وضع داكن
19-04-2024
Logo
دروس جامع الأحمدي - الدرس : 027 - اللغو
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.

مدخل للتعريف بموضوعنا اليوم :

 أيها الأخوة, في سورة المؤمنين الآية الأولى:

﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ﴾

[سورة المؤمنون الآية:1]

﴿الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾

[سورة المؤمنون الآية:2]

﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ﴾

[سورة المؤمنون الآية:3]

 موضوع هذا اللقاء: حول اللغو الذي حرمه القرآن, ووصف به المؤمنين: بأنهم معرضون عنه.
 وللنبي -عليه الصلاة والسلام- ثلاثون حديثاً شريفاً في كتب الصحاح التسعة, تتحدث عن اللغو, وقد يقول أحدكم: ما قيمة هذا الموضوع؟.
 يقول عليه الصلاة والسلام:

((إن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى, يهوي بها في جهنم سبعين خريفاً))

((قالوا: يا رسول الله, أو نؤاخذ بما نقول؟ قال: ويحك يا معاذ, وهل يكب الناس في النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم؟))

((لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه, ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه))

[أخرجه الإمام أحمد في مسنده]

 وكلامنا جزء من أعمالنا, أعمالك أنواع, أحد أكبر أنواعها: كلامك, كلام عمل.

ما سبب تشتت أسر كثيرة في المجتمع الإسلامي؟ :

 عن أبي هريرة -رضي الله عنه-, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

((لا تهاجَّروا, ولا تدابروا, ولا تحسسوا, ولا يبع بعضكم على بيع بعض, وكونوا عباد الله أخوانا))

[أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح, وأبو داود والترمذي في سننهما, ومالك في الموطأ]

 لا تهاجروا: لا تتكلموا هجراً, يعني: كلاماً قبيحاً, يؤدي إلى الهجران بينكم.
 أسر كثيرة تقاطعت سنوات طويلة, من أجل كلمة قاسية, أسر تهدمت وشرد الأولاد, بسبب كلمة قاسية قالها الزوج, شراكات فصمت بسبب كلمة مستعلية قالها الشريك, فضبط اللسان جزء من الإيمان:

 

احــفظ لسانك أيها الإنسان  لا يلــــدغنك إنه ثعبان
كم في المقابر من قتيل لسانه  كـانت تهاب لقاءه الشجعان

 

من صفات المؤمنين :

 القرآن الكريم قال:

﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ﴾

[سورة المؤمنون الآية:1]

﴿الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾

[سورة المؤمنون الآية:2]

﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ﴾

[سورة المؤمنون الآية:3]

 كلام لا معنى له, كلام لا جدوى له, كلام لا مؤدَّى له, كلام لا فائدة منه.

ما المستثنى من النجوى في هذه الآية؟ :

 قال تعالى:

﴿لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ﴾

[سورة النساء الآية:114]

((أمرني ربي بتسع؛ خشية الله في السر والعلانية, كلمة العدل في الغضب والرضا, والقصد في الفقر والغنى, وأن أصل من قطعني, وأعطي من حرمني, وأعفو عن من ظلمني, وأن يكون صمتي فكراً, ونطقي ذكراً, ونظري عبرة))

هل يتناقض اللغو مع الإيمان كما أشارت إليه الآية الكريمة؟ :

 حينما تأتي آية قرآنية تقول:

﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ﴾

[سورة المؤمنون الآية:3]

 معنى ذلك: هذا يتناقض مع الإيمان.
 الآن: اجلس في سهرة, في دعوة, في غداء, في نزهة, في لقاء, في معاينة, في عيادة مريض, دقق فيما يقال: أربعة أخماس كلام الناس لغو باطل, هذا إن لم يكن إثماً؛ الغيبة إثم, غيبة, نميمة, بهتان, فحش, موضوع ثان, أما كلام لا معنى له, كلام لا جدوى منه, كلام تحصيل حاصل.

شرح مفردات الحديث الشريف:

((لا تهجروا...........))

 لا تهاجروا: لا تقولوا كلاماً هجراً, يؤدي بكم إلى الهجران, إلى أن يهدر بعضكم بعض.
 ولا تدابروا: لا تقاطعوا.
 ولا تحسسوا: التحسس, قال بعض علماء اللغة: تتبع الأخبار, مطلق الأخبار.
 بعضهم قال: تتبع الأخبار الطيبة.
 تزوج فلان, كم النقد؟ كم المهر؟ حسناً: ليس لك علاقة, تلتقي مع إنسان, أين عملك؟ والله مهندس ب ......... كم راتبك في الشهر؟ سؤال بلا جدوى, هذه خصوصيات الإنسان.
 تراه في الطريق, إلى أين تذهب؟ أراك في حينا, خير إن شاء الله؟ لا تحرجه, قد يكون أتى من أجل أن يدفع صدقة لإنسان, ماذا يقول لك؟ تجعله يكذب, نوى يدفع صدقة لإنسان في حيك, لا يريد أن يحكي لمن الصدقة, إلى أين تذهب؟ كم راتبك؟ كم المهر؟ هذا المحل بكم أخذته مثلاً؟ يعمل تصريح للمالية أقل مما حدث, الآن تحرجه, كذب مرة, اتركه كذب واحدة كذبتين, لكن تجعلهم كذبتين.
 لا تحسسوا: لا تتبع الأخبار طيبة كانت أو سيئة.
 بعضهم قال: لا تجسسوا: التجسس: تتبع الأخبار السيئة, أما التحسس: تتبع الأخبار مطلقاً, أو تتبع الأخبار الطيبة.
 يعني:

((من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه))

[أخرجه الترمذي في سننه, ومالك في الموطأ]

((لا تهاجروا, ولا تدابروا, ولا تحسسوا, ولا يبع بعضكم على بيع بعض))

[أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح, وأبو داود والترمذي في سننهما, ومالك في الموطأ]

 وما من عادة أسوأ عند التاجر, رآه اشترى حاجة, بكم اشتريتها؟ من باعك إياها؟ أرجعها له وتعال خذ أرخص منها.
 النبي يقول:

((ليس منا من خبب امرأة على زوجها, أو عبداً على سيده))

[أخرجه أبو داود في سننه]

 ويقاس عليها: أو شارياً على بائعه –نعم-.
 هذا توجيه النبي عليه الصلاة والسلام:

((لا تهاجروا, ولا تدابروا, ولا تحسسوا, ولا يبع بعضكم على بيع بعض, وكونوا عباد الله أخوانا))

[أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح, وأبو داود والترمذي في سننهما, ومالك في الموطأ]

هذا ما رأى النبي الكريم في السوق, وهذا ما نصح به أصحابه :

 وقال أحد أصحاب رسول الله:

((أتانا النبي -صلى الله عليه وسلم- ونحن في السوق, فقال: إن هذه السوق يخالطها اللغو والكذب.

 -أنا أقول: هناك بيع راق, هذه البضاعة, هذا ثمنها, والسعر مدروس, يحلف له بالأمانة, يحلف له بشرفه وبدينه, أن ليست فيها ربح وفيها خسارة, وإذا كان اشتريتها لا تتعوض, سيمنعون إستيرادها, كله كذب, أخي الظهر أذن: صليت؟.
 هذا الكذب, الذي تكذبه أثناء البيع والشراء, لم يعد يتناسب مع الصلاة أساساً, ستصلي إجباري, لكن الصلاة تحتاج إلى استقامة قبلها.
 في بيع -بالتعبير العامي- مجأجأ, بيع مجأجأ, كله حلفان أيمان, وكله مبالغة, وهذه فاتورتها, وهذه رأس مالها, واسأل جارنا, والله وكيلك, ولسنا نغشك ...... الله هو الرزاق, ابق بأعلى مكانة, هذه سعرها بهذا الثمن, إن ناسبتك أنا بخدمتك, والسعر مدروس, يعني: لا يوجد جزف, والمؤمن سعره مدروس, لا يلقي الأسعار جزافاً, يمتحنه.
 فقال عليه الصلاة والسلام-:

فشوبوها بالصدقة, لعل الصدقة تكفر عنكم ما بدر عن غير قصد))

ما معنى هذا الحديث؟ :

 من أخطاء, هو النبي قال:

((الصلاة إلى الصلاة كفارة لما بينهما ما لم ترتكب الكبائر))

 يعني: خطأ, في خطأ بالكلام, في استغفار, لعل الله سبحانه تعالى يغفر, معناها الصدقة مكفرة؛ الصدقة مكفرة, والتوبة مكفرة, في ثلاثة أنهر بالدنيا: نهر التوبة, ونهر الصدقات, ونهر الحسنات, فإن لم يطهر الإنسان بأحد هذه الأنهر, لا بد من أن يتطهر بنهر البرزخ, فإن لم يتطهر هناك, لا بد من أن يتطهر في نهر جهنم, أبداً, فلذلك: إذا الإنسان الله عز وجل أكرمه, وأماته على الإيمان, وعالجه بالدنيا

 يعني: إذا الله عز وجل أكرمنا, وطهرنا في الدنيا, ولقينا ربنا ونحن طاهرون, هذه نعمة كبرى.

تاجر صالح :

 أثناء احتراق خان الجمرك, أحد التجار الصالحين احترق محله, هو كان آخر محل احترق, وقفت معه, قال لي: والله, لو شخص خبرني مكالمة قبل ساعتين, لأعطيه مئة ألف, هذه بالأربع وسبعين, بالسبع وسبعين, أعطيه مئة ألف, أو مليون, رحلوا بخمسة ملايين, ثم قال: لعل الله سبحانه وتعالى في هذه الأعوام الثلاثين, ارتكبت أخطاء؛ صار في كذب, صارفي بيع غير شرعي, فالله كفر عني, جعل هذا الحريق كفارة لما مضى.
 أعجبني هذا الموقف؛ لعل الله جعل هذا الحريق, وهذه الخسارة كفارة لما مضى من أعوام طويلة, بعته واشتريت, لعل في البيع خطأ, في مثلاً غبن, في تدليس أحياناً, في كذب, مع أن المؤمن لا يكذب.

ما معنى هذا الدعاء؟ :

 ابن حميد قال:

((قلت: يا رسول الله, علمني دعاء, قال: قل اللهم أعوذ بك من شر سمعي, ومن شر بصري, ومن شر لساني, ومن شر قلبي, ومن شر منيي))

 يعني: إنسان أحياناً: يأتي ولد عاق, ولد سيء, ولد منحرف.
 فأعوذ بك من شر سمعي: ألا أسمع الغيبة, ألا أسمع الغناء, ألا أسمع ما يغضب الله, ألا أسمع ما حرمه الله.
 إنسان جالس بمجلس في غيبة, جلوسك في هذا المجلس, ومجاملتك للمتكلمين هذه معصية, ينبغي أن تقول: اسكت يا أخي.
 كان أحد الكبار العلماء, الشيخ بدر الدين الحسني, إذا إنسان تكلم أمامه كلمة: اسكت يا با, اسكت, انتهى الأمر. فالمؤمن يأخذ موقف.
 من شر سمعي: إذا الإنسان سمع غناء, هذا لغو الحديث, أو سمع غيبة, أو نميمة, أو فحش, أو مزاح رخيص, هذا كله من شر سمعي.
 ومن شر بصري: أن أتتبع ببصري عورات المسلمين؛ في نساء متفلتات, الإنسان ينبغي أن يغض بصره عن محارم الله, فإذا نظر إلى عورة, أو نظر إلى ما ينبغي أن ينظر إليه, هذا من المعاصي, هذا من شر بصري.
 ومن شر لساني: ألا أتكلم إلا بما يرضي الله, إلا بذكر الله.
 ومن شر قلبي: ألا أحدث قلبي بما يغضب الله, لذلك: الإمام الغزالي قال:
 هناك غيبة القلب؛ تراه بعينك, تتهمه بقلبك.

هذا ما سئل به الإمام مالك :

 قال: امرأة تغسل ميتة, -مغسلة يبدو أنها اتهمتها بالزنا بقلبها-, فالتصقت يدها بجلدها ولا تنفك, -لا يوجد طريقة, ساعة, ساعتان, ثلاثة, وضع حرج, ماذا نفعل؛ أنقطع يد المغسلة, أم نقطع شيئاً من لحم الميتة؟-.
الإمام مالك سئل, قال: أغلب الظن: أن هذه المغسلة اغتابت هذه الميتة, واتهمتها بالزنا, فاجلدوها ثمانين جلدة, مع الجلدة الثمانين فكت يدها.
 غيبة القلب, أخواننا الكرام:

((قذف محصنة يهدم عمل مئة سنة))

 قضايا العرض, والنساء, والزنا, إذا لم يوجد دليل قطعي, قطعي مئة بالمئة, إياك أن تحدث الناس بهذا الكلام.
 أحياناً: تقع جرائم ........

ما الخطأ الذي وقع به هذا الزوج؟ وماذا علمنا القرآن الكريم في ذلك؟ :

 مرة سمعت قصة: الإنسان إذا وصف امرأته للآخرين, كان قليل المروءة, وبعضهم قال: كان ديوثاً, والديوث لا يروح رائحة الجنة.
 شخص وصف امرأته لإنسان, يتباهى بها, هذا الوصف انتقل, شخص أحب أن يغيظ الزوج, قال له: أنا كنت مع زوجتك, والعلامة كذا ..... قتلها, كلمة, والحق على الزوج.
 يعني: لما الشرع أعطاك توجيهات, في أشخاص تجده في الجلسة؛ يمدح طبخ زوجته, ونظافة زوجته, وأناقة زوجته, وزوجته زوجة ناجحة, وبيتها مرتب, وأولادها ....... إلى الآن لا يوجد حرج, لكن لا تتكلم عن شكلها, والأولى: ألا تذكر شيئاً عن زوجتك, القرآن ماذا قال؟:

﴿وَسَارَ بِأَهْلِهِ﴾

[سورة القصص الآية:29]

 كنت مع لميس, من لميس؟ لميس زوجتي, ماذا يعني لميس؟ كنت مع أهلي, هكذا علمنا الله: كنت مع أهلي:

﴿وَسَارَ بِأَهْلِهِ﴾

[سورة القصص الآية:29]

 الأهل موجودين, الأهل معي, الأهل كلمة لطيفة, مؤدبة, أما المدام, أيضاً في مدام, في كلمة بين المؤمنين, يقول لك: أم المؤمنين رضيانة –مثلاً-, وزارة الداخلية رضيانة, هذه كلمات يُتندَّر بها, أما أكمل كلمة:

﴿وَسَارَ بِأَهْلِهِ﴾

[سورة القصص الآية:29]

من الأدعية التي ينبغي أن يقولها المؤمن عند اللقاء الزوجي :

((اللهم إني أعوذ بك من شر سمعي, ومن شر بصري, ومن شر لساني, ومن شر قلبي, ومن شر منيي))

 لذلك: النبي علمنا: إذا الإنسان قارب أهله, أن يدعو دعاء شريفاً خاصاً باللقاء:

((فارزقني ذرية صالحة تنفع الناس من بعدي))

((جنبي الشيطان وجنب ذريتي))

 في أدعية خاصة باللقاء الزوجي, المؤمن مع الله دائماً, حتى ولو ما كان مع زوجته, مع الله.

بماذا سئل النبي عليه الصلاة والسلام, وبماذا أجاب؟ :

 وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال:

((سئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن أكثر ما يُدخل الناس الجنة؟ قال: التقوى وحسن الخلق.
-دققوا في الحديث:

((إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه))

 أحياناً الإنسان: دينه قوي؛ يعني صلواته, صيامه, زكاته, حجه, غض بصره, أما أخلاقه شريفة, دينه وخلقه, ذهب بالخير كله, الإيمان حسن الخلق.
 يعني: إنسان عنده زوجة في الثاني والثلاثين سنة, له منها تسعة أولاد, حلف عليها يمين طلاق, أُفتي له أنه يمكن أن يكون هذا الطلاق الثاني, ولك زوجة ثانية, لكن يريد أن يهنئها, ألا يفرحها بكلمة.
 في إنسان بلا علم والله كالدواب, والله إنسان من دون علم شرعي كالدابة المتفلتة؛ قسوة, فظاظة, عدم إنصاف, عدم رحمة, ظلم, جور, أنانية, هذا الإنسان من دون دين:

﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ﴾

[سورة الماعون الآية:1]

﴿فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ﴾

[سورة الماعون الآية:2]

 المؤمن في بقلبه رحمة.

ما ذكرته لهذا الإنسان اليوم :

 ذكرت لإنسان اليوم: لو فرضنا في ظالم ومظلوم, أيهما أفضل؟ كن عبد الله المظلوم أفضل, إذا كان لا بد من أحدهما.
 إنسان يضع رأسه على الوسادة, وباني مجده على أنقاض الآخرين, باني حياته على موتهم, باني غناه على إفقارهم, باني أمنه على خوفهم, إذا في عنده ضمير حي, لا ينام الليل أبداً.

ما كتب على أحد الأسرة في فندق في ألمانيا :

 أحد أصدقائي ذهب إلى ألمانيا, نزل في فندق, قال لي: كتب على السرير: إن لم تنم هذا الليل, فالذنب من ذنوبك لا من فروشنا وسيرة, ولكن دقق في ذنوبك.
 إذا الإنسان ليس عنده حزم أو .....
 الآن: في أعمال والعياذ بالله, مبنية على إيذاء الناس.

((اثنان لا تقربهما: الإشراك بالله, الإضرار بالناس))

 فإنسان يؤذي, ويرتاح .........

ماذا تستنج من هذه القصة؟ :

 قلت لكم من مدة: شاب هكذا ناشىء, عمل شغل لألبسة أول حياته, واشترى خفة قماش من تاجر, وفضلها, وأخذ محل بسوق الصوف, القرد لا يصل إليها, جاؤوا إلى عنده الجمارك, من أين أتيت بها؟ من عند فلان, فلان وعده فاتورة, ما أعطاه, البضاعة غير نظامية, -القصة من حوالي اثنتي عشرة سنة أكثر, خمس عشرة سنة-, دفعه وقتها أربعين, خمسين ألف, رأس ماله كله, صار معه صرع إلى الآن, بعد ذلك اكتشف: الذي باعه القماش خبر عنه, أخذ ثلث المصالحة, هذه ..... كيف ينام الليل؟.

((اثنان لا تقربهما: الإشراك بالله والإضرار بالناس))

ما الذي يدخل الناس النار؟ :

((قال: وسئل عن أكثر ما يُدخل الناس النار؟ فقال: الأجوفان؛ الفم والفرج))

[أخرجه ابن حبان في صحيحه, والحاكم في مستدركه]

 شهوة الطعام وشهوة الفرج, والآن: قد تكسد الأعمال كلها إلا الطعام, والشيء الثاني: أسواق حامية ورائجة؛ الطعام شغال, يوجد ثلاثون ملهى, الملاهي تعمل, أرباحهم طائلة؛ في رقص, وفي غناء, وفي شهوة البطن والفرج, لا تقف.
 ما الذي يدخل الناس النار؟ الأجوفان: الفم والفرج.
 يعني: إذا أكل مالاً حراماً, أكل طعاماً من مال حرام, أو مارس شهوة من طريق غير مشروع, ضبط الفم, وضبط الفرج, هذا جزء كبير في الاستقامة.

على ماذا فطرت هاتان المرأتان؟

 ويقول عليه الصلاة والسلام:

((حُدِّث عن أن امرأتين صامتا, وأن رجلاً قال: يا رسول الله, إن ها هنا امرأتين قد صامتا, وإنهما قد كادتا أن تموتا من العطش, أعرض عنه النبي, لم يبال أو سكت, ثم عاد وأُراه قال: بالهاجرة, قال: يا نبي الله, إنهما والله قد ماتتا, أو كادتا أن تموتا, قال: ادعهما, قال: فجاءتا, قال: فجيء بقدح أو عسٍّ, فقال لإحداهما: قيئي قيئي, فقاءت قيحاً أو دماً, وصديداً ولحما, حتى قاءت نصف القدح, فقال للأخرى: قيئي فقاءت, من قيح ودم وصديد ولحم عبيط, حتى ملأت القدح, ثم قال: إن هاتين صامتا عما أحل الله, وأفطرتا على ما حرم الله))

 غيبة ونميمة, والمرأتان صائمتان.
 أخواننا الكرام, في أحاديث: أتمنى أن تحفظوها.
 قيل:

((يا رسول الله, إن فلانة تذكر أنها تكثر من صلاتها وصيامها وصدقتها, غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها, قال: هي في النار))

 هذا الكلام القاسي, الغيبة, تجلس مع امرأة, تثني عليها, ما شاء الله حولك؛ تثني على ذكائها, وعلى حديثها ..... حينما يغلق الباب, اسمع الكلام الثاني, كلام آخر, كله غيبة.

ما الذي ينبغي على المسلم أن يضبط لسانه فيه؟ وبماذا وصف الله المؤمنين؟ :

 فيا أيها الأخوة, ضبط اللسان مهم جداً:

﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ﴾

[سورة المؤمنون الآية:1]

﴿الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾

[سورة المؤمنون الآية:2]

 ضبط اللسان من الغيبة, من النميمة, من البهتان, من الإفك, من السخرية, من الازدراء, من الفحش, من الكذب, كل معصية يرتكبها اللسان, هذه معصية تعد من الأعمال لا من الأقوال, لأنه:

((من عد كلامه جزءاً من عمله, استقامت سريرته))

 ولا تنسوا أن الآية الكريمة:

﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ﴾

[سورة المؤمنون الآية:1]

﴿الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾

[سورة المؤمنون الآية:2]

﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ﴾

[سورة المؤمنون الآية:3]

((ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه))

 تجد المنحرف حشري, يدس أنفه في كل موضوع, يسأل عن كل خبر, يدخل في كل قضية, ينقل خبر من إنسان لإنسان.

لماذا لا يدخل النمام الجنة؟ :

 أيها الأخوة, قد لا ننتبه, أن النبي -عليه الصلاة والسلام- حينما قال:

((لا يدخل الجنة نمام))

 النمام مرتكب أكبر الكبائر, تجد في مودة بين شخصين, نقل للثاني, ما قال الأول عنه, انقطعت هذه المودة, النمام يفتت المجتمع الإسلامي, وإذا لاحظت بين أسر؛ خلافات, وأحقاد, وتقاطع, وتدابر, وأحياناً دعاوى, وأحياناً طلاقات, كل أسبابها نقل الكلام.
 فعودوا أنفسنا وبصراحة: أن امرأة تنضبط, والابن ينضبط, والبنت تنضبط, والأب غير منضبط!!:

 

إذا كان رب البيت بالطبل ضارباً  فشيمة أهل البيت كلهم الرقص

 إذا الأب جلس في بيته, مجلسه مجلس أمانة, لا يوجد غيبة, تجد الجو العام صار في انضباط, بعد حين بغيبته في انضباط أول, أو بحضوره في انضباط, بعد حين بغيبته.
 فشيء جميل جداً أنه: شهد الله, المؤمن عنده إمكان يتحدث عشرين ساعة بأمور الدين عن الله عز وجل, تجد الناس كلها مرتاحين, مسرورين, مستبشرين, دخل الدنيا بالموضوع, فلان حكى عليك, فلان استصغر عقلك ينقل له, فلان بيتك لم يعجبه, كيف تسكن فيه, فلان لبسك لم يعجبه, ما هذا الطعام هذا الذي قدمتموه؛ هذا يليق بالضيف الفلاني؟ هذا كلام الناس؛ يتحدثون عن ولائمهم, وعن ثيابهم, وعن سيارتهم, وعن بيوتهم, وعن أثاث بيوتهم.

 

ما مراد هذا الكلام؟ :

 فأنا مرة اضطررت هكذا, آخذ حاجة من شخص من بيته, فزرته في بيته, أول ما دخلت, قال لي: هذا البيت أستاذ أربعمئة متر, قلت له: بارك الله لك, بعد ما انتهى قال لي: هذا بلاطه كله إيطالي, أتت بطيران الشحن, قلت له: بارك الله لك, قال لي: هذا الطقم إيطالي جبناه, هذه التريا تشيكية, هذا السجاد إيراني, خير إن شاء الله, ما فيه إلا يتكلم, أنا لست بهذا الموضوع, أطال الحديث في ذلك, أحببت أن أعرفه, قلت له: ما قولك ببيت مثلاً, غرفة خمسون متر, منافعهم تحت الأرض شمالي, بدون دهان, الماء السودة مكشوفة, ألا يوجد فرق بين بيتك وبين هذه الغرفة؟ الموازنة كبيرة جداً, الموازنة.
 حسناً: معلم بقرية وأستاذ جامعة, بائع متجول ورئيس غرفة تجارة, في فرق كبير جداً, جندي ببلوكوس بالشتاء نصفه ماء, ورئيس أركان يجلس في غرفة مدفأة, ممرض مستشفى وجراح قلب؛ أخذت له بالطب ممرض وجراح قلب, جندي ورئيس أركان, معلم ابتدائي وأستاذ جامعة, بائع متجول, لم يفهم ماذا أتكلم, ثم قلت له:

﴿انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً﴾

[سورة الإسراء الآية:21]

 انتبه ما سأقول: مراتب الدنيا مراتب موقتة, لا تعني شيئاً, الله أعطى الملك لمن لا يحب, وأعطاه لمن يحب, ليس مقياساً, أعطى المال لمن لا يحب: لقارون, وأعطاه لمن يحب: سيدنا ابن عوف.
 إذاً: المال ليس مقياساً, أما العلم والحكمة لمن أعطاهما؟ لمن يحب:

﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً﴾

[سورة يوسف الآية:22]

 قلت له: مراتب الدنيا مراتب موقتة, ولا تعني شيئاً, وقد تعني العكس, إن الله لا يحبه, لكن مراتب الآخرة مراتب أبدية, وتعني كل شيء, تعني أن الذي في المرتبة عالية, هو عند الله في مكان كبير:

﴿فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ﴾

[سورة القمر الآية:55]

انتبه إلى هذه الآية :

 هذه الآية دقيقة أخواننا:

﴿انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ﴾

[سورة الإسراء الآية:21]

 تجد معلم بقرية, على مئة وثمانين ليرة قديماً, يركب من باص, لباص, لباص, ومشي, بعد ذلك: يجلس جمعة مع الطلاب؛ هو المستخدم, وهو المعلم, وهو المدير, تجد أستاذ جامعة, خمس ساعات نصابه, له مكتب فخم, له مؤلفات, له مكانة كبيرة, له دخل غير محدود, أو ممرض وجراح قلب, يقول لك: تكلفة العملية أربعمئة وخمسون ألف, أو بائع متجول وأكبر مستورد مثلاً, أو مجند ورئيس أركان, أو بيت بأطراف المدينة, غرفة شمالية تحت الأرض, وبيت أربعمئة متر, له إطلالة على دمشق بأكملها, في فرق:

﴿انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً﴾

[سورة الإسراء الآية:21]

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور