وضع داكن
23-04-2024
Logo
دروس جامع الأحمدي - الدرس : 009 - أحاديث تبدأ بكلمة ويل - ما هي الأخطار التي حذرنا منها النبي عليه الصلاة والسلام من خلال هذه الأحاديث؟
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.

مقدمة :

 أيها الأخوة الكرام, في الدرس الماضي: ذكرت شرح بعض الأحاديث الشريفة, التي بدأت بقوله صلى الله عليه وسلم:

((طوبى))

 واليوم نأخذ زمرة ثانية, طائفة من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم, تبدأ بكلمة: ويل, والويل هو الهلاك, الإنسان قد يخسر بعض حاجاته, أما حينما يهلك, ينتهي.
 هناك مجموعة موضوعات ذكرها النبي عليه الصلاة والسلام, ربما كانت سبب هلاك الإنسان.
 يقول عليه الصلاة والسلام:

((ارحموا تُرحموا))

[أخرجه الإمام أحمد في مسنده]

 في حديث آخر قدسي:

((إذا أردتم رحمتي فارحموا خلقي))

 في حديث ثالث:

((من لا يرحم لا يُرحم))

[أخرجه الطبراني في المعجم الكبير, والبزار في مسنده]

من هم أقماع القول, ومن هم المصرون؟ :

((ارحموا تُرحموا, واغفروا يُغفر لكم, ويل لأقماع القول.
-من هم أقماع القول؟ الذين يستمعون إلى الحق ولا يطبقونه.
لو أنك ألقيت دلو ماء في أنبوب, ليس له قعر هذا الأنبوب, هل يمسك شيئاً؟ أبداً, هناك أشخاص يستمعون ويصغون, أما على حيز التطبيق: لا ترى من قناعاتهم شيئاً مطبقاً في حياتهم-.
ويل للمصرين, الذين يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون))

[أخرجه الإمام أحمد في مسنده]

 لأن الله سبحانه وتعالى وصف في قرآنه الكريم المؤمنين, الذين إذا أخطؤوا:

﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾

[سورة آل عمران الآية:135]

 لم يصروا, ويل رجلان؛ رجل استمع إلى الحق, ولم يطبق منه شيئاً, كان كالوعاء بلا قعر, مهما ألقيت فيه من الحق لا يمسك شيئاً, هذا الإنسان ربما أهلك نفسه بهذه الطريقة, والإنسان الثاني: هو الذي ألف شيئاً من معاصي الله, من المخالفات, فأصر عليها, ولم يحدث نفسه بالتوبة منها, كل إنسان لا يحدث نفسه بالتوبة, من ذنب وقع فيه, أو لا يحدث نفسه بتطبيق ما يسمع, فقد أوصل نفسه إلى الهلاك.
 يقول عليه الصلاة والسلام في الجامع الصغير:

((ارحموا ترحموا, واغفروا يُغفر لكم, ويل لأقماع القول.
-يعني: كأن هذا الإنسان قمع, القمع معروف, مهما ألقيت فيه من السوائل لا يمسك شيئاً-.
ويل للمصرين, الذين يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون))

[أخرجه الإمام أحمد في مسنده]

طوبى لمن, وويل لمن؟ :

 يقول عليه الصلاة والسلام في حديث آخر:

((طوبى للعلماء, طوبى للعبّاد, ويل لأهل الأسواق, الذين شغلتهم تجارتهم عن ذكر الله))

 أهل الأسواق, الذين شغلوا بدنياهم:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾

[سورة المنافقون الآية:9]

 الله سبحانه وتعالى يقول:

﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ﴾

[سورة النور الآية:36]

﴿رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ﴾

[سورة النور الآية:37]

 فالتجارة مسلية, وجذابة, وقد يستهلك الإنسان وقتاً طويلاً دون أن يشعر؛ قد يفوته فرض صلاة, قد تفوته طاعة, قد يفوته عمل صالح, فلذلك يقول عليه الصلاة والسلام:

((طوبى للعلماء, الذين عرفوا ربهم وأطاعوه, أو طوبى لمن أطاع الله وحده))

 المطيع لله يسمى عابداً, والعالم هو الذي عرف الحكمة, العابد مقاومته هشة؛ لا يصمد أمام الفتن, لا يصمد أمام الضغوط, لا يصمد أمام المغريات, لا يصمد أمام الشبهات, شبهة تفتنه, ضغط شديد يصرفه, وإغراء لماع يحوله, أما العلم, العلم سلاحه؛ فلذلك يقول عليه الصلاة والسلام:

((فضل العالم على العابد, كفضلي على أدناكم.
-المسافة بين رسول الله صلى الله عليه وسلم, وهو سيد الخلق, وبين أقل مؤمن على وجه الأرض, هي نفسها بين العلماء وبين العباد-.
فضل العالم على العابد, كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب))

ما هو السلاح الذي ينبغي على المسلم أن يتخذه في مجتمع الفتن والشهوات؟ :

 مرة ثانية: إذا كان في عصر سابق, يمكن أن نحيا بالتقليد, يمكن أن نسلم بالتقليد.
 قبل مئة عام, أو مئتي عام, المجتمع تحوطه غاية الله؛ الفتن قليلة, الشهوات نائمة, بمثل هذه العصور, يمكن أن تكون عابداً ناجياً, لكن في عصر الفتن فيه مستقرة, والشهوات ملتهبة, والمعصية في كل مكان, والدنيا خضرة نضرة, في مثل هذا المجتمع لا يصلح له إلا الإيمان, إلا العلم, العبادة وحدها لا تكفي.
 كما قلت قبل قليل: العابد مقاومته هشة, ضغط يسير يفتنه, إغراء يسير يصرفه, شبهة تفتنه, لأن الله سبحانه وتعالى: أرادنا أن نطلب العلم.

((الناس رجلان؛ عالم ومتعلم, ولا خير فيمن سواهما))

((يا بني الناس ثلاثة؛ عالم رباني -كلام سيدنا علي-, ومتعلم على سبيل نجاة, وهمج رعاع أتباع كل ناعق, لم يستضيئوا بنور العلم, ولم يلجؤوا إلى ركن وثيق, فاحذر يا كميل أن تكون منهم))

 لذلك:

((طوبى للعلماء, طوبى للعباد, ويل لأهل الأسواق, الذين تشغلهم تجارتهم وبيعهم عن ذكر الله))

ما المقصود من فهم هذه الأحاديث؟ :

((اليد العليا خير من اليد السفلى))

[أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح, وأبو داود والنسائي في سننهما, ومالك في الموطأ]

((ليس الفقير الصابر بأقل أجراً من الغني الشاكر))

((المؤمن القوي خير وأحب إلى الله تعالى من المؤمن الضعيف))

 لا ندعوكم إلى ترك أعمالكم, ولا إلى ترك تجاراتكم, ولا إلى ترك بناء أمتكم, ولا بناء وطنكم, ولكن ندعوكم إلى التوازن, ألا تغلب الدنيا على الآخرة, ألا ننسى طاعة لله من أجل الدنيا, ألا ننسى عملاً صالحاً من أجل الدرهم والدينار, لأن النبي عليه الصلاة والسلام يقول:

((تعس عبد الدرهم والدينار, تعس عبد الخميصة –ثياب, يعني: يخشى على أناقته, فلا يصلي حفاظاً على بنطاله مثلاً, هذا عبد للثياب, ينسى طاعة الله من أجل الثياب.
رجل يلبس ثياباً فارهة, اقترب منه فقير في عهد النبي, فابتعد منه وخشي أن يمسه, فقال عليه الصلاة والسلام: يعني خشيت أن يعديه غناك, أم أن يعديك فقره؟.
يعني: إذا اقترب منك, يصبح غنياً, أم تصبح أنت فقيراً؟ نعم.
ف-: تعس عبد الدرهم والدينار, تعس عبد الفرج, تعس عبد البطن, تعس عبد الخميصة))

 المعنى المخالف: سعد عبد الله.

ما مطالب هذه الأحاديث؟ :

 ويقول عليه الصلاة والسلام:

((العدد دين))

 وعد الحر دين.

((ألا لا إيمان لمن لا أمانة له, ولا دين لمن لا عهد له))

 إن وعدت عليك أن توفي, لأن هذه العدة سماها النبي عليه الصلاة والسلام ديناً, دين في رقبتك, طبع المؤمن لا يُكثر من الوعود, لا يلقي الوعود جزافاً, لا يعد إلا إذا تأكد أنه سيفي, لأن وفاء العهد من الإيمان.

((العدد دين))

((ويل لمن وعد ثم أخلف, ويل لمن وعد ثم أخلف, ويل لمن وعد ثم أخلف))

 لأن الإنسان المؤمن له مكانة دينية, فإذا وعد ولم يوف, هذا الذي وعد, يتهمه بالكذب, يتهمه بإخلاف الوعد, وكلكم يعلم: أن الإنسان له عدالة, وله ضبط, الضبط صفة عقلية, أما العدالة صفة نفسية, ما لو لزم العدالة.

((من عامل الناس فلم يظلمهم, وحدثهم فلم يكذبهم, ووعدهم فلم يخلفهم, فهو ممن كملت مروءته, ووجبت أخوته, وحرمت غيبته))

من أركان العدالة :

 أحد أركان العدالة: أن تفي بوعدك, بالمقابل: معنى ذلك: الإنسان الحصيف الموفق, لا يعد إلا إذا كان متأكداً أنه سينجز وعده, أما هذا الذي يعد أطفاله, زوجته, وعود بلا طائل, ثم يظهر أمامهم أنه يخلف وعوده كلها.
 يعني: طفل صغير صغير جداً, أربع, خمس سنوات, وعدته جدته أن تأخذه مساء إلى نزهة, هي لا تعني ما تقول أبداً, لا تنوي أن تذهب إطلاقاً, لكن أرادت أن تسكت بكاءه, فلما جاء الوقت الموعود, ولم تأخذه إلى النزهة, هو طبعاً: يعيش في بلاد أخرى, قال لها: أنت كذابة, المؤمن إذا وعد وفى.
 بالمناسبة: لا تستهن بالصغار, هذا الصغير إذا وعدته, عليك أن توفي له وعده, لأنك إذا عدته, وما وفيت, علمته الكذب, وعلمته إخلاف الوعد, وعلمته أن هذا الكلام لا معنى له.

متى يكفر الإنسان بالكلمة؟ :

 الإنسان متى يكفر بالكلمة؟ إذا لم ير لها رصيداً في الواقع.
 الآن: معظم كلام الناس ليس له معنى, أنهم لا يعنون ما يقولون, لذلك: الناس الآن كفروا بالكلمة, لمجرد أن تحدثهم, يقول لك: صف كلام, فلسفة, كلام فاض, هذه التهم من أين جاءت؟ جاءت من إنسان تكلم كلاماً لا يعنيه.

((من عد كلامه من عمله نجا, ومن عد كلامه من غير عمله هلك))

((العدَد دين, ويل لمن وعد ثم أخلف, ويل لمن وعد ثم أخلف, ويل لمن وعد ثم أخلف))

 لأن:

((إن هذا الدين قد ارتضيته لنفسي, ولا يصلحه إلا السخاء وحسن الخلق, فأكرموا بهما ما صحبتموه))

لك أيها الغني :

 ويقول عليه الصلاة والسلام في الجامع الصغير:

((ويل للأغنياء من الفقراء))

[أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط, والطبراني في المعجم الصغير]

 يعني: الغني حينما أعطاه الله مالاً, فرض عليه في هذا المال زكاة ماله.

معنى هذا الحديث :

 وقد قال عليه الصلاة والسلام:

((في المال حق سوى الزكاة))

 لو أنك أديت زكاة مالك, وكان لك قريب, في أشد الحاجة إلى المال, وأنت في بحبوحة, هل تظن أنك إذا أديت زكاة مالك, نجوت من المسؤولية؟ لأن الله سبحانه وتعالى يقول:

﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ﴾

[سورة النحل الآية:90]

 فإذا كان أداء الزكاة, عدلاً في إغاثة الملهوف, إحساناً, والآية الكريمة:

﴿لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ﴾

[سورة البقرة الآية:177]

 أرأيتم, في آية واحدة؛ آتى المال على حبه, وأقام الصلاة, وآتى الزكاة.
 معنى ذلك: أن إيتاء الزكاة شيء, وأن إيتاء المال على حب الله ورسوله شيء آخر.
 إذاً: في المال حق سوى الزكاة, وحينما قال الله عز وجل:

﴿وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ﴾

[سورة الذاريات الآية:19]

 قال العلماء:

((هي الزكاة))

 وحينما قال الله عز وجل:

﴿وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ﴾

[سورة الذاريات الآية:19]

 قالوا:

((هي الصدقة))

 فأنت كما أنك مأمور أن تزكي, مأمور أن تتصدق, فالشيء الذي لا تسعه الزكاة, تسعه الصدقة.

تحذير للعالم وللجاهل :

((ويل للعالم من الجاهل, وويل للجاهل من العالم))

 كيف الذي آتاه الله علماً, سوف يحاسبه الله على مدى تطبيق هذا العلم, لأن الجاهل إذا رأى عالماً لا يطبق علمه, زهد بالعلم كله.
 سيدنا علي يقول:

((قوام الدين والدنيا أربعة رجال؛ عالم مستعمل علمه, وجاهل لا يستنكف أن يتعلم, وغني لا يبخل بماله, وفقير لا يبيع آخرته بدنياه, فإذا ضيع العالم علمه, استنكف الجاهل أن يتعلم -لم يرد أن يتعلم-, وإذا بخل الغني بماله, باع الفقير آخرته بدنيا غيره))

 فالعالم عليه أن يكون ورعاً, ليضفى إلى كلامه, والجاهل عليه أن يتعلم لينجو بنفسه, فالجاهل محاسب: لم أنت محاسب؟ والعالم محاسب: لم لم تطبق؟.
 فالهلاك أحياناً: يصيب العلماء, ويصيب الجهال, يصيب العلماء بعدم تطبيقهم ما تعلموا, ويصيب الجهال بعدم طلب العلم, ولا جهل في القانون كذلك, القانون لا يحمي المغفل, والإنسان حينما لا يطلب العلم, ويرتكب الأخطاء, يحاسب مرتين؛ مرة على هذا الخطأ, ومرة لأنه عزف عن طلب العلم.

ماذا يفعل المسلم في مثل هذا الظرف؟ :

((ويل للعرب من شر قد اقترب, أفلح من كف يده))

[أخرجه أبو داود في سننه]

 يعني:

((إذا رأيتم شحاً مطاعاً, وهوى متبعاً, وإعجاب كل ذي رأي برأيه, فالزم بيتك))

 يعني: اتصل بالله عز وجل, واعمل صالحاً؛ خذ ما تعرف, دع ما تنكر, عليك بخاصة نفسك, دع عنك أمر العامة, لأنه:

((فتن كقطع الليل المظلم, يصبح الرجل فيها مؤمناً ويمسي كافراً, ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً, يبيع أقوام دينهم بعرض من الدنيا قليل))

[أخرجه الحاكم في مستدركه]

 طرقوا عليه الباب الساعة التاسعة نائم, يوم الجمعة, معقول!! عشرة نائم, الحادية عشرة نائم, الثانية عشرة نائم, الصلاة الثانية عشرة والنصف, الواحدة نائم, الواحدة والنصف نائم, الثالثة نائم, الرابعة هو نائم, الساعة الخامسة, أتى بصحن جديد, لم يعد ...... ترك الصلاة, وروح صلاة الجمعة, والفجر, والعصر, ويتابع المحطات, حتى يرى الكعبة فقط, نعم, نعم.

صفة سيئة حذر منها النبي عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث ما هي؟ :

((ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك به القدم, ويل له, ثم ويل))

 الكذب من أشد الصفات التي كان عليه الصلاة والسلام يمقتها.
 لأن المؤمن -كما قلت في درس سابق-: يُطبع على الخلال كلها, إلا الكذب والخيانة.
 فالمؤمن إذا كذب أو خان, ذهب إيمانه من قلبه.

تحذر للمالك وللملوك :

((ويل للمالك من المملوك, ويل للمملوك من المالك))

[أخرجه البزار في مسنده]

 يعني: إنسان سيد, وعنده موظف محل تجاري, إن لم تعطه حقه, الويل لك, وﺇن لم يؤد الأمانة, وينصح لسيده, الويل له, هو له حساب خاص, وأنت لك حساب خاص.
 يعني: وسع هذا الموضوع؛ سيد ومسيود, رب عمل وعامل, صاحب متجر وصانع, صاحب معمل وعامل.
 يعني: أي إنسان, الله عز وجل وكله بإنسان, أي إنسان تحت يدك, ويل لك منه, وويل له منك, ويل لك منه, إن قصرت في حقه, إن لم تنصحه, إن لم تؤد له حقه.

ما معنى: أعطوا الأجير أجره؟ :

((أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه))

[أخرجه ابن ماجه في سننه]

 ما معنى: أعطوا الأجير أجره؟ إن لم يقل: أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه.
 يعني: ينبغي أن تعطيه الأجر المكافئ لجهده, هو قد يرضى بأقل من استحقاقه لضيق ذات اليد, قد يرضى بمبلغ بخس جداً, قد يأتيك أناس كثيرون, تضع رقماً قليلاً جداً يرضونه به, لكن هذا الرقم: هل يكافئ جهدهم؟.

((أعطوا الأجير أجره, -الأجر المناسب جداً, المكافئ لجهده, وأعطه سريعاً-, قبل أن يجف عرقه))

[أخرجه ابن ماجه في سننه]

ما سبب ورود هذا الحديث؟:

((ويل للمتألين من أمتي))

 الذين يقولون: فلان في الجنة, وفلان من النار, وكأنهم أوصياء على الناس, أن يضع الإنسان نفسه في موضع الوصايا, أو موضع الوصايا, وأن يحكم على الناس ببساطة, وأن أن يوزعهم بين الجنة والنار, وبين الكذب والنفاق, هكذا ببساطة, وهو أقلهم, هذا اسمه في الفقه المتألي, المتألي: هو الذي يتألى على الله, وسبب هذا الموضوع:
 أن النبي عليه الصلاة والسلام كان عند بعض أصحابه, الذين توفاهم الله عز وجل, وكان من عادة النبي: أن يزور الصحابي الذي توفاه الله, يأتي إلى بيته قبل أن يشيع, سمع امرأة تقول:

((هنيئاً أبا السائب لقد أكرمك الله, قال لها: ومن إدراك أن الله أكرمه؟ قولي: أرجو الله أن يكرمه, وأنا نبي مرسل, لا أدري ما يفعل بي ولا بكم))

 فالإنسان, الأدب مع الله أن تقول: أرجو له الجنة, أما فلان في الجنة, من قال لك ذلك؟ ليس على الوجه التحديد في الجنة, إلا العشرة الذين بشرهم النبي فقط, والباقي على الرجاء, حتى الذين أبشرهم النبي, كانوا في قلق وخوف, وقد رأوا عظم المسؤولية, وهول الموقف.
 فسأل سيدنا عمر سيدنا حذيفة:

((بربك اسمي مع المنافقين؟))

ماذا يفعل المسلم بماله الوفير حتى لا يقع في الشح؟ :

((ويل للمكثرين, إلا من قال بالمال هكذا وهكذا))

[أخرجه ابن ماجه عن أبي سعيد الخدري]

((ويل للمكثرين, إلا من قال بالمال هكذا وهكذا))

[أخرجه ابن ماجه عن أبي سعيد الخدري]

 الإنسان إذا أنعم الله عليه بدخل وفير, لئلا يقع في المآب, وفي الشح:

﴿وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾

[سورة الحشر الآية:9]

 عليه أن ينفق المال هكذا وهكذا.
 و:

((أنفق بلال ولا تخش من ذي العرش إقلالاً))

[أخرجه الطبراني في المعجم الكبير]

((عبدي أنفق أنفق عليك))

تحذير للنساء :

((ويل للنساء من الأحمرين؛ الذهب والمعصفر))

[أخرجه ابن حبان في صحيحه عن أبي هريرة]

 المرأة من أجل الذهب, ومن أجل زينتها, ومن أجل ثيابها, ومن أجل أناقتها, قد تحمر زوجها ما لا يطيق, قد تحمله على كسب المال الحرام, لذلك:

﴿إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوّاً لَكُمْ﴾

[سورة التغابن الآية:14]

 قال العلماء:

((هذه عداوة مآل, وليست عداوة حال))

 يعني: يوم القيامة, حينما يهلك الإنسان بسبب إرضاء زوجته, يراها عداوة له.

((اعلمي يا فلانة, أن في الجنة من حور العين, ما لو أطلت ﺇحداهن على الأرض, لغلب نور وجهها ضوء الشمس والقمر))

 فلأن أضحي بك من أجلهن, أهون من أضحي بهن من أجلك.

احذر أيها المسلم من هذا البيان :

((ويل لمن استطال على مسلم فانتقص حقه))

 لأن الله سبحانه وتعالى يدافع عن الذين آمنوا:

﴿إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا﴾

[سورة الحج الآية:38]

((فويل لمن استطال على مسلم, فانتقص حقه))

 يجب أن تعلم علم اليقين: أن ربك بالمرصاد, وأن الله كان على كل شيء رقيباً, وأن الله حسيبك, سيحاسبك, فالمسلم وغير المسلم, إذا كان الهلاك من انتقاص حق امرئ مسلم, فالهلاك -أيضاً- من انتقاص حق امرئ غير مسلم, لقوله تعالى:

﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾

[سورة المائدة الآية:8]

 الشنآن: البغض, لو أبغضت أيها المؤمن الإنسان, وكان منحرفاً فاسقاً, وكافراً, عليك أن تعطيه حقه.
 يعني: سيدنا عمر مر به رجل, قال:

((يا أمير المؤمنين! هل تحبني؟ قال له: لا والله لا أحبك, قال له: هل يمنعك بغضك لي أن تعطيني حقي؟ قال: لا والله, قال: إذاً: إنما يأسف على الحب النساء))

 معنى ذلك: أن البغض والمحبة لا علاقة لهما بأداء الحقوق بأصحابها.

كم مرة وردت كلمة (ويل) في هذا الحديث, ولمن؟ :

((ويل لمن لا يعلم, وويل لمن علم ثم لا يعمل))

 الهلاك مرتان؛ لمن لا يعلم, ولمن علم ثم لا يعمل.

الخاتمة :

 أيها الأخوة الكرام, الدرس الماضي كان طوبى بعض السجايا الحديدة, التي ندب لها النبي عليه الصلاة والسلام, واليوم: بعض الأخطار المخيفة التي حذرنا النبي صلى الله عليه وسلم منها.
 اللهم علمنا ما ينقعنا, وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً, والحمد لله رب العالمين, الفاتحة.

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور