وضع داكن
26-04-2024
Logo
دروس جامع الأحمدي - الدرس : 026 - التفاؤل والأمل
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين .

الأمل والتفاؤل :


أيها الأخوة الكرام ؛ من كتب الأحاديث الشريفة كتاب الجامع الصغير , ولهذا الكتاب خصيصة ؛ هو أنه مرتب وفق الحروف الأبجدية , لذلك :إذا قرأت في صفحات هذا الكتاب , تجد موضوعات منوعة يجمعها حرف واحد , فمن هذه الأحاديث الشريفة :
أن الأمل رحمة من الله لأمته , ولولا الأمل ما أرضعت أم ولداً , ولا غرس غارس شجراً .
 

علامات المؤمن والكافر .


أيها الأخوة :
من علامات المؤمن : أنه متفائل .
ومن علامات الكفر : اليأس والتشاؤم .
اليأس من علامات الكفر, والقنوط من علامات الكفر:

﴿إِنَّهُ لَا يَيْأسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾

[سورة يوسف الآية:87]

اليأس, والقنوط, والتشاؤم من علامات الكفر, والثقة بالله, والأمل, والتفاؤل من علامات الإيمان, لذلك: النبي -عليه الصلاة والسلام- علمنا أنه:

((إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها))

لأنه يعمل لأولاده, يعمل للمسلمين, لو أنه غرسها, ولم ينتفع بثمرها, ألا ينتفع بثمرها المسلمون؟ له أجر.
النقطة الدقيقة: أن إنساناً زرع شجرة, كل من أكل من ثمرها في صحيفته, إنسان أجرى نهر, كل من شرب منه في صحيفته, إنسان فتح طريق, أنشأ ميتم.
الحقيقة: الأذكياء دائماً يبحثون عن أعلى أنواع الأرباح.
الآن : في تاجر يرضى بربح قليل , هامش الربح ضعيف جداً ، بجهد كبير , ومردود قليل .
في مثل بين التجار: مثل مطحنة الجن , خرير وعجيج على الفاضي .
فالتاجر الذي يربح قليل , وجهد كبير , لا يكون تاجر متفوق , من الذي يملأ إعجابك ؟ جهد قليل , ومردود كبير .
حسناً : طبق هذه القاعدة على عمل الآخرة, ابحث عن الصدقة الجارية, لأن أي عمل مهما كان عظيماً, ينتهي مع موت الإنسان, أما إذا تركت صدقة جارية, هذا العمل لا ينتهي, تأتيك أرباحه كل حين, لذلك:

(( إذا مات ابن آدم, انقطع عمله إلا من ثلاث؛ صدقة جارية ))

بنى مسجداً, أو ساهم ببناء مسجد, أو أسس مسجد, أو أضاء مسجد, أو دعم مسجد, أو ميتم, أو مستشفى, أو مستوصف, يعني الآن: الطبابة غالية جداً, جداً غالية.
سمعت أنه بأخواننا التجار, أسسوا مستوصف في آخر الخط, الأجرة ربع, يأتي فقير, يحتاج إلى تحليل, تصوير إيكو, يجد الأمر معقول, هذا صدقة جارية, لو بحثنا عن أعمال تنفع المؤمنين الفقراء, هذا العمل في صحيفة المساهمين إلى يوم القيامة, وما أكثر الأعمال.
أنا أحياناً: أسمع بالأخبار, أن بمصر عملوا عرساً جماعياً, ألف ومئة شاب بآن واحد, اقترنوا بألف ومئة شابة, ولهم بيوت, سمعت خبر مماثل باليمن, خبر ثالث بإيران.
حسناً: جمعية لتزويج الشباب, هذا عمل عظيم.
سألت مهندس, قال لي: ممكن الآن مع غلاء الأسعار, أن نؤمن بيت بمئتي وخمسين ألف, طبعاً: كسوة درجة خامسة, شاب بلا مأوى, هذا عمل؛ أن تساهم بتزويج الشباب, أن تساهم بتأمين الدواء, أن تساهم بحل مشكلات الناس.
في أخ من الأخوان, قال لي: أنا أخذت من مالي مبلغ, لحل حاجات المسلمين, تركته للقرض, لزمه خمسة عشر, يدور من واحد لواحد, رصد مبلغ لإقراض الناس قرضاً حسناً.
لما الإنسان يريد أن يصل إلى الله, يتفتق ذهنه عن أعمال طيبة جداً, هذه الأعمال ترفعه عند الله, والإنسان حجمه عند الله بحجم عمله؛ ممكن تخفف مآسي المرضى, ممكن تخفف مآسي الفقراء, ممكن تخفف مآسي الشباب, الذين لا يجدون بيتاً من أجل أن يؤويهم بعد الزواج, فلذلك: ابحثوا عن صدقة جارية.

((إذا مات ابن آدم, انقطع عمله إلا من ثلاث))

أنا مرة عندي تفسير, أعجبتني آية في هذا التفسير, تفسيرها رائع جداً, فجعلتها خطبة, وتأثر الناس كثيراً, بعد يومين فكرت: أن هذا المفسر, عاش قبل ألف عام, وألف هذا التفسير, وهذه الخطبة, وما حصل منها من تأثير في صحيفة المفسر, الذي ألف هذا التفسير, فلذلك: لا بد من عمل يبقى بعد موت الإنسان, وأجل الأعمال هو: العمل الذي يبقى بعد موت صاحبه, وأخطر السيئات هي: السيئة التي تستمر بعد موت صاحبها, في ملاهي, بعد أن أسس بفاخر الأثاث, وجلبت له الساقطات من كل حدب وصوب, وجلبت له أنواع الخمور, وافتتح بحفل كبير, وبعد سبعة أيام مات, مؤسس هذا الملهى, وكلما مررت أمامه في طريق الزبداني.
أذكر: أن كل معصية تجري فيه كل يوم, في صحيفة من أسسه, هذا عمل, هذا عمل, قال:

﴿النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ﴾

[سورة غافر الآية:46]

الصدقة الجارية :

ابحثوا عن عمل جار, عن صدقة جارية, من أجلِّ الصدقات الجارية: ولداً صالحاً ينفع الناس من بعدك, لذلك: مهما اعتنيت بابنك, تربية, وتوجيهاً, وتثقيفاً, هذا صدقة جارية لك, وأنت في الجنة يأتيك رزق وفير, يرفع الله لك مقامك في الجنة, يا رب من أين هذا؟ هذا من دعاء ولدك لك, أنت ربيته, واعتنيت فيه.
يعني: زوجته, أنا أعجب أشد العجب, من أن يبخل على ابنه أن يزوجه, حسناً: من لك غيره يا أخي؟ أنا عصامي, اتركه يكون عصامي مثل حكايتي, هذه كوانة قديمة, الآن يحتاج إلى مساعدة, كان قبل مئة سنة, سبعين سنة, ممكن الإنسان يسلك الطريق لوحده, الآن بحاجة إلى معاونة من والده, فإذا أب استطاع يزوج أولاده, يؤمنهم ببيوت؛ مستقيمين, لهم سمعة طيبة, هذا ولد صالح, ينفع الناس من بعده, معناها: أنت ما مت, ما مات الإنسان, فلذلك: لنبحث عن عمل ينفع الناس من بعدنا.

((إذا مات ابن آدم, انقطع عمله إلا من ثلاث))

صلاته وقفت, صومه وقف, ذكره وقف, تلاوته وقفت, حسناً: أعماله التي كان يعملها, تنتهي بإطعام المسلم, أطعم فقير, أكل الأكلات, وشبع , ودعا لك, والأكلات خلصوا, انتهى عملك, يعني: أعطيته ألف ليرة, أنفقها ودعا لك, وخلصوا الألف, خلصوا, لم يبق في شيء, أما إذا علمت إنسان, دعمت إنسان يدعو الله عز وجل.
أحياناً: طالب علم ذكي جداً, قلت له: أنت نفقتك علي, اطلب العلم, هذا كبر, صار داعية, خطيب, نفع الناس, كل من اهتدى على يديه, في صحيفة من أمده بالمال.
أحياناً: يأتيك طلاب من تركيا, من الصين, من أفريقيا, طلاب علم غرباء, جاؤوا ليتعلموا, وسيعودون إلى بلادهم خطباء معلمين, فإذا إنسان أكرمهم.
أنا مرة: عندي طالب علم, لم يقل لي, أربع سنوات لم يكن عندي سجادة, ولا يوجد بيت, لا يوجد بالمستودع خمس, ست سجادات عتاق, قال لي: أريد عيرة فقط سجادة, طالب علم, ضيفنا, إذا أمنت له سجادة عيرة, مدفأة, مستودع مازوت بالشتاء مثلاً, أنت ماذا عملت؟.
كل أعماله القادمة في صحيفة من أعانه, لذلك: الشيء اللطيف الذي يبعث على التفاؤل: أن طلاب العلم الشرعي يذهبون إلى مصر, وإلى الحجاز, وإلى الشام, يجدون هذه البلدة أرحم بلدة لهم, وأكثرها سخاء, وأكثرها علماً, وأكثرها ورعاً, وهذا من فضل الله علينا.
أنا أشجعكم, إذا شخص رأى طالب علم من بلد أجنبي, من أفريقيا, من آسيا, الآن: في طلاب علم من الشيشان, ومن داغستان, محرومين العلم سبعين سنة, الآن تفتحوا؛ فتعليم هؤلاء, والعناية بهم, والإنفاق عليهم, تأمين بيت صغير لهم يسكنون, بالشتاء مدفأة, سجادة مثلاً, كل هذا العمل في صحيفتك, وهو من الصدقة الجارية, عملنا مستوصف, عملنا قضية, ...... فكر بصدقة جارية, لا تفكر بربح منقطع.
الآن: إذا الإنسان معه رأس مال, أنفقه انتهى, أما إذا استثمره بشركة عالية جداً, بالمئة ثمانين.
مثلاً يقول لك: أنا أصل المال محفوظ, وهذه الأرباح كلها, كذلك الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث؛ صدقة جارية, وعلم ينتفع به, وولد صالح يدعو له.
كان أجدادنا يتفننون بالأعمال الصالحة, هذه العصرونية, كانت وقف, أي غلام, أو زوجة لها زوج قاس جداً, هذا الغلام له سيد قاس جداً, كُسر معه إناء, يذهب إلى وقف العصرونية, بقطعة من هذا الإناء, يعطونه إناء جديد, حتى يحلوا مشكلة؛ في آباء قساة, في أصحاب عمل قساة جداً, فهذا عمل صالح.
ناس اشتروا قطعة أرض, وزرعوها كلأ, وسمحوا للدواب المريضة: أن تعيش فيها, هذه المرجة, مرجة حشيش, أنا عندي صورة فيها حشيش, كان المرج وقف للدواب المريضة, الدواب المريضة, فكلما الإنسان اقترب من الله عز وجل, يتفنن بالأعمال الصالحة, يتفنن.
أخ من أخواننا عامل بطاقات شيء جميل, مونة سنة بكاملها؛ رز, وسمنة, وزيت, بطاقة يعطيها لفقيرها, الفقير يأخذ مونة السنة بكاملها, رز, على سمنة, على زيت, على ........
يعني: كل حاجات البيت شيء جميل .
قال لي أحد أخواننا الكرام, قال لي: أنا في العيد أدفع الفطرة على الشكل التالي وفق السنة؛ كيلين رز, علبة سمنة, علبة بزالية, كيلين لحمة رأس العصفور, قال لي: هذه طبخة, تكفي أكبر أسرة, أربعة أيام مثلاً, هذا عمل صالح؛ طلاب العلم صدقة جارية, بناء المسجد صدقة جارية, ومستشفى صدقة جارية, مستوصف صدقة جارية.
الآن في اتجاهات رائعة جداً, الآن في مثلاً دور, تهيىء الفتيات تهيئة مهنية, تعلمهم الخياطة, هذه الفتاة فقيرة, يتيمة, متسولة, علمناها الخياطة, أعطيناها ماكينة, نقلناها من متسولة إلى منتجة, نقلناها من آخذة زكاة إلى دافعة زكاة, في عمل عظيم, فالمؤمن يفكر بعمل ينفع الناس من بعده, يفكر بعمل من نوع الصدقة الجارية, أو علم ينتفع به, ترك مؤلف, ترك دعوة إلى الله عز وجل ينتفع بها الناس جميعاً.
مرة قلتها لكم أعتقد: كنا بافتتاح مسجد, جانبي كان مدير الأوقاف, قلت له: اشكر الله عز وجل, الذي سمح لك تفتتح مسجد, قلت له: لأقول لك السبب: أن البارحة كان في افتتاح ملهى, وفي إنسان قص الشريط تبعه, فأنت سمح الله لك أن تفتتح مسجد.
مرة جالس جانبي أستاذ يحمل دكتوراه بالشريعة, قال لي: والله عملنا متعب, قلت له: أحسن ما تعلم الرقص, هناك من يعلم الرقص, والغناء, والموسيقا.
فإذا أردت أن تعرف مقامك, فانظر فيم استعملك؟.
أيها الأخوة, فنحن نريد صدقة جارية؛ ابنك صدقة جارية, بنتك صدقة جارية, عندك بنت علمتها, وهذبتها.

