وضع داكن
25-04-2024
Logo
العقيدة والإعجاز - مقومات التكليف - الدرس : 35 - قضايا الإيمان -2- حقائق الإيمان - عبادة التفكر
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.

 

الأعمال الإرادية و اللإرادية في حياة الإنسان:

أيها الأخوة الأكارم، مع الدرس الخامس والثلاثين من دروس العقيدة والإعجاز، ونحن في موضوعات نشرح قضايا الإيمان

أول حقيقة الإنسان يقوم بأعمال إرادية بإرادته، باختياره، وهناك أعمال تجري في جسمه لاإرادية، ضربات قلبه لاإرادية، تنفسه في الليل لاإرادي، عمل الأجهزة لاإرادي، الله عز وجل لكرمه وحكمته أعفانا من آلاف الأعمال ضمن الجسم، الهضم، والتمثل، ووظائف هضمية وتنفسية وكيماوية لا تعد ولا تحصى كلها أعمال لاإرادية، أنت تأكل وانتهى الأمر، أما الطعام انتقل من مكان لمكان بعد المعدة انتقل إلى الاثني عشر، الصفراء صبت بعض مفرزاتها، البنكرياس صب، الكبد عمل، هذا شيء أعفاك الله منه، لو كلفك أن تقوم به تحتاج أربع خمس ساعات بعد الطعام للهضم، لو كلفك تقوم بضربات القلب يجب ألا تنام، تنام تموت، لو كلفك بالتنفس شيء لا يحتمل، التنفس، ضربات القلب، الهضم، أعمال لا تعد ولا تحصى لاإرادية أعفاك الله منها، لكن لك أعمال إرادية تختارها أنت.

ما من حركة يتحركها الإنسان إلا وراءها رؤيا والرؤيا يرافقها الميل والحب:

السؤال الآن كيف تختار العمل ؟ لماذا ذهبت إلى فلان، لماذا لبيت هذه الدعوة، لماذا أقمت دعوى على فلان ؟ لماذا سافرت إلى هذا المكان؟ لماذا تزوجت هذه المرأة؟

لماذا تكلمت كلاماً بخلاف الواقع ؟ هناك أعمال إرادية هذه الأعمال الإرادية ما الباعث لها ؟ الباعث لها رؤيا، يعني السارق ماذا رأى ؟ رأى أنه إذا سرق سيأخذ مالاً وفيراً بلا جهد، ويظن أنه أذكى من كل من حوله وغاب عنه أنه بعد حين يصبح في قبضة العدالة ويحاسب حساباً عسيراً.
العمل قبله في رؤيا والعمل يرافقه ميل، رؤيا وميل، والميل متعلق بالرؤيا، البطولة أن تكون الرؤيا صحيحة، فكل إنسان يغش المسلمين ماذا رأى ؟ عندما يبيع بضاعة بلصاقة من دولة كبيرة جداً ومتفوقة جداً يأخذ ضعف ثمنها استطاع أن يقنع الناس أن هذه البضاعة صنع الدولة الفلانية بلصاقة وضعها على هذا القماش، طبعاً هناك لصاقات عن طريق المكواة تصبح صنع فرنسا (( Made in France، والقماش من أسوأ أنواع الأقمشة، هذا الذي غش ما الذي رأى ؟ رأى أن الغش عمل ذكي وفيه دخل كبير.
صدقوا أيها الأخوة، ما من حركة تتحركها، ما من موقف تقفه، ما من كلام تقوله، ما من ابتسامة تبتسمها، ما من تجهم تتجهمه، ما من صوت ترفعه، ما من مودة تظهرها إلا وراءها في رؤيا والرؤيا يرافقها الميل والحب، هذه الحقيقة الأولى.

أعظم عطاء إلهي للإنسان أن يملك رؤيا صحيحة:

الآن من هو المؤمن ؟ الذي صحت رؤيته، أعظم عطاء إلهي أن تملك رؤيا صحيحة، المرابي، على الآلة الحاسبة أقرض هذا المليون سيأتيه مليون و مئتي ألف أما بالقرآن:

﴿ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا (276) ﴾

(سورة البقرة:276)

الله عز وجل إن صحّ التعبير خياراته في معاملات خلقه لا تعد ولا تحصى، ينتظرك لتجمع أموالاً طائلة ثم يتلفها في حريق، ينتظرك لتجمع أموالاً طائلة فتؤخذ منك مصادرة لخطأ ترتكبه دون أن تنتبه، أنت في قبضة الله، أنا الذي أراه بطولة المؤمن، عظمة المؤمن إن صحّ التعبير أنه يملك رؤيا صحيحة، لا يوجد بحياته مفاجآت، لا يوجد دمار، لا يوجد عمل ينهيه لأنه يرى أن طاعة الله خير كلها.

(( استقيموا ولن تحصوا ))

[ ابن ماجه عن ثوبان ]

يرى أنه إذا وقف عند حدود الله ضمن السلامة، وأنه إذا فعل الخير ضمن السعادة، وانه إذا ربى أولاده ضمن المستقبل، رؤيته صحيحة، لذلك أيها الأخ الكريم أنت حينما تأتي إلى بيت من بيوت الله كي تتعلم، أنت تقوم بأعظم عمل تقوم بعمل، اسمه في عالم الاقتصاد استثماري تستثمر هذه الساعة كي تعرف الحقيقة، كي تتحرك في اليوم التالي وفق ما سمعت، يعني معظم الناس يُدمرون بفعل وراءه رؤيا خاطئة، أحياناً الإنسان يفكر بعيداً عن منهج الله بل إني أقول إن كل إنسان لا يدخل الله في حساباته هو من أغبى الأغبياء، ومن أحمق الحمقى، لأن القوى المطلقة في الكون التي بيدها كل شيء تجاهلها وتوهم نفسه قوياً وأخذ ما ليس له، فجاء العقاب الأليم لذلك أنت حينما تحضر درس علم تتعلم فيه أحكام هذا الدين العظيم، أنت تضمن سلامتك وسعادتك في الدنيا والآخرة.

 

ما من خروج عن منهج الله إلا بسبب الجهل لأن الجهل أعدى أعداء الإنسان:

أنا يمكن أن أطرح عليكم آلاف المشكلات المهلكة سببها جهل، أنا أذكر أن أول خطبة ألقيتها في هذا المسجد عام أربع وسبعين، انتهيت من الخطبة التقى بي إنسان في صحن المسجد وصار يبكي بالخامسة والخمسين، سألته عن السبب، قال زوجتي تخونني، قلت له: مع من ؟ قال: مع جاري، كيف عرفها جارك ؟ قال: مرة زارني الجار، وأنا أشفقت عليها أن تبقى وحدها في غرفتها، فدعوتها إلى أن تسهر معنا، يبدو لفتت نظره كان ودوداً في غياب زوجها، طرق الباب فتحت له، بدأت المشكلة، لو حضر درس علم واحد ويعلم أحكام الشريعة ما فعل هذا،قصص كثيرة جداً، أرى أنه ما من مصيبة على وجه الأرض من آدم إلى يوم القيامة إلا بسبب خروج عن منهج الله، وما من خروج عن منهج الله إلا بسبب الجهل، والجهل أعدى أعداء الإنسان، وأزمة أهل النار في النار هي الجهل:

﴿ وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (10) ﴾

( سورة الملك ).

في رؤيا، تحضر إلى هنا من أجل أن تصح رؤيتك، تحضر إلى هنا من أجل أن ترى الحق حقاً والباطل باطلاً، تحضر درس العلم من أجل أن ترى منهج الله هو الطريق الأمثل والموصل إلى السلامة والسعادة، لكن الله عز بكرمه وفضله أعاننا، كيف أعاننا ؟ حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، الإنسان إذا عمل عملاً صالحاً يشعر براحة نفسية، يشعر بتألق، بسعادة، فإذا عمل عملاً سيئاً يشعر بقلق، من أين جاء القلب ؟ هو أن فطرة الإنسان متوافقة توافقاً تاماً مع منهج الله، فأي شيء أمرك الله أن تفعله برمجك على محبته، وأي شيء نهاك الله أن تفعله برمجك على بغضه، لذلك في فندق بألمانيا كتب على السرير إذا لم تنم هذه الليلة فالعلة ليست في فراشنا إنها وثيرة ولكن العلة في ذنوبك إنها كثيرة.

 

أشقى الناس من بنى عمله على إيذاء غيره:

الإنسان مهما كان منحرفاً حينما يعصي الله يشعر بضيق بقلق، لذلك الذين يبنون عملهم على إيذاء الناس، وعلى نهب أموالهم، وعلى إلقاء الرعب في قلوبهم، هؤلاء أشقى الناس في بيوتهم، اختل توازنه بفطرته يدرك أنه يبني عمله على إيذاء الناس، أو على إلقاء الرعب في قلوبهم، أو على ابتزاز أموالهم، في حساب دقيق حساب الفطرة، أخ روى لي قصة: في لبنان إنسان يقود مركبة بعد الساعة الثانية ليلاً يبدو آب في الصيف أرسل رجل ابنه ليشتري له حاجة من السوق فدهس هذا الطفل، ومات فوراً والساعة الثانية ليلاً وما من أحد، سُجل هذا الضبط ضد مجهول، والذي دهس هذا الطفل نجا من أي عقاب من قبل الدولة، أكثر من أربعين يوماً ما استطاع أن ينام الليل، ثم ذهب إلى طبيب نفسي وحدثه عما جرى فقال له لابدّ من دفع الدية لأهله من أجل أن تنام، في حساب دقيق لأن الله:

﴿ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمْ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمْ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ (7)﴾

(سورة الحجرات)

من صحت رؤيته صحت عقيدته و من فسدت رؤيته فسد عمله:

أيها الأخوة، نحن في أمس الحاجة إلى أن تصح رؤيتنا، إن صحت رؤيتنا صح عملنا، وإن فسدت رؤيتنا فسد عملنا، وينبغي أن تصحح رؤيتنا من خلال الكتاب والسنة، مثلاً قال تعالى:

﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71) ﴾

( سورة الأحزاب)

هل ترى أنت أن طاعة الله وطاعة رسوله هو الفوز العظيم ؟ قد تعرض عليك صفقة أرباحها فلكية، لكن البضاعة محرمة أو مفسدة أو تسهم في إفساد المجتمع أحياناً، أنت حينما تركلها بقدمك وتستغني عن كل هذا الربح معنى ذلك أن رؤيتك صحيحة وأن رؤيتك متطابقة مع منهج الله، وحينما ترى أن هذا المال الوفير لن تستطيع أن تفوته وأن الله غفور رحيم، هذه بلوى عامة، الإنسان لما يرتكب معصية يفلسفها، يعطيك فلسفة لا تقبل عند الله إطلاقاً، فحينما يأتي العقاب الإلهي تأتي المعالجة الإلهية يندم أشد الندم، لذلك الحديث الشريف:
(( مَنْ أَحَبَّ لِلَّهِ، وَأَبْغَضَ لِلَّهِ، وَأَعْطَى لِلَّهِ، وَمَنَعَ لِلَّهِ فَقَدْ اسْتَكْمَلَ الْإِيمَانَ ))

[ أبو داود عَنْ أَبِي أُمَامَةَ]

تحب وفق منهج الله. 

الحب في الله عين التوحيد والحب مع الله عين الشرك:


هناك حب مع الله، و حب في الله، الحب في الله عين التوحيد والحب مع الله عين الشرك

الحب في الله أن تحب رسول الله فرع من محبة الله، أن تحب أصحابه جميعاً فرع آخر من محبة الله، أن تحب التابعين وتابعي التابعين والعلماء العاملين والفقهاء والعلماء الربانيين، أن تحبهم جميعاً أن تحب أهلك:

(( الحمد لله الذي رزقني حب عائشة ))

[ ورد في الأثر ].

أن تحب زوجتك هذا فرع من محبة الله وفق منهج الله، هذه التي أكرمك الله بها، هذه التي أمرك الله أن تكرمها.

(( أكرموا النساء، فو الله ما أكرمهن إلا كريم، ولا أهانهن إلا لئيم، يغلبن كل كريم، ويغلبهن لئيم، وأنا أحب أن أكون كريماً مغلوباً من أن أكون لئيماً غالباً ))

[ ورد في الأثر ].

من أحبّ لله جاءت رؤيته متوافقة مع مقاييس القرآن الكريم:

أيها الأخوة، من أحب لله، من أبغض لله، من أعطى لله، من منع لله، من وصل لله، من قطع لله، يعني جاءت مقاييسه، جاءت رؤيته متوافقة مع مقاييس القرآن الكريم، يا أخي عندنا قضية إذا تعارض حُبان ماذا نفعل ؟ الإنسان دائماً يتبع الحب الأقوى، يعني شاب عصامي، والده فقير، دخل إلى المدارس، دخل جامعة، كل طموحه ومستقبله أن ينال شهادة عليا يتعين بها بمنصب رفيع، له دخل وفير يحقق له زواجه وشراء بيت ومكانة اجتماعية مرموقة، هذا الشيء يحبه كثيرة، يكون له مستقبل، يكون شيئاً مذكوراً، يكون له مكانة، دخله معقول، حاجاته مؤمنة، هذا شيء أحبه هذا الشاب كثيراً، تصور مستقبلاً يحمل دكتوراه، له بيت فخم، سيارته على الباب، زوجته كما يتمنى، مثقف ثقافة عالية، مكانته الاجتماعية عالية، هناك أشياء أخرى يحبها أن يسهر مع أصدقائه، أن يذهب إلى النزهات، أن يأكل أطيب الطعام، حبه لمستقبله يغلب عليه يعتذر عن آلاف الدعوات وعن آلاف السهرات وعن آلاف الأشياء الممتعة، حبه لمستقبله المتألق أكبر من حبه لهذه اللذائذ الطارئة والتي تزول بعد انتهائها.

الآن النوم محبب لكن حبّ الله أكبر، فيستيقظ المؤمن أحياناً في الصيف الثالثة والنصف (الفجر)، نائم الساعة الواحدة، ساعة ونصف يستيقظ يغلب عليه حب الله، أحياناً دخله محدود يحب الله كثيراً فيدفع جزءاً منه صدقة، هذا المال الذي دفعه هو بحاجة إليه ويحب المال، المؤمن وأي إنسان يحب المال لكن حبه لله غلب عليه فأنفق هذا المال، لذلك إذا تعارض حُبان المؤمن في الأعم الأغلب يتبع الحب الأقوى، الأقوى أن يحب الله وهذا معنى الآية الكريمة:

﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41) ﴾

( سورة النازعات)

هناك هوى وهناك طاعة لله، والآية الكريمة:

 

﴿ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ ﴾

( سورة القصص الآية: 50 ).

﴿ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ ﴾

( سورة القصص الآية: 50 )

ضرورة الإيمان في حياة كل إنسان:

أيها الأخوة، لماذا الإيمان ضروري جداً ؟ عامة الناس تكون صحته جيدة في مقتبل حياته، له عمل تجاري كبير، دخله كبير، ما عنده مشكلة أبداً، لا يشعر بحاجة إلى التدين، يشعر بحاجة إلى السرور، إلى الراحة يسهر، يسافر، صلواته ضعيفة، أذكاره قليلة، لكن يستمتع بالحياة كما يتمنى، مكان عام فيه طاولات عليها خمر لا يوجد مشكلة، هناك نساء كاسيات عاريات لا يوجد مشكلة، يحب الاستمتاع في الحياة، هذا عنده نقص معلومات كبير لا يشعر بحاجة إلى الدين، ما عنده مشكلة فمثل هذا الوهم سببه الجهل، بأي لحظة الله عز وجل يجعل حياة الإنسان جحيماً لا يطاق، بأي لحظة، خثرة دم لا تزيد عن رأس دبوس تتجمد في أدق الأوعية في الدماغ الإنسان يصاب بالشلل، أو يصاب بالعمى، أو يصاب بفقد الذاكرة، فالإنسان تحت ألطاف الله ، قطر شريانه التاجي سبب نشاطه إذا ضاق قليلاً عملية قلب مفتوح، زرع شرياناً، دخل في متاهة كبيرة، إذا شعر بمكان في جسمه متورم لا ينام الليل لعله ورم خبيث هو الذي يقضي على حياته، الإنسان عنده وهم أحياناً حينما لا يشعر بحاجة إلى الله في أي لحظة أنت في قبضته

ولله على الإنسان ألف سبيل وسبيل، من صحته ممكن، من عمله، من بيته، من زوجته، من أولاده، من الطريق، من حادث سير، حادث سير واحد يجعل حياة الإنسان جحيماً، شاب في مقتبل حياته عمل حادثاً شلّ نصفه السفلي، عمره ست وعشرون سنة، الحياة كلها أخطار من جميع الجهات فالذي يشعر أنه لا يحتاج إلى الدين، أنا أقول لكم هذا شعور معظم الناس، الدليل لا يستقيم، لا يوجد عنده شيء حرام كله مقبول، كله يقول لك عادي، كنا بسهرة عادي، فيها معصية كبيرة، كنا في مكان في معصية أكبر، عادي، ما معنى عادي ؟ شرعي ؟ الآن كلمة مستحدثة يقول لك عادي، تمشي بكل مفاتنها ظاهرة عادي، ما معنى عادي ؟ أنا هذه الكلمة أعجب منها أشد العجب، هذه زوجتك كل مفاتنها ظاهرة في الطريق، عادي، يعني عادي أنت معفى من تطبيق الشرع، ما معنى عادي ؟ هكذا يقول الناس، سآتي بمثل، الآية الكريمة:

﴿ هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمْ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوْا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنْ الشَّاكِرِينَ(22) ﴾

( سورة يونس )

من عرف الله في الرخاء عرفه الله في الشدة:

مرة روى لي أحد الأخوة الكرام كان مضيف في طائرة والطائرة دخلت في سحابة مكهربة، وتحطمت مقدمتها، واختل توازنها، وكان احتمال سقوطها بالمئة تسعة وتسعين، يصف لي الركاب، يضربون وجوههم، يمزقون ثيابهم، يصرخون بويلهم، خرجوا من مقاعدهم، أربكوا الطيار، الطيار غضب غضباً شديداً هو يحتاج إلى هدوء كي يتصرف 

فأمر كبار المضيفين أن يهدئهم قال ما قبلوا، لا أستطيع، قال ابحث عن راكب محترم لينب مكانك، قال رأيت إنساناً قاعداً، هادئاً، هذا أفضل شخص، اقترب منه مغمى عليه، هذا الوحيد، الإنسان أحياناً يكون بظرف صعب كثير أنت في قبضة الله، لاحظ ولا أبالغ إنسان لا يصلي، تركيا أصيبت بزلزال يقسم ليس أحد الأخوة الكرام الظهر يوجد في الجامع سبعة أو ثمانية، صف أو صفان، بصلاة الظهر في المساجد الحرم ممتلئ والصحن ممتلئ والصلاة على الرصيف بعد الزلزال، شيء مخيف، أبداً أي إنسان حينما يشعر بالخطر يصلي الآن عرف الله، لكن البطولة أن تعرفه وأنت صحيح معافى، البطولة أن تعرفه وأنت شاب، أن تعرفه وأنت قوي، أن تعرفه وأنت غني، أن تعرفه وليس عندك مشكلة لكن أي إنسان.
حدثني أخ طائرة ذاهبة إلى موسكو عليها خمسة خبراء روس هؤلاء ملحدون جميعاً، أيضاً كانت على وشك السقوط، هؤلاء الخبراء الملحدون توجهوا إلى الله عند الشدة، الإنسان بالشدة يعرف الله عز وجل، لذلك إن عرفت الله في الرخاء عرفك في الشدة، اعرفه في الرخاء، أنا بصراحة أحياناً آتي لهذا الدرس أرى أمامي شباباً والله أُكبرهم وأُقدرهم وأُحبهم، شاب لا يشكو من شيء لكن يريد أن يعرف الله، يريد أن يستقيم على أمره، يريد أن يعرف منهجه، هذه بطولة، أنت صحيح معافى أما أي إنسان أصابه مرض عضال سيتوب وسيصلي وسيقرأ القرآن بشكل عجيب.

من شعر أنه لا يحتاج إلى الله تعالى ابتعد عنه:

أيها الأخوة، الفكرة الثانية إياك أن تتوهم أنك لست بحاجة إلى الله، لكن مع الأسف الشديد البلاد التي فيها شدة شديدة، وضغوط كثيرة، ومصاعب، ومشكلات، وعقبات، وفرص عمل قليلة، أسعار البيوت غالية جداً، والزواج شبه مجمد، هذه البلاد ترى إقبال الناس على المساجد عجيب، هذه الشدة دفعتهم إلى باب الله، تذهب إلى بلاد غنية جداً، دخول فلكية، كل شيء ميسر، برمضان يلتقي في الجامع سبعة أشخاص، يحس معظم الناس أن الدين ليسوا بحاجة له، دخل وسيارة، في بلاد البنزين بمئة ليرة، بنزين رخيص، الطعام رخيص، الأمور ميسرة، كل شيء مؤمن، هناك متع لا تعد ولا تحصى من كل النواحي فكلما شعرت أنك لا تحتاج إلى ربك تبتعد عنه، الدليل:

﴿ كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى (7) ﴾

( سورة العلق )

من شأن الإنسان الغافل أنه يطغى إذا رأى نفسه مستغنياً عن الله عز وجل.

 

حاجة الإنسان إلى الأمن و الرضا تدفعه إلى الإيمان:

شيء آخر الإنسان لماذا يقبل على الدين ؟ هناك نقطة دقيقة جداً، الحقيقة أن الدين يحقق حاجاتك الأساسية، ما هي أكبر حاجة لك ؟ الحاجة إلى الأمن، الآن العالم في قلق من ارتفاع الأسعار، قلق من كساد التجارة، قلق من الفقر، قلق من حصار اقتصادي، قلق من حرب عالمية ثالثة، قلق من قصف جوي، قلق من ارتفاع ثمن البترول، المقلقات لا تعد ولا تحصى، الإنسان حينما يؤمن بالله، الله وعده بالأمن:

﴿ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (81) الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (82) ﴾

( سورة الأنعام )

أنت بأمس الحاجة إلى أمن قال تعالى:

 

﴿ أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ ﴾

( سورة قريش )

وأكبر عقاب يعاقب به مجتمع:

 

﴿ وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ ﴾

( سورة النحل )

أكبر عطاء في الدنيا الشبع:

 

﴿ أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ ﴾

( سورة قريش ).

﴿ وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ ﴾

( سورة النحل ).

لذلك حاجاتك الأساسية، الحاجة إلى الأمن، الحاجة إلى الرضا، الحاجة إلى الحكمة، الحاجة إلى السعادة، حاجات لا تعد ولا تحصى كلها تحقق لك بالإيمان.

