وضع داكن
25-04-2024
Logo
الدرس : 05 - سورة النحل - تفسير الآية 18 ، نعمة الله لا تحصى
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
 أيها الأخوة المؤمنون:
 الآية الثامنة عشر من سورة النحل وهي قوله تعالى:

﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (18)﴾

 وفي آية أخرى.

 

﴿وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (34)﴾

 

( سورة إبراهيم: 34 )

 في هذه الآية معنى دقيق، أن النعمة الواحدة، لو أمضينا الحياة كلها في تعداد خيراتها، وبركاتها، لا نحصي هذه الخيرات، فإذا كنا عاجزين عن إحصاء خيرات نعمة واحدة، لأن نكون عاجزين عن شكرها من باب أولى، نحن لسنا عاجزين عن شكرها فحسب، بل عاجزون عن إحصاء خيرات نعمة واحدة، هذا هو المعنى الأول لهذه الآية.

 

﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ﴾

 أنتم عاجزون عن إحصاء خيرات نعمة واحدة، إذاً: أنتم عن أن تشكروا هذه النعمة، أو تلك النعم من باب أولى، عجزنا عن الشكر من باب أولى.
 لكن مرة يقول الله عز وجل:

 

 

﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (34)﴾

 يعني حينما يكفر هذه النعمة، لا يظلم ربه، بل يظلم نفسه.

 

 

((عَنْ أَبِي ذَرٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِيمَا رَوَى عَنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ: يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ، وَآخِرَكُمْ، وَإِنْسَكُمْ، وَجِنَّكُمْ، كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ، مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا، يَا عِبَادِي: لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ، وَآخِرَكُمْ، وَإِنْسَكُمْ، وَجِنَّكُمْ، كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا، يَا عِبَادِي: لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ، وَآخِرَكُمْ، وَإِنْسَكُمْ، وَجِنَّكُمْ، قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، فَسَأَلُونِي، فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ، مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي، إِلا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ، يَا عِبَادِي: إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا، فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا، فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلا يَلُومَنَّ إِلا نَفْسَهُ ))

 

[ راوه مسلم ]

﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (34)﴾

 يظلم نفسه حينما يكفر بنعمة ربه، و الآية هذه:

﴿إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾

 يعني إن كنت عاجزاً عن إحصاء النعم أو عن إحصاء خيرات نعمة واحدة، وإن كنت عاجزاً على أن تشكر نعمة واحدةً، أو أن تشكر النعم كلها، واعترفت بعجزك عن أداء الشكر فالله سبحانه وتعالى غفور رحيم، هذه المعنى الثاني.
 أما الشيء الذي يلفت النظر أن الله سبحانه وتعالى يقول:

 

﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ﴾

 

( سورة النساء: 147 )

 يعني الإنسان حينما يؤمن وحينما يشكر، لا يعذبه الله عز وجل ما معنى ذلك ؟ معنى ذلك أنه حقق المراد الإلهي، معنى ذلك أنك خلقت من أجل أن تعرفه، ومن أجل أن تشكره، لأن الكون كله مسخر تسخيرين، تسخير تعريف، وتسخير تكريم، فرد فعل التعريف أن تؤمن، ورد فعل التكريم أن تشكر، فإذا أمنت وشكرت حققت مراد الله من خلقك، إذاً لما المعالجة ؟ لما العذاب ؟

 

(( حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِي اللَّهم عَنْهم، قَالَ: بَيْنَا أَنَا رَدِيفُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ إِلا أَخِرَةُ الرَّحْلِ فَقَالَ: يَا مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ، قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ، ثُمَّ سَارَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: يَا مُعَاذُ، قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ، ثُمَّ سَارَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: يَا مُعَاذُ، قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ قَالَ: هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ ؟ قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ حَقُّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، ثُمَّ سَارَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: يَا مُعَاذُ ابْنَ جَبَلٍ، قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ، فَقَالَ: هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ إِذَا فَعَلُوهُ، قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ أَنْ لا يُعَذِّبَهُمْ))

 

[ رواه البخاري ]

 كلام دقيق جداً.

 

﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ﴾

 

( سورة النساء: 147 )

 موضوع ثالث: كلام خالق الكون، وزوال الكون أهون عليه من أن لا يتحقق وعده ووعيده.

 

﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (7)﴾

 

( سورة إبراهيم: 7 )

 إذا أردت أن تزيد أي نعمة فاشكرها لله عز وجل، صاحب أكبر معمل حلويات في لبنان، قال عنده سبعين فرع في لبنان، يصدر كل يوم طائرة شحن كاملة إلى بعض البلاد يومياً، دخل إلى معمله، ما أعجبته عريكة المعمول من قبل أحد الموظفين، فوضع هذه العريكة على الأرض، وعركها بقدميه وحذائه، وعلم هذا الموظف كيف تعرك هذه العجينة، قال له يا سيدي بحذائك ؟! قال: الناس يأكلون من تحت قدمي، هذا الإنسان بعد ثلاثين يوماً من هذه الحادثة قطعت رجلاه الاثنتان، بمرض الغرغرين، والآن مقيم ببريطانيا.
 أسرة من أغنى الأسر في لبنان، عملت وليمة فخمة، ولم تطع صاحبة البيت صحون للسجاير، فلما طلب منها صحن قالت: افتحوا قرص كبة وضعوا الصفوة داخلها، وهذه الأسرة الآن تعاني من آلام الجوع، هدم بيتها.

 

﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (7)﴾

 فإذا أردت أن تدوم النعم فاشكرها.
 النبي عليه الصلاة والسلام، كان إذا دخل إلى الخلاء، وخرج يقول:

 

(( الحمد لله الذي أذهب عني ما يؤذيني، وأبقى لي ما ينفعني ))

 يعني إذا الإنسان لا سمح الله ولا قدر، ونحن دائماً نعوذ من عضال الداء، لو أبلغ أن كليته توقفت عن العمل، كان يقول:

(( الحمد لله الذي أذهب عني ما يؤذيني، وأبقى لي ما ينفعني ))

 كان يقول إذا دخل إلى الخلاء:

(( الحمد لله الذي أذاقني لذته، وأبقى فيّ قوته، وأذهب عني أذاه ))

 كان إذا دخل إلى بيته يقول:

(( الحمد لله الذي آواني، وكم ممن لا مأوى له ))

 معك مفتاح بيت ؟ صغير، كبير، واطي، عالي، بعيد، قريب أجار، ملك معك مفتاح بيت، تدخل للبيت، ترتاح، تغير ملابسك، تعمل حمام، تأكل، تنام.

 

(( الحمد لله الذي آواني، وكم ممن لا مأوى له ))

 يعني ترى بعينيك، نعمة البصر لا تعدلها نعمة، تسمع بأذنيك، نعمة السمع لا تعدلها نعمة، تنطق بلسانك، نعمة النطق لا تعدلها نعمة، القلب يعمل بنظام، نعمة لا تعدلها نعمة، يعني ماذا أقول لكم ؟ إذا الإنسان حب يعمل لكل عضو تلف عملية، لازم يفع مائة مليون، كل هذه الأجهزة تعمل بنظام.
 من أجل أن تكون علاقتك بالله علاقة محبة وشكر يجب أن تفكر في نعم الله، هذه النعم لها تصانيف، أول نوع من أنواع النعم أنك موجود، الحمد لله على نعمة الإيجاد، أنت موجود، لك كيان، لك سجل بالنفوس، فلان الفلاني ابن فلان، يعني أوجدك ليتيح لك عملاً صالحاً تسعد به إلى الأبد، هذه نعمة الإيجاد، نعمة الإمداد، أوجدك وأمدك بما تحتاج، أمدك بالهواء، أمدك بالماء، أمدك بزوجةٍ، بأولاد ببيت، بحرفة، تكتسب رزقك منها،

 

 

((عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَحِبُّوا اللَّهَ لِمَا يَغْذُوكُمْ مِنْ نِعَمِهِ، وَأَحِبُّونِي بِحُبِّ اللَّهِ، وَأَحِبُّوا أَهْلَ بَيْتِي بِحُبِّي ))

 

[ رواه الترمذي ]

 أسباب محبة الله استعراض النعم.
 أخوانا الكرام:
 السعداء هم اللذين يشتغلون بشكر ما عندهم، لا بالحسرة على ما فقدوه، أنت في عندك أشياء، وفاقد أشياء، والنبي الكريم علمنا بهذا الدعاء العظيم يقول:

(( اللهم ما رزقتني مما أحب، فاجعله قوة لي فيما تحب ))

 أعطاك مال، اجعل هذا المال قوةً لك في إيمانك ؛ يعني أنفقه في طاعة الله، أعطاك صحة اجعل هذا النشاط، وهذه الحركة في خدمة خلق الله عز وجل، أعطاك أحياناً جاه، اجعل هذا الجاه في خدمة الضعفاء والمظلومين، أعطاك علم اجعل هذا العلم في خدمة المسلمين أعطاك طلاقة لسان، اجعل هذه الطلاقة في تأييد الحق ونصره، فالمؤمن إذا أراد أن يزيد من نعم الله عليه، عليه أن يستخدمها في خدمة خلقه، دققوا في قول الله عز وجل على لسان قوم قارون حينما قال:

 

﴿وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (77) قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ (78)﴾

 

( سورة القصص: 77 ـ 78 )

 يعني:

 

﴿وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ﴾

 

 يعني أول معنى.

﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ﴾

 يعني حينما يكفر هذه النعم يظلم نفسه، الله سبحانه وتعالى قال:

﴿وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ (8)﴾

(سورة إبراهيم)

﴿ إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ﴾

( سورة الزمر: 7 )

 والمعنى الثاني: إذا عجزت عن شكر هذه النعم، إذا عجزت عن إحصاء نعمة واحدة، ثم عجزت عن إحصاء النعم كلها، ثم عجزت عن شكر نعمة واحدة، وعن شكر النعم كلها، واعترفت بعجزك، فهذا أحد أنواع الشكر.

 

﴿إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾

 هذا المعنى الثاني، وإذا أردت لهذه النعمة أن تثبت، وأن تدوم فاشكرها.

 

 

﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾

 وإذا أردت لهذه النعمة أن تزول فاكفرها.

 

﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (112)﴾

( سورة النحل: 112 )

 يعني في أسرة مات أبوهم، وما في تجول، وفي قنص، وفي قصف بعد ثلاثة أيام ألقوه من على الشرفة إلى الأرض، من شدة الخوف، والفقر، ثلاثة آلاف وسبعمائة ليرة الدولار وصل، يعني هذا الجوع والخوف.

 

﴿الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (112)﴾

 وأي بلد آخر إذا كفر بأنعم الله يذيقه الله لباس الجوع والخوف، هذا موضوع الشكر، وإذا أمنت وشكرت حققت المراد من وجودك في الأرض.

 

 

﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ﴾

 انظر إلى الدعاء ما أجمله، " اللهم رزقتني مما أحب فاجعله قوة لي فيما تحب، وما زويت عني ما أحب فاجعله فراغاً لي فيما تحب ".
 يعني زوجته ليست على ما يرام، ما سمح الله زوجة شاطحة معناها الله أراد به الخير حتى يتفرغ لطاعته، " فما رزقتني مما أحب فاجعله قوة لي فيما تحب، وما زويت عني ما أحب فاجعله فراغاً لي فيما تحب ".
 هذه معاني الشكر كلها تقريباً، والآيات متعلقة بشكر النعم، لكن أحب الله لما يغزوكم به من نعمه، يعني إذا استعرضت النعم، والإنسان إذا رأى مصاباً أو مبتلاً من غير أن يسمعه عليه أن يشكر الله عز وجل.
 أخوانا الكرام:
 أحد معرفة أبواب النعم أن تنظر إلى من هو أدنى منك، أيام تلاقي عشرة أولاد والأم والأب في غرفة واحدة نائمين، على الأرض، أنت عندك غرفتين بالبيت، أو ثلاثة، أنت وزوجتك في غرفة والأولاد في غرفة، هذه نعمة، هذه النعمة يجب أن تعرفها، أنت معك ثمن الطعام والشراب، كان عليه الصلاة والسلام يدخل إلى البيت أحياناً يقول أعندكم شيء، يقال له لا، قال فإني صائم، في بيت من أخوان الحاضرين جميعاً، ما في عنده كأس شاي و زيتونه، ما في بيت ما في حواضر لثلاثة أشهر يكفي، هي نعمة، صحتك نعمة، أجهزتك تعمل، عقلك برأسك.
 لنا أخ كريم الله يرحمه، طلع من معمله ما كان يلاقي بيته وين ثلاثة أرباع الساعة يدور، وين بيته ؟ أضاع بيته، عمره خمس وخمسين سنة، فقد ذاكرة جزئي، راح لبيت أبنه، قال له: وين بيتي أنا بابا، بيته بخورشيد، ثلاثة أرباع الساعة يدور، الله لو سحب جزء من الذاكرة، وين اختصاصك، وين خبراتك، بتكون معمر بيت مرتبه إذا كان العقل أختلج، يعمل لك واسطة أقرب الناس لك إلى مستشفى المجانين، بقلك دبرنا له واسطة، بواسطة كمان، من ؟ ابنك، زوجتك بخوف صار، إذا عقله برأسه، وأجهزته سليمة، لذلك ملك سئل وزيره قال له من الملك ؟ الملك كان جبار، قال له أنت، قال له لا ليس أنا الملك، الملك رجل لا يعرفنا ولا نعرفه، له بيت يأوي، وزوجة ترضيه، ورزق يكفيه، إنه إن عرفنا جهد باسترضائنا، وإن عرفنا جهدنا في إذلاله، فكل واحد منكم، عرفنا طرف من عظمة الله، ومستقيم، وصحته في، وعنده قوت يومه، حيزت له الدنيا بحذافيرها،

 

 

(( عَنْ سَلَمَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِحْصَنٍ الانْصَارِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، آمِنًا فِي سِرْبِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا ))

 

[ رواه ابن ماجه ]

والحمد لله رب العالمين

 بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أعطنا ولا تحرمنا وأكرمن ولا تهنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وأرض عنا، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي، وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور