- قصص و روائع و مقتطفات و ومضات
- /
- ٠1الروائع العلمية
بناء السماء:
بسم الله الرحمن الرحيم، أيها الأخوة يقول الله تعالى:
﴿ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (22) ﴾
السماء بناء لأن هناك نظاماً للجاذبية فيما بين الكواكب
لولا حركة الكواكب في مساراتٍ مغلقةٍ لأصبح الكون كُتلةً واحدة
لأن الجسم الأكبر يجذب الأصغر، فحركة الكواكب ينشأ عنها قوى نابذة تكافئ القِوى الجاذبة
فالسماء بناء، لولا هذه المسارات المُغْلقة لاضطربت الحركة، وأن السماء كما قال الله عزَّ وجل:
﴿ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ (11) ﴾
مبدأ التجاذب والتنافر:
كل كوكبٍ يدور في مسارٍ مغلق، تتناسب هذه الدورة باتساعها وسرعتها مع قوة جذب النجم الآخر له، إذاً ينشأ ما يُسمى في الميكانيك توازن حركي
كل شيء متحرِّك وكل شيء متوازن، هذا بناء ضخم، فلا بدَّ من توضيح هذه الحقيقة، لو أتيت بسطحٍ سوي مستوٍ تماماً وجئت بكتلتين مغناطيسيتين بحجم بعضهما تماماً وأتيت بكرةٍ بينهما، لاستطعت بجهد خيالي أن تثبِّت هذه الكرة في المتوسط بين الكُتلتين، بحيث يتكافأ جذب الكُتلتين لهذه الكرة فتقف في الوسط
أما لو زاحت عُشْر الميليمتر لانجذبت إلى الكتلة الأولى، لو زاحت عُشر الميلي بجهة الكتلة الثانية لانجذبت إلى الكتلة الثانية، هي تحتاج إلى جهد كبير جداً كي تستقر في الوسط, أما إذا كانت الكتلتان غير متساويتين، تحتاج إلى حسابات رياضية كثيرة جداً
وإذا كانت الكتلتان ثلثين وثلثاً فلا بدَّ من أن تضعها في مسافةٍ تتناسب مع جذب الكبرى ومسافةٍ تتناسب مع جذب الصغرى، وستحتاج لحسابات دقيقة.
أما إن كانت ثلاث كتل أو أربع كتل، وكل كتلة لها حجم، ولها قوة جذب !! الحديث قبل قليل على سطح مستوٍ، أما إذا كانت هذه الكتل في فراغ وكانت متحرِّكة وبأحجام مختلفة، ومسافات مختلفة، وسُرعات مختلفة
فالإعجاز أن تتوازن هذه الكتل المتفاوتة في الحجم والسرعة والمسافة وهي في فراغ ومتحركة، والمحصلة توازن، هذا هو التوازن الحركي المعجز.
﴿ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ (67) ﴾
بيده ملكوت السماوات والأرض، هذا معنى قول الله عزَّ وجل:
﴿ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً (22) ﴾
المجرات في الكون:
السماء بناء، والله سبحانه وتعالى هو الذي بنى هذا النظام وبنى هذه المجرَّات، قد يسأل أحدكم: كم مجرة في الكون ؟ لا يزال الكون مجهولاً، أما المعلومات المتواضعة التي وصل إليها العلماء مليون ملْيون مجرة
وفي أكثر هذه المجرات مليون ملْيون كوكب ونجم، وكل هذه المجرات مُترابطة مع بعضها البعض بقوى التجاذب، ومتحرِّكة بمساراتٍ مغلقة حيث إن هذا الكون مبنيٌ بناءً رائعاً أساسه التوازن الحركي.
﴿ وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً (32) ﴾
أيعصى هذا الإله؟ ألا ترجى رحمته ؟! ألا يخشى عذابه ؟
وبعد أيُعصى هذا الإله ؟!! أيعرض عنه ؟! أيُزْهَد في وعده ويغفل أحد عن وعيده ؟! ألا ترجى رحمته ؟! ألا يخشى عذابه ؟! بيده ملكوت كل شيء هو نفسه أنزل هذا القرآن، أنزله على النبي العدنان، إنه كلامه، أنت حينما تقرأ هذا الكلام الذي هو كلام خالق الكون، كلام الذي بيده ملكوت كلِّ شيء، كلام الذي إليه يرجع الأمر كله، كلام الذي بيده مقاليد السماوات والأرض، كلام الذي بيده الخلق والأمر، كلام الذي لا يُسأل عما يفعل وهم يسألون، كلام الذي إليه المصير، تجد في قلبك برد اليقين وصحة الدين كما تجد سلامة الإيمان.
والحمد لله رب العالمين
المصدر
التفسير المطول \ الدرس : 11 - سورة البقرة - تفسيرالآية 22 ، بناء السماء