وضع داكن
18-04-2024
Logo
موضوعات علمية من الخطب - الموضوع : 048 - التربة وما تحتويه من كائنات.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين, اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم اللهم علمنا ما ينفعنا, وانفعنا بما علمتنا, وزدنا علماً, وأرنا الحق حقاً, وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً, وارزقنا اجتنابه, واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه, وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .

ما هي المخلوقات التي تحويها التربة الزراعية, وهل لها أهمية في هذا الكوكب ؟

أيها الأخوة المؤمنون, شيءٌ لا يصدق، أن متراً مكعباً من التربة الزراعية يحوي ما يزيد عن مئتي ألف من الديدان العنكبية، وعن مئة ألفٍ من الحشرات, وعن ثلاثمئة من ديدان التربة العادية، وعن آلاف الملايين من الجراثيم, والكائنات المتناهية في الدقة، وإن غراماً واحداً من هذه التربة، يحتوي على عدة ملياراتٍ من البكتريات، مخلوقاتٌ متناهيةٌ في الدقة، على شكل عصيَّات، وعلى شكل كريات، وعلى شكل لوالب، بعضها يحتاج إلى الأوكسجين، وبعضها لا يحتاج، بعضها عارٍ، وبعضها له أهدابٌ تمكنه من الحركة عدة مليارات من البكتريات بالغرام الواحد .

قال: هذا المصنع ذو حركةٍ دائمةٍ يقوم بمهماتٍ، هي من أكثر المهمات غموضاً واستغلاقاً حتى اليوم، هذه الكائنات ما وظيفتها؟ يعرف العلماء بعض الوظيفة، أما ما وظيفتها بالضبط؟ لا يزال هذا سراً، وهذا المصنع ذو الحركة الدائمة، يقوم بمهماتٍ من أكثر المهمات أهميةً ونفعاً للإنسان .
أي لو أن الجنس البشري كله أبيد عن آخره، تبقى الحياة مستمرة، أما لو أبيدت هذه الكائنات لانتهت الحياة من على سطح الأرض كلياً، أي ربما كان وجود هذه الكائنات أخطر من وجود الإنسان .

 

كيف فسر العلماء كلمة الأخضر في النبات ؟

أيها الأخوة, فكل شيءٍ نأكله بشكلٍ مباشر، أو غير مباشر، إنما أصله من النبات الأخضر، يعني إذا أكلت اللحم، فاللحم نبت من العشب، هذا الخروف، أكل العشب، فنما جسمه ، فأكلت أنت لحمه، فغذائك بشكلٍ أو بآخر، أساسه النبات، والنبات الأخضر، قال تعالى: 

﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَاراً فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ﴾

[سورة يس الآية: 80]

احتار العلماء في كلمة الأخضر هنا، كيف يكون الشجر أخضراً، وكيف يجعل وقوداً ؟ لا يكون الشجر وقوداً إلا إذا كان يابساً، فلماذا قال الله عزَّ وجل:

﴿مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ﴾

[سورة يس الآية: 80]

قال بعض العلماء: إن كلمة الأخضر، إشارةٌ علمية إلى أن هذا الشجر، ما كان له أن يكون شجراً، لولا أوراقه الخضراء، فالأوراق الخضراء أساس وجوده، بل إن نمو النبات يعتمد على حادثة، اسمها: التحليل، والتمثيل الضوئي، فلا نبات بلا ضوء، ولا نبات بلا شمس ، ولا نبات بلا ماء، الماء، والشمس، وغاز الفحم، الذي أودعه الله في الكون، هو سبب نمو النبات، وما أوراق الأشجار إلا معامل تصنع مواد النبات الأساسية، والمواد العضوية .
يا أيها الأخوة المؤمنون, تتساقط الأوراق ثم تأتي الرياح، وتوزِّع الأوراق المتساقطة ، على أنحاء التربة كلها، تأتي مليارات الكائنات المجهرية فتلتهمها، فإذا التهمتها تصبح غذاءً صالحاً لكائناتٍ أكبر منها، هي وحيد الخلية، فإذا التهمها تصبح غذاءً صالحاً لكائناتٍ أرقى منها، هي البكتريات على ثلاث مراحل .هذه العمليات الحيوية، تحتاج إلى الهواء، من أين يأتي الهواء داخل التربة؟ وظيفة الديدان أن تفتح أنفاقاً في التربة، الديدان، والقوارض، والأفاعي، والخلد، وكل الكائنات التي تعيش تحت التربة, وظيفتها تهوية التربة، فلو ألغيت لانعدم الإنبات على سطح الأرض .
أيها الأخوة المؤمنون, هذه الديدان تلتهم التراب، وتفرز السماد، ولا أدري كم من الأطنان، تنتجها الديدان، في الهكتار الواحد؟ .

ما هو الهدف من هذا الخلق ؟

أيها الأخوة المؤمنون, كونٌ عظيم، وخالق، وشرعٌ حكيم، فأين أنتم؟ فأين تذهبون؟ ما الذي يصرفنا عن الله سبحانه وتعالى؟ ما الذي يصرفنا عن تطبيق أمره؟ هذه بعض الحقائق, قال تعالى:

﴿وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً﴾

[سورة الإسراء الآية: 85]

﴿وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ﴾

[سورة البقرة الآية: 255]

عدة مليارات من البكتريا بالغرام الواحد، ماذا يجري تحت التراب؟ لا يعلمه إلا الله، معامل، كائنات، عمليات تحوُّل، معادلات، ونحن لا ندري، ليس لنا إلا أن نقطف الثمار ونأكلها، أن نقطف الخضار ونأكلها، أن نجني المحاصيل ونأكلها، وعلى الله الباقي .
أيها الأخوة المؤمنون, وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها، خلق الله الأرض، وما فيها، وما تحتها، وما عليها، من أجل أن نعرفه، فإذا عرفناه، فقد حققنا الهدف من خلقنا، وإن لم نعرفه، فيا حسرةً على حياتنا, قال تعالى:

﴿يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤونَ﴾

[سورة يس الآية: 30]

﴿رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾

 

[سورة المؤمنون الآية: 99-100]

﴿يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي * فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ * وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ﴾

[ سورة الفجر الآية: 24-26]

﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَاناً خَلِيلاً * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولاً﴾

[سورة الفرقان الآية: 27-29]

هذه الآيات الكونية، بابٌ مفتوح, لمعرفة الله سبحانه وتعالى . 

تحميل النص

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور