- تفسير القرآن الكريم / ٠2التفسير المطول
- /
- (004)سورة النساء
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
الكبائر من خصائصها أن فيها قوة جاذبة لذلك أتى الأمر باجتنابها :
أيها الأخوة الكرام، مع الدرس الخامس عشر من دروس سورة النساء، ومع الآية الواحدة والثلاثين، وهي قوله تعالى:
﴿ إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً﴾
الحقيقة الأولى: أن هذه الكبائر ـ وسوف آتي بعد قليل على ذكر أمثلة لها ـ لها خصائص، من خصائصها أن فيها قوة جاذبة، لذلك أتى الأمر بالاجتناب؛ والاجتناب كما قلت في الدرس السابق أن تدع بينك وبين هذه الكبائر هامش أمان، لأن الله سبحانه وتعالى يقول:
﴿ وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى ﴾
﴿ وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ ﴾
﴿ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا ﴾
على الإنسان أن يجعل هامش أمان بينه و بين الكبائر لينجو من عذاب الله :
أوضح مثل أنك إذا أردت أن تحذر الناس من خط كهربائي عالي التوتر لا يمكن أن تقول: ممنوع مس التيار، تقول: ممنوع الاقتراب من التيار، لأن هناك مساحة حول التيار لو دخلت إليها لجذبك التيار، إذاً هذه المعاصي يمكن أن تجذب، فالحقيقة الأولى لا تستطيع أن تنجو من هذه الكبائر إلا أن تجعل بينك وبينها هامش أمان. كبيرة الزنى؛ هامش الأمان ألا تخلو بامرأة، هامش الأمان ألا تصحب الأراذل، هامش الأمان ألا تمارس الاختلاط، ألا تعرض نفسك لإثارة أنت في غنىً عنها، هذا هامش الأمان. مال اليتيم؛ ينبغي أن تفصله عن مالك، أما إذا دخل في مالك، ودخل في مصروفك، فهناك مشكلة، إذاً:
﴿ إِنْ تَجْتَنِبُوا ﴾
الاجتناب هو أشد أنواع التحريم، لقوله تعالى:
﴿ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ ﴾
أشد أنواع التحريم.
﴿ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ ﴾
لو دققت في آيات القرآن الكريم لوجدت أن الأمر بالاجتناب هو أبلغ من الأمر بالتحريم، الاجتناب يحتاج إلى هامش آمان، لذلك لو أن الله مثلاً حرَّم علينا الخمر لسمح ببيعها، والتجارة بها، سمح بعصرها، سمح بنقلها، لكن الأمر بالاجتناب يقتضي ألا تعصرها، وألا تشتريها، وألا تبيعها، وألا تتاجر بها، وألا تجلس مع شاربها، وألا تكون على طاولة أنت عليها، كل العلاقات الفرعية المتعلقة بشرب الخمر محرمة، إذاً هذه قاعدة عامة ينبغي للإخوة الكرام أن ينتبهوا إليها.
الإنسان هو المخلوق الوحيد مع الجن الذي حينما عرض الله عليه الأمانة اختارها:
الكبائر لا تُتَقى إلا بترك هامش أمان بينك وبينها، أما لو تجاوزت هذا الهامش فإن احتمال الوقوع كبير جداً، كهذه الصخرة المتمركزة في قمة جبل لو دفعتها قليلاً إلى المنحدر لن تستقر إلا في أعماق الوادي، ولعلي في الدرس الماضي وضحت هذه الحقيقة، قضية الاجتناب، الكبائر تتقى بالاجتناب، ابتعد عن أسباب المعصية، ابتعد عن أجواء المعصية، ابتعد عن مكان تمارَس فيه المعصية، ابتعد عن أشخاص غارقين في المعصية، ابتعد عن المكان، وابتعد عن الزمان، وابتعد عن الأشخاص، وابتعد عن الأسباب، من أراد أن ينجو بدينه فليدع بينه وبين المعاصي هامش أمان، وهذا منطوق قوله تعالى: (إِنْ تَجْتَنِبُوا)، منطوق قوله تعالى:
﴿ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ ﴾
الآن ما الكبائر وما الصغائر؟
الحقيقة يجب أن تعرف من أنت أولاً، أنت مخلوق متميز، في الكون مخلوقات كثيرة، هناك الملائكة الذين اختاروا الإقبال على الله من دون مسؤولية وتكليف، وهناك الحيوانات الذين اختاروا الشهوة البهيمية من دون مسؤولية وتكليف، فالحيوان مسير، والملك مسير، لكن الإنسان هو المخلوق الوحيد مع الجن الذي حينما عرض الله عليه الأمانة، أي أن يكون مخيراً، أن يتولى بنفسه تزكية نفسه، فاختارها.
﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ ﴾
الإنسان كائن متميز فيه نفخة من روح الله وقبضة من تراب الأرض :
أنت كائن في كيانك قبضة من تراب الأرض، وفي كيانك نفخة من روح الله، عندك نوازع عليا تحب الخير، تحب الحقيقة، تحب أن تكون كريماً شجاعاً، وفياً صادقاً، متصلاً بالله، تحب أن تكون كاملاً، وتحب أن تلبي حاجات الجسد، هناك نوازع علوية، وهناك نوازع سفلية، هناك نفخة من روح الله، وهناك قبضة من تراب الأرض، الإنسان كائن متميز.
رُكِّب الملك من عقل بلا شهوة، ورُكِّب الحيوان من شهوة بلا عقل، ورُكِّب الإنسان من كليهما، فإذا سما عقله على شهوته أصبح فوق الملائكة، وإن سمت شهوته على عقله أصبح دون الحيوان، لذلك:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ﴾
فوق الملائكة بكثير.
﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾
وما أكثرهم، تشاهدون أفعالهم كل يوم.
﴿ أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ ﴾
الإنسان مخير فكل خصائصه وكل حظوظه حيادية :
الإنسان يتذبذب بين أن يكون أرقى المخلوقات إطلاقاً، وبين أن يكون أشقاها إطلاقاً، إذاً أنت إنسان مخير، والتخيير واقع، بإمكانك أن تأتي إلى مجلس علم وبإمكانك أن تذهب إلى ملهى، بإمكانك أن تصلي أو لا تصلي، أن تصدق أو أن تكذب، أن تنجز الوعد أو أن تخلف، أن تكون وفياً أو خائناً، أن تكون منصفاً أو جاحداً، أن تكون أباً مثالياً أو أباً شهوانياً، أن تكون تاجراً صدوقاً أميناً أو تاجراً كذوباً خائناً، الدليل الواقعي قوي جداً، أنت مخير، ولأنك مخير كل خصائصك وكل حظوظك حيادية، يمكن أن تكون سلماً ترقى بها إلى أعلى عليين، ويمكن أن تكون درجات تهوي بها إلى أسفل السافلين، مخير لذلك:
﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ﴾
﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً ﴾
﴿ وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ﴾
أما أن تظن أن السيئات التي تقترفها هي من قضاء الله وقدره فهذه عقيدة فاسدة، لأن الله سبحانه وتعالى لا يأمر بالفحشاء.
الكبائر أساسها أن إنساناً تحرك بدافع من شهوته خلاف منهج الله :
قال:
﴿ سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُون ﴾
أنت مخلوق متميز لأنك مخير، وفيك نوازع سفلية، وفيك نوازع علوية، تحب الحقيقة، وتحب الله، وتحب الخير، وتحب الحق، وتحب أن تلبي حاجات البشر، هذه الهوية المتميزة تجعلك في حالتين متناقضتين؛ إما أن تكون فوق الملائكة، أو دون الحيوانات، الحيوان يفترس إذا كان جائعاً، أما هذا الذي يبيد شعوباً بأكملها، ويتلذذ بمشهد القتل والذبح والتعذيب فهو دون الحيوان بكثير، بل إننا إذا وصفناه بكونه حيواناً نكون قد ظلمنا الحيوان، فيحتج الحيوان علينا.
هذه مقدمة، فالإنسان أودع الله فيه الشهوات، لكن ما من شهوة أودعها الله في الإنسان إلا جعل لها قناة نظيفة تجري خلالها، ليس هناك في الإسلام حرمان إطلاقاً، فالكبيرة أساسها أن إنساناً تحرك بدافع من شهوته خلاف منهج الله، أوضح تعريف لها، إنسان أودعت فيه الشهوات، وهي حيادية، معه منهج، تحرك في الحياة بدافع من شهواته من دون منهج الله عز وجل، لذلك قال تعالى:
﴿ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ ﴾
الكبائر والصغائر :
هناك طريق شرعي إلى النساء، وهناك طريق غير شرعي إليهن، الزنى، المال هناك طريق شرعي إليه هو العمل، أن تكسبه بالعمل، وهناك طريق غير شرعي إليه أن تكسبه سرقة، أو احتيالاً، أو ربىً، أو كذباً، أو زوراً، فالكبيرة إنسان تحرك بدافع من شهوته من دون منهج يسير عليه، معنى ذلك أن الشر سوء استعمال فقط، كل شيء خلقه الله خير، إذا استعملته وفق منهج الله فأنت على حق، دقق لو أن إنساناً أسس عملاً، وكسب مالاً له اسم لائق في المجتمع، فلو أن هذا الإنسان سرق مالاً لسقط من عين الناس جميعاً، هو في الحالتين كسب المال، لكن في حالة كسبه مشروع، وفي حالة كسبه كسب غير مشروع.
أيها الأخوة، لا بد من أمثلة، الكبيرة هي معصية تحجبك عن الله حجاباً كثيفاً، أحيانا يخطئ الإنسان، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام:
((كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون))
لكن بين أن تخطئ بإخلاف وعد مع صديق حميم دون أن تقصد ذلك، وبين أن تقتل، وبين أن تزني، وبين أن تسرق، وبين أن تشرب الخمر، فشرب الخمر، والزنى، والقتل، والسرقة هي كبائر تشعر أن بينك وبين الله حجاباً كثيفاً، وأن هذا الحجاب ليس من السهل إزالته، فالكبيرة ذنب كبير، ويتبعه حجاب كثيف، فإذا مثلنا الكبيرة بأنك تركب سيارتك، وتمشي على طريق عريض، وعن يمينه واد سحيق، وعن يساره واد سحيق، الكبيرة أن تحرف المقود تسعين درجة فجأة، فإذا أنت في الوادي، هذه هي الكبيرة، أما الصغيرة أن تحرف المقود درجة واحدة، سميت صغيرة لأنه يمكن تلافيها، والكبيرة تهلك صاحبها، تأخر في صلاته هي صغيرة، طبعاً التأخر بسيط، كلما كان التأخر أكبر كان الذنب أكبر، خطر في بالك خاطر، خاطر سيئ، تصورت أن تفعل معصية، لكنك لم تفعلها، هذا من اللمم، هممت أن تفعلها، ثم توقفت هذا من اللمم، معصية لم يتوعد الله عليها صاحبها بالحرمان أو باللعن أو بجهنم، هي صغائر، يقول الله عز وجل:
﴿ إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً﴾
لا كبيرة مع الاستغفار لأن رحمة الله تََسَعُ كل شيء :
لكن القاعدة التي بيَّنها النبي عليه الصلاة والسلام أنه:
((لا صغيرة مع الإصرار، ولا كبيرة مع الاستغفار))
ما أروع هذه القاعدة، هذه القاعدة تحيل الصغيرة كبيرة، والكبيرة صغيرة، لمجرد أن تثبت انحراف المقود درجة واحدة بعد حين أنت في الوادي، أما الكبيرة لو أنك انتبهت مباشرة أعدت المقود إلى ما كان عليه نجوت، فحينما تصر على صغيرة انقلبت إلى كبيرة، وحينما تستغفر من كبيرة غُفِرت لك وكأنها لم تكن، لو جئتني بملء السماوات والأرض خطايا غفرتها لك ولا أبالي.
﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾
هذه بشارة، لو جئتني بملء السماوات والأرض خطايا غفرتها لك ولا أبالي، لا كبيرة مع الاستغفار، مهما تكن الكبيرة كبيرة، لأن رحمة الله تسع كل شيء، وأنت شيء، وأرجى آية في كتاب الله:
﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾
لكن:
﴿ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ ﴾
حينما تقرأ القرآن تشعر أن الله غفور رحيم.
﴿ نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾
إذا تبت، وإذا رجعت، وإذا استغفرت، وإذا أقلعت، فإن لم تفعل.
﴿ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ ﴾
ما يُهلِكُ عامة المسلمين :
أيها الأخوة الكرام، هذه قاعدة رائعة، الكبائر إن ندمت على فعلها، واستغفرت الله منها، وأقلعت عنها غفرت لك، وكأنها لم تكن، والصغائر إذا أصررت عليها، وثبت عليها انقلبت إلى كبائر، لذلك في مجتمع المسلمين الآن ـ وهذا من نعم الله علينا ـ الذي يقتل، والذي يزني، والذي يسرق، والذي يشرب الخمر نسبهم قليلة، أنا أقصد عند المسلمين، وعند المؤمنين، وعند رواد المساجد، هذه الكبائر لا يفعلونها، حسناً ما الذي يهلك عامة المسلمين؟ هنا يقول عليه الصلاة والسلام:
((إن الشيطان قد يئس أن يعبد في أرضكم، ولكن رضي فيما دون ذلك مما تحقرون من أعمالكم ))
يعني الاختلاط، هي مثل أختي، ونحن لا نقيم عازلاً بين الرجال والنساء، نحن أهل، فالشعور أننا أهل ولا مانع من الاختلاط مشكلة كبيرة، هذه لو أصررنا عليها انقلبت إلى كبائر، وحجبتنا عن الله. فالاختلاط يبدو عند الناس صغيرة، وما داموا قد أصروا عليه انقلب إلى كبيرة، أن تملأ عينيك من محاسن امرأة لا تحل لك، تظن أنها صغيرة، أما إذا أصررت عليها انقلبت إلى كبيرة.
لذلك ما الذي يهلك عامة المسلمين؟ لا تهلكهم الكبائر، لأن معظمهم لا يفعلونها، تهلكهم الصغائر حينما يصرون عليها، تجد نمط المسلم نمطاً في بيته مئة معصية؛ بعلاقته مع زوجته، مع بناته، بخروج بناته، بكسب ماله، بإنفاق ماله، بحديثه، يظن أنه لا يفعل شيئاً، أنا لا أسرق، هو يظن أنه ناج، لأنه ترك الكبائر، لكن هذه الصغائر التي أصر عليها، ولم يعبأ بها، ورآها شيئاً طبيعياً، كان هلاكه من قِبَلها، وأوضح مثل هذا المسجد بأنواره، ومراوحه، وتكييفه، وكل أجهزة الكهرباء فيه لو قطعت التيار عنه ميليمتراً تعطل كل شيء، لو باعدنا بين التيارين متراً المحصلة انقطاع التيار، فالمتر كالميليمتر، حدث انقطاع، ووقع الحجاب، فلذلك كأني أضع يدي على مشكلة المسلمين، فإن الذي أهلكهم الصغائر،
((مما تحقرون من أعمالكم))
أما إذا لم يكن ثمة وقوع في الصغائر فلا بد من الاتصال بالله في أعلى درجة، ومن خط مفتوح بينك وبين الله، أما إذا تساهلت في الصغائر حجبتك هذه الصغائر عن أن تتصل بالله عز وجل، احفظوا هذا الحديث،
((لا صغيرة مع الإصرار، ولا كبيرة مع الاستغفار))
الصغيرة إذا أصررت عليها انقلبت إلى كبيرة، والكبيرة إذا استغفرت الله منها انقلبت إلى صغيرة، وتلاشت.
بعض من الكبائر :
من هذه الكبائر أن تعبد غير الله:
﴿ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ ﴾
من هذه الكبائر:
﴿ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ ﴾
من الكبائر:
﴿ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾
أن تدليَ بشهادة باطلة تقتطع بها حق امرئ مسلم، من الكبائر شاهد الزور يرتكب كبيرة، قال القاضي لشاهد زور: احلف، طلب ممن كلفه بالحلف خمس آلاف ليرة، دخل المحكمة، قال له القاضي: احلف، وجد أمامه المصحف، فقال له: أريد عشرة آلاف، لأن ثمة يميناً، هذا شاهد زور، كبيرة جداً:
﴿ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾
هؤلاء الأقوياء هم في الأعم الأغلب أغنياء، فالذي يحتفل بهم، ويعظمهم من أجل أن يأخذ مما عندهم، أو أن يتقي شرهم، وينسى الله عز وجل، أن تتضعضع لغني، أن تعظم إنسان قوياً تخافه، وترجو ما عنده عن طريق معصية الله عز وجل هذه كبيرة أيضاً.
كل إنسان يأمن مكر الله يقترف أكبر الكبائر :
قال تعالى:
﴿ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ ﴾
الشرك من أكبر الكبائر، قول الزور من أكبر الكبائر، الكذب من الكبائر، الزنى من الكبائر، أن تيئس من روح الله، أن تقول: المسلمون انتهوا، أن ترى أن الكافر القوي سوف يدمرهم، وسوف يسحقهم، ولن تقوم لهم قائمة، حينما تيئس من رحمة الله، ومن أن الله سينصر عباده المؤمنين، اليأس من رحمة الله كبيرة، بل هي من أكبر الكبائر، ثم أن تأمن مكر الله، أن تقتل، لا سمح الله ولا قدر، وأن تأخذ الأموال الحرام، وأن تستعلي على خلق الله، وألا تدخل الله في حساباتك إطلاقاً، هذا من الكبائر، تجد الشخص يكيد، ويدمر، ويسلب أموال الناس، يسحقهم، يفتري عليهم لا يعبأ، لا يفكر أن هناك يوماً يحاسب فيه.
﴿ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى ﴾
قال فرعون.
﴿ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي ﴾
هؤلاء الذين يتحركون ليبالغوا في الإساءة لخلق الله عز وجل يرتكبون أكبر الكبائر.
﴿ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ﴾
صحفي ذكرتها لكم اقترح أن تضرب الكعبة في موسم الحج رداً على ضرب الأبنية في أمريكا، هذا الصحفي دخل إلى مستشفى مشلولاً، والطبيب سوري، أمن مكر الله، وكل إنسان يأمن مكر الله يقترف أكبر الكبائر.
أمثلة أخرى عن الكبائر :
قال:
﴿ وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً ﴾
عقوق الوالدين من أكبر الكبائر، ورد في الأثر: ليعمل العاق ما شاء أن يعمل فلن يغفر له، هذه الأم التي جعل الله قلبها آية من آياته الدالة على عظمته بذلت لك كل شيء، أنت تقابلها بكفر النعمة، بالعقوق.
﴿ وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا ﴾
أن تقتل مؤمناً متعمداً فأنت في جهنم إلى أبد الآبدين، من أكبر الكبائر.
﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾
أن تفتري على امرأة شريفة طاهرة، أن تشيع عنها فاحشة هي بريئة منها، وقد ورد في الأثر:
(( قذف محصنةٍ يهدم عمل مئة سنة ))
امرأة بريئة طاهرة، تفتري عليها كي يطلقها زوجها، تفتري عليها كي تأخذ من مالها، تبتزها، لذلك من الكبائر قذف المحصنات، هذا الذي يقذف المحصنات لا تقبل له شهادة أبداً، ويجلد ثمانين جلدة، وثمة قصة تروى؛ أن امرأة تغسل ميتاً من النساء، لعلها اتهمتها في نفسها بالزنى، فلصقت يدها بجسمها في عهد الإمام مالك، فقال: اجلدوها ثمانين جلدة، في الجلدة الثمانين فكت يدها منها.
أكل مال الربا والفرار من الزحف من أكبر الكبائر :
قال:﴿ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ﴾
أكل مال الربا من الكبائر، لأنك إذا أكلت الربا جعلت المال يلد المال، وإذا ولد المال المالَ تجمعت الأموال في أيدي قليلة، وحرمت منها الكثرة الكثيرة، كل شقاء البشر من الفرق الهائل بين أناس قلة يملكون تسعين بالمئة من ثروات العالم، وبين الكثرة الكثيرة التي لا تملك إلا عشرة بالمئة، مشكلات الأرض الآن ما هي؟ فئة قليلة تملك ثروات الأرض تعيش في بحبوحة ما بعدها بحبوحة، لكن هؤلاء الذين أقلقوهم أذهبوا سعادتهم، لأنهم يبذلون حياتهم في سبيل الله عز وجل، أقلقوهم، الفرار من الزحف من أكبر الكبائر.
﴿ وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾
الفرار من الزحف من أكبر الكبائر.
أكل مال اليتيم والزنى وكتم الشهادة من الكبائر :
قال تعالى:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً ﴾
أكل مال اليتيم الذي ينبغي أن تنفعه، ينبغي إذا اتجرت بماله ألا تأخذ شيئاً، وإن كنت غنياً ينبغي أن تستعفف، وإن كنت فقيراً فخذ بالمعروف، والمعروف أجر المثل، أو حاجتك أيهما أقل، أما هذا الذي يأكل أموال اليتامى ظلماً:
﴿ إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً﴾
والزنى:
﴿ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً* يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً ﴾
والزنى من الكبائر، وكتم الشهادة من الكبائر.
﴿ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ ﴾
ركب شخص مركبة، فوقع في حادث وقتل طفلاً، وأنت شاهد أن هذا الطفل قفز إلى أمام السائق، والسائق يمشي الهوينى، بسرعة نظامية معتدلة، ولم يخالف قوانين السير، طُلِبت إلى الشهادة فرفضت وأنت الشاهد الوحيد، يمكن أن يُتَّهم هذا السائق، وأن تُدمَّر حياته، إذا كتمت الشهادة كان كتمك هذا من الكبائر، لا أحد يشهد معك إذا ثمة مشكلة.
﴿ وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا ﴾
الذي يأبى أن يشهد وقع في كبيرة.
إعانة الظالم على ظلمه والفتوى بخلاف ما تعلم من الكبائر أيضاً :
قال:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ ﴾
أي له مكانة دينية، أصدر فتوى إرضاء لجهة قوية، وهو يعتقد اعتقاداً جازماً أنها غير صحيحة، لذلك أحد علماء بلد إسلامي له شأن كبير، وكان يعتلي أعلى منصب ديني في بلده، وهو في النزع الأخير على فراش الموت رفع يديه إلى السماء، وقال: يا رب أنا بريء من كل فتوى أفتيتها في المصارف، أنت حينما تفتي بخلاف ما تعلم إرضاء لقوي فقد ارتكبت أكبر الكبائر، وجعلت جسمك جسراً إلى جهنم، لذلك كلما كنت جباناً في الفتوى كنت أقرب إلى الله، فإياك أن تفتي:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ ﴾
من أعان ظالماً، ولو بشطر كلمة، والله عند بعض العلماء لو قدمت له ليوقع فقد شاركته في إثم هذا التوقيع، لو سألك: هل هذا صحيح؟ فقلت: نعم، لا بد أن تفعل هذا، وأنت لست مقتنعاً بهذا العمل إرضاء له، دخلت في إثم هذا الظلم.
﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾
الغلول وترك الصلاة من الكبائر :
من الكبائر:
﴿ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾
الغلول أن تأخذ شيئاً قبل توزيع الغنائم في الحرب، في السلم يموت الأب، ويترك ميراثاً، الأخ الأكبر يأخذ أشياء قبل تقسيم الإرث، السجادة من رائحة والدي، هذا غلول، الشيء الذي يأخذ قبل توزيع الإرث هو من الغلول، الغلول من الكبائر، (وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)، (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ).
﴿ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ﴾
ما الذي أوصلكم إلى النار قالوا:
﴿ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ﴾
ترك الصلاة من أكبر الكبائر.
الإنسان حينما يعصي الله يختل توازنه :
قال تعالى:
﴿ الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ ﴾
إنسان له مرجع ديني، والمرجع الديني واضح، سليم العقيدة، والتوجيه سليم، فأنت تسلية فقط سودت له هذا المرجع، فقطعته عنه، أن تقطع ما أمر الله به أن يوصل هذا من الكبائر، شاب ملتزم بمسجد يغض بصره، يضبط لسانه، يصلي وقته، يصوم شهره، يقوم الليل، معجب بالمسجد، معجب بأخوانه المؤمنين، له قريب فاسق كذاب، يسوِّد له هذه المرجعية، فالشاب ترك الجامع وفلت، وتبع المعاصي والآثام، ماذا فعلت أنت؟ أنت قطعته عمن يجب أن يصل به:
﴿ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ ﴾
هناك أشخاص سبحان الله لا همَّ لهم إلا أن يهزوا هؤلاء المُثل عند أتباعهم، طبعاً بالباطل لا بالحق، ذلك أن الإنسان حينما يعصي الله يختل توازنه، ويستعيد هذا التوازن لو أطاع الله، ويستعيده لو التف بالطيبين الصادقين، فإذا عصى الإنسان الله عز وجل يختل توازنه، فحتى يرتاح لا يترك أحداً من شره، هذا كذاب، هذا دجال، هذا لا تصدقه، هذا يده غير نظيفة، هذا الله أعلم، دائماً يطعن، طعان قناص، هو يطعن ليرتاح، هو اختل توازنه، فكل صالح يطعن في صلاحه، كل مستقيم يطعن في استقامته، وكل ورع يطعن بورعه، لذلك الأنبياء ما نجوا من هذا.
﴿ وَمَا أَنتَ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا ﴾
تريد أن تتفضل علينا، أنبياء معصومون ومع ذلك ما نجوا من تهم أعداء الله عز وجل.
الكبائر بالاستغفار والتوبة تنقلب إلى صغائر والصغائر بالإصرار تنقلب إلى كبائر :
أيها الأخوة، الكبائر بالاستغفار والتوبة تنقلب إلى صغائر، والصغائر بالإصرار تنقلب إلى كبائر:
﴿ إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ ﴾
هذه السيئات كلها التي ذكرتها توعد الله عليها بالنار أو باللعن.
﴿ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ ﴾
في السنة:
(( لَيْسَ مِنَّا مَنْ خَبَّبَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا ، أَوْ عَبْدًا عَلَى سَيِّدِهِ ))
فكلمة (ليس منا) كلمة:
﴿ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ ﴾
﴿ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً ﴾
الشيطان يزين للإنسان الكفر :
هذه كلها تشير إلى أن هذه المعصية كبيرة، وثمة معاص صغيرة، من فضل الله، ومن رحمته، ومن توبته على عباده أن الصلوات الخمس تكفر ما بينها، والجمعة إلى الجمعة تكفر ما بينهما، طبعاً إذا اتقيت الكبائر، ورمضان إلى رمضان يكفر ما بينهما، فـ:
((كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون))
أي مخالفة بسيطة لم يقصدها، ولم يصر عليها، وتاب منها سريعاً، واستغفر الله، فإن الله غفور رحيم، وأكبر مشكلة يعانيها المسلمون أنهم محجوبون عن الله لا بكبائر يرتكبونها بل بصغائر أصروا عليها، كل الأجهزة معطلة، لا لمسافة قطع طويلة، بل لمسافة قطع صغيرة، لكن الجهاز تعطل، التيار انقطع فتوقف الجهاز، من هنا قال عليه الصلاة والسلام:
((إن الشيطان قد يئس أن يعبد في أرضكم، ولكن رضي فيما دون ذلك مما تحقرون من أعمالكم ))
بالمناسبة كنت أقول دائماً: الشيطان يزين لك الكفر، فإن رآك على إيمان يزين لك الشرك، فإن رآك على توحيد يزين لك البدعة، فإن رآك على سنة يزين لك الكبيرة، فإن رآك على طاعة يزين لك الصغيرة، فإن رآك على ورع بقي معه ورقتان رابحتان، يزين لك التحريش بين المؤمنين، لا ينجو أحد من لسانك، قناص، تتهم كل إنسان، لا تحسن الظن بإنسان، هذا من وسوسة الشيطان، فإن رآك على حذر بقيت معه ورقة رابحة؛ المباحات، تبالغ في المباحات حتى تشغلك عن طاعة الله وعن اليوم الآخر.