- أحاديث رمضان
- /
- ٠13رمضان 1427هـ - صلاح الأمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
أيها الإخوة الكرام، مع درس جديد من دروس صلاح الأمة في علو الهمة ، واليوم علوّ الهمة في الإنفاق، قبل أن نتابع تفاصيل هذا الموضوع لا بد من مقدمة:
مقدسة نفيسة: صحة العقيدة وصحة العمل:
لو أن الإنسان صحت عقيدته، ولم يفعل شيئاً، لا ينتفع إطلاقