وضع داكن
19-03-2024
Logo
الربا - الدرس : 14 - مقدمة عن البيعتين في بيعة والبيع بشكله العام
  • الفقه الإسلامي / ٠6العبادات التعاملية
  • /
  • ٠2الربا
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

  الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

تمهيد.

 أيها الأخوة الكرام؛ بادئ ذي بـدء في الدين أصول وفي الدين فروع.
 الأصل أن تؤمن بالله موجوداً، وواحداً، وكاملاً، الأصل أن تؤمن به خالقاً ورباً ومسيراً، الأصل أن تؤمن أنه لا معبودَ بحق إلا الله، وهذا الإيمان متاح لك من خلال الكون الذي هو مظهر لأسماء الله الحسنى وصفاته الفضلى، وأداة هذا الإيمان العقل الذي أودعه الله في الإنسان فهو مناط التكليف، فأنت بعقلك ومن خلال الكـون المعجز يمكن أن تصل إلى قناعةٍ يقينيةً، يقينية أن لهذا الكـون خالقـاً عظيماً، ورباً رحيماً، وإلهاً حكيماً.
 ثم إنك إن تصفحت كلام الله عز وجل من خلال إعجاز القرآن تدرك أن هذا القرآن كلام الله بالدليل العقلي القطعي الثابت، يعني إلى درجة، والله ولا أبالغ، أنه ما من خلية من جسدك، وما من قطرة في دمك إلا وتنطق بأن هذا القرآن كلام الله من خلال إعجازه وهذا عن طريق العقل.
 ثم إنك يمكن أن تؤمن برسول الله صلى الله عليه وسلم بدليل أنه جاء بهذا القرآن، فالإيمان بالله، والإيمان بكلامه، والإيمان برسوله الذي سيبين كلامه هذه أصول الدين.
 انتهى بعد ذلك دور العقل، العقل أوصلك إلى الله وأوصلك إلى كلامه وأوصلك إلى رسوله وأوصلك إلى الله موجوداً وواحداً وكاملاً، وأوصلك إلى أن كلامه معجزٌ، وأوصلك إلى رسوله مبيناً.
 ثم يأتي دور التلقي، وتفتح القرآن فتقرأ قال تعالى:

﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ﴾

[ سورة النور الآية: 30]

 ولا مجال هنا لكلمة لماذا، فهذا كلام الله، قال تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾

[ سورة البقرة الآية: 104]

 يعني يا من آمنتم بي، يا من آمنتم بعظمتي، يا من آمنتم بعلمي، يا من آمنتم بحكمتي، يا من آمنتم برحمتي، يا من آمنتم بقوتي، يا من آمنتم بمحبتي لكم، افعلوا كذا، بعد أن آمنتَ بالله بعقلك، وآمنتَ برسول الله بعقلك، وآمنتَ بكتابه بعقلك، الآن جاء دور التلقي جاء دور الأخذ عن الله، الآن جاء دور النص، الدين، بالتعريف الجامع المانع نقل عن الله، الدين وحي أوحاه الله.
 النقطة الدقيقة؛ أنه لا يجوز بحال من الأحوال أن تحكم عقلك بالنص، يعني:
 أنت صاحبت إنساناً سنتين أو ثلاثاً، أو أربعاً وجدته قمة في الأدب، قمة في العلم، قمة في الوفاء، قمة في الورع، قمة في العفة، وكان ذاهباً إلى بيروت مثلاً فقلت له اشترِ لي هذه الحاجة فاشتراها لك ودفعت له ثمنها، لمجرد أن تسأل شخصاً آخر عن سعر هذه الحاجة فأنت بشكل أو بآخر تكذبه.
 فبعد أن آمنتَ بالله من خلال العقـل وبالدليل العقلـي اليقيني، بعد أن آمنت برسول الله، بعد أن آمنت بكتابه، فقد انتهى دور العقل، وجاء دور النقل، انتهى دور التحقيق وجاء دور التصديق، انتهى دور المحاكمة وجاء دور المسالمة، هذه الحالة تأتي عقب الإيمان بالله، فأنت بالكون تعرفه، وبعد أن عرفته كيف تصل إليه؟ كيف تتقرب إليه؟ بتنفيذ أمره ونهيه، إذاً:

الإيمان والطاعة شرطان أساسيان:

 أن تؤمن به وأن تطيعه.
 فإن آمنت به ولم تطعه فما انتفعت بهذا الإيمان.
 لو أطعته تقليداً فمقاومتك هشة لا تصمد أمام إغراء ولا أمام ضغط، لأقل ضغط تترك، ولأقل إغراء تكفر، لذلك يمكن أن ترى في المساجد شاباً أقبل على الدين إقبالاً عاطفياً وليس إقبالاً عقلياً واندفع اندفاعاً هشاً، فإن فتاة قد تصرفه عن الدين كله، أو أي ضغط، فلو قال له أحدهم أخذوا اسمك فلن يقرب المسجد أبداً، وانتهى يعني أن أقل ضغط أو أقل إغراء ينهيه.
 فمن أطاعه ولم يتحقق من عظمته فمقاومته هشة، ومن عرفه ولم يطعه فما انتفع بهذه المعرفة.
 البطولة الآن بعد أن عرفته أن تتحرك وفق منهجه، والله أيها الأخوة ما لم تأتِ حركتك اليومية وفق منهج الله فأنت لم تنتفع بهذه المعرفة إطلاقاً، يجب أن تأتي حركتك اليومية سواء: في بيتك، في نومك، في استيقاظك، في علاقتك بأهلك، في علاقتك بأولادك، في عنايتك بجسمك، في عنايتك بطعامك، في كسب مالك، في تجارتك، في بيعك، في شرائك، في نزهتك، في أفراحك، في أتراحك، في علاقتك مع من هم فوقك، في علاقتك مع من هم دونك، في كل حركاتك وسكناتك، ما لم تأتِ هذه الحركة وفق منهج الله فأنت لم تنتفع بهذه المعرفة.

البيع والشراء والنساء.

 وأوسع نشاط بشري هو البيع والشراء.
 فليس من رجل من إخواننا الحاضرين وغير الحاضرين، وليس من إنسان على وجه الأرض إلا ويمارس هذا النشاط يومياً.
 ولن تجد إنساناً على وجه الأرض إلا وهو ذو عـلاقة بشكل أو بآخر بامرأة، هي زوجته طبعاً، وإن لم تكن زوجته فهي امرأة لا تحل له.
 فقضية المال والنساء أوسع مساحة يحتلها الشرع أجل أقول: مساحة المال والنساء، وقضية المال والمرأة نقطتا ضعف في الإنسان لا يؤخذ إلا منهما، فأحياناً أجد شاباً يقول لي انصحني يا أستاذ، أنظر إليه فماذا أقول له؟ في سن الإقبال على الحياة أقول له: غض بصرك، وقد يقول لي إنسان آخر عمره خمسة وخمسين عاماً انصحني فهو تاجر كبيـر، أقول له: اضبط دخلـك، فبعض الناس أول نصيحة له ضبط الدخل، وهناك إنسان أول نصيحة له غض البصر، ولعل تسعة أعشار الأحكام الشرعية في تنظيم كسب المال وإنفاقه وفي تنظيم علاقتك بالمرأة، لذلك يعد أوسع نشاط للإنسان وأكثر نشاط وأدوم نشاط: نشاط البيع والشراء، والبيع معلوم بالضرورة أنه حـلال، بالقرآن والسنة وإجماع الأمة البيع حلال في جـميع مصادر التشريع: بالقرآن والسنة وإجـماع الأمة، قال تعالى:

﴿ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ﴾

[ سورة البقرة الآية: 275]

 آية واضحة كالشمس، وقال تعالى، وهذه الآية أيها الأخوة من أدق الآيات في القرآن الكريم:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾

[ سورة البقرة الآية: 104]

 وكلما قرأت هذه الآية تذكَّرْ هذا التقدم، يعني يا من آمنتم بي، يا من عرفتموني، يا من آمنتم بحكمتي، يا من آمنتم بعلمي، يا من آمنتم برحمتي، يا من آمنتم بمحبتي لكم.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾

[ سورة النساء الآية: 29]

 لا تأكلوا أموالكم بالباطل، عندي جيبان في هذا الثوب لو وضعت خمسمائة ليرة نزعتها من هذا الجيب ووضعتها في الجيب الآخر فهل اعتديتُ على أحد، فما معنى قول الله عز وجل لا تأكلوا أموالكم؟ هـذا مالي أنقله من مكان إلى مكان، رجل باع بيتاً واشترى سيارة فماذا فعل؟ ما اعتدى على أحد، الآية ليس هذا معناها، معناها لا تأكلوا أموال بعضكم بعضاً بالباطل لأن مجتمع المؤمنين مجتمع متكافل متضامن، متعاون، فلو أكلت مـال أخيك فأفقرته كأنك أكلت مالك، وإذا أغنيته كأنك اغتنيت أنت به، ويوجد معنى دقيق جاء به المفسرون أنك يجب أن تتعامل مع مال أخيك وكأنه مالك من زاوية واحدة وهي: ضرورة الحفاظ عليه، فلأن تمتنع عن أكله حراماً من باب أولى.
 يعني إذا إنسان أعارك سيارة وقال لك: هذه مثل سيارتك. ما معنى هذا؟ أنت يجب أن تقودها وأن تعتنـي بها وأن تتجنـب أن تصيبها بالعطب والعطل وكأنها سيارتك، إذا قال لك هذه كأنها سيارتك هل معنى هذا أنه ملكك إياها؟ وهل معنى هذا أنك ذهبت إلى الدوائر الرسمية وامتلكتها؟ لا. عندما قال لك: كأنها سيارتـك يعني احرص عليها واعتـن بها. إنسان أعارك سيـارة لأمر ضروري وقال لك: هذه سيارتك ما معنى هذا الكلام؟ ليس معنى هذا الكلام أنه وهبها لك، معنى هذا الكلام أنه يرجوك أن تعتني بها وكأنها سيارتك بالضبط، هذا معنى قوله تعالى:

﴿ لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ ﴾

[ سورة النساء الآية: 29]

 لا تأكلوا أموال إخوانكم فهو من زاوية واحدة: مالكم من حيث ضرورة الحفاظ عليه، قال تعالى:

﴿ لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾

[ سورة النساء الآية: 29]

 بالباطل قيد هل هناك أكل لأموال إخوانكم بالحق؟ نعم التجارة تشتري السلعة بخمسين وتبيعها بسبعين أنت أكلت من ماله ولكن نظير خدمة كبيرة، أنت استوردت ودفعـت أموالاً منـذ ستة أشهر ودفعـت ضرائـب ودفعت رسوماً واستخدمت موظفيـن، جئت بهذه البضاعـة جزأتها ووزعتها، وشغّلت عندك مندوبين للمبيعات، عندك طقم موظفين من أجل أن توصل هذ السلعة إلى جوار أخيك في الإنسانية، وهو اشترى السلعة بسبعين وأنت اشتريتها بخمسين، عليك مصاريف خمسة أو عشرة وربحت عليه عشرة فأنت أكلت ماله ولكن هذا الأكل بالحق لأن الله أحل البيع.
 فمعنى هذا أنّ أكل مال المسلم له وجهان:
 وجـه حـق ووجه باطل، والنهي تناول الباطل، قال تعالى:

﴿ لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾

[ سورة النساء الآية: 29]

 يعني بغير مسوغ، من دون مسوغ، أحياناً تشتري سلعة لها علبة ومختومة، ومغلفة بغلاف، وينشأ ظرف قاهر وكأنك ندمت على شرائها، أو لم تنتبه لبعض خصائصها فتقول: هل ممكن أن تعيدها، هناك باعة يقول له: تخسر بها خمس مائة ليرة، ولو أنه فتحها واستعملها فهذا موضوع آخر، وليس للبائع مصلحة أن يُعيدها أما كونه ما فتحها ولا استعملها فإذا قال لك البائع تخسر خمس مائة ليرة خلال ربع ساعة، أنت سـلمت إنساناً آلة وأرجعتها لمكانها كما أخذتها رددتها، هذه الخمسمائة لمَ أخذتها أيها البائع؟ مقابـل ماذا؟ مقابـل لا شيء. أنت إذاً بالباطل أخذتها، قد يسأل سائـل أيجوز أن أرجـع؟ العـدل قسري والإحسان طوعي، إذا تم البيـع بالإيجـاب والقبـول، والقبض والتسليم ولا يوجـد عيب وأعطيت الشاري خيار المجلس وما اعترض ونقدك الثمن وسلمته البضاعة وكان راضياً ثم بدا له بعد حين أن يعيد هذه السلعة فأنت بالخيار إن رفضت أن ترجعها له فأنت بالعدل وإن أرجعتها له فأنت بالإحسان والله عز وجل يقول:

﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ﴾

[ سورة النحل الآية: 90]

 فكما أنـك مأمور بالعدل مأمور بالإحسان، ومن أقال نادماً بيعته أقال الله عثرته، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

(( مَنْ أَقَالَ مُسْلِمًا أَقَالَهُ اللَّهُ عَثْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ))

[ أخرجه أبي داود وأحمد]

 ذات مرة قال لي أخ وقد توفي رحمه الله، يبيـع مفروشات: جاءتـني امرأة فاشترت طقم كنبات، لفت نظـري أنها تريد أن تدفع ثمـن هذا الطقم خمسات وعشرات، فافرض أن الطقم ثمنه ثمانية آلاف، أو عشـرة آلاف، وقد نقدتني إياه خمسات وعشرات، سلمتها إياه وقبضت الثمن، ثم قال: وفي اليوم التالي جاءتنـي تبكي وتقـول إنها وفـرت من مصروف البيت ثمن هذا الطقم فلما رآه زوجها قال: إن لم ترجعيه وتأتيني بثمنه أطلقكِ، فجاءت ترجو البائع أن يرجع هذه البضاعة، قال لها: حباً وكرامة، أقسم بالله أنه وضعه على الرصيف ريثما يرده إلى مستودعه فجاء من اشتراه بسعر أغلى.

(( مَنْ أَقَالَ مُسْلِمًا أَقَالَهُ اللَّهُ عَثْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ))

[ أخرجه أبي داود وأحمد]

 إن الله يأمر بالعدل والإحسان، لكن إن أرجعت هذا الطقم لها أي إن أرجعت هذه الآلة ولم تستعملها إطلاقاً وألزمتها أن تدفع خسارة ألف ليرة فهذه الألف فيمَ أخذتها؟ بالباطل هذه لا وجه لها، رجل باع طقم كنبات والذي اشتراه فرح به ودعا أصدقاءَه، أول ما جلسوا عليه خفس، عاد إلى عنده يغلي وقال : الطقم خفس، فقال له: لعلكم جلستم عليه، هذا موضوع آخر ليس له علاقة بالدرس.

مفهوم التراضي بالبيع والشراء.

 قال تعالى :

﴿ لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾

[ سورة النساء الآية: 29]

 فالتجارة أكل للمال لكن بالحق لا بالباطل، الآن يقول لك: التراضي يا أخي وقـد رضي، ولو كشفت له الحقيقة، لو كشفت له أن هـذه البضاعـة ليست مستوردة إنما هي محلية لكن الماركة مزورة فلن يشتري، بالمناسبة صار عندنا معامل بأعلى درجة من التقنية تصنع علامات فارقة، وعلامات صناعة، وصنع في فرنسا، وصنع في الولايات المتحدة الأمريكية، بشكل متقن جداً، فإذا أنت بعت بضاعة على أنها أجنبية، فهناك مثلاً قماش من الصيـن مثلاً يوضـع عليه حاشية: فرنسي، والفرنسي غـالٍ جداً ويوجـد جوخ مثلاً من الدرجة العاشرة ويوضع عليه حاشية: إنكليزي يباع بسعر كبير. هذا غش فلـو أن هذا الذي اشترى هذه البضاعة كشفت له الحقيقة فلـن يرضى، الناس يتمسكون بالرضى الظاهري بالرضى الابتدائي وليس الرضى النهائي فهذا ليس رضى. لو كشف له أنه ربح عليه أضعاف مضاعفة، رأسماله مـائة وبـاع بـألف، هل يرضى؟ لا يرضى، قال تعالى:

﴿ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾

[ سورة النساء الآية: 29]

شروط البيع والشراء:

 بالمناسبة البيع لا يكون حلالاً إلا بتحقيق شروط وانتفاء موانع، هناك شروط يجب أن تتحقق وهناك موانع يجب أن تنتقي، حتى يكون البيع حلالاً، من هذه الشروط.

1- التراضي

 شروط صحة البيع: التراضي، أن يرضى البائع والشاري، أنت لاحظ عندما تشتري آلة ويقول لك صاحبها هذه ثمنها ألفا ليرة، فالذي يحصل تماماً أن الذي اشترى هذه الآلة رأى أنها أثمن من ألفي ليرة، والذي باع هذه الآلة رأى أن الألفين أثـمن منها، لا أحد يبيع حاجة إلا ويعتقد أن ثمنها أثمن منها، ولا أحد يشتري حاجة إلا إذا اعتقد أنها أثمن من ثمنها، إذا كانت المعلومات صحيحة والمواصفات مكشوفة، أما إذا كان تدليس في البيع، فهذا التدليس أخو الكذب، يا أخي: أنا ما كذبت، لا، أنت أوهمته أن … بكذا وكذا.
 إنسان خطب فتاة أين البيت؟ بالمالكي، يا لطيف، طار عقلهم فوراً وافقوا، من دون تردد، ثم ظهر أنه شارع المالكي في ببيلا.
 يقول لك أنا ما كذبت، صح ولكن أنت أوهمتهم أن بيتك في المالكي بدمشق لا في مالكي ببيلا، التدليس أخو الكـذب، فإذا أنت ما كذبت، ولا دلست، ولا أوهمت، ولا احتكرت، ولا استغللْت، ولا زورت فالبيع صحيح وسليم.
 قال لي أخ إنه يضع إضاءة حمراء أمام محل بيع الفروج، لأن الفروج الزهر يكون طازجاً، وغير منقوع بالماء، هذا الضوء الأحمر مخفيّ، والزبون يتوهم أنه طازج، ولكن هذا اللون الأحمر مصدر تدليس، أوهمته أن الفروج طازج، وهناك أساليب لا تعد ولا تحصى في الغش والتدليس والكذب على كل البيع لا يكون حلالاً إلا بتحقيق شروط وانتفاء موانع.
 فمن صحة شروط البيع أو من شروط صحة البيع: التراضي؛ التراضي إذا كشفت الحقائق، ممكن أن تشتري مثلاً قماشاً إنكليزياً حسب الحاشية، لبدلة فيكون تايوانياً، ثم انتفاء الجهالة في الثمن، هذه حادثة وقعت خلاصتها:
 شخص عنده محل تجاري جاره يبيع غرف نوم رأى غرفة جيدة أعجبته فقال له هذه أرسلها إلى بيتي، فبادر وأرسلها فوراً، جاره ما سأله ما الثمن؟ لا الشاري سأل عن الثمن ولا البائع ذكر الثمن، دفع دفعة، ثم دفعة، كلما أرسل دفعة يقول الشاري لنفسه لعله انتهى. ثم اختلفوا، الشاري بذهنه مائة ألف فكانت خمسمائة الف، وتقاتلوا، فالجهالة تفضي إلى المنازعة.
 حدثني أخ وهي طرفة ولكن لها معنى دقيق، قال لي: أنا عملي بالأقمشة وكل مرة ننقل البضاعة عن طريق من يحترف هذه الحرفة، وتقع عند كل نقل بضاعة مشكلة كبيرة يكون الشرط خمس مائة يريد ألفاً، ألم نتفق على خمس مائة فيدعي أن الأثواب وزنها ثقيل والطريق طويل، قال لي: مرة أحببت أن أعمل تجربة فجاء بهؤلاء الذين ينقلون البضاعة إلى مكان البضاعة وقال لرئيسهم عد الأثواب فقال له: لا مشكلة، فقال له: أريد أن تعدهم، فعدهم ثم قال له: احمل الثوب، لماذا؟ قال له: لعله يكون ثقيلاً فحملــه، امشِ معي ووصـل إلى المكان المحدد، والمكان بالطابق الرابع وممنوع استخدام المصعد، فصعدوا بدون مصعد ووضعوا البضاعة بغرفة على الرف العلوي، إذا قال له: عددهم كثير، فقد عدهم، وإذا قال له وزنهم ثقيل، حملهم، وإذا قال له الطريق طويل قاسه، إذا قال له ما سمحوا لنا أن نستخدم المصعد نريد أن تزيد أجرتنا فلا يحـق لهـم، ثم قال: ولأول مرة في حياتي أشارطهم مثلاً خمسمائة فقبلوا وانتهى الأمر. وقال: معوضين أستاذ وانتهى كل شيء.
 يا إخواننا الكرام؛ ما من مشكلة في التجارة إلا بسبب الجهالة، العلماء قالوا: الجهالة تفضي إلى المنازعة، وضِّح، كل إغفال، أو غمغمة، أو اتفاق ضبابي، كل اتفاق لا يوجد فيه وضوح بالثمن فالبيع باطل، من شروط صحة البيع التراضي، وانتفاء الجهالة بالثمن والسلعة، يطلعه على مساطر رائعة، تأتي البضاعة خلاف هذه المساطر، قال: من اشترى ولم يرَ فله الخيار إذا رأى.
 يوجد أساليب للبيع كثيرة بيت خامس طابق الدلال من ذكائه في كل ميدة يقول له قصة لا ينتبه الشاري ، يقول له قصة يرتاح الشاري صعد ثاني طابق قصة ثانية ليرتاح ، يصل إلى فوق مرتاحاً ويرى بيتاً نشطاً له إطلالة جميلة فيشتريه فوراً، لو صعد بشكل مستمر يصل متعباً فلا يشتري، فهذه عملية التدليس، كما أن الكذب، والتزوير، حتى إن أحدهم حدثني أنه صلى باتجاه الشمال والدلال ما دله على جهة القبلة، لأن البيت رآه في الليل وقال له: قبلي، أنا لم أصلِ بعد أعطوني سجادة وصلى باتجاه الشمال، اعتقد أنه قبلي واشترى البيت فكان شمالي الاتجاه.

2- التراضي وانتفاء الجهالة.

 من شروط صحة البيع التراضي، وانتفاء الجهالة في الثمن والسلعة لكل من المتبايعين، قد يكون البيت مرهوناً وهناك دعوى، وعليه ضريبة مالية كبيرة جداً متراكمة، أو قد تكون الأرض ليست واضحة المعالم يقول له: مربعة، ويكون عرضها عشرين متراً وطولها مائتا متر، اطلب المخطط، هذه كلها دروس، المؤمن كيس فطن حذر، وليس كيس قطن، قال تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً﴾

[ سورة النساء الآية: 71]

 وأجمل كلمة قالها سيدنا عمر: لست بالخب ولا الخب يخدعني، لست من الخبث بحيث أخدع ولا من السذاجة بحيث أخدع، أنا لا أخدع ولا أنخدع، مؤمن وليس ساذج.

3- القدرة على التسليم.

 وبعد كل هذا فمن شروط صحة البيع كذلك قدرة البائع على تسليم السلعة، يعني باع بضاعة قبل أن يحوزها إلى رَحله، قال لي صديق رأى مساطر بضاعة أعجبته أخذها من دون اتفاق وسافر بها إلى بعض المحافظات وعرضها بثمن فيه ربح كبير وباعها ورجع ليتم الصفقة فأخبره أن الصفقة بيعت من قبل مجيئه إليه وانتهت، الذي اشتراها منه طلب منه ربحاً على كل متر بثمن البضاعة وله معه مبلغ ضخم قال له أنت بعتني مثلاً ألف " يرد " أريد بكل " يرد " ربحاً، خمسين ليرة، ضرب ألف بخمسين، أريد أن تخصم لي من حسابك خمسين ألف، لأنه تاجر غشيم، والثمن غال جداً فكانت النتيجة خسارة كبيرة.
لا تبع شيئاً حتى تحوزه إلى رحلك، لكن هذه الكلمة أيها الأخوة تحل مشكلة في العالم خطيرة جداً، بيع المضاربة، أكثر البيوع في العالم مثلاً خمسين ألف طن بن في البرازيل تباع ألف مرة وهي لازالت في المستودعات، تباع بالفاكسات، بعت واشتريت. هذا صار قمار وليست تجارة، عندما تحوزها إلى رحلك فأنت تاجر حقيقي استوردتها كي ينتفع الناس بها، فكل بيع وشراء صوري الهدفُ منه المقامرة هذا بيع المضاربة، ما الذي ينفي هذا البيع؟ لا تبع شيئاً حتى تحوزه إلى رحلك، وقدرة البائع على تسليم السلعة وحيازة السلعة في ملكه قبل بيعها، وأن لا يكون فيها عيب قادح، وألا يكون البيع لكل من البائع والمشتري خيار النكل، يوجد عندنا مجلسُ عقدٍ ضمن المجلس لك تقول قبلت أولا، لك أن تنكل ما دمت في مجلس العقد فإذا خرجت من المجلس ثبت البيع، من حق البائع والشاري ضمن مجلس العقد أن ينكل كل منهما ما لم يفترقا فإذا افترقا ثبت البيع.
 يا أيها الأخوة كلمة دقيقة جداً؛ الإسلام نصوصه كلها شفهية، يعني إذا أنت قلت اشتريت وقال لك الطرف الثاني بعت، فكلمة اشتريت وكلمة بعت نقلت الملكية إليك لو احترقت البضاعة على الذي قال اشتريت ولو لم يدفع ثمنها.
 وهناك قصة جرت في الشام من أشهر القصص: جلسة في محطـة وقود عصراً، جلسة مؤانسة، تسلية وزعوا كؤوس الشاي قال الأول للثاني أتبيعني هذه المحطة؟ فقال له: أبيعها، قال له: بكم، قال: بستمائة ألف، قال له: اشتريت، لا البائـع جاد ولا المشتري جاد، ولم يحـدث شيء بعـد هذا الإيجاب والقبـول ولا كلمة ولا اتصال هاتفـي ولا لقاء لمدة اثنتي عشرة سنة، الذي قال اشتريت له محام بارع جداً قال له: هذه المحطة ملكك صار ثمنها اثني عشر مليوناً، أقام دعوى عليه وجاء بالشهود فعلاً قال له بعتك وقال له اشتريت، قال له: ولكن ما دفع الثمن، فقال له: موضوع آخر، أنت ما طالبته.
 اثنان في قطار وشوهدت محفظة كبيرة جداً على مقعد قـال له أزح هذه الحقيبة، قال له: لا أزيحها، تلاسنوا، تشاحنوا، تماسكوا، تضاربوا، جاءت الشرطة بالقطار، أوقفوا القطار ما هي المشكلة؟ قال له: هذه المحفظة لا يرفعها من هنا، فقال له: لماذا لم ترفعها من هنا؟ فقال له: ليست لي هي لفلان، فقالوا له: لماذا لم ترفعها من هنا؟ فقال: ما أحد طلب مني أن أرفعها من هنا.

4- الإيجاب والقبول.

 ما دمت في مجلس العقد فأنت مخير، أن تقول رفضت، أو أن تقول بعت، قال اشتريت، هكذا سمعت الموضوع وما تحققت منه، نقلت هذه المحطة لمن قال اشتريت بعد اثني عشر عاماً بستمائة ألف ليرة فانتبهوا بالزواج لا يوجد مزاح، ثلاثة هزلهـن جد وجدهـن جد الزواج والإعتاق والطلاق، والبيع لا يوجد فيه مزاح أن تقول له بعتك فإذا شهد شهود فأنت بعته وانتهى الأمر، لا تقل بعتك، دائماً تريث، مرة ثانية الإيجاب والقبول هما شـرطا البيع ولو لم يكن عقد مكتوب.

5- بيع العينة لا يجوز.

 عندنا شرط آخر مانع، وألا يكون هذا البيع مراد به الربا كبيع العينة في أكثر البلاد الإسلامية طبعاً الربا محرم ولكن هناك حيلة على الربا هي: بيع العينة، يعني يضع أحدهم سجادة أو صندوق شاي أو أي حاجة فيأتي مقترض الربا، يشتري صندوق الشاي بألف ليرة مثلاً ديناً، بعد ما يشتريه بألف ليرة ديناً يبيعه لصاحب المحل نقداً بثمان مائة ليرة يسجل ألفاً ويدفع ثمان مائة، في بلد إسلامي آخر صندوق شاي بالريالات، في بلد إسلامي سجادة يعني ممكن أن يتم قرض ربوي بفائدة عالية جداً من خلال بيع صوري شكلي، فيشتري الصندوق بألف ديناً ثم يشتري منه البائع نقداً بثمان مائة، قالوا: وألا يكون هذا البيع مراد به الربا كبيع العينة والمقصود من قوله تعالى:

﴿ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾

[ سورة البقرة الآية: 275]

 ليس على إطلاقـه العـام كما يتصـوره الناس بل أحل الله البيع بشروطه ومواصفاته التي بينتها الآيات وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس كل ما يسميه الناس بيعاً هو حلال، بل الحلال ما جاء موافقاً للشروط والمواصفات التي شرعها الله تبارك وتعالى، وأما ما كان بيعاً ينطوي على غرر أو حيلة أو ربا فهو حرام.

(( نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لُبْسَتَيْنِ وَنَهَانـَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعَتَيْنِ عَنِ الْمُنَابَذَةِ وَالْمُلامَسَةِ وَهِيَ بُيُوعٌ كَانُوا يَتَبَايَعُونَ بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ))

[ أخرجه النسائي عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ]

 والنبي نهى عن أكثر من ثلاثين نوعاً من أنواع البيوع، فإذا قال هؤلاء وأحل الله البيع فهناك بيوع محرمة، النبي نهى عن ثلاثين نوعاً من أنواع البيوع.

البيع الناجز والمؤجل.

 بقي في هذا الدرس تقسيم لطيف للبيوع، ينقسم البيع إلى قسمين:
 بيع ناجز وبيع مؤجل.
 البيع الناجز: أن يتم فيه التبادل بين البائع والشاري يداً بيد في وقت واحد.
 ونعني بالتبادل؛ الثمن والسلعة دفعتَ واستلمتُ، باللغة الأجنبية، كاش أند كاري، ادفع واحمل وامشِ هذا بيع يداً بيد في وقت واحد تبادل البائع والشاري السلعة والثمن.
 أو السلعة بالسلعة بعته قمحاً مثلاً بتمر، التمر مال والقمح مال، كقمح بقمح أو قمح بتمر وهذا له صورتان، صورة مشروعة وصورة محرمة.
 البيع الناجز: أن يتم به التبادل حالاً بين المتبايعين، بين البائع والمشتري، يعني تبادل السلعة بالثمن أو تبادل السلعة بالسلعة، أكرر: لهذا البيع الناجز صورتان، صورة محرمة وصورة مشروعة، فالمحرمة بيع صنف بجنسه متفاضلاً، أن تبيع قمح بقمح، أبيع قمح حوراني بقمح مستورد متفاضلاً، هذا بيع محرم كبيع صنف بجنسه متفاضلاً كبيع تمر بتمر مع الزيادة أو بيع ذهب بذهب مع الزيادة أو بيع فضة بفضة مع الزيادة وهذا كله قطعي التحريم.
 الصورة المشروعة من هذا البيع إذا اختلفت هذه الأصناف: بعنا تمراً بقمح، يجوز البيع والاستبدال مع الزيادة، كيف شئنا، فيجوز بيع طن قمح بنصف طن تمر بشرط أن يكون التسليم في الحال. هذا حكم البيع الناجز: لك أن تبيع شيئاً بشيء، سلعةً بثمن، سلعةً بسلعة بشرط يداً بيد، إذا وجد تماثل فممنوع التفاضل، وواجب أن يكون التسليم حالاً يداً بيد، إذا لم يكن تماثل ممكن أن يكون تفاضل لكن الشرط المستمر هو التسليم يداً بيد ومثلاً بمثل.
 أما إذا تأخر فيه تسليم بدل عن بدل وهذا له صور كثيـرة؛ بعضها مشروع وبعضها غير مشروع.
 الآن نلخص البيـع العاجل:
 البيـع العاجل التسليم فوري والدفع فوري، دفع وتسليم، دفعت الألفين أخذت المسجلة، إذا كان في تماثل ممنوع التفاضل، قمح بقمح من دون تفاضل، تمر بتمر من دون تفاضل، قمح بتمر ممكن لكن لابد من أن يكون التسليم في وقت واحد، يعني إذا الإنسان اشترى ذهباً بعملة سورية ممنوع أن يتأخر التسليم لا العملة السورية ولا الذهب ممنوع مباشرةً، حتى إذا الإنسان باع عملة بعملة يجب أن يكون سعر اليوم والتسليم مباشرةً حتى يكون حلالاً، سعر اليوم والتسليم مباشرةً، هذا إذا كان بيع العملة مسموحاً به طبعاً.
 الآن بيع الأجل: الصور المحرمة بيع الأجل له صور عديدة، بيع الأجل بيع تمر مثلاً أو قمح بصنف آخر كالشعير إلى أجل هذا لا يجوز إجماعاً أقول لا يجوز إجماعاً أن تبيع صنفاً بصنف مع التأجيل في التسليم لقول النبي عليه الصلاة والسلام :

(( الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ وَالشَّعِيـرُ بِالشَّعِيـرِ وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلاً بِمِثْلٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ يَدًا بِيَدٍ فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ))

[ الترمذي ـ النسائي ـ ابن ماجة ـ ابي داود ـ أحمد ـ الدارمي عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ]

 عندنا ثلاث كلمات بَر، وبُر، وبِر، البَر اليابسة، والبِر الإحسان، ماذا بقي؟ إذا كان قمح؟ البُر، إذا وجد تماثل فممنوع التفاضل، إذا كان اختلاف بالنوع فمسموح التفاضل أما بالحالات كلها يداً بيد، هذا صنف.
 الآن يوجد صنف آخر اشترى سلعة ودفع ثمنها وتسليمها آجلاً، هذا بيع السلم يجوز بلا إشكال. هذا وضع استثنائي النبي شرعه، يعني راعٍ يوجد عنده ألف رأس غنم على وشك الموت جوعاً ليس معه ثمن علف ممكن أن يبيع صوف الغنم الآن ويقبض ثمنه ويشتري طعاماً وعلفاً للغنم ويسلم الصوف بعد ستة أشهر، هذا بيع السلم شراء سلعة مما تخرجه الأرض زراعة قمح، أو صوف أو ما شاكل ذلك ليست موجودة الآن، يعني بيع التقسيط معاونة البائع للشاري، قال تعالى:

﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾

[ سورة المائدة الآية: 2]

 بيع السلم معاونة الشاري للبائع، السلف الصالح كانوا قديماً إذا رأوا إنساناً يبيع عنباً وتأخر بعض الوقت ولا يمكنه ترك البضاعة في الطريق كان بعض الصالحين يشترون العنب منه ويجعلونه خلاً، يعني هذا شراء لوجه الله أحياناً تشتري هذه الحاجة وتعاون بها، أحياناً طفل يتسول منك لا تعطه، أما إذا باعك مسكة اشترِ منه، إذا كان يبيع فاشترِ منه، إذا طفل فقير جداً وقال له أبوه اذهب واعمل فاشترى علب محارم أو مسكة ...، فإذا طلب منك التسول لا تعطه لأنك إن أعطيته تعلمه على التسول، أما طلب منك أن يبيعك ولم تكن بحاجة إلى هذه السلعة اشترها منه ولك أجر.

 الآن بيع سلعة بالدراهم والدنانير على أن يستلم المشتري السلعة وقت العقد ويؤجل تسليم الثمن هذا بيع المؤجل أي بيع التقسيط، فإذا كان السعر واحداً لا يتأثر بالدفع الفوري أو بالدفع على أقساط فالبيع مشروع فله أوكسهما، أما إذا كان السعر يتأثر بالزمن فهذا الموضوع موضوع الدرس الماضي.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور