وضع داكن
26-04-2024
Logo
دروس جامع الأحمدي - الدرس : 034 - حقيقة صلاة الجمعة
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.

حقيقة صلاة الجمعة:

 أيها الأخوة الكرام, يقول عليه الصلاة والسلام:

((من ترك الجمعة ثلاث مرات, نكتت نكتة سوداء في قلبه ثم يكون الران, وتلا قوله تعالى ﴿كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون﴾))

 من عظمة هذا الدين الكريم: أنه جعل إحدى عباداته عبادة تعليمية.
 يعني: أي مسلم؛ يجب أن تصلي صلاة الجمعة في مسجد, ولا بد من خطبة تسبق هذه الصلاة, لذلك محور هذا الدرس: أنه يمكن أن تصل إلى درجات عليا, لو أنك أديت صلاة الجمعة كما أراد الله, ما الذي يحصل؟.
 قد تدخل إلى المسجد مع صلاة الجمعة, تدرك ركعتين أو ركعة, وتتوهم أنك صليت الجمعة, الحمد لله أدركنا الصلاة, حسناً: هذه الصلاة, أو هذه العبادة التعليمية من أجل الصلاة؟ لا!!! الدليل: حينما قال الله عز وجل:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾

[سورة الجمعة الآية:9]

 افتحوا كل التفاسير:

﴿اسعوا إلى ذكر الله﴾

 ما المقصود بذكر الله؟ قال: سماع الخطبة.
 المقصود بذكر الله: سماع الخطبة, يعني أربع وعشرون ساعة, ضرب سبعة, يعني مئتا تقريباً وثمان وستون ساعة, ساعة من هذه الساعات كلها, هل تستكثر على الله أن تتفرغ ساعة لسماع الخطبة؟.
 هذا الذي يأتي إلى المسجد مع الركعة الأولى, أو مع الركعة الثانية, ماذا حصّل من هذه العبادة؟ لم يحصل شيء. أدق ما في الآية:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾

[سورة الجمعة الآية:9]

 السعي يحتاج إلى همة ونشاط؛ في إنسان يتمشى الهوينى, في إنسان يسعى بكل طاقته, فالآية الكريمة تقول:

﴿فَاسْعَوْا﴾

[سورة الجمعة الآية:9]

 ومن لوازم السعي الاستعداد, الاستعداد لهذه الصلاة من وقت مبكر، ورد في الحديث الصحيح فيما معناه: أنه من حضر الجمعة قبل ساعة, أو قبل خمس ساعات, -القضية الساعة هنا: المرحلة الزمنية- فكأنما قرب بدناً, والساعة الأولى فكأنما قرب بدناً, والساعة الثانية -في مرحلة ثانية- فكأنما قرب بقرة, والساعة الثالثة فكأنما قرب شاة, والساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة, والساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة, فإذا صعد الخطيب المنبر, جلست الملائكة تستمع الخطبة، معناها: ينتهي الأجر مع صعود الخطيب المنبر, أما إذا دخلت إلى المسجد مع الصلاة, صار في وزر, ضيعت بركة هذه الخطبة.
 أيها الأخوة؛ أحياناً الإنسان يستقرب, يقول لك: جانب بيتي, قضية خطبة الجمعة: يجب أن تكون جزء أساسي من حياة المؤمن, لا يختار جامع قريب؛ ليس مقتنعاً بعلمه, ليس مقتنعاً بإخلاصه, لكن: سقط الوجوب وإن لم يحصل المطلوب.
 يعني: إذا أنت دعوت صديق حميم على تناول طعام الغداء, وجاء متناول الطعام أو لا يريد أن يأكل, لكن جاء, تتألم أشد الألم, تريده أن يأكل, تريده أن يتنعم بهذا الطعام الذي جهدت من أجله, فلما الإنسان؛ سبت, أحد, اثنين, ثلاثاء, أربعاء, خميس, منغمس بالدنيا, هذا اليوم يوم العيد, عيد المسلمين, فإذا دخلت إلى المسجد مع انقضاء خطبة الجمعة, ما أصبت شيئاً, لذلك:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾

[سورة الجمعة الآية:9]

 يجب أن تختار إنساناً تثق بعلمه, تثق بإخلاصه, يجب أن تختار مسجداً تستفيد منه, فائدة حقيقية.
 يعني: خرجت من الخطبة بشيء, تعلمت شيئاً شيئاً من كتاب الله, تعلمت شيئاً من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم, تعلمت شيئاً من الفكر الإسلامي, تعلمت شيئاً من هموم المسلمين, تعلمت شيئاً من معالم الطريق إلى الله, تعلمت شيئاً من أبواب الخير, لا بد من أن تسعى إلى ذكر الله.
 النقطة الدقيقة الآن: إنسان حضر خطبة جمعة, وطرب لها, وتأثر بمضمونها, وشعر أنه حصل على شيء, وأنه تعلم شيئاً, وأنه استفاد من شيء؛ هذا الشيء الذي تعلمته, والذي تأثرت به, والذي استفدت منه, ماذا سوف تفعل به هنا؟.
 يقول عليه الصلاة والسلام:

((بلغوا عني ولو آية))

[أخرجه البخاري في الصحيح, والترمذي في سننه]

 أنت عندك الجمعة مساء, والسبت, والأحد, والاثنين, والثلاثاء, والأربعاء, والخميس, في لقاءات على الطعام مع أهلك, في لقاءات مع أخوانك, مع جيرانك, مع زملائك, مع أصدقائك, في سهرة, في وليمة, في تعزية, في تهنئة, في نزهة, في لقاء دوري, دور يسمونه العوام لقاء دوري, في لقاء عابر, في ضيف طارىء, هذه اللقاءات ماذا ينبغي أن يكون الحديث فيها؟.
 النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول:

((بلغوا عني ولو آية))

[أخرجه البخاري في الصحيح, والترمذي في سننه]

 فأنت في خطبة استغرقت ساعة, لا يمكن أن تحفظ منها شيء يسير؟ شرح آية؟ شرح حديث؟.
 الذي أردته في هذا الدرس: أن الله سبحانه وتعالى حينما قال:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾

[سورة الجمعة الآية:9]

 أي: إلى سماع الخطبة.
 الحقيقة: يوجد بدمشق ثلاثمئة وستون مسجداً, يرتادها خمسمئة ألف مصل.
 إنسان يقول لك: يا أخي, ما شاء الله! صحوة إسلامية, لا يوجد محل بالمساجد, كل رواد المساجد, مع كل ازدحامهم على بيوت الله, لا يشكلون عشر سكان دمشق, والتسعة أعشار لا يصلون الجمعة, لا تتوهموا كثيراً.
 يعني: بإحصاء لطيف, كل رواد المسجد يوم الجمعة, وهذا أكثف شيء لا يزيدون عن خمسمئة ألف مصل, وهم لا يزيدون عن عشر سكان دمشق, دمشق فيها خمسة ونصف مليون, العشر يؤدي الصلاة بصلاة الجمعة, معنى ذلك: نحن بحاجة إلى أن نتعلم, ما دام صلاة الجمعة لها هذا الدور.

أحكام فقهية:

((من ترك الجمعة ثلاث مرات, نكتت نكتة سوداء في قلبه))

 إن أردتم مزيداً من أحكام الفقه ......
 لو أنك في قرية ليس فيها مسجد جامع, هل تجب عليك صلاة الجمعة؟.
 الجواب: يجب عليك أن تذهب إلى قرية أخرى, لا تملك وسيلة نقل, مشياً, إذا آوتك الشمس إلى بيتك, تجب عليك صلاة الجمعة, كيف؟.
 يعني: إذا ذهبت مشياً إلى هذا المسجد, إلى أن وصلته مع أذان الظهر, واستطعت أن تعود إلى بيتك مع غروب الشمس, عليك أن تؤدي الصلاة في هذا المسجد, نحن عشرة أمتار في مسجد, عشرون متر في مسجد, يعني هذا عيد المسلمين, من خلال هذه الصلاة تتعرف إلى الله, نافذة وحيدة أسبوعية.
فالحقيقة: الإنسان الجاهل عدو نفسه, والجاهل يفعل في نفسه ما لا يستطيع أن يفعله عدوه به.
 أنا أذكر إنسان مزارع, عنده بيوت محمية للخضروات الموسمية, فاشترى سماد, والتعليمات: أن يضع كيلو في البرميل, فوضع اثنين كيلو, من شدة حرصه على نماء النبات, وعلى أن يعطي الثمار الوفيرة, استيقظ في اليوم التالي: فرأى هذه المحميات كلها سوداء, وقد احترقت, ضاع عليه أربعمئة ألف ليرة محصول هذه البيوت, لأنه سمدها بجهل؛ فعدوك يسرق قسم, عدوك يحتال عليك بالسعر, أما أن تُحرق المحصول كله بجهلك, هذا مثل.
 الجاهل يفعل في نفسه ما لا يستطيع عدوه أن يفعله به.
 وربنا عز وجل حسيب على كل شيء, رقيب على كل مخلوق, فمن أجل أن تعرف الله.
 أنا مرة سألت أخواننا سؤال: متى تعالج جسمك من الضغط المرتفع؟ الضغط المرتفع قد لا تحس به, قد يصل الضغط إلى العشرين زئبقي, دون أن تشعر إطلاقاً, والضغط إذا ارتفع, قد يصيب العين, ويصيب الدماغ.
 يعني: أخطر شيء في الدماغ؛ خثرة بالدماغ, شلل, أو فقد رؤيا على شبكية العين.
 السؤال: متى تعالج نفسك من الضغط المرتفع؟.
 الجواب: إذا علمت أن عندك ضغط مرتفع, قبل أن تعلم لا تعالج.
 حسناً: الإنسان كمؤمن متى يعالج نفسه من أمراضها؟ متى يعالج دخله من الحرام؟ متى يعالج إنفاقه من الحرام؟ متى يعالج بيته من التسيب؟ متى يعالج أهله وأولاده وبناته من التفلت؟ إذا علم أنهن متفلتات, إذا علم أن أولاده منحرفين, إذا علم أن في دخله حرام, أن في إنفاقه حرام, إذاً: لا بد من أن يعلم, العلم طريق أي شيء.
 فالإنسان لا يضن بنفسه على مجلس علم, حتى يعرف موقفه من الحياة, يا ترى أنا على حق أم على باطل؟ أنا في طريق الخير أم في طريق الشر؟ أنا مع السنة أم مع البدعة؟ أنا مع أهل الحق أم مع أهل الباطل؟ مع من؟ ما موقعك؟ ما سلوكك؟ فلذلك: الحد الأدنى, الأدنى, الأدنى: أن تواظب على صلاة الجمعة, بل على خطبتها, وأن تختار مسجداً, تتأثر بخطيبه, يكون جانب بيتك.
 في فوال, يقول لك: يوجد رجل في الميدان فولاته جيدون, تركب سيارتك, تذهب من المهاجرين للميدان من أجل كيلين فول, صحيح لما خطأ؟ غير, غير وضع, من أجل كيلين فول تغادر حيك لحي آخر, وتركب سيارتك, من أجل خطبة تتأثر بها, لا تغادر حيك لحي آخر!؟.
أنا لا ........ قد يكون جانب حيك أحسن خطيب, الزمه, لا .......
 أنا لا أعين, لكن لا تختار أقرب مسجد ولست مقتنعاً بالخطيب إطلاقاً, ولست مقتنعاً بالمسجد؛ لكن:
سقط الوجوب وإن لم يحصل المطلوب.
 هذه الميم وضعناها, أخي له عندنا شيء بعد, صلينا الجمعة خلصونا, لا تكن هكذا, يجب أن تختار مسجدك كما تختار أعظم الناس شأناً في حياتك, لأنه وقت تجلس لتستمتع, إن استمعت, وتفاعلت, واستفدت, وخرجت بشيء, فقد حققت المراد الإلهي.
 قال تعالى:

﴿فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾

[سورة الجمعة الآية:9]

 فاسعوا إلى سماع الخطبة, معنى الوقت مبكر؛ اغتسل, لبس أجمل ثيابه, تعطر, جاء إلى المسجد بوقت مبكر, جلس بمكان مريح, مكان يرى الخطيب, قرأ قرآن, هذا وقت, وقت عبادة.
 ولا تنسوا أيها الأخوة: أن في الجمعة ساعة مباركة, ما من عبد مسلم يدعو الله فيها, إلا استجاب له, فلعلك تدعو الله في الساعة التي جعلها الله ساعة إجابة, نعم.
 الملاحظ: أن صلاة الجمعة بخطبتها, وأن كلمة

﴿فاسعوا إلى ذكر الله﴾

 أي اسعوا إلى سماع الخطبة.
 الشيء الثاني: يجب أن تختار الخطيب الذي تتأثر منه, تتفاعل منه, تستفيد منه, ولو كان في حي آخر, كما لو أنك تذهب لشراء حاجة, شيء نفيس.
 يقول لك: والله أخذنا من داريا البوظات, ما في بالدور, لشهر محجوز من داريا, جانب بيتك يوجد عشرة محلات بوظة, من أجل كيلو بوظة, تخرج من المدينة إلى أطراف المدينة, أليس كذلك؟ أليست هذه حقائق أقولها لكم؟.
 من أجل سماع خطب تستفيد منها, يجب أن تختار خطيباً تتأثر في خطبته, وتستفيد منه.
 قال:

﴿فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ﴾

[سورة الجمعة الآية:9]

 لو عندك بيت في المالكي, يقدر بثمانين مليون, وقعت عقد بيع, واستطاع المشتري أن يقيم دعوى, ويثبت أن هذا البيع تم في أثناء صلاة الجمعة, العقد باطل, أبداً, الله قال:

﴿وَذَرُوا الْبَيْعَ﴾

[سورة الجمعة الآية:9]

 البيع لا ينعقد.
 طبعاً: الفقهاء على خلاف في هذا الموضوع, بعضهم يقول: البيع لا ينعقد أصلاً, البيع باطل, قال تعالى:

﴿وَذَرُوا الْبَيْعَ﴾

[سورة الجمعة الآية:9]

 لأنه ما في إنسان إلا عنده قائمة أعمال لم تنته, أليس كذلك؟ ما في إنسان مات على الإطلاق, إلا في مذكرته مئة بند لم يحقق, وجاء الموت, ونقله من دار إلى دار, وكانت الرحلة الأخيرة, فلذلك: العمل لا ينتهي, فاقتطع من وقتك الثمين وقتاً لمعرفة الله.
 ورد في القرآن الكريم:

﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً﴾

[سورة الفرقان الآية:63]

 ما معنى هوناً؟ يعني: المؤمن من السنة أن يمشي بطيئاً.
 سيدنا عمر: كان إذا سار أسرع, وإذا اطعم أشبع, وإذا ضرب أوجع, وإذا قال أسمع.
 النبي -عليه الصلاة والسلام-: كان إذا مشى, كأنه ينحط من صبب, أي: من جبل.
 السنة: أن النبي كان يسرع في مشيه, والآية:

﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً﴾

[سورة الفرقان الآية:63]

 كيف نوفق بين الآية الكريمة وبين سنة النبي عليه الصلاة والسلام؟.
 قال بعض العلماء: يمشي هوناً؛ أي يتريث, يفكر, يتأمل, له جلسة مع ذاته, يتأمل واقعه, يتأمل مساره, يتأمل هدفه, يتأمل من أين كان, وإلى أين, ولماذا؟.
 قال: يمشون هوناً: يقتطع من وقته الثمين وقتاً لمعرفة الله.
 حدثني رجل عالم, والله أنا أكبره كثيراً, قال لي: وأنا منهمك في التأليف, يقول المؤذن: الله أكبر, أدع القلم وأقوم إلى الصلاة.
 تقول السيدة عائشة كان عليه الصلاة والسلام يحدثنا ونحدثه, فإذا قام إلى الصلاة, فكأننا لا نعرفه ولا يعرفنا.
 لشدة هول الموقف, فإذا الإنسان استطاع أن يؤدي الصلوات, وأن يتأمل في علاقته بالله.
 اليوم إنسان قال لي: أنا تقاعدت من الوظيفة, قلت له: هنيئاً لك, قال لي: أنا عملت أربعين عاماً فوق الأرض, الآن أعمل لما تحت الأرض؛ كلام جيد, وكلام طيب, وكلام عميق, أنا أربعون سنة أعمل, الآن أريد أن أعمل للقبر, أريد عملاً صالحاً يؤنسني في وحشتي, يؤنسني في قبري.
 وأنا أتمنى عليكم: إن رأيت جنازة أن تتبعها, ولو لم تكن لك قرابة مع الميت, انظر هذا الميت؛ أُخذ من بيت من المهاجرين, من خورشيد, من المالكي, من بيوت الميدان الفخمة, الأبنية العالية, من أبنية فخمة, أين وُضع؟ في القبر, هل دخل معه أحد؟ أبداً, هل سيبقى موقتاً؟ لا, انتهى, لن يعود, هذا مصير كل حي, أبداً:

كل مخلوق يموت  ولا يبقى إلا ذو العزة والجبروت
والليل مهما طال فلا بد من طلوع الفجر  والعمر مهما طال فلا بد من نزول القبر

الغاية من الخطبة:

 الحديث الشريف:

((بلغوا عني ولو آية))

[أخرجه البخاري في الصحيح, والترمذي في سننه]

 مهمتنا درس السبت, أو خطبة الجمعة التي اخترت أنت خطيبها, ولو كان بحي آخر, ذهبت واستمعت, وأصغيت, وكتبت, وحفظت, الآن: طوال الأسبوع بأي لقاء, نتحدث عن هذه الآية التي سمعناها, أو عن تلك القصة التي تُليت علينا, أو عن هذا الحديث الشريف الذي فسر لنا, أو عن هذا الحكم الفقهي الذي طرق أسماعنا, أو عن تلك الآية الكونية التي شدت نفوسنا.
 يوجد عندي مادة ....... لا تعرف, كلمة أحياناً:

﴿مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ﴾

[سورة إبراهيم الآية:24]

﴿تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا﴾

[سورة إبراهيم الآية:25]

 أنت لا تعرف متى ينعقد العزم على التوبة؟ إذا رجع العبد العاصي إلى الله, نادى مناد في السموات والأرض أن هنئوا فلاناً فقد اصطلح مع الله.
 هذه الآية أساسية، تقول لي: أنا لست داعية, أنا رجل تاجر, أنا لي هذا المحل؛ أبيع وأشتري, وأربح وأعيش, الحمد لله أنا مسلم, أنا أؤدي صلواتي الخمس, وأصوم رمضان, وأحج البيت, وعملت ثلاث عشرة عمرة, الحمد لله, وأولادي زوجتهم, لا يوجد عندي مشكلة, أنا لست داعية, ماذا نجيب هذا الأخ الكريم؟.
 نقول له: كل إنسان لم يحدث نفسه بالجهاد, مات على ثلمة من النفاق.
 ما هو الجهاد المتاح للأمة الآن؟ في عندنا جهاد متاح للجميع, قال:

﴿وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيراً﴾

[سورة الفرقان الآية:52]

 يعني: أنا إذا كان القرآن أفهمه وأُفهمه للناس, لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الصحيح يقول:

((خيركم من تعلم القرآن وعلمه))

[أخرجه البخاري في الصحيح, وأبو داود والترمذي في سننهما]

 هذه رسالة كبيرة جداً, فأنت لما تؤدي هذه الرسالة, تكون قد فعلت ما هو واجب.
 العلماء قالوا: الدعوة إلى الله فرض عين, فرض عين على كل مسلم؛ لكن في حدود ما يعلم, وفي حدود من يعلم.
 لست مكلفاً تفسر القرآن بأكمله, أما آية سمعتها, وفهمتها, ودقيقة جداً, فسرها للناس في حدود ما تعلم, وفي حدود من تعلم؛ لك أقرباء, لك أخوات, لك أخوة, أصهار, جيران, زملاء, أصدقاء, أقرباء, هؤلاء الذين تعرفهم ويعرفونك, أنت نافذتهم الوحيدة إلى الله عز وجل:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾

[سورة الجمعة الآية:9]

 سئل أحد العارفين بالله: من هو ولي الله؟ قال له: الولي كل الولي؛ الذي يجدك حيث أمرك, ويفتقدك حيث نهاك.
 الساعة الثانية عشرة وعشرة يوم الجمعة, أين تكون؟ في المسجد, أما إذا كان وجدك في السيران الساعة الثانية عشرة وعشرة, تارك الصلاة, حين إذ: أنت عاص.
 أن يجدك حيث أمرك, وأن يفتقدك حيث نهاك.
 إذا في مقهى لا يليق بالمؤمن, يجلس فيه, جالس فيه يلعب طاولة, والنساء كاسيات عاريات, والأغاني بأعلى صوت, هذا المكان ليس مكانك.
 أن يجدك حيث أمرك, وأن يفتقدك حيث نهاك.
 هذا المكان منهي عنه أنت, نعم.
 قال:

﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ﴾

[سورة الجمعة الآية:10]

 الصلاة انتهت:

﴿فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ﴾

[سورة الجمعة الآية:10]

 اخرجوا من المساجد, إلى أين؟ إلى ابتغاء فضل الله.
 يعني: أنت في المسجد تعلمت, في خارج المسجد تُعلم, أنت في المسجد أصغيت, في خارج المسجد تفعل الخير.
 العلماء قالوا:

﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ﴾

[سورة الجمعة الآية:10]

 أي: طبقوا ما سمعتم.
 من هنا كان دعاء النبي -عليه الصلاة والسلام- إذا دخل المسجد:

((اللهم افتح لي أبواب رحمتك))

[أخرجه مسلم في الصحيح, وأبو داود والنسائي في سننهما]

 فإذا خرج من المسجد:

((اللهم افتح لي أبواب فضلك))

 يعني: أنت في مكانين؛ إما في تلقي العلم هذه رحمة الله, وإما في الطريق, أو في بيتك, أو في عملك, أو في دكانك, وهذه تكتسب من فضل الله عز وجل؛ أنت بين رحمة الله وفضله, أنت بين أن تتلقى من علم الله أو من تجليه, وبين أن تلقي على الناس علماً, أو حالاً , أو خدمة, أو إنفاقاً, أو صدقة, أو ما شاكل ذلك .........

ذكر الله :

 قال:

﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾

[سورة الجمعة الآية:10]

 إذا الإنسان ذكر الله قليلاً, هل نفذ هذه الآية؟ لا, لأن الله عز وجل يقول, يصف المنافقين فيقول:

﴿وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً﴾

[سورة النساء الآية:142]

 المنافق يذكر الله ذكراً قليلاً.
 الآية الكريمة:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً﴾

[سورة الأحزاب الآية:41]

﴿وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً﴾

[سورة الأحزاب الآية:42]

﴿هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً﴾

[سورة الأحزاب الآية:43]

﴿تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً﴾

[سورة الأحزاب الآية:44]

الخلاصة:

 قال:

﴿وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِماً قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾

[سورة الجمعة الآية:11]

 يعني: إذا الإنسان أغلق محله التجاري وأدى الصلاة في وقتها, أغلق محله التجاري وحضر مجلس علم, الله هو الرزاق.
 أحياناً ربنا عز وجل: يعني يتعب الإنسان.
 قال له: أنت تريد وأنا أريد, فإذا سلمتني فيما أريد كفيتك ما تريد, وإن لم تسلملي فيما أريد أتعبتك فيما تريد, ثم لا يكون إلا ما أريد, فمن آثر الدنيا على الآخرة خسرهما معاً, ومن آثر الآخرة على الدنيا ربحهما معاً.
 قال تعالى:

﴿لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾

[سورة المنافقون الآية:9]

 قال:

﴿وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِماً قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾

[سورة الجمعة الآية:11]

 والحمد لله رب العالمين.
 اللهم أعطنا ولا تحرمنا, أكرمنا ولا تهنا, آثرنا ولا تؤثر علينا, أرضنا وارض عنا, وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم, الفاتحة.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور