- التربية الإسلامية / ٠7موضوعات مختلفة في التربية
- /
- ٠1موضوعات مختلفة في التربية
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
مراعاة حاجة الناس إلى موضوعات معينة، ووجوب اهتمام الناس بالدروس:
وبعد ؛ أيها الإخوة، يمكن أن يعالج المتكلم موضوع بعيداً بُعد الأرض عن السماء عن اهتمام الناس، وهو بهذا لا يؤثر فيهم، وقد حدثني أخ كريم أن درساً ألقي في جامع، والدنيا تحترق، والحديث عن كسر همزة إن أو فتحها ! فالإنسان إذا تجاهل حاجات الناس واهتماماتهم لا يستطيع أن يؤثر فيهم.
وجوب استحضار القلب في أثناء الدرس:
كما أن هناك أناساً يجلسون في درس هم بعيدون عن محتوى الدرس.
حدثني أخ توفي ـ رحمه الله تعالى ـ كان يلقي درساً، ويتحدث عن فساد الزمان، ومن جملة ما تكلم أن فتاة تأتي البيت الساعة الثانية عشرة، وحينما تُسأل: أين كنت ؟ تقول: عند الحبيب، فقال مَن في المجلس: صلى على الحبيب ! فالمتكلم في وادٍ، والمستمع في وادٍ آخر.
ثمة إمام يصلي فقرأ قوله تعالى: ] قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِينَ [ فقال المصلون: آمين، هم بعيدون.
آفة التدريس أن ينأى المتكلم بموضوعاته عن اهتمامات الناس، وآفة المستمع أن يكون وجوده شكلياً هو في واد، والمتكلم في واد، وحينما يقول الله عز وجل:
﴿وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ﴾
أي أن الأمر ينبغي أن يتكرر من حين إلى آخر، ولا تعجب أن تجد في القرآن الكريم موضوعات تتكرر كثيراً.
] إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّادِقِينَ [، ] إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّادِقِينَ[ ، وبعض القصص تتكرر كثيراً.
لا بد للإنسان مِن حُسن الاختيار في حياته:
سبب اختيار موضوع هذا الدرس أن ظاهرة كثرت، وكادت أن تكون بلاء عاماً، هذه الظاهرة أن البيت المسلم حينما ينهار من الداخل هذا ينعكس على الحياة العامة، فأنا كنت أقول دائماً: ألصق شيء في حياة الإنسان عمله وزواجه، فعمله يرتزق به، فالإنسان الموفق يختار عملاً شرعياً، والمؤمن إذا عرف الله في وقت مبكر، وهذه ميزة كبيرة يشكل حياته تشكيلاً إسلامياً، يختار عملاً ينفع به المسلمين، أما هذا الذي ابتلاه الله بعمل ليس فيه نفع للمسلمين فهو دائماً يُعذَّب نفسياً، وهناك آلاف الأعمال لا تنفع المسلمين، بل تفسدهم أحياناً.
يبيع النرد، ماذا يفعل ؟ قد يقضي أناس فيها ساعات وساعات، لا هي ذكرٌ، ولا هي متعة، ولا فائدة، إنما هي تضييع للوقت، فمن ابتلي ببيع النرد فهذا عمل يقلقه دائماً، من ابتلي ببيع ثياب نسائية فاضحة، كلما رأى فتاة ترتدي هذه الثياب يشعر أنه ساهم معها في هذه المعصية.
إذا اختار الإنسان عمله حيث يكون عملاً نافعاً فهذه مِن نعم الله الكبرى، إذا كان العمل وفق منهج الله يبيع الناس مواد مشروعة بشكل معتدل ونافع هذه نعمة كبيرة، وكل واحد له عمل تحت دائرة المعصية فهذه مشكلة كبيرة، الذي أتمناه على كل منا أن يراجع حساباته .
دعونا من موضوع العمل، فالعمل إذا كان مشروعاً في الأصل، تبيع الطعام أو الثياب الشرعية، أو تبيع حاجات أساسية، وهناك خدمات وبضائع وتجارات لا ترضي الله عز وجل، فهذا أحد أسباب الحجاب بينك وبين الله، لكن الدرس ليس حول العمل، بل حول موضوع آخر، حول الأسرة.
لا بد أن تعبد اللهَ فيما أقامك:
حينما يكون اختيار الزوجة غير صحيح تنشأ مشاكل لا تنتهي، فإذا عرف المؤمن الله في وقت مبكر يحسن اختيار زوجته، وكأن الذي يحسن اختيار زوجته يسعد بها، لأنها جاءت متوافقة معه، لكن المشكلة الثانية: أن الإنسان أحياناً مع ألفة الزوجين، ومع ضعف تطبيق منهج الله في أمر الزواج ينشأ فتور في العلاقة، وأحياناً خصومات داخل البيت، هذه تنعكس أشد الانعكاس السلبي على العلاقة بين الزوجين، وعلى تربية الأولاد.
فمثلاً: المرأة التي لا تعرف الله عز وجل تنسى أن مهمتها الأولى إحصان زوجها، وتنسى أن مهمتها الأولى رعاية زوجها وأولادها، وتنسى أن الله أمرها أن تعبده وفق ما أقامها، أقامها امرأة ينبغي أن تعبده في حسن رعايتها لزوجها وأولادها.
والحقيقة الثابتة أنه ينبغي أن تعبد الله فيما أقامك، وكنت أقول دائماً: إذا أقامك عالماً ينبغي أن تعبده في تعليم العلم، وإذا أقامك غنياً تعبده في إنفاق المال، وإن أقامك قوياً تعبده في إحقاق الحق، وإن كنت امرأة ينبغي أن تعبديه في حسن رعاية الزوج والأولاد.
أكثر من قضية أطلع عليها لأحكم بين الزوجين أجد أن هناك خللا كبيرًا في العلاقة بين الزوجين، السبب هو جهل كل منهما بحقوق الطرف الآخر، فإذا كان هذا الجهل مستمراً ينتهي بحدث مؤلم في الأسرة، إما الطلاق، أو التباعد الحقيقي بين الزوجين، وهذا ينعكس على الأولاد.
أقول: هذا المؤمن الذي تربى على موائد القرآن ألا ينبغي أن يعلم بناته حقوق الزوج ؟ أو هذه المرأة التي ربيت على موائد القرآن، وفي بيوت الله عز وجل ألا ينبغي أن تعلم بناتها حقوق الزوج ؟ وهذا الشاب الذي نشأ في طاعة الله ألا ينبغي أن يعرف مهمته في الزواج ؟
مراعاة الزوجين حقوق بعضهما:
أرى أن بيوتات المسلمين حينما تقوم دعائمها من الداخل ينعكس هذا قلقاً وشروداً وضعفاً في الإنتاج في الحياة العامة، فإذا أراد أحد أن يقف على حقوق الزوج وحقوق الزوجة في الإسلام، وأراد أن يطبق هذه الحقوق لاشك أنه يسعد في داخل البيت.
والحقيقة أننا ننتمي إلى الإسلام، وأخاف أن أقول: إنه انتماء شكلي، لكنني أجد أن معظم البيوت الإسلامُ غيرُ مقامٍ فيها.
أحياناً يرتدي إنسان زيًّا إسلاميًا، آية قرآنية في محله التجاري، أو مصحف في مقدمة مركبته، لكنه في التعامل اليومي، وفي العلاقات الزوجية لا تجد هذه الآيات مطبقة في حياته، فدائماً تنشأ مشكلة في البيت، أحد أسبابها جهل الزوجة بحقوق الزوج، وجهل الزوج بحقوق الزوجة، وهذه قضية مقلقة.
إن المرأة بعد وقت معين من الزواج تهتم بأولادها، وبعلاقاتها الاجتماعية، وبزياراتها، هذا كله على حساب حقوق زوجها، فالزوج لا يجد من يهتم به، يجد انصرافاً عنه، وإهمالاً له، وقد أودع الله في الإنسان هذه الغريزة بمستوى عميق وعالٍ، وأيّ تجاهل لهذه الغريزة التي أودعها الله في الإنسان يصرفه عن طاعة الله إلى معصيته، مشكلة أهل الدنيا أنه لا قيد عنده، فإذا انصرف عن زوجته اتجه لغيرها، ومتع بصره بكل ما يرى في الطريق، وكل ما يقرأ، وكل ما يسمع، فيحصل على متعة الحرام، وهو يعصي الله عز وجل، زوجته حينما تكمل واجباتها تجاه زوجها، ولا تحصنه، ولا ترعاه حق الرعاية فهي تسهم معه في هذا الإثم، وكم من أسرة انفصلت لهذا السبب، وكم من زوج وقع في إثم لهذا السبب، وكم من زوج انصرف عن زوجته لهذا السبب.
أيها الإخوة، إن لم تكن بيوتات المسلمين متماسكة وسعيدة شهد الله أن الرجل المؤمن إذا دخل إلى بيته كان في جنة، جنة الود بينه وبين زوجته، أما حينما ينظر إلى غيرها، وتنظر إلى غيره، وتوازن بين هذا الذي على الشاشة وبين زوجها، أو هو يوازن بين هذه التي على الشاشة وبين زوجته ينشأ تنافر وانصراف، فالموازنة بين ما عندك وبين ما ترى في الطريق مشكلة كبيرة جداً، فإذا لم يكن هناك غض بصر، وانضباط كبير في البيت تنشأ مشكلات، أقلّها التباعد النفسي، وهذا التباعد النفسي له نتائجه الخطيرة في العلاقة بين الزوجين.
أنا أقول دائماً بحكم عملي في الدعوة إلى الله هذا العمل الذي شرفني الله به، أطلع على خبايا بيوتات المسلمين من حيث الشكاوى والاتصالات وحل القضايا والتحكيم، شيء مخيف، فما الذي يمنع أن نتحرك حركة إيجابية، هذه الزوجة ما حقوقها ؟ يجب أن تؤديها لها، وهذا الزوج ما حقوقه يجب أن تؤديها له، أما أنْ تظلم وهي مطمئنة أن أولادها قد كبروا، وأنها في حرز حريز، ومتمكن، وزوجها تهمله، وهذا يقع كثيراً فهذا لا يجوز، ومشكلات بيوت المسلمين حينما تعالج معالجة صحيحة نغدو قوة.
أحياناً أعيش جوًّا من التفاؤل عندما أجد بيتًا متماسكاً، زوج موفق، أولاد تربوا تربية إسلامية، أشعر أن المستقبل كبير للمسلمين، وحينما أرى التفلت والصراع، والخصام والشحناء والبغضاء، والأطفال متمزقون بين أبيهم وأمهم، كل هذا بسبب جهلِ كلِّ واحد بحقوق الآخر.
طبعاً لا يمكن أن أنحاز إلى المرأة، وأهمل واجبات الزوج تجاه المرأة، كما أنه لا يمكن أن أنحاز إلى الزوج وأهمل واجبات الزوجة تجاه زوجها، لابد من التوازن، لكن لو استعرضنا بعض الآيات الكريمة:
﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ﴾
قوامة الرجل على المرأة:
إنّ كل مركبة لابد لها من قائد، إذا تنازع الزوجان في قيادة هذه المركبة هذا أول خطر يهدد الأسرة، وحينما يفهم الزوج أنه في أعلى درجة وزوجته في أدنى درجة، حينما تغدو المسافة كبيرة جداً بين الزوجين هنا المشكلة، قال الله عز وجل:
﴿وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ﴾
هي درجة القيادة، فالزوجة تدلي برأيها، وقد قال الله عز وجل:
﴿وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ﴾
وفعل ائتمروا هو فعل أمر، أساسه فعل مشاركة، تأمرك وتأمرها، تنصحها وتنصحك، تنهاها وتنهاك.
﴿وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ﴾
الزوج صاحب القرار:
لكن الكلمة الفاصلة للزوج، لأنه يكمل درجة القيادة، فإذا كان هناك سفينة ضخمة عملاقة لها قائد عام، وله مساعد قد يكون أدنى منه بدرجة واحدة، وقد يكون في المرتبة نفسها، لكنه أقدم، فلابد من صاحب قرار واحد، فإذا لم يكن الزوج صاحب قرار فهذه مشكلة.
أول نقطة حينما نؤمن أن لهذا البيت يجب أن يكون قائد أمره نافذ، لولا هذا لا ينجح أب في تربية أولاده، وأكثر المشكلات تأتي من تنازع الأبوين في توجيهات الأولاد، الأم توجه توجيهًا بعاطفتها العمياء، والأب بعقله الراجح يوجه توجيهًا، فحينما يصطدم التوجيهان يتمزق شمل هذه الأسرة، ويضيع الأولاد بين أمهم وأبيهم، فالتوجيه القرآني أنه لابد لهذه الأسرة من صاحب قرار هو الزوج، لقوله تعالى:
﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾
إن وجدت الزوجة زوجها ليس تقياً، ولا ورعاً، بل وجدته شهوانيًّا، حينما يصغر الزوج بعين زوجته لا تطيعه، وعند ذلك لا يمكن أن يكون قيوماً عليها، ولا صاحب القوامة عليها، وحينما يطمع الرجل بمال زوجته، ويهددها بالطلاق، إن لم تعطه ميراث أبيها، أيضاً طمعه يضعف مكانته في الأسرة، فحينما تنفق من مالك على زوجتك، وحينما تكون أتقى و أورع منها يهبك الله حقاً اسمه حق القوامة، وحق القيادة، كلمتك ينبغي أن تكون مسموعة، هذه واحدة، قال الله عز وجل:
﴿ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ﴾
لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنّ
أنا بحسب معلوماتي المتواضعة فإني أعلم أن أكثر حالات خروج الزوجة من بيت زوجها إما أن يخرجها، وإما أن تخرج، هذه الحالات قد تنتهي إلى الطلاق، ذلك أن المرأة إذا كانت في بيت زوجها أكبر مشكلة تتصاغر حتى تغدو أصغر مشكلة، هذا كلام عام، وهناك استثناءات كوجود ظلم شديد، فهذا موضوع آخر.
أما إذا خرجت المرأة من بيت زوجها ناشزة فيمكن أن ينتهي هذا الأمر إلى الطلاق، فلو أن الزوج والزوجة اتبعا قول الله عز وجل:
﴿ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ﴾
لكانت أكبر مشكلة والزوجة في بيتها في البيت تصغر بعد حين، وأصغر مشكلة والزوجة في بيت أهلها تتلقى تغذيات سيئة جداً.
مرة بثثتُ شعوري لزوج غاب عن زوجته أكثر من سنة تقريباً، كل واحد تبرج، قلت له: عملك الجليل وزوجتك معك فلا مشكلة لديها، لكن يريد أن يغيظ والدك، ووالدك زوجته عنده، لا مشكلة لديه، لكن يريد أن يغيظ الطرف الآخر، من هو الضحية ؟ أنت وزوجتك، فلما يلغي الزوج إخراج الزوجة من بيته، وتلغي المرأة خروجها من بيت زوجها، وتعد بيتها بيتاً يجب أن يبقى مستقراً، وأن أية مشكلة تحل بين الزوجين، وهي في بيت زوجها نكون قد أغلقنا باباً خطيراً من أبواب الشقاق الزوجي.
النقطة الأولى: البيت له قائد، لكن بين القائد والمقود درجة واحدة، هي إصدار القرار وتنفيذه، لكن لا يعقل أن يكون للزوج كل شيء، وليس للزوجة شيء.
النقطة الثانية: استقرار الحياة الزوجية تهز اهتزازًا شديدًا، كلما نشأت مشكلة ذهبت إلى بيت أهلها ولم تعُدْ، وكلما نشأت مشكلة أخرجها من بيتها لئلا تعود، هذه نقطة ثانية.
عامِل الناسَ كما تحب أن يعاملوك به:
النقطة الثالثة أيها الإخوة، الحديث مستنبط معناه من أحاديث كثيرة، لكن هذه قاعدة ذهبية لا يعلم إلا الله قيمة هذه القاعدة: عامل الناس كما تحب أن يعاملوك، فأنت حينما تضع نفسك مكان زوجتك هل تحتمل هذه المعاملة ؟ وأنت أيتها المرأة حينما تضعين نفسك مكان زوجك هل تحتملين هذه المعاملة ؟ لو أن كل مسلم عامل الناس كما يحب أن يعامل لحلت كل مشكلاتنا، هذه قضية ثالثة.
كما تتمنى أنت أن تحترم زوجتُك أمَّك، هي تتمنى أن تحترم أمَّها، كما تحب أن تحتفل بأهلك حينما يأتون إليك، فهي تحب أن تحتفل بأهلها حينما يأتون إليك، هذه مبادئ يجب أن تراعيها كشريك.
فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
(( لَا يَجْلِدُ أَحَدُكُمْ امْرَأَتَهُ جَلْدَ الْعَبْدِ، ثُمَّ يُجَامِعُهَا فِي آخِرِ الْيَوْمِ ))
هذه شريكة حياة، فالضرب يهبط بها من درجة الشريك إلى درجة العبد والأجير، فضربها إهانة.
النبي عليه الصلاة والسلام لم يضرب زوجة إطلاقاً، أما نحن فكلما نشأ مشكلة نتهجم عليها بالضرب.
المشكلة أيها الإخوة أن الإنسان يبني هذه العلاقة مع زوجته أشهراً عديدة، في ساعة غضب يخسر كل هذا الذي بناه، لذلك النبي عليه الصلاة والسلام قال:
(( لاَ تَغْضَبْ ))
أقول لكم دائماً أيها الإخوة: من السهل أن تصل إلى مكان معين، لكن البطولة أن تبقى فيه، زوج يحسن معاملة زوجته بشكل متتابع، وفي ساعة غضب وغفلة يخسر كل هذه العلاقة الطيبة بسبب غفلته عن الله، وشدته، وغضبه غير المعقول.
معنى المعاشرة بالمعروف:
شيء آخر، حينما يأمرك الله سبحانه وتعالى أن تصاحبها بالمعروف:
﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾
والمعاشرة بالمعروف تقتضي أن تحتمل الذي منها كما قال عليه الصلاة والسلام في أكثر من حديث:
(( أكرموا النساء فو الله ما أكرمهن إلا كريم، ولا أهانهن إلا لئيم، يغلبن كل كريم، ويغلبهن لئيم، وأنا أحب أن أكون كريماً مغلوباً من أن أكون لئيماً غالباً ))
البند الأول: أن يكون لهذا البيت قائد.
والبند الثاني: أن تعاملها معاملة تحب أن تعاملك إياها.
والبند الثالث: ينبغي أن تعلم أن الزواج شركة، وكلما كنت متفقهاً بالدين شعرت أن هذه الزوجة شريكة حياتك.
والله الذي لا إله إلا هو أحياناً تجد أعمالا طيبة من امرأة لا يفعلها الرجال، هذه المرأة التي خرجت إلى ساحة المعركة في أُحُد تسأل عن رسول الله، وقد أبلغت أن زوجها قد قتل، وأن أخاها قد قتل، وأن ابنها قد قتل، وتقول: ما فعل النبي عليه الصلاة والسلام ؟ فلما أيقنت أنه سليم قالت: يا رسول الله، كل مصيبة بعدك جلل، لا أبالي إذا سلمتَ مَن هلك.
هذه السيدة خديجة رضي الله عنها حينما فتح الله على نبيه مكة، نصب رواء النصر عند قبر خديجة.
قصص مِن واقع الناس:
هناك قصة سمعتها وطربت لها كثيراً: رجل توفيت زوجته وعنده أربعة أولاد، تزوج امرأة، هذه المرأة اعتنت به عناية فائقة، وتوفي هذا الزوج، جاء أولاده كي يعطوا زوجة أبيهم حقها، بحثوا عن المهر فكان خمسة عشر ألف ليرة، نقدوها هذا المهر، والمهر كما تعلمون دين ممتاز، ثم بعد يومين استردوا هذا المبلغ، سألوا عالماً، قال: هذا المهر ينبغي أن يقيم تقييماً جديداً، طبعاً القضاء شيء، والديانة شيء آخر.
امرأة مهرها ألفَا ليرة، كان ثمن البيت ستة آلاف، يعني أن مهرها ثلث ثمن البيت، الآن ثمن البيت ستة ملايين تعطيها ألفين، ماذا أعطيتها ؟ فديانة هناك من يقيم المهر تقييمًا بالقيم الثابتة، يبدو أن هؤلاء الشباب ورعون، سألوا عالماً جليلاً قال: ينبغي أن تعطوها حقها بسعر اليوم، أعادوا لها المبلغ مئة وخمسين ألف ليرة.
قالت لهم: إن أباكم ـ رحمه الله ـ قال لي: له عند أحد التجار خمسمئة ألف ليرة هي لك، هم صدقوها، لو أنهم لم يفعلوا ذلك لا شيء عليهم، الوريث لا يمكن أن يعطي إلا بأوراق رسمية، أما أن ينفذ كل كلام يقال له فهذا شيء ليس له نهاية، لكنهم صدقوا هذه المرأة الكريمة، وذهبوا إلى التاجر، وقالوا له: غيّر الوصل الذي لأبينا، واجعله لزوجة أبينا، ثم أخذوا منها المبلغ كله، واشتروا لها بيتاً صغيراً أوت إليه، وهم يعتنون بها عناية فائقة.
ألا تطرب لهذه القصة، وتشعر أن الإسلام شيء عظيم ؟! لمجرد أن يموت الأب تُطرَد زوجة الأب من البيت، ويبالغ في الإساءة إليها، ويُتشفى منها، شتان بين مؤمن وغير مؤمن.
تروي الكتب أن رجلاً تزوج امرأة خُفية عن زوجته، فعلمت الزوجة بذلك، لكنها ما أحبت أن تفاتح زوجها، بقيت صامتة، ثم توفى الله هذا الزوج، فالزوجة من شدة ورعها أرسلت لضرتها حصتها من الإرث حسب الشرع، فما كان من الزوجة التي تزوجها الزوج بعد زوجته الأولى إلا أن أعادت إليها المبلغ، وقالت لها: لقد طلقني قبل أسبوع، وليس لي عنده شيء.
اليوم تجد امرأة تدعي أنها ملتزمة تقيم الدعوى على زوجها عند قاض أمريكي كي تأخذ نصف ثروته، ولا ترضى بالشرع، ولا بمهرها.
الحقيقة أن الشيء المؤلم أنك ترى أن الإسلام مظاهر، مصاحف، مساجد، أشرطة، مظهر دينيًا، مؤتمرات، لكن لو دخلت إلى صميم حياة المسلمين لا تجد ورعاً، ولا إعطاء كل ذي حق حقه، الرجل يعبد الله ستين عاماً، ثم يضار في الوصية فتجب له النار.
كم أسرة تتهرب من إعطاء البنت حصتها، البنت لا ذنب لها، لأنها متزوجة الناس يتهيبون أن يعطوها حقها، فهذا الذي يعبد الله ستين عاماً ثم يضار في الوصية تجب له النار.
أين أداء الحقوق ؟ أعرف رجلا من إخواننا المؤمنين الكرام ترك له أبوه بيتاً في أرقى أحياء دمشق، والوريثان هو وأخته، وأخته متزوجة، ولها زوج وبيت، وأمورها جيدة جداً، لكن هذه الأخت لها حق في هذا البيت، والابن يسكن البيت مع أمه، قالت له: أين حصتي ؟ يقول: هذا بيت العائلة، أهلاً بك متى شئت، هكذا يقول معظم الأخوات، أقسم لي بالله أنه قيّمه على أنه بيت فارغ، ونقد أخته بأغلى ثمن حصتها، وفتح الله عليه فتحاً كبيراً في أعماله التجارية.
متى تعظم الدين ؟ عندما ترى مسلمًا متحررًا صادقًا يؤدي الحقوق لأصحابها، كفى بها نعمة أن يتصاحب المتصاحبان، ثم يفترقان، ويقول كل واحد منهما للآخر: جزاك الله عني كل خير.
التقيت بأخ في المدينة المنورة، يرسل راتبًا لزوجة أبيه من اثنتي عشرة سنة بشكل مجزي إكراماً لها، تجد الناس يتفننون بأخذ حقوق الآخرين، وبإيذاء الآخرين، وبأخذ أموالهم، وهضم حقوقهم، لذلك كيف يرضى الله عز وجل عنا ؟ هناك ظلم شديد بين المسلمين، كم من زوجة مظلومة ؟ وكم من زوج مظلوم ؟ والزوجة المظلومة ليس لها إلا الله.
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ فَقَالَ:
(( اتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ، فَإِنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ ))
وفي رواية أخرى: اتقوا دعوة المظلوم ولو كان كافراً.
الجهل بالحقوق والتفلت من منهج الله سبب المشكلات:
والله أيها الإخوة، من شدة ما أستمع لقضايا بين الأزواج كل أسبوع قضيتين أو ثلاثة، وكلها بسبب جهل كل واحد بحقوق الآخر، وهذا الجهل ينتج عنه انحراف وخصومات، وأكثر شيء أنا أقول لكم هذا الكلام: حينما لا يتقيد الإنسان بمنهج الله في الزواج، إذا أطلق لعينيه العنان، وهي أيضاً كان الشقاق بين الزوجين.
عندنا قانون رائع جداً:
﴿ فَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾
هذا قانون، لذلك ما تعاقد اثنان في الله ففرق بينهما إلا بذنب أصابه أحدهما.
وهذا الإمام الشعراني رحمه الله تعالى كان يقول
(( أعرف مقامي عندي ربي من أخلاق زوجتي ))
حينما تستقيم علاقتك بالله عز وجل يهيئ لهذه الزوجة طبع يرضيك، لك هيبة، يزرع الله في قلبها هيبة لك، وحينما يعصي الرجل ربه تسقط هيبته من عين زوجته.
فلذلك أيها الإخوة، كلما بالغت في طاعة الله أكسبك الله هيبة، من اتقى الله هابه كل شيء، ومن لم يتق الله أهابه الله من كل شيء.
مرة كنا في الحج، وكان معنا أخ كريم عالم جليل، زار أخاه بجدة، فبدأ أخوه يشكو من زوجته، قال: نجلس بالسهرة فهي تجلس على الأريكة، وهو في الأرض مرتاح، فوخزته بقدمها، قالت له: غيّر القناة.
لم يتحمل، هناك زوجات وقحات جداً، وسيئة الطبع.
بالمناسبة، والله أتهيب كثيراً لأن أذكر هذا الحديث، لكنه حديث صحيح، وينبغي أن نحترم حديث رسول الله:
(( من كانت تحته امرأة سيئة لا يستجيب الله دعائه ))
توضيح الفكرة: سألك: ماذا أفعل ؟ قلت: اخرج من هنا، فرفض الخروج، قال: ماذا أفعل ؟ لا علاقة لي، نصحتك ورفضت، فينبغي على الإنسان أن يقف عند حدود الله عز وجل، طبعاً الطلاق آخر حل، لكن أتألم لرؤية شخص ناجح بعمله وعلاقاته تأتي شكوى من زوجته كبيرة جداً، هذا النجاح لا قيمة له أبداً.
بالمناسبة من يكمل شهادة قيادة كيف يتم الفحص ؟ يجب أن يفحص، وهو يعود للخلف، والطريق متعرج بشكل إكس، وضيق، على عرض السيارة، وهناك عدة طرابيش بلاستيك، فإذا وقعت إحدى الطرابيش لا ينجح ! لماذا انتقوا هذا الأسلوب ؟ هذا أصعب شيء بالقيادة، أن ترجع القهقرى، ويكون رجوعك على الطريق، وتحتاط أن لا تمس شيئًا، وأنت ترجع، إن نجحت في هذا القيادة نحو الأمام فالأمر بعده سهل جداً.
هكذا كان النبي مع أهله:
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(( خَيْرُكُمْ خيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي ))
هذا الحديث دقيق جداً، فعلاقاتك الخارجية الناجحة هذا شيء طبيعي، لأنك ذكي، ولك مصالح وسمعة تخاف عليها، فكل علاقاتك الناجحة خارج البيت تندرج تحت الذكاء الاجتماعي، لكن متى تظهر على حقيقتك ؟ في البيت تكون هادئًا رحيمًا متواضعًا.
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سُئِلْتُ: مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ ؟ قَالَتْ:
(( كَانَ بَشَرًا مِنَ الْبَشَرِ، يَفْلِي ثَوْبَهُ، وَيَحْلُبُ شَاتَهُ، وَيَخْدُمُ نَفْسَهُ ))
سُئلَت عَائِشَةَ: مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ فِي بَيْتِهِ ؟ قَالَتْ:
(( كَانَ يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ … ))
عظمة الإنسان في البيت، واحد من أفراد البيت في تواضع، أيعقل أن يمشي النبي على يديه ورجليه ليركب الحسن والحسين على ظهره وهو سيد الخلق وحبيب الحق ؟
عَنْ أَنَسٍ قَالَ:
(( كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ، فَأَرْسَلَتْ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ بِصَحْفَةٍ فِيهَا طَعَامٌ، فَضَرَبَتْ الَّتِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِهَا يَدَ الْخَادِمِ، فَسَقَطَتْ الصَّحْفَةُ، فَانْفَلَقَتْ، فَجَمَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِلَقَ الصحبة، ثُمَّ جَعَلَ يَجْمَعُ فِيهَا الطَّعَامَ الَّذِي كَانَ فِي الصَّحْفَةِ، وَيَقُولُ: غَارَتْ أُمُّكُمْ، ثُمَّ حَبَسَ الْخَادِمَ حَتَّى أُتِيَ بِصَحْفَةٍ مِنْ عِنْدِ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا، فَدَفَعَ الصَّحْفَةَ الصَّحِيحَةَ إِلَى الَّتِي كُسِرَتْ صَحْفَتُهَا، وَأَمْسَكَ الْمَكْسُورَةَ فِي بَيْتِ الَّتِي كَسَرَتْ ))
لا أنسى موقف للنبي الكريم: أنصاري دخل بستانه، وأكل منه بغير حق فقيده وساقه إلى النبي ليشكوه للنبي قال له عليه الصلاة والسلام سارق متلبس بالسرقة الموصوفة ويجب أن تقطع يده قال له النبي عليه الصلاة والسلام:
(( هلا أطعمته إذا كان جائعاً، وهلا علمته إذا كان جاهلاً ))
معالجة المشكلة مِن أسبابها لا من نتائجها:
هذا الحديث له علاقة بالأحداث الخيرة، دائماً نعالج الإرهاب من نتائجه، ينبغي أن يعالج من أسبابه، وأنا أقول مرة: ما لم ينزع فتيل الظلم في العالم فالإرهاب لا ينتهي لوجود ظلم شديد.
وهذه الزوجة ما لم تكن مكرمة طيبة القلب لا يمكن أن تزعجك، أما يوجد ضغط فأنت ابحث بالسبب، والحقيقة أن الإنسان الذكي يبحث في أسباب المشكلة، فلو عرفت الأسباب قد تحل هذه المشكلة، وقد قيل: إذا ظهر السبب بطل العجب.
أحياناً لا تفهم شيئًا، لكن حينما تفهمه تحل المشكلة، كم أتمنى على كل أخ كريم أن يكون حليما متفهما واقعيا رحيما، لأن الرحمة من صفات المؤمن، والله بالهاتف أستمع لقصص من الزوجات، أو رسائل يندى لها الجبين، كأنّ في البيت وحشًا، وأحياناً تجد زوجة والعياذ بالله لا تحتمل.
قيل لرجل: طلق امرأتك، له زوجة سيئة جداً، قال: والله لا أطلقها فأغش بها المسلمين.
هناك زوجة لا تحتمل، وهي بلاء من الله عز وجل.
ابحث عن زوجة ذي تربية إيمانية:
أتمنى على من لم يتزوج بعد أن يبحث عن زوجة ذات أخلاق عالية، مرباة في بيت علم، عندها حدود، تغذيتها إيمانية، وليست علمانية، التغذية نوعان، المرأة التي تغذى تغذية علمانية هذه لن تكون زوجة سعيدة.
ذكرت مرة أن أحد أكبر فنادق دمشق أراد أن يقيم حفل تكريمي لمن أجرى العقد في فندقه تشجيعاً للباقين، ستة عشر عقد تمت في ستة أشهر ثلاثة عشر من هذه العقود انتهت إلى الطلاق قبل مضي هذه الأشهر.
في كل عقد قران أقول هذه الكلمة: إذا بني الزواج على طاعة الله تولى الله في عليائه التوفيق بين الزوجين، أما إذا بني الزواج على معصية الله تولى الشيطان التفريق بينهما، الشيطان جاهز، وأكبر مهمة من مهماته التفريق بين الزوجين، ويزين للزوج غير زوجته، ويزين للزوجة غير زوجها، وهذا يتكرس كما يقال في الاطلاع على ما عند الآخرين في الاختلاط في هذه الشاشة التي تفسد بيوت كثيرة، هذا كله يحصل، شيء جميل جداً أن يكون البيت متماسكًا، فيه ود وحب، وعدل ورحمة، وذكر لله عز وجل.
أتمنى من أعماق قلبي أن يجهد كل واحد منا بإصلاح العلاقة بين زوجته، لأن الله يقول:
﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ﴾
معنى: وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ:
هذه الآية تفهم على مستويات ثلاثة:
المعنى الأول:
أن نصلح ما بيننا وبين الله.
رأى رجلٌ زوجة بارعة الجمال لزوج دميم الخلق، شيء غير معقول، كيف قبلت به ؟ فسألها، قالت: لعله عمل عملاً صالحاً عند الله اقتضى أن يكرمه الله بي، ولعلي أسأت علاقة مع الله فأدبني الله به.
أحياناً يكرم الله الإنسان بزوجة صالحة، أو يؤدبه بزوجة تريه النجوم ظهراً، أصلح علاقتك بينك وبين الله يصلح علاقتك مع الناس، وفي مقدمتهم زوجتك، فأول معنى أن تصلح علاقتك مع الله.
المعنى الثاني:
أن تصلح علاقتك فيما بينك وبين الناس.
المعنى الثالث:
أن تصلح علاقة بين شخصين، فالمؤمن هدفه الإصلاح.
قال واحد مرة: شكوت لأحد الإخوة زوجتي التي هي أخته قال: طلقها أفضل لك، عوضاً أن يصلح بينهما ينبه أخته، ويطيب خاطر صهره أشار بطلاقها، فأنت مكلف أن تصلح علاقتك مع الله، وأن تصلح علاقتك مع الناس، وأن تصلح كل علاقة بين اثنين.
الدعاء بتحسين علاقة الأزواج ببعضهم:
بقي أيها الإخوة أن نسأل الله عز وجل بدعاء مستمر أن يحسن العلاقة بين الزوجين، خطباء المساجد في عقود القران: اللهم أصلح بين الزوجين، أنجب منهما الكثير الطيب، اجعل كل منهما قرة عين للآخر، ألهم أهلهما السدادة والرشاد، هذا كله دعاء ينبغي أن يستمر.
ولا يوجد إنسان يقوم في جوف الليل إلا ويسأل الله أن يصلح العلاقة بينه وبين أهله، ماذا يقول الله عز وجل:
﴿وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ﴾
يا أيها الأزواج غيِّروا أحوالكم مع الله ليغيِّر الله حالكم:
عَن عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يَقُولُ: إنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
(( إِنَّ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ كُلَّهَا بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ، كَقَلْبٍ وَاحِدٍ، يُصَرِّفُهُ حَيْثُ يَشَاءُ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللَّهُمَّ مُصَرِّفَ الْقُلُوبِ صَرِّفْ قُلُوبَنَا عَلَى طَاعَتِكَ ))
ما معنى هذا الحديث ؟ إذا اصطلحت مع الله عز وجل وقلب زوجتك بعيد عنك، فالله عز وجل مكافأة لك على استقامتك، وتوبتك يتدخل فيملأ قلب زوجتك محبة وهيب وطاعة، وإذا فسدت علاقتك مع الله يملأ قلب الزوجة ازوراراً واحتقاراً وانصرافاً، فالطرف الآخر مع أنه مخير، لكن قلبه بيد الله عز وجل.
وصدقوا أيها الإخوة، كنت أستمع لبعض الأخوات الفاضلات شكوى على أزواجهن لا تصدق، فلما استقام هؤلاء على أمر الله سمعت ثناء لا يصدق، فلا تقنع نفسك أنك عاجز عن التغيير، هذا الذي لا يقدر أن يغير ليس من بني البشر أنت يجب أن تغير، لأن الله عز وجل قال:
﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾
لو كان التغيير مستحيل لكانت الآية لا معنى لها.
﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾
أخ من إخواننا عنده معمل وخالف منهج من مناهج الله في عمل بالمعمل هذه المخالفة اقتضت أن تسوء العلاقة بينه وبين زوجته حتى أشرف على تطليقها فشكا إلي مشكلته مع امرأته، سألته عن المعمل، ذكر لي شيئًا مخالفًا للشرع، قلت له: أزِلْ هذه المخالفة، ولما أزالها عادت الأمور لمجاريها.
عندما أراد صلاح الدين أن يجاهد فرض ضريبة، ثم استشار أحد العلماء الورعين قال له: هذه حرام، تأخذها من الأغنياء، أما الفقراء فلا يتحملون حرام فألغاها، فتألم ضباطه الكبار لهذا الإلغاء، بل قالوا له: كيف تحارب وأنت ألغيت الضريبة ؟ فقال: لا أجاهد مع معصية، فلما ألغى هذه المعصية والضريبة الظالمة نصره الله، وفتح القدس.
عندما تقوم بصلح مع الله ستجد انعكاسات واضحة جداً مع الله حتى في بيتك، فأردت أن أنقل لكم ما كان يؤلمني كثيراً من مشكلات بين الأزواج المؤمنين، أنت مؤمن، عظمة زواجك الإسلامي أن الله بينك وبين زوجتك، ينبغي أن تخشى الله أن تظلمها، وتخشى الله أن تظلمك، وينبغي أن تتقرب إلى الله بخدمتها، وأن تتقرب هي إلى الله بخدمتك.
فمثل هذا الزواج لا ينهار بل يستمر، والذي يحكمه المودة والرحمة، المودة هي الحب والرحمة هي الإحسان.