 

الإيمان مرتبة علمية وأخلاقية و جمالية في الوقت نفسه:

أنت بالإيمان الرابح الأكبر، لكن بشكل أو بآخر، الإيمان مرتبة، مثلاً ممكن تقول فلان دكتور بالرياضيات ولا يعرف جواب ستة في سبعة ممكن ؟

كلمة دكتور في الرياضيات يعني دارس هندسة وجبر ورياضيات حديثة وتقليدية ومعادلات وفلك، دارس أقول مئات الكتب وثلاث وثلاثين سنة مجموع دراسته حتى نال هذه الشهادة، كلمة دكتور مرتبة علمية حتماً، المؤمن مرتبة علمية، ما اتخذ الله ولياً جاهلاً لو اتخذه لعلمه، الإيمان مرتبة علمية والإيمان مرتبة أخلاقية، مستحيل مؤمن يكذب، أو يخون، أو يغش، أو يحتال، أو يمكر، أو يعمل عملاً سيئاً، مستحيل المؤمن مستقيم، فالإيمان مرتبة علمية ومرتبة أخلاقية ومرتبة جمالية، المؤمن يستمتع استمتاعاً خاصاً، أذواقه مقدسة، أذواقه إيمانية، أذواقه فيها طهارة، أذواقه فيها جمال، أحياناً إنسان يجلس بمقهى، لعب الطاولة على أشده، والأغاني تصدح، والنساء الكاسيات العاريات يخطر أمامه، والطاولات في عليها خمر، هذه نزهة ؟ هذه عقاب، النزهة مكان جميل بعيد عن صخب الناس، مناظر جميلة، أمامك أهلك وأولادك، الحركة نظيفة لا في معصية، لا في إثم، فالمؤمن جمالياته راقية جداً، حتى احتفالاته راقية، حتى أفراحه راقية، حتى أحزانه راقية، حتى نشاطه راقية، حتى علاقاته راقية، ما في سقوط هو بالأفق الأعلى، فإذا قلت مؤمن يعني الإيمان مرتبة أخلاقية ومرتبة علمية ومرتبة جمالية.

الإيمان هو الانضباط وفق منهج الله عز وجل:


أيها الأخوة، نحن أمام حقائق، حقيقة الإيمان أنك عرفت الله لا يكفي، وأقبلت عليه، عرفته و أقبلت عليه لأن الكفر تكذيب وإعراض، أحياناً أستاذ يقف أمام الطلاب، ضخم الجثة، صوته جهوري، يملأ الصف صوتاً عالياً، وأمام الطلاب يتحرك يكتب على السبورة يشرح، يسأل يجيب، وهناك طالب لا يعبأ بالعلم إطلاقاً يذهب إلى المدرسة خوفاً من والده، يتلهى برسم أشياء لا معنى لها أثناء الدرس، هذا الطالب أليس مؤمناً بوجود المدرس ؟ مؤمن، يملأ الصف صوتاً و صياحاً وضجيجاً وحركة وكتابة لكن إعراضه عن هذا المدرس نوع من الكفر، ليس معنى الكفر أن تنكر وجود الله، لا، ألا تعبأ بمنهجه، ألا تعبأ بأمره ونهيه، ألا تعبأ بالعبادات التي أمرك بها، ألا تعبأ بالحلال والحرام، تجد المقصر في الدين يأكل ما يشتهي، يلتقي مع من يشتهي، يأخذ ما يشتهي، ما في عنده قيود، غير منضبط، متفلت، فلذلك حقيقة الإيمان هي الانضباط حقيقة، الإيمان الانضباط وفق منهج الله عز وجل.

الله عز وجل أعطى كل إنسان عقلاً لمعرفته و قلباً لمعرفة الخطأ:

 

أيها الأخوة، هناك شيء آخر: الله عز وجل جعل هذا القلب قلب النفس قال تعالى:

﴿ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا ﴾

( سورة الحج الآية: 179 ).

وجعل الفكر كآلة حاسبة جهاز في خدمتك فالقلب يتصل بالله، القلب يسمو، القلب يطهر، القلب يرقى، القلب يتفوق، ومعه جهاز يستعين به، يتفكر بشيء، الله عز وجل أعطانا عقلاً، وأعطانا قلباً، وجعل العقل لمعرفة الله، وجعل القلب لمعرفة الخطأ، فأنت تعرف الله عز وجل بعقلك من خلال الكون، وتعرف خطأك بفطرتك من خلال القلب، هذا العمل أزعجني، هذا العمل جعلني في انقباض، ما كنت مرتاحاً له، إذاً الأمور في قلبك وعقلك وتصوراتك وإقبالك وإدبارك واضحة جداً، الإيمان أكبر ثروة تملكها أيها الإنسان أنك مؤمن، والإيمان مرتبة علمية، مرتبة أخلاقية، ومرتبة جمالية.
أيها الأخوة، الإيمان كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: 

(( إِنَّ الْإِيمَانَ قَيْدُ الْفَتْكِ، لَا يَفْتِكُ مُؤْمِنٌ )) 

[ مسند أحمد عن ابن الزبير ]

الإيمان لجام، الإيمان مكبح، الإيمان حاجز يحجزك من أن تقع في ورطة كبيرة الإيمان حارس.
يا بني، العلم خير من المال، لأن العلم يحرسك، وأنت تحرس المال، والمال تنقصه النفقة، والعلم يزكو على الإنفاق، يا بني، مات خزان المال وهم أحياء، والعلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة، وأمثالهم في القلوب موجودة.
أيها الأخوة الكرام، الإيمان الإيمان، الإيمان يحتاج إلى حضور دروس علم، يحتاج إلى أداء عبادات، يحتاج إلى قراءة قرآن، يحتاج إلى ذكر حتى ينمو هذا الإيمان في القلب فإذا نما في القلب صار حارساً لك، صار دافعاً لك للأعمال الصالحة، الحقيقة ثمار الإيمان لا تعد ولا تحصى، يكفي أن تقول فلان مؤمن.

التفوق و التطرف:

أيها الأخوة الكرام، دائماً وأبداً أقول الإنسان عقل يدرك، وقلب يحب، وجسم يتحرك، وغذاء العقل العلم، وغذاء القلب الحب، وغذاء الجسم الطعام والشراب، التفوق هو أن تلبي حاجات العقل والقلب والجسم معاً، و التطرف أن تلبي واحدة وأن تهمل ما تبقى، وفرق كبير بين التفوق وبين التطرف، لكن هذا الدين من عند الله، من عند خالق السماوات والأرض. 

عبادة التفكر:

هذا الكون المترامي الأطراف حتى الآن لا أحد يعلم نهايته، أنت بعينيك ترى عشرة آلاف نجم تقريباً، أما عدد المجرات ثلاثة آلاف مليون مليون، في أرقام عديدة ومنوعة لكن شيء لا يصدق وكل مجرة فيها مليون مليون نجم، وكل هذه الكواكب والنجوم تتحرك بنظام دقيق.

أيها الأخوة، في هذه الدقائق المتبقية أريد أن أضع يدي على عبادة غفل عنها الناس كثيراً، ماذا فعل النبي عليه الصلاة والسلام في مكة المكرمة ثلاث عشرة سنة ؟ ماذا فعل، اقرؤوا السور المكية:

﴿ وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1) وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا (2) وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا (3) وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا (4) وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا (5) وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا (6) وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) ﴾

( سورة الشمس )

﴿ وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2) وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (3) وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ (4) هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ (5) ﴾

( سورة الفجر )

اقرؤوا السور المكية ترونها طافحة بالآيات الكونية لماذا الآيات ؟ للتفكر، أنا أشعر أن هذه العبادة التي تسمى عبادة التفكر كأنها معتم عليها، مع أن في القرآن الكريم ما يقترب من ألف آية تتحدث عن الكون، الإنسان يأكل ويشرب ويؤدي العبادات ولا ينتبه إلى هذا الكون العظيم.

معرفة الله تكون من خلال هذا الكون العظيم الذي ينطق بوجود الله ووحدانيته وكماله:

كيف تعرف الله ؟ الله عز وجل قال:

﴿ لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَار ُ﴾

( سورة الأنعام الآية: 103 ).

شيء جميل، كيف نعرفه ؟ جعل لك هذا الكون العظيم الذي ينطق بوجود الله ووحدانية الله وكماله، كل شيء في الكون يدلك على الله لكن بشرط ما لم تتخذ قراراً بالإيمان لن تنتفع بشيء في الكون، أحياناً هناك محطات فضائية، وكالات فضاء كبيرة جداً يرى الموظفون فيها المجرات كل يوم، مجرات بألوان رائعة، يرون خلق الله المعجز، يرونه كل يوم، و هناك مجاهر إلكترونية ترى الخلية، الخلايا، أشياء يصعب أن تتصورها تراها بعينك، فمن كان في هذه المراصد العملاقة أو في تلك المجاهر الإلكترونية وما اتخذ قراراً بالإيمان لا ينتفع بها، ويأتي إنسان ينتفع من جدول مياه يقول الماء يدل على الغدير، والأقدام تدل على المسير، والبعرة تدل على البعير، أفسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، ألا تدلان على الحكيم الخبير ؟ هذا الموضوع أنا أعالجه كثيراً لكن أتمنى في هذا اللقاء أن تعود نفسك أن تفكر، أنت على الطعام في كأس حليب، هل فكرت فيه ؟ بقرة تأكل الحشيش ليس لها صوت، ما في دخان، صامتة تعطيك أربعين خمسين كيلو يومياً، حليب ولبن وسمنة وجبنة، مشتقات الحليب وحدها شيء لا يصدق، وكان عليه الصلاة والسلام إذا شرب الحليب قال: اللهم زدنا منه.

أنت على الطعام كأس الحليب من بقرة تعمل بصمت معمل، قال الخلية الثديية في البقرة على شكل قبة، هذه القبة محاطة بشبكة أوعية دموية كثيفة جداً، الخلية الثديية كأنها عاقل تأخذ من شبكة الأوعية الدموية من الدم الذي يجري فوقها تأخذ حاجتها تأخذ السكر البروتين المعادن أشباه المعادن تأخذ مكونات الحليب:

﴿ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ (66) ﴾

( سور النحل )

في فرث سائل حمض البول هذا الفرث، في الدم حمض بول، مواد سامة، مواد سيئة، هذه الخلية الثديية هي عاقلة ينتقي من الدم وفيه حمض البول:

﴿ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ (66) ﴾

( سور النحل )

الأنعام من آيات الله الدالة على عظمته:

 

الآن اقرأ قوله تعالى:

﴿ وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ (5) ﴾

( سور النحل )

يعني خلقت خصيصاً لكم، أحد العلماء الألمان سبب إيمانه البقرة، يحتاج وليدها إلى كيليين حليب تنتج أحياناً ستين كيلو حليب، معنى هذا الحليب للإنسان، والغذاء الكامل، مشتقات الألبان غذاء يومي، لا يوجد بيت ما فيه قطعة جبن، فيه لبن، فيه لبن مصفى، فيه سمن، هذا كله من مشتقات الألبان: 

﴿ وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ (5) ﴾

( سور النحل )

هذا الموضوع موضوع الأنعام، موضوع الألبان، موضوع مشتقات الحليب، موضوع الخلية الثديية على شكل قبة يجري فوقها شبكة أوعية دموية كثيفة جداً، والخلية الثديية متصلة بالأعلى بهذه الأوعية ويرشح من أسفلها قطرة حليب، تأخذ من الأوعية الدموية حاجتها وتترجم هذه الحاجة إلى قطرة حليب ترشح من جزئها الأسفل هذه القطرة تصب في ثدي البقرة، حتى الآن لا أحد يعلم شيئاً عن آلية هذه الخلايا الثديية، في عقل ؟ كيف تختار هذه الخلية الثديية المواد الأساسية للحليب ؟ مواد كثيرة جداً هناك بروتينات، دسم، سكريات، شحوم، معادن، أشباه معادن، فيتامينات تأخذها وتختارها من بين فرث ودم لتجعلها لبناً خالصاً سائغاً للشاربين، الآن هذا الثدي الكبير له غلاف يحمل أربعين كيلو المفروض أن يتمزق، له جداران متعامدان في الداخل، هذا الثدي الكبير مقسم إلى أربعة أقسام بالتساوي وكل قسم ينتهي بحلمة واحدة، لو أن أربعة أخوة اشتركوا في بقرة إذا حلب كل واحد من حلمة واحدة يأخذ ربع الحليب بالضبط، ثدي كبير في جدارين متعامدين حتى يتماسك الثدي لا يتمزق، وهذه الخلايا الثديية تصب الحليب في هذا الثدي الكبير.

 

التفكر في خلق السماوات والأرض يضع الإنسان وجهاً لوجه أمام عظمة الله:

أيها الأخوة، الحليب آية، أمامك حليب، جبنة، لبن مصفى، لبن طبيعي، هذه المشتقات فكرت فيها، من خلقها ؟ دقق:

﴿ وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ (5) ﴾ 

( سور النحل )

يعني خلقت خصيصاً لكم من أجلكم، فإذا أكلت وشربت وقلت الحمد لله بعد التفكر، الحمد لله لها معنى عميق تصبح، أنا أرى أنت على الطعام عود نفسك تفكر، هذا الطعام، هذا الخبز، هذا الماء العذب الزلال، هذا الحليب، هذا اللبن الذي أمامك، التفكر في خلق السماوات والأرض يضعك وجهاً لوجه أمام عظمة الله، في دليل قرآني في هذا الكلام ؟ الآية:

 

﴿ فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (24) أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا (25) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (26) فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (27) وَعِنَبًا وَقَضْبًا (28) وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا (29) وَحَدَائِقَ غُلْبًا (30) وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (31) مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ (32) ﴾

( سور عبس )

التفكر في مخلوقات الله عز وجل توصل الإنسان إلى الخالق سبحانه:


يا أيها الأخوة، وأنت تأكل، وأنت تركب، مركبتك ثلاثة طن والصعود للأعلى وكلها ركاب مع بضائعهم، ما هذا السائل الذي ينفجر فيحرك هذه الكتلة الكبيرة ؟ أنت لاحظ لو أن مركبة في طريق صاعد خمس رجال أشداء لا يستطيعون تحريكها متر، هذا البنزين أودعه الله في الأرض سائل منفجر ما هذه الطاقة فيه ؟ أنت أمام موضوعات لا تعد ولا تحصى، عود نفسك أثناء الطعام، أثناء السفر، أثناء التأمل في مخلوقات الله عز وجل أن تفكر من أجل أن تصل إلى الله:

﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾

( سورة آل عمران ).

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور