وضع داكن
28-03-2024
Logo
الدرس : 11 - سورة التوبة - تفسير الآية 104 ، التوبة.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين:
 أيها الأخوة:
 الآية الربعة بعد المائة من سورة التوبة وهي قوله تعالى:

﴿أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (104) ﴾

 سنقف قليل عند كلمة يأخذ الصدقات.
 يبدو أن النبي علية الصلاة والسلام، أقتبس من هذه الآية الحديث الشريف:

((إن الصدقة لتقع في يده الله قبل أن تقع في يده الفقير ))

 ويقول عليه الصلاة والسلام:

((بادروا بالصدقة فإن البلاء لا يتخطاها، ثانياً. ))

 ويقول علية الصلاة والسلام

((: صدقة السر تطفئ غضب الرب. ))

 معنى ذلك؟ إن الإنسان إذا زلت قدمه، أو أرتكب خطيئة وبسبب هذه الخطيئة، حُجب عن الله عز وجل، ماذا يعمل ؟.
لو أن إنساناً أخطأ، وكل بني آدم خطاء، وخير الخطاءين التوابين، زلت قدمه، غلبته نفسه، وقع في خطيئةٍ أيبقى مطروداً من رحمة الله ؟ أيبقى محجوباً عن الله عز وجل، عندئذٍ تتفاقم الأمور الإنسان في زيادة دائماً، إما في زيادة للخير أو للشر.
 فهذه نصيحةٌ كريمة، أي أخٍ مؤمنٍ يؤمن بالله عز وجل، يقرأ هذه الآية:

﴿أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ﴾

((إن الصدقة لتقع في يد الله عز وجل قبل أن تقع في يد الفقير ))

(( باكروا بالصدقة فإن البلاء لا يتخطاها ))

((صدقة السر تطفئ غضب الرب. ))

 معنى ذلك أن الله يسترضى، أما العبد اللئيم لا يسترضى، لكن الله جل جلاله يسترضى، واحد غلط، أساء، أخطأ، نظر، تكلم يبقى محجوب ؟ لا ! معناه جاهل.
 الله عز وجل: هو يقبل التوبة عن عباده، لكن التوبة تحتاج إلى ثمن، إذا دفعت صدقةً فيما بينك وبين الله، لا تدري شمالك ما أنفقت يمينك، تبتغي أن تسترضي الله عز وجل، فإن البلاء لا يتخطى هذه الصدقة، وإن هذه الصدقة تطفئ غضب الرب، وإنها تقع في يد الله قبل أن تقع في يد الفقير.
 فالواحد إذا كان على صلة بالله، وهو سعيد بهذه الصلة، ثم حجب، بسبب معصية، أو خطيئة عن غير قصد، لا يبقى مكتوف اليدين، لا، لا يبقى يجتر همومه، ويندب حظه، لا، يتحرك نحو الله عز وجل، لا ملجأ منه إلا إليه.
 يعني لو أن طفل صغير، أمه نبذته، أحياناً الأطفال يتقدم ويلقي بنفسه في أحضان أمه، ويسألها المعذرة، الأم، أم، فالله عز وجل هو أرحم، فالإنسان يسجد ويمرغ جبهته بأعتاب الله عز وجل ويدفع صدقة كي تطفئ غضب الرب، وتؤكد صدقه مع ربه، في توبته.
 الأحاديث الثلاثة، هي تجسد هذه الآية:

 

﴿وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ﴾

 تقع في يد الله، هذا العبد الفقير هو عبد لله عز وجل، أعطيته هذا المبلغ دون أن تعلم أحد بذلك، تبتغي مرضاة الله عز وجل، تبتغي أن يعفو الله عنك أن يسمح لك، أن تتصل به ثانيةً.
 لذلك: لله أفرح بتوبة عبده، من الضال الواجد، والعقيم الوالد والظمآن الوارد، وإن الله يحب التوابين، والتوابين صيغة مبالغة لاسم الفاعل، يعني شديدوا التوبة، كثيروا التوبة، كلما زلت قدمهم يتوبون إلى الله عز وجل.

 

 

﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53)﴾

 

( سورة الُزمر: 53 )

﴿نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ (50)﴾

( سورة الحجر: 49، 50 )

﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ﴾

 تصور ما في توبة، ما الذي يحدث ؟ يحدث الإنسان يقول لك هي هي الله غضبان عليّ، بفجر، الأمور تتفاقم، تتفاقم، كثير، لو ما في باب توبة مفتوح، الإنسان ينتقل من أصغر معصية، لأكبر معصية بصير مجرم، رحمة الله بالإنسان، لو جئتني بملء السماوات والأرض، ذنوب غفرتها لك ولا أبالي، لو جئتني مشياً أتيتك هرولتاً لو تقربت إليّ ذراعاً، تقربت إليك باعاً، لو أتيتني مشياً أتيتك هرولةً إني والأنس والجن في نبأ عظيم، أخلق ويعبد غيري، وأرزق ويشكر سواي، خيري إلى العباد نازل، وشرهم إليّ صاعد، أتحبب إليهم بنعمي، وأنا الغني عنهم، ويتبغضون إليّ بالمعاصي وهم أفقر شيء إلي، من أقبل عليَ منهم تلقيته من بعيد، ومن أعرض عنيّ منهم ناديته من قريب، أهل ذكري أهل مودتي، أهل شكري، أهل زيادتي أهل معصيتي لا أقنطهم من رحمتي، إن تابوا فأنا حبيبهم، وإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم، أبتليهم بالمصائب، لطهرهم من الذنوب والمعايب الحسنة عندي بعشرة أمثالها وأزيد، والسيئة بمثلها وأعفو، وأنا أرأف بالعبد من الأم بولدها.
 باب التوبة مفتوح أيها الأخوة: بادروا، لله أفرح بتوبة عبده من الضال الواجد، ومن العقيم الوالد، ومن الظمآن الوارد.
 إنسان ركب ناقته ليقطع فيها الصحراء، جلس ليسترح، فاستيقظ فلم يجد الناقة، فأيقن بالهلاك، فصار يبكي، حتى أدركه النعاس فأفاق فرأى الناقة، من شدة فرحه، قال يا ربي أنا ربك وأنت عبدي غلط النبي يقول:

 

(( لله أفرح بتوبة عبده من ذلك البدوي بناقته.))

 فلذلك، كلمة يلي عنده إحساس رقيق، كلمة يقبل الصدقات هذه الصدقة التي أردت بها، وجه الله، تقع في يد الله، قبل أن تقع في يد الفقير.

 

 

(( صدقة السر تطفئ غضب الرب ))

 

(( بادروا بالصدقة فإن البلاء لا يتخطاها ))

 الله يسترضى، يسترضى بالتوبة، والصدقة.
 قال له آماء لا يسترضون، لذلك:

 

﴿أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (104)﴾

 

 هي آية دقيقة جداً:

﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (105)﴾

( سورة الُتوبة: 105 )

 

والحمد لله رب العالمين.

 بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أعطنا ولا تحرمنا وأكرمنا ولا تهنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وأرض عنا وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم.

تحميل النص

إخفاء الصور