- التربية الإسلامية
- /
- ٠9سبل الوصول وعلامات القبول
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم، إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
أسماء الله الحسنى تعريف بذات الله عز وجل :
أيها الأخوة الأكارم، مع مقدمة أولى لبرنامج جديد عنوانه:" سبل الوصول وعلامات القبول"، ينطلق هذا البرنامج الجديد من قوله تعالى:
﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ ﴾
كأن الله سبحانه وتعالى سيلخص لنا الوحي هنا.
﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ ﴾
هذا هو التوحيد.
﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ﴾
الإنسان إذا عرف الله ينشأ عنده سؤال كبير، كيف أصل إليه؟ حدثتك عن ملك عظيم، تقول لي: هل من سبيل لأصل إليه؟ إذا كانت أسماء الله الحسنى تعريفاً بذات الله عز وجل، فهذا البرنامج كيف نصل إلى الله جلّ جلاله صاحب الأسماء الحسنى والصفات الفضلى؟ وكأن هذا البرنامج يتكامل مع البرنامج السابق، الله عز وجل ذات كاملة، أسماؤه حسنى، وصفاته فضلى، السؤال: كيف أصل إليه؟ ما الوسائل التي تعجل الوصول إليه؟.
﴿ وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى ﴾
العمل الصالح الذي يرضاه الله عز وجل هو ما كان خالصاً وصواباً
لذلك ينطلق هذا البرنامج من هذه الآية
﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ ﴾
لقاؤه في الدنيا، الاتصال به، لقاؤه في الجنة في الآخرة،
﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً ﴾
وليكن هذا العمل خالصاً لي،
﴿ وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ﴾
من هذه الآية كان عنوان هذا البرنامج، سبل الوصول وعلامات القبول
﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ﴾
لذلك حينما قال الله عز وجل:
﴿ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ ﴾
قال العلماء: العمل الصالح الذي يرضاه الله عز وجل ما كان خالصاً وصواباً؛ خالصاً ما ابتغي به وجه الله، وصواباً ما وافق السنة.
الخُلق الحسن يقع على رأس الأعمال الصالحة :
أيها الأخوة، يقع على رأس الأعمال الصالحة الخلق الحسن، لذلك النبي عليه الصلاة والسلام مع أنه سيد الخلق، وحبيب الحق، وسيد ولد آدم، أوتي الوحي، أوتي المعجزات، أوتي جمال الصورة، أوتي الفصاحة، حينما أراد الله أن يثني عليه أثنى عليه بالخلق الحسن، قال:
﴿ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾
من هنا لخص النبي صلى الله عليه وسلم بعثته كلها بمكارم الأخلاق، فقال:
(( وإنما بعثت معلماً ))
(( إنما بُعِثتُ لأُتَمِّمَ حُسْنَ الأخلاقِ ))
الشجاعة والكرم من القيم الأصيلة للعرب قبل الإسلام :
كلمة لأتمم مكارم الأخلاق فيها واقعية، لأن الشجاعة والكرم من القيم الأصيلة لهذه الأمة قبل الإسلام، فقال عليه الصلاة والسلام:
(( وإنما بعثت معلماً ))
(( إنما بُعِثتُ لأُتَمِّمَ حُسْنَ الأخلاقِ ))
بعض أصحاب النبي رضوان الله عليهم سألوا السيدة عائشة، قالوا: "يا أم المؤمنين كيف كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت هذه الزوجة الوفية: كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن، ثم قالت: اقرؤوا:
﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾
فقالت: هكذا كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم".
صفات النبي عليه الصلاة والسلام :
1 ـ كان جمّ التواضع وافر الأدب:
لذلك قالوا: الكون قرآن صامت، والقرآن كون ناطق، والنبي عليه الصلاة والسلام قرآن يمشي، كان خلقه القرآن.لقد كان صلى الله عليه وسلم جمّ التواضع، تقول: بئر جم، أي ماؤه كثير، كان كثير التواضع، وافر الأدب، تواضع كثير وأدب جم.
2 ـ يبدأ الناس بالسلام وينصرف بكلّه إلى محدثه :
يبدأ الناس بالسلام، وينصرف بكلّه إلى محدثه، يهتم به صغيراً كان أو كبيراً، أو إذا صافح أحداً؛ كان عليه الصلاة والسلام آخر من يسحب يده إذا صافح، هناك شخص يصافح بأصابعه فقط، باستعلاء، وهناك شخص لا يسلم، وهناك شخص لا ينتبه إلا لإنسان كبير، أما هؤلاء الدهماء، السوقة لا يلتفت إليهم، كان عليه الصلاة والسلام ينصرف بكلّه إلى محدثه صغيراً كان أو كبيراً، وكان آخر من يسحب يده إذا صافح.
3 ـ يضع الصدقة بيده في يد المسكين و لم يرَ ماداً رجليه قط :
وإذا تصدق وضع الصدقة بيده في يد المسكين، تطييباً لقلبه، وإذا جلس جلسَ حيث ينتهي به المجلس، هناك أشخاص كثيرون إذا لم يكن في الصف الأول يتبرم، ويتكلم كلاماً قاسياً، لا تعرفون أقدار الناس؟ وإذا جلس جلسَ حيث ينتهي به المجلس، لم يُرَ ماداً رجليه قط، إلا إذا إنسان معذور فهذا وضع ثان، أما إنسان صحيح لم يرَ ماداً رجليه قط، ولم يكن يأنف من عمل لقضاء حاجته، أو حاجة صاحب أو جار، كان يخدم نفسه.
أحد الصحابة وقع زمام الناقة من يده، فنزل من على الناقة ليأخذ زمامها، صحابي آخر قال له: قل لي أن أعطيك إياها، قال له: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أسأل الناس شيئاً، ما دمت قادراً فاقضِ حاجتك بيدك، اخدم نفسك، هذا من التواضع، لذلك قال عليه الصلاة والسلام:
(( من أكثر ذكر الله فقد برئ من النفاق ))
(( برئ من الشح من أدى زكاة ماله ))
(( وبرئ من الكبر من حمل حاجته بيده ))
4 ـ يحمل بضاعته بنفسه
كان يذهب إلى السوق، ويحمل بضاعته، ويقول: أنا أولى بحملها، هذه أخلاق النبي، بهذه الأخلاق وصل أصحاب رسول الله إلى مشارف الصين، وإلى مشارف باريس، ولو فهم الأصحاب الكرام الإسلام كما نفهمه نحن لما خرج من مكة المكرمة، يقول: أنا أولى بحملها، وكان يجيب دعوة الحر والعبد، قال:
(( لو دُعيتُ إلى كُراَع أو ذراَع لأجَبتُ ))
أقدام الدابة، بالغميم ـ أي بظاهر المدينة ـ لأجبت.
5 ـ يقبل عذر المعتذر :
وكان يجيب دعوة الحر، والعبد، والمسكين، ويقبل عذر المعتذر، وكان يقول:
(( ومن أتاه أخوه متنصلا فليقبل ذلك منه محقا كان أو مبطلا ))
متنصلاً، أي اعتذر ونفى الشيء، فقال النبي الكريم:
(( فليقبل ذلك منه محقا كان أو مبطلا ))
وكان يقبل عذر المعتذر، وكان يرفو ثوبه، ويخصف نعله، ويخدم نفسه، ويعقل بعيره، وكان في مهنة أهله ـ أي في خدمتهم ـ رجال كثيرون يأنفون ويترفعون أن يساعدوا زوجاتهم في عمل البيت، وكان في مهنة أهله، طبعاً صواب كلمة المهنة يقول لك: مهن، صوابها الحرفة، أن تقول مهنة وتقصد بها حرفة هذا خطأ شائع، صواب المهن الحرف، وكان في مهنة أهله.
6 ـ يأكل مع الخادم ويقضي حاجة الضعيف والبائس :
وكان يأكل مع الخادم، ويقضي حاجة الضعيف والبائس، وكان يمشي هوناً.
﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً ﴾
7 ـ يمشي هوناً لا ينطق من غير حاجة :
كان يمشي هوناً خافض الطرف من تواضعه، متواصل الأحزان، فالإنسان إذا حقق أهدافه بالحياة لا يعنيه الناس، لكن هناك إنسان تسأله كيف حالك؟ يقول: والله أنا لا يوجد عندي مشكلة، لكن أنا متألم لما يعانيه المسلمون، إن لم تبكِ لما يقع في بلاد المسلمين من قتل، ومن نهب ثروات، ومن اعتداء على الحرمات، أنت ألست مسلماً؟ أليس هؤلاء قومك؟ كان يمشي هوناً، خافض الطرف، متواصل الأحزان، دائم الفكرة، لا ينطق من غير حاجة، كلامه هادف، يبتعد عن اللغو
﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ ﴾
طويل السكوت، كان يُرى أكثر دهره صامتاً فإذا تكلم بذّ القائلين، إذا تكلم تكلمَ بجوامع الكلم، كلام مركز، كلام واضح، كلام معبر، لا يوجد لغو بكلامه، والمؤمن إذا عدّ كلامه من عمله ضبط لسانه.
(( لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه ))
8 ـ لا يهين أحداً طليق الوجه و يعظم النعم وإن دقت :
كان دمثاً، كان يحذر الناس، ويحترس منهم من دون أن يطوي بشره عن أحد في ابتسامة تعلو وجهه دائماً. وكان دمثاً ليس بالجاحف ولا المهين، لا يهين أحداً، لا يُحمر الوجوه، لا يحرج أحداً، يُعظم النعم وإن دقت، شربت كأس ماء، هناك من لا يستطيع شربها، أكلت مع أهلك، هناك من لا يستطيع أن يأكل الطعام، سيروم، تمشي على قدمين، تتحرك، هناك من كان طريح الفراش، يعظم النعم، بل في بعض الشمائل كانت تعظم عنده النعم مهما دقت، لا يذم منها شيئاً، هناك أشخاص كثيرون يشمئزون من بعض الأطعمة، يعلقون تعليقات سيئة، ما ذمّ طعاماً قط، ولا يذم مذاقاً، ولا يمدحه.
9 ـ لا تغضبه الدنيا ولا يغضب لنفسه ولا ينتصر لها: لا تغضبه الدنيا.
(( إن هذه الدنيا دار التواء لا دار استواء، ومنزل ترح لا منزل فرح فمن عرفها لم يفرح لرخاء، ولم يحزن لشقاء، قد جعلها الله دار بلوى، وجعل الآخرة دار عقبة فجعل بلاء الدنيا لعطاء الآخرة سببا، وجعل عطاء الآخرة من بلوى الدنيا عوضا فيأخذ ليعطي ويبتلي ليجزي ))
لا تغضبه الدنيا وما كان لها، ولا يغضب لنفسه ولا ينتصر لها.
10 ـ إذا غضب أعرض وأشاح وإذا فرح غضّ طرفه :
إذا غضب أعرض وأشاح، هناك أشخاص يرفعون أصواتهم، يدفعون الباب، يكسرون الأواني، يسبون، إذا غضب أعرض وأشاح، وإذا فرح غضّ طرفه.
11 ـ يؤلف و لا يفرق :
كان يؤلف ولا يفرق، يدخل إلى بيت أخته، ما هذا البيت! هي راضية عن زوجها، أدخل في قلبها الشك، كان يؤلف ولا يفرق، يقرب ولا ينفر، يقرب من الله، يكرم كريم كل قوم، ويوليه عليهم، أي يعرف أقدار الرجال.جاءه عدي بن حاتم فانطلق به إلى بيته، وكان عدي بن حاتم يظن أنه سيلقى ملكاً، استوقفته امرأة في الطريق وقف طويلاً وهي تكلمه في حاجتها، قال: والله ما هذا بأمر ملك فلما دخلا إلى البيت، يقول عدي بن حاتم: دفع إليّ وسادة من أدم محشوة ليفاً وقال: اجلس على هذه، قلت: بل أنت، قال: بل أنت، قال: فجلست عليها، وجلس رسول الله على الأرض.
12 ـ كان عليه الصلاة و السلام يتفقد أصحابه دائماً:
يتفقد أصحابه، نحن الحد الأدنى لنا أخ يأتي كل درس فجر، غاب اليوم، نسأل عنه، نتفقده، ويسأل الناس عما في الناس، هناك إنسان لا يوجد عنده مشكلة، لا يهتم بالناس، و إنسان آخر لا يوجد عنده مشكلة، لكنه يهتم بالناس، يهتم بأرزاقهم، بأقواتهم، بصحتهم، بمشكلاتهم.
13 ـ يحسن الحسن ويصوبه ويقبح القبيح ويوهنه :
الحسن يجب أن تثني عليه، إنسان دخله محدود لكن أخلاقه عالية جداً، مستقيم، وبيته إسلامي، لأن دخله قليل لا يحسنه، يجب أن تحسن الحسن، وأن تقبح القبيح، لا يقصر عن حق، ولا يجاوزه، مبدأه وسطي، أحياناً تحب إنساناً تتغاضى عن معاصيه الكبيرة، وأحياناً تبغض إنساناً وتنسى كل محاسنه، لذلك ورد:
((أحْبِبْ حبِيبَك هَوْنا مَّا، عسى أن يكونَ بَغِيضَكَ يوماً مَّا، وأبْغِضْ بغيضَك هَوْنا مَا عسى أن يكونَ حبيبَك يوماً ما))
14ـ لا يرد أحداً في حاجة :
ولا يحسب جليسه أن أحداً أكرم عليه منه، شيء عجيب! ما التقى النبي بإنسان إلا ظنّ هذا الإنسان أنه أقرب الناس إليه، ولا يحسب جليسه أن أحداً أكرم عليه منه، يلتقي بالصغار، وبالكبار، من سأله حاجة لم يرده إلا بها، لولا التشهد كانت ولاؤه نعم، من سأله حاجة لم يرده إلا بها، أو ما يسره من القول.
15 ـ كان لين الجانب ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب ولا فحاش :
كان دائم البشر، سهل الخلق، لين الجانب، ليس بفظ، ولا غليظ، ولا صخاب، ولا فحاش، ولا عياب، ولا مزاح، يتغافل عما لا يشتهي، شيء ما أعجبه يتغافل عنه، ظلّه خفيف، ولا يخيب فيه مؤمله، إنسان علق عليه الآمال لا يخيب فيه مؤمله، كان لا يذم أحداً ولا يعيره، ولا يطلب عورته، هذا الذي يقلد الناس في مشيتهم، في تكلمهم، ليس من أخلاق النبي، لا يذم أحداً، ولا يعيره، ولا يطلب عورته، ولا يتكلم إلا فيما يرجى ثوابه.
16 ـ يضحك مما يضحك منه أصحابه و يصبر على الغريب :
وهو يعيش مع أخوانه، يضحك مما يضحك منه أصحابه، هناك شخص يبقى عبوساً قمطريراً و لو ضحك أصحابه، يضحك مما يضحك منه أصحابه، ويتعجب مما يتعجبون، ويصبر على الغريب وعلى جفوته.
قال له: "أعطني يا محمد من هذا المال، فهذا المال ليس مالك ولا مال أبيك، قال لهم: صدق إنه مال الله".
مرة شده أعرابي من ثوبه حتى أثّر على رقبته الشريفة، ويصبر على الغريب في جفوته، وفي مسألته، ولا يقطع على أحد حديثه، مستمع من الطراز الأول، والحديث عن شمائله لا تتسع له المجلدات، ولا خطب في سنوات، ولكن الله جلّ جلاله لخصها في كلمات فقال:
﴿ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾
بالخلق العظيم نتقرب إلى الله العظيم.
الخلق الحسن أعلى مرتبة في الإسلام و الإيمان :
أيها الأخوة، جمعت لكم عدداً من الأحاديث الصحيحة المتعلقة بالخلق العظيم قال عليه الصلاة والسلام:
(( إن أحسن الناس إسلاماً، إن أكمل الناس إيماناً أحسنهم خلقاً ))
أي أعلى مرتبة في الإسلام الخلق الحسن، أعلى مرتبة في الإيمان الخلق الحسن.
(( من أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وألطفهم بأهله ))
البطولة أن تكون حسن الخلق في البيت.
(( أَكْمَلُ المُؤمِنينَ إِيمَانا: أَحْسَنُهُمْ خُلُقا، وَخِيَارُكُمْ: خِيَارُكُمْ لأهلِهِ ))
(( من أحب عباد الله إلى الله تعالى؟ قال: أحسنهم أخلاقاً ))
الإسلام كلّه خلق :
إن أقرب المؤمنين مجلساً من رسول الله أحسنهم خلقاً، وإن خير ما أعطي الإنسان الخلق الحسن، وأنه ما من شيء أثقل في الميزان يوم القيامة من خلق حسن، وإن الله يبغض الفاحش البذيء ـ يتكلم في الفواحش، بذيء اللسان ـ أما المؤمن كما قال عليه الصلاة والسلام:
(( إِنَّ المؤمنَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ القَائِمِ ))
(( إن العبد ليبلغ بحسن خلقه عظيم درجات الآخرة ))
الخلق الحسن كما قال عليه الصلاة والسلام:
(( الخلق الحسن يذيب الخطايا كما يذيب الماء الجليد، والخلق السوء يفسد العمل كما يفسد الخل العسل ))
أيها الأخوة الكرام، سُئل عليه الصلاة والسلام:
(( أَيُّ المؤمنين أفضل؟ قال: أَحْسَنُهُم خُلُقا. قيل: فأيُّ المؤمنين أَكْيَسُ؟ قال: أكثرهم للموت ذِكْرا، وأَحْسَنُهُم له استعدادا قبل أن ينزل به. أولئك هم الأكياس ))
أيها الأخوة، في لقاءات قادمة إن شاء الله نتابع الحديث عن الأعمال الصالحة التي توصلك إلى الله، ونتحدث أيضاً عن صفات هذه الأعمال، حتى تكون مقبولة عند الله، فبرنامجنا سبل الوصول وعلامات القبول.