- الفقه الإسلامي
- /
- ٠3موضوعات متفرقة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين، أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
مقدمة:
أيها الإخوة الكرام، مع درس متعلق بالمناسبة التي نحن على أبوابها، وهي عيد الأضحى المبارك، وتعلمون أن أعياد الإسلام تأتي عقب عبادات كبرى، فعيد الفطر السعيد يأتي عقب شهر الصيام، وعيد الأضحى المبارك يأتي عقب فريضة الحج، ولكن المسلمين أحد فريقين، إما أن المسلم في الحج، أو أنه لم يُكتب له الحج في هذا العام، فإن لم يُكتب له الحج في هذا العام فنحن الآن في أفضل عشرة أيام على الإطلاق في حياة المسلم.
في حياة المسلم عشر ليال وعشرة أيام هي أفضل الأزمنة:
في حياة المسلم عشرة ليالٍ هي أفضل الليالي في حياته، وعشرة أيام هي أفضل الأيام في حياته:
1 – الليالي العشر الأخيرة من رمضان:
أما الليالي العشر فهي الليالي العشرة الأخيرة من شهر رمضان، لأن فيها ليلة القدر.
1 – الأيام العشرة الأولى من ذي الحجة:
وأما أفضل الأيام في حياته فهي عشرة من ذي الحجة الأولى، قال تعالى:
﴿وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2) وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (3)﴾
قال ابن عباس: << الليالي العشر هي الأيام العشر الأولى من ذي الحجة >>.
ماذايتدب في هذه الأيام ؟
البند الأول: التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل:
ماذا يندب في هذه الأيام ؟
يندب في هذه الأيام كثرة الذكر، ولا سيما التسبيح، والتكبير، والتهليل والتحميد، وقد قال الله عز وجل:
﴿الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً (46)﴾
﴿ الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ ﴾
هي: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، أي أنك إذا سبحته، وحمدته، ووحدته، وكبرته فقد عرفته، وإن عرفته أطعته، وإن أطعته، سلمت وسعدت في الدنيا والآخرة.
(( ابن آدم اطلبني تجدني، فإذا وجدتني وجدت كل شيء، وإن فتك فاتك كل شيء، وأنا أحب إليك من كل شيء ))
ينبغي في هذه الأيام العشرة التي هي أفضل أيام العمر أن نكثر من ذكر الله تسبيحاً، وحمداً، وتوحيداً، وتكبيراً.
1 – التسبيح:
ولكن ما معنى التسبيح ؟ التسبيح: أن تنزهه عن كل ما لا يليق به، ومعنى التسبيح أيضاً أن تمجده، وأن تعظمه.
2 – الحمد:
أما معنى الحمد: فأن ترى أن كل نعمة تنعم بها هي منه، لمجرد أن تعزو النعمة إلى الله فأنت على نوع من أنواع الحمد والشكر، أن تسبحه، وأن تحمده على نعمة الإيجاد، ونعمة الإمداد، ونعمة الهدى والرشاد.
﴿هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً (1)﴾
أن تسبحه، وأن تحمده، وأن توحده لا إله إلا الله،
لا معطي، ولا مانع، ولا رافع، ولا خافض، ولا معز، ولا مذل، ولا شافي، ولا ممرض إلا الله، هذا هو التوحيد وما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد.
3 – التكبير:
أما إذا كبرته ترى أن الله أكبر من أي شيء، ومن أي هم، وأية مصيبة سيدنا عمر كان إذا أصابته مصيبة قال: << الحمد لله ثلاثاً، الحمد لله إذ لم تكن في ديني، والحمد لله إذ لم تكن أكبر منها، والحمد لله إذ ألهمت الصبر عليها >>، لم تكن في ديني، ولم تكن أكبر منها، وإذ ألهمت الصبر عليها.
4 – التهليل:
لا إله إلا الله، قال تعالى:
﴿أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ﴾
(( يا عبادي، لو أن أولكم و آخركم، وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا، يا عبادي، لو أن أولكم و آخركم، وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئا، يا عبادي، لو أن أولكم و آخركم، وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر، يا عبادي، إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها: فمن وجد خيرا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه ))
إذاً:
﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ﴾
وبعدها:
﴿وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ﴾
إذا جاءك شيء تكرهه فهو من ذنبك.
(( ما من عثرة، ولا اختلاج عرق، ولا خدش عود إلا بما قدمت أيديكم، وما يغفر الله أكثر ))
إذاً: ينبغي أن نسبحه، أن ننزهه، أن نمجده، أن نحمده، أن نوحده، لا إله إلا الله، وأن نكبره.
من للوازم التكبير:لاطاعة لمخلوق في معصية الخالق:
الآن: من أرضى مخلوقاً وأسخط خالقه، من أطاع إنساناً، وعصى ربه فما قال : الله أكبر، ولا مرة، ولو رددها بلسانه ألف مرة، كلمات الإسلام الكبرى لا تقطف ثمارها من تردادها، ولكن تقطف ثمارها حينما تكون في مستواها، حينما لا تطيع مخلوقاً وتعصي خالقاً حينما تؤمن أنه:
(( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ))
تكون قد وحدته، وكبرته، لذلك في هذه الأيام العشر التي هي أفضل أيام العمر ينبغي أن نكثر، من التسبيح، والتحميد، والتهليل، والتكبير، وهي:
﴿ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا ﴾
هذا البند الأول.
البندالثاني الصام:
إن استطعت أن تصوم هذه الأيام فصومها، لكن يوم عرفة يرتقي صيامه إلى الوجوب، أما صيام هذه الأيام العشر فحكمها الاستحباب الشديد، ولكن ليس الوجوب.
البندالثالث: تلاوة القرآن:
ينبغي في هذه الأيام العشر أن تكثر من تلاوة القرآن، وحبذا لو استطعت أن تقرأ عقب كل صلاة عشر صفات من القرآن، ويمكن بهذا العدد أن تنهي ختمة في هذه الأيام العشر.
شيء آخر، العمل الصالح فيهن له وزن عند الله كبير، والطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق هذا أيضاً يستحب في هذه الأيام العشر.
الإكثار من ذكر الله، تسبيحاً، وتحميداً، وتهليلاً، وتكبيراً، ثم صيام الأيام التسع على وجه الاستحباب، وصيام يوم عرفة على وجه الوجوب، وثالثاً: قراءة القرآن الكريم.
البند الرابع: الأضحية:
(( من وجد سعة لأن يضحي فلم يضح فلا يحضر مصلانا ))
1 – حُكمُ الأضحية:
لذلك عدّ الإمام أبو حنيفة الأضحية واجبة على الميسور، من هو الميسور ؟ عند العلماء من لا يحتاج إلى ثمن الأضحية في أيام العيد فقط، إن كنت لا تحتاج إلى ثمن الأضحية في أيام العيد فعند الأحناف ينبغي أن تضحي، وعلى مذهب آخر من لم يكن محتاجًا إلى ثمنها طوال العام ينبغي أن يضحي.
(( من وجد سعة لأن يضحي فلم يضح فلا يحضر مصلانا ))
2 – شهود الأضحية:
والنبي عليه الصلاة والسلام يأمر فاطمة أن تشهد أضحيتها، هذا من السنة، والأكمل أن تضحي بنفسك، وهذا ربما يصعب على كثير من الناس.
3 – توزيع لحم الأضحية:
أما لحم الأضحية فينبغي أن يوزع أثلاثاً، ثلث تأكله أنت وأهل بيتك، وثلث تقدمه هدية لأقربائك، وجيرانك وأصدقائك، وثلث تتصدق به.
4 – كم يجزئ من الأضحية على أهل البيت الواحد ؟
بالمناسبة: يكفي شاة واحدة، أو غنمة واحدة عن الأسرة بأكملها، في بالأسرة زوجة، وأولاد، وبنات، وأم، وأب، وقد يكون هناك أخت، فهذه الدابة أو الشاة أو الغنمة تجزئ عن كل أفراد الأسرة، من دون استثناء، ولكل فرد من أفراد الأسرة نصيبه من الأجر.
4 – ماذا يجزئ من الأضحية ؟
والأولى ألا نضحي بالشاة الهزلية، أو الضعيفة، أو المريضة، أو العوراء، أو أية شاة فيها عيب يقلل من قيمتها، أو يقلل من لحمها، أو ربما تأذى من أكل منها، مثل هذه الشاة أو الغنمة لا يجوز أن يضحى بها.
يقول الله عز وجل الحديث القدسي:
(( مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ ))
أيها الإخوة، تبين من هذا الحديث أن أداء النوافل يعد أقرب قربة إلى الله، ونحن في هذا العشر قد نصلي قيام الليل، وقد نصلي صلاة الضحى، وقد نصلي صلاة الأوابين، وقد نصوم هذه الأيام، وقد نكثر من الصدقة وإنفاق المال، وقد نقدم شاة هدية إلى الله عز وجل، فمن كان في بلده، ولم يكتب له الحج في هذا العام فهو على عبادات رائعة، وتقربه من أداء العبادة الأصلية التي هي الحج.
الآن جاء يوم الوقفة وقفة عرفات وصمنا ذلك اليوم، وأكثرنا من ذكر الله ودخلنا في صبيحة اليوم الأول من أيام العيد.
ماذايجب فعله يوم العيد:
1– صلة الرحم:
أيها الإخوة، العيد مناسبة أولى لصلة الرحم، وصلة الرحم من أهم القربات إلى الله عز وجل، والذي يصل رحمه يُنسأ الله له في أجله، ويزيد في رزقه، لأن نظام التضامن الاجتماعي في الإسلام أساسه المكان والنسب، فالله أوصى بالجار، وأوصى بالأرحام، والأرحام هم الأقرباء مطلقاً من جهة الأب، أو من جهة الأم، والناس أنت لهم وغيرك لهم، لكن أقربائك من لهم غيرك ؟ لذلك من توجيهات النبي عليه الصلاة والسلام أنه لا تقبل زكاة غني وفي أقربائه محاويج، لأنه أعلم الناس بأقرباء، والذي يبر أقاربه ولو من زكاة ماله تكتب له عند الله بأجرين، أجر الصدقة وأجر الصلة، فلك أجر مضاعف إذا بررت أقربائك لأنك تعرفهم، لأنك تعرف البئر وغطاءه، لأنهم أقرب الناس إليك، لكن أناسا كثيرين في العالم الإسلامي يحلو لهم أن يصلوا الأباعد، وأن يقطعوا الأقارب، وهذا ليس من الحكمة في شيء.
إذاً: في العيد ينبغي أن نصل أرحامنا، وهذه الصلة تبدأ من الزيارة، وقد يسبق الزيارة اتصال هاتفي، لأن القصد ليس أن تضع البطاقة ولسان حالك يقول: سقط الوجوب وإن لم يحصل المطلوب، العبرة أن تجتمع بأهلك، إذاً ليكن اتصال هاتفي قبل التوجه لأقربائك، اجلس معهم، تفقد شؤونهم، تفقد أحوالهم، تفقد معيشتهم، تفقد دينهم، تفقد علاقاتهم، فصلة الرحم تبدأ باتصال هاتفي، ثم بزيارة، ثم بتفقد لأحوالهم، والمرحلة الرابعة أن تقدم لهم شيئاً من توجيهاتك، من مالك، من خبرتك حتى تكون عند الله مرضيا، فإذا اتصلت بهم وزرتهم، وتفقدتهم، وأعنتهم، بقي عليك شيء واحد ؛ أن تأخذ بيدهم إلى الله، فإذا أخذت بيدهم إلى الله فقد تمت صلة رحمك.
2 – إصلاح ذات البين:
أيها الإخوة الكرام، في العيد مناسبة لصلة الأرحام، بل مناسبة لإصلاح ذات البين، يقول الله عز وجل:
﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ﴾
ومعنى صلاح ذات البين أن تصلح ما بينك وما بين الله، إما بالتوبة، أو بالنوافل أو بالصدقة، أو بإتقان العبادة، أو ببذل المال، وما أعطاك الله، هذا من تمام الصلة.
شيء آخر أيها الإخوة، ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ﴾، أي أصلحوا ما بينكم وبين الناس، أول بند أصلح ما بينك وبين الله، والبند الثاني أصلح ما بينك وبين الناس، ملف الخلافات ينبغي أن يطوى في العيد، وما بعد العيد، ملف المشاحنات، القطيعة، ورد في بعض الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
(( أمرني ربي بتسع: خشية الله في السر والعلانية، كلمة العدل في الغضب والرضا، القصد في الفقر والغنى، وأن أصل من قطعني، أن أعفو عمن ظلمني، وأن أعطي من حرمني، وأن يكون صمتي فكراً، ونطقي ذكراً، ونظري عبرة ))
هذا من تمام فعل صلاح ذات البين.
شيء ثالث: ومن صلاح ذات البين التي ينبغي أن تكون الهاجس الأول في العيد: أن تصلح بين أية علاقتين، بين زوجين متباعدين، من أعظم الأعمال أن تصلح بينهما، وبين أخوين متباعدين، شريكين متباعدين، جارين متباعدين:
﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ﴾
والعيد مناسبة المودة، والموآنسة، والصفح، والعفر عن كل ما من شأنه أن يباعد ما بين الإنسان وأخيه.
لو أن أخاك دعاك إلى طعام ينبغي أن تلبيه، ما من أمر يمتن العلاقة بينك وبين أخيك إلا أمرك النبي أن تأتمر بها، وما من شيء يضعف العلاقة بينك وبين أخيك إلا نهاك الله عنها، لذلك:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11)﴾
3 – العيد مناسبة للخير كلِّه:
العيد مناسبة للصلح بين الأقارب، مناسبة لطي ملفات الخصومات، مناسبة لفتح صفحة جديدة مع الأهل والأصدقاء، مناسبة لصلة الرحم، مناسبة لإدخال السرور على قلب الصغار، فالصغار أحباب الله، وكل من أدخل على قلوبهم السرور تولاه الله برحمة منه.
العيد ليس مناسبة للحديث في أشياء لا تقدم ولا تؤخر، أنت كطالب علم أليس لك من ما تبقى من ذهنك من حقائق تلقيتها من دروس العلم ؟ اجعل هذا الذي تأثرت به مجال حديثك مع أقربائك، اجعل مجلسك مع أقربائك في العيد مجلس ذكر، لأنه:
(( مَا مِنْ قَوْمٍ يَقُومُونَ مِنْ مَجْلسٍ لا يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَعالى فِيهِ إِلاَّ قامُوا عَنْ مثْلِ جِيفَةِ حِمارٍ ))
أما الحديث الآخر:
(( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده ))
فأنت في أيام العيد الأربعة اجعل من مجالسك مع أقربائك وأصدقائك، وجيرانك مجالس ذكر، وعلم، ومناصحة، لا موضوعات لا تقدم، ولا تؤخر، بل تثير الحسد والضغينة، بل تثير التباعد بين الأقارب.
لذلك لما خرج قارون على قومه بزينته ليستعلي عليهم:
﴿فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ﴾
لا لعادة التراشق بالبطاقات
أيها الإخوة الأحباب، كخبرة متواضعة: الذي يحصل في كل عيد أن الأقرباء يتراشقون البطاقات، باتجاهه إلى صديقه أو إلى قريبه، يتلمس البطاقة بيده، وكل أمله ألا يجده، ليضع هذه البطاقة، هذا سلوك شكلي، لا له معنى إطلاقاً، لذلك الأولى أن يتفق الأقارب على يوم يجتمعون فيه في بيت، كل عيد عند جماعة، اجتماع طويل، مناصحة، مودة، ذكر، تبادل خبرات، موعظة، بدل تراشق البطاقات الأولى أن يلتقي الأقارب في بيت واحد ولأمد طويل، وهذا أفضل ألف مرة من تراشق الزيارات.
تجيد الحفلات في العيد والالتفات إلى العلاقات الإجتماعية:
والشيء الثاني والذي أتمناه من أعماق أعماقي: أن تجمد كل الحلافات في العيد وأن تفتح صفحة جديدة في العلاقات الاجتماعية، يقول عليه الصلاة والسلام:
(( إياكم وفساد ذات البين فإنها الحالقة ))
(( لا أقول حالقة الشعر ولكن أقول حالقة الدين ))
مرة ثانية: أسأل الله جل جلاله أن يرزقنا جميعاً في العام القادم حج بيته الحرام، وأسأل الله أن يجعل حج الحجاج في هذا العام حجاً مبروراً، وسعياً مشكوراً، وذنباً مغفوراً.