- أحاديث رمضان
- /
- ٠13رمضان 1427هـ - صلاح الأمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
أيها الإخوة الكرام، مع درس جديد من دروس صلاح الأمة في علو الهمة .
ثلاثة موضوعات في ثلاث أيات:
موضوعات ثلاث ترتكز على آيات ثلاث:
الموضوع الأول: جهود الكفار في تغيير القراّن:
الموضوع الأول: يريد الله عز وجل أن يبين لنا أن الطرف الآخر الكفار، الذين لم يؤمنوا بالله آمنوا بالدنيا، آمنوا بالمصالح لا بالقيم، ما ملخّص خططهم من آدم إلى يوم القيامة ؟ آية واحدة جامعة مانعة فيها وصف لكل ما يخطط له أعداء الدين من قديم الزمان، إلى نهاية الدوران.
دليل الموضوع الأول:
﴿ وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ ﴾
كل الجهود التي يبذلها أعداء الإسلام لتغيير هذا الإسلام، تغيير هذا القرآن ، يريدون إسلاماً كإطار، كتقاليد، كعادات، كأحكام فقهية، أما كمنهج كامل يقوم على أسس معينة فهذا مرفوض، لذلك:
﴿ وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَه ﴾
يأس الكفار من إلغاء الإسلام:
لا شك أن أعداء الإسلام يئسوا من إلغاء الدين، الدين أقوى من أي شيء في الأرض، بل إن الدين كلما حاولت أن تطفئ نوره ازداد اشتعالاً، كلما حاولت أن تقضي عليه كمن يحاول أن يطفئ النار بالزيت.
إذاً: وصل هؤلاء إلى قناعة أنه لا سبيل إلى إلغاء الدين، الخطة أخذت شكلاً آخر.
طرق الكفار لتغيير الإسلام:
1 – محاولة إلغاء السُّنة:
يمكن أن نلغي السنة، وهناك ما يسمى بالقرآنيين، إلغاء السنة، مع أن السنة مكملة للكتاب، مع أن القرآن الكريم يأمرنا أن نأخذ ما آتانا النبي الكريم:
﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾
إذاً: أول محاولة:
﴿ لِتَفْتَرِي عَلَيْنَا غَيْرَهُ ﴾
إلغاء السنة.
2 – محاولة تأويل القرآن وتحريفه:
المحاولة الثانية: تأويل القرآن تأويلاً ما أنزل الله به من سلطان، تأويلاً يخالف مفهم السلف الصالح، تأويلاً يخالف ما فهمه الأصحاب الكرام، والتابعون، وتابعو التابعين في القرون الثلاثة الأولى.
3 – فتاوى لتحليل الحرام:
الاتجاه الثالث: إصدار فتاوى تحل الحرام مهما يكن كبيراً، ولو كان الحرام أكل الربا، عن طريق إلغاء السنة، ثم التأويل، ثم الفتاوى.
﴿ وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ ﴾
النتيجة المرتقبة لتغيير الإسلام: الصلح وتطبيع العلاقات والصداقة:
وإذا فعلت هذا:
﴿ وَإِذاً لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً ﴾
عندئذٍ يكون الصلح ، وتطبيع العلاقات، لمجرد أن توافق
﴿ لِتَفْتَرِي عَلَيْنَا غَيْرَهُ ﴾
جهد الطرف الآخر إلى يوم القيامة تغيير أحكام الدين، من أحكام، واضحة، قطعية من الكتاب والسنة إلى أحكام ضبابية، مرنة، ليست ذات معالم واضحة، تغطي كل انحراف.
﴿ وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ ﴾
﴿ وَإِذاً لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً ﴾
﴿ وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً ﴾
فلذلك ينبغي ألا نثني إلا على إنسان كلامه مؤصَّل، مؤيَّد بالكتاب والسنة، أما إذا جاء بكلام جديد، مخالف للكتاب والسنة فسيكون هذا الإنسان أحد أطراف المؤامرة على هذا الدين.
لذلك كل يوم يطلع علينا إنسان يقول: هذا حلال، وليس حراماً، مع أن حرمته واضحة، مع أن الأمة أجمعت على تحريمه.
لذلك هذا الذي يثير حوله شغباً، وثورة، وانتقاداً، وجدلاً هو واع لما يفعل، فهي صفقة قُبِض ثمنها، لذلك يحاول أن يدلي برأي بتحليل الحرام:
﴿ وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً ﴾
﴿ إِذاً لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً ﴾
إذاً محاولات أعداء الدين منذ نشأت الخليقة إلى الآن حول شيء واحد، هو تغيير منهج الله، يقبلون الإطار، يقبلون التقاليد الإسلامية، والعادات الإسلامية، ولكن لا يقبلون المنهج الإسلامي.
الموضوع الثاني: وجوب اكتشاف الثابتة من القراّن والسنة:
الموضوع الثاني أيها الإخوة، هو: أنه ينبغي أن تكتشف في القرآن السنن الثابتة القوانين، التي لا تتبدل ولا تتغير.
دليل الموضوع الثاني:
دليلها:
﴿ وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ﴾
كلمات الله في هذه الآية تعني السنن، القوانين التي جاءت في هذا القرآن، إذاً: ينبغي لكل واحد منا وهو يتلو كتاب الله أن يكتشف هذه القوانين.
أمثلة عن القوانين القراّنية الثابتة:
1 – قانون التيسير:
مثلاً قانون التيسير:
﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ﴾
2 – قانون العداوة والبغضاء:
﴿ فَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ﴾
3 – قانون العزة والكرامة:
﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ ﴾
حينما تطبق منهج الله ترفع رأسك، هذا قانون، يجب أن نبحث عن هذه القوانين، عن كلمات الله التي لا تتبدل ولا تتغير.
التقيد بالقوانين الإلهية من علو الهمة:
مِن أين علو همتك تأتي ؟ من تقيدك بهذه القوانين، الله عز وجل لن يغيّر، ولن يبدّل، فإما أن تبدّل أنت، وإما أن تغيّر، وإما أن تخضع لهذه القوانين، وإلا فأنت هالك.
أنت مظلي، وفي الطائرة قانون اسمه قانون السقوط، تتلافى الهلاك باستخدام المظلة، لو أنك رفضت هذا القانون، ولم تعبأ به، وقلت: هذا تخريف، ما الذي يحصل ؟ هل تستطيع بإنكارك لهذا القانون أن تعطله ؟ لا، هو نافذ فيك، بدليل أنك إذا غامرت، ونزلت من الطائرة، لأنك لا تعتقد بصحة هذا القانون، نزلت من دون مظلة، نزلت ميتاً.
إنّ إنكارك للقوانين والسنن لا يلغي فعلها فيك، إذاً هذه الآية:
﴿ وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا ﴾
إذا كان الله معك فمن عليك ؟ وإذا كان عليك فمن معك ؟
الموضوع الثالث: من أين يأتي علو الهمة:
لكن أيها الإخوة، أقرب آية إلى درسنا، أو إلى سلسلة هذه الدروس من أين تأتي بعلو الهمة ؟ من أين ؟
دليل الموضوع الثالث:
قال تعالى:
﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً ﴾
علو الهمة منبعة المجتمع الإيماني:
ما لم يكن هناك بيئة إيمانية، ما لم يكن هناك مجتمع إيماني، ما لم تكن هناك علاقات إيمانية، ما لم يكن لك أصدقاء مؤمنون، ما لم يكن لك مسجد تأوي إليه فلن تستطيع أن تصمد أمام الفتن، لذلك:
(( الجماعة رحمة، والفرقة عذاب ))
(( عليكم بالجماعة، وإياكم والفرقة، فإن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد ))
(( فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية ))
لذلك أنت مع أخيك تقوى على طاعة الله، ومن دون أخيك تضعف أمام إغراءات الشهوات، الدنيا خضرة نضرة، والشهوات فيها مستعرة، والفتن يقظة، والنساء كاسيات عاريات، وكل شيء في هذا العصر يدعوك إلى المعصية، إذاً: لا تستطيع أن تطيع الله إلا بجو إيماني، من هنا قال الله عز وجل:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾
علو الهمة منبعة المجتمع الإيماني:
حاجة المسلم اليوم إلى جماعة المؤمنين ضرورة شرعية:
إذاً: أنت في أمسّ الحاجة إلى أن يكون لك جماعة تنضم إليها، تفرح بوجودك فيها، ترتاح لها، تؤنسك من وحشتك، تجعلك ناسياً لغربتك في هذا العصر.
إذا كان الناس بحاجة إلى جماعة قبل خمسين عاما، فهم الآن بحاجة إلى جماعة أكثر من مئة ضعف، لكثرة الفتن، ولكثرة الصوارف، ولكثرة العقبات.
إذاً: انضم إلى جماعة تعتقد نظافتها، وتعتقد صواب أفكارها، تعاون، كن عنصراً في فريق عمل.
(( الجماعة رحمة ))
مرة دعاني أخ كريم إلى رياضة يومية، لكن مع مجموعة، فألفتها، وداومت عليها أشهراً طويلة، فلما أردت أن أقوم بهذا العمل وحدي لم أتابع إلا يومين فقط، هناك حكمة بالغة للعمل الجماعي، أنت مع المجموع قوي، مع المجموع متماسك، مع المجموع همتك عالية، دروسنا علو الهمة، تأتي علو الهمة من الجماعة، في تنافس.
مرة كان هناك تبرع لميتم من مياتم دمشق، طبعاً من عادة إدارة الميتم أن تدعو أهل اليسار في هذه البلدة، الأغنياء المحسنين، ففي سنوات طويلة التبرعات كانت تجبى عن طريق الإعلان، فلان دفع مئة ألف، له شريك، قال: وأنا مئة، فلان دفع خمسين، قريب له قال: أنا مئة أدفع، كان هناك تنافس شريف، وتنافس طيب، و تنافس محمود، كان يُجمع رقم كبير جداً، هو مصروف الميتم طوال السنة.
مرة جاء توجيه من مسؤول عن التبرعات، قال: اجعلوا التبرع سريًّا، وزعوا أوراقًا، وليكتب كل واحد كم يتبرع، جمعت الأوراق، أحصيت المبالغ، عُشر المبالغ السابقة بالضبط، لماذا ؟ لأنه ألغي العمل الجماعي، والحماس، فإذا كنت مع إخوانك كان هناك حماس، وتنافس، والله عز وجل قال:
﴿ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ﴾
إذاً: تأتي علو همتك في الدين في أنك محاط بجو إيماني، شاب معه شاب آخر يحافظ على صلاته، شاب معه شاب آخر يغض بصره، شاب معه شاب آخر يتحرى الحلال، أما إذا عشت مع الشاردين، مع التائهين، أول أيام اللقاء لا تحتمل معاصيهم، بعد حين تألفها، بعد حين تستمتع بها، بعد حين تصر عليها، بعد حين تصبح من عاداتك دون أن تشعر، فالمعاصي تتسلل إليك تسللاً إذا كنت مع غير المؤمنين.
لذلك اجعل شعارك:
(( لا تصاحب إلا مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلا تقي ))
الآية الأولى:
﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾
والآية الثانية:
﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ ﴾
اصبر، معنى ذلك يمكن أنه تكون مع الشاردين في مكان مريح، أنت هنا في المسجد تجلس على ركبتيك، وعلى الأرض، من غير مقعد مريح، قال له:
﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ﴾
الآن:
﴿ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ ﴾
لماذا ؟
﴿ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾
أماكن جميلة، نساء، اختلاط، طعام طيب، مزاح، ضحك.
﴿ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾
الآن:
﴿ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا ﴾
معنى أغفلنا قلبه ؛ وجدناه غافلاً،
﴿ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا ﴾
، وجدنا قلبه غافلاً، هو له توجيهات، إياك أن تطيعه، إياك أن تستهدي بتوجيهات الشاردين ، إياك أن تستهدي بتوجيهات من انغمسوا في الشهوات، إياك أن تستهدي بتوجيهات من أظلمت قلوبهم.
﴿ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا ﴾
﴿ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً ﴾
أمره مضطرب.
هذه الآية إخواننا الكرام أصل في علو الهمة، من أجل أن تعلو همتك طبق هذه الآية مع أنها للنبي عليه الصلاة والسلام، ولكن يؤخذ منها أن تكون للمؤمنين :
﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً﴾
دعوة إلهية إلى الصبر مع مجموع المؤمنين:
بالمناسبة أيها الإخوة، من أجل أن تصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي لا بد من أن تأتي إلى المسجد، ماذا في المسجد ؟ قال:
(( إن بيوتي في أرضي المساجد، وإن زواري فيها عمّارها، فطوبى لعبد تطهر في بيته، ثم زارني في بيتي، فحق على المزور أن يكرم زائره ))
بشكل مادي، لا يمكن أن تدخل بيتًا إلا أن يقدم لك ضيافة، مهما تكن متواضعاً، خالق السماوات والأرض أنت في بيته أين ضيافته ؟ إنها سكينة يلقيها على قلبك، وحكمة يمنحك إياها، ورضا تنعم به، وعلاقات أسرية ناجحة، لك هيبة في البيت، أنت قد لا تحصي الخيرات التي قد تأتيك من إكرام الله لك، زوجة صالحة هي نصف الدنيا:
انظري أين أنت منه فإنما هو جنتك ونار
***
هناك زوجات عبء على الأزواج، حينما تكرم من قِبل الله تكرم بزوجة صالحة، تكرم بأولاد أبرار، تكرم بحكمة، تكرم بأمن، تكرم بسكينة، تكرم برضا فأنت من أسعدِ الناس.
(( إن بيوتي في أرضي المساجد، وإن زواري فيها عمارها، فطوبى لعبد تطهر في بيته، ثم زارني في بيتي فحق على المزور أن يكرم زائره ))
إذاً: هذه الآية أصل في علو الهمة، حينما تحاط بجو إيماني تنطلق إلى الله عز وجل، تماماً كما لو جلست مع تجار كبار، هذا ربح صفقة بثلاثة ملايين، هذا خمسة ملايين، وأنت تشتهي أن تكون واحدا منهم.
لو جلست مع أناس غارقين في الشهوات، وحدثوك عن مغامراتهم، بعد أمد تشتهي أن تكون منهم، لذلك الصاحب ساحب.
إن أردت علو الهمة فعليك بمجموع المؤمنين:
فهذا الدرس يؤكد أنك إذا أدت أن تكون عالي الهمة عليك بأن تكون مع المؤمنين وأن ترتاد بيوت الله عز وجل، فالله سبحانه وتعالى يرحمنا، وقد قال عليه الصلاة والسلام كان إذا دخل المسجد قال:
(( اللهم افتح لي أبواب رحمتك ))
أنت في بيت الله تُرحم، أما إذا خرجت من المسجد كان النبي الكريم يقول:
(( اللهم افتح لي أبواب فضلك ))
يعني فضله في عملك، وفي بيتك، ورحمته في المسجد.