وضع داكن
28-03-2024
Logo
موضوعات فقهية متفرقة - الدرس : 47 - فضل الصيام .
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين ، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علماً ، و أرنا الحق حقاً و ارزقنا اتباعه ، و أرنا الباطل باطلاً و ارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، و أدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

الاستعداد لشهر رمضان :

 أيها الأخوة الأكارم : ليست مفاجأة أن تتوقعوا أن يكون موضوع هذا الدرس الاستعداد لشهر الصيام لأننا ويغلب على الظن أن غداً صيام ، دخلنا في عبادة منذ آذان المغرب ، والذي يلفت النظر أيها الأخوة كما قيل أو كما ورد في الأثر أن المنافق كالناقة عقلها أهلها ثم أطلقوها فلا تدري لا لما عقلت ولا لما أطلقت .
 أي إذا الإنسان دخل في الصيام وخرج من الصيام ، صام مع الناس لا يدري لا لما صام ولا لما أفطر ، ففي نص هذا الحديث إنه منافق ، مثل المنافق كالناقة عقلها أهلها ثم أطلقوها فلا تدري لا لما عقلت ولا لما أطلقت ، الإنسان مخلوق راق ، مخلوق مكرم ، وأعظم ما كرمه الله به العقل ، والعقل لا يقبل أن خالق الكون يأمرك أن تمتنع عن الطعام لشهر ثم تأكل وهذا واقع معظم المسلمين هم هم ، مخالفاتهم مخالفاتهم ، لهوهم لهوهم ، اختلاطهم اختلاطهم ، نظراتهم نظراتهم ، استماعهم استماعهم ، كسبهم كسبهم ، إنفاقهم إنفاقهم ، انحرافاتهم انحرافاتهم، يأتي رمضان يصومون كما يصوم غير البشر جوع وعطش ، ويأتي المغرب فيفطرون ويمضون السهرة كما يشتهون ويتسحرون ثم ينامون وهم عند بعضهم صائمون ، بينما المؤمن يسأل نفسه هذا السؤال : الله جل جلاله غني عن عبادةٍ تبدأ بترك الطعام وتنتهي بتناوله .
 إذاً بشكل أو بآخر لما ربنا عز وجل قال :

﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾

[ سورة البقرة: 63]

 كلمة

﴿ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ ﴾

 أي قفوا على حكمته ، اعرفوا أبعاده ، مدلولاته ، أهدافه البعيدة ، الإنسان حينما يغفل عن الأهداف الكبرى التي من أجلها شرعت العبادات لا يحقق العبادات إطلاقاً ، كنت أقول هذا المثل كثيراً : الإنسان لو سافر واستيقظ في أول صباح في هذه البلدة البعيدة النائية يوجد سؤال كبير لماذا أنا هنا ؟ إن كنت جئت هذه البلدة للتجارة ، الحركة في اليوم التالي بعد تناول طعام الفطور على حساب الفندق طبعاً يتحرك إلى المعامل والمؤسسات ، وإن جاء سائحاً يتحرك نحو المقاصف والمتنزهات ، وإن جاءها طالب علمٍ يتحرك نحو المعاهد والجامعات ، فحركتك في هذه المدينة لا تصح إلا إذا عرفت الهدف .

رمضان شهر التوبة و الصلح مع الله :

 الآن حركتنا في شهر رمضان لا تستقيم ولا تصح إلا إذا عرفنا لماذا نحن في هذا الشهر ؟ أو لماذا أمر الله بالصيام ؟ هذه المقدمة أود منها أن أصل إلى أننا في شهر عظيم شهر المغفرة ، لا تنسوا النبي عليه الصلاة والسلام حينما قال : صعد المنبر درجة فقال : آمين، صعد الدرجة الثانية فقال : آمين ، صعد الثالثة فقال : آمين - له هيبته صلى الله عليه وسلم - صعد وخطب وانتهى وصلى سأله صحابي جليل يا رسول الله سمعناك أمنت وأنت على المنبر فعلامَ أمنت ؟ قال : أتاني جبريل فقال لي : رغم أنف عبد أدرك والديه فلم يدخلاه الجنة .

(( رَغِمَ أَنْفُهُ ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُهُ ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُهُ قِيلَ : مَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : مَنْ أَدْرَكَ وَالِدَيْهِ عِنْدَ الْكِبَرِ أَحَدَهُمَا أَوْ كِلَيْهِمَا ثُمَّ لَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ ))

[مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ]

 أيها الشباب انتبهوا من كان له أب وأم على قيد الحياة بإمكانه أن يدخل الجنة ببرهما ، وفي حديث آخر قال عليه الصلاة والسلام : " قابل الله في برها تدخل الجنة " تدخل الجنة جواب الطلب .
 قال : فلما صعدت الثانية قال لي جبريل : رغم أنف عبد ذكرت عنده ولم يصلِ عليك .

(( رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ فَانْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ أَدْرَكَ عِنْدَهُ أَبَوَاهُ الْكِبَرَ فَلَمْ يُدْخِلاهُ الْجَنَّةَ قَالَ رِبْعِيٌّ وَلا أَعْلَمُهُ إِلا قَدْ قَالَ أَوْ أَحَدُهُمَا))

[أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ]

 وفي الدرجة الثالثة جاءه جبريل فقال : رغم أنف عبد أدرك رمضان فلم يغفر له إن لم يغفر له فمتى ؟
 يوجد واحد منا لا يوجد له مع الله عهد ؟ هذا شهر العهد ، شهر التوبة ، شهر الصلح مع الله ، أحياناً فيما يسمى بالانزلاق ، هذا رمضان يرقينا درجة أو درجات فمن كان عاصياً يرتقي إلى الطاعات ، ومن كان طائعاً يرتقي إلى الإخلاص ، ومن كان مخلصاً يرتقي إلى الذوق ، ومن كان ذائقاً طعم الإيمان يرتقي إلى الشهود ، ثم يرتقي إلى الإحسان ، أي أنت اليوم أمام قفزة نوعية .

الهدف من شهر رمضان التفرغ و الالتزام :

 الحقيقة أنا تأخرت عليكم بسبب أني كنت في تعزية في الحجر الأسود ، أخ كريم من أخواننا الكرام توفي أخوه فجأةً ، فالواجب أن نعزي وهو مكان بعيد ، والمواصلات صعبة ، وهناك ازدحام في السير ، على كل في الطريق قلت لأحد أخواننا : ما رأيت في حياتي تاجراً يبيع البضاعة ويشحنها ويسجلها ويتحمل مشقة تسويقها وإذا جاء وقت قبض الثمن يقول لك : والله لا يوجد لدي وقت فراغ اعذرني ، بربكم هل سمعتم في تاريخ التجارة عن تاجر يعتذر بضيق الوقت عن قبض ثمن البضاعة ، أنا أرى بالعكس ، هل رأيتم بحياتكم إنسان يعد الخمسماءات وهو غافل يكبو ؟ في القبض يوجد صحوة ، فالنبي الكريم في حديث صحيح رواه البخاري ومسلم قال :

(( مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ))

[ متفق عليه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ]

 قام أي التراويح وقت قبض الثمن ، أنت في النهار ضبطت جوارحك ، ضبطت سمعك ، لسانك ، كل شعور معين إني صائم إني صائم ، لا سمعت غناء ، ولا تكلمت فحشاً، ولا تكلمت منكراً ، وتصدقت ، وقرأت القرآن صباحاً ، كل هذا التعب وكل هذا الجهد من أجل أن تقف لفترةٍ طويلةٍ طويلة بين يدي الله عز وجل تستمع إلى كتاب الله ، افتحوا إحياء علوم الدين على باب تلاوة القرآن ، الإمام الغزالي يقول : " إن أعلى درجة من ثواب القراءة أن تقرأه أو أن تستمع إليه وأنت واقف بصلاة في المسجد " أنت إذا أتيح لك أن تستمع إلى كتاب الله بأكمله يتلى عليك بصوت جلي ، ونبرات واضحة ، وأحكام توجيهية بينة ، وقلب مقبل على الله عز وجل ، هذه فرصة لا تعوض ، فلذلك أنا كنت أقول لأخواننا النبي الكريم يقول :

(( ما سكنت الدنيا فى قلب عبد إلا التاط قلبه منها بثلاثة : شغل لا ينفك عناؤه ، وفقر لا يدرك غناؤه ، وأمل لا يدرك منتهاه ))

[ابن عساكر عن شعيب بن صالح]

 دائماً يحس بالحرمان ، ودائماً يحس ويتصور الآمال ولا يبلغها ، ودائماً يغرق في أعمال لا تنتهي كلها دنيوية ، إذاً نحن نريد في هذا الشهر التفرغ ، التفرغ والالتزام ، ثم ماذا يعني أن يقول النبي قولاً كل إنسان يفهم هذا القول حسب إيمانه ؟ كلما ارتقى الإيمان فهمه بشكل آخر ، وماذا قال سيدنا سعد ؟ ثلاثة أنا فيهن رجل وفيما سوى ذلك فأنا واحد من الناس من هذه الثلاثة أنني ما سمعت حديثاً عن رسول الله إلا علمت أنه حق من الله تعالى .
 أحياناً الإنسان يتصفح جريدة يرى خبراً صغيراً في الصفحة الحادية عشرة في الزاوية السفلى على اليمين مثلاً : صرح مصدر مسؤول أنه سوف يسمح باستيراد السيارات ، كله سطرين وحجم الحرف اثنا عشر أو تسعة وحرف رفيع ، فيقف شعر بدنه لأنه اشترى خمس سيارات للتجارة ، فهذا البلاغ الصغير يخفض من سعر كل سيارة مئتي ألف ليرة ، أربعة في اثنين ثمانمئة ألف بثماني كلمات قرأهم لأنه صدق ، فإذا أنت تعاملك مع القرآن والسنة كتعاملك مع تصريح من مصدر مسؤول في جريدة يومية لكان حالك غير هذا الحال .
 مرة حدثت قصة والله لا أنساها صدر بلاغ صغير أن كل سيارة رقم محركها لا يطابق رخصة السير تصادر السيارة ، فوقفت أمام مصلح سيارات فوجدت أمامه اثنتي عشرة سيارة كلهم يرجوه أن يعيد لهم المحرك الأساسي فصدرت مني عبارة وقلت : آه لو خاف الناس من ربهم كما يخافون من وزير داخليتهم لكان حالهم غير هذا الحال ، إنسان مثلك ومثله أصدر لك بلاغاً صغيراً في كلمتين جعلك تخرج من جلدك وتركض إلى المصلح وتقول له : ضع المحرك الأساسي لأن هذا الرقم لا يتطابق مع رخصة السير ، لو تعاملت مع الله بهذه الطريقة.

النية العالية محصلة إيمان عمر بأكمله :

 النبي الكريم يقول وطبعاً هذا وحي لكن وحي غير متلو والقرآن وحي متلو ، عن أبي هريرة قال :

(( مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ))

[ متفق عليه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ]

 إيماناً واحتساباً أي نيةً وعزيمةً ، كل إنسان أحياناً يصوم وكثير من أخواننا التجار في الشتاء يكون عندهم موسم يقول لك : أنا تناولت طعام الغداء ؟ لا أتذكر ، لا يشعر من كثرة البيع والقبض ، يقول لك : موسم ساخن ويمكن أن يتغدى بعد المغرب ، هل هذا الإنسان صام؟ لا ما نوى الصيام والصيام عبادة ، هذا الشيء ذكرته في الخطبة ، الصيام يبدو أنه عمل سلبي لأنه يوجد عبادة قولية الأذكار والتلاوة ، عبادة مالية الزكاة ، وعبادة بدنية الصلاة ، وعبادة مركبة كالحج ، قولية بدنية مالية ، ويوجد عبادة سلبية وهي الصوم وهي امتناع عن الطعام و الشراب فقط ، لكن هذا الامتناع بنية التقرب إلى الله عز وجل ، وبهذه النية انقلب هذا الامتناع إلى عمل إيجابي .
 مرة انتبهت إلى نقطة وهي أنه لو أحضرنا مصوراً ووضعنا خمسمئة في الطريق يقولون مرة أجروا تجربة وضعوا مسجلة بصندوق بريد ، وطبعاً مضبوطة من مكان بعيد ، فرجل مرّ أمام الصندوق سمع : يا أخي تعال وأخرجني ، هل هناك إنسان داخل الصندوق؟ فامتحنوا الناس كيف دخلت إلى الداخل ؟ فهذا يكون تفكيره ضعيفاً جداً ، كل إنسان ردة فعله تتغير عن الثاني ، يوجد امرأة قالت : تعالوا وأخرجوه ، مر رجل مثقف فقال له المسجل : تعال وأخرجني ، فنظر أين يوجد توصيلات حتى وجد شريطاً يصل إلى شرفة بعيدة ففهم القصة كلها، فأحياناً الإنسان يكون فهمه عميقاً لأمر وأحياناً يكون فهمه سطحياً ، لو وضعنا في الطريق خمسمئة ليرة وصورنا ، مرّ شخص نظر وانحنى وقبضها ووضعها في جيبه ، عدناها مرة ثانية ، ربما توافقت الحركات توافقاً تاماً تاماً ، أحدهم نوى أن يعطي هذا المبلغ لصاحبه بعد البحث عنه ، والآخر نوى أن يأخذه اغتصاباً ، الحركات واحدة والتصرفات واحدة والانحناءات واحدة ، الأول يرتقي والثاني يسفل ، الأول طائع والثاني عاصي ، الأول يكرم والثاني يعاقب ، ما الفرق بينهما ؟ النية فقط ، إذاً أنت تعلم علم اليقين أن هذا الدواء يؤذي هذا المريض ، أن هذا الليمون يؤذي هذا المريض لأن معه قرحة ، فصنعت له كأس ليمون تفضل من أجل أن تزيد من مرضه ، وإنسان آخر يعلم أن هذا الدواء ينفع هذا المريض ، لو أن الدواء آذى المريض ، والليمون نفع المريض ، على الرغم من أن الليمون نفع المريض الذي قدمه له يأثم بنيته السيئة ، وعلى الرغم من أن الدواء آذى المريض لكن الذي قدمه له يرقى عند الله بنيته الطيبة ، فلذلك موضوع النية دقيق جداً ، لكن مرة قال لي أخ كريم سؤالاً سألني إياه وأضحكني قال لي : هذه النية كيف تصير ؟ فقلت له : هذا السؤال يشبه تماماً رجلاً سأل طبيباً قديماً متفوقاً ومعه اختصاص من أمريكا قال له : علمني شيء بسيط بدقيقتين كيف تكتب الوصفة ؟ فالطبيب ابتسم وقال له : هذه الوصفة كتابتها محصلة دراسة ثلاث وثلاثين سنة .
 فالنية العالية بالضبط محصلة إيمان عمر ، كلما ازداد إيمانك تسمو نواياك ، مرة أخ سألني وهو خطيب مسجد قال : أحياناً أشعر أن الناس استفادوا أو أشعر أنني نجحت في الخطبة والخطبة كانت ناجحة جداً تأتيني نشوة ، هل هذه النشوة مشروعة أم غير مشروعة ؟ يا ترى من الدنيا أم من الآخرة ؟ الله سبحانه وتعالى ألهمني جواباً قلت له : يا أخي إذا أعجبك المصلون فهذا من إخلاص العالِم ، أما إذا أعجبت المصلون فهذا من شهوة العالم ، أي أنت حريص على هدايتهم ، إن رأيتهم على الطريق الصحيح ووفق السنة النبوية ، إن رأيت سمتهم حسناً ، وإقبالهم طيباً ، وإخلاصهم شديداً ، فقرت عينك بهم فهذا من إخلاص الداعية إلى الله، أما إذا فرحت لأنهم أعجبوا بك ، انتزعت إعجابهم وقد عظموك على هذا الكلام فهذه شهوة من الدنيا ، ما الذي يعجبك أن تعجبهم أم يعجبوك ؟ أن تنتزع إعجابهم أم أن تقر عينك بهم ؟ الفرق دقيق جداً إن انتزعت إعجابهم فهذه من الدنيا أما إن قرت عينك بإيمانهم فهذا من إخلاص الداعية إلى الله عز وجل .

(( مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ))

[ متفق عليه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ]

 فمعنى إيماناً واحتساباً أي نيةً وعزيمةً ، غفر له ما تقدم من ذنبه الحديث متفق عليه ، أي الله عز وجل كريم .

الله عز وجل كريم يُكفّر الذنوب و يقبل التوبة :

 بالمناسبة تصوروا ديناً لا يوجد فيه توبة ما الذي يحدث إذا لم توجد توبة ولا تكفير للذنوب ؟ إذا الإنسان وقع في معصية يئس يقول لك خربانة وخربانة ولا يوجد أمل تتفاقم أغلاطه، لكن ربنا عز وجل لكرمه قال :

(( الصَّلاةُ إِلَى الصَّلاةِ الَّتِي قَبْلَهَا كَفَّارَةٌ ، وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ الَّتِي قَبْلَهَا كَفَّارَةٌ ، وَالشَّهْرُ إِلَى الشَّهْرِ الَّذِي قَبْلَهُ كَفَّارَةٌ ، إِلا مِنْ ثَلاثٍ قَالَ فَعَرَفْنَا أَنَّهُ أَمْرٌ حَدَثَ إِلا مِنَ الشِّرْكِ بِاللَّهِ وَنَكْثِ الصَّفْقَةِ وَتَرْكِ السُّنَّةِ ، قَالَ : قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الشِّرْكُ بِاللَّهِ قَدْ عَرَفْنَاهُ فَمَا نَكْثُ الصَّفْقَةِ وَتَرْكُ السُّنَّةِ ؟ ظن قَالَ : أَمَّا نَكْثُ الصَّفْقَةِ فَأَنْ تُعْطِيَ رَجُلاً بَيْعَتَكَ ثُمَّ تُقَاتِلَهُ بِسَيْفِكِ وَأَمَّا تَرْكُ السُّنَّةِ فَالْخُرُوجُ مِنَ الْجَمَاعَة))

[ ابن حجر عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ]

 معنى هذا أن يوم الجمعة صار صلحاً مع الله ، والصلاة هذه الأخطاء والزلات والصغائر والهفوات التي ارتكبت خلال الأسبوع محيت ، وكل واحد منكم يصلي يعرف هذا الشيء ، دخل إلى المسجد توضأ وصلى إذا كان هناك مزحة لا تليق ، أو كلمة قالها وشعر أنه انحجب عن الله عز وجل بهذه الصلاة وكأن هذه الصلاة كفارةٌ لما بين الصلاتين ، هذا الذي قاله النبي عليه الصلاة والسلام :

(( أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهْرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ ؟ قَالُوا : لا يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ ، قَالَ : فَذَلِكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ يَمْحُو اللَّهُ بِهِنَّ الْخَطَايَا ))

[متفق عليه عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ]

 فهنا الحديث متفق عليه ويوجد رواية للنسائي :

((مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ))

[ النسائي عن أَبِي هُرَيْرَةَ]

 هذا الحديث متفق عليه وهو أعلى أنواع الحديث ، إذاً أنتم دخلتم في شهر يمكن أن يغفر لكم كل ذنب سابق ، لو صمتم الصيام الذي أراده الله عز وجل وقمتم القيام التي أراده الله عز وجل ، مرة سألني أخ من أخواننا قال لي أخ من أخواننا : أسمع عالم حقيقة وعالم شريعة وعالم طريقة ، ما الفرق بين هؤلاء ؟ الحقيقة أحياناً تبقى القضايا مجردة ، والتعريفات صعبة وشائكة ومتداخلة ، أحياناً المثل يوضح ، قلت له : إنسان لا يوجد عنده بيت دخل على مهندس من كبار المهندسين أطلعه على الطابق الذي تحت الأرضي ؛ مستودعات وكراج سيارات وتدفئة مركزية شيء جميل ، أطلعه على الطابق الأرضي ؛ الأبهاء والصالونات وغرف الضيوف والزوايا ، غرف النوم مع المرافق العامة ، أطلعه على الطابق العلوي للنوم شيء جميل جداً ، غرف كلها باتجاه الجنوب غرف واسعة، شرفات جميلة ، أطلعه على مخطط الكهرباء ، أطلعه على مخطط التزيينات ، دهش هذا عالم الشريعة ، أنت بيت لا يوجد عندك والخارطة رائعة جداً ، عالم الطريقة دلك على بيت فخم قال لك : هذا البيت إذا وصلت إليه فهو لك طريقه من كذا إلى كذا ودلك على الطريق ، قال : عالم الحقيقة هو الذي يأخذ بيدك ويدخلك إلى هذا القصر ، فبين أن تتطلع على خرائطه وبين أن تدل على طريقه وبين أن تدخل إليه ، طبعاً لو دخلت هذا القصر وتنعمت بما فيه من خيرات حسان هذا القصر مبني على علم وله خرائط لكن أنت الآن في قصر تتمتع بالدفء شتاءً وبالبرودة صيفاً ، وبالآرائك الوثيرة ، وبالطعام النفيس ، والشرفات الجميلة ، والمناظر الخلابة والمسليات ، أنت الآن عشت السعادة الحقيقية ، كذلك الدين ليس له مشكلة وله قضية ما دام الدين فكرة ، مطالعة ، ثقافة ، الدين مثله كمثل أي نشاط آخر ، أما لو عشت هذا الدين ولن تعيشه إلا باستقامتك على أمر الله ، كنت أضرب مثلاً سابقاً يوجد أخوان رأوا مبلغاً ألف مليون مثلاً ، فبين أن يقال للإنسان : تفضل والفظها سهل ، لفظها سهل جداً ، دولار بالعملة الصعبة، بين أن تلفظها وبين أن تملكها والله الذي لا إله إلا هو هذه المسافة بين لفظ هذا المبلغ وقد لا تملك ثمن رغيف خبز وبين أن تملكه هي المسافة بين أن تتحدث عن الدين وبين أن تكون متديناً حقاً ، المسافة نفسها .

(( إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ ))

[متفق عليه عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ]

 متفق عليه ، ومتفق عليه أعلى درجات الحديث .

من تاب إلى الله و اصطلح معه ألغى عمل الشيطان :

 مرة قلت هذا الكلام يا رب أنت في رمضان تقيد الشياطين فلماذا ببقية أشهر العام يفلتون علينا ؟ الجواب : المؤمن إذا تاب إلى الله واصطلح معه ألغى عمل الشيطان ، إذا إنسان مثلاً يملك دكاناً تبيع الخمر في حي فيه مئة بيت ، مادام هؤلاء الناس يشترون من هذه الدكان فالمحل يعمل ، كلما باع بضاعته يحضر بضاعة جديدة ، لو أن هؤلاء المئة اتفقوا على أن يقاطعوا هذا المحل الذي يبيع الخمرة وما اشتروا منه إطلاقاً بعد أيام يغلق هذا المحل ، هم أغلقوه حكماً ، فكل إنسان يصطلح مع الله ويمتنع عن طاعة الشيطان حكماً قيده وصفده وألغى عمله هذا معنى الحديث .

قيمة الدعاء :

 أحياناً الإنسان لا يعرف كثيراً قيمة الدعاء ، تصور إنساناً أعطاك شيكاً من دون رقم ووقع لك هذا الشيك - شيك مفتوح - في بعض البلاد القاضي يعطى شيكاً مفتوحاً ومهما طلب الرقم يقبضه ، أما إن كان القاضي مسلماً وإسلامه عميقاً مهما كان معاشه قليلاً لا يحكم إلا بالحق ، مرة أحدهم روى حديثاً وقال لي : في آخر الزمان قاضيان إلى النار وقاض إلى جهنم ، ماذا جهنم إلى الجنة ؟ قال : لا هذا الحديث معدل ، يبدو إذا الإنسان باع دينه من أجل الدرهم والدينار فقد باع آخرته :

(( ثَلاثَةٌ لا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمُ ؛ الإمَامُ الْعَادِلُ ، وَالصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ ، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ يَرْفَعُهَا اللَّهُ دُونَ الْغَمَامِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَتُفْتَحُ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَيَقُولُ : بِعِزَّتِي لأنْصُرَنَّكِ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ ))

[أحمد عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ]

 هل أنتم مصدقون هذا الكلام ؟ هذا كلام النبي والحديث صحيح ، أنت صائم شاب يدعو الله يا رب هيئ لي عملاً يرضيك ، يا رب هيئ لي رزقاً حلالاً ، يا رب هيئ لي زوجة صالحة ، يا رب هيئ لي مأوى ، أنت إذا كنت صائماً فلك عند الله دعوةٌ لا ترد ، بالمناسبة يوجد مناسبات كثيرة إذا ذهبت إلى بيت الله الحرام ما إن تقع عينك على الكعبة المشرفة لك عند الله دعوة لا ترد ، إذا وقفت أمام الملتزم والتزمته كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم لك عنده دعوة لا ترد .
 إذا صليت الصلاة في عقب الصلاة لك عند الله دعوةٌ لا ترد ، إذا صمت رمضان للصائم عند الله دعوة لا ترد ، هل لك حاجة عند الله عز وجل أم أنت مستغن عنه ؟ ألا تحتاج إلى ألطافه الخفية ؟ ألا تحتاج إلى أن يمتعك الله بالصحة التامة ؟ ألا تحتاج إلى رزق حلال ؟ ألا تحتاج إلى وفاق زوجي ؟ ألا تحتاج إلى أولادٍ أبرار تقر عينك بهم ؟ الذي عنده أولاد يعرف هذا الكلام ، الأب إذا رأى ابنه صالحاً يشعر بسعادة لا توصف وكأنه ملك الدنيا بحذافيرها، والأب الصالح إذا رأى ابنه على خلاف الصلاح يشعر بإحباط لا يوصف ، هذا الدعاء القرآني:

﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً ﴾

[ سورة الفرقان: 74]

((ثَلاثَةٌ لا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمُ الإمَامُ الْعَادِلُ وَالصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ يَرْفَعُهَا اللَّهُ دُونَ الْغَمَامِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَتُفْتَحُ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَيَقُولُ بِعِزَّتِي لأنْصُرَنَّكِ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ ))

[أحمد عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ]

 يوجد كلمة يقولونها عامة الناس أشعر أنها مشعر أو مقياس ، يقول لك إنسان : شكوتك إلى الله ، المؤمن يمكن ألا ينام الليل ، لما سيدنا عمر كان يتفقد رعيته في الليل ورأى عبد الرحمن بن عوف قال : امش معي نحرس هذه القافلة فلما بكي أحد الأطفال الصغار قام عمر إلى أمه وقال : أرضعيه ، يبدو أنها أرضعته لكن هي لم ترضعه فبكى ثانيةً فقام إليها ثانيةً وقال لها : أرضعيه يبدو أنها لم ترضعه فبكى ثالثةٍ فقام إليها وقد غضب قال : يا أمة السوء أرضعيه ، قالت له : وما شأنك بنا إنني أفطمه ؟ فقال : ولم ؟ قالت : إن عمراً لا يعطينا العطاء إلا بعد الفطام - التعويض العائلي - تروي كتب السيرة أن هذا الخليفة العادل ضرب جبهته ، صعق وقال : ويحك يا بن الخطاب كم قتل من أطفال المسلمين ؟؟
 أنا أتمنى على أخواننا الكرام إذا قال لك أحدهم : أنا لا أسامحك أو شكوتك إلى الله لا سمح الله ، أو أحدهم قال إلى الآخر : الله ينتقم منك ، ضعيف قهره ، مظلوم اغتصب ماله ، أهين لا يستطيع وهو ضعيف فقال له : لا سامحك الله ، شكوتك إلى الله ، إذا كنت مؤمناً حقاً هذه الكلمة تجعلك تقفز من شدة الهلع والخوف ، أما إذا في إيمان ضعيف أم نفاق فتقول له : خير إن شاء الله :

(( .... وَيَقُولُ بِعِزَّتِي لأنْصُرَنَّكِ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ ))

[أحمد عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ]

 يوجد رواية أخرى :

(( قَالَ : ثَلاثَةٌ لا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمُ ؛ الإمَامُ الْعَادِلُ وَالصَّائِمُ حِينَ يُفْطِرُ وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ يَرْفَعُهَا فَوْقَ الْغَمَامِ وَتُفَتَّحُ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَيَقُولُ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ وَعِزَّتِي لأنْصُرَنَّكِ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ ))

[الترمذي عن أَبِي هُرَيْرَةَ]

 لذلك يسن عند الإفطار أن تقول :

(( عَنْ مُعَاذِ بْنِ زُهْرَةَ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَفْطَرَ قَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ صُمْتُ وَعَلَى رِزْقِكَ أَفْطَرْتُ ))

[أبو داود عن معاذ بن زهرة ]

 يوجد رواية ثالثة :

(( ثلاثة حق على الله ألا يرد لهم دعوة: الصائم حتى يفطر، والمظلوم حتى ينتصر، والمسافر حتى يرجع ))

[البزار عن أبي هريرة]

 وهو كتاب الترغيب والترهيب .

 

الترهيب من إفطار يوم من رمضان :

 الآن يوجد حديث فيه ترهيب شديد من إفطار يوم من رمضان :

(( مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ رُخْصَةٍ وَلا مَرَضٍ لَمْ يَقْضِ عَنْهُ صَوْمُ الدَّهْرِ كُلِّهِ وَإِنْ صَامَهُ ))

[رواه الأربعة وصححه ابن خزيمة وأخرجه البيهقي عن أَبِي هُرَيْرَةَ]

 مرة هناك أخ من أخواننا أنا لا أعرفه أرسل لي رسالة ، ويبدو أنه كان في جاهلية جهلاء وارتكب الفاحشة مرات عديدة ثم تاب إلى الله توبةً نصوحة فشعر بسعادةٍ ما بعدها سعادة، يبدو أنه بعد حين زلت قدمه مرةً ثانية فشعر بشقاء لا يوصف فكتب لي رسالة ثماني عشرة صفحة ، وطلب مني أن يجلده الأخوان في المسجد - عذاب شديد - التوبة لأول مرة سهلة جداً ، أما الإنسان إذا نقض التوبة بعد أن تاب فيسقط من عين الله ، لذلك حالات البعد صعبة جداً ، حجاب الإنسان يشعر أن الطريق إلى الله غير سالك ، مسدود ، الله عز وجل أبعده عن رحمته ، هذا معنى اللعن قال تعالى :

﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ ﴾

[ سورة محمد : 23]

 أي أبعدهم عن رحمته ، الله أحياناً يرحمك ويحرمك الدنيا فأنت من أسعد الناس وأحياناً يعطيك الدنيا ويحرمك من رحمته فأنت أشقى الناس لا سمح الله ، فالعبرة أن تصيبك رحمة الله عز وجل ، رحمة الله مثل الكهرباء صعب أن نعرفها ، ولكن آثارها واضحة بالضبط ، أخي ما هي الكهرباء ؟ يوجد تعاريف دقيقة لها وكلها تعاريف فلسفية ، أما آثارها فواضحة جداً، آثار هذا الضوء هذه الحركة التبريد من آثار الكهرباء ، التكييف ، التدفئة ، حركة الآلة ، تألق المصباح ، صوت المسجلة ، هذه كلها من آثار الكهرباء أما تعريفها فصعب ، فرحمة الله عز وجل آثارها واضحة جداً من آثارها السعادة ، من آثارها الطمأنينة ، من آثارها الرضا بنصيبك من الله عز وجل ، من آثارها التوازن ، تشعر أنك مالك الدنيا وقد لا تملك قوت يومك ، هذه آثار رحمة الله عز وجل .

تصنيف الصائمين :

 كلكم يعلم أيها الأخوة أن الإمام الغزالي حينما صنف الصائمين ، صنف صيام العوام هو صيام عن الطعام والشراب ، صيام جوع وعطش ، صيام عادات من عوائدنا ، وصيام المؤمنين صيام عن كل المعاصي والآثام ، وصيام الأتقياء صيام عما سوى الله ، طبعاً أنا لا أظن أن أحداً في هذا المسجد سيصوم صوام العوام إطلاقاً ، مادام هو في المسجد فهو طالب علم ، ما الذي قاده إلى المسجد ؟ إيمانه ، لكن الفرق بين صيام المؤمنين وصيام المتقين ، صيام المؤمنين ما ارتكب غلطاً ولا معصيةً أما صيام المتقين فصيام عما سوى الله ، لذلك الأخوة المؤمنون مدعوون في رمضان إلى التفرغ من الدنيا ما استطاعوا ، هذا التفرغ يمنحهم صفاءً ، نحن حياتنا المدنية معقدة متلاحقة ، يوجد هموم كبيرة ، يوجد برامج وقوائم أعمال وقوائم إنجازات لا تعد ولا تحصى ، إلا أن الإنسان أحياناً يتحرر من هذه الأعباء وتصفو نفسه ويلتقي مع ربه في هذا الشهر الكريم لذلك من السنة أن يتفرغ الإنسان من الدنيا ما استطاع .

الدليل على أن القرآن الكريم كلام الله :

 أول شيء مسنون في رمضان تلاوة القرآن فنحن مثل كل سنة من عشرين سنة عندنا خطبة عن فضل رمضان ، وخطبة عن تلاوة القرآن ، وخطبة عن الإنفاق ، وخطبة عن معركة بدر ، وخطبة عن ليلة القدر ، الأولى تأتي قبل رمضان - فضل رمضان وفضل تلاوة القرآن وفضل الإنفاق وفضل معركة بدر وفضل ليلة القدر - فالقرآن إذاً ركن أساسي طبعاً ، ركن بالمعنى المعنوي لا الفقهي من أركان هذا الشهر الفضيل .
 أنا يخطر في بالي أن أخواننا الكرام لو سألوا أنفسهم هذا السؤال ، أو لو سألني رجل : ما الدليل على أن هذا الكلام كلام الله ؟ هل يوجد معك دليل ؟ هذا سؤال كبير وخطير وله آثار طيبة جداً ، من عنده جواب وأنت الآن مدعو إلى قراءة القرآن الكريم آناء الليل وأطراف النهار ؟ مدعو لسماعه بصلاة الفجر والتراويح ، مدعو للإجابة عن بعض الأسئلة ، ما الدليل على أن هذا الكلام الذي بين يديك هو كلام الله عز وجل ؟ تحقق الوعد والوعيد دليل أن هذا الكلام هو كلام الخالق ، كلما رأيت وعداً تحقق أو وعيداً تحقق ، إن رأيت المؤمن المستقيم تنعم في حياةٍ طيبة تقول : كلام الله حق ، وإن رأيت المعرض عانى من المعيشة الضنك أنت الآن تتأكد أن هذا الكلام كلام الله ، لو فرضنا مع الآلة يوجد تعليمات لو أنك فعلت كذا وكذا لتألق الضوء الأحمر وانطفأ المحرك ، سوف نجرب فعلت كذا وكذا فتألق الضوء الأحمر وانطفأ المحرك معنى هذا أن هذا الكلام كلام الصانع ، لو كان هذا الكلام لغير الصانع والوعد والوعيد لم يتحقق ، فهذا جواب لطيف ، أيضاً ما الدليل على أن هذا الكلام كلام الله ؟ إعجازه ، في القرآن يوجد إعجاز علمي ، إعجاز تشريعي ، إعجاز بياني ، إعجاز تربوي ، إعجاز إخباري ، إعجاز رياضي ، إعجاز بياني ، إعجازه دليل أنه كلام الله عز وجل ، أي البشر يعجزون عن أن يأتوا بمثله .

من خالف منهج الله دفع الثمن باهظاً :

 لو كان من عند البشر لوجدنا فيه اختلافاً كثيراً ، أنا أقول لكم : اقرأ أي كتاب قبل خمسين عاماً لابد من أن تضحك في بعض صفحاته ، والآن تبدو مضحكة ، هل فهمتم قصدي ؟ كتاب من عند البشر قد يكون فيه أغلاط وتطور العلم يكشفها ، أنا مرة قرأت كتاباً لعالم كبير جداً عاش في العصور الوسطى فهذا العالم يقول : إن الإنسان إذا تناول الطعام بخار الطعام يصعد إلى الدماغ وكأنه يظن أن الجوف فارغ ، والدماغ موصول بالجوف ، فإذا أكل طعاماً كثيفاً صعد بخار الطعام إلى الدماغ فعطل تفكير الإنسان ، هذه الفكرة تبدو مضحكة الآن بعد أن كشف في الإنسان موضوع المعدة والأمعاء وجهاز الهضم ، دليل آخر : ما من حقيقة علمية مهما بدت متقدمةً جداً إلا والقرآن أشار إليها لأن هذا كلام خالق الكون والعلم علاقات ثابتة وقوانين مكتشفة من قبل العلماء من خلال استقرائهم الظواهر المادية ، أي لأنه من عند الله عز وجل والله عز وجل يعرف طبيعة النفس .
 سمعت قصة من يومين أن إنساناً في فرنسا جاء إلى بيته فأطلق النار على زوجته ثم على ابنه ثم انتحر ، فالقصة مفادها أن هذه الزوجة تعمل في شركة ويبدو أن لها علاقةً مع مدير هذه الشركة هذه العلاقة اكتشفها زوجها ولم يستطع أن يصرفها عن هذه العلاقة فغلت نفسه بفعل فطرته فأطلق عليها النار وقتلها مع ابنها وخاف أن يحاسب فقتل نفسه .
 حينما نخالف كلام الله عز وجل في علاقاتنا ندفع الثمن باهظاً ، الله عز وجل فطر الإنسان فطرة عالية فلما أمر الزوجة بالحجاب ، وأمر الرجل بغض البصر ، ومنع كل المزالق التي يمكن أن تقع من الاختلاط ، معنى ذلك أن هذا توجيه خالق الكون ، أنت تشعر أن كل مجتمع يخالف منهج الله عز وجل يشقى ويدفع الثمن باهظاً ، قال تعالى :

﴿قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى ﴾

[ سورة طه: 123]

 هذه الأسرة شقيت ، ويوجد أسر مطبقة للدين ناجحة جداً في سعادة ووفاق ، في نوع من أنواع المودة البالغة ، والسكن ، والوفاء ، والحب ، والوفاق لأنها طبقت منهج الله عز وجل ، أنا لي عبارة أقولها في كل عقد قران أقول أيها الأخوة الأكارم : ما من زواجٍ بني على معصية الله ولو توافرت له كل أسباب النجاح إلا ويتولى الشيطان التفريق بين الزوجين ، وما من زواج بني على طاعة الله ولو افتقر إلى معظم مقومات نجاحه إلا ويتولى الله إلى التوفيق بين الزوجين ، هذه قاعدة ثابتة إذا زواج بني على طاعة الله فهذا الزواج بني على معصية الله انتهى بجريمة وانتحار ، مادام يوجد اختلاط ، خيانة زوجية ، إنسان يغار وامرأة حينما التقت برجل أجنبي مالت إليه ومال إليها على حساب إخلاصها لزوجها هذه هي النتيجة .

من كان مع الله كان في سلام مع نفسه و مع من حوله :

 لذلك الله عز وجل من أسمائه السلام ماذا يعني السلام ؟ اسم السلام إذا أطعته أنت في سلام ، في سلام مع نفسك ، المؤمن يوجد عنده شيء لا أحد يعرف ، قيمة مشاعر المؤمن أنه راض عن نفسه ، لا يوجد عنده انهيارات داخلية ، أو اختلال توازن ، الإنسان إذا سقط من عينه ، إذا كذب كذبة واحدة ولو لم يكشفها أحد إطلاقاً يسقط من عين نفسه ، إذا غيّر في الحسابات ، إذا أكل درهماً حراماً ، إذا غش ، لو أن الناس ما كشفوه أبداً لكنه حينما يكشف نفسه يسقط من عين نفسه ، أحد أسباب السعادة أن تحترم نفسك ، أنت صادق ولو كنت فقيراً ، ولو كنت ضعيفاً ، ولو كنت خامل الذكر ، ولو كنت مريضاً لا سمح الله ، ولو كنت عاجزاً ، حينما تشعر أنك منسجم مع مبادئك محققٌ لمراد الله تشعر أن الله راض عنك .
 أنا مرة كنت في عقد قران قام أحد العلماء وألقى كلمة ، وذكر فيها حديثاً ، والله الذي لا إله إلا هو حتى هذه الساعة لا أنسى هذا الحديث ، الحديث معروف سيدنا النبي خاطب سيدنا معاذ قال له : " والله يا معاذ إني لأحبك " رأيت هذه الكلمة كبيرة جداً ، نبي عظيم يحب هذا الإنسان ، أنت أيها الأخ الكريم ألا تسعى إلى أن يحبك الله عز وجل ؟ ألا يوجد عندك هذه الغيرة ؟ ألا ترجو رحمة الله عز وجل ؟ ألا ترجو مودته ؟ قال تعالى:

﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً ﴾

[ سورة مريم : 96]

 ألا ترجو أن تكون في موضع يحبك الله فيه ؟ ألا ترجو أن تكون حيث أمرك ؟ ألا ترجو أن يفتقدك حيث نهاك ؟ ألا يوجد عندك رغبة أن تتقرب من الله ؟ ألا يوجد عندك رغبة أن تطلب وده ، فلذلك السلام إذا كنت مع الله عز وجل فأنت في سلام مع نفسك ، وفي سلام مع من حولك ، وفي سلام مع ربك ، لذلك قال تعالى :

﴿يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾

[ سورة المائدة : 16]

 أحياناً الإنسان يسأل محامياً يقول له : اعمل عقداً ، يقول له :عملنا عقداً في محكمة البداية لا يوجد داعي لأنه جاء الطرف الثاني ووقع أمام القاضي ، لا يستطيع أن يقول: هذا ليس توقيعي إذا قال ليس توقيعي تذهب الدعوى ثمان سنوات ، خبراء في التوقيع وفي الحبر، أما إذا وقع أمام قاضي البداية فلا يستطيع أن يقول لك : هذا ليس توقيعي ، فإذا الإنسان سأل أخاً محامياً مخلصاً كل قضية قال له : اعمل عقداً ، خذ براءة ذمة ، اعمل تصريحاً سجله في التأمينات مثلاً ، كلما نشأت مشكلة أخذ له الاحتياطيات كأن هذا المحامي دله على طريق الراحة ، لو كان هناك أخطاء أو تقصيرات دخل في متاهة أنه أنكر المبلغ ، دخل في متاهة أنه أنكر العقد ، دخل في متاهة أقيمت عليه دعوى ، فالإنسان مع محام من بني البشر إذا دله على وسائل مريحة فرب خالق الكون قال :

﴿يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾

[ سورة المائدة : 16]

 أيضاً إذا الإنسان طبق منهج الله عز وجل أيضاً يقطف ثمارها ، يقطف الثمار اليانعة التي وعد الله بها المؤمنين ، وهذه قريبة من تحقيق الوعد والوعيد ، أيضاً قوله تعالى :

﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ﴾

[سورة القمر: 17]

 وأيضاً التقدم العلمي البالغ ، كلما تقدم العلم اقترب من القرآن الكريم ، الله عز وجل يوجد أمراض كثيرة الله لحكمةٍ أرادها هذه الأمراض تتحدى كل تقدم علمي ، الرشح أحدها ، أبسط مرض وأخطر مرض الرشح والمرض الخبيث ، يتحديان كل المنجزات العلمية ، والحفظ دليل إعجاز القرآن الكريم ، فهذا سؤال كبير ، طبعاً لن تنتهي الإجابات لأنه كلام الله عز وجل، قال تعالى :

﴿قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً﴾

[ سورة الكهف : 109]

قراءة القرآن بتدبر أقرب إلى مراد الله من تلاوته :

 تلاوة القرآن لكن مع التدبر أيها الأخوة ، كنت أتمنى على أخواننا في رمضان أنه إذا قرأ أحدكم القرآن أن يقرأه مرة ، ويستنبط الآيات ذات الطابع الكوني مثلاً ، آيات الكون هذه الآيات الكونية موضوعات للتفكر ، ممكن أن نستنبط آيات الأحكام ، هذه تلاوة ثانية ، ممكن أن نستنبط الآيات المتعلقة بالأمر والنهي ، ممكن أن نستنبط الآيات المتعلقة بالقوانين الثابتة ، فكلما قرأت القرآن بتدبر كنت أقرب إلى مراد الله من تلاوته لقول الله عز وجل :

﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾

[ سورة محمد : 24]

التدبر والتطبيق يقربنا من عبادة التفكر في القرآن الكريم :

 نحن في العام الماضي سلكنا طريقاً أرجو الله أن يوفقني إلى مزيد منه أنه بعد التراويح يوجد أسئلة ، الأخ إذا صلى التراويح لأن الآية تقول :

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُباً إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوّاً غَفُوراً ﴾

[ سورة النساء : 43]

 إذاً ينبغي أن نعلم ما نقول ، فطرح السؤال بعد التراويح ربما شجع الأخوة المصلين على أن ينتبهوا إلى الآيات ، ويفكروا في مضمونها ، وفي أبعادها ، وفي آياتها ، وفي مناحيها، فلعل هذا يرسخ معاني القرآن في نفوس الأخوة المؤمنين ، التدبر شيء أساسي ، مع التدبر وهو قريب من التفكر التطبيق ، فالقرآن يتلى ويتدبر ويطبق هذه نصيحة قيّمة ، نحن في رمضان يقول لك : قرأت كل يوم ختمة ، أخي الحمد لله قرأت ختمتين ، رب تال للقرآن والقرآن يلعنه ، ما آمن بالقرآن من استحل محارمه ، أما إذا كان هناك تدبر وتطبيق فهذا الذي يقربنا من عبادة التفكر في القرآن الكريم .

 

رمضان شهر الإنفاق و العمل الصالح :

 الشيء الثاني في رمضان الإنفاق ، أي الأخ من دون عمل الطريق يبقى طويلاً وأنت تقف في مكانك ، أما العمل فيرقى بك ، والدليل قال تعالى :

﴿وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ ﴾

[ سورة الأنعام : 132]

 أنا مرة قلت لكم كلمة : أحد أخواننا كان يؤذن فلما كان يأتي إلى المسجد نقول للمؤذن : دعه يؤذن هذا ضيف عندنا فتوفاه الله فذهبت كي أشيع الجنازة ، فكانت الصلاة على الجنازة في جامع في آخر الخط في المهاجرين ، فهو كان يؤذن وكانت له أعمال تجارية ناجحة جداً ، وله أعمال صناعية ، وضعوه في النعش فقام أحد العلماء وقال : أخوكم أبو فلان كان مؤذناً فترحموا عليه أقم الصلاة ، أنا هذه الكلمة لا تغيب عن ذهني إطلاقاً ، إنسان عاش ستين أو سبعين سنة ، نشيط جداً ، حيوي ، ما استطاع أن يزيد عن كلمة كان مؤذناً ترحموا عليه بإمكانه أن يتحدث عن بيته ؟ كلام ليس له معنى عند الموت ، عن دخله ، عن مركباته ، عن معمله ، عن نشاطه ، عن نجاحه في كسب المال ، عن سفراته ، هذا كلام لا يقال ، يقال عند الموت عن أعماله الصالحة فقط ، هذا كان يؤذن فأنا بقيت أتأمل أسبوعين أو أكثر أن يا ربي والله قضية خطيرة إنسان يتأبن بكلمة واحدة ، فليعمل أحدنا عملاً يؤبن بخمس دقائق أقل شيء ، ست دقائق ، يقرؤون عنه صفحة زمان فقط كان مؤذناً ، فإذا الإنسان أعماله كانت متعلقة فقط بالدنيا لا يوجد أمامه إلا كلمة واحدة ترحموا عليه يا شباب ، أما إذا كان له أعمال صالحة كبيرة انظروا كم مرة نقول : سيدنا عمر ، وسيدنا أبو بكر ، وسيدنا عثمان ، وسيدنا علي ، وسيدنا صلاح الدين ، وعمر بن عبد العزيز والشافعي وأبو حنيفة ، هؤلاء الأعلام الكبار نتحدث عنهم ليلاً نهاراً ، فأنت ليكن في ذهنك هذا السؤال ما العمل الذي عملته لله عز وجل ؟ يا بشر لا صدقة ولا جهاد فبم تلقى الله إذاً ؟ وأنتم في رمضان مدعوون إلى شيئين إلى الصيام كما أراد الله عز وجل ، صيام الجوارح والأعضاء عما سوى الله ، مدعوون إلى قراءة القرآن ، وإلى تدبره ، وإلى تطبيقه ، ومدعوون إلى العمل الصالح بكل أنواعه ، نرجو الله سبحانه وتعالى أن يعلمنا ما ينفعنا وأن يلهمنا تعليم الناس الخير .

 

تحميل النص

إخفاء الصور