وضع داكن
29-03-2024
Logo
عقل وقلب - الندوة : 01 - صفات العباد الذين يحبهم الله 1 - السكينة ثمرة من ثمار محبة الله
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين .

مقدمة :

الأستاذ جميل :
السلام عليكم ورحمة الله ، أيها الأخوة والأحبة ، أسعد الله أوقاتكم بكل خير ، وأهلاً بكم في لقاء جديد في برنامجنا عقل وقلب .
نتحدث في هذه الحلقة بمشيئة الله عن طائفة من الناس اختارهم الله لمحبته ، وأسبغ عليهم من أنوار قدسه ، وما ذلك إلا لأنهم صدقوا لامتثال أمره ، ضيفنا فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي ، الداعية الإسلامي ، أستاذ الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية في كليات الشريعة وأصول الدين بدمشق ، أهلاً بكم فضيلة الدكتور .
الدكتور راتب :
بكم أستاذ جميل جزاك الله خيراً .
الأستاذ جميل :
بداية فضيلة الدكتور ، وقبل الخوض بالصفات التي تورث صاحبها محبة الله ، ما معنى أن يحبك الله ؟ وما هو الامتياز الذي أحصل عليه إن أحبني الله ؟ .

الآثار التي تترتب على محبة الله لك لا تعد ولا تحصى منها :

الدكتور راتب :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين ، وعلى صحابته الغر الميامين ، وأمناء دعوته ، وقادة ألويته ، وارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين .أستاذ جميل ، إذا كان الله معك فمن عليك ؟ وإذا كان عليك فمن معك ؟ وإذا نلت محبة الله ماذا فقدت ؟ لم تفقد شيئاً ، وإذا غابت عنك محبة الله ، ماذا وجدت ؟ لم تجد شيئاً ، النتائج ، والثمار ، والخصائص ، والآثار التي تترتب على محبة الله لك لا تعد ولا تحصى .

1 ـ إذا أحبك الله ألقى محبتك في قلوب الخلق :

منها : إذا أحبك الله ألقى محبتك في قلوب الخلق ، وإذا أحبك الخلق فهذا رأسمال لا يقدر بثمن ، أن يحبك الناس ، أن يحبك من حولك .

2 ـ إذا أحبك الله منحك الحكمة :

إذا أحبك الله منحك الحكمة .

﴿ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً ﴾

( سورة البقرة الآية : 269 )

الإنسان إذا أوتي الحكمة يسعد بدخل محدود ، والذي لم يؤتَ الحكمة يشقى بدخل غير محدود ، الإنسان إذا أوتي الحكمة يسعد بزوجة من الدرجة العاشرة ، والذي لم يؤتَ الحكمة يشقى بزوجة من الدرجة الأولى ، الإنسان إذا أوتي الحكمة يجعل من العدو صديقاً ، والذي لم يؤتَ الحكمة يجعل من الصديق عدواً ، يعني عطاؤه لا يقدر بثمن إذا منحك الله الحكمة ، والحكمة تؤتى من الله مكافأة على إيمان المؤمن ، وعلى استقامته على أمر الله وهي من ثمار محبة الله أن تؤتى الحكمة .
 

3ـ إذا أحبك الله منحك السكينة :

إذا آتاك الله الحكمة أعطاك السكينة ، السكينة حالة من الرضا ، من السعادة ، من التفاؤل ، من القوة ، من الثقة بالنفس ، من سلام الرأي ، من صحة الرؤيا ، هذه السكينة تسعد بها ولو فقدت كل شيء ، وتشقى بفقدها ولو ملكت كل شيء ، سعد بها أهل الكهف وهم بالكهف ، وشقي بفقدها من كان في القصور ، سعد بالسكينة سيدنا إبراهيم وهو في النار .

﴿ يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ ﴾

( سورة الأنبياء )

هذه السكينة سعد بها سيدنا يونس وهو في بطن الحوت ، هذه السكينة سعد بها النبي عليه الصلاة والسلام وهو في الغار ، والإنسان قد يؤتى مالاً وفيراً ، وصحة ، وقوة ، وذكاءً ، ولا يؤتى الحكمة ، فهو أشقى الأشقياء .
لذلك قيل : إن الله يعطي الصحة ، والذكاء ، والمال ، والجمال للكثيرين من خلقه ، ولكنه يعطي السكينة بقدر لأصفيائه المؤمنين .

 

السكينة ثمرة من ثمار محبة الله عز وجل :

السكينة أحد أكبر أسباب سعادة الإنسان ، هي ثمرة من ثمار محبة الله ، يعني إذا أحبك الله شيء لا يتصور ، أن يحبك خالق السماوات والأرض ، الذي بيده كل شيء ، الذي بيده من هم فوقك ، ومن هم تحتك ، ومن هم حولك ، الذي بيده صحتك ، وأهلك ، وأولادك ، ومن يلوذ بك كلهم بيده ، الذي بيده حياتك ، و موتك ، ورزقك .لذلك الإنسان إذا عرف الله عرف كل شيء ، وإذا فاتته معرفة الله فاته كل شيء .

4 ـ إذا أحبك الله منحك الرضا :

من معاني محبة الله لك أن يلهمك الرضا ، ترضى أنت ، ترضى عن وجودك ، وترضى عن وضعك ، وترضى عن دخلك ، وترضى عن أهلك وأولادك ، الرضا أحد أسباب السعادة ، فالمؤمن راضٍ .

هم الأحبة إن جاروا وإن عدلوا فليس لي عنهم معدلٌ وإن عدلوا
والله وإن فتتوا في حبهم كبدي باقٍ على حبهم راض بمـا فعلوا
* * *

والله الذي لا إله إلا هو لو شققت على صدر مؤمن عرف الله لرأيت فيه من السعادة ما لو وزعت على أهل بلد لكفتهم ، الله عز وجل يقول :

﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ﴾

( سورة العنكبوت الآية : 45 )

قال علماء التفسير : ذكر الله أكبر ما في الصلاة ، لكن بعضهم قال : ذكر الله لك وأنت في الصلاة أكبر من ذكرك له ، إنك إن ذكرته أديت واجب العبودية ، لكنه إن ذكرك منحك الرضا ، منحك السكينة ، منحك الحكمة ، منحك نعمة عزت على معظم الناس ، منحك نعمة الأمن ، نعمة الأمن شيء لا يقدر بثمن ، قد ينجو الإنسان من آلاف المصائب ، لكنه خائف ، وأنت من خوف الفقر في فقر ، وأنت من خوف المرض في مرض ، وتوقع المصيبة مصيبة أكبر منها ، الآن عندنا أزمات قلبية سببها الخوف من أزمات القلب . 

من وصل إلى الله وصل إلى كل شيء :

 

لذلك حينما أُلِّف كتاب دع القلق وابدأ الحياة ، طُبع منه خمسة ملايين نسخة هناك قلق في العالم سببه البعد عن الله .

﴿ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾

( سورة الرعد )

فأن يحبك الله لا يعلم هذه النعم إلا من عرفها ، ولا يعرف حقيقتها إلا من فقدها فلذلك إذا أحبك الله ألقى محبتك في قلوب الخلق ، إذا أحبك الله خدمك عدوك من دون أن يشعر ، وإذا لم يحبك الله لا سمح الله ولا قدر تطاول عليك أقرب الناس إليك ، فإذا رضي الله عنك انتهى كل شيء ، وصلت إلى كل شيء ، ما فاتك شيء .
لذلك مما أُثر عن الصديق رضي الله عنه أنه ما ندم على شيء فاته من الدنيا قط ، أحياناً الإنسان تفوته امرأة أراد أن يتزوجها فلم يوفق ، يبقى طوال حياته نادماً ، يفوته شراء بيت يبقى طوال حياته نادماً ، أما المؤمن إذا وصل إلى الله وصل إلى كل شيء ، وإذا قصر في معرفة الله ما أصابه شيئاً ، بل فاته كل شيء .
فلذلك أن يحبك الله شيء كبيرٌ كبير ، يعني الصحابة كانوا عشرة آلاف ، وصلوا إلى أطراف الدنيا ، والمسلمون اليوم مليار وخمسمئة مليون ، ليست كلمتهم هي العليا وليس أمرهم بيدهم .
سيدنا خالد لن الوليد طلب من سيدنا الصديق مدداً ، كان في معركة يواجه ثلاثمئة ألف مقاتل ، معه ثلاثون ألفاً ، طلب مدداً خمسون ألفاً ، أرسل له المدد سيدنا الصديق كم ؟ واحد ، صحابي اسمه القعقاع بن عمرو ، فلما وصل إليه قال له : أين المدد ؟ قال له : أنا المدد ، قال له : أنت ؟! قال له : أنا ، معه كتاب من سيدنا الصديق ، قرأ الكتاب يقول سيدنا الصديق : يا خالد ! والذي بعث محمداً بالحق إن جيشاً فيه القعقاع لا يهزم .
كان الصحابة واحد بمليون ، الآن المليون بأف ، وليس بواحد ، كلمة أف تضجر ، فلما عرف الصحابة الكرام ربهم فتحوا أطراف الدنيا ، وكانت كلمتهم هي العليا .
الأستاذ جميل :
يعني فضيلة الدكتور ، وصلوا إليها بمحبة ولم يصلوا إليها بالسلاح ؟.

 

لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ :

الدكتور راتب :
أبداً هذه تهمة ظالمة .

﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾

( سورة البقرة الآية : 256 )

أصل من أصول هذا الدين العظيم ، هذا الدين العظيم لا يحتاج إلى إكراه ، الذي خلقنا من لا شيء ، وحياتنا بيده ما أرادنا أن يُكرهنا على ديننا ، الخالق الذي منحك نعمة الوجود ، الذي منحك نعمة الإيجاد ، ونعمة الإمداد ، ونعمة الهدى والرشاد ، ما أكرهك على أن تكون مؤمناً ، قال :

﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾

أيعقل أن مسلماً ، أو قوة إسلامية تكره الناس على الإسلام أنا أرى أنه إذا عرفت الله عرفت كل شيء ، وإذا أحبك الله ما فاتك شيء من الدنيا .
الأستاذ جميل :
من رحمة الله سبحانه وتعالى وإحسانه أنه لم يجعل محبته الشخصية لحسن خلقة أو عظيم هيئة ، وإنما هي محبة وصفية ، لصفات معينة ، فمن هم السعداء الذين يحبهم الله ؟.

 

اعتماد الناس في الدنيا مجموعة قيم كثيرة للترجيح بين البشر :

الدكتور راتب :
بارك الله بك على هذا السؤال ! أستاذ الجميل ، قبل أن نخوض في الإجابة عن هذا السؤال القيم .أحياناً يكون في مدير شركة ، يقود هذه الشركة قيادة مزاجية ، لا تعرف ما الذي يرضيه ، يغضب بلا سبب واضح ، يرضى لسبب تافه ، فهذه القيادة المزاجية متعبة جداً للناس ، أما حينما يكون هذا المدير العام واضع أسس ، موضوع الدوام أحد أسباب أن يرضى عن هذا الموظف ، موضوع الإنجاز ، موضوع العلاقة الحسنة مع الزملاء ، قد يضع هذا المدير قواعد ، فإذا وصل لعلم الموظف أن الطريق إلى هذا المدير العام أن يلتزم بهذه القواعد ، فحينما يضع من كان على رأس مؤسسة ، أو وزارة ، أو جامعة ، أو مستشفى ، قواعد للتفوق عند المدير فالتعامل معه رائع جداً ، شيء واضح .

اعتماد الله عز وجل على قيمتين للترجيح بين البشر هما قيمة العلم و قيمة العمل :

من فضل الله علينا أن الله عز وجل قال :

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾

( سورة الحجرات الآية : 13 )

مقياس واحد ، لذلك نحن في الدنيا اعتمدنا مجموعة قيم كثيرة يرجح بعضنا الآخرين بها ، منها قيمة المال يُعظم الغني ، منها قوة القوة ، القوي يُعظم ، الوسيم يُعظم ، أما عند الله جلّ جلاله عنده عاملان مرجحان لا ثالث لهما ، مرجح العلم ، ومرجح العمل ، قال تعالى :

﴿ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾

( سورة الزمر الآية : 9 )

وقال تعالى :

﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ﴾

( سورة المجادلة الآية : 11 )

مقياس العلم ، مقياس العمل .

﴿ وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا ﴾

( سورة الأنعام الآية : 132 )

من أخطأ عند الله عز وجل فتح له باب التوبة رحمة به :

الآن الله عز وجل في كتابه الكريم أخبرنا أنه يحب أصنافاً من الناس ، أو أصنافاً من المؤمنين ، يقع على رأس هذه الأصناف :

﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ ﴾

( سورة البقرة الآية : 222 )

المؤمن عنده شهوة ، وعنده عقل ، أحياناً تغلبه نفسه ، أحياناً تغيب عنه الحقيقة ، أحياناً يضعف أمام شهوة ، تزل قدمه ، لو أن الإنسان إذا اخطأ ألغي من عداد المؤمنين لهلك الناس جميعاً ، لكن من رحمة الله الكبرى بنا أن الإنسان إذا أخطأ فتح الله له باب التوبة لذلك :

(( عبدي لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم جئتني تائباً غفرتها لك ولا أبالي ))

[ ورد في الأثر ]

(( لله أفرح بتوبة عبده من الضال الواجد ، والعقيم الوالد ، والظمآن الوارد ))

[ذكره السيوطي في الجامع الصغير عن أنس]

رحمة الله عز وجل فوق كل ذنب :

بل إن هناك مشهداً سريعاً وصفه النبي عليه الصلاة والسلام أراد أن يبين لنا فرح الله وهو يفرح بشكل يليق بكماله 

بتوبة عبده المؤمن

ذكر أن أعرابياً يركب ناقته وعليها طعامه وشرابه ، جلس ليستريح أخذته سِنة من النوم ، استيقظ فلم يجد الناقة ، ومعلوم أن إنساناً في الصحراء إذا فقد ناقته موته يقيني بل مئة بالمئة ، أيقن بالهلاك بدأ يبكي ، ثم يبكي ثم يبكي ، فأخذته سنة نوم ثانية ، فاستيقظ فرأى الناقة ، من شدة فرحه نطق بكلمة الكفر قال : يا رب أنا ربك وأنت عبدي ، من شدة فرحه ، فقال عليه الصلاة والسلام : لله أفرح بتوبة عبده من هذا البدوي بناقته .
والله عز وجل يقول :

﴿ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ ﴾

( سورة النساء الآية : 27 )

ينتظركم ، ينتظر توبتكم ، ليرحمكم ، ليغفر لكم ما كان منكم ، الله عز وجل رحمته فوق كل ذنب .

﴿ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً ﴾

( سورة الزمر الآية : 53 )

﴿ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ﴾

( سورة الأعراف الآية : 156 )

المذنب شيء ، ورحمة الله تسع كل شيء .

 

الله يحب التوابين لأن التواب حقق الهدف الذي خُلق له :

إذاً الله يحب التوابين ، لماذا ؟ لأن هذا التواب حقق الهدف الذي خلق له ، وهو أن يسعده ، في جنة عرضها السماوات والأرض .
تماماً كأم أعدت طعاماً نفيساً جداً ، فجاء ابنها من المدرسة ، وأكل أخشن الطعام ، غضبت منه ، أعددت لك هذا الطعام ! لمَ تأكل هذا الطعام ؟ .
فالله عز وجل تواب رحيم ، لذلك

﴿ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ ﴾

﴿ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً ﴾

( سورة النساء )

من هنا أحب الله التوابين ، لماذا ؟ لأنهم حققوا الهدف من وجودهم ، وهو أن يسعدهم الله بقربه ، لأن الله يحب عباده جميعاً ، فالعبد الذي انتفع من معرفته بالله ، وانتفع من عطاء الله ، هذا يجعل الإله العظيم يفرح ، والله عز وجل كما قلت قبل قليل : له فرح يليق بكماله ، وبجلاله .
لذلك

﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ ﴾

يحب كل تواب .
الأستاذ جميل :
فضيلة الدكتور ،

﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾

من طهره الله عز وجل من أمراض النفس كان مؤمناً متواضعاً معطاء :

الدكتور راتب :
لأن التوبة في الأساس تطهير النفس من أدرانها ، الذنب كأنه منطقة متقرحة بالإنسان

فحينما يتوب الإنسان شفي من أمراضه ، البعد عن الله مرض ، الحقد مرض ، البخل مرض ، المكر مرض ، الكبر مرض ، هذه أمراض أدران النفس ، فالذي طهره الله من هذه الأدران كان مؤمناً ، متواضعاً ، رحيماً ، منصفاً ، معطاءً ، محسناً ، فأمراض النفس مشكلتها أن فعلها يبدأ بعد الموت ، ويشقى بها الإنسان إلى أبد الآبدين ، أما أمراض الجسد مهما تكن وبيلة تنتهي بالموت ، أما أمراض النفس تبدأ بعد الموت ، لذلك قال تعالى :

﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾

( سورة الشعراء )

فالله عز وجل

﴿ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾

المتطهر الذي نقى نفسه من الشرك ، من المعصية ، من الكبر ، من العجب ، من الإساءة ، من سوء الظن بالله عز وجل ، من الإيقاع بين الناس ، هذا شأن التائب عند الله ، إنسان طاهر أحبه الله ، وأحبه الناس .
الأستاذ جميل :
من ري القلوب ، فضيلة دكتور ، إلى معرفة العقول ، فلنعش معاً تفكر ساعة .

