وضع داكن
26-04-2024
Logo
دروس جامع الأحمدي - الدرس : 023 - من أصول الدين.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.

هذا ما تطوق نفس الإنسان إليه :

 أيها الأخوة الكرام, الإنسان أحياناً: يرغب في تفاصيل من منهج الله عز وجل, فلو عاش أمداً طويلاً في الكليات, في العموميات, في أصول الدين؛ يستوعبها, ثم يبحث عن التفاصيل, لو عاش أمداً طويلاً, يستمع إلى التفاصيل, تفاصيل الأحكام الشرعية, تطوق نفسه أحياناً إلى أصول الدين, هذا الدرس, هذا الدرس على خلاف نمط الدروس التي نحن فيها, سيخصص في أصول الدين.

هذا ما لفت نظري :

 أيها الأخوة, كنا نتحدث عن تفاصيل الأخلاق الذميمة, التي نهى عنها النبي -صلى الله عليه وسلم- في مدة طويلة, الذي لفت نظري: أن الآية الكريمة التي قال الله عز وجل فيها:

﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ﴾

[سورة الجمعة الآية:2]

 من خلال هذه الآية: أربعة أركان؛ يتلو عليهم آياته, ويزكيهم, ويعلمهم الكتاب والحكمة.
 بسرعة أقول لكم: الكتاب: القرآن الكريم, والحكمة: السنة, والآيات الأولى: الآيات الكونية, لأن كلمة الآيات إذا أُطلقت, انصرفت إلى ثلاثة أنواع؛ آيات كونية هي خلق الله, وآيات تكوينية هي أفعاله, وآيات قرآنية هي كلامه, ما دامت الآيات القرآنية وردت بعد قليل:

﴿وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ﴾

[سورة الجمعة الآية:2]

 إذاً: الأرجح أن تكون الآيات الأولى هي آيات الكون, مهمة النبي -عليه الصلاة والسلام- حينما بعثه الله هادياً للبشرية, انحصرت مهمته في أربعة اتجاهات؛ أولاً: يتلو عليهم آياته, من أجل ماذا؟ من أجل أن يعرفوه.

هذا ما ذكرته من قبل :

 ذكرت لكم من قبل: أن الإنسان إذا عرف الله ثم عرف أمره, تفانى في طاعته, أما إذا عرف الأمر ولم يعرف الآمر, تفنن في التفلت من أمره, تجد معظم الناس يخرقون الاستقامة بناء على فتوى ضعيفة, أو على رأي ضعيف, أو على قول رجل له زي ديني دون التحقق, لأن الله عز وجل أمره هين عليه.
 هان أمر الله عليهم فهانوا على الله .
 يتعلق بأقل فتوى, بأضعف فتوى, يقول لك شخص: يصلي بالناس بالجامع الفلاني, هو قال لي, هذا تقبله مفتياً لك؟ لأنه ما عرف الله عز وجل, حينما يبدر له بادرة, يعصي الله, أما إذا عرف الله, لا يكتفي ولا بألف مفت.
ويستفت قلبه, وإن أفتاه المفتون وأفتوه .
 ويأخذ بالأحوط, ويقول: حسبي الله ونعم الوكيل, لأنه عرف الله.
 إذاً: النبي -عليه الصلاة والسلام- حينما بعثه الله لهذه الأمة هادياً, ومرشداً, وداعياً إلى الله بإذنه, وسراجاً منيرا, كيف تحرك النبي؟.
 أولاً: تلا على أمته, أو على قومه, أو على الذين بُعث إليهم, تلا عليهم آيات الله عز وجل.

إليكم هذا المثال لتوضيح هذه الفكرة :

 ذكرت هذا من قبل, لكن لا بأس من أن أعيد بعض الآيات ......
 يعني نحن: كلمة الله في ذهن كل واحد مسلم, هذه الكلمة لها مضمون, بقدر تفكيره بالكون. أضرب لكم مثل:
 لو حاجب في كلية من كليات الجامعة, مكانه على مدخل الجامعة, يدخل كل يوم أستاذ كبير من أساتذة هذا الفرع, كلما دخل يقف: أهلاً أستاذ, ويمشي هذا المستخدم, صار له في الكلية ثلاثون سنة, معرفته بهذا الأستاذ زادت شعرة؟ أبداً, يقول لك: هذا أستاذ عندنا في الكلية, كلما دخل يسلم عليه, أما الطالب الذي استمع إلى محاضرة عميقة جداً, انتهت المحاضرة, وقد امتلأ تعظيماً لهذا الأستاذ, المحاضرة الثانية ارتقى أكثر, المحاضرة الثالثة أكثر؛ فالطالب معرفته بالأستاذ من نوع آخر, أما الحاجب معرفته من نوع بسيط, سطحي.
 ممكن إنسان يكون مسلم, لكن ما فكر بالكون, ما عرف عظمة الله عز وجل, ولو قلت له: ماذا تعرف عن الله؟ يقول لك: خالق الكون يا أخي, لكن ليس مستعداً يطيعه, سهل جداً يعصيه, لأنه لم يعرفه, أما كلما فكرت بالكون, تجد الآيات المدهشة, لذلك: تفكر ألف مرة قبل أن تعصيه, تعد للمليون قبل أن تعصيه, لأنه كلما نما, أو نمت المعرفة (معرفة الله), يكون انضباطك لأمره أشد.

رحلة في معرفة الفضاء الخارجي :

 أيها الأخوة, أنا درسي اليوم, فيه أربع نقاط بالآية:

﴿يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ﴾

[سورة الجمعة الآية:2]

 حسناً: أنت حينما تستلقي على سطح في أيام الصيف, تجد نجوم, هذه النجوم لو أردت أن تعدها بعينيك, أكثر من عشرة آلاف نجمة لا ترى, أما الكون, الكون بأحد التقديرات: في مليون مليون مجرة, وكل مجرة فيها قريب من مليون مليون نجم, فاضرب لي مليون مليون, ضرب مليون مليون, مليون مليون, اثنا عشر صفراً, ضرب مليون مليون, اثنا عشر صفراً, يعني أربعة وعشرون صفر واحد, أمام أربعة وعشرين صفر, كل ثلاثة ألف, أول ثلاثة ألف, وثاني ثلاثة مليون, ألف مليون, مليون مليون, ألف مليون مليون, مليون مليون مليون, بعد ذلك: أربعة مليونات, حسناً: هذه نجوم السماء, هي العدد, طيب الآن: الحجوم.
 هل تصدق أن هناك نجوم في السماء, تكبر شمسنا بمئة مليون مرة؟ بينما شمسنا تكبر أرضنا بمليون وثلاثمئة ألف مرة, يعني: مليون وثلاثمئة ألف أرض, يمكن أن تضعها في جوف الشمس.
 قال: وإذا أُلقيت الأرض في الشمس, تبخرت في ثانية واحدة, لأن الحرارة عشرون مليون درجة.

هذا ما قاله العلماء عن الشمس :

 قال العلماء: الشمس منذ خمسة آلاف مليون سنة, هي متألقة, يعني: ألا تحتاج إلى وقود؟ ألا تحتاج إلى طاقة؟ من خمسة آلاف مليون عام, هذه الشمس هي تتوقد, والتقدير العلمي: أنه لخمسة آلاف مليون عام قادمة, لا تزال متوقدة الشمس, بعض النجوم تكبر شمسنا بمئة مليون مرة:

﴿هَذَا خَلْقُ اللَّهِ﴾

[سورة لقمان الآية:11]

كم هي المسافة بين الأرض والشمس؟ وكم تكبر الشمس الأرض؟

 أيها الأخوة, بيننا وبين الشمس مئة وستة وخمسون مليون كيلو متر, لو واحد دار حول الأرض في أوسع مدار في خط الاستواء, كم كيلو متر؟ أربعون ألف, يمكن أن تدور حول الأرض كلها أربعين ألف كيلو متر, أما بيننا وبين الشمس مئة وستة وخمسون مليون كيلو متر, والشمس تكبر أرضنا بمليون وثلاثمئة ألف مرة, ونجم صغير اسمه: قلب العقرب.
 في برج العقرب يتسع للشمس والأرض مع المسافة بينهما, تصور الشمس, الأرض, تدخل الشمس إلى هذا النجم, وتدخل معها الأرض مع المسافة بينهما, تقول: الله, وإذا قلت: الله, تذكر المجرات, إذا قلت: الله, تذكر هذه المسافة, إذا قلت: الله, تذكر ذلك العدد, إذا قلت: الله, تذكر ذلك الحجم.

هذه مسافة أقرب نجم ملتهب إلينا :

 أيها الأخوة, إذا كان أقرب نجم ملتهب أربع سنوات ضوئية.
 أنا جلست في البيت, واستخدمت آلة حاسبة, واستخدمتها استخدام دقيق, ثم اكتشفت, والحساب سهل, ثلاثمئة ألف كيلو بالثانية, ضرب ستين بالدقيقة, ضرب ستين بالساعة, ضرب أربع وعشرين باليوم, ضرب ثلاثمئة وخمس وستين بالسنة, أقرب نجم ملتهب أربع سنوات, ضرب أربعة, طلع معي كيلو مترات.
 حسناً: أردت أن أذهب إلى هذا النجم بسيارة, على المئة ماشي, تقسيم مئة كيلو متر, طلع كم ساعة؟ تقسيم أربع وعشرين طلع كم يوم؟ تقسيم ثلاثمئة وخمس وستون طلع كم سنة؟ كم سنة أريد لكي أصل؟ خمسين مليون سنة, من أجل أن أصل إلى أقرب نجم ملتهب, أحتاج إلى خمسين مليون سنة, ماشي, هذا النجم اسمه, بعده عنا أربع سنوات ضوئية.

ماذا عن بعد القمر عنا؟ :

 القمر كم بعده عنا؟ ......... لا, بالسنوات الضوئية, ثانية ضوئية واحدة القمر. قال لك: غزونا الفضاء.
 كلفت مركبة أبُّولو, أربعة وعشرون ألف مليون دولار, ركب فيها اثنين, وصلوا للقمر, قطعوا ثانية ضوئية واحدة, قطعوا بالمسافات الفلكية ثانية ضوئية واحدة, كلفت أربعة وعشرين ألف مليون دولار, ضرب خمسين طبعاً, لما واحد وخمسين؟ لا أعرف, تعرفون أنتم أدرى نعم.
 حسناً: الشيء الدقيق: أن هذه الأربع سنوات ضوئية, يحتاجون لخمسين مليون سنة.

نبأ نقله لي طبيب من أصدقائي :

 أحدث مجرة, إحدى محطات الأخبار العالمية, أذيع هذا النبأ عدة مرات, وذكر لي هذا النبأ: طبيب من أصدقائي, سمع بأذنه, وكتب الرقم على ورقة, هذه المركبة سارت إلى المشتري, بقيت تسير في الفضاء الخارجي, بقيت تسير ست سنوات بأعلى سرعة, صنعها الإنسان أربعين ألف ميل بالساعة, الميل؟ لا, الميل واحد ونصف, يعني ستين ألف كيلو متر بالساعة, هي أسرع مركبة, هذه المركبة بقيت تسير في الفضاء ست سنوات, إلى أن وصلت إلى المشتري, المشتري ضمن المجموعة الشمسية.
 درب التبان -هذه مجرتنا- شكل مغزل, المجموعة الشمسية بأكملها, نقطة على هذا المغزل, نقطة صغيرة, هي داخلها الشمس, والأرض, والمريخ, والزهرة, وعطارد, وبلوتو, والمشتري, ونبتون كلهم.
 الذي أريد أن أقوله: هذه المركبة: التقطت أبعد مجرة, اكتشفت حتى الآن الرقم دقيق جداً, تبعد عنا ثلاثمئة ألف بليون سنة ضوئية, أربع سنوات ضوئية, تحتاج إلى خمسين مليون سنة بالسيارة, الآن ثلاثمئة ألف بليون سنة ضوئية, اسمع الآية الكريمة:

﴿فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ﴾

[سورة الواقعة الآية:75]

﴿وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ﴾

[سورة الواقعة الآية:76]

 لو تعلمون:

﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾

[سورة فاطر الآية:28]

من أركان الدين :

1-أن يتلو النبي عليه الصلاة والسلام آيات الرحمن على أصحابه :

 ماذا فعل النبي مع أصحابه؟:

 

﴿يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ﴾

 

[سورة الجمعة الآية:2]

 الآن: أي دعوة إلى الله, إذا لم يكن فيها تلاوة آيات؛ لا تعرف الله, لا تعظمه, لا تخاف منه, لا ترجو رحمته, لا تتمنى رضاه, الله, يقول لك: خالق الكون بعد اسمه وكرمه فقط؛ أما إذا درست عن خلقه, وعن عظمته .......
فأنا الذي أريد أن أقوله: من أركان الدين:

﴿يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ﴾

[سورة الجمعة الآية:2]

 هكذا فعل النبي, هؤلاء الأصحاب حينما اقتربت منيته صلى الله عليه وسلم, أطل عليهم من بيته, فرآهم في خشوع جم, فابتسم حتى بدت نواجذه, وقال: علماء حكماء, كادوا من فقههم أن يكونوا أنبياء .

ما ينبغي على الإنسان أن يفعله حتى يضبط نفسه عن الحرام ولا يشتهيه؟ :

 أيها الأخوة, فحتى الإنسان ينضبط, حتى تعف نفسه عن الحرام, حتى ما تستهويه صرعات العصر, ما ركبت إلى الآن دش!؟ مسكين, معناها لست تعيش, أنا عندي مئتا محطة ب....... ما شاء الله! هذا حديث الناس.
 طوبى لمن وسعته السنة ولم تستهوه البدعة .
 أيها الأخوة, أنا أستمع الآن إلى قصص, لو أن الذين يقولونها, جرت معهم ما أصدقهم, ممكن إنسان يجد ابنه فوق ابنته عرايا بعد منتصف الليل, بسبب هذه الأفلام, وتلك المحطات التي تأتي من سطح ....؟.
 طوبى لمن وسعته السنة ولم تستهوه البدعة .
 فأنت حتى تقول:

﴿مَعَاذَ اللَّهِ﴾

[سورة يوسف الآية:23]

﴿إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ﴾

[سورة المائدة الآية:28]

 حتى تعف نفسك عن الحرام, حتى ما تشتهي إلا طاعة الله عز وجل, يجب أن تعرف الله.

هذا ما نريد أن يستقر في قلب الإنسان :

 أيها الأخوة, أثناء كان إذا الإنسان, يعني حول مبلغ عشرين سنة, ممكن تحمل هكذا رزمة دولارات, تمشي أمام يعني جهة رسمية, لما أنت تخاف تعرف ثمنها, هذه ثمنها عشرون سنة سجن, إذا إنسان خوفك الله, لا يخوفك؟ خالق الكون الذي بيده حياتك, وموتك, ورزقك, وعزتك, وكرامتك, ومكانتك, وزوجتك, وأولادك, وكل أمورك بيده, ألا تخاف الله رب العالمين؟.
 فنحن نريد أن تستقر خشية الله في قلب الإنسان, كيف تستقر هذه الخشية؟ أريد جواب من القرآن, أريد أن تستقر خشية الله في قلب الإنسان, حتى يمتنع عن معصيته, الذي هو الدعاء.

((اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك))

[أخرجه الترمذي في سننه]

 لا تصدق إنسان يعصي الله, إلا الخشية عنده ضعيفة, لا تصدق.
 قد تجد جندي بثكنة, عريف بسبعة, قال له: ازحف, قال له: لن أزحف, أما لو كان ثمانية غير السبعة, ثمانيتان, ثمانيتان ونجمة, ونجمتان وثلاثة, نجمة على الكتف, نجمتان ثلاثة, تاج, تاج ونجمة, تاج ونجمتان, تاج وثلاثة, سيفان ونجمة, كلما الرتبة ارتفعت, تصبح الطاعة سريعة جداً, فأنت لما تعرف من هو الله؟ من هو الآمر؟

مرة قلت لشخص :

 مرة قلت لواحد, هكذا بعمل, يؤذي الناس كثيراً, قلت له: الله عنده سرطان, الله عنده تشمع كبد, عنده فشل كلوي, عنده شلل, عنده دسام, يحتاج إلى تبديل, يريد مليون ليرة, الله في عنده أشياء مخيفة, وهؤلاء كلهم عبيده, يجب أن تخافه قبل أن تؤذي عبيده, يجب أن تخافه, لأن الإنسان بنيان الله, وملعون من هدم بنيان الله.

كيف تستقر الخشية في قلب الإنسان حتى يستقيم على أمره؟ :

 أخواننا الكرام, أنا أريد جواب قرآني: كيف تستقر الخشية في قلب الإنسان, حتى يستقيم على أمره؟ حتى لا يقول لك: لا أستطيع أن أستقيم يا أخي, الزمن صعب, هذا الدين ليس لهذا الزمان, حتى لا يقول لك: يا أخي, إلى أين أريد أن أذهب بعيوني؟.
 يعني: في ألف دليل عندي, لما الإنسان يقصد يفعل كل شيء, يقول لك: الآن إذا واحد له مبلغ فرضاً, ومات فجأة, ستين بالمئة ضريبة مالية منه, لو عليه عشرة أضعاف دين, هكذا النظام, فلم يعد يترك شيء, كيف دربت حالك, خفت من الضريبة, ودبرت حالك؟ خاف كنت من الله, ودبر حالك.
 يعني: أنت إذا خفت من ضريبة ظالمة, تدبر حالك, تتبرأ من شبهة الإيداع, أما لماذا لا تخاف من الله وتدبر حالك؟.
 أخي أنا واحد فتى لي إياها, حسناً: أنت عندك بيت, وذهبت تبيعه, وجدت دلال في وجهك, قال لك: ثمنه ثلاثة ملايين, رأساً تبيعه, تسأل عشرة دلالة وعشرين, واتركوني, اتركوني أنتظر, لماذا من أجل شقفة بيت تبيعه, تأخذ رأي خمسين دلال, أما بأمور دينك, تأخذ رأي فقط واحد؟ وجدته يصلي إمام بجامع فقط؟ تعرفه عالم هذا, تعرفه ورع, تعرفه فهمان, تعرفه تيقن الفتوى, فالإنسان مدان دائماً.
 أنا أريد آية, من يذكرها؟ الأخ صفوان:

﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا﴾

[سورة البقرة الآية:286]

 في آية أقوى:

﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾

[سورة فاطر الآية:28]

 معناها: العلم طريق الخشية, العلم, ثم العلم, ثم العلم, أنت بالعلم تخاف الله, لذلك: حضور مجلس العلم فرض عين.
 غير معقول إنسان يكون طبيب من دون جامعة, أبداً, لا بد من جامعة, فهذا المسجد مكان للعلم الإلهي, العلم الديني, العلم الشرعي.

من آيات الله في الأرض :

 أيها الأخوة, أول شيء, أول شيء بدعوة النبي:

﴿يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ﴾

[سورة الجمعة الآية:2]

 هذه آياته بالسماء.
 حسناً: أريد في الأرض: جسمك, أنت نائم, غدد اللعاب, تفرز اللعاب بفمك, يكثر, عند الطبيب في شراءة, إذا كان عملية طويلة, حتى ما يتعطل, يضع لك شراءة, تأخذ لك اللعاب, حسناً: وأنت نائم في شراءة, ما في شراءة, لما اللعاب يكثر, تذهب للدماغ رسالة وأنت نائم, أن اللعاب كثر, ماذا نفعل؟ يأتي أمر من الدماغ للبلعوم, لسان المزمار, يسكر القصبة الهوائية, يفتح المري, الإنسان يبلع ريقه, وأنت نائم, تبلع ريقك ألف مرة, وأنت نائم, وأنت لا تدري, ما هذه الدقة؟.
 يقول لك: أوتوماتيك, وأنت نائم, وأنت نائم, جسمك مع جهاز العظم, يضغط على العضلات, تضيق لمعة الأوعية, تنمل رجليك, تخضر, تقلب على الطرف الثاني, انضغط, ضاقت اللمعة, أصبح في خضران, تقلب بالعكس:

﴿وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ﴾

[سورة الكهف الآية:18]

 وأنت لا تدري.
 الإنسان بنومه يقلب ثمانية وثلاثين لأربعين مرة.
 تصوروا شخص نائم, خلال ثماني ساعات, قلب من ثمانية وثلاثين لأربعين قلبة, فقط لحكمة:

﴿ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ﴾

[سورة الكهف الآية:18]

 لو على اليمين, يمين كان قلب, أما وحدة يمين, وحدة شمال, طول الليل, هي حركة التقلب في الفراش, لسان المزمار بالبلعوم, والله حط عند ملتقى قناة البول مع قناة الخصيتين, عندما يلتقيان المجريين, حط غدة اسمها البروستات, ما هذه الغدة؟ شيء لا يصدق, الآن يريد أن يمشي البول, البول مادة حامضية, حتى ما يتخرش المجرى, المجرى حساس, تفرز البروستات مادة قبل مادة سكرية, ليست سكرية, البول حسناً: مادة قلوية, تتعادل مع المادة الحامضية, لم يعد تؤذ, مثل الصابون, ما أساسه؟ زيت وإلي, صار صابون, مثل التسئية بالزيت, تضع أنت إلي مع الزيت, فصار مثل الصابون.
 فتفرز البروستات مادة قلوية, تتعادل مع المادة الحامضية, المجرى لا يتأثر.
 الآن: ماء الحياة يريد أن يمشي, هذا كان في بول, كان في مادة معطرة؛ مادة أول شيء مطهرة, بعد ذلك معطرة, بعد ذلك مغذية, وتفتح وتسكر ثمانين سنة, وهي تعمل بشكل منتظم, البروستات وحدها من أعظم الآيات الدالة على عظمة الله.
 أنا أقول لكم أيها الأخوة: لو أمضيتم كل حياتكم, كل حياتكم في التفكر بجسمكم, التفكر لا ينتهي, معك مليون دليل بجسمك؛ السمع, والبصر, النطق, الشم, الحركة, الحس, الحواس الخمس, الجلد, العظام, ما العظام؟.
 تجد أخواننا يعملون, أحياناً: يحملون عتالة, هذا عظم, عظم عنق الفخذ, تلاحظ الإنسان شكله جميل, جزعه جاية هكذا بالوسط, يصبح هكذا, بعد ذلك: ينزل هكذا, حتى يكون وسطه عريض, الله عمل العظم بهذا الشكل, عظم الفخذ, هكذا ......, له هنا عنق.
 الآن: إذا حمل صندوق حديد, أين الضغط كله؟ على العنق, هذا المكان هذا أقسى مكان بالإنسان, يتحمل مئتي وخمسين كيلو, وهذه المئتان وخمسون كيلو, يعني يستطيع الإنسان يتحمل ثقل نصف طون بهذا المكان, هذا اسمه عنق الفخذ, ما هذا العظم؟ ما كان ماء سابقاً؟ ما كان ماء مهين؟ ما كان حوين من خمسمئة مليون حوين, دخل إلى بويضة, لقح بويضة, مشيت بالقناة إلى الرحم؟ من أين جاء العظم هذا؟.
 اسألوا أخواننا الدارسين فيزياء, في شيء اسمه بالفيزياء: الترسب, تشرب أنت حليب, حليب في كأس, تأكل جبنة, الجبنة فيها كلس, وتأكل لبن مصفى فيه كلس, يترسب بالعظام, يقوم العظم يحمل خمسمئة كيلو؛ العظم آية, البصر آية, النطق آية, كل حرف تُسهم في تشكيله سبع عشرة عضلة, كل حرف, كلمة خمس كلمات حوالي تسعين حركة, كلمة خمسة حروف, تسعين حركة.
 حسناً: خطبة بساعة, كم حركة تحركوا عضلات الفم حتى تكلمت, والحبال الصوتية؟ شيء لا يصدق.
 حسناً: هذا الشعر ثلاثمئة ألف شعرة, بكل شعرة وريد, وشريان, وعصب, وعضلة, غدة دهنية, غدة صبغية ثلاثمئة ألف, التعرق مئات الملايين الغدد العرقية.
 يقول لك: أثناء التعرق: أرقى جهاز تكييف بالإنسان تكييف.

2-أن يزكيهم :

 الركن الثاني:

﴿وَيُزَكِّيهِمْ﴾

[سورة الجمعة الآية:2]

 يزكيهم: إذا لم يوجد تزكية, التزكية: تطهير الإنسان من أمراضه النفسية, ثم تحليته بالكمالات الإنسانية.
 يعني: لا يوجد مسلم كذاب, مسلم لئيم لا يوجد, مسلم حاقد لا يوجد, مسلم متكبر لا يوجد, مسلم يحب الشيء له, يعني أناني, يعني ذو أثرة لا يوجد, مسلم جاحد لا يوجد, مسلم ظالم لا يوجد, مسلم بذيء اللسان لا يوجد, مسلم فاحش اللسان لا يوجد, هذه يزكيهم:

﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى﴾

[سورة الأعلى الآية:14]

﴿وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى﴾

[سورة الأعلى الآية:15]

3-أن يعلمهم الكتاب والحكمة :

 قال تعالى:

﴿يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ﴾

[سورة الجمعة الآية:2]

 القرآن والسنة, معناها: النبي في دعوته تلا على أصحابه آيات الله, دعاهم إلى الاتصال بالله حتى تزكو نفوسهم, علمهم القرآن, وبين لهم تفاصيل أحكامه, هذه الدعوة, إذا نحن نسينا يتلو عليهم آياته, ونسينا التزكية, بقينا على الكتاب والحكمة منه, هذه دعوة عرجاء, هذه الدعوة لا تستقيم, ولا تقف على قدميها.

خاتمة القول :

 أردت من هذا الدرس, أن يكون من حين لآخر: أن يكون من أصول الدين, لا من فروع الدين, من أصول الدين, أن تعرف الله من خلال خلقه, وأن تتصل به حتى تزكو نفسه, وبعدئذ تتعرف إلى كتاب الله عز وجل, قراءة, وفهماً, وتدبراً, وتطبيقاً, وبعدها تتعرف إلى سنة النبي -عليه الصلاة والسلام- قراءة, وفهماً, وتنفيذاً, عندئذ تجمع أطراف الدين من كل جوانبه, عندئذ تقطف ثماره, أما أحكام من دون تقوى لا تنفع, فهم من دون خشية لا ينفع, خشية من دون حيلة لا تنفع, فالله عز وجل:

﴿رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ﴾

[سورة البقرة الآية:129]

 هذا منهج الدعاة, يجب أن تدعو أخوانك إلى أن يفكروا في خلق السموات والأرض, وإلى أن يزكو أنفسهم بالاتصال بالله, تطهيراً, وتحلية, وإلى أن يعرفوا أمر الله ونهيه, وإلى أن يطبقوه, والحمد لله رب العالمين, الفاتحة.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور