وضع داكن
18-04-2024
Logo
موضوعات علمية من الخطب - الموضوع : 379 - استقرار الأرض وهي تسبح في مسارها.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين, اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم, اللهم علمنا ما ينفعنا, وانفعنا بما علمتنا, وزدنا علماً, وأرنا الحق حقاً, وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً, وارزقنا اجتنابه, واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه, وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

من معاني استقرار الأرض كما وضحتها الآية:

1- القرار:


أيها الأخوة الكرام, آية في القرآن الكريم، هي قوله تعالى:

﴿أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَاراً﴾

[سورة النمل الآية: 61]

من هذا الذي جعلها مستقرةً؟ يستقرُّ عليها البناءُ و لا يتداعى، من هذا الذي جعلها مستقرَّة؟ الأرض تتحرَّك، تسير في الثاني الواحدة ثلاثون كيلو متر، نحن بدأنا الساعة الواحدة الآن قطعنا أربعة وخمسون ألف كيلو متر، منذ أن بدأت فقلت: الحمد لله رب العالمين، ومع ذلك مستقرةٌ استقرارا مطلقا، فلو اهتزَّت ما بقي عليها بناءٌ، قال تعالى:

﴿وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ﴾

[سورة النمل الآية: 88]

تظن أن هذا الجبل ثابت، يمرُّ مرَّ السحاب لأنه يدور مع الأرض.

الدليل على استقرارية الأرض:


أيها الأخوة الكرام, الدليل: أن الزلازل هي اهتزاز للأرض، ماذا يحدث؟ الحلف الذي قصف دولة من دول البلقان ستَّة أشهر بأكملها، بأشدِّ أنواع الأسلحة تطوُّرا، بطائرات الشبح، وباستخدام أشعَّة الليزر, وباستخدام الحواسيب، وباستخدام الـأقمار الصناعية، أحدث أسلحة تمَّ القصفُ بها ليلا و نهارا، في اليوم الواحد أربعمئة طلعة للطائرات, إحكام القصف مُتقن إلى درجة مذهلة، تنزل القنبلة في غرفة النوم، وفي مدخنة المصنع، وفي ستة أشهر من القصف المستمر, والكلفة تزيد تقريبا عن ثلاثمئة ألف مليون دولار، ما فعل هذا القصفُ في ستة أشهر ما بنفقة فلكية ما فعله زلزال في خمس و أربعين ثانية، قال تعالى:

﴿إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيد﴾

[سورة البروج الآية: 12]

قال تعالى:

﴿أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَاراً﴾

 

[سورة النمل الآية: 61]

إننا لا نملك شيئا، من يدري أنها إذا اهتزت الأرضُ ثمانيَ هزَّات بقياس ريختر، لا يبقى بناءٌ، بل إن الإنسان يصبح تحت الأنقاض يئِنُّ, ولا أحد يستمع له.
يا أيها الأخوة الكرام، قال تعالى:

﴿قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ﴾

[سورة الأنعام الآية: 65]

الزلازل، الألغام، الصواريخ, والصواعق, قال تعالى:

﴿أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ﴾

[سورة الأنعام الآية: 65]

وقال تعالى:

﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ﴾

[سورة النحل الآية: 112]

2- التسارع والتباطؤ عند مسيرها حول الشمس:


أيها الأخوة الكرام, الأرض في مسيرها حول الشمس، مسارها إهليلجي، و القطران الأصغري والأعظمي لهذا الشكل معروفان عندكم، فإذا وصلت إلى القطر الأصغر، المسافة قلَّت بينها و بين الشمس، هناك احتمال إن تنجذب إلى الشمس، تتبخَّر في ثانية واحدة، الأرضُ هنا تزيد سرعتها، أما إذا وصلت إلى القطر الأعظم هناك خطر أن تتفلَّت من مسارها حول الشمس، هناك تخفض من سرعتها، وليس هذا هو الذي يعنينا في هذه الخطبة، الذي يعنينا أن رفعَ السرعة هو التسارع، وأن خفض السرعة هو التباطؤ، ولولا التسارع والتباطؤ, لانهدم كلُّ ما على الأرض، قال تعالى: 

﴿أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَاراً﴾ 

[سورة النمل الآية: 61]

هذا هو المعنى الثاني.

3- نظام الجاذبية:

أيها الأخوة الكرام, المعنى الثالث: من خلق نظام الجاذبية؟ وإن كل شيء على سطح الأرض ينجذب إليها، هذا هو الوزن، روادُ الفضاء ينامون على فُرشهم، فإذا وصلوا إلى نقطة انعدام الجاذبية يستيقظون, وهو في سقف المركبة، ليس له وزن، و الحياة بلا وزن لا تُطاق أبدا، أيُّ شيء يذهب من بين يديك, من جعل هذا الشيء يستقرُّ على سطح الأرض، ومن خلق نظام الجاذبية؟ اللهُ عزوجل، قال تعالى:

﴿أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَاراً﴾ 

[سورة النمل الآية: 61]

من جعل في الأرض كلَّ حاجاتك حتى أنت مستقرٌّ بها؟ هل تستقرُّ في مكان ليس فيه ماء؟ أنت لا تستقرُّ إلا في مكان فيه بناء, وماء, وفيه غذاء, وفيه لحم, وفيه خضروات، و فواكه، وطبيب، وكل مرافق الحياة، وقد عدَّ بعض العلماء أن في الأرض مئتين وخمسين و ثمانين ألف مادة غذائية يأكلها الإنسان منوَّعة.

وظيفة المصائب في الكون:


فيا أيها الأخوة الكرام, آيات الله بين أيدينا، ولكن السعيد من يتَّعظ بغيره، و الشقيُّ من اتَّعظ بنفسه، إذا هان أمرُ الله على الناس هانوا على الله، فكانوا تحت الأنقاض، قال تعالى:

﴿وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾

[سورة السجدة الآية: 21]

يا أيها الأخوة الكرام, قال تعالى:

﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾

[سورة الروم الآية: 41]

 

وقف رجلٌ و ألقى محاضرةً عن أحداث تركيا، قال: حاربنا الله ورسوله, وحاربنا الحجاب، واتَّفقنا مع اليهود ضدَّ المسلمين، وأبحنا لهذه المحطَّات الفضائية أن تبثَّ سمومها بين الناس، فعاقبنا اللهُ عزوجل, هذا كلام قاله أحد زعماءهم في محطة فضائية.
أيها الأخوة الكرام, اللهُ عزوجل رحيم بنا، ولكن إن لم نرحم أنفسنا فاللهُ عزوجل لا بدَّ أن يعالجنا، لأنه طبيب، إن تابوا فأنا حبيبهم، وإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم، أبتليهم بالمصائب لأطهِّرهم من الذنوب والمعايب, الحسنة بعشرة أمثالها وأزيد، والسيئة بمثلها وأعفو، وأنا أرأف بالعبد من الأم بولدها.

نهاية المطاف:

اللهمَّ اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولَّنا فيمن توليت، وبارِك اللهمَّ لنا فيما أعطيت، وقنا واصرف عنا شرَّ ما قضيت، فإنك تقضي بالحق ولا يُقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت ولا يعزُّ من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، ولك الحمد على ما قضيت، نستغفرك ونتوب إليك.
اللهم أعطنا ولا تحرمنا، أكرمنا ولا تهنا، آثرنا ولا تؤثر علينا، أرضنا وارض عنا, اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردُّنا، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحةً لنا من كل شر, مولانا رب العالمين.
اللهمَّ اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمَّن سواك.
اللهم لا تؤمنا مكرك، ولا تهتك عنا سترك، ولا تنسنا ذكرك يا رب العالمين.
اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، ولا تهلكنا بالسنين، ولا تؤاخذنا بفعل المسيئين يا رب العالمين, اسق عبادك العطشى يا رب العالمين، اسقنا سُقيا رحمة ولا تجعلها سقيا عذاب يا أكرم الأكرمين.
اللهمَّ بفضلك ورحمتك أعل كلمة الحق والدين، وانصر الإسلام وأعزَّ المسلمين، وخذ بيد ولاتهم إلى ما تحب وترضى إنه على ما تشاء قدير، وبالإجابة جدير.

تحميل النص

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور