وضع داكن
28-03-2024
Logo
الدرس : 64 - سورة البقرة - تفسير الآية 188، المال قوام الحياة
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

المال قيمة مُطْلقة لكل الأعمال البشريَّة :

 أيها الأخوة المؤمنون... مع الدرس الرابع والستين من دروس سورة البقرة، ومع الآية الثامنة والثمانين بعد المئة، وهي قوله تعالى:

﴿ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾

 أيها الأخوة... الإنسان في الحياة الدنيا أودِعَت فيه الشهوات، ولما أودعت فيه الشهوات تحرَّك بها؛ تحرك ليأكل، تحرك ليقتَرن بأنثى، تحرك ليعلو في الأرض، هذه الحركة أساسها الشهوات التي أودعت فيه، هذه الحركة هي تداخل بين الناس، هذا يعطي وهذا يأخذ، هذا يأخذ ولا يعطي، هذا يعطي ولا يأخذ، هذا يأخذ ويعطي، هذا التداخل يحتاج إلى قيمة تقيِّم هذه الحركة، القيمة التي تقيِّم هذه الحركة هي المال.
 أوضح مثل: الإنسان ينقل كمية من الرمال من مكان إلى مكان فيأخذ خمسمئة ليرة، فهذه الخمسمئة ليرة تقابل جهد بشري، إنسان يدرس ثلاثين سنة ليتعلَّم الطب فيعالج مريضاً، يتقاضى ألف ليرة، هذه الألف مقابل هذا الجهد العلمي والعملي الذي بذله.
 فالمال قيمة مُطْلقة لكل الأعمال البشريَّة، أعمال في الزراعة، فالفلاح يبيع محصوله بمال، والتاجر يقدِّم خدماتٍ، يشتري بضاعة ويبيعها ويأخذ جزءاً من المال كأجرٍ لهذا الجهد المتواصل، والصانع يصنع بضاعةً ويبيعها، يـأخذ مقابل ماله وجهده وخبرته، فالمال قيمةٌ تقيَّم بها الأعمال البشريَّة، هذا المال قِوامُ الحياة، فأنت تتقن شيئاً ومحتاج إلى مليون شيء، هذا الذي أتقنته تأخذ عليه أجراً هو المال، وحينما تحتاج إلى أشياء كثيرة تنفق من هذا المال الذي أخذته مقابل جهدك، فتشتري طعاماً، وشراباً، ولباساً، وتُعالج ابنك عند طبيب، وتضع ابنك في مدرسة...

 

المال جعله الله قِوام الحياة وأودع فينا محبَّته :

 فالمال جعله الله قِوام الحياة، وأودع فينا محبَّته، قال تعالى:

﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾

[ سورة آل عمران: 14 ]

 من جملة الشهوات التي أودِعت في الإنسان حبُّ للمال، الإنسان في الأصل خُلق لجنة عرضها السماوات والأرض، ولا بد من دفع ثمنٍ لهذه الجنة، الثمن هو عملٌ في الدنيا، من أجل أن يعمل الإنسان أُودِعَتْ فيه الشهوات، ليِتحرَّك، من خلال هذه الحركة يقيَّم عمله، من أجل أن يصح التعامل بين البشر قُيِّم العمل في الدنيا بمال، هذا المال جزء كبير من قِوام الحياة، فإذا أُخْذَ بالباطل أو أُنفق في الباطل فسدت الأرض بأكملها، وإذا أُخذ بحقٍ وأُنفق بحقٍ أُعْمِرَت الأرض، وأكاد أقول أن كل ما تعاني منه البشرية؛ من حروب، من اجتياحات، من اختلاسات للثروات، من هيمنة، من سيطرة كل ذلك أساسه المال، أساسه أن يأخذ الإنسان مالاً وفيراً يستمتع عن طريقه بالشهوات التي أُودِعَتْ فيه، فالمال مادة الشهوات.
 لأن كسب المال يحتاج إلى نظامٍ يضبِطه، ولأن إنفاق المال يحتاج إلى نظامٍ يضبطه، كانت التشريعات الماليَّة في الإسلام تأتي في الدرجة الأولى، تسعة أعشار المعاصي متعلقة بكسب المال وإنفاقه، لذلك ضبط حركة الإنسان من زاوية ماله شيءٌ مهمٌ جداً:

((يا سعدُ أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة))

[مجمع الزوائد عن سعد بن أبي وقاص ]

 أي اجعل كسبك حلالاً، أيْ أخلص وأتقن واصدق، وكن أميناً ومتقناً حتى تأخذ المال ـ الذي يعبِّر عن جهدك في الأرض ـ حلالاً، فإذا اشتريت به طعاماً وأطعمته لأولادك كان هذا الطعام طَيِّباً:

((يا سعدُ أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة))

[مجمع الزوائد عن سعد بن أبي وقاص ]

فقه المعاوضات :

 الآن يوجد في هذه الآية نهيٌ رائع جداً عن أكل أموال الناس بالباطل، وهذا الكلام يقودنا إلى مفهومٍ عكسي، أيْ أن أكل المال بالحق جائز، كيف تأكل المال بالحق؟ أنت تاجر، اشتريت بضاعةً وبعتها بثمنٍ يزيد عن ثمن شرائها ـ وفق سعر السوق ـ ولم تكذب، ولم تدلِّس، ولم تغُش، ولم تحتكِر، ولم تستغل، ولم تكن البضاعة محرَّمةً، ولا طريقة التعامل محرمةً، إذاً أنت أكلت مال الناس بالحق، هو الربح.
 أو أنّك بذلت جهداً كبيراً بتقديم صناعة، أخذت مقابلها ثمناً، لا شك أنك أخذت ثمناً يفوق تكاليفها، هذا الهامش الذي يفوق التكاليف، أو يفوق رأس المال هو أكلٌ لمال الناس بالحق، سمح الشرع به، فلك أن تزرع الأرض، وأن تبيع محصولك، ولك أن تربي المواشي وأن تبيعها، ولك أن تتاجر، ولك أن تُصَنِّع، ولك أن تأخذ ثمن خبرتك؛ كالحرف اليدوية والمهنية، والراقية كالطب والهندسة، فكل شيءٍ تأخذه مقابل شيء هذا كسبٌ حلال، سمَّاه العلماء " فقه المعاوضات ".
 أي أنك تقدم جهداً وتأخذ مالاً، تعاون مريضاً تأخذ مالاً، تلقي درساً تأخذ مالاً، تشيّد بناءً تأخذ مالاً، تحل مشكلةً تأخذ مالاً، تقضي بين اثنين تأخذ مالاً، فهذا المال مُقابل الجُهد البشري، تأخذه بالحق عن طريق الزراعة، والتجارة، والصناعة، وعن طريق الخدمات ـ بذل خدمات ـ وعن طريق الهبة، وعن طريق الإرث، هذه مصادر كسب المال الحلال، هذه مصادر كسب المال بالحق.
 وأما كسب المال بالباطل فطرقه لا تعد ولا تحصى، قد يكون كسب المال أساسه الكذب، وقد يكون كسب المال أساسه الاحتكار، وقد يكون كسب المال أساسه الاحتيال، وقد يكون كسب المال أساسه العدوان، أو السيطرة، أو إحراج الآخرين، وقد يكون كسب المال أساسه الكذب، كأن يدعي الفقر فيأخذ أموال الناس بالباطل، وقد يكون أساس المال أن تملك قوة قاهرة فتخلِّص الشعوب من ثرواتها.
 هذا الدرس متعلِّق بما تشاهدونه وتسمعونه في العالَم، هناك حروب، هناك عدوان على الثروات الباطنيَّة، هناك هيْمنة وسيطرة، إن دَقَّقت في كل هذه الحركة البشرية تجد أن هدفها أخذ قدرٍ أكبر من المال كي يكون أداةً للاستمتاع بالحياة، والاستمتاع بالحياة فيه ترويةٌ للشهوات التي أودعت في الإنسان.

أنواع الفساد :

هذا الموضوع خطير جداً، إن لم ينظِّم خالق البشر طريقة كسب المال وإنفاقه فالأرض يعمها الفساد، الأرض يعمّها فسادان: فساد اقتصادي، وفساد أخلاقي.
 الفساد الاقتصادي أن تُجَمَّع الأموال في أيدٍ قليلة، قالوا: إن عشرة بالمئة من سكان العالم يملكون تسعين بالمئة من ثروات العالم. هذا وضع فيه اختلال، ولكن الوضع الطبيعي الذي أراده الله عزَّ وجل أن يكون المال دُولَةً بين الناس جميعاً، فإذا كان دولةً بين الأغنياء منكم وقع الفساد في البر والبحر، الفساد أساسه أن تُجَمَّع الأموال في أيدٍ قليلة وأن تحرم منها الكثرة الكثيرة، فإذا كان ذلك كذلك نشأت الثورات، والاختلاسات، والاحتيال، والقهر، والنَصب، أكثر ما تُعاني منه البشرية اليوم بسبب اختلال هذا التوازن، بل إن بعض الحروب الأهلية التي نشبت في بعض الأقطار الإسلامية هناك من يعزوها إلى الفرق الكبير بين فئةٍ وفئة، بين فئةٍ تملك كل شيء، وهي قلةٌ قليلة، وفئةٌ لا تملك شيئاً، وهي كثرةٌ كثيرة. هذا الموضوع من أدق موضوعات الدين..
 أيها الأخوة الكرام... الإنسان حينما ينضبط في كسب ماله، وفي إنفاق ماله يكون قد حقَّق الشطر الأكبر من منهج الله عزَّ وجل، الإنسان في الأصل خُلِقَ لجنةٍ فيها ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشر، خُلِقت لجنةٍ لك فيها ما تشاء، في الجنة ليس هناك كسب، ولا يوجد جهد:

﴿ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ﴾

[ سورة ق: 35]

 أيُّ شيءٍ يخطر على بالك تراهُ أمامك، الأشجار قطوفها دانية:

 

﴿ فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ* فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ* وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ* وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ* وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ﴾

[ سورة الغاشية: 12-16]

 

ثمن الجنة العمل الصالح :

 كل شيءٍ في الجنة مبذولٌ لأهلها بلا مقابل، هذه الجنَّة لها ثمن، والثمن هو العمل الصالح، من أجل أن تعمل أودع الله فيك الشهوات، وضع لك نظاماً لحركة هذه الشهوات، هناك شهوة وهناك منهج، ما هو الفساد؟ هو حركة بدافع الشهوات بلا منهج، فالحركة نحو المرأة بالمنهج الزواج، وبلا منهج زنا، وبيوت دعارة، الحركة نحو المال بالمنهج كسب مال مشروع، من دون منهج سرقة، واحتيال، واغتصاب.. وما إلى ذلك، الحركة نحو العلو في الأرض بمنهج أن تكون خيِّراً معطاءً فيرفعك الناس، بلا منهج أن تكون شريراً مغتصباً فيهابُك الناس، يحبونك إذا أعطيتهم ويخشوْنَك إذا آذيتهم، فهناك شهوات أساس الحركة، فالحركة لا تضبط إلا بمنهج الله عزَّ وجل، إحدى فقرات هذا المنهج في كسب المال وإنفاقه هذه الآية الكريمة، قال تعالى:

﴿ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ ﴾

 أيْ أنَّ الأموال ينبغي أن تكون بينكم متداولةً، الكُتْلَة النَقْدية التي بين أيدي الناس يجب أن تكون موزَّعةً بين كل الناس، هذا هو الوضع المثالي، وقد لفت الله عزَّ وجل نظرنا إلى أن كل التشريعات الإلهيَّة من أجل ألا يكون المال دُولَةً بين الأغنياء منكم، ينبغي أن يكون المالُ دُولةً بين كل الناس، فحينما نكسب الكسب المشروع نرى من دون أن نشع أن المال أصبح متداولاً بين جميع الناس، كيف؟ أنت حينما تسمح للمال أن يَلِدَ المال سوف تنتهي الأمور إلى أن فئة قليلة تملك كل شيء، المال يلِد المال عن طريق الربا، وإيداع المال في البنوك، ولكن ينبغي أن يَلِدَ العمل المال، حينما تلِد الأعمال المال، أنت حينما تريد تأسيس مشروع، شئت أم أبيت، أعجبك أم لم يعجبك لا بد من أن تستخدم ألوف الناس، الألوف، بعض الناس بشكل مباشر، وعدد كثيرٌ جداً بشكل غير مباشر، فأنت حينما تريد كسب المال من الأعمال توزِّع هذا الربح على شكل مصاريف ـ وقد تكون عالية جداً ـ على فئاتٍ لا تعد ولا تحصى.
 إذا فتحت محلاً تجارياً فأنت بحاجة إلى دفتر للفواتير، دفتر الفواتير بحاجة إلى مطبعة، والمطبعة بحاجة إلى موظَّفين، وبحاجة إلى أن تشتري الحبر، وإلى الطابعة، والمطبعة بحاجة إلى حاسب، والمطبعة بحاجة إلى من ينقُل البضائع إلى الزبائن، والمطبعة بحاجة إلى ترخيص، من أجل دفتر فواتير هناك مؤسَّسة اسمها مطبعة، فيها عشرة عمال، أو عشرة موظفين، بالمطبعة تتعامل مع مئات الأشخاص من أجل دفتر فواتير، إحدى شركات السيارات في فرنسا تتعامل مع مئتي ألف مؤسَّسة ـ تقريباً ـ كلها تعملُ لها، لأن أقل قطعة بالمركبة تحتاج إلى معمل.
 حينما ترتدي قميصاً فالزر له معمل، وفتح العروة لها آلات خاصة، والخياطة لها آلات، وهذا النسيج له معامل، القميص تُسْهِم به مؤسَّسات ضخمة وكبيرة جداً ـ دقق في هذه الكلمة ـ فحينما تلد الأعمال المال يكون المال متداولاً بين كل الناس، أما حينما يلد المالُ المالَ يصبح المال محصوراً في أيدٍ قليلة، وتحرَم منه الكثرة الكثيرة، والمصائب، والمِحَن، والانفجارات، والثورات التي تحدث بسبب هذا الفارق الكبير بين تراكُم المال عند بعضهم، وافتقاده عن بعضِهم الآخر، هذا وراء كل مشكلات المُجتمع، واسأل في كل بلدٍ: متى تكثر السرقات، والنهب، والسلب، والاحتيال؟ حينما تقلُّ الأموال بين أيدي الناس.

 

لكلمة (أموالكم) في الآية التالية معنيان :

 إذاً هذه القضية قضية كبيرة جداً، حينما يشرب الإنسان الخمر يؤذي شخصه، وحينما يزني يؤذي معه فتاةً كانت طاهرةً عفيفة فجعلها ساقِطة، أما حينما يأكل الربا فهو يُسهم في انهيار مجتمعٍ وهو لا يدري، حينما يأكله أو يوكله، فقضية المال قضيةٌ خطيرةٌ جداً، لأن المال قوام الحياة. وربنا عزَّ وجل في هذه الآية يقول:

﴿ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ ﴾

 هنا توجد دِقَّة، حينما أضع في جيبي خمسمئة ليرة، وآخذها من جيبي الأيسر وأضعها في جيبي الأيمن، ماذا فعلت؟ أنا أكلت مالي، ماذا فعلت؟ فما معنى هذه الآية؟

 

1 ـ وجوب الحفاظ عليه وكأنَّه مالُك:

 المقصود أن هذا المال الذي هو مال أخيك، عند خالق الكون هو مالُك من زاويةٍ واحدة، هو مالك من زاوية أنه يجب أن تحافِظ عليه وكأنَّه مالُك، سمَّى الله مال أخيك مالَكَ، فمثلاً إذا أعار إنسان مركبته لإنسان آخر يقول له:  اعتبرها سيارتك، أي اعتنِ بها، راعِها، دارِها، لا تُحمّلها ما لا تطيق، اعتبرها مركبتك، أي استعملها كما لو أنها مركبتُك، فكلمة:

﴿ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ ﴾

 أيْ أنَّ هذا المالَ الذي هو مال أخيك هو مالك من زاوية أنك يجب أن تحافظ عليه وكأنَّه مالُك.

2 ـ وجوب إنفاقه في مصالح المسلمين :

 هناك زاوية ثانية: هذا المال الذي هو مال أخيك هو لكل الناس من زاويةٍ واحدة، إنسان معه مبلغ ضخم، يجب أن يعتقد أن هذا المال مِلْك المسلمين، بمعنى أنه يجب أن يُستثمر ـ فَرَضاً ـ في شيء ينفع المسلمين، في معمل غذائي، صناعة راقية، مشروع سكني، أما حينما يُستثمر المال في إيذاء المسلمين؛ في فتح الملاهي، والنوادي الليلية، فأنت بمالك الذي هو ملكٌ لك أفسدت أخلاق الناس، إذاً يجب أن يعتقد المؤمن أن المال الذي بين يديه فيه حقٌ لكل المسلمين، عليه أن ينفقه لمصلحتهم لا لمصلحته هو فقط، فلو أخذه من بلادهم ونقله إلى بلادٍ بعيدة، حَرَمَ المسلمين الانتفاع منه، أو لو أنفقه في معصيةٍ كبيرة، أو في إفساد الأخلاق، أو في عملٍ لا يرضي الله، معنى ذلك أنه سبَّب إيذاءً للمسلمين بماله، فالله يخبره أن هذا المال ليس ماله بل إنه مالٌ لجميع المسلمين. المعنى الأول: وجوب الحفاظ عليه وكأنَّه مالُك. والمعنى الثاني: وجوب إنفاقه في مصالح المسلمين، لأن كل المسلمين لهم الحق أن ينتفعوا بمالك بشكلٍ مشروع وفق منهج الله عزَّ وجل.
 فرضاً لو أن إنساناً معه أموال وأسَّس مزرعة ضخمة، وجعل يبيع من إنتاجها في السوق، هو يتاجر، يزرع ويبيع الفواكه، وحينما تطرح في السوق فاكهةٌ بكمياتٍ كبيرة تهبط الأسعار وينتفع المسلمون، فليس معنى قولنا لك: إن هذا المال هو للمسلمين معنى ذلك أن يأخذوه منك، لا، بل أنت استثمره في صالح المسلمين؛ في الزراعة، أو الصناعة، أو التجارة، أو في عملٍ يرضي الله، لا في أعمال تفسد أخلاق الناس.

يجب أن تلِد الأعمال المال لا أن يلد المالُ المال:

 إذاً حينما سمَّى الله مال أخوتنا مالنا فمن أجل أن نحافظ عليه وكأنه مالُنا، وحينما سمَّى مالنا مال أخوتنا فمن أجل أن ننفقه في صالح المسلمين، هذا معنى قوله تعالى:

﴿ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ ﴾

 الأموال منوَّعة؛ هناك أموال منقولة، وغير منقولة، وبيوت، وحوانيت، وأموال سائلة، وهناك أموال على شكل معدات، هذه الأموال عُزِيَت إلى كل المسلمين من زاويةٍ واحدة هي أنه ينبغي أن ينتفع بها المسلمون جميعاً، ومن زاويةٍ ثانية أن كل مالٍ لأخيك هو مالُك من زاوية أن تحافظ عليه، ولا تأكلوا أموالكم..

﴿ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ ﴾

 قال بعض العلماء: ينبغي أن تكون هذه الأموال متداوَلَةً بينكم، لا أن تكون متداولةً في أيدٍ قليلة، وتداولها في الأيدي الكثيرة يعني أن تلِد الأعمال المال لا أن يلد المالُ المال..

﴿ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ ﴾

 يقابل الباطل هو الحق، الحقُّ هو الشيء الثابت، فعلى مر الحقب، والعصور، والأَمْصار، والأَعْصار، وكل المتغيرات، السرقة حرام، والغش حرام، والاحتكار حرام، وإيذاء المسلمين حرام، وإفساد أخلاقهم حرام، فعلى كل الأعصار إذا اكُتِسَب المال بالباطل، أو أُنفِق بالباطل عَمَّ الفساد الأرض، لذلك قال تعالى:

﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾

[ سورة الروم: 41 ]

 أعلى تجارة في العالم قبل تجارة الأسلحة، وقبل تجارة المواد الزراعية الكيماويَّة، هي تجارة المخدِّرات، تُدِرُّ أموالاً فلكيَّة، ثم توضع في البنوك لتأخذ صفة نظاميَّة ولتكون متداوَلَةً بين الناس.

 

هناك عدة طرق لأكل أموال الناس بالباطل :

 أيها الأخوة الكرام... لا أبالِغ إذا قلت أن ما يعانيه العالم اليوم كله هو من مخالفة هذا المنهج الإلهي، فالمال يؤخذ من طرقٍ غير مشروعة، إما سرقةً، أو اغتصاباً، أو عن طريق الحروب، أو الهيْمنة، أو السيطرة، أو القوة، أو عن طريق عقود إذعان، أو عن طريق الفساد في الأرض؛ نشر المخدرات، أو نشر الفساد، هذا كله يسبِّب أرباحاً طائلة.

﴿ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ ﴾

 كل مسلم ينبغي أن يتعلَّم كيف يكسب ماله، هذا علمٌ ينبغي أن يُعلَم بالضرورة، كيف يكسب ماله؟ فإن لم يتعلم وقع في أكبر معصيةٍ إنها أكل المال بالباطل، فالغشَّاش يأكل أموال الناس بالباطل، والكذَّاب يأكل أموال الناس بالباطل، والمدلِّس يأكل أموال الناس بالباطل، والمحتكِر يأكل أموال الناس بالباطل، والمغتصِب يأكل أموال الناس بالباطل، والسارق يأكل أموال الناس بالباطل، والمحتال يأكل أموال الناس بالباطل، هذه كلها معاصي، فلمجرَّد أن تغشَّ المسلمين أكلت أموالهم بالباطل، لمجرد أن تغير صفة البضاعة كأن تقول لهم: مستوردة. وهي ليست مستوردة أكلت أموال الناس بالباطل، لمجرَّد أن تعرضها عرضاً مغرياً لا يعبِّر عن حقيقتها، أكلت أموال الناس بالباطل، لمجرَّد أنك أعطيتها صفةً ليست فيها، أكلت أموال الناس بالباطل، حينما تستخدم الإيهام، والكذب، والتدليس، والاحتكار، والغش، والاغتصاب، والهيمنة، والسيطرة، والعدوان، والسرقة هذه كلها أكلٌ لأموال الناس بالباطل، أو حينما تعتدي على كسب الآخرين هذا هو السُحْتُ أكل أموال الناس بالباطل، والباطل خلاف الحق.

 

من يعتمد على تشريع أرضي لأكل أموال الناس بالباطل لا ينجو من عذاب الله :

 أيها الأخوة... الحلال ما أحلَّه الله، والحرام ما حرَّمه الله، والله وحده سيحاسبنا جميعاً، لو أن إنساناً ـ فرضاً ـ يسكن في بيت قد استأجره، وعنده بيوت تصلُح لسُكْناه، ولكنه اعتمد على قانون الإيجار مثلاً، فبقي مُغْتَصِباً لهذا البيت مع أنه ليس بحاجةٍ إليه، وبإمكانه أن يسكن في أحد بيوته، فهل يحميه قانون الإيجار يوم القيامة؟ لا يحميه.
 لو سمح لك إنسان أن تأكل ماله بالباطل لأنك أقوى منه، فهل قوتك تحميك من حساب الله يوم القيامة؟ إذاً إذا اعتمد الإنسان على تشريع أرضي لأكل أموال الناس، لا ينجو من عذاب الله..

﴿ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ ﴾

 أيْ أن تعطي القاضي شيئاً من هذا المال كي يحكُم لك كما تريد، أيْ يحكم لك حُكْمَاً يغطي عدوانك، فإذا فعلت هذا ارتكبت جُرْمَيْن: اغتصاب المال بالباطل، وفساد إنسانٍ معك في إقرارك على هذا الاغتصاب بالباطل..

﴿ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ ﴾

 ينبغي أن تكون متداوَلَةً بينكم..

﴿ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ ﴾

 ولكن لو أنك احتكمت مع خصمك إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام ـ في زمانه ـ وكنت طليق اللسان، قويَّ الحُجَّة، لَسِنَاً، وألحن بحجةٍ من أخيك، وانتزعت من فمِ النبي الشريف قراراً يُبَرِّئك ويغطي انحرافك، والقرار من النبي الكريم ـ فتوى من النبي ـ لا تنجو من عذاب الله..

((إنما أنا بشر، وإنكم تختصمون إلي، فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع، فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من النار فليأخذها أو ليتركها))

[الجامع الصغير عن أم سلمة ]

 دقِّق بقطعةٍ من النار.

الآية التالية تقصم الظهر :

 أيها الأخوة هذه آية تقصم الظهر..

﴿ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ ﴾

 يجب أن تأكلها وَفْقَ منهج الله؛ بيعٌ مبرور، تجارةٌ مشروعة، زراعةٌ مشروعة، أما أن تزرع الحشيش، أو أن تزرع التبغ أنت بهذا تفسد أجسام المسلمين، زراعةٌ مشروعة، لا أن تستخدم المواد الهرمونية التي تعطي الثمرة شكلاً جميلاً، وحجماً كبيراً على حساب صحة الناس، هذه كلها مواد مسرطنة، إذاً كسب المال الحلال عن طريق زراعةٍ نظيفة، وتجارةٍ مشروعة، وصناعةٍ نافعة للمسلمين، لا أن تصنع أجهزةً تجعل أخلاقهم في الوَحْل، لا أن تصنع أجهزةً تجعل الزنا يفشو بينهم، لا أن تستثمر المال في أعمالٍ تفسِد أخلاق المسلمين، بل يجب أن تأكل أموال الناس بالحق لا بالباطل، والحَكَمُ هو الشرع وحْدَه، أما التشريعات الأرضيَّة فهي لا تحميك من عذابِ الله.
 أحد الأخوة الكرام قال لي: أنا دخلت في مناقصة عقار، واستطعت بطريقةٍ ذكيةٍ جداً أن أُدْخِلَ معي ستة أشخاصٍ بشكل وهمي، وأن يزيدوا السعر قليلاً قليلاً، فرسا المشروع عليّ بسعرٍ يساوي ثُلُثَي ثمنه الحقيقي، وهو بهذا عدَّ نفسه شاطراً ـ بالتعبير الشائع ـ وعدَّ نفسه متفوقاً، وهكذا اشترى الأرض من أصحابها الشرعيين الذين يزيدون عن أربعين شخصاً، وفيهم أيتام وأرامل، عن طريق مناقصةٍ وهمية أدخل أصحابه، وأصدقائه، ووكلُّهم برفع السعر قليلاً، وكان الإعلان غير صحيح، بعد أن كسب المناقصة ورست عليه، جاء يستشيرني، قال لي: والله فكَّرت بالقبر، وجدت أنه لا يوجد حل، لا بد من أن أُحاسَب، فقلت له: إما أن تعطي أصحاب الأرض حقهم الكامل وإما أن تنسحب من هذه المناقصة.
 التشريعات الأرضية لا تحميك من عذاب الله، فمن الممكن أن تشتري الأرض بقرار أساسه مناقصة أصوليَّة ـ قانونيَّة ـ دخل ثمانية أشخاص فاستقر السعر على هذا الرقم، ولكن هؤلاء السبعة هم ليسوا أنداداً لك، هم ممثلون، قد مثَّلوا دوراً وهمياً، وأنت بهذه الطريقة جعلت السعر يهبط، فأكلت أموال أصحابها بالباطل، ومعك سند، دخلت مناقصة وحقَّقت سعراً منخفضاً، وأنت تعلم الحقيقة، لذلك:

 

﴿ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ ﴾

جميع التشريعات الأرضية لا تحمي الإنسان الذي يأكل المال الحرام من عذاب الله :

 أيْ أنَّ جميع التشريعات الأرضية في العالم كلِّه لا تحمي الإنسان الذي يأكل المال الحرام من عذاب الله، اضطر إنسان إلى ثلاثمئة ألف ليرة، فرهن مزرعته عند شخصٍ مليء، وطلب منه هذا الشخص أن يكتب له هذه المزرعة كضمان، بعد سنواتٍ وسنوات أصبح المبلغ جاهزاً، فجاء الذي أخذ المبلغ إلى من أعطاه المبلغ إياه ليردّه، ولكنّه أجابه: كل منا حقه عنده فوجئ بقوله له: المزرعة ثمنها أربعة أمثال المبلغ، فهذا الذي ضيَّع مزرعته أصابه الهم، وتصاعد الألم حتى أصابته أزمةٌ قلبيَّةٌ، ومات من شدة القهر، كيف ضحى بهذه المزرعة بمبلغ بسيط؟ لكن قبل أن يموت كلَّف ابنه أن يمشي بجنازته إلى أمام دكان هذا المُغْتَصِب، قال له: امش بجنازتي إلى أمام دكانه، وعند دكانه لتقف الجنازة، واخرج أنت من بين صفوف المُشَيِّعين وادخل إلى دكان هذا المُغْتَصِب، وسلِّمه رسالةً، كتب لها رسالة قبل أن يموت، في هذه الرسالة: " أنا ذاهبٌ إلى دار الحق، عند أحكم الحاكمين، فإن كنت بطلاً فلا تلحقني". سمعت أنه ردَّ المزرعة إلى ورثته. فهذه الآية دقيقة جداً:

﴿ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ ﴾

 هذا هو التشريع، فلو كان معك ألف دليل ودليل، وألف حجَّة وحجَّة، وألف قانون، وألف اجتهاد محكمة نقض، ولو كان معك مئة ألف اجتهاد لصالحك، ولم تكن محقاً لا تنجو من عذاب الله. لو معك فتوى من رسول الله ـ هل هناك أبلغ من هذا؟ ـ معك فتوى من صاحب الرسالة، معك فتوى من سيِّد الخلق وحبيب الحَق، معك فتوى من المعصوم، ولم تكن محقاً، ولكنّك انتزعتها بذكائك واحتيالك وقوة حجَّتك وبيانك لا تنجو من عذاب الله، ما قولكم؟

﴿ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ ﴾

 

المال الحلال فيه بركةٌ وخيرٌ كثير :

 أكثر من عشرين ألف قضيَّة بقصر العدل أساسها أكل أموال الناس بالباطل، هكذا، عن طريق الإيجار تُغْتَصب البيوت، عن طريق وكالة عامة تُغتصب الأموال، عن طريق موقف أخلاقي يضيعُ المال، وقد ورد عن بعض العلماء أنه: " ترك دانقٍ من حرام أفضل عند الله من ثمانين حجَّةً بعد الإسلام "، ترك دانق، والدانق سُدْس الدِرْهَم..

﴿ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ ﴾

 أنا أقول: أيِّ تشريع أرضي، لو كان معك كل التشريعات الأرضية لا تنجو من عذاب الله، من اغتصب قيد شبرٍ من أرضٍ طُوِّقه يوم القيامة في جهنَّم، فهؤلاء الذين يصلون ويصومون، ويعيشون على أموال الناس اغتصاباً واحتيالاً، وكسباً ونَهِبَاً، وإحراجاً وإخجالاً هؤلاء سوف يحاسبون.." أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة "..
 المال الحلال فيه بركةٌ وخيرٌ كثير، والمال الحرام يَذهب ويُذْهِبُ أهله معه..

﴿ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾

 أيها الأخوة... هذه آيةٌ دقيقةٌ جداً، أريد أن ألخِّص الكلام: أن هذا المال الذي هو مال أخيك هو مالُك من زاوية وجوب الحفاظ عليه وكأنه مالك، وأن هذا المال الذي هو مالك هو مال المسلمين من زاوية أن تنفقه في مصالح المسلمين، في مصالحهم، في مشروعاتٍ تعود عليهم بالنفع؛ بيوت سكن، مشروعات زراعية، مشروعات تجارية، مشروعات ترفع مستوى معيشتهم، مشروعات تسهِّل لهم الحياة، أما أن تنفقه في شيءٍ محرَّم، فهذا ممنوع.
 الآن: قد تكسب امرأةٌ مالاً عن طريق إفساد أخلاق الشباب، ترقص في ملهى، هي أكلت أموال الناس بالباطل لأن هذا عمل خلاف منهج الله عزَّ وجل، هناك ألف طريقة وطريقة لكسب أموال الناس بالباطل، والشرع هو الشرع، الحسن ما حسَّنه الشرع، والقبيح ما قبَّحه الشرع، ويجب على الإنسان أن يعد للمليون قبل أن يأكل أموال الناس بالباطل، قبل أن يأخذ شيئاً ليس له.
 أيها الأخوة الكرام... آيةٌ يجب أن تكون شعاراً لكل مسلم، أنت في بحبوحةٍ مع الله حينما يكون دخلُك وإنفاقك حلالاً، أما إذا كان هناك شبهات فأنت في ضائقة وقلق لا تدري ما هذا السبب؟ ما مبعث هذا الضيق؟ الضيق هو الشعور أن هناك خروج عن منهج الله.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور