وضع داكن
20-04-2024
Logo
دورات للطلاب الأجانب - دورة عام 1999 - سيرة الصحابة : 01 - الصحابي سعيد بن عامر الجمحي .
  • موضوعات متنوعة / ٠3دورات للطلاب الأجانب / ٠2دورة عام 1999
  • /
  • ٠2سيرة
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

كان الفتى سعيد بن عامر الجمحي واحداً من الجموع الغفيرة التي شهدت مصرع الصحابي خبيب بن عدي، بعد أن ظفرت به قريش غدراً..
شهد سعيد صلب خبيب بن عدي ودعاءه على قريش
ولما وصلت هذه الجموع الحاشدة بأسيرها إلى المكان المعدِّ لقتله ؛ وقف سعيد بن عامر بقامته الممدودة يُطِل على خبيب وهو يقدَّم إلى خشبة الصَّلب، وسمع صوته الثابت يقول:
" إن شئتم أن تتركوني أركع ركعتين قبل مصرعي فافعلوا ". ثم نظر إليه وهو يستقبل الكعبة، ويصلي ركعتين، ثم رآه يقبل على زعماء القوم وهو يقول:
" والله لو لا أن تظنوا أني أطلت الصلاة جزعاً من الموت لاستكثرت منها ".
ثم رأى سعيد بن عامر كيف قطَّع قومه خبيباً قطعة قطعة، ولقد سمعه يدعو قريش فيقول:
" اللهمَّ أحصهم عدداً، واقتلهم بدداً، ولا تغادر منهم احداً ".
نسيت قريش هذا الحدث، ولكن سعيد بن عامر لم ينسه، كان يراه في حلمه إذا نام، ويراه بخياله وهو يستيقظ، ويتصوره وهو يصلي ركعتيه الهادئتين أمام خشبة الصَّلب، تعلَّم سعيد بن عامر من خبيب ما لم يكن يعلم:
ـ علَّمه أن الحياة عقيدة وجهاد في سبيل العقيدة حتى الموت.
ـ علَّمه أن الإيمان الراسخ يفعل الأعاجيب.
عند ذلك شرح الله صدره للإسلام ؛ فقام في ملأ من الناس، وأعلن براءته من آثام قريش، وخَلْعه لأصنامها وأوثانها، ودخوله في دين الله.
هاجر سعيد بن عامر المدينة، ولزم رسول الله صلى الله عليه وسلَّم، وشهد معه عدة غزوات
دخل على عمر بن الخطاب في أول خلافته فقال: " يا عمر أوصيك أن تخشى الله في الناس، ولا تخشى الناس في الله، وألا يخالف قولك فعلك، فإن خير القول ما صدَّقه العمل ".
عند ذلك دعا عمر بن الخطاب سعيداً إلى مساعدته، وقال: " يا سعيد إنا مولوك على حمص
فقال سعيد: " يا عمر نشدتك الله ألا تفتني ".
فغضب عمر وقال: " ويحكم وضعتم هذا الأمر في عنقي ثم تخليتم عني، والله لا أَدَعُكَ ".
ثم مضى سعيد إلى حمص منفذاً أمر عمر، وما هي إلا أيام قلائل حتى وفد على أمير المؤمنين بعض من يثق بهم من أهل حمص، فقال لهم: "اكتبوا لي أسماء فقرائكم حتى أسد حاجتهم ".
فرفعوا كتاباً فإذا فيه سعيد بن عامر !
ـ قال عمر: مَن سعيد بن عامر ؟
ـ قالوا: أميرنا، والله إنه لتمر عليه الأيام الطوال ولا يوقد في بيته نار. فبكى عمر، ثم بعث له بألف دينار ليستعين بها على حاجته.
فلما وُضع المال بين يدي سعيد جعل يقول: " لا حول ولا قوة إلا بالله ". كأنما أصابته مصيبة، فأخذ الدنانير ثم وزعها على فقراء المسلمين.
لم يمضِ وقت طويل حتى أتى عمر بن الخطاب ديار الشام يتفقد أحوالها، فلما نزل بحمص لقيه أهله للسلام عليه، فقال: " كيف وجدتم أميركم ؟ ". فشكوا إليه أربعاً من أفعاله، فجمع عمر بينهم وبينه، وقال لهم: " ما تشكون منه ؟ ".
ـ قالوا: لا يخرج إلينا حتى يتعالى النهار.
ـ قال: فما تقول يا سعيد ؟
ـ قال: إنه ليس لأهلي خادم، فأقوم كل صباح فأعجن لهم عجينهم، ثم أخبزه لهم، ثم أتوضَّأ وأخرج للناس.
لم يكن لسعيد خادم فكان يعجن عجين أهله ثم يخرج للناس
ـ قال عمر: وما تشكون أيضاً ؟
ـ قالوا: إنه لا يجيب أحداً بليل.
ـ قال: فما تقول يا سعيد ؟
ـ قال: لقد جعلتُ النهار لهم، والليل لله عزَّ وجل.
ـ قال عمر: وما تشكون منه أيضاً ؟
ـ قالوا: لا يخرج إلينا يوماً في الشهر.
ـ قال: وما هذا يا سعيد ؟
ـ قال: ليس عندي ثياب غير التي عليَّ، فأنا أغسلها مرة في الشهر، وأنتظرها حتى تجف، ثم أخرج إليهم في آخر النهار.
ـ قال عمر: وما تشكون منه أيضاً ؟
ـ قالوا: تصيبه من حين إلى آخر غشية فيغيب عمن في مجلسه.
ـ قال: وما هذا يا سعيد ؟
ـ قال: شهدتُ مصرع خبيب بن عدي وأنا مشرك، ورأيت قريشاً تقطع جسده، وهي تقول:
" أتحب أن يكون محمد مكانك ؟ فيقول: " واللهِ ما أحب أن أكون آمناً في أهلي وولدي، وأن محمداً تشوكه شوكة ! ". وإني والله ما ذكرتُ ذلك اليوم، وكيف أني تركت نصرته، إلا ظننتُ أن الله لا يَغفر لي، فأصابتني تلك الغشية.
عند ذلك قال عمر: الحمد لله الذي لم يخيب ظني به.
ثم بعث له بألف دينار يستعين بها على حاجته، فما غادر سعيد مجلسه حتى جعلها في فقراء المسلمين.
ـ رضي الله عنه فقد كان تلميذاً نجيباً، تخرَّج في مدرسة الإسلام، على يدي محمد صلى الله عليه وسلَّم.

 

 

تحميل النص

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور