وضع داكن
29-03-2024
Logo
كلمات مضيئة للدكتور عمر عبد الكافي - الندوة : 4 - الاستقامة شهادة الأمة
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

الدكتور عمر :
أشهد أن لا إله إلا اله ولي الصالحين وأن سيدنا محمداً عبده ورسوله ، اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه ، يا سيدي يا رسول الله ، صلاة وسلاماً متلازمين إلى يوم الدين .
أما بعد : أحبتي في الله أحييكم جميعاً أينما كنتم في الأرض بتحية الإسلام ؛ السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ، أحبتي في الله إلف العادة والتقليد الأعمى والركون إلى الراحة هذه عوائق كثيرة تقف أمام من يريد الاستقامة ، وكان أبو بكر صدّيق الأمة رضي الله عنه يقول إني بليت بأربع ما سلطوا ، إبليس والدنيا ونفسي والهوى كيف الخلاص وكلهم أعدائي ؟
لا يمكن إنسان أبداً أن هناك عوائق في هذه الدنيا ، وأن الله عز وجل حفّ الجنة بمكاره وحفّ النار بالشهوات ، حتى يقال أن جبريل لما اطلع على الجنة قال يا رب ما سمع أحد عنها إلا وعمل من أجل دخولها ، فلما حفها الله بالمكاره إذا بجبريل يقول : ما أظن أن أحداً سوف يدخلها ، لأن الإنسان يحتاج إلى جهد ومجاهدة ، صلاة الفجر ، قيام الليل ، كظم الغيظ ، الإحسان لمن أساء إليك ، إخلاص العمل ، رقابة الله عز وجل ، معاداة الشهوات ، معاداة من يعادي دين الله عز وجل ، كل هذا يحتاج إلى جهد ، لكن النار فيها شهوات ، الجلسة الجميلة والكلمة اللطيفة ظاهرياً والنكتة الخارجة ظاهرياً وهكذا ، وأستشعر أن هذا إنما هو من سلاسة الحياة وتسهيلها ، لكن نقول : إن الإنسان حينما يتمرد على إلف العادة طالما أنها لا تطابق دينه ولا شرع ربه ، عندئذ يتوقف حتى يستطيع أن يكابد هذه الحياة ، ويستقيم على أمر الله ، فإذا وصل إلى القمة استراح ثم سار عليها كما سار صحابة الحبيب صلى الله عليه وسلم .

 

ترحيب حارٌ من الدكتور عمر بالأستاذين الكريمين :

أحبتي في الله يشرفني أن أكون في هذه الحلقة بصحبة عالمين جليلين وعلمين من أعلام الدعوة ، مرحباً بالأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي أستاذ الإعجاز في القرآن والسنة في كليات الشريعة وأصول الدين في دمشق ، أيضاً أرحب بأخي الدكتور عربي الكشاط ، دائماً تضيفون إلينا وتنيرون حلقاتنا بهذا الفكر المستنير وهذه الكلمات الطيبة التي تتقاطر من أفواهكم بارك الله بكم .
الدكتور عربي :
شكر الله لكم ولجهودكم .
الدكتور عمر :
تقبل الله منا ومنكم وشكر الله لكم دكتور راتب .

 

الاستقامة مطلب كمالي لكل إنسان :

إذا كان الإنسان في هذه الحياة يريد أن يستقيم ، والاستقامة مطلب كمالي لا يرفضه إنسان ، لا أحد يرفض أن يكون مستقيماً حتى إن أبانا آدم حينما قال له إبليس :

﴿ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ (20)﴾

(سورة الأعراف)

عندئذ ضحك عليهم وظن أبونا آدم أن أحداً لا يقسم بالله كذباً ، الأمر لم يتضح له جيداً .
الدكتور راتب :
فنسي ولم نجد له عزماً على المعصية .
الدكتور عمر :
وهذه ورثها بنوه من بعده ، وما سمي الإنسان إلا لتناسيه أيضاً هذا من باب كل بني آدم خطاء و لكن خير الخطائين التوابون ، أنا أريد دكتور راتب أن نستوضح هل الاستقامة ونحن نتحدث عنها وأنت بفضل الله عز وجل تلمس الحقائق ، نريد أن نعرف مدى علاقة الاستقامة بمعرفة الله سبحانه ، أنا أستقيم بحالي لا آكل حراماً ، لا أظلم ، أصوم ، أعامل زوجتي معاملة جيدة ، هذه الاستقامة بعرف الناس ، لكن معرفة الله عز وجل ، لأن في الحلقة السابقة فضيلتكم وضحتم لنا كلام ابن القيم : من أعجب العجب أن تعرفه ثم لا تحبه ومن أعجب العجب أيضاً أن تحبه ثم لا تطيعه . فالمسألة هنا لماذا هذه العوائق الكثيرة تضع هذا الغبش على القلب في معرفة الله سبحانه ، ما علاقة الاستقامة بمعرفة الله أو ما علاقة معرفة الله بالاستقامة ؟

 

علاقة معرفة الله بالاستقامة :

الدكتور راتب :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين .
دكتور عمر جزاك الله خيراً على هذا السؤال ، بادئ ذي بدء أنا أؤمن وأرجو أن أكون على صواب أنك إذا عرفت الآمر ثم عرفت الأمر استقمت على أمره ، أما إذا عرفت الأمر ولم تعرف الآمر تفلت من الأمر .
على كل في مثل بسيط جداً إنسان في قطعة عسكرية يأتيه أمر من عريف أو عريف أول ، مساعد أو مساعد أول ، ملازم أو ملازم أول ، فإذا جاءه من أعلى رتبة في الجيش يختلف الأمر ، فكلما كان الآمر قوياً كاملاً بيده مصيرك يختلف الأمر ، فلذلك أنا أرى أن في القرآن آيات كثيرة ، هناك آيات فيها أمر موقف المسلم من هذه الآيات أن يأتمر ، هناك آيات فيها نهي موقف المسلم أن ينتهي ، هناك آيات فيه وصف للجنة موقفه أن يسعى إليها ، هناك آيات فيها وصف للنار موقفه أن يفر منها ، هناك آيات تحكي لنا قصص الأمم التي أهلكها الله عز وجل موقفه أن يتعظ ، فإذا كان في القرآن بضع مئات من الآيات التي تتحدث عن الكون فما موقف الإنسان منها ؟ أيعقل أن يقول الله عز وجل كلاماً محكماً ليس لنا منه موقفاً ؟ مستحيل لأن الإنسان لله طرق سالكة إليه ثلاثة ، التفكر في خلقه ، والنظر في أفعاله ، وتدبر آياته .

من آيات الله الدالة على عظمته :

1 ـ الأرض في مسارها :

حينما نرى في القرآن مئات الآيات المتعلقة بالكون ما موقفنا منها ؟
أضرب مثلاً بسيطاً لقطة من آيات الله في الآفاق ، ولقطة من آياته في الإنسان أما الأولى ، الأرض تدور حول الشمس في مسار إهليلجي (أي بيضوي)وهذا المسار له قطران أكبر وأصغر ، فإذا اقتربت الأرض من القطر الأصغر قلت المسافة بينها وبين الشمس وبحسب قانون نيوتن هناك احتمال أن تنجذب إليها ، فإذا انجذبت إليها تبخرت في ثانية 

واحدة

ما الذي يمنع هذا الانجذاب ؟ أن الله يرفع سرعتها لينشأ من ازدياد السرعة قوة نابذة تكافئ القوة الجاذبة ، فتبقى في مسارها . 

﴿ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا ﴾

(سورة فاطر)

أي أن تنحرف عن مسارها ، أن تبقى الأرض في مسارها هذه آية عظمى من آيات الله الدالة على عظمته .
الدكتور عمر :
قوة الطرد المركزي وقوة الجذب .
الدكتور راتب :
يتوازنوا ترفع السرعة ينشأ عن هذه السرعة الزائدة قوة نابذة تكافئ القوة الجديدة الجاذبة ، يد من ؟ فعل من ؟ هل الأرض عاقلة ؟ الآن تابعت سيرها فوصلت للقطر الأكبر ، تباعدت المسافة بينها وبين الشمس هناك احتمال أن تتفلت من جاذبية الشمس التجمد المطلق مئتين وسبعين تحت الصفر ، تنتهي الحياة في انجذابها إلى الشمس وفي بعدها عنها .
ما الذي يحصل ؟ تبطئ الأرض من سرعتها ، يد من ؟ حكمة من ؟ تصميم من ؟ ينشأ من بطء السرعة قوة نابذة أقل تكافئ القوة الجاذبة الأقل فتبقى في مسارها :

 

﴿ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا ﴾

(سورة فاطر)

2 ـ رفع السماوات بغير عمد :

الآن في عالم فيزيائي لا يعرف الله أبداً من بلاد رفعت شعار لا إله فقال : لو أن الأرض تفلتت من جاذبية الشمس أردنا أن نرجعها للشمس قال : نحتاج لمليون مليون كبل فولاذي ، وكل كبل قطره خمسة أمتار أي يحمل مليونين طن . يعني الأرض مرتبطة بالشمس بقوة تساوي مليون مليون ضرب مليوني طن من أجل أن تحرفها ثلاثة ميلي كل ثانية ليكون هذا الانحراف مؤدياً لمسار مغلق حول الشمس ، فلذلك هذه الحبال لو زرعناها على سطح الأرض المليون مليون كبل لفوجئنا أن بين الحبلين مسافة خمسة أمتار فقط ، نحن أمام غابة من الفولاذ لا يوجد ملاحة ولا بناء ولا طيران ولا زراعة لا شيء ، ما في شمس : 

﴿ اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ﴾

(سورة الرعد)

قال علماء التفسير بعمد لا ترونها ، هذا الإله العظيم يعصى ؟ ألا يستقام على أمره ؟ ألا يخطب وده ؟ ألا ترجى جنته ؟ ألا تخشى ناره ؟ الله عز وجل قال :

 

﴿ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ (53)﴾

( سورة فصلت )

3 ـ المشيمة عند الأم :

المرأة حينما تولد دكتور عمر ينزل مع الجنين قرص لحمي اسمه المشيمة ، هذه المشيمة يجمع فيها الله عز وجل دورة دم الأم مع دورة دم الجنين معاً ، و الدمان من زمرتين مختلفتين ومن مسلمات الطب أنك إذا أعطيت الإنسان دماً من غير زمرته يموت فوراً بانحلال الدم ، ودم الأم زمرة ودم جنينها زمرة ولا يختلطان ، قال بينهما غشاء سماه علماء الطب الغشاء العاقل ، لأنه يقوم بأعمال لا يستطيعها أطباء الأرض مجتمعين ، يأخذ الأوكسجين من دم الأم يطرحه في دم الجنين ، ثم يأخذ السكر من دم الأم يضعه في دم الجنين ، ثم يأخذ الأنسولين من دم الأم يضعه في دم الجنين ، صار في سكر ، أوكسجين ، أنسولين ، قام بدور جهاز الهضم والتنفس والبنكرياس .
احترق السكر بالأوكسجين عن طريق الأنسولين ، ولّد طاقة ، حرارة الجنين (37)من أين جاءت ؟ الفضلات ثاني أكسيد الكربون يأخذه من دم الجنين يطرحه في دم الأم ، نَفَس الأم ( زفير الأم )جزء منه نَفَس جنينها ، عوامل مناعة الأم يأخذها الغشاء العاقل يطرحها في دم الجنين ، فالجنين محصن من كل الأمراض التي أصيبت بها أمه .
شيء ثالث الآن يأخذ الغشاء العاقل حاجات الجنين الغذائية وهذا يعجز العلماء عن معرفة المقادير ، حتى أن بعضهم قال لو أوكل أمر الغشاء العاقل للأطباء لمات الجنين في ساعة واحدة ، يأخذ الغشاء العاقل (هو الله عز وجل ، هذا الإيمان ، هذا الإشراق)يأخذ حاجات الجنين ، بروتينات ، مواد دسمة ، شحوم ، أنزيمات ، فيتامينات ، معادن ، أشباه معادن ، كلها يأخذها بمعايير تتبدل كل ساعة بحسب حاجة الجنين ، يعلم وينفذ ، الآن المواد الغذائية بدم الجنين استقلبت ، الاستقلاب حالة تحول الغذاء إلى نسج الفضلات حمض البول ، يأخذ الغشاء العاقل من دم الجنين حمض البول يطرحه في دم الأم فجزء من بول الأم بول جنينها .
شيء آخر الآن أحياناً تكون الأم فقيرة لا تأكل غذاء كاملاً فيحتاج الجنين من نوع من الغذاء خاص ، شهوة الأم في أثناء الحمل لبعض الأطعمة تعبير عن حاجة جنينها .

 

التفكر أقصر طريق إلى الله :


لذلك أنا أرى أنك إذا فكرت في خلق السماوات والأرض ، إن في السماوات وإن في خلق الإنسان تقف وجهاً لوجه أمام عظمة الله ، لذلك أنا أقول التفكر أقصر طريق إلى الله وأوسع باب ندخل منه على الله ، ملخص هذا الكلام :

﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ ﴾

( سورة آل عمران )

والاستقامة أساسها أن تعرف الله .
الدكتور عمر :
الله أكبر ، بارك الله فيك دكتور راتب ما شاء الله ، طبعاً بهذا الكلام يأخذ الألباب وجعلنا نهيم في وادي التفكر ، بارك بك الله بك دكتور راتب . 

 

نعم الله أنواع أربعة إما ظاهرة أو خفية أو نعم عامة ونعم خاصة :

 

دكتور عربي لما وضح لنا الدكتور راتب نحن نعيش أو نتقلب في نعم الله عز وجل ، نعم الله أنواع أربعة إما ظاهرة أو خفية أو نعم عامة ونعم خاصة ، النعم الظاهرة التي رأينا الشمس ولكن لم ندرك مدى هذا إلا بكلام العلماء وهي نعمة عامة ، لكن النعم الخاصة المال ، الصحة والمؤمن يرى النعم العامة والخاصة والنعم الظاهرة والباطنة ، ولو أن كل إنسان أعطي على قدر ما يدعو به رب العباد فقط لتوقفت الحياة ، يعني ما دعوت الله وأنا آتي اللهم قدرني أن أجلس بين الشيخين الجليلين واجعل فمي ينطلق بالكلام واجعلني أتعقل ما يقوله الضيفان ، هذا الكلام ما قلته لكنه حدث دون طلب لأن الحنان المنان الذي بالتعريف والذي يعطي النوال من غير سؤال .
الله عز وجل لما جعل هذه النعم الذين يتفكرون بهذا المنطق هم أقرب الناس إلى أول خط الاستقامة ، الإنسان يتقلب بين حالات أربع إما طاعة وإما معصية وإما نعمة وإما بلية ، وواجب الطاعة الاستمرار والإخلاص وواجب المعصية التوبة والتوقف ، وواجب النعمة الشكر والحمد وواجب البلية الصبر والتصبر ، بهذا المنطلق هل لنا دكتور عربي أن تحدثنا عن علاقة الاستقامة بالكمالات الإنسانية لأن الاستقامة صورة من صور الكمال وكلما استقام الإنسان على طريق الله كلما حقق الكمال الإنساني كما حققه سلفنا الصالح ، نريد أن نشنف أسماعنا بما تقوله لنا .

العلاقة بين الكون المنسجم وبين الإنسان :

الدكتور عربي :
جزاكم الله خيراً ، من نعمة الله على الإنسان أنه دوماً يشعر بجاذبية حول ما يكمل وجوده ، كل إنسان يشعر بهذا ، خذ طفلاً صغيراً إذا رأى صحون فوق هذه الطاولة عندما يراها موضوعة بشكل مستقيم ومنسجم يقول هذا مليح وعندما يرى نتوءات يقول هذا ليس جميلاً ، في الطريق ترى مثلاً ازدحاماً في السيارات ، إذا رأى أحدنا سيارة يحترم صاحبها يقول ما شاء الله ، هناك استقامة في السير هذا في العالم المادي ، دكتور نابلسي حدثنا عن استقامة مكونات الكون الظاهرة :

﴿هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ (3)ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ (4)﴾

( سورة الملك )

إذاً الله عز وجل أنعم على الإنسان بأن هيأ له كوناً مستقيماً ، ما المطلوب من هذا الإنسان ؟ الدكتور حدثنا أن الأرض لو انحرفت بقدر كذا لانتهى الكون ، المشكلة في الإنسان بأن استقامة الأرض واستقامة المحيط الطبيعي استقامة تسخيرية ؛ بينما الإنسان استقامته استقامة امتثالية للأمر ، باستقامة الكون حولنا انتظمت الحياة ، باستقامة الإنسان تستقيم حياته فرداً وتستقيم حياة المجتمع ، وبانحراف الإنسان تضطرب الحياة الفردية وتضطرب الحياة الاجتماعية ، ما العلاقة بين هذا الكون المنسجم وبين الإنسان ؟ عندما يستقيم الإنسان مع الكون المحيط يكون عضواً في سيمفونية متكاملة .
الدكتور عمر :
ليس نغمة نشاز .

 

انحراف الإنسان يؤدي إلى اضطراب الحياة الفردية والاجتماعية :

الدكتور عربي :
عندما ينحرف يصير هو النغمة النشاز ، إذاً الكون كله سيمفونية تشنف الأسماع ، يا أخي إذا كان الجمل ( البعير)يتأثر بالنغمات ( بالحداء )، فهذا الإنسان الكون المحيط به حدّاء فإذا تعطل جهاز الالتقاط خسر الإنسان ، ويصبح هو النغمة النشاز ولو نطقت كل ذرة من هذا الكون لوبخته .
الدكتور عمر :
ويتكاسل عن السير لأن البعير يقوم على رفقاً بالقوارير يا أنجشة لأن أنجشة كان يحدب ، فإذا عُطل كما تقول فضيلتكم جهاز الاستقبال القلبي والعقلي كما تعبرون الفضاء الفكري للإنسان ، عندما يعطل استقبال هذه الأمور سوف لا يسير ، إنما يتكاسل ويُكسل من حوله .
الدكتور عربي :
ذكرتم في المقدمة العميقة أن هناك عوائق ذكرها سيدنا أبو بكر الصديق .
الدكتور عمر :
إبليس والدنيا ونفسي والهوى .

على الإنسان أن يكون مستقيماً ليؤثر تأثيراً إيجابياً في المجتمع :

الدكتور عربي :
هنا أربعة عوائق ، لكن هناك درجات مختلفة بين هذه العوائق ، هناك عوائق منغرسة في كينونة الإنسان داخلية هي النفس والهوى ، وهناك عائقان خارجيان الدنيا وإبليس ، الإنسان يتأثر بالمحيط الخارجي فكيف يستطيع أن يكون تأثره تأثراً إيجابياً ؟ ومتى يكون تأثره تأثراً سلبياً ؟ يكون تأثره تأثراً إيجابياً إذا شغّل أجهزة الرقابة ، يكون دائماً مراقباً لخلجات قلبه ولخواطر فكره ولحركات بدنه ، ولحكمة ما لما نكرر على الأقل كما ذكرت سبع عشرة مرة في المقدمة لهذه الحلقة اهدنا الصراط المستقيم ، قد يسأل أحدنا أنا مهتدٍ ، أنا مسلم والحمد لله فلما هذا التكرار ؟ المهتدي لا يأمن مطبات الطريق ، قد تحدث حوادث فهو دائماً يرجو الله عز وجل أن لا يزيغ وقد انطلق انطلاقة سليمة ، وكلمة المستقيم تعني تحدث المفسرون بـ اهدنا الصراط المستقيم في ملمح آخر لم أعثر عليه وأرجو أن يكون مفيداً ، الصراط المستقيم كان من المتوقع أن نقول الصراط القويم ، لكن حرف السين هنا يذكرنا بأن سلوكنا في الطريق المستقيم يتقاضانا أن نستقيم فكأن الطريق هو الذي يقول لي استقم .

البيئة الجيدة هي البيئة التي تساعد الإنسان على الاستقامة :

أسلافنا الصالحون أنشؤوا بيئة تساعد على الاستقامة ، كان ما يسمى في علوم التربية وحدة الهدف ، شخص يتعلم النحو وهذه مشكلات وزارات التعليم في بلادنا اليوم لا يوجد وحدة ، ما فيها ترابط ، ما فيها تمحور ، ترى شخصاً يدرس كتاب النحو في ألفية ابن مالك ، ابن مالك يعلّمه يقول له ما هو الكلام المفيد ، ما قال له مثلاً زيد قائم كلامنا لفظ مفيد كاستقم ، يأتي مثلاً في باب آخر في باب المبتدأ ماذا يجوز بالنكرة ورجل من الكرام عندنا ، إذاً يتعلم القاعدة النحوية ويتعلم الرابط الخلقي (المفاهيم الخلقية)، فأنشأ المسلمون هذا الجو النظيف المنظف ، وهذا عامل من العوامل التي تساعد الشاب الذي تفضلت بالتسآل باسمه يسأل يقول أنا أخرج فأجد التيار غالباً ، إذا كان في بلادنا أنشأنا شبكة فكرية متكاملة الحلقات فإن الشبكة الفكرية ستشكل المحيط الاجتماعي المسكون بأمرين ، المسكون بالدرجة الأولى بالروحيات الجمالية ، كيف الروحيات الجمالية ؟ الروحيات الجمالية أن الإنسان قد تحدثه نفسه بأن يركب نيته من عنصرين متضادين ، لا يقول في تضاد إذاً المحيط الذي يحيط به يذكرني بأن لا تكون نيتي إلا جميلة ، المحيط الذي يحيط بي يذكرني أن كلماتي لا قيمة لها إلا إذا كانت جميلة الشكل ، عميقة المعنى ، ما قيمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؟ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليس استئصال للرذائل وإنما تغليب لموحيات الجمال على المؤثرات الشرية ، إذاً لما الإنسان يتأمل يقول أنا ذرة مكرمة في كون منسجم وقديماً قال علماؤنا :

أتحسب أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر
* * *

طاقة الإيمان تجعل الإنسان يعشق الاستقامة :

العالم (المحيط الخارجي)عوالم ومستويات ، والإنسان عوالم ومستويات رحم الله من قال : إن الإنسان لبعده المادي يتعامل مع العالم المشهود مع عالم الشهادة وبقلبه النوراني يتعامل مع الملكوت وبروحه الأمري يتعالم مع عالم الجبروت ، وهذه قوة المسلمين ، ما كان المسلمون في يوم من الأيام أقوى عدداً ولا أكثر عدة من غيرهم ، إذا رأيت ثوباً يتراقص في الفضاء البليد يظن أن رقصة الثوب ذاتية ولكن العاقل يقول لا فيه طاقة محركة هذه الطاقة لا أراها ولكني أرى آثارها ،فما هي الطاقة التي تجعلنا نعشق الاستقامة ؟

إنها طاقة الإيمان ، والإيمان أول مؤثراته في النفس ينشئ في الفضاء الداخلي جو أمن ، تأمن فيه النية الطيبة شرور النية الخبيثة ، وتأمن فيه الكلمة السديدة شرور الكلمة المعوجة ، ويأمن فيه العمل الصالح شرور العمل السيئ ، مثلاً تجد أكثرنا يتحدث عن الاستقامة لفظاً ولكن يستغل جميع الفرص ليقع في عرض أخ من إخوانه ، إذاً هناك استقامة لفظية ؛ ولكن يستغل جميع الفرص ليقع في عرض أخ من إخوانه ، إذاً هناك استقامة لفظية كذبها اعوجاج سلوكي .
تجد شخصاً حتى في مجال الدعوة ومجال الأمر بالخير تجد شخصاً قد يفتح الله عليه ، ويضع القبول في كلامه ، لو كان الآخر مستقيماً يحمد الله عز وجل أن وجد هذا الإنسان لما ؟ إذا كان ساحة من الساحات غرقت في الظلام وكان الناس يتخبطون في هذا الظلام وكل الأحياء يتأثرون سلباً بعدم الرؤية فيصير أحدنا كما قال القائل كحاطب ليل ، قد تكون نيته البحث عن استخراج خشبة ولكن قد يضع الفأس في رجله لا قدر الله ، إذا جاء زيد من الناس وأرسل أشعة بددت الظلام تجد شخصين إذا كانوا عقلاء يقولون الحمد لله و جزى الله هذا الرجل الذي ملأ هذا الفضاء نوراً ، إذا كان شخص سرّاق يسرق القلوب ويسرق فضل الله فيقول لا ، لِما أرسل النور هنا ، إذاً المستقيم يفرح بالخير سواء ظهر منه أو ظهر من غيره ، والمستقيم لا يعتقد أنه هو مصدر الخير وإنما هو مظهر للخير يفرح لأن الله عز وجل جعله وسيلة ومظهراً للخير .

الاستقامة تحتاج إلى عمل دؤوب :

الدكتور عمر :
بارك الله ولذلك معذرة أنا إذا وضعت على بابي عشرة أقفال وخمسين رتاج لا يغضب إلا اللص ، اللص يغضب ولذلك اللص عندما يغضب مثلاً الذي يغضب من حجاب بناتنا نعلم أنه لص ، دكتور عربي هل توافقني على قضية المستقيم أنت وضحت لنا أن هذا يدل على إنهاض الهمة لعمل شيء ، لمّا قال : ثم استخرجها بوعاء أخيه ، ولم يقل أخرجها ، لأنه كان يعلم مكانها إذاً هو يعلم فالإنسان العاقل المؤمن يعلم أن الاستقامة إنما هي تحتاج إلى عمل دؤوب جهد جهيد كي يستطيع أن يثري حركته .

قضية القلب قضية خطيرة جداً في حياة المسلمين :

دكتور راتب اثنان من الكذابين من البادية جلسوا كلاهما يكذب على أخيه يقول الأول عندما أشرقت الشمس بقيت قطعة من الليل فدخلت عليها بسيف و مزقتها أرباً حتى انجلى ، الآخر وجد الكذبة كبيرة ردّ الآخر وقال أما أنا فخرجت في البادية فرأيت ظبياً فصوبت نحوه سهمي فتيامن الظبي فتيامن السهم ، فتياسر الظبي فتياسر السهم فصعد تلة فصعد خلفه ، عندما قصصت هذه الطرفة على شيخنا رحمه الله قال رحمه الله رحمة واسعة وهكذا كثير من العرب يعيشون بتخيل ما بين الكذابين ، هذا التخيل يخدم الإنسان يقول أنا مستقيم وأنا هل يجب أن أصلي ولازم المرأة تتحجب ؟ المهم قلبي وهو نظيف لا يضر مع الإيمان معصية .

التحلل من الدين ليس تحرراً إنما معصية :

الدكتور عربي :
والله إذا سمحتم قضية القلب كان في سنوات مضت اغتر الناس وظنوا أن التحلل من الدين والقيم تحرراً فكان رجلاً رحمه الله عنده ولد كان يتعلم في الجامعة وعندما حلّ رمضان قال له أنا لا أصوم ، قال والله أنا أصوم بقلبي ، سكت الوالد وكان حكيماً وعندما أذن المغرب وضعت المائدة وجاء الشاب يتعشى قال له أبوه لماذا جئت إلى هنا ؟ قال جئت لكي آكل ، فقال له والله لو تأكل كُلْ بقلبك .
الدكتور راتب :
والذي كان في فرنسا درس الفلسفة وجاء إلى أبيه وأمه قال لأبيه أنا سأقنعك يا أبي أن هذين الفروجين ثلاثة بالدليل القطعي قال له أنا سآكل أحدهما ولتأكل أمك الثاني وكل أنت الثالث .
الدكتور عمر :
وهذا الحل الأمثل ، دكتور راتب بارك الله فيك ، الاستقامة والعمل الصالح ، رأينا الاستقامة بمعرفة الله وسقت لنا دليلين عظيمين بارك الله فيك ، نريد أن نعرف الفرق ، الاستقامة هي العمل الصالح أم الاستقامة شيء والعمل الصالح شيء ، في خيط رقيق فروقات لا تظهر .

الاستقامة حدّية غير قابلة للتفاوت :

الدكتور راتب :
والله أنت أستاذنا تصغي للحديث بسمعك وأنت أدرى به ، سيدي الاستقامة والعمل الصالح إذا اجتمعا تفرقا وإن تفرقا اجتمعا ، يعني إذا قلنا الاستقامة نعني بها الانضباط السلبي والعمل الصالح الإيجابي .
الدكتور عمر :
الاستقامة كما قلنا من قبل عن المحظورات أو عن المنهيات .
الدكتور راتب :
وهي العمل السلبي ، والعمل الصالح إيجابي قدم من ماله ، من علمه ، أما إذا أردنا أن نعطي الاستقامة المعنى الدقيق بها فهي حدية غير قابلة للتفاوت بمعنى مستودع للوقود السائل كلمة محكم حدي ، ما في نصف محكم إما محكم أو غير محكم إن لم يكن محكماً فهو نسبي ، إذا ما في إحكام قد يفرغ بسنة أو بشهر أو بساعة أما إذا كان محكماً فالإحكام حدي ، وفي العربية أفعال ليست قابلة للتفاوت كقولنا مات ، ما في فلان أموت من فلان الموت حدي ، هذا المعنى مأخوذ من قول النبي صلى الله عليه وسلم : ما نهيتكم عنه فاجتنبوه . حدي وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم :

(( إِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ ))

[ متفق عليه عن أبي هريرة]

هذا المستودع محكم ، الإحكام حدي الآن نملؤه بقدر استطاعتنا ، يملأ بالماء أو بالوقود السائل بقدر إمكاناتنا أما هو محكم والإحكام حدّي ، هذه واحدة .

كل معصية حجاب و من حجب عن الله انقطعت علاقته به :

الآن مما يلفت النظر أن كلمة الصراط المستقيم جاءت مفردة :

﴿ وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ﴾

( سورة الأنعام : 153 )

وهذا الشيء يتناغم بين الهندسة وبين المعاني المجردة ، بين نقطتين يمر خطاً مستقيماً واحداً ، يمر مليون خط منحني ، مليون خط منكسر ، لذلك لي رأي دقيق جداً أرجو أن أكون على صواب ، استيعاب الباطل مستحيل ، ما يطبع في اليوم الواحد من الكتب باللغة الإنكليزية يحتاج الإنسان ليقرأه لمئتي عام فلا بد من أن تستوعب الحق ، هو ممكن لعمر متوسط أن تستوعب الحق لأنه واحد ، وفي دليل آخر :

 

﴿ اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ﴾

( سورة البقرة الآية : 257 )

الظلمات جمع إلى النور ، النور مفرد ، ما قال من الظلمات إلى الأنوار ، وما قال من الظلمة إلى النور ، من الظلمات إلى النور .
إذاً الاستقامة حدية فحينما لا نحكم استقامتنا تتعطل علاقتنا بالله عز وجل ، كل معصية حجاب والإنسان إذا حجب عن الله فقد النور والآية الدقيقة :

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ (28)﴾

(سورة الحديد)

الاستقامة تحقق السلامة والعمل الصالح يحقق السعادة :

إذاً الاستقامة حدية والعمل الصالح نسبي بقدر إمكانك ، هذه نقطة دقيقة أولى ، الآن الاستقامة تحقق السلامة والعمل الصالح يحقق السعادة ، أنت حينما تبذل من مالك ، من وقتك ، من جهدك ، تشعر أن الله يحبك ، يتجلى على قلبك ، فإذا بحثنا عن السعادة فلتكن في العمل الصالح ، حجم الإنسان عند الله بحجم عمله ، والتجليات التي يتلقاها الإنسان أو السكينة هذه تأتي من حجم عمله .
الدكتور عمر :
ومع هذا حجم العمل الذي سوف نواصل الحديث عنه إن شاء الله كونوا معنا .
مرة أخرى ونحن نتحدث في هذا البرنامج كلمات مضيئة عن الاستقامة شهادة الأمة ، كنا نتحدث قبل الفاصل دكتور راتب عن الفرق بين الاستقامة والعمل الصالح ، قلنا أن الاستقامة حدية لا تقبل والعمل الصالح نسبي ، والعمل الصالح يحدث في القلب سعادة .
الدكتور راتب :
الاستقامة تحدث السلامة والعمل الصالح يحدث السعادة والإنسان مفطور على حب سلامة وجوده وكمال وجوده .
الدكتور عمر :
ولذلك ابن عطاء يقول في حكمه لا تفرح بالطاعة لأنها برزت منك ولكن افرح بها لأن الله جعلك لها أهلاً . كرم الله على العبد أن يقيمه على الطريق وإذا أقامه على الطريق فإنه يحبه .

الدعوة فرض عين على كل مسلم في حدود ما يعلم ومع من يعرف :

الدكتور راتب :
لذلك أنا أقول لا تقلق على هذا الدين إنه دين الله ، لنقلق ما إذا سمح الله لنا أو لم يسمح أن نكون جنوداً له ، ثم أقول كلمة أخرى لا تقلق من وجود الباطل ، الباطل قديم ولكن لنقلق ما إذا انفرد الباطل بالساحة ، حينما ينفرد فلذلك الآية الكريمة :

﴿ والْعَصْرِ (1)إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2)﴾

( سورة العصر )

جواب القسم أنه خاسر أي إنسان خاسر لأن مضي الزمن يستهلكه : 

﴿ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ {3} ﴾ 

( سورة العصر )

فالتواصي بالحق فرض عين على كل من طلب النجاة ، نحن نتوهم أن الدعوة من مهمات الدعاة الكبار ، لا ، الدعوة فرض عين على كل مسلم في حدود ما يعلم ومع من يعرف ، وهذه الآية دليل ربع النجاة التواصي بالحق فيما يعلم ومع من يعرف والنبي يقول :

 

(( بلغوا عني ولو آية ))

[ أخرجه البخاري والترمذي عن ابن عمرو ]

الآن كتاب بمكتبة هو الكتاب المقرر في امتحان السنة الأخيرة وأهم مادة بعد أيام والمكتبة فيها عشرة آلاف كتاب هل من العقل أن أقرأ كتاباً آخر ؟ يبنى عليه نجاحي وتعيني في وظيفة وزواجي وشراء بيت إلى آخره ، لذلك ما لم نصطفِ من نشاطات لا تعد ولا تحصى النشاط الذي يؤدي بنا إلى الاستقامة فنحن في خسارة .

 

على الإنسان أن يزيل جميع العقبات في طريقه ليصل إلى الله بالعمل الصالح و الاستقامة :

النقطة الدقيقة جداً أن الحق يمكن أن تستوعبه أو أن تستوعب ما لك به علاقة وأنا أقول دائماً أي قضية في الدين لا يبنى عليها حكم شرعي لا جدوى منها .
الدكتور عمر :
دكتور راتب معذرة القرآن الكريم ستة آلاف مادة يساوي العرب ستين ألف مادة ، استوعب القرآن ألفاظ العربية كلها وما استوعب لسان العرب وهو عشرة أضعاف ألفاظ العربية ولا احتووا مفرداتها وهذا الفرق بين كلام الله وكلام العبد ، كالفرق بين الله وبين خلقه .
الدكتور راتب :
الفرق نوهت به قبل حلقتين أن في عقبات ، كل معصية عقبة ، كل معصية هي عقبة كؤود في السير على الله ، الاستقامة أن تزيل هذه العقبات وكلما أزحت عقبة سهلت طريقاً إلى الله ، فإذا أزيلت جميعها الآن يأتي العمل الصالح حركة على هذا الطريق والعمل الصالح يرفعه .
الدكتور عمر :
بارك الله أكرمك الله .

كيف تكون الاستقامة كلمة فاعلة في حياة أمتنا التي لا تشيخ ؟

دكتور عربي قلت لنا في حلقة سابقة أن تويندي كان متأثراً بابن خلدون ، وابن خلدون تكلم عن شيخوخة الدول وشيخوخة الدول فيما يرى ابن خلدون وفيما يرى تويندي هذه الدول التي لا رصيد لها من وحي السماء ، إذا كانت الاستقامة كلمة فاعلة فهل تشيخ أمتنا ؟ وهي عندها منهج أم شاخ أهلها عندما تنكبوا للمنهج ؟ وكيف تكون الاستقامة كلمة فاعلة في حياة أمتنا التي لا تشيخ ؟ لأن الدين ليس جهازاً يعمل من ذاته وإنما هو يفعل ، لا بد من تفعيله .

نعمة الوجود من النعم الكبرى التي أنعم الله بها على الإنسان :

الدكتور عربي :
الفرق بين أمتنا الإسلامية وبين الأمم الأخرى فرق بين من وجد مقومات البقاء ونوعية الحياة وبين الذي فقدها ، الله عز وجل ينعم على الإنسان نعمتين نعمة الوجود وما في واحد يدعي أنه أوجد نفسه أو وُجد من غير شيء ، وهذا نعمة الوجود يشترك بها سبعة مليارات من البشر ، المشكلة أين تتجلى ؟

تتجلى في كم الحياة أو في نوعية الحياة ، من ناحية الكم ستة مليارات أو سبعة يشتركون في أي حياة :

﴿ وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ (96)﴾

( سورة البقرة)

هكذا أي حياة ، أي شكل أو معيشة أي استهلاك وتكاثر كالفئران والضفادع والنمل ، المجتمع الذي ينفصل عن إلهام السماء مجتمع يتسفل فيصبح شبيهاً بمجموعات النمل ، النمل تعيش عيشة غريزية ، وتتجاور تجاوراً جغرافياً ، المجتمع المنوط به الشهادة حمل الرسالة وإنجاز حضارة مجتمع يتكامل ولا يحيا الحياة اللائقة بالإنسان إلا إذا ظلّ مصباحاً موصولاً بمولد التيار هذا حال أمتنا ، فابن خلدون رجل لم يستقِ معلوماته من المكتبات فقط ، ابن خلدون من نوادر البشر الذين جمعوا بين التجربة الميدانية والتأمل الفكري ، ومارس وكانت ملاحظاته تتجاوز الساحة الإسلامية ، لأن البعض وجه إليه نقضاً قال كيف يقول تشيخ المجتمعات وأمتنا الإسلامية ولم يكن يقصد الأمة الإسلامية كان يقصد يعمم ، ما معنى الظاهرة الاجتماعية يجب ألا تكون مختصرة مثل في علوم الطبيعة بعد أن لاحظوا أن المعادن تتمدد بالحرارة أطلقوا القانون : المعادة تتمدد بالحرارة .

 

انهيار الأخلاق سبب رئيسي في انهيار الحضارات :

ابن خلدون بعدما لاحظ انتقال العمران البدوي إلى العمران الحضري وذكر قضية الترف ، وتساءل الناس قالوا هل ابن خلدون كان يعرف الثقافة الأجنبية ؟ العقد التي عندنا ، هو لم يكن يعرف شيئاً ، كان يلاحظ ويستمد قيم القرآن ومبادئه ، فطبق القيم وكليات القرآن على الجزئيات المتغيرة هذا الرجوع ربط الجزئيات بالكليات وربط المتغيرات بالثوابت اهتدى إلى هذا القانون وكان من حقه أن يؤكد بأنه لم يسبق إلى هذا .
الدكتور عمر :
تويندي يقول درست اثنتين وخمسين نوعاً من أنواع الحضارة والمدنية وجدتها انهارت حينما انهار فيها الجانب الخلقي .

القرآن الكريم سبب استمرار أمتنا :

الدكتور عربي :
ويجب علينا الآن أن نراجع الدراسات القيّمة حول سقوط روما ، التي امتدت شرقاً وغرباً ، الحضارة الغربية التي تمتاز بأنها حضارة نفعاوية ، النفعية شيء طبيعي لكن المبالغة في النفعاوية

يعني أنت تساوي قيمة ما تقدمه من نفع ، إذا انتهى دورك النفعي انتهيت ، مثلاً في أوربا بعدما استعمر الشرق ، استخدمت الأيدي العاملة والنهضة الصناعية كانت تسمى وقامت على أكتاف البسطاء من أبناء الشرق ، الآن الغرب استغنى عن الأيدي العاملة فقال عودوا من حيث كنتم ، أما الإسلام الشمعة طاقتها محدودة أنا أشعل شمعة قد تنفذ في ساعة ، الشمس لا تنفذ إلا إذا قدر الله عز وجل ، إذا الشمس كورت ، لكن ما دمنا أحياء فإن الله عز وجل سيكرمهم بإبقاء الشمس ، فالإسلام شمس باقية والمسلمون قد ينزوون مثل القمر ، القمر ليس مجنوناً ، القمر ولا مرة قرر والدليل الظروف القليلة التي يحدث فيها كسوف وخسوف ، فالمسلمون إذا وضعوا بينهم وبين الإسلام الشمس حجاباً فإنهم يفقدون نورهم ومن هنا نقول ما دام القرآن الكريم موجوداً فإن أمتنا لن تنتهي .
الدكتور عمر :
جزاكم الله خيراً دكتور عربي ، الاستقامة ليست كلمة نظرية وليس فعلاً حتى لا يظن الناس أن شيئاً سلبياً ، سلبي لأنني لا أفعل كذا لا أفعل كذا من هذا المنطلق ، الاستقامة كلمة فاعلة ليست كلمة لفظية ، وإنما كلمة حالية مطبقة ظاهرة واضحة قدوة ، هذه الاستقامة .

الاستقامة ليست حادثة مجردة و إنما هي تطبيق عملي :

الدكتور عربي :
الاستقامة لا يوجدإنسان يكون ظمآناً وعنده لوحة جميلة مرسوم عليها مسير ماء ، هو ظمآن وعنده كوب الماء موجود هنا ، هل يكتفي بتأمل اللوحة الجميلة التي تمثل صورة للماء أم يمد يديه للكوب ؟ أو يقال عليه :

﴿ كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ (14)﴾

( سورة الرعد)

حفظنا في المدارس مثلاً المعادلة الكيميائية للماء الماء يتألف من كذا وكذا ، هل إذا ظللت حياتي كلها أردد كذا ذرة هيدروجين وكذا ذرة أوكسجين هل هذا ينفعني ؟ إذاً أمتنا يجب ألا تكتفي بترداد كلمة الاستقامة ، الاستقامة ليس مفهوم مجرد ، الاستقامة مثل الطاقة التي تنساب في كل نشاط من أنشطة الإنسان ، والاستقامة ليست حادثة ، الحادثة تحدث الآن وانتهت ، الاستقامة كما يقال صيرورة دائماً هكذا لا يمكن في لحظة من اللحظات المسلم الموصول بالله ألا يكون مستقيماً كيف ؟ الاستقامة أولاً حتى من استعمالاتها القرآنية ، الاستقامة أولاً جهد ، استقم ، أي أخرج الاستقامة من رأسك كفكرة إلى الواقع كتطبيق .

 

الاستقامة تحتاج إلى عزم و ثبات :

الاستقامة ، نحن تعودنا أن نتحمس هكذا طبيعتنا مع الأسف ، مثلاً صعلوك من صعاليك الغرب يرسم صورة سيئة للنبي عليه الصلاة والسلام نخرج في مظاهرات عارمة وننتهي ، هم اعتادوا هذه المواقف كيف نعرض حقيقة النبي 

صلى الله عليه وسلم إلى الإنسانية التي تجهله ؟

الغرب اكتشف آبار بترولنا ، كم جهد بذلناه لنبين للغرب ولو جزءاً يسيراً من قرآننا من عظمة النبي صلى الله عليه وسلم .
الدكتور عمر :
الغرب يعرف عن بترولنا ولا يعرف عن قرآننا .
الدكتور عربي :
ويا ليته يعرف فقط إنما أنشأ وساعدناه في إنشاء ظروف جعلت البترول ويل لنا وعلينا ، هذه المشكلة فصرنا مثل البعير يحمل أطناناً من المياه والظمأ يقتله ، إذاً هذا دليل على أن ما في استقامة فكرية وما في استقامة عملية ، لذلك الاستقامة تحتاج إلى عزم :

﴿ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159)﴾

( سورة آل عمران)

لذلك الاستقامة تحتاج إلى ثبات .

 

المسلمون الأولون تركوا بصماتهم لأن آثار أعمالهم مستمرة إلى الآن :

ما معنى يقيمون الصلاة ؟ أي يديمون تحقيق شرائطها ، ما معنى ديناً قيماً ؟ قال العلماء : دين الأمة التي تستمر قائمة بالقسط .
ما معنى القسط ؟ كيف اكتشف ؟ المسلمون الأولون تركوا بصماتهم على الجغرافيا وتركوا بصماتهم على التاريخ ، اذهب الآن إلى الأندلس ما زالت بصمات أجدادنا مطبوعة على صفحة الجغرافيا ، في بلانسيا إلى الآن قاضي المحكمة ما زال يوزع كميات المياه على السكان على الطريقة التي أنشأها أجدادنا ، تركوا بصماتهم جغرافياً ، تركوا بصماتهم تاريخياً ، في بلد من بلاد الاسكندنافية مع أن اللغة بعيدة جداً حدثني أحد الأخوة هناك أن كلمة ضريبة بلغتهم قريبة من حيث الاشتقاق من كلمة زكاة ، تركوا هذا .
إذاً الاستقامة العمل الذي نداوم عليه ، العمل الذي نستمر فيه ، وتبقى آثاره كشاهد جغرافي وكشاهد تاريخي .
الدكتور عمر :
بارك الله دكتور عربي ، دكتور راتب إذا كانت الاستقامة بهذا األمر وهو فعل عملي واقعي ليس تجريداً نظرياً وليست خطب تقال وغير ذلك إن للاستقامة ثماراً ، حدثنا عن ثمارها أكرمك الله .

الفرق الكبير بين حقائق الإيمان و حلاوة الإيمان :

الدكتور راتب :
أحياناً ترى إنساناً الألف من مثيله كأف ، وترى إنساناً آخر كألف ، سيدنا خالد طلب مدداً ليواجه عدواً أرسل له رجلاً واحداً ، اسمه القعقاع بن عمرو ، فلما وصل إليه قال أين المدد ؟ قال له : أنا المدد ، قال له : أنت ؟ قال له : أنا ، معه كتاب ، قرأ الكتاب ، يقول سيدنا أبو بكر : فو الذي بعث محمداً بالحق ، إن جيشاً فيه القعقاع لا يهزم .
في نقطة دقيقة جداً وهي كيف كان الصحابة أبطالاً رهباناً في الليل فرساناً في النهار ؟ كيف كان الواحد منهم كألف ؟ كيف تألقت حياتهم وتأججت مشاعرهم وكانوا أبطالاً ؟ في عظمة عند الصحابة تفوق حدّ الخيال ، ترى الآن مليار وخمسمئة مليون مسلم لا وزن لهم ليست كلمتهم هي العليا ، ليس أمرهم بيدهم ، للطرف الآخر عليهم ألف سبيل وسبيل ، أين الخلل ؟ بعضهم قال فرق كبير بين حقائق الإيمان وبين حلاوة الإيمان ، حقائق الإيمان معلومات أي إنسان ذكي يطلع عليها وقد يحفظها وقد يعطي في بعض الجامعات الغربية دكتوراه في الشريعة وهو ليس مسلماً ، هذا شيء طبيعي .

حلاوة الإيمان أحد أكبر ثمار الاستقامة و لا تتحقق إلا :

ما الفرق بين حقائق الإيمان وبين حلاوة الإيمان ؟ للتقريب إنسان معه خارطة قصر ، الأبهاء الشرفات الحدائق كلها أرقام خطوط على ورق وهو لا يملك كوخاً يسكنه ، حلاوة الإيمان أن تملك هذا القصر وأن تسكنه .

1 ـ أن يكون الله و رسوله أحب إليك مما سواهما :

فرق كبير بين حقائق الإيمان وبين حلاوة الإيمان ، حقائق الإيمان يستوعبها كل إنسان عنده فكر الآن هذه الحلاوة ما ثمنها ؟ مثل يقول عليه الصلاة والسلام :

(( ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ ... ))

[ متفق عليه عن أنس بن مالك ]

أول بند :

(( أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا))

[ متفق عليه عن أنس بن مالك ]

أنا أتوهم أنه لو سألت مليار وخمسمئة مليون مسلم أليس الله ورسوله أحب إليك مما سواهما ؟ لا أشك أن واحداً يقول لا ، إلا يقول نعم ، ليس هذا هو المعنى ، المعنى أن يكون الله في قرآنه ، في أمره ، في نهيه ، ورسوله في سنته ، أحب إليك من مصالحك المادية المتوهمة القريبة إذا تعارضتا ، عند التعارض ، حينما تتعارض مصالحك مع النص الشرعي مع كلام خالق الأكوان مع ما صحّ من سنة النبي العدنان عندئذ تؤثر طاعة الله وتركل مصلحتك المتوهمة في الدنيا بقدمك لليقين الذي قرّ في نفسك عندئذ دفعت ثلث حلاوة الإيمان .
الدكتور عمر :
دكتور راتب لذلك كلام الحسن البصري رحمه الله كان يقول لو كانت الدنيا من ذهب فان وكانت الآخرة من خزف باق لفضّل العاقل الخزف الباقي على الذهب الفاني ، فما بالهم يفضلون الخزف الفاني على الذهب الباقي . هذا يعود إلى وجود عقل ، قال له يا بن الخطاب أما كانت لكم عقول ؟ كانت لنا عقول يا رسول الله ولكن لم تكن هناك هداية .
أديسون كان عقلاً كبيراً عمل الكهرباء ، لكن كانت تنقصهم الهداية .

 

لا يقطف حلاوة الإيمان إلا من استقام على أمر الله :

الدكتور راتب :

﴿ إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (18)فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (19)ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (20)ثُمَّ نَظَرَ (21)ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (22)ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (23)فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ (24)﴾

(سورة المدثر)

لذلك الذي أتمنى أن يكون واضحاً أن الوحي للعقل كالنور للعين ، لا ترى إلا به ، العقل من دون نور إلهي يضل .
لذلك حلاوة الإيمان تأتي من أن تلزم جانب الشرع أي أن تستقيم ، أنت حينما تستقيم تقطف حلاوة الإيمان .

2 ـ الولاء و البراء :

في بند ثانٍ :

(( ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ : أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا ، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ ))

[ متفق عليه عن أنس بن مالك ]

هذا اسمه الولاء والبراء ، من أركان الإيمان أن توالي المؤمنين ولو كانوا ضعافاً أو فقراء ، وأن تتبرأ من الكفار والمشركين ولو كانوا أغنياء وأقوياء ، ولو كانت مصالحك عندهم ، الولاء والبراء شيء مهم جداً في حياتنا ، أن تستقيم على أمر الله وأن تركل بقدمك كل مغنم متوهم قريب يتعارض مع منهج الله وأن توالي المؤمنين ، إنسان له أب يحبه كثيراً سمع عنه قصة مؤلمة جداً ، أولاً يحسن الظن بأبيه يسأله يدافع عنه ، أما أن تقبل كل تهمة للمسلمين وأنت مسلم هذا شيء مستحيل ، حينما ينعدم الولاء والبراء ينعدم الإيمان .
الدكتور عمر :

هؤلاء الذين يهاجمون علماء الأمة والدعاة على مرّ الزمان مثلاً الذين تركوا بصمات كبيرة في حياتنا مازال أبناء الكتب يهاجمونهم لا أقول أبناء الشيوخ ، لأن أبناء الكتب يعملون مثل طفل الأنابيب وطفل الأنابيب ليس عيباً ، مثلاً تركوا بصمات كبيرة منهم من يهاجم أبو حنيفة ومنهم من يهاجم ابن تيمية ، وهؤلاء قمم كبار ولولا إخلاصهم لما كان هذا الأثر الباقي ، هؤلاء تنكبوا طريق الاستقامة ، وإذا تراه تقول الله أكبر هذا هو المسلم أما عندما يتكلم ـ تكلموا تعرفوا .


توافق فطرة الإنسان مع استقامته :


الدكتور راتب :

أنا قناعتي دكتور عمر أن الإنسان مفطور فطرة متوافقة تماماً مع الاستقامة فإذا استقام توازن ، إذا استقام اصطلح مع نفسه ، إذا استقام وجد ذاته ، الآن إن خرج عن مبادئ الاستقامة ما الذي يحصل ؟ يحصل حالة اسمها اختلال توازن ، هذا الاختلال يحاول أن يرممه ، فمعظم الناس يرممون اختلال توازنهم بالطعن بالعلماء ، بالطعن بالصالحين حتى يتوازن ، مرة أستاذ دخل إلى الصف قال افتحوا الوظائف ، طالب ليس كاتباً وظيفته ، قال لم نكتب أستاذ ، قال له أنت كم واحد؟ الإنسان لما يعصي يحب أن يعصي الناس جميعاً معه ، كل إنسان بمعصيته لله بحسب فطرته السليمة وتوافقها مع منهج الله اختل توازنه ، هذا الاختلال يرمم بطريقتين خاطئتين والثالثة صحيحة، أول طريقة يطعن بالصالحين حتى يرتاح ، والثانية يتعلق بفكرة غير صحيحة لكن تنجيه ، مثلاً إنسان يغش في البيع والشراء لو سمع من شيخ متواضع شفاعتي ، فهو يفهم هذا الحديث على مزاجه الخاص يتمسك به ، قلت البارحة في أحيان كثيرة الإنسان يعتقد بأشياء غير صحيحة لكنه مريح ، نحن بحاجة إلى أن نعيد التوازن ، التوازن يأتي من الاستقامة .

في خارطة بلاستيكية نافرة وضعنا حولها إطاراً ، صببنا جبصين بعد أن جفّ الجبصين نحن أمام قالب وأصل التوافق مئة في المئة على مستوى الميليمتر ، أنا أعتقد أن الفطرة مع المنهج متطابقة مئة بالمئة ، فأي خروج عن منهج الله عز وجل خروج عن مبادئ الفطرة ، في راحة نفسية كبيرة تأتي للمسلم من أين ؟ اصطلح مع نفسه كما تفضل الدكتور في نغم عام هو صار ضمن هذا النغم وليس نغماً شاذاً ، إذاً الشيء الثاني الولاء والبراء . 

3 ـ أَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ :

أما الشيء الثالث : 

(( (( وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ )) ))

أنا دائماً أقول المسلم ليس على الحدود في الأعماق ، تصور إنساناً في قمة جبل أكبر موجة عاتية لا تؤثر فيه أما إنسان شك ، لذلك الإنسان كلما قوي إيمانه دخل في الأعماق ، ألم يقل الله عز وجل :

﴿ ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ ﴾

[ ( سورة القلم ) ]

لم يقل الله ذو خلق عظيم ، أحياناً الواحد منا يأتيه صراع أفعل لا أفعل ، أما النبي صلى الله عليه وسلم في الأعماق فكلما قوي الإيمان كنت في الأعماق ، كلما القناعات ازدادت ، من طلب العلم كنت في الأعماق .

الدكتور عمر : 

أما الآخر يعبد على حرف .


زوال الكون أهون على الله من ألاّ يحقق وعوده للمؤمنين :


الدكتور راتب :

لذلك أنا لا أصدق ولا بشكل أن يتخلى الله عنها :

﴿ ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ ﴾ ﴾

[ ( سورة النور الآية : 55 ) ]

وزوال الكون أهون على الله من ألاّ يحقق وعوده للمؤمنين ، والكرة في ملعبنا والله ينتظرنا ، ولا ترمي باللوم على أحد اللوم عندنا نحن ، فهذا الحديث أصل في حلاوة الإيمان وحلاوة الإيمان أحد أكبر ثمار الاستقامة .

الدكتور عمر : 

حليت لنا جلستنا .


صدق الإيمان من سمات ديننا الحنيف :


دكتور عربي سمات ديننا صدق الإيمان ليس فيه غبش ولا شك ، وتحقيق العدل الرباني ، لا أعدل لأن هذا أبيض وهذا أسود ومشكلة السود في الولايات المتحدة ، يأخذوهم من إفريقيا ويتلو عليهم القس في الباخرة كلام يسوع المخلص وهم في السلاسل ومات منهم خمسة مليون في التقديرات في رحلة الإبحار إلى العالم الجديد ، هؤلاء الذين يتشدقون بالعدل ، سمات أمتنا وتحقيق العدل الرباني، الوفاء بالمواثيق والعهود حتى الذي كان يعاهدني على غير ديني :

﴿ ﴿ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا (8)﴾ ﴾

[ ( سورة المائدة ) ]

ونصر القرآن يهودياً على مسلم في قضية ابن الأبيرق ، هذا دين واضح بالعقل المجرد أنه دين رباني ، الاستقامة دكتور عربي لشهادة الأمة ، كيف تكون الاستقامة لشهادة الأمة ؟ 


معرفة الله تساوي محبته :


الدكتور عربي : 

لا تستطيع أمتنا أن تتأهل لمواصلة واجب الشهادة إلا إذا ظلت تغذي معرفتها بالله عز وجل ، ومن دلائل التغذية السليمة المحبة ، معرفة الله تساوي محبة الله عز وجل ، ومحبة الله عز وجل عندما تنتعش بها الأفئدة يتحول الإنسان إلى طاقات لا هم لها إلا إرضاء الحبيب ، الحبيب له محبوبات وله مكروهات ، يحب هذا ويكره هذا ، الله عز وجل يحب المحسنين ، الله يكره القاسطين ويحب المقسطين ، يكره الظالمين ويحب أهل العدل ، أمتنا عندما أشرقت نور الإسلام جاءت إلى الدنيا بشيء جديد لم تتغير في الجزيرة العربية كما يقول الماركسيون البنية التحتية ، لم تتغير وسائل الإنتاج ، تغيرت النظرة ، نظر الإنسان المسلم إلى نفسه فملأ شعور العبودية جوانبه ، والله من جلاله وعظمته وكبريائه يقول للعبد يا عبدي بيني وبينك عهد أوفِ بعهدي أوفي بعهدك ، أي تكريم رفع قيمة الإنسان ، من هذا الإنسان الذي يقول له الله عز وجل بيني وبينك ميثاق أوفِ أوفي ، دائماً وفاء الربوبية لا انقطاع لبركاته .

﴿ ﴿ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ (111)﴾ ﴾

[ ( سورة التوبة ) ]

ووفاء الربوبية يشمل الخلائق كلها مؤمنهم وكافرهم .


نعم الله على الإنسان ضمان لاستمرار حياتهم :


الله تبارك وتعالى ينعم على كل حي بما يضمن له استمرار حياته ، وبما يرقي حياته إن شاء العبد ، فهذا مبذول ، من هنا انطلق المسلمون يحبون الله عز وجل من خلال محبتهم لخلق الله عز وجل ، أحبوا خلقه ، قال أحد الصالحين وقد أراد أن يغرس هذه الحقيقة في نفوس مريديه قال لهم وكان يمشي معهم رأى كلباً فترك له الطريق فقيل له لما ؟ قال له إن المجنون (مجنون ليلى)مرّ بحي من الأحياء فأفسح المجال للكلب فقيل له : لما تحترم هذا الكلب ؟ قال أنا أحترم هذا الكلب لأنه جار لليلى .

فالخلائق خلائق الله عز وجل ، ومن جاور السعيد يسعد ، وهناك من الناحية اللغوية من الناحية البنيوية عجيبة هذه اللغة ، المجاورة تساوي المحاورة ، الفرق نقطة الجيم ، نحن نجاور خلق الله وهذه المجاورة ينبغي أن تكون محفزاً لنا من أجل المحاورة ، ما المقصود بالمحاورة ؟ أن الناس بحاجة إلى من يذكرهم بالله عز وجل .


استقامة الإنسان تبعث في المجتمع روح الحب والصدق :


أسلافنا الصالحون كانت أحوالهم تذكر بالله وكانت كلماتهم تجسد هذا التذكير بالله والشهادة ماذا ننال منها ؟ ننال منها أبوة أبينا إبراهيم عليه السلام :

﴿ ﴿ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ (78)﴾ ﴾

[ ( سورة الحج) ]

ننال منها أمومة زوجات النبي صلى الله عليه وسلم :

﴿ ﴿ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ (6)﴾ ﴾

[ ( سورة الحج) ]

ننال منها استغفار النبي لنا ، ننال منها استغفار الملائكة لنا وأعلى درجة يبلغها الإنسان درجة الشهادة :

﴿ ﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ (18)﴾ ﴾

[ ( سورة آل عمران) ]

فاستقامتنا هي العبير الذي ينفخ في تشكيلات المجتمع روح الحب والصدق والإيمان الذي تترجمه المواقف الطيبة التي ترضي الله ، وما يرضي الله عز وجل لا شك ينفع خلق الله .

الدكتور عمر : 

بارك الله دكتور عربي ولذلك طرق رجل باب معاوية فقال حاجبه إن رجلاً في الباب يقول إنه أخوك، قال هل هو زياد ، قال لا أنا أعرف زياداً ، قال أدخله ، صعد معاوية النظر بالرجل قال من أنت ؟ قال أنا أخوك ، قال من لدن من أي ما الذي يجمعنا ؟ قال من لدن آدم ، ووضع معاوية يده قال آه رحم مقطوعة سأصلها إن شاء الله .

بهذا الحس الراقي وبهذا الإنسانية الراقية لا شك هذه استقامة الإنسان مع منهج الله عز وجل .

دكتور راتب .


الناس رجلان رجل بنى حياته على العطاء و رجل بنى حياته على الأخذ :


الدكتور راتب :

يمكن أن نقسم بني البشر إلى قسمين إنسانيون وعنصريون ، من هو العنصري ؟ هو الذي يرى لنفسه ما ليس لغيره ، ويرى على غيره من التبعات ما ليس عليه ، فأنا أبدأ من زوج عنصري إلى أب عنصري يعامل زوجة ابنه معاملة لا يرضاها لابنته وانتهاءً بالقوى الكبرى ترى لنفسها ما ليس لغيرها ، الدول المتقدمة على تقدمها هي عنصرية لأنها تعتني بشعبها فقط على حساب الشعوب ، فلذلك يمكن أن يقسم البشر إلى قسمين إنسانيون وعنصريون ، وهذا التقسيم الإلهي :

﴿ ﴿ فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى ﴾ ﴾

[ ( سورة الليل ) ]

لمجرد أن تصدق بالجنة تتقي أن تعصي الله ، وتبني حياتك على العطاء ، وحينما نكذب بالحسنى نؤمن بالدنيا فقط ؛ عندئذ نستغني عن طاعة الله ونبني حياتنا على الأخذ .


من اتبع هدى الله لا تشقى نفسه ولا يضلّ عقله :


لكن من ثمار الاستقامة :

﴿ ﴿ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123)﴾ ﴾

[ ( سورة طه) ]

لا يضل عقله ، ولا تشقى نفسه ، الإنسان عقل يدرك ، وقلب يحب ، الآن آية ثانية :

﴿ ﴿ فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (38)﴾ ﴾

[ ( سورة البقرة ) ]

لو جمعنا الآيتين ، من اتبع هدى الله لا تشقى نفسه ولا يضل عقله ، الآن في عندنا زمن حاضر وفي الماضي والمستقبل ، ولا يندم على ما فات ولا يخشى مما هو آت ، ماذا بقي ؟ أنت بطريقة الإيمان بالله تضمن الماضي والمستقبل لا تندم على الماضي ولا تخشى من المستقبل .

شيء آخر بالاستقامة .

الدكتور عمر : 

دكتور عربي يريد أن يقول شيئاً .


الإسلام هو الشجرة الوحيدة المثمرة على المسلم أن يحافظ عليها :


الدكتور عربي : 

عندما أستشعر أنني بالأمثلة لم أكن مستقيماً ، هذا زمان مضى كما قال الدكتور راتب يجب ألا أتعقد من الماضي ، ويجب أن أنظر إلى المستقبل ، وكلي ثقة بأنني سأصنع الشيء الكثير ، سأحسن نظرتي ، سأفعل عملي وكل العقبات التي تعترضني فما هي دليل على عظمة الإسلام ، لما تكثر الضربات ؟ لما الانتقادات ؟ الأطفال الصغار عندما يقومون بجولة في الغابة لا يرمون الحجارة إلا على الأشجار المثمرة ، فالإسلام هو الشجرة الوحيدة المثمرة فما علينا نحن المسلمين إلا أن نحافظ على أصل الشجرة وعلى ثمراتها ، وذلك باستقامتنا ، استقامة الفلاح الذي يحب أرضه فيوفر لها كل وسائل النمو والجمال والراحة والاستمتاع .

الدكتور عمر : 

بارك الله فيك على هذه المداخلة . 


لن يحصي الإنسان الخير إلا إذا استقام على أمر الله :


الدكتور راتب :

بقي حديث واحد : 

(( (( استقيموا ، ولن تحصوا )) ))

[ [ ابن ماجه عن ثوبان] ]

لن تحصوا الخيرات ، يا ترى صحة ، زواج ناجح ، أولاد أبرار ، سمعة طيبة ، صلة بالله ، شعور بالأمن ، شعور بالغنى ، رضا عن الله ، لن تحصوا ، فلذلك الإنسان أحياناً يرى لكل سبب نتيجة واحدة ، أما عند الله عز وجل الاستقامة سبب لملايين النتائج ، فما لم يكن هناك فرق نوعي صارخ بين المستقيم وغير المستقيم هناك مشكلة في الاستقامة ، 

(( (( استقيموا ، ولن تحصوا )) ))

من معانيها التي جاءت من خلال هذا الحديث أنك لن تحصي الخير إذا استقمت على أمر الله .


واجب كل إنسان مسلم أن يهدي الآخر بسلوكه و تصرفاته :


الدكتور عمر : 

لذلك هذا الجيل الفريد أسلافنا الصالحون وصحابة النبي صلى الله عليه وسلم أن يقف شريح القاضي ليحكم لليهودي بسيف علي لأن علياً لم يأتِ بشهود إلا الحسن والحسين وهما سيدا شباب أهل الجنة ولأن الفرع لا يشهد لأصله ، فإن القاضي الذي لا أقول مولى من قبل أمير المؤمنين وإنا القضاة مستقل وإذا صدر القضاء بأمر يرفع بأمر ، يقف الرجل اليهودي منصفاً بالسيف عند الباب، حكم له ، البينة على من ادعى والرجل مدعٍٍ ، يقول رجل من أهل الذمة يقاضي أمير المؤمنين أمام قاضي فيحكم القاضي للرجل بسيف هو يدرك أنه ليس له ، والله ما هذه إلا أخلاق أنبياء ودخل الرجل في الإسلام . 

لو ظلم علي الرجل وحاف القاضي مجاملة لعلي ما الذي كان يحدث ؟ يحدث الخروقات ، يقول له لقد سبقت ابن عمرو وعمر مستند إلى ظهر الكعبة ويأتيه القبطي من مصر وليس مسلماً ولما سبقه ابن عمرو بن العاص ، سبق القبطي ابن عمرو ضربه ابن عمرو أتسبقني وأنا ابن الأكرمين ؟ لما أتى عمر بعمرو وابنه سبحان الله اضرب هذا فضربه قال أجلها على صلعة عمرو ، قال يا أمير المؤمنين أنا أخذت حقي ، قال ما ضربك هذا إلا بسلطان هذا ، متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً . 

لماذا لا يكون أبناؤنا من الدعاة وأبناؤنا من المحبين للدعوة وأبناؤنا من المسلمين في الغرب وفي أمريكا وأستراليا بأن يكون هذا هو السلوك ، والله إما أن نخيب الآخر أو أن نهديه ، كما قال دكتور عربي من واجبنا أن نقوم بهدايته ونوضح له أما أن نحجب الخير الذي عندنا ، أنتم عندكم هذا الخير وتحجبوه أنتم خونة لمنهج الله عز وجل ، لا أدري بقي . 


من أقام أمر الله في بيته و عمله نصره على أعدائه :


الدكتور راتب :

ذكرتني بقصة مؤثرة جداً ، لما أرسل النبي عليه الصلاة والسلام عبد الله بن رواحة ليقيّم تمر خيبر أغروه بحلي نسائهم كرشوة ، فقال : والله جئتكم من عند أحب الخلق إلي ، ولأنتم أبغض إلي من القردة والخنازير ، ومع ذلك لن أحيف عليكم ، فقال اليهود بهذا قامت السماوات والأرض ، وبهذا غلبتمونا .

وما لم نقم أمر الله في بيوتنا وفي أعمالنا لن نستطيع أن نصل إلى أهدافنا .

الدكتور عمر : 

هذا الموظف الذي يقع عليه ظلم من مديره والله لو رفع الظلم منه لزوجته لرفع الله عنه ظلم مديره ، ونحن كأمة في هذا المنطق .

الدكتور راتب : 

(( (( هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلَّا بِضُعَفَائِكُمْ )) ))

[ [ البخاري عن مصعب بن سعد ] ]

حينما أزيل الظلم عن الضعيف أكافأ مكافأة من جنس عملي ينصرني على من هو أقوى مني .


قيمة الحياة في جمالها :


الدكتور عربي : 

الحياة ليست أكلاً وشراباً ، الحياة قيمتها في الجمال ، في مثل يقول إذا كان عندك خبزتان بع خبزة واشترِ بها وردة ، لما الوردة ؟ الوردة أولاً تعطر صاحبها وتعطر من حوله ، الإسلام وردة لا تذبل لأن جذورها في السماء وفروعها يستظل بها الناس ، والشمس الطبيعية تشرق كل يوم على البر والفاجر والمطيع والعاصي ، والمسلم ينبغي من خلال استقامته أن يتحول إلى شمس معنوية ترسل الدفء والحرارة ليستمتع به الخلق كله . 

الدكتور عمر : 

هذا الدفء وهذه الحرارة وهذه الزهرة الفواحة التي قال عنها إيليا أبو ماضي كالورد ينفح بالشذى حتى أنوف السارقين ، حتى الذي يسرق الوردة لا يعدم أن يشم عبيرها .

الدكتور راتب :

أولياء أمتي إذا رؤوا ذكر الله بهم .


خاتمة وتوديع :


الدكتور عمر : 

لا أدري ماذا أقول لكم وقد ثمنتم جلساتنا ، ووضحتم لنا ، وبينتم ، وحببتمونا في أن يستقيم كل إنسان منا على طريق الله ، ولن تنتصر أمتنا إلا إذا عادت إلى كتاب ربها وبدأ كل واحد منا بنفسه، وإصلاح عيوب نفسه ، وكفى بالمرء نبلاً أن تعد معايبه .

أحبتي في الله لا يسعني في نهاية هذه الحلقة التي كنت أتمنى أن لا تنتهي إلا أن أتقدم بالدعاء أن يوفق الله العالمين الجليلين ونحن معهم وفي معيتهم إن شاء الله وكل علماء الأمة ودعاتها ، وأن يجعل كلمتهم خالصة لوجه الكريم ، شكر الله لكم الدكتور محمد راتب النابلسي والدكتور عربي القشاط ونستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

والحمد لله رب العالمين 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور