وضع داكن
26-04-2024
Logo
دورات للطلاب الأجانب - دورة عام 1999 - سيرة الصحابة : 02 - الصحابي أبو طلحة الأنصاري .
  • موضوعات متنوعة / ٠3دورات للطلاب الأجانب / ٠2دورة عام 1999
  • /
  • ٠2سيرة
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

بدأت قصة إسلام أبي طلحة يوم أراد أن يخطب أم سُليم، حيث ذهب إليها فلما بلغ منزلها، واستأذن إليها، فعرض نفسه عليها.
ـ فقالت: إن مثلك يا أبا طلحة لا يُرد، ولكني لن أتزوجك فأنت رجل كافر.
ـ فقال: والله ما هذا الذي يمنعكِ مني يا أم سليم.
ـ قالت: فماذا إذاً ؟!
ـ قال: الذهب والفضة. " يعني أنها آثرت غيره عليه أكثر غنىً منه ".
ـ قالت: بل إني أشهِدك يا أبا طلحة، وأشهد الله ورسوله ؛ أنك إن أسلمت رضيت بك زوجاً، وجعلت إسلامك لي مهراً.
فلما سمع أبو طلحة كلام أم سليم، انصرف ذهنه إلى صنمه الذي اتخذه من الخشب، يتوجه إليه بالعبادة.
ـ هنا قالت أم سليم: ألست تعلم يا أبا طلحة أن إلهك الذي تعبده من دون الله قد نبت من الأرض؟!
ـ فقال: بلى.
ـ قالت: ألا تشعر بالخجل وأنت تعبد جزع شجرة، جعلت بعضه لك إلهاً، بينما جعل غيرك بعضه الآخر وقوداً يخبز عليه عجينه ؟!
ـ قال: ومَن لي الإسلام ؟.
ـ قالت: أنا أعلمك كيف تدخل فيه: تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، ثم تذهب إلى بيتك فتحطم صنمك وترمي به.
حطم أبو طلحة صنمه الخشبي وجعل إسلامه مهرا لأم سليم
ففعل أبو طلحة كل ذلك.. ثم تزوَّج من أم سليم. فكان المسلمون يقولون:
" ما سمعنا بمهر قط كان أكرم من مهر أم سليم، فقد جعلت مهرها الإسلام".
أحب أبو طلحة رسول الله صلى الله عليه وسلَّم، فكان يديم النظر إليه ولا يرتوي من الاستماع إلى عذب حديثه.
فلما كان يوم أُحد ؛ انكشف المسلمون عن رسول الله صلى الله عليه وسلَّم، فنفذ إليه المشركون من كل جانب، فكسروا رَباعيته، وشجوا جبينه، وجرحوا شفته، وأسالوا الدم على وجهه.
انتصب أبو طلحة أمام رسول الله كالجبل الراسخ، ووقف عليه الصلاة والسلام خلفه يتترس به، وأخذ أبو طلحة يرمي سهامه على جنود المشركين واحداً بعد واحد، وما زال أبو طلحة ينافح عن رسول الله حتى كسر ثلاث أقواس، وقتل كثيراً من جند المشركين...
كان أبو طلحة جواداً بنفسه في ساعات البأس، وكان جواداً بماله في مواقف البذل:
كان أبو طلحة من الذين ثبتوا في أحد ونافحوا عن الرسول الكريم
من ذلك أنه كان له بستان من نخيل وأعناب لم تعرف المدينة بستاناً أعظم منه شجراً، ولا أطيب ثمراً، ولا أعذب منه ماءً.
وبينما كان أبو طلحة يصلي في بستانه، أثار انتباهه طائر أخضر اللون، أحمر المنقار، فأعجبه منظره، وشرد عن صلاته بسببه، فلم يدرِ كم صلى ثلاثاً أم أربعاً. فلما فرغ من صلاته ذهب إلى رسول الله، وشكا له نفسه التي شغلها البستان والطائر عن الصلاة، ثم قال: أشهد يا رسول الله أني جعلت هذا البستان صدقة لله تعالى، فضعه حيث يحب الله ورسوله.
عاش أبو طلحة حياته صائماً مجاهداً، فقد أثر عنه أنه بقي بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلَّم نحواً من ثلاثين عاماً صائماً، لم يفطر إلا حيث يَحرم الصوم.
توفي أبو طلحة في غزوة في البحر ودفن في جزيرة نائية
ولما عزم المسلمون على أن يغزوا في البحر في خلافة عثمان رضي الله عنه، أخذ أبو طلحة يجهز نفسه للخروج مع المسلمين، فقال له أبناؤه:
" يرحمك الله يا أبانا، لقد صرت شيخاً كبيراً، وقد غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر، فهلا رَكَنتَ إلى الراحة، وتركتنا نغزوا عنك ".
ـ فقال: إن الله عزَّ وجل يقول:

﴿انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً﴾

( سورة التوبة: من آية " 41 " )

فهو قد استنفرنا جميعاً شيوخاً وشباباً.. ثم أبى إلا الخروج.
وبينما كان أبو طلحة على ظهر السفينة مع جند المسلمين في وسط البحر، مرض مرضاً شديداً فارق على إثره الحياة.
وأخذ المسلمون يبحثون له عن جزيرة ليدفنوه فيها، فلم يجدوا طلبهم إلا بعد سبعة أيام.
وفي عرض البحر ـ بعيداً عن الأهل والوطن ـ دُفِنَ أبو طلحة. وماذا يضره بُعدهُ عن الناس ما دام قريباً من الله عزَّ وجل ؟.

تحميل النص

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور