وضع داكن
24-12-2024
Logo
العقيدة والإعجاز - الدرس : 00 - تمهيد للكتاب
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

تمهيد

لماذا خلقنا؟
ما هي وسائل التعرف إلى الله؟
هل العقل يحيط بكل شيء أم أنه محدود؟
ما هي طبيعة الفطرة الإنسانية؟
كيف نجعل الشهوات وسيلتنا للارتقاء في نظر الإله؟
كيف تكون المصائب رحمة؟
ما الذي ينظم العلاقة بين الرجل والمرأة؟
هل الإنسان مخير أم مسير؟
كيف يمكننا إدارة الوقت بشكل حضاري؟
متى يضعف إيمان المرء ومتى يقوى؟
أسئلة كثيرة ومهمة يسألها كل إنسان، ومجموعة محاضرات العقيدة والإعجاز المميزة والتي ألقاها الدكتور محمد راتب النابلسي تجيب عنها وعن الكثير غيرها في كتاب من 1200 صفحة.
هذا الكتاب يتصل بالجانب المعرفي من العبادة، ويلقي الضوء على العقيدة الإسلامية من زاوية جديدة.
لقد حبى الله الإنسان دونا عن جميع المخلوقات بالعقل، والإنسان دونا عن جميع المخلوقات قبل حمل الأمانة التي أشفق من حملها السموات والأرض والجبال، ومن أجل ذلك كلف الإنسان من قبل الإله بالعبادة وعمارة الأرض.
إلا أن لهذا التكليف مقومات وأدوات، يقع في مقدمة هذه المقومات الكون الذي سخره الله للإنسان تسخير تعريف وتكريم والذي لا يختلف على وجوده إثنان.
الكون بسماواته وأرضه، بكل ما فيه مظهر لوجود الله ووحدانيته، وكماله، ومظهر لأسماء الله الحسنى وصفاته الفضلى، هذا الكون هو الثابت الأول في العقيدة، ولو تاه الناس، لو شرد الناس، لو اختلف الناس، لو تمزق الناس، لو تراشقوا تهم التكفير، فهناك شيء ثابت، أن هذا الكون يدل على الله.
ثم يأتي العقل، والإنسانُ العاقلُ يعيش حياةً هادئةً، حياةً فيها سلامةٌ، فيها سعادةٌ، لأنه أخذ ما له، وتركَ ما ليس له، تحرّكَ بحجمِه، بنَى علاقاتِه بوضوحٍ، فأحبّه الناسُ، وكسبَ مالاً حلالاً، وأسّس أسرةً، وربّى أولاده، استعملَ عقلَه في الآخرةِ فكسبَها، واستعملَ عقلَه في الدنيا فربحَها.

إلا أن العقلَ وحْده لا يعدّ مرجعاً لأمورِ الدِّينِ، فكما أنّ العينَ لا يمكنُ أنْ ترى إلاّ بضوءٍ، فالضوءُ يسمحُ للعينِ أنْ ترى الأشياءَ، فكذلك العقلُ يحتاجُ إلى وحيِ السماءِ ليهتديَ إلى الحقيقةِ المطلقةِ .
ثم تأتي فطرة الإنسان كمقوم من مقومات تكليفه، فلقد أودعَ اللهُ في مداركِ الأفكارِ، وفي مشاعرِ الوجدانِ ما تُدرَكُ به فضائلُ الأخلاقِ ورذائلُها، وهذا ما يجعلُ الناسَ يشعرون بقبحِ العملِ القبيحِ، وينفرون منه، ويشعرون بحسنِ العملِ الحسَنِ، ويرتاحون إليه، وبذلك يمدحون فاعلَ الخيرِ، ويذمّون فاعلَ الشرِّ.
فالنفسُ الإنسانيّةُ منذ تكوينها وتسوِيَتِها أُلهِمَتْ في فطرتِها إدراكَ طريقِ فجورِها وطريقِ تقواها، وهذا هو الحسُّ الفطريُّ الذي تدرِكُ النفسُ به الخيرَ من الشرِّ.
إنّ الفطرةَ و العقلَ مَلَكَتَانِ للإدراكِ البشريِّ، وطريقانِ للمعرفةِ الإنسانيّةِ، يكمِّلُ كلٌّ منهما الآخرَ لمعرفةِ الحقِّ والباطلِ، وتمييزِ الخيرِ من الشرِّ، والحسَنِ من القبيحِ.
ولكنّ العقلَ لا يستطيعُ أن يُلزِمَ صاحبَه بالصوابِ، فكم من إنسانٍ يتمتّعُ بأعلى ثقافةٍ، ومع ذلك هو يدخِّنُ، فالمعلومةُ وحْدها لا تكفي، بل لا بد مِن إرادةٍ تدعِّم هذه المعلومةَ.
وأمّا الفطرةُ فقد تُطْمَسُ، وقد تُشَوَّهُ، وقد تمحقُها البيئةُ، ما الذي بقيَ ثابتاً في حياةِ المسلمين ؟ إنه الوحيُ، وحيُ السماءِ.
هذا الوحيُ هو الحقُّ الصّرفُ، وهو الميزانُ، و هو القيمةُ المطلقةُ، فالكتابُ والسنّةُ إن نعتصمْ بهما فلنْ نضلَّ أبداً.
أيضا ركب الله في كيان الإنسان شهوات إلا أن الشهواتُ حياديةٌ، وليست هي سببَ فسادِ العالَمِ، بل إنّ سوءَ استخدامِها هو سببُ فسادِ العالَمِ.
بل أكثر من ذلك يمكن للإنسان أن يتقرب من الله عن طريق الشهوات، فإيّاك أن تتّهِمَ الشهواتِ، فلولاها لمَا ارتقيتَ إلى ربِّ الأرضِ والسماواتِ، ولولاها لمَا دخلتَ الجنّةَ.
ثم يأتي أهم وأخطر مقوم ألا وهو حرية الاختيار، فاللهُ سبحانه وتعالى أعطانا حريةَ الاختيارِ ليثمِّنَ عملَنا، وإلا لمَا كان للعملِ الصالحِ قيمةٌ، ولا للعملِ السيّئِ قيمةٌ، ولما حوسِبَ الإنسانُ على عملِه.
كل هذه المقومات من كون، وعقل، وفطرة، ومنهج، وشهوة، واختيار، كل هذا يتم على مسرح مكاني هو الأرض، وفي ظرف زماني هو العمر، فالعمر رأس مال الإنسان في حياته الدنيا، إذا أنفقه الإنسان في تزكية نفسه كان ثمناً لجنة ربه.
أخيرا هذا الكتاب المهم يطـرح موضوعاته الخطيرة بأسـلوب سـهل مبســط ، ويقـرب أفكـاره إلـى الأذهـان عـن طريـق الربـط بالواقـع وضـرب المثـل، ومما يزيد من أهمية هذه المجموعة من الدروس أنها تظهر في كل فصل من فصولها جانب من جوانب الإعجاز العلمي القرآني، فإذا أردت أن تجول جولة، وترجع، وقد امتلأ قلبك بالإيمان، إن أردت أن تبتعد عن كل هذه الخلافيات في الأرض فحسبكم الكون معجزة، في كل شيء في الكون يدل على الله،

وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد

نص الزوار

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور