- ٠2كتاب الله أكبر
- /
- ٠2كتاب الله أكبر
ركن الحج الأكبر الوقوف بعرفة،
((فالحـج عرفة))
كما قال علية الصلاة والسلام لذلك يعد " يوم عرفة " يوم اللقاء الأكبر، بين العبد المنيب المشتاق، وبين ربه التواب الرحيم، فيوم عرفة يوم المعرفة، ويوم عرفة يوم المغفرة، ويوم عرفة يوم تتنزل فيه الرحمات على العباد من خالق الأرض والسماوات، ومن هنا قيل: من وقف في عرفات، ولم يغلب على ظنه أن الله قد غفر له، فلا حج له.
عن جابر رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((ما من أيام عند الله افضل من عشر ذي الحجة، فقال رجل هن أفضل أم من عدتهن جهاداً في سبيل الله، قال: هن أفضل من عدتهن جهاداً في سبيل الله، وما من يوم أفضل عند الله من يوم عرفة ينزل الله تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا فيباهي بأهل الأرض أهل السماء يقول: انظروا عبادي جاءوني شعثاً غبراً ضاحين، جاؤوني من كل فج عميق، يرجون رحمتي، ولم يروا عذابي، فلم يُر يوم أكثر عتيقاً من النار من يوم عرفة))
وروى ابن المبارك عن سفيان الثوري عن الزبير بن علي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: وقف النبي صلى الله عليه وسلم بعرفات، وقد كادت الشمس أن تثوب فقال: يا بلال أَنصِت لي الناس، فقام بلال فقال: أنصتوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنصت الناس، فقال عليه الصلاة والسلام:
((معشر الناس أتاني جبريل عليه السلام آنفاً فأقرأني من ربـــي السلام وقال إن الله عز وجل غفر لأهل عرفات وأهل المشعر الحرام وضمن عنهم التبعات))
فقـام عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: يا رسول الله هذه لنا خاصة ؟ قال: هذه لكم ولمن أتى من بعدكم إلى يوم القيامة، فقال عمر رضي الله عنه، كثر خير الله وطاب.
وروى الإمام مسلم وغيره عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنوا عز وجل ثم يباهي بهم الملائكة فيقول ماذا أراد هؤلاء))
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((ما رئي الشيطان يوماً هو فيه أصغر ولا أدحر ولا أغيظ فنه من يوم عرفة وما ذاك إلا لما رأى من تنزل الرحمة وتجاوز الله عن الذنوب العظام إلا ما أري من يوم بدر، قيل وما رأى يوم بدر يا رسول الله، أما إنه رأى جبريل يزع الملائكة))
، أي يقودهم .
أيها الإخوة الكرام، روى الإمام أحمد والترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير))
ويروى عن حسين المروزي قال سألت سفيان بن عيينة عن أفضل الدعاء يوم عرفة فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، فقلت له: هذا ثناء، وليس بدعاء، فقال: أما تعرف حديث مالك بن الحارث، هو تفسيره، قلت حدِّثْـنيه أنت، فقال: حدثنا مالك بن الحارث قال يقول الله عز وجل:
((إذا شغل عبدي ثناؤه علي عن مسألتي أعطيتــه أفضل ما أعطي السائليــن))
، قال: وهذا تفسير قول النبي، ثم قال سفيان: أما علمت ما قال أمية بن أبي الصلت حين أتى عبد الله بن جدعان يطلب نائله " أي عطاءه "، قلت لا قال، قال أمية:
أأذكر حاجتي أم قد كفانـي حياؤك إن شيمتك الحيـاء
وعلمك بالحقوق وأنت ورع لك الحسب المهذب والثناء
إذا أثنى عليك المرء يومــاً كفاه من تعرضه الثنــاء
ثم قال: يا حسين، هذا مخلوق يكتفى بالثناء عليه، دون مسألة، فكيف بالخالق ؟.
قصة سيدنا يونس عليه السلام حينما التقمه الحوت خير مؤكد لهذا المعنى، فما من مصيبة أشد من أن يجد الإنسان نفسه فجأة في ظلمة بطن الحوت، و ظلمة أعماق البحر، وظلمة الليل، وما من مصـيبة انقطعت معها كل أسـباب الخلاص كهذه المصـيبة فنادى:
﴿ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88)﴾
فاستجبنا له، دققوا في كلمة فاستجبنا، أي أن الله جل جلاله عد ثناء يونس دعاء، " فاستجبنا له ونجيناه من الغم "، انتهت القصة، ولئلا يظن قارئ القرآن أنها قصة تاريخية وقعت مرة، ولم تقع مرة أخرى جعلها الله قانوناً بهذا التعقيب، جعلها الله قانوناً ساري المفعول في كل زمان ومكان، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، قال:
﴿ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88)﴾
فالمؤمن لا يقنط، ولا ييأس من رحمة الله.