- أسماء الله الحسنى
- /
- ٠2أسماء الله الحسنى 2008م
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
من أسماء الله الحسنى:(القابض):
أيها الأخوة الكرام، مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى، والاسم اليوم: "القابض".
ورود اسم القابض في السنة النبوية الصحيحة و عدم وروده في القرآن الكريم:
أولاً لم يرد هذا الاسم في القرآن الكريم، ولكن ورد في السنة الصحيحة، يقول عليه الصلاة والسلام:
(( إنَّ الله هو المُسَعِّرُ، القابضُ، الباسط، الرازق، وإني لأرجو أن ألقى اللهَ وليس أحدٌ منكم يُطَالبني بِمَظْلَمَةٍ في دَمٍ ولا مَالٍ ))
حينما يسعر ولي الأمر تسعيراً يظلم به البائع، أو حينما يبيع التاجر بيعاً فيه غبن فاحش هناك ظلم، مرة البائع يظلم، ومرة المشتري يظلم.
لذلك يقول عليه الصلاة والسلام:
(( إنَّ الله هو المُسَعِّرُ، القابضُ، الباسط، الرازق، وإني لأرجو أن ألقى اللهَ وليس أحدٌ منكم يُطَالبني بِمَظْلَمَةٍ في دَمٍ ولا مَالٍ ))
القابض في اللغة:
أما في اللغة "القابض" اسم فاعل، الفعل قبضه، يقبضه، قبضاً، وقبضة ، والقبض خلاف البسط، القابض الباسط، وهو في حقنا جمع الكف على الشيء، يعني في حق الإنسان، وهو من أوصاف اليد وفعلها، والقبضة ما أخذت بجمع يدك كله، يمكن أن تملأ كفك بالقمح، نسمي كمية القمح التي استوعبتها يدك قبضة، هذه قبضة كفي، أي ما تقبض عليه كفي، ومنه فقبضت قبضة من أثر الرسول، من التراب الذي تأثر بحافر فرس الرسول، و قد ورد عند مسلم من حديث إياس بن سلمة عن أبيه:
(( غَزَوْنا مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم حُنَيْنا، فلما وَاجَهْنَا العدوَّ تقدَّمْتُ فَأعْلُو ثَنِيَّة، فاستقبلني رجل من العدوِّ، فأرميه بسهم، فتوارى عني، فما دَرَيْتُ ما أصنعُ ؟ ونظرتُ إِلى القوم، فإذا هم قد طلعوا من ثنيَّة أخرى، فَالْتَقَوا هم وأصحابُ النبي صلى الله عليه وسلم، فولّى أصحابُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فأَرجعُ مُنْهَزِما وعليَّ بُردَتان، مُتَّزِر بإِحداهما، مُرْتَد بالأُخرى، فاسْتَطْلَقَ إِزَاري، فجمعتُهُمَا جميعاً، ومَرَرْتُ على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم مُنهزِما، وهو على بغلته الشَّهباءِ، فقال: لقد رأى ابن الأكوع فَزَعا، فلما غَشُوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم نزل عن بغلته، ثم قبض قَبْضَة من ترابِ الأرض، ثم استقبلَ به وجوهَهم، وقال: شاهَتِ الوجوه، فما خلق الله منهم إِنسانا إِلا مَلأ عينيه ترابا بتلك القبضة، فَوَّلوْا مُدبرين، فهزمهم الله عز وجل ))
لا زلنا في معنى قبض، يقبض، قبضاً، وقبضة، والقبض يأتي بمعنى تأخير اليد، وعدم مدها، قبض يده أي أخرها، أبعدها، فقد ورد:
(( أن امرأة مدت يدها إلى النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب فقبض يده، فقالت يا رسول الله مددت يدي إليك بكتاب فلم تأخذه، فقال: إني لم أدرِ أيد امرأة هي أو رجل ))
تحريم مصافحة المرأة الأجنبية الشابة في الإسلام:
أيها الأخوة، هذا المعنى الدقيق في قبض يد النبي عن أن تمس يده يد امرأة ينقلنا إلى حكم فقهي.
في موسوعة الفقه الإسلامي الكويتية ما نصها:
أما مصافحة الرجل للمرأة الأجنبية الشابة فقد ذهب الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، في الرواية المختارة إلى تحريمها، وقال الحنابلة: وسواء أكانت من وراء حائل كثوب أن نحوه أم لا، واستدل الفقهاء على تحريم مصافحة المرأة الأجنبية الشابة بحديث عائشة رضي الله عنها قالت والله:
(( مَا مَسَّتْ يَدُ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ ))
يعني امرأة أجنبية، الحقيقة مرة كنت أُلقي محاضرة في أمريكا في ديترويت وجاءني سؤال من أخت كريمة، تسأل عن حكم المصافحة، هي طبيبة تعمل في المستشفى ، قلت لها: الملكة إليزابيث لا يصافحها إلا سبعة رجال من رعاياها، لعلو مقامها في مجتمعها بحكم القانون البريطاني، والمرأة المسلمة ملكة أيضاً، لا يصافحها إلا سبعة من محارمها لعلو مقامها في مجتمعها بحكم القانون القرآني، فهذا الجواب أعجبها كثيراً وقبلته.
سمعت قصة في بلدٍ عربي استقبل وزيرة، فكانت الوزير المثيل لها في المطار مع كبار موظفيه، أحد هؤلاء الموظفين لم يصافحها، يبدو أنه ملتزم، متفوق جداً في اختصاصه، لكنه ملتزم، فضلاً عن أنه متفوق ملتزم، فما صافحها، فالوزير المضيف انزعج جداً منه، وعنفه، وأعفاه من حضور مأدبة الغداء، هذه الوزيرة الضيفة سألت الوزير المُضيف، هناك موظف كبير عندك لم يصافحني، أين هو ؟ قال: والله لعله اعتذر هو صرفه من انزعاجه، قالت: أريد أن أراه، فأصرت على ذلك، طلبت أن يحضر فحضر، قالت له: لمَ لم تصافحني ؟ قال لها: أنا مسلم متمسك بمنهج الله، ونحن في هذا المنهج لا نصافح امرأة أجنبية، فسمعت شرحه، وتأثرت تأثراً بالغاً، وقالت للوزير المضيف: لو أن المسلمين أمثال هذا الموظف لكنا تحت حكمكم.
الآن عندما يسافر الإنسان إلى بلد بعيد، يريد أن يأخذ وكالة يُمتحن امتحاناً بدينه فإن كان متمسكاً أعطوه الوكالة، لأن الإنسان حينما يتمسك بمبدأ معنى ذلك أن هذا الإنسان ينطلق من قيم.
ما ورد في معاجم اللغة أيضاً عن القابض:
على كلٍ لا زلنا في اللغة، قبضتُ الشيء قبضاً، يعني أخذته، والقبض قبولك المتاع، يعني رأيت المتاع فاستلمته، ولو لم تحوله إلى مكانه، صار تقابضاً، والقبض أيضاً تحول المتاع إلى حيزك، أي إلى مستودعك، فالقبض قد يكون بالعين، رأى البضاعة تفحصها بعينه، فقبضها، وقد يكون القبض أن ينقلها إلى مستودعه، وصار الشيء في قبضتي، أي في ملكي، وقُبض المريض إذا توفي أو أشرف على الموت.
(( أَرسلتْ بنتُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم إِليه: إن ابنا لي قُبض، فائتنا ))
أرادت أنه في حال القبض على وشك القبض، ومعالجة النزاع، وقال تعالى في وصف المنافقين:
﴿ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ ﴾
أي يبخلون، أي يقبضونها عن النفقة والصدقة، فلا يؤتون الزكاة، هذا ما ورد في معاجم اللغة عن "القابض".
الله جلّ جلاله هو القابض الذي يمسك الأرزاق عن العباد بلطفه وحكمته:
أما الله جلّ جلاله هو "القابض" الذي يمسك الرزق وغيره من الأشياء عن العباد بلطفه وحكمته، يمسك الأرزاق عن العباد بلطفه وحكمته.
يقبض الأرواح عند الممات بأمره وقدرته، ويضيق الأسباب على قوم، ويوسع على آخرين ابتلاءً وامتحاناً، وقبضه تعالى وإمساكه وصف حقيقي، لا نعلم كيفيته، تجد بلاداً تنعم بأمطار غزيرة، والنبات ينمو، وفي بلاد أخرى أمطارها قليلة، والنبات يموت.
يؤمن به على ظاهره وحقيقته، لا نمثل، ولا نكيف، ولا نعطل، ولا نحرف ، فالإيمان بصفات الله فرع من الإيمان بذاته، والقول في صفاته كالقول في ذاته، لأننا ما رأينا الله تعالى وما رأينا بذاته مثيلاً، فهو أعلم بكيفية قبضه وبسطه، وإمساكه وأخذه، ولا داعي للتأويل الذي انتهجه المتكلمون بكل شيء، فنؤمن أن هذا من العقيدة الصحيحة، فنؤمن بما أخبر الله جلّ جلاله بلا تمثيل ولا تعطيل، وهكذا كان اعتقاد الأمة في جميع الصفات والأفعال، قال تعالى:
﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾
وقد ورد:
(( إنَّ الله تباركَ وتعالى خَلَقَ آدَمَ مِنْ قَبضَةٍ قَبضها مِنْ جَميع الأرضِ، فجاءَ بَنو آدَمَ على قدر الأرض، منهم الأحَمرُ، والأبيَضُ، والأسوَدُ، وبين ذلك، والسَّهلُ والحَزْنُ والخَبيث، والطَّيِّبُ ))
دائماً وأبداً بالأسماء الحسنى يوجد أسماء يجب أن تلفظ معاً:
أخوانا الكرام، لا ينبغي أن يقول أحدنا إن الله قابض، تصفه بالمنع والبخل ، ولكن ينبغي أن تقول إن الله قابض باسط، معنى ذلك أنك وصفته بالقدرة المطلقة وبالحكمة ، لا تقل ضار، قل ضار نافع، لا تقل مذل، مذل معز، لا تقل مانع، مانع معطي، لا تقل خافض، خافض رافع، يعني يخفض ليرفع، يأخذ ليعطي، يبتلي ليجزي، يذل ليعز، يضر لينفع، هذه الأسماء الأولى أن تذكر مثنى مثنى، قال تعالى:
﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾
إن أردت أن تعلل، يقبض ليبسط، يضر لينفع، يمنع ليعطي، يذل ليعز، عندئذٍ أنت سائر في طريق الصواب.
موضوع الرزق من أنواع القبض والبسط:
أيها الأخوة، الشيء الثاني في معنى القبض باللغة: هو الأخذ والتضييق ، والتوسيع هو البسط والنشر، قبض وبسط، هذان الشيئان يعمان جميع الأشياء، فكل أمر ضيقه الله عز وجل فقد قبضه، وكل أمر وسعه الله عز وجل فقد بسطه، أحياناً تجد رزقاً واسعاً، أحياناً رزقاً قليلاً، أحياناً الأمور موسعة، مريحة، الأمور ضيقة متعبة.
من أنواع القبض والبسط، موضوع الرزق، الله عز وجل:
﴿ اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾
يبسط الرزق ويقبض، يوسع ويضيق، يعطي ويمنع.
الأرزاق تضيق وتتسع امتحاناً للعباد و حكمة من الله عز وجل:
أيها الأخوة الكرام، ينبغي أن نؤمن وهذا من صلب العقيدة، ولا تنسوا أن في الإسلام عقائد، عبادات، معاملات، آداب، أخطر شيء في الإسلام العقائد، العقيدة إن صحت صحّ العمل، وإن صحّ العمل سلم الإنسان وسعد، والعقيدة إن لم تصح ساء العمل وإن ساء العمل شقي الإنسان وهلك.
لذلك الخطأ في العقيدة لابدّ من أن ينعكس خطأ في السلوك، قبض الإنسان قبض عجز، لكن الله سبحانه وتعالى إذا قبض الأرزاق والأمطار قبض تأديب، والدليل:
﴿ وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ ﴾
إذاً الأرزاق تضيق وتتسع، أولاً امتحاناً للعباد، وابتلاء، أو حكمة من الله عز وجل، إن من عبادي من لا يصلح إلا بالغنى فإذا أفقرته أفسدت عليه دينه، وهناك شريحة أخرى من عبادي لا يصلح له إلا الفقر، فإذا أغنيته أفسدت عليه دينه، يوجد إنسان على الدخل المحدود مستقيم، لكن الله يعلم لو أن هذا الإنسان كان دخله غير محدود لتفلت من منهج الله.
بالمناسبة: في نهاية الأمر حينما يكشف الله للإنسان يوم القيامة ما ساق له من شدائد ينبغي أن يذوب كالشمعة محبة لله عز وجل.
من معاني اسم الله القابض:
1 ـ أن الله عز وجل يقبض الأرواح:
من معاني اسم الله "القابض" أن الله عز وجل يقبض الأرواح، فإذا قبض روح الإنسان يعني أماته، وإذا بسط روحه يعني أحياه، وكل إنسان أمامه بوابة خروج هي مرض الموت:
(( لكلِّ داء دواءً ))
من دون استثناء أو:
(( ما من داء إلا وله دواء ))
وهذا الحديث إذا سمعه المريض امتلأ قلبه تفاؤلاً بالشفاء.
(( ما من داء إلا وله دواء ))
وإذا سمع هذا الحديث طبيب يشعر بالتقصير إن لم يكتشف الدواء لداء ما، إذاً هو يحث الطبيب على اكتشاف الدواء، ويملأ قلب المريض ثقة بالشفاء، هذا من الأحاديث الرائعة التي تملأ نفس المريض ثقة بالشفاء، وتدفع الطبيب إلى البحث عن الدواء.
2 ـ أن الله عز وجل يقبض الأرض:
أيضاً من معاني اسم "القابض" أنه يقبض الأرض، قال تعالى:
﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ﴾
أخوانا الكرام، الأرض تدور حول الشمس في مسار بيضوي (إهليلجي)، وهذا الشكل البيضوي مسار مغلق، هذا الشكل له قطران: أصغر، وأطول، فإن كانت الأرض في القطر الأطول واتجهت نحو القطر الأصغر، المسافة سوف تقل بينها وبين الشمس، هناك احتمال أن تنجذب إلى الشمس، وإذا انجذبت الأرض إلى الشمس تبخرت في ثانية واحدة يكون الهلاك.
لذلك الله عز وجل قابض وباسط، ترتفع سرعة الأرض، وهي جماد غير عاقل يرفع الله سرعة الأرض لينشأ من سرعة الأرض قوة نابذة تكافئ القوة الجاذبة فتبقى على مسارها.
﴿ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا ﴾
بقاء الأرض على مسارها آية من آيات الله الدالة على عظمته:
بقاء الأرض على مسارها آية من آيات الله الدالة على عظمته، لماذا بقيت مع أنها انتقلت من قطر أطول إلى قطر أصغر، وقانون الجاذبية متعلق بالكتلة والمسافة ؟ المسافة قلت، الانجذاب يزيد، احتمال انجذاب الأرض إلى الشمس قائم، وإذا انجذبت تبخرت في ثانية واحدة، لأن مركز الشمس تزيد الحرارة فيه عن عشرين مليون درجة، الآن إذا انتقلت من قطرها الأصغر إلى قطرها الأطول هناك احتمال التفلت من جاذبية الشمس لأن المسافة إذا زادت ضعفت الجاذبية.
لذلك يقبض الله الأرض أي يخفض سرعتها، لينشأ من خفض سرعتها قوة نابذة أقل تكافئ القوة الجاذبة الأقل فتبقى في مكانها،
﴿ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا ﴾
بعضهم قال: لو أنها تفلتت، وأردنا أن نعيدها إلى الشمس، قال نحتاج إلى مليون مليون حبل فولاذي، من الفولاذ المضفور، وهذا أمتن عنصر في الأرض، الحبل قطره خمسة أمتار، والحبل الذي قطره خمسة أمتار يحمل مليوني طن، بشكل أو بآخر قوة جذب الشمس للأرض تساوي مليون مليون ضرب مليوني، يعني مليون مليون 12 صفر ضرب مليونين ضرب اثنين بستة أصفار، شيء مذهل، كل هذه القوة الكبيرة الجاذبة للأرض من أجل أن تحرفها ثلاثة ميلي كل ثانية حتى ينشأ مسار مغلق تسير عليه الأرض في دورتها حول الشمس، التي تستغرق 365 يوماً.
معناها الله عز وجل قابض يقبض الأرض فيخفض سرعتها، ويبسطها فيزيد سرعتها، من أجل أن تبقى على مسارها من أجل ألا تنجذب إلى الشمس فتتبخر في ثانية واحدة، ومن أجل ألا تتفلت من الشمس فتدخل في الصفر المطلق حيث تنتهي الحياة.
يد من تسير الأرض ؟
﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ﴾
أخوتنا الكرام، هذه الآيات الدالة على عظمة الله ينبغي أن نتفكر فيها، لأن الله عز وجل يقول:
﴿ اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ﴾
معنى الآية أنه رفعها بعمد لا ترونها.
3 ـ أن الله عز وجل يقبض الصدقات بيده من عباده المؤمنين:
الآن من معاني "القابض" الله عز وجل قابض أنه يقبض الصدقات بيده، من عباده المؤمنين، يقول عليه الصلاة والسلام:
(( إن العبد إذا تصدق من طيب تقبلها الله منه، وأخذها بيمينه فرباها كما يربي أحدكم مهره أو فصيله، وإن الرجل ليتصدق باللقمة فتربو في يد الله، أو في كف الله حتى تكون مثل الجبل، فتصدقوا ))
الإنسان يضع لقمة في فم زوجته يراها يوم القيامة كجبل أُحد، إذاً الله عز وجل قابض يقبض صدقة المؤمن الذي أنفقها من مال حلال بيمينه، والله عز وجل قابض يقبض الأرض ويبسطها،
﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾
4 ـ أن الله عز وجل يقبض الرزق تأديباً لا ضعفاً:
الله عز وجل قابض يقبض أرواح البشر، يعني يميتهم، أو يبسطها ليحيهم، والله عز وجل قابض يقبض الرزق تأديباً لا ضعفاً.
الله عز وجل قابض يربي الناس لسعادتهم و سلامتهم:
هذه كلها من معاني اسم "القابض" والله عز وجل قابض بمعنى المربي.
عفواً، المركبة السيارة، لماذا صنعت ؟ صنعت لتسير، لكن فيها مكابح المكابح تتناقض مع علة صنعها، هي صنعت من أجل أن تسير، والمكبح يوقفها لكنه ضروري جداً لسلامتها، وكما أن المكبح يتناقض مع علة صنع السيارة، فيحول بينها وبين أن تسير كذلك "القابض" هو سلامة لسعادة الإنسان لأن الله سبحانه وتعالى يربيه فهو رب العالمين، فالإنسان فهم المصائب بهذا الفهم يكون فقيهاً وعندئذٍ يرضى.
لذلك ربما أعطاك فمنعك، المركبة انطلقت بأعلى سرعة، فتدهورت فمات صاحبها، ربما أعطاك فمنعك، منع منك الحياة، وربما منعك فأعطاك وإذا كشف لك حكمة المنع عاد المنع عين العطاء.