((من جاءه بنتان, فأحسن تربيتهما, فأنا كفيله في الجنة))

.
يجب أن تعرفوا: كلكم بنت واحدة, إذا ربيتها تربية صحيحة, عرفتها بربها, حملتها على طاعة الله, قرَّأتها القرآن, حجبتها, زوجتها من شاب مؤمن, هذه ضمانة لدخول الجنة, فأنا كفيله في الجنة, قالوا: وبنت؟ قال: وبنت واحدة, بنتك صدقة جارية, ابنك صدقة جارية.
مرة كنا بالأموي, بوفاة الشيخ أبو فهد الخطيب رحمه الله, كان خطيب الأموي توفي, فالتعزية بالأموي جالسون, قام ابنه, وألقى خطبة رائعة جداً, قال وزير الأوقاف: سأعين ابنه مكانه تكريماً للأب, حسناً: معناها الأب: ما مات, ما دام خلف ولد صالح يدعو إلى الله من بعده, معناها ما مات.
إذاً: يجب أن نفكر تفكير جاد بعمل صالح, ينفع الناس من بعدنا بعمل يُصنف عند الله مع الصدقة الجارية, صدقة جارية, علم ينتفع به, ولد صالح يدعو له.
في حديث آخر, في تفاصيل: إذا أنشأت جسر, إذا غرست غراس, شقيت نهر, فتحت طريق أحياناً, هذا كله من الصدقات الجارية, كتبت مصحف, يعني أرعن.
أحد كتاب المصحف, لم يعد ير بعيونه, كل عمره كتابة مصاحف, والله عمل عظيم, هذه الكتابة الآن تطبع مئات المرات, ألوف المرات إلى يوم القيامة, كله في صحيفته.
أحياناً: أسمع قارىء متوفي الله, هنيئاً له, هو توفي, أما صوته بالقرآن, يصدح في كل أنحاء العالم الإسلامي, وفي مغني توفي كمان وكمان ....... يعني: كلما أذيعت هذه الأغنية, يتلقى الثمن.
كأن درسنا اليوم: الصدقة الجارية, الصدقة الجارية, لا نريد عمل منقطع, ينتهي عند الموت, أطعمت إنسان طعماً, شبع وانتهى الطعام, أعطيته مساعدة, انتهت المساعدة, نريد صدقة جارية, نريد نشر علم.
مثلاً: لو أن أحدكم أحب أن يعلم ابنه علم شرعي, على الحالتين العلم لا يطعم خبز, لا بد له من عمل مهني, ولا بد من العلم, فعلمه علماً, ينفعه في دنياه وآخرته, علمه علم شرعي, يعني قل: هذا الولد يا رب, نذرته لك, ماذا قالت امرأة عمران؟:

﴿رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي﴾

[سورة آل عمران الآية:35]

لا يوجد شخص عنده ابن, نذره لله عز وجل, طبعاً: اعتنى فيه, علمه, دخله مدارس شرعية, لصار عالم, وزوجه, وجعله يدعو إلى الله.
في أب له قصة, يجب أن تسمعوها: عنده أربعة أولاد, وعنده عمل تجاري ضخم, فقال لأحد أولاده المثقفين: يا بني, أنت كن في الأوقاف لخدمة العلماء والمساجد, ولك حصة كأخوانك من كل الأعمال التجارية, أنت مهمتك خدمة المساجد, وخدمة العلماء.
فقال لي هذا الابن: أنا موظف, أما أنا أبي أمرني أن أكون في هذا المكان لخدمة العلماء وللمساجد, مع أن حصتي من الأرباح كأخوتي تماماً, ماذا فعل هذا الأب؟.
أعطى ابنه ربحه, وفرزه لعمل ينفع الناس, وفعلاً اليوم كنا عنده, تجده ساهم مساهمة كبيرة بإنشاء مسجد, سهل الأمور, ما صعبها, سهلها, دلنا على الطريق لإنشاء مسجد في مكان ما فيه مسجد.
فأحياناً الإنسان: يفكر بعمل لابنه, لابنته, لزوجته, في نفع, حتى الله عز وجل يستحق أن يكافئنا يوم القيامة على هذه الأعمال.
قال: إنما الأمل رحمة من الله لأمتي, لولا الأمل ما أرضعت أم ولداً, ولا غرس غارس شجراً.
والنبي علمنا: إذا الإنسان زار مريض, قال:

((نفثوا له في الأجل))

في أناس أصلحهم الله, ما عندهم حكمة أبداً, خير ما معك؟ والله معي مرض مثلاً, أو ...... والله في اثنين ماتوا بهذا المرض, لا حول ولا قوة إلا بالله, ما عندهم حكمة أبداً, يكبر المرض عليه, يذكر له قصص ناس ماتوا.
أنا الله يلهمني, أحياناً: يكون مرض خبيث, أذكر له قصصاً, والله واقعية من ..... أعرفهم جميعاً: أن الله عز وجل شفاهم شفاء تام, قلت له: من اثنتي عشرة سنة, لا يوجد فيه البلا, وكان معه ورم خبيث ......
يعني: في أمل الله يشفيني؟ طبعاً: في أمل, أنا مهمتي بث الأمل, ما بث اليأس, والنبي علمنا:

((إذا عدتم مريضاً, نفثوا له في الأجل))

أحياناً يقول له: الله يخفف عنك, كلمة قاسية جداً, يقولها إنسان لإنسان كسيح, أو مصاب بشلل, الله يخفف عنك, لا, الله يشفيك, ويعافيك, إن شاء الله, إذا الله شفاك, نطلع سيران سوى, وقريباً إن شاء الله يطمئن, معنويات الإنسان مهمة جداً, فلولا الأمل بطل العمل, فأنت بث الأمل, يبث الأم بأولادها, بث الأمل ........
أحياناً: أنا أسمع أن فلانة توفي زوجها, وهي في مقتبل العمر: آثرت تربية أولادها على حظها من الرجال, ما تزوجت, وحافظت على أولادها حفاظاً عظيماً.
مرة أحد طلابي قال لي: أنا والدتي, توفي والدي كان عمرها إحدى وعشرون سنة, وما تزوجت, هي ترعانا, قلت له: بلغها حديث رسول الله.

((أول من يمسك بحلق الجنة أنا, فإذا امرأة تنازعني, تريد أن تدخل الجنة قبلي, قلت: من هذه يا جبريل؟ –شو هذا؟- قال: هي امرأة مات زوجها, وترك لها أولاداً, فأبت الزواج من أجلهم))

يعني: كل شيء عند الله محفوظ, آثرت أن تربي أولادها على حظها من الرجال, قال: هذه تدخل الجنة قبل رسول الله, هكذا الحديث.

((فإذا امرأة تريد أن تدخل الجنة قبلي, قلت: من هذه يا جبريل؟ قال: هي امرأة مات زوجها))

فالمؤمن مهمته: يدل الناس على عمل صالح ينفع الناس من بعده.
نحن بدنا عمل من نوع الصدقة الجارية, فابحث عن عمل, اعمل مشروع, تعاونوا على إنشاء بيوت لها الشباب.
مرة أذكر قصة: إنسان يبيع ألبسة جاهزة, قال لي: أنا ساكن ببيت أجرة, صدر مني وعد لصاحبته, يعني حينما تريد أُخليه لها, قال لي: في أزمة السكن, طلبت مني البيت, قلت: حباً وكرامة, تعال مساء, جاء مساء, وجد في محام, كتّبوا تنازل, وصيغة معينة, قال لي: بعد ما وقعت التنازل, قال لي: والله قال لي بالحرف الواحد: أنت مثل الدابة, وقعت التنازل ....... بالطريق صفيت, قال له: حسبي الله ونعم الوكيل, أنا صدر مني وعد أن أسلمها البيت متى شاءت, وها أنا ذا أنفذ وعد الله, هو يدبرني, قصة طويلة, يعني ملخصها:
خلال أقل من شهرين, الله يسر له بيت بمركز عمله, الطابق السابع, أربع جهات مفتوحة, يعني وتيسر المبلغ, لكن بأسلوب غريب جداً, قال لي: عملت رخصة, قال لي: بعت بيع غير معقول, جاءني واحد من اليمن, اشترى بضاعة, السوق دفع حقها نقدي بأعلى سعر, خلال أشهر صار معي حق بيت, اشترى البيت, قال لي: ما سر التوفيق بهذا البيت؟ قال لي: السر: أن صاحبة البيت عندها بنت عانس, فجاءها خاطب, لا يوجد عنده بيت, فقالت لأمها: اسألي فلان, يخرج من البيت حتى أتزوج فيه أنا, فلما طلبت منه, قال له: أنا حاضر, ووعدتك أخرج منه, ونفذ وعده, فهذه البنت راحت عمرة من دمشق, إلى مكة, إلى المدينة, إلى دمشق, تقول: اللهم هيىء لفلان أحسن من بيتنا, لأنه حل لي مشكلة.
فلما الإنسان يحل مشاكل الناس, الله يوفقه, لا يوجد إنسان يتشبث ببيت ليس له, ويتهنى فيه, لا يوجد إنسان سلمه لأصحابه.
عندي كان أخ في الجامع, عمله بدمشق بمنصب رفيع جداً بالجيش, هو لواء, وآخذ منصب رفيع, وتقاعد, فطرق باب أصحاب بيته, بيته بالمزة فخم جداً, ساكنه خمس وعشرون سنة, بعد ما طبعاً نظفه, قال له: هذا المفتاح, جزاكم الله خيراً, سيصعقوا, ما صدقوا هذا المفتاح, هذا البيت, لا أريد شيئاً, هذا بيتكم, فضلتم علي, إنسان حقاني, مستقيم, يعطي الناس حقوقهم, يؤدي ما عليه, هذا سيعامل معاملة خاصة.
أيها الأخوة, في آية قرآنية, والله لو أتلوها آلاف المرات, لا أرتوي منها:

﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾

[سورة الجاثية الآية:21]

يعني: يا عبادي, تصوروا: يعني معقول: أن واحداً مسيء, واحداً محسن, عامله كمسيء, المحسن محسن.

تقسيمات البشر :

قلت لشخص اليوم, قلت له: في تقسيمات للبشر لا تعد ولا تحصى.
الآن يقولون: شرق وغرب, غرب حضاري, وشرق متخلف, في تقسيم ثان: شمال وجنوب, دول الشمال غنية جداً.
مرة صار مؤتمر, دول الشمال, دول الجنوب فقيرة جداً, أفريقيا, وجنوب آسيا, والبرازيل, كله فقير, في شرق, وفي غرب, في شمال, وفي جنوب, في أبيض, وفي ملون, وفي أصفر, وفي ملل, ومخل, وأجناس, وقبائل, وطوائف, وأعراق, وشعوب, وأمم, كل هذه التقسيمات لا يعترف الله بها.

((كلكم من آدم, وآدم من تراب)) 

((الناس رجلان -صدقوني أيها الأخوة لا ثالث لهما؛ مؤمن كافر موصول بالله, منقطع عن الله, منضبط بالشرع, متفلت عن الشرع, محسن مسيء, مستقيم منحرف, صادق كاذب, مقبل معرض, يقوده الهوى يقوده الحق, أبداً-.
الناس رجلان؛ برّ تقي كريم على الله عز وجل, وفاجر شقي هين على الله عز وجل)) 

[أخرجه الترمذي في سننه]

والدليل: في دليل قرآني: في خطين: أنت على أحدهما قطعاً, في خطين لا ثالث لهما, تصور طريقين بينهما, بينهما ماء, وعلى يمين الأول ماء, وعلى يسار الثاني ماء, أنت على أحد الطريقين, قال:

﴿فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ﴾

[سورة القصص الآية:50]

أنت مع الحق وإلا مع الباطل, أنت مع العقل وإلا مع الهواء, أنت مع الاتصال بالله وإلا مع الانقطاع, أنت مع الإحسان أو مع الإساءة, أنت مع الحق أو مع الباطل, لا ثالث لهما:

﴿فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾

[سورة القصص الآية:50]

الخاتمة :

أيها الأخوة, يعني محور هذا الدرس: هناك أعمال صالحة كثيرة, إلا أن هناك أعمال ذات مردود كبير.
مرة ماشي بطريق الصالحية, عند البوابة وجدت محل ضخم, كاتب لوحة أعجبتني, قال: نريد مصلحة أريح وأربح, نريد مصلحة أريح وأربح, معنى: فكره تجاري.
نحن الآن محور درسنا اليوم: نريد عملاً صالحاً, أربح, أدوم, نريد صدقة جارية, علم ينتفع به ولد صالح, يدعو لنا.
في شخص لا يوجد عنده أولاد؟ ابن, أو بنت, الابن, أو البنت, صدقتان جاريتان, لا ينتهي أثرهما, ولا بالموت.
والله أحياناً: أقعد مع ابن, يظل يحكي على أبيه, كيف علمهم الصلاة, وكيف علمهم الأمانة, والصدقة, والاستقامة, والعفة, وكيف رباهم؟.
والله أشعر أن هذا الأب كان ذكياً جداً, أنه عمل عملاً, استمر من بعده ابنه استمرار, وما قولك: أن ابنك إذا دللته على الله, وزوجته من فتاة مؤمنة, أنجب ذرية طيبة:

﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ﴾

[سورة الطور الآية:21]

﴿أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ﴾

[سورة الطور الآية:21]

ألحقنا بهم أعمال ذرياتهم, كل أعمال أولادك في صحيفتك, هذه صدقة جارية, فمن الآن علينا أن نربي أولادنا.
يعني: لما الإنسان يأتي هكذا بشغلة جديدة, يقول لك: حضارية, صحن مئة وثمانين محطة, وابنه ترك الدين كلياً, كل يوم الساعة الخامسة بقنوات المجاري, من قناة لقناة, وفسد فساد كلي, وبحث عن الزنا من وراء الصحن, الذي أنت اعتبرته حضاري, أنت خسرت ابنك. 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور