامة معلومات محشوةٌ في الدماغ ليس غير.
لذلك أحد كبار الأئمة يقول: جاهد تشاهد، لن تشاهد الحقائق، لن تسعد بها، إلا إذا جاهدت نفسك وهواك.
من لم يستقم على أمر الله لن يقطف من ثمار الدين شيئاً :
أيها الأخوة، إذاً الإسلام كله يضغط بكلمة واحدة، فتوفيراً للوقت والجهد واختصاراً للقيل والقال إن لم تستقم لن تقطف من ثمار الدين شيئاً، هذه الحقيقة المرة التي هي أفضل ألف مرة من الوهم المريح.
ورد في الأثر أن أحدهم سأل النبي الكريم يا رسول الله عظني ولا تطل؟ فورد هذا الكلام.
(( قل لي في الإسلام قولاً لا أسألُ عنه أحداً بعدك؟ قال: قل: آمَنْتُ بالله، ثم استقم، قال: أريد أخف من ذلك قال: إذاً فاستعد للبلاء ))
قال له الطبيب: عليك بحمية تامة، معك التهاب معدة حاد، حمية تامة، على الحليب فقط، قال له: أريد أن آكل كل شيء قال له: إذاً استعد لعمل جراحي، قضية واضحة مثل الشمس، يمكن أن تشفى بحميةٍ صارمة، فإن لم تقبل بها فاستعد لعمل جراحي، القضية واضحة.
﴿ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ ﴾
فإذا استقمتم.
﴿ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ ﴾
وإن لم تستقيموا:
﴿ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾
أي هذا الطبيب متفوق جداً، قادر أن يشفيك بحمية، أو بعمل جراحي، اختر واحدة، هذا كلامٌ جامعٌ مانع.
استقامة اللسان :
الآن عندنا استقامة خاصة؛ استقامة اللسان.
(( وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سَخَط الله لا يُلْقِي لها بالاً يهوي بها في جهنم سبعين خريفاً ))
كلمة قد تفسد علاقة زوجين، كلمة قد تفصل شركة، كلمة قد تسبب حقداً، لذلك الجوارح تخاطب اللسان تقول له:
(( اتَّق الله فينا، فإنما نحن بك، فإن استقمتَ استقمنا، وإن اعوججت اعوججنا ))
حينما تعد كلامك من عملك تنجو.
(( وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سَخَط الله لا يُلْقِي لها بالاً يهوي بها في جهنم سبعين خريفاً ))
السيدة عائشة قالت عن أختها صفية إنها قصيرة فقال عليه الصلاة والسلام:
(( يا عائِشَة لَقَدْ قُلْتِ كَلِمَةً لَوْ مُزِجَتْ بِمَاءِ البَحْرِ لَمَزَجَتْه ))
مجالس إلى ساعة متأخرة من الليل غيبة، ونميمة، وتجريح، وافتراء، وتهم، وتقليد، فلذلك من أين جاء هذا الحجاب بين المسلمين وبين ربهم؟ من أخطاء اللسان، يقول لك: أنا لم أرتكب كبائر والحمد لله، لكن المشكلة في الصغائر، أي أنت تمشي على طريق، عن يمين هذا الطريق وادٍ سحيق، وعن يساره وادٍ سحيق، الكبيرة حرف المقود تسعون درجة فجأة إلى الوادي، الصغيرة سنتيمتر واحد، لكن ثابت بعد ثلاثة كيلو متر إلى الوادي.
لذلك ورد في بعض الأحاديث:
(( لا صغيرة مع الإصرار، ولا كبيرة مع استغفار ))
التسعون درجة طريق عرضه يقدر بثلاثين متراً يعيد المقود إلى ما كان عليه بثانية، الكبيرة تسعون درجة والإصلاح يكون فجائياً، انتهى الأمر، لذلك:
(( إن الشيطان قد أيس أن يعبد بأرضكم هذه ولكن قد رضي منكم بما تحقرون ))
من أعمالكم.
الصغائر أحد أكبر مداخل الشيطان على الإنسان :
المسلمون محجوبون بالصغائر ليس بالكبائر، أي معظم المسلمين لا يقترفون جريمة قتل، ولا يشربون الخمر، ولا يزنون، هذه كبائر، ما الذي يحجبهم عن الله؟ الصغائر؛ غيبة، ونميمة، وبهتان، وسخرية، واستهزاء، واختلاط، ومصافحة، ويملأ عينيه من الحرام، بهذه الصغائر حجب عن الله عز وجل.
أي بيت فيه عشرات من الأجهزة الكهربائية، سواءٌ أقطعنا التيار ميلي أم متراً، التيار انقطع، كل هذه الأجهزة معطلة، لم يعد لمسافة القطع قيمة، القطع حصل.
فالإنسان إما أن يحجب بالكبائر والعياذ بالله أو أن يحجب بالصغائر، لذلك:
(( ولكن قد رضي ما دون ذلك مما تحقرون من أعمالكم))
أي الشيطان ذكي جداً كما يقال، يدعو الإنسان إلى أن يكفر بالله، فإن رآهُ على إيمان دعاه إلى الشرك، إن رآه على توحيد دعاه إلى كبيرة، فإن رآه على طاعة دعاه إلى صغيرة، فالصغائر أحد أكبر مداخل الشيطان على الإنسان، فإن رآه على ورع، بقي ورقتان رابحتان التحريف بين المؤمنين، تجد فلاناً لا أظنه مخلصاً في دعوته، شققت على قلبه؟ التحريش بين المؤمنين، فإن لم تنجح معه هذه الورقة الأخيرة عنده ورقة هي المباحات، يغرق في المباحات، يمضي وقته في تزيين حياته، في الاستمتاع، لم يعصِ الله، لكن هذه المباحات استغرقت كل وقته، فجاء يوم القيامة مفلساً.
إذاً يدعو إلى الكفر، ثم الشرك، ثم الكبائر، ثم الصغائر، ثم التحريش بين المؤمنين، ثم المباحات، إذاً الآن استقامة اللسان، الجوارح تخاطب اللسان تقول له:
(( اتَّق الله فينا، فإنما نحن بك، فإن استقمتَ استقمنا، وإن اعوججت اعوججنا ))
فإذا كانت كلمة قصيرة:
(( يا عائِشَة لَقَدْ قُلْتِ كَلِمَةً لَوْ مُزِجَتْ بِمَاءِ البَحْرِ لَمَزَجَتْه ))
فما قولك فيما فوق كلمة قصيرة؟ أنا أقول دائماً:
(( دَخَلت امْرَأةٌ النَّارَ في هِرَّةٍ ربطتها، فلم تُطْعِمها، ولم تَدَعْها تأْكُل مِن خَشاشِ الأرض ))
فما قولكم بما فوق الهرة؟ بشعوب بأكملها تُقتل، بشعوب بأكملها تجوع، تموت من الجوع.
نتائج الاستقامة :
الآن نتائج الاستقامة: هناك نتائج محدودة، ونتائج غير محدودة، يقول عليه الصلاة و السلام:
(( استقيموا ولن تُحْصُوا ))
لن تحصوا نتائج الاستقامة، يا ترى المستقيم سليم؟ سليم، الاستقامة تفضي بك إلى السلامة، يحفظ الله له ماله، ما أكل مالاً حراماً، يحفظ الله له أهله، ما اقترف فاحشة حتى يعاقبه الله بأن تزل قدم زوجته، هو عفيف فوهبه الله زوجة عفيفة، أولاده أبرار كان باراً بوالديه، الاستقامة تفضي إلى السلامة ـ هذه نتيجة ، والسعادة، والطمأنينة، والثقة بالله عز وجل، والتوفيق، والرزق، والسكينة.
(( استقيموا ولن تُحْصُوا ))
بدءاً من سلامة الصحة وانتهاءً بسلامة العقيدة، بدءاً من سلامة حياتك المادية وانتهاءً بتألق حياتك الروحية.
(( استقيموا ولن تُحْصُوا ))
من كانت له بداية محرقة كانت له نهاية مشرقة :
والله أيها الأخوة، أحياناً مؤمن يستعرض تاريخ حياته، أمضى حياته في طاعة الله، كانت له بداية محرقة إذاً له نهاية مشرقة، الله عز وجل يقول:
﴿ وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾
انظر الإنسان أحياناً يرتزق أو يسترزق، لكن هناك مستوى أعلى بكثير بعدما أصبح عنده كل وسائل الراحة؛ من بيوت، في المدينة بيت، وفي المصيف بيت، وفي الساحل بيت، ومركبات منوعة، شيء للسفر، شيء للحضر، شيء لأهله، شيء لأولاده، بعدما وصل إلى أكثر مباهج الدنيا يصبح همه الجمع، كان يسترزق ربه الآن همه الجمع فقال تعالى:
﴿ وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾
دقق في هذا الحديث، قال النبي الكريم لأحد أصحابه قال:
(( يا شداد إذا رأيت الناس يكنزون الذهب والفضة ))
أي هناك أموال منقولة وغير منقولة، و هناك عملات صعبة، وعملات محلية.
(( إذا رأيت الناس يكنزون الذهب والفضة فاكنز هؤلاء الكلمات اللهم إني أسألك التثبيت في الأمور ))
أي إنسان بعد عمر معين ينتكس؟ يترك الصلاة؟ يقع في الفاحشة؟ لأنه ورد في بعض الآثار:
(( أحب الطائعين وحبي للشاب الطائع أشد، أحب المتواضعين وحبي للغني المتواضع أشد، أحب الكرماء وحبي للفقير الكريم أشد))
الشاهد في الذي سيأتي:
(( وأبغض ثلاثاً وبغضي لثلاثٍ أشد؛ أبغض العصاة وبغضي للشيخ العاصي أشد ))
يراهق بعد أن أصبح عمره خمسة وخمسين :
(( أبغض العصاة وبغضي للشيخ العاصي أشد، وأبغض المتكبرين وبغضي للفقير المتكبر أشد، وأبغض البخلاء وبغضي للغني البخيل أشد))
على الإنسان أن يطلب من الله أن يمنحه الإرادة الكافية لتطبيق الحق :
إذاً:
(( إني أسألك التثبيت في الأمور وعزيمة الرشد ))
الإرادة، الإنسان أحياناً يرى الحق حقاً لكن لا يملك إرادة كافية لتطبيق الحق.
(( وعزيمة الرشد وأسألك شكر نعمتك وحسن عبادتك وأسألك قلباً سليماً ))
القلب السليم قال تعالى:
﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾
القلب السليم هو القلب الذي لا يشتهي شهوةً لا ترضي الله، ولا يصدق خبراً يتناقض مع وحي الله، ولا يحتكم إلا إلى شرع الله، ولا يعبد إلا الله
﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾
(( ولساناً صادقاً ))
والشاهد:
(( وخلقاً مستقيماً ))
هناك استقامة.
(( وأستغفرك لما تعلم ))
من ذنوبي.
(( وأسألك من خير ما تعلم ))
من خيري الدنيا والآخرة.
(( وأعوذ بك من خير مما تعلم وأعوذ بك من شر ما تعلم ))
من استقام على أمر الله يُستقم به :
أحياناً إنسان يتراءى له الشر خيراً، وهو في الحقيقة شر.
﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾
الآن الاستقامة لها هدف كبير جداً، هدف دعوي، نحن تكلمنا أن الإسلام كله مضغوط بكلمة واحدة، ثم استقامة اللسان، ثم بديل الجمع، والآن أحد نتائج الاستقامة أنك إذا استقمت يُستَقَم بك، الأمين وهو صامت يُعلّم الناس الأمانة، الصادق وهو صامت يُعلّم الناس الصدق، العفيف وهو صامت يُعلّم الناس العفة:
(( استقيموا يستقم بكم ))
يقول طبيب جراح جاءته هدية من إنسان غير مسلم أو مسلم عاص، الأصح مسلم عاص، و الهدية هي زجاجة خمر، قال له: هذه لا أقبلها، قال له: قدمها هدية، قال له: لا أقبلها ولا أقدمها هدية، يقول هذا المُهدي: والله بعد حين أحد أسباب توبتي عن الخمر رفض هذا الطبيب قبول هذه الهدية.
(( استقيموا يستقم بكم ))
صلِّ بالبيت ابنك يصلي، اعتذر من زوجتك إذا أخطأت معها تعلم ابنك الاعتذار، مثلاً هناك خطأ تكلمت به قل: أنا تكلمت خطأً أرجو المعذرة، وأنت مستقيم على أمر الله تُعلّم الاستقامة.
(( استقيموا يستقم بكم ))
الاستقامة تبدأ من القلب :
ثم يقول عليه الصلاة و السلام:
(( لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ))
الاستقامة تبدأ من القلب.
﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾
الأمر يبدأ من القلب .
(( لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ))
إذا استقام قلبه يستقيم لسانه، وإذا استقام لسانه ابتعد عن مئات المعاصي التي يسببها اللسان.
الإمام الغزالي ـ رحمه الله تعالى ـ عدّ عشرات، بل بضع عشرات من المعاصي ترتكب عن طريق اللسان.
تعريف الصحابة الكرام للاستقامة :
1 ـ سيدنا أبو بكر الصديق :
الآن الصحابة الكرام ماذا قال الصديق عن الاستقامة؟ قال: ألا تشرك بالله شيئاً، نظر للاستقامة من زاوية السبب، أنت حينما توحد لا تكذب، أمرك بيد الله، أنت حينما توحد لا تنافق، أنت حينما توحد لا تأخذ ما ليس لك، أنت حينما توحد لا تعتدي على أعراض الناس، أصل الاستقامة التوحيد، الله معك.
﴿ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ ﴾
لذلك سيدنا الصديق نظر إلى الاستقامة من خلال سببها وهو التوحيد، وما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد، المنافق لماذا ينافق؟ لأنه يتوهم أن هذا القوي أمره بيده، غير صحيح، الله تعالى قال:
﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ ﴾
لا يمكن أن يقول لك الله: اعبدني ويسلمك إلى غيره أبداً،
﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ ﴾
فالتوحيد أن لا ترى مع الله أحداً، أن ترى أن الله وحده هو الرافع والخافض، والمعطي والمانع، والمعز والمذل، أبداً، فالتوحيد يأخذك إلى الاستقامة، هذا كلام سيدنا الصديق.
2 ـ سيدنا عمر :
أما سيدنا عمر نظر إلى ـ إن صحّ التعبير ـ آلية الاستقامة، الآلية أن تستقيم على الأمر والنهي، أن يراك حيث أمرك، وأن يفتقدك حيث نهاك، ليس الولي الذي يمشي على وجه الماء، ولا الذي يطير في الهواء، ولكن الولي كل الولي الذي تجده عند الحلال والحرام، هذا الولي، وبتعبير قرآني رائع عرَّف الله أولياءه فقال:
﴿ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ﴾
فقط، آمن بالله ثم استقم.
(( قل لي في الإسلام قولاً لا أسألُ عنه أحداً بعدك قال: قل: آمَنْتُ بالله، ثم استقم ))
فقط سيدنا عمر نظر إلى آلية الاستقامة فقال: أن تستقيم على الأمر والنهي.
3 ـ سيدنا عثمان :
سيدنا عثمان نظر إلى الجهة الباطنة فقال: الاستقامة أن تكون مخلصاً لله، كما تحدثنا في درس الإخلاص إن لم تخلص لا ينفعك لا كثير العمل ولا قليله، الاستقامة هي الإخلاص، لأن المؤمن عاداته عبادات، والمنافق عباداته سيئات، فنظر سيدنا عثمان إلى الناحية القلبية.
4 ـ سيدنا علي :
أما سيدنا علي تعريفه للاستقامة رائع قال: أدوا الفرائض، لن تقبل النوافل قبل أن تؤدي الفرائض، أدِّ الفرائض، افعل ما أمرك الله أن تفعله تكن أعبد الناس، فكل صحابي نظر للاستقامة من زاوية.
5 ـ الحسن رضي الله عنه :
الحسن رضي الله عنه يقول: الاستقامة أن تعمل بطاعته، وأن تجتنب معصيته ـ فتعريفه يشبه تعريف سيدنا عمر.
6 ـ مجاهد :
مجاهد قال: استقاموا على شهادة أن لا إله إلا الله، يشبه تعريف سيدنا الصديق.
7 ـ شيخ الإسلام ابن تيمية :
شيخ الإسلام يقول: أعظم الكرامة لزوم الاستقامة، أنت تطلب من الله الكرامة وهو يطلب منك الاستقامة.
أعظم كرامةٍ يكرم الله بها الإنسان أن يعرفه :
أنا أرى أن أعظم كرامة أن يعلمك ما لم تكن تعلم، أعظم كرامة أن يعينك على الاستقامة فقط، أعظم كرامة أن تعرفه، أعظم كرامة أن تستقيم على أمره، وانتهى الأمر، دعك من كل القصص التي لا تنتهي، أعظم كرامةٍ يكرمك الله بها أن تعرفه، أعظم كرامة يكرمك الله بها أن تستقيم على أمره، فالاستقامة عين الكرامة.
أيها الأخوة الكرام، أسأل الله سبحانه وتعالى أن يلهمنا الصواب، وأن نفهم الدين فهماً يليق بذاته العلية، وأن ندع القيل والقال، وكثرة السؤال، وأن نلتزم أمر الواحد الديان.