 

من تعرف إلى الله عز وجل ازداد قرباً منه و طاعة له :

الدكتور راتب :
الحقيقة الإنسان لما يتعرف إلى الله يزداد قرباً منه ، يزداد طاعة له ، يزداد خشوعاً له ، فالعلاقة بين غذاء العقل ، وغذاء القلب ، أن الإنسان إذا عرف الله انعكست هذه المعرفة طاعة له ، وإتقاناً لعباداته ، واتصالاً به ، واستعاذة به ، وتوكلاً عليه ، من هنا الإنسان كلٌ متكامل ، هو عقل يدرك ، وقلب يحب ، وغذاء العقل العلم ، وغذاء القلب الحب .
أستاذ جميل ، بالقرآن آية كريمة حيرت المفسرين ، الآية :

﴿ وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ﴾

( سورة الحج )

والعرب تعد السنة القمرية ، في مؤتمر الإعجاز الخامس الذي عقد في موسكو ألقيت محاضرة تزيد عن ثمانين صفحة عندي أصلها ، تؤكد أن هذه الآية التي حار الناس في فهمها تنطوي فيها أحدث نظرية جاء بها أينشتاين ، النظرية النسبية ، التي بدلت مفاهيم الفيزياء في العلم .

 

إعجاز القرآن الكريم دليل على أنه كلام الله تعالى :


هذه النظرية أكدت أن السرعة المطلقة في الكون هي سرعة الضوء ، فلذلك وجد أن القمر يدور دورة حول الأرض كل شهر ، نحن لو أخذنا مركز الأرض ومركز القمر ، ووصلنا بينهما بخط ، هذا الخط هو نصف قطر الدائرة التي هي مسار القمر حول الأرض ، نعرف هذا نصف القطر من نصف قطر الأرض مع نصف قطر القمر ، مع المسافة بين الأرض والقمر ، طالب بالصف السابع يحسب هذه المسافة ، هذا نصف القطر ضرب اثنين ، ضرب البي 3,14 ، المحيط ، أيضاً بحساب بسيط نحسب كم محيط هذه الدائرة التي هي مسار القمر حول الأرض ، في 12 شهراً ضرب 12 ، في ألف عام ضرب ألف ، نحن معنا رقم كبير جداً هو المسافة التي يقطعها القمر في رحلته حول الأرض في ألف عام

﴿ وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ﴾

حينما نأخذ هذا الرقم الكبير ، المسافة التي يقطعها القمر في رحلته حول الأرض في ألف عام ضرب 12 ، ضرب ألف ، هذا الرقم لو قسمناه على ثواني اليوم ، لكانت المفاجأة الصاعقة ، الجواب سرعة الضوء الدقيقة 652 299 كم في الثانية ، من تقسيم المسافة التي يقطعها القمر في رحلته حول الأرض في ألف عام على ثواني اليوم تكون سرعة الضوء .
لذلك

﴿ وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ﴾

يعني ما يقطعه القمر في رحلته حول الأرض في ألف عام يقطعه الضوء في يوم واحد ، اكتشفت سرعة الضوء الدقيقة نحن نقول ثلاثمئة ألف كم هذه سرعة تقريبية ، أما الدقيقة 652 299 كم .
فلذلك نظرية أينشتاين التي قلبت مفاهيم الفيزياء مدرجة في آية لا تزيد عن سطر واحد ، هذا من إعجاز القرآن الكريم ، هذا من أدلة أن هذا القرآن كلام الله ، وأن هذا القرآن يؤكد أن الذي خلق الأكوان هو الذي أنزله .
الأستاذ جميل :
جزاكم الله خيراً فضيلة الدكتور وأحسن إليكم ، مشاهدينا الأعزاء نودعكم على أمل اللقاء ، نستودعكم الله . 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور