وضع داكن
07-10-2024
Logo
الإسلام منهج حياة - الندوة : 07 - علاقة الإنسان بأسرته 1 ، وصف الأسرة في القرآن الكريم
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

  السلام عليكم ورحمة الله ، أيها الأخوة والأخوات أهلاً بكم في حلقة جديدة في برنامج الإسلام منهج حياة .
 وأرحب بضيفنا فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي ـ حفظه الله ـ الداعية الإسلامي.
الأستاذ جميل :
 فضيلة الدكتور ، لعل الأسرة تكون من أهم المحطات في الحياة ، التي بنجاحها تثمر نجاح المجتمع ، وبفشلها تورث المجتمع طامة كبرى ، في القرآن الكريم وصف الله سبحانه وتعالى الأسرة بأنها آية :

 

﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً ﴾

( سورة الروم الآية : 21 )

 لماذا هذا التوصيف وما الذي يستفاد منه ؟.

 

النجاح لا يكون نجاحاً إلا إذا كان نجاحاً شمولياً :

الدكتور راتب :
أستاذ جميل ، بادئ ذي بدء نحن في هذا البرنامج اخترنا محطات خمس ، المحطة الأولى علاقة الإنسان بربه ، وما وسائل تمتين هذه العلاقة ؟
 والمحطة الثانية علاقته بأسرته وأولاده ، وهي محطة مهمة جداً .
 والمحطة الثالثة علاقته بمن حوله من أصدقاء ، من جيران ، من أقارب ، من زملاء ، من الناس عامة .
 والمحطة الرابعة علاقته بعمله الذي يرتزق منه .
 والمحطة الخامسة علاقته بصحته .
 وننطلق في هذا البرنامج إن شاء الله من حقيقة أساسية وهي أن النجاح لا يكون نجاحاً إلا إذا كان نجاحاً شمولياً ، أما النجاح في حقل واحد من هذه الحقول ، أو في إحدى هذه المحطات لا يعد نجاحاً .
 فبعد أن أمضينا حلقات عدة في الحديث عن علاقة الإنسان بربه ، اليوم ننتقل إلى علاقته بأهله ، بزوجته وأولاده .

الكون بكل عظمته اللامتناهية آية دالة على عظمة الله :

 الحقيقة الدقيقة أن الله عزّ وجل حينما قال :

﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ ﴾

الآية العلامة الدالة على عظمة الله ، كما أن الكون بسماواته وأرضه من آيات الله على عظمته .

 

﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾

( سورة الشورى الآية : 29 )

 وهو الكون . 

﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ﴾

( سورة فصلت الآية : 37 )

 الآن لا بد من تعليق ، أن العطف في اللغة يقتضي التقارب ، أنت لا تقول: اشترت بيتاً وملعقة ، ينبغي أن تقول : اشتريت بيتاً ومركبة ، بيتاً وأرضاً ، مزرعة ومركبة، لابد في العطف من التناسق والتقارب ، فإذا قال الله عز وجل :

﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ ﴾

 الدالة على عظمته الكون بأكمله ،

﴿ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾

﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ ﴾

 من آياته الشمس والقمر ، الآن ندقق ،

﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ ﴾

 العطف : 

﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ﴾

( سورة الروم الآية : 21 )

 كما أن الكون بكل عظمته اللامتناهية يعد آية دالة على عظمة الله ، كذلك نظام الزوجية ، وما ركب الله الذكر والأنثى من خصائص متكاملة وليست متشابهة .

 

﴿ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى ﴾

( سورة آل عمران الآية : 36 )

 متكاملة .

 

التصميم الإلهي الرائع للذكر والأنثى :

 كيف أن هذا التصميم الرائع الإلهي للذكر والأنثى ، فالذكر له خصائص جسمية ، ونفسية ، واجتماعية ، وفكرية ، وقيادية ، والأنثى لها خصائص رائعة جداً جسمية ، ونفسية، واجتماعية ، وقيادية ، هذه الخصائص تؤكد قوله تعالى :

﴿ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى ﴾

 إنهما متكاملان وليسا متشابهين ، فروق كبيرة جداً ، لأن صفات المرأة التي تتميز بها كمال مطلق للمهمة التي أنيطت بها ، وصفات الرجل التي يتميز بها كمال مطلق للمهمة التي أنيطت به .
 فمن آيات الله الدالة على عظمته ، وعلى حكمته ، وعلى علمه ، وعلى قدرته الذكر والأنثى

﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ ﴾

 كما أن الكون من آياته ، كما أن الشمس من آياته ، والقمر من آياته ، كما أن النجوم من آياته ،

﴿ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ﴾

 هذه الآية التي هي أصل في الزواج كلمات دقيقة تعد مراكز ثقل في الآية ،

﴿ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ ﴾

 المرأة مساوية للرجل تماماً في التكليف ، مكلفة كما هو مكلف ، مشرفة كما هو مشرف ، مسؤولة كما هو مسؤول .

 

﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ ﴾

 مكلفة بأركان الإسلام ، مكلفة بأركان الإيمان ، مكلفة برعاية الزوج والأولاد ، مسؤولة عن كل ذلك ، كذلك الزوج . 

﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ ﴾

 إنها ترقى كما ترقى ، وتسمو كما يسمو ، وتصيب كما تصيب ، وتخطئ كما تخطئ ، وتحب كما تحب ، وتكره كما تكره 

﴿ مِنْ أَنْفُسِكُمْ ﴾

 من جبلتكم ، من خصائصكم ، ولكن بخصائص تتميز بها عنك أيها الرجل كي تميل إليها ، وتتميز بخصائصك عنها كي تميل إليك .

 

المودة والرحمة بين الزوجين من خلق الله عزّ وجل :

﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا ﴾

 ما السكنى ؟ الرجل له خصائص ، إنه يكمل نقصه الانفعالي والعاطفي بزوجته ، والزوجة لها خصائص لكنها تكمل نقصها القيادي بزوجها ، إذاً يسكن إليها ، وتسكن إليه ، يميل إليها ، وتميل إليه ، يحبها وتحبه ، هذه من تصميم الخالق العظيم . 

﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ ﴾

الدالة على عظمته ، 

﴿ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ ﴾

 أي المودة والرحمة بين الزوجين من خلق الله عز وجل ، هكذا أراد الله .

 

﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ﴾

 ولكن في هذه الآية ملمح دقيق جداً ، فالزوج حينما يرى زوجته ملء عينه ، ملء سمعه ، ملء بصره ، جمالاً ، وكمالاً ، ورقةً ، ووفاء ، وطاعة يحبها ، والحب حالة داخلية ، شعور داخلي يعبر عنه بالمودة ، فابتسامته مودة ، وإحساسه حب ، هديته لها مودة ، عطفه عليها مودة ، معاونتها مودة . 

﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً ﴾

 والزوجة حينما ترى زوجها ملء سمعها وبصرها ، شاب رائع ، كريم ، ذو مبادئ ، يحبها ، يدافع عنها ، يحميها ، تحبه ، تحبه حباً جماً ، فهو ملء سمعها وبصرها ، لذلك تميل إليه وتسكن إليه ، وتكمل نقصها القيادي به .
إذاً هذا معنى قوله تعالى :

 

﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً ﴾

أعظم ما في الزواج الإسلامي أن الله بين الزوجين:

 لكن الملمح الرائعة في كلمة

﴿ وَرَحْمَةً ﴾

 أحياناً يفتقر الزوج ، أحياناً تمرض الزوجة ، هذه المؤسسة أقدس مؤسسة في حياة البشر ، دعمتها شرائع السماء ، هذه المؤسسة إذاً وجدت لتبقى ، فلذلك ينبغي أن تبقى بالمودة فإن لم تكن بالرحمة ، كم من رجل افتقر فعملت زوجته عملاً شاقاً لإطعامه ، وكم من زوجة مرضت فاعتنى بها زوجها حتى آخر لحظة ، هذا من عظمة الإسلام ، أعظم ما في الزواج الإسلامي أن الله بين الزوجين ، يتقرب إلى الله بخدمتها ، وتتقرب إلى الله بخدمته ، ويخاف الله أن يظلمها ، وتخاف الله أن تظلمه ، الكلمة الدقيقة الجامعة المانعة أن الله بين الزوجين .
 هذا معنى قوله تعالى :

﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً ﴾

الأستاذ جميل :
 إذاً فضيلة الدكتور ليس من الضروري أن يكون الحب من البداية حتى النهاية في هذه المؤسسة ، لأن الشائع بين الناس أن الحب متى غادر الأسرة فهي أسرة فاشلة .
الدكتور راتب :
 ما كل علاقة تبنى على الحب أصلاً ، تبنى على المصلحة أحياناً .
الأستاذ جميل :
 سبحان الله ! دكتور ما التوجيهات القرآنية التي تحافظ على المثالية الأسرية ولاسيما عندما يكون العهد بين زوجين ؟

 

التوجيهات القرآنية التي تحافظ على المثالية الأسرية :

الدكتور راتب :
 الحقيقة أنا أنطلق من حديث رائع :

(( ما تَوَادَّ اثْنَانِ فَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا إِلَّا بِذَنْبٍ يُحْدِثُهُ أَحَدُهُمَا))

[ أحمد عن ابن عمر]

 أنا أنصح الزوج والزوجة أن يستقيما على أمر الله ، لقاءهما حتمي ، المحبة تتنامى ما دام في طاعة الله ، فإذا عصى أحدهما ربه فهناك مشكلة ، فلذلك قال تعالى : 

﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾

( سورة النساء الآية : 19 )

 ومن أجمل ما قاله العلماء : " ليست المعاشرة بالمعروف أن تمتنع عن إيقاع الأذى بها بل أن تتحمل الأذى منها ".
 فلذلك عندما يستقيم الزوج على أمر الله ، وتستقيم هي على أمر الله ، يكون الحب والمودة التي هي من خلق الله عز وجل بينهما ، هذه الحقيقة ، لكن إذا بني الزواج على طاعة الله تولى الله في عليائه التوفيق بين الزوجين ، أما إذا بني على معصية الله يتولى الشيطان التفريق بينهما .

 

خاتمة و توديع :

الأستاذ جميل :
 جزاكم الله خيراً فضيلة الدكتور ، من أجمل الكلمات أن الله سبحانه وتعالى بين الزوجين ، جزاكم الله خيراً وأحسن إليكم .
 شكراً لكم مشاهدينا نراكم بخير إن شاء الله .

 السلام عليكم ورحمة الله .

الاستماع للدرس

00:00/00:00

نص الزوار

إخفاء الصور