وضع داكن
20-04-2024
Logo
تربية الأولاد إصدار 1994 - الدرس : 47 - وسائل تربية الأولاد -17- التربية بالتحذير -3- التحذير من اللهو الحرام
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
 أيها الأخوة الكرام، لا زلنا في تربية الأولاد في الإسلام، ولا زلنا في القسم الثاني أي في الوسائل الفعالة لتربية الأولاد، ولا زلنا في قسم التحذيرات.

اللهو المباح واللهو المحرم:

 موضوع درس اليوم التحذير من اللهو المحرم، وكلمة لهو محرم تعني أن هناك لهواً بريئاً مباحاً، فكان عليه الصلاة والسلام يمزح ولا يمزح إلا حقاً، جو المؤمن مرح، المؤمن يحب الدعابة أحياناً، هذا من منهج الله عز وجل.

(( روحوا القلوب ساعة وساعة فإنها إن كلت عميت ))

[ رواه الديلمي عن أنس ]

   ألوان لا تعد ولا تحصى من اللهو المباح، أن يجلس الإنسان مع أهله ومع أولاده ويتجاذبون أطراف الحديث هذا من اللهو المباح، أن تكون هناك مسابقة علمية أدبية ودينية، وفي القرآن الكريم، وفي الحديث الشريف، أن تكون هناك مسابقات في شؤون العلم هذا كله لهو مباح، أن يمارس الإنسان ألوان الرياضة، مباحة لتقوية جسمه ما من شيء حرمه الله عز وجل، وأقول كلاماً دقيقاً، ما من شيء حرمه الله عز وجل إلا وله بديل، الحقيقة الدقيقة أنه ليس في الإسلام حرمان إطلاقاً، في الإسلام نظافة، في الإسلام نظام، في الإسلام رقي، في الإسلام حياة للقلب، وحياة للروح، وحياة للعقل، وحياة للجسم، أما الذين قصروا اهتمامهم على الجسم فقط هؤلاء ضلوا سواء السبيل، العالم الغربي لا يحفل إلا بالعناية بالجسد، أمَّن له كل ما يريحه، ولكن غفل عن نفسه، فكانت أعلى نسبة انتحار في العالم في أعلى بلد يتمتع بأعلى دخلٍ لمواطنيه، الدنيا تغر وتضر وتمر.
 الحقيقة موضوع درس اليوم التحذير من اللهو الحرام، وقد تشتد الحاجة إلى هذا الدرس في آخر الزمان، لأن معظم اللهو حرام، لأن معظم اللهو قائم على المرأة التي لا تحل لك، لأن معظم اللهو قائم على لعب حرمه النبي عليه الصلاة والسلام، لأن معظم اللهو قائم على جلسات فيها غيبة ونميمة ولا ترضي الله عز وجل، مثلاً من اللهو المحرم اللعب بالنرد، وقد تجد أسراً إسلامية وترتاد بيوت الله عز وجل ويمضون الساعات الطوال وقد يبقون يلعبون إلى منتصف الليل بالنرد، وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح:

 

(( مَنْ لَعِبَ بِالنّرْدَشِيرِ ـ أي بالزهر ـ فَكَأَنّمَا صَبَغَ يَدَهُ فِي لَحْمِ خِنْزِيرٍ وَدَمِهِ ))

 

[ مسلمٌ ‏عَنْ ‏‏سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ ]

من صفات المؤمن أنه يحافظ على وقته:

 هناك فكره دقيقة جداً متعلقة باللعب، يعني إنسان عنده مكتبة غنية جداً، وعنده امتحان بعد يومين، وفي هذه المكتبة الكتاب المقرر، ويبنى على امتحانه نجاحه، وعلى نجاحه تعينه في وظيفة عالية الدخل، وفي تعينه في وظيفة عالية الدخل زواجه، فهل يعقل أن يمسك كتاباً غير الكتاب المقرر ؟ مستحيل، لو قرأ كتاباً علمياً غير الكتاب المقرر يعد مخطئاً، لو قرأ قصة أدبية غير الكتاب المقرر يعد مخطئاً، لو فعل أي شيء في هذا الوقت الحرج ولم يقرأ الكتاب المقرر يعد مخطئاً، فكيف إذا فعل شيئاً سيئاً ؟ لو قرأ كتاباً أدبياً، لو قرأ قصة، مسرحية، ديوان شعر لو قرأ كتاباً في العلوم ولم يقرأ الكتاب المقرر يعد مخطئاً، فكيف إذا فعل شيئاً يحاسب عليه، ويعاقب عليه، ويحجب عن الله به ؟!!
 أيها الأخوة، قضية اللعب، هذا الذي غفل عن سر وجوده وغاية وجوده، غفل لماذا خلقه الله عز وجل، سبحان الله من أعجب العجب أن تجد إنساناً ما عنده شيء يفعله.
 مر أحد علماء الشام الكبار بمقهى فرأى رواده يلعبون النرد فقال: يا سبحان الله، لو أن الوقت يُشتَرى من هؤلاء لاشتريناه منهم، الوقت هو أنت، كلما انقضى يوم انقضى بضع منك، الوقت هو رأس مالك الوحيد، الوقت هو أثمن شيء تملكه، وجه التحريم في هذا اللهو أنه يستهلك الوقت من دون فائدة، أرأيت إلى الذين نالوا الدرجات الأولى في الامتحانات، لو سألتهم لوجدت أهم صفة من صفاتهم أنهم حافظوا على أوقاتهم، وأهم صفة من صفات المؤمن أنه يحافظ على وقته، وأشهد الله أن المؤمن الصادق يشعر أنه بحاجة أن يكون النهار سبعين ساعة، ليحقق ما في ذهنه من أعمال، هذا هو الوقت، فاللعب بالنرد فضلاً عن أنه يثير الشحناء والبغضاء، وقد ينقلب إلى قمار أول ما فيه استهلاك تافه للوقت.
 كنت أضرب مثلاً في طرفة، طالب امتحانه الساعة الثامنة صباحاً والمادة رياضيات، ويحتاج إلى أن يستغل كل دقيقة، لو اشتهى أن يأكل شطيرة طعام في طرف المدينة الآخر، وركب أول سيارة، وثاني سيارة، وانتظر في الدور حوالي ربع ساعة أو نصف ساعة، وعاد في نصف ساعة، ضيَّع ساعتين، بميزان الشرع ما فعل شيئاً، اشترى طعاماً وأكله، والطعام حلال بمال حلال، لكن لأنه استهلك ساعتين وهو في أمس الحاجة إلى دقيقة يعد هذا العمل خطأ كبيراً.

إدارة الوقت علم:

 

 قضية اللهو، عندما تعرف لماذا أنت موجود في الدنيا تحافظ على وقتك، لذلك مرةً ألقيت خطبة إذاعية عنوانها إدارة الوقت، يعني ما في بالمئة شخص واحد يحسن إدارة وقته، يحسن استغلال وقته، إدارة الوقت علم، سمعت عن برنامج كمبيوتري للمهندسين، إن أردت أن تنشئ بناء، الأمور مرتبة بالبرنامج ترتيباً بأنه لا تضيع منك ساعة، محسوب مدة جفاف الأسمنت، في أثناء الجفاف ماذا يمكنك أن تفعل بالبناء ؟ مبرمج الأمر بدرجة أنه تستطيع أن تستغل كل دقيقة لإنشاء البناء، هذا برنامج، لذلك إدارة الوقت مهمة جداً، لأنك وقت، ولأن الوقت يستهلكك، ولأنك خاسر لا محالة إن لم تستثمر الوقت، الوقت يُستَهلك ويُستَثمر، فاللعب بالنرد يقاس عليه اللعب بالشدة، يقاس عليه اللعب بالبرسيس، يقاس عليه أي لعب فيه حظ، يوجد فتوى ليست قوية للإمام الشافعي حول الشطرنج لكن الأولى ألا تستهلك الوقت إلا فيما خلقت له، كلامي لا يعني أن تبتعد عن كل ما هو ممتع، هناك أصناف من اللهو محللة، والله أيها الأخوة أنا برأيي الشخصي لا أجد أجمل من جلسة مع أخ مؤمن في مذاكرة للعلم، مذاكرة العلم ممتعة جداً، هواية، ما من هواية أجمل منها، مذاكرة العلم، أخ تحبه ويحبك تجلس معه، تنتفع بأفكاره وينتفع بأفكارك، مع شيء من الطرفة، مع شيء من المزاح الحق، شيء من الوداعة، شيء من الابتسامة، طبعاً الأصل في هذا أن النبي عليه الصلاة والسلام يقول:

(( اغتنم خمساً قبل خمس ؛ شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك ))

[متفق عليه عن ابن عباس ]

  من باب التحذيرات أن توجه ابنك أو طالبك أو أخاك الذي في المسجد، أنا أتوجه بكلامي إلى الأب لأنه المربي الأول، أو إلى المعلم، أو إلى المرشد في المسجد، يعني أماكن التعليم البيت والمدرسة والمسجد هذه مظنة التعليم الديني، يقول عليه الصلاة والسلام:

 

(( كل ميسر لما خلق له ))

 

[ متفق عليه عن عمران بن الحصين]

الاستماع إلى الأغاني والموسيقا يثير كوامن الغريزة والشهوة:

 أنت هل تعلم لماذا خلقت ؟ يعني تصور إنساناً في باريس أمامه خيارات أن يفعل مليون عمل، قد يذهب إلى السينما، أو إلى مسرح، أو إلى دار لهو، أو إلى نادٍ ليلي، أو إلى مكتبة، أو إلى جامعة، أو إلى صديق، أو إلى نزهة بحرية، أو إلى نزهة في الغابة، لو كان أمامه مئة خيار في خيار واحد يتوافق مع سر وجوده في باريس، إن كان طالب علم في عنده خيار واحد أن يذهب إلى الجامعة، أو إلى المكتبة، أو أن يجلس مع صديق يتقن اللغة الفرنسية كي يتدرب في الحديث معه على التمكن من هذه اللغة.
 الاستماع إلى الأغاني والموسيقا قال هذا يثير كوامن الغريزة والشهوة، طبعاً أكثر الغناء فيه وصف للمرأة، وصف للعلاقة بين العاشق والمعشوق، فيه إثارة للغرائز والشهوات، يقول عليه الصلاة والسلام:

(( إذا فعلت أمتي خمس عشرة خصلة حل بها البلاء ))

[ أخرجه الترمذي عن علي ]

  ألستم بحاجة إلى تحليل ما نحن فيه، التحليل مهم جداً، ما نحن فيه لا يخفى على أحد، ما نحن فيه من مشكلات، من أوضاع مؤلمة جداً لا يخفى على أحد لكن أين بطولتك ؟ في التحليل، يقول عليه الصلاة والسلام:

 

(( إذا فعلت أمتي خمس عشرة خصلة حل بها البلاء: إذا كان المغنم دولاً، والأمانة مغنماً، والزكاة مغرماً، وأطاع الرجل زوجته، وعق أمه، وبر صديقه، وجفا أباه، وارتفعت الأصوات في المساجد، وكان زعيم القوم أرذلهم، وأكرم الرجل مخافة شره، وشربت الخمور، ولبس الحرير، واتخذت القينات ـ المغنيات ـ والمعازف، ولعن آخر هذه الأمة أولها ؛ فليرتقبوا عند ذلك ريحاً حمراء، أو خسفاً، أو مسخاً ))

 

[ أخرجه الترمذي عن علي ]

  لست في معرض شرح هذا الحديث، إلا في فقرة واحدة منه " واتخذت القينات والمعازف " أحد أسباب أن يحيق بالأمة غضب الله عز وجل " واتخذت القينات والمعازف " وسوق المغنين رائجة جداً الآن، ما من مقصف إلا ويحتاج إلى مغنٍّ وراقصة، ما من مقصف تحت سمع الناس وبصرهم، مع الإعلانات الصارخة عند مداخل هذه الدور، أو هذه الأماكن.

 

مستحيل أن يجمع في جوف الرجل قرآن وغناء:

 

 كلما قل ماء الحياء قل ماء السماء، ويقول عليه الصلاة والسلام:

(( يمسخ قوم من أمتي في آخر الزمان قردة وخنازير، قيل: يا رسول الله ! ويشهدون أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ويصومون ؟ قال: نعم، قيل: فما بالهم يا رسول الله ؟ قال: يتخذون المعازف والقينات والدفوف ويشربون الأشربة، فباتوا على شربهم ولهوهم فأصبحوا وقد مسخوا قردة وخنازير ))

[ أخرجه أبي نعيم في الحلية عن أبي هريرة ]

  يعني إن أردت أن تفهم هذا الحديث فهماً واقعياً، يقول لك واحد فلان وجهه كالقرد، شهواني، مادي، لئيم، قاسٍ، حاقد، آماله كلها في طعامه وشرابه، فقد يمسخ الإنسان قرداً حقيقةً، وقد يمسخ قرداً مجازاً بمعنى أن طباعه طباع قرد، طبعاً حديثان يقسمان الظهر، حينما ترى مؤمناً يستمع إلى الغناء ويطرب له، وله أغنياته المفضلة، فهذا خلل كبير في إيمانه.

 

(( ليس منا من لم يتغن بالقرآن ))

 

[البخاري عن أبي هريرة ]

  مستحيل وألف ألف مستحيل أن يجمع في جوف الرجل قرآن وغناء، يجب أن تختار، والله الذي لا إله إلا هو ولا أحنث بيميني أن أشد الناس في الدنيا استمتاعاً بالأغاني لا يرقون إلى طرب مؤمن بكتاب الله، هذا الكتاب كلام خالق الكون، كلام معجز، قراءته عبادة، فإذا سمح الله لك أن يلقي عليك السكينة في أثناء قراءته تشعر أنك في حال غير حال الناس، يعني لو أن المرأة أذنت لحرم عليها ذلك لأن صوتها عورة، أذنت لم تقل أحبك وتحبني، لا، لو لم تقل أحبك، لو أنها أذنت لكان أذانها محرماً لأن صوتها عورة، لكن لها أن تشتري من إنسان، كلام عادي بكم هذه السلعة ؟ بكذا، أعطني إياها وخذ الثمن، هذا كلام ليس محرماً، أما حينما تُحَسِّن المرأة صوتها لتنتزع إعجاب الناس فهذا شيء محرماً قولاً واحداً، لأن الصوت ينقلك إلى شيء آخر.

 

ليس هناك ما يحرم أن تنظر إلى مسحة جمال أودعها الله في شيء:

 

 هناك ملاحظة ينبغي أن تكون واضحة لديكم، ليس هناك ما يحرم أن تستمتع بمنظر وردة أبداً، لو أنك تأملتها ملياً ساعات وساعات، لو أنك نظرت إلى جبل أخضر، أو إلى ساحل بحر، أو إلى باقة ورد، أو إلى وجه صبي صغير، يعني ليس هناك ما يحرم أن تنظر إلى مسحة جمال أودعها الله في شيء، إلا أنك إذا نظرت إلى امرأة في شيء آخر يحدث تبدل في كيمياء دمك، هذا التبدل يدفعك إلى شيء، والشيء إلى شيء، وقد تنتهي هذه الأشياء بالفاحشة، النظر إلى المرأة فيه قوة جذب، وقد ركب فيك حب المرأة:

﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ (14) ﴾

(سورة آل عمران)

  معنى ذلك أن الله الذي ركب محبة المرأة في قلوب الرجال هو الذي أمرهم بغض البصر، هو الذي أمرهم بالابتعاد عن أسباب الزنى، هو الذي أمرهم أن يدعوا بينهم وبين المحرمات هامش أمان كبير، فلذلك صوت المرأة في الغناء عورة، وهذا الصوت قد يعطي تصوراً لصاحبة الصوت على غير ما هي عليه، أحياناً في أسماء جمالية تعطي الإنسان رغبة أن يرى صاحبة هذا الاسم، وقد تكون دميمة، لكن في كلمات "سحر" مثلاً، هناك كلمات جمالية لو أنك تأملتها لتصورت أن صاحبتها تسحر الناس، هي تنفرهم أحياناً، فالأسماء لها أثر أحياناً، والصوت له أثر، في أحد الشعراء وصف مغنياً لكنه مغنّ سيئجداً، قال:

 

عواء كلب على أوتار مندفة في قبح قرد وفي اسـتكبار هامان
وتحسب العين فكيه إذا اختلافا عند التنغم فكي بغل طـــحان

***

 أحد الأخوة الدعاة ـ كنا في الحج مرة وقد ركب إلى جانبي ـ قال لي: هناك منشد لا ينشد إلا بدرهم، ولا يسكت إلا بدينار.
 الآن لو أن رجلاً مدح رسول الله، لا شيء عليه، وكان شجي الصوت، هذا مباح، لو أن رجلاً ابتهل إلى الله بأنغام عذبة لا شيء عليه أبداً، لو أن قارئ قرآنٍ أشجاك صوته بتلاوته وأعطاك من أداء القرآن ما يلفت النظر، لا يوجد مشكلة أبداً.

الإحساس بالجوع يبدأ من الداخل أما إثارة الشهوة الجنسية يبدأ من الخارج:

 المشكلة أن المرأة صوتها محرم، الرجل بموضوع يثير الغرائز محرم، رجل بموضوع يثير القسم الأعلى من الإنسان مباح، في كلمة لبعض الأدباء أنه إذا حركت القصة أو القصيدة مشاعرك العليا حب الفضيلة، حب التضحية، حب البطولة، الرغبة في معرفة الحقيقة، يعني خدمة المجتمع، أحياناً تقرأ قصة أو تقرأ قصيدة تشعر أنك تحب أن تكون بطلاً، تقول هذا الأدب حرك مشاعرك العليا وتفكيرك المرتفع أنت إذاً أمام فن رفيع، أما إذا لم يحرك إلا المبتذل من مشاعرك، والتافه من تفكيرك، فأنت أمام فن رخيص، وقد أعجبني قول بعضهم أن الأديب أو الشاعر من حقه أن يصور الرذيلة، ممكن، لكن يمكن أن يصورها على نحو نشمئز منها، أما إذا صورها على نحو نعجب بها فإن مجتمعاً بأكمله يسقط، هذا كلام أيضاً دقيق جداً، حينما تكون الأفلام كلها، والأعمال الفنية كلها، والمسارح كلها تركز على تحريك الجانب الأسفل في الإنسان، إثارة غرائزه وتفكيره السطحي المادي فإن مجتمعاً بأكمله يسقط، أما إذا حركت القصة أو القصيدة مشاعرك العليا وتفكيرك المرتفع فأنت أمام فن عظيم، فلذلك الآن الأعمال الفنية هدفها إثارة الغرائز، بل الحقيقة لا تروج إلا بالإثارة.
 حدثني أخ كريم يعمل بالإعلام قال لي: إن لم يكن الفلم مثيراً لا يلقى قبولاً، الإثارة مطلوبة وغاية من كل عمل فني، الإثارة يعني إثارة الغرائز التي تؤدي إلى المعاصي والآثام، يعني مثلاً هذا افتراض ونرجو أن يحقق ذلك لو كنت في مجتمع منضبط، وأنت شاب في مقتبل حياتك، أمامك بناء لمستقبلك، وكان هناك انضباط في الطريق، وانضباط في المجلات، وانضباط في الشاشة، وانضباط في كل شيء، هذه الشهوة لا تثار إلا خارجياً كيف ؟ يعني أنت بغرفة لا تشتهي الشهوة المحرمة أبداً، أما إن كنت بغرفة ولم تأكل لو ما في أي رائحة لطعام، ولا أي صورة لطعام تجوع، يعني أثر الجوع يأتي من الداخل، الإحساس بالجوع يبدأ من الداخل، أما إثارة الشهوة الجنسية من أين يبدأ ؟ من الخارج لذلك:

﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ (30) ﴾

(سورة النور)

 وقال:

 

﴿ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ (31) ﴾

 

(سورة النور)

أعداء المسلمين أول شيء يروجونه أن يشغلوا الناس بالغرائز:

 قال عليه الصلاة والسلام تأكيداً على تحريم المعازف والأغاني:

(( إن الله بعثني رحمة وهدى للعالمين، وأمرني أن أمحق المزامير والكنارات والمعازف والأوثان التي كانت تعبد في الجاهلية ))

[ أخرجه أحمد عن أبي أمامة ]

  والله أحياناً تحس أن أمةً تلهو بأكملها، أمةٌ يحركها الطرب، وتحركها المسلسلات، وهي جالسة تتلقى هذه الموبقات، تلقيت حسناً ماذا فعلت ؟ ماذا قدمت ؟ أحياناً تطور هذه الأجهزة ـ وأسميها أجهزة اللهو ـ هذا التطور الشديد يمكن أن يمتص كل وقتك، ويمكن أن يمنعك أن تفعل شيئاً، لذلك يعني ما من طريقة مثلى في إضعاف أمة، ما من طريقة مثلى في تجميد أمة، ما من قوة مثلى في تعطيل طاقات أمة من أن تغريها باللهو، وأعداء المسلمين أول شيء يروجونه أن يشغلوا الناس بالغرائز، ومرةً قلت في خطبة إذاعية أن الطرف الآخر فيما مضى كانوا يجبروننا بالقوة المسلحة على أن نفعل ما يريدون، أما الآن فلا، الآن يجبروننا بالقوة الناعمة بالمرأة على أن نريد ما يريدون، يعني إنسان من أشد الناس مقاومة للمخدرات، لو بدأ بشم المخدرات بعد أن يألفها قليلاً هو يلهث وراءها تماماً، فالخطورة أن تذيقه طعمها من أجل أن يألفها وأن يلهث وراءها، وهذه خطة خبيثة ماكرة.
 أنتم تعلمون بالأربعينات من وعى ذلك الوقت، إذا شاب ارتاد دار سينما وعلم أبوه بذلك لأقام الدنيا ولم يقعدها، فكيف إذا كان أصبح كل بيت ملهىً ليلياً، كل بيت والدليل على السطح، اصعد إلى جبل قاسيون وانظر إلى بيوت الشام، أنا أختصر وما كل ما يعلم يقال وفهمكم كفاية، الإنسان حينما يتبع شهوته انتهى، لا يقوى على مقاومة نملة، كالخرقة، طبعاً الحديث طويل ومنوع لكن محوره واحد، أية شهوة محرمة إذا سمحت بها ينتهي ابنك وتنتهي ابنتك، وتنتهي القيم، وينتهي التدين، وتنتهي قوة الأمة، وتصبح ضعيفة وأشلاء ليست قادرة على أن تفعل شيئاً، وهذا كيد الشيطان، يعني أي مكان إما مجلة، أو الشاشة، أو الانترنيت، أو جريدة، أو لقاء، أو حديث ماجن كله واحد، المؤدى واحد، أو قرص ليزري، كل شيء يثير غريزة الإنسان هذا ينبغي أن ينتبه الآباء والمربون والموجهون بالمساجد من التساهل فيه، لأن الإنسان فيه غرائز، يعني فيه كمية بارود، الإنسان يحتاج إلى شعلة نار كي ينفجر البارود، طبعاً أغبى الناس وأحقر الناس بإمكانه إشعال هذه المتفجرات، لا تحتاج إلى ذكاء، عمل تخريبي ليس عملاً بنائياً، يعني لو فرضنا أنه في أشياء إباحية، في مجلة، أو في شريط، أو في قرص مدمج، أو في شاشة، أو في انترنيت يعني أي إنسان مهما كان وضيعاً، مهما كان دنيئاً بإمكانه أن يثير الغرائز، كما أنه أي إنسان بإمكانه أن يفجر البارود، البارود في طبيعته الانفجار، يحتاج إلى شرارة، فالغرب كله معني بمحاربة العالم الثالث لا عن طريق القوة المسلحة، بل عن طريق المرأة، في واحد افتتح ملهى ما من موبقة، وما من معصية صارخة، وما من عمل شائن إلا وكان في هذا الملهى، بعد مضي سبعة أيام من افتتاحه مات الذي أسسه، وكل ما يجري فيه الآن من موبقات في صحيفته إلى يوم القيامة، هذه صدقة جارية بالمعنى المعاكس.

 

أعظم عمل ما استمر بعد موت صاحبه:

 

 أخواننا الكرام، أعظم عمل صالح ما كان مستمراً بعد وفاة صاحبه، رجل أسس معهداً شرعياً، ومضى على وفاته عشرون عاماً والمعهد قائم، رجل أسس مسجداً، رجل أسس جامعة، أسس دار أيتام، رجل ألَّف كتاباً نافعاً جداً، أعظم عمل ما استمر بعد موت صاحبه، هذه الصدقة الجارية، وأخطر عمل ما استمر بعد موت صاحبه.
 كنت مرة في لبنان في إذاعة إسلامية فتحت، فإذا في درس تفسير لعالم جليل توفي من سنة، قلت: سبحان الله يمكن أن تبث دروسه لمئة عام قادمة، وينتفع الناس بها، ويرقون إلى الله عز وجل وهو ميت في قبره، وفي مغنون توفوا أيضاً وأغنياتهم تلهب الغرائز وهي يستمع إليها لمئة عام قادمة.
مرة افتتح مسجد وكان إلى جانبي مدير أوقاف، فقلت له: أشكر الله عز وجل على أن مكنك أن تستفتح مسجداً وأن تعين خطيباً بينما هناك أناس يفتتحون ملهى ويعينون راقصة، فرق كبير، إذا أردت أن تعرف مقامك فانظر فيما استعملك، أجمل كلمة إذا أردت أن تعرف مقامك فانظر فيما استعملك، أحياناً يكون الإنسان عمله مشروع كأن يبيع أغذية للناس، يبيع أقمشة، يعلم، يبني بيوتاً، يعالج مرضى، في مهن راقية جداً وشريفة، أساسها خدمة الناس، في مهن أساسها إفساد الناس، أساسها تبنى على إفساد الناس، كملاهٍ، دور اللهو والسينما والمجلات الداعرة، هذه كلها مبنية على إفساد الناس، المواقع الإباحية في الانترنيت أساسها إفساد الناس، فهنيئاً ثم هنيئاً ثم هنيئاً لمن كان عمله في مرضاة الله، بالمناسبة لو فرضنا أننا تمكنا من إذاعة برنامج ديني على الشاشة، وهذا البرنامج يراه الملايين، ما في مانع أبداً، يعني ليس الجهاز حراماً بل ما يعرض فيه هو الحرام، المضمون، إنه إذا غلب عليه أنه يفسد الأخلاق ففي مشكلة الآن، أما نحن لسنا ضد جهاز، في قفزة نوعية في عالم العلم ليس هذا القصد، القصد المضمون، يعني أنا ذكرت من أيام أن العولمة اعتمدت الصورة، مثلاً دولة فيها مئة مليون الذين يقرؤون ويكتبون ثلاثون مليوناً فرضاً، والذين يعنون بمطالعة الكتب من ثلاثين مليوناً عشرة ملايين، والذين يعنون بمطالعة كتب مفيدة مليونان، بلد فيه مئة مليون إذا اعتبرنا التوجيه عن طريق الكلمة المقروءة يستفيد من هذا البلد مليون واحد، أما الصورة بإمكان أي إنسان يراها، متعلم، غير متعلم، رجل، امرأة، كبير في السن، شاب صغير، هذه الصورة لكل الناس، والصورة فيها قوة تعبير ألف كلمة، الآن يمكن أن نطرح قيماً وأن نحطم قيماً عن طريق الصورة، ذكرت هذا في درس سابق يمكن أن ندعم قيماً وأن نحطم قيماً عن طريق الصورة، فالصورة خطيرة جداً، لو أنها استغلت لتركيز القيم الدينية والأخلاقية لكان فعلها فعل السحر، أما إذا استغلت من قبل الطرف الآخر لتحطيم القيم الدينية فلها فعل كفعل المتفجرات، طبعاً الفقرة الثانية في الدرس.

التحرش بالرجال عن طريق الثياب والتحرش بالنساء عن طريق الكلام:

 الفقرة الأولى من الدرس عن النرد وما يشبهه، أي لعب مبني على الحظ هذا محرم، مضيعة للوقت أولاً، وقد يسبب متاعب، مشاحنات، عداوات، وأهم شيء أنه يستهلك الوقت استهلاكاً سخيفاً.
 الفقرة الثانية متعلقة بالمرأة إن كانت في ملهى، أو في دار سينما، أو في قرص مدمج، أو في انترنيت، أو في مجلة، أو في الطريق، أو في بيت، أو في أي مكان، المرأة التي تبرز مفاتنها من أجل لفت النظر إليها هذا اسمه بالمصطلح الجديد تحرش المرأة بالرجل.
 والله حدثني أخ هو عندي صادق، أنه رأى ندوة بمحطة فضائية، شاب في مقتبل العمر طبعاً كان يغتصب الفتيات ويقتل الفتاة بعد اغتصابها، أي عدد كبير يزيد عن عشرين فتاة قتلها، طبعاً قبض عليه وحكم بالإعدام وكان السجن بالقاهرة، فهناك صحفية ملتزمة طلبت من مدير النيابة أن تلتقي به، فكانت هذه المقابلة التي بثتها محطة فضائية، فالذي حدثني عن هذا اللقاء أنها سألته: هل أنت مسلم ؟ قال لها: نعم، قالت: هل تصلي ؟ قال لها: لا، قالت له: لماذا لا تصلي ؟ قال لها: لا أعرف الصلاة، ما علمني أحد كيف أصلي، هل تقرأ القرآن ؟ قال: لا، لماذا ؟ قال: أنا لا أقرأ ولا أكتب أميّ، هل تشهد أنه لا إله إلا الله ؟ قال: ماذا لا إله إلا الله شهادة ! قال: أعيديها، يقسم من شاهد هذه الحلقة أنه حتى أتقن لفظها حوالي الخمس دقائق، كلمة كلِمة، قالت له: لا إله إلا، قال لها: واحدة وَاحدة، حتى أتقنها إله، سُقْت هذا التفصيل لأجل أن تعلموا أن هذا الشاب جهل مطبق، لا يقرأ ولا يكتب، ولا يصلي، ولا يعلم ما الشهادة، فلما سألته: كيف تغتصب هذه الفتيات وتقتلها ؟ فكان جوابه: هن السبب، من ثيابهن، إذاً هن تحرشن بالشباب، قالت له هذه الصحفية: لو أنك رأيت فتاة محجبة ماذا تفعل ؟ قال: والله لو أن أحداً كلمها لقتلته، انظر إلى الفطرة، كتلة جهل، هي السبب، ثيابها تدعوني إليها، أما المحجبة لو أن أحداً كلمها لقتلته، لأنها مقدسة، يعني أجهل الجهلاء، جاهل مجرم، بالفطرة أدرك أن هذه الفتاة بثيابها الفاضحة، وبإغرائها لسان حالها يدعو الناس إلى التحرش بها، فصار التحرش بالرجال عن طريق الثياب، والتحرش بالنساء عن طريق الكلام، تحرش بتحرش.

اللعب بالميسر:

 لا بد من أن ننتقل إلى ما يسمى اللعب بالميسر، قال: هو كل لعب بين فريقين تتحقق الخسارة من فريق والربح من فريق على سبيل المصادفة والحظ.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) ﴾

(سورة المائدة)

 قرأت مرة خبراً أن رجلاً مسلماً من بلد مجاور كان بأمريكة، يملك اثنين ونصف مليون دولار، دخل إلى دار قمار ولعب في ليلة واحدة خسرها كلها، فعاد إلى البيت وأطلق النار على زوجته وخمسة أولاد له، وقال ليغفر الله لي وقتل نفسه.

 

هـو الـداء الذي لا بـرء منه      وليس لذنب صاحبه اغتفار
تشاد له المنازل شاهقــــات      وفي تشييد ساحتها الـدمار
نصيب النازلين بها ســــهاد      وإفلاس فيأس فانتـــحار

***

 الميسر أيضاً يلعبون على خمس ليرات، تبدأ بخمس ليرات، هكذا بداية القمار، بخمس ليرات، ثم يصبح مُقامراً كبيراً، ولا يخفى عليكم بعض أثرياء العالم يخسرون في ليلة واحدة في مونت كارلو أحياناً ملايين الدولارات، خمسين مليون دولار، مئة مليون بليلة واحدة.
 القمار يهدم البيوت العامرة، ويفرغ الجيوب الممتلئة، به تفتقر الأسر الغنية، وتذل النفوس العزيزة، القمار يورث العداوة والبغضاء بين المتلاعبين، لأنهم أكلوا أموالهم بالباطل، القمار يصد عن ذكر الله وعن الصلاة، النبي عليه الصلاة والسلام:

(( مرَّ رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم بقوم يلعبون بالنرد، فقال: قلوب لاهية وأيدٍ عاملة وألْسِنة لاغية ))

[ابن أبي الدنيا عن يحيى بن أبي كثير]

من أضرار القمار:

 القمار آية الإثم، تلتهم الوقت والجهد، وتعَوِّد على الخمول والكسل، حدثني أخ أن البقالية في بعض البلاد الغربية إن لم يكن فيها آلة قمار لا تبيع، بقالية عادية وقمار مع نفسه الإنسان، حدث أحد أصحاب البقاليات في أمريكة أنه جاء رجل ليشتري حليباً لأولاده فلعب القمار فخسر كل أمواله فعاد من دون حليب، جاء ليشتري حليباً طعام أولاده، الآن يضعون بكل بقالية آلة قمار صغيرة، يعني الآن القمار ليس أن اثنين يلعبون، آلة فردية تضع أرقاماً تغير مفاتيح تربح أو تخسر، فشيء مغرٍ، ما في مقامر إلا ونيته أن يربح، ومعظمهم يخسرون، هواية آثمة تلتهم الوقت والجهد.
 القمار يدفع صاحبه إلى الإجرام، شيء غير معقول أن واحداً يخسر ثروته بليلة واحدة بلا سبب، يسمونها المائدة الخضراء، والله كلمة خضراء تضيع بهم، مائدة خضراء، أي خضراء هذه ؟
 القمار أيضاً يعني اليانصيب، نحن بالإسلام عندنا قاعدة عميقة جداً، أي علاقة مالية بين شخصين فيها منفعة متبادلة فهو مشروع، قاعدة أساسية، وأي منفعة بنيت على مضرة فهو محرم، واحد دفع ما أخذ وواحد أخذ ما دفع، أو أخذ مبلغاً كبيراً دفع شيئاً قليلاً، إذا ما في تعويض أو مكافأة في العلاقة المالية فالعلاقة محرمة، إلا أن المسابقات العلمية والعسكرية هذه مسموح بها، مسابقة، نرصد جائزة لمن يجيب عن هذه الأسئلة، قد تكون في القرآن الكريم، قد تكون في العلم، بالفقه، قد تكون بعلوم الدنيا المفيدة، قد تكون بأمور عسكرية، فالمراهنة من جهة ثالثة مشجعة ولتكن هي الدولة هذا لا شيء فيه، أي ليسا اثنين يربح واحد ويخسر واحد، جهة ثالثة، دولة، مركز بحوث فرضاً، جهة علمية، وزارة دفاع، تقيم مسابقة من أجل تنشيط الخبرة العسكرية، مسابقة في الرمي مثلاً، مسابقة في الجري، مسابقة رياضية هذه لا شيء فيها ما دام الدافع جهة ثالثة، أما لو كان اثنين تراهنوا على شيء وأحدهما خسر هذه محرمة، مسابقات الجري هذه مشروعة، المصارعة لتقوية العضلات وإظهار القوة العضلية أيضاً مشروعة.

(( النبي عليه الصلاة والسلام صارع أبا ركانة فصرعه النبي أكثر من مرة، وفي رواية أن النبي عليه الصلاة والسلام صارعه وكان شديداً فقال له: شاة بشاة فصرعه النبي، قال له: عادوني بأخرى فصرعه النبي، قال: عاودني، فصرعه النبي ثالثة، فقال ركانة: شاة أكلها الذئب، وشاة نشزت ـ أي هربت ـ فماذا أقول بالثالثة ؟ فقال النبي عليه الصلاة والسلام: ما كنا لنجمع عليك أن نصرعك ونغرمك، خذ غنمك ))

[أبو داود والترمذي عن عبد الله بن الحارث]

 حتى بالمصارعة كان النبي رقم واحد.

 

ألعاب السهام والحراب والفروسية مشروعة:

 

 مرة قال أحدهم: أين محمد لا نجوت إن نجا، بالقتال، فالصحابة دعوه إلى القتال، قال: لا محالة غلبني، أمسك رمحاً ووكزه فولا هارباً يولول، قال: والله لو بصق علي لقتلني.
 ألعاب السهام والحراب والفروسية أيضاً مشروعة فقد قال عليه الصلاة والسلام:

(( كل شيء ليس من ذكر الله عز وجل فهو لهو أو سهو إلا أربع خصال: مشي الرجل بين الغرضين، وتأديبه فرسه وملاعبته أهله ـ يعني أولاده ـ وتعليم السباحة ))

[ رواه الطبراني عن عبد الله بن أبي رباح ]

  أثر عن عمر رضي الله عنه: "علموا أولادكم السباحة والرماية وأمروهم فليثبوا على ركوب الخيل وثباً ".
 أيها الأخوة الكرام، هذا درس متعلق بتربية الأولاد يحتاج المعلم والآباء والدعاة إلى الله عز وجل، وأعود وأكرر ليس في الإسلام حرمان، الإسلام نظيف يلبي حاجات الإنسان كلها المادية والمعنوية، ولكن الطرف الآخر يريد أن يدنس الإنسان ويغرقه في المعاصي والآثام.
 وأرجو الله سبحانه وتعالى أن تنقلب هذه التوجيهات إلى حقائق يعيشها أبناؤنا، والأبناء كما أقول دائماً هم الورقة الوحيدة الرابحة في أيدينا.
 في أخ جزاه الله خيراً ذكرني أنه بالمسابقات الرياضية والألعاب الرياضية المباحة هناك محظور أن تكشف العورات لأن الفخذ عورة، سمعت عن لاعب كرة من الطراز الأول في مصر اعتزل اللعب وأراد أن يمضي حياته في عمل آخر، في مباراة دولية هم في أمس الحاجة إليه هو اصطلح مع الله أيضاً، فلما جاء وزير الشباب إلى بيته ليحمله على أن يعود إلى المباراة أصر على الرفض فلما ألح عليه، قال له: أنا لا ألعب إلا بثياب إسلامية طويلة فوافق، فصار هذا تقليداً، ممكن أن تلعب كرة والعورة مستورة، أما مكشوفة في معصية، فالأخ جزاه الله خيراً ذكرني وقد نسيت أن أوضح ذلك.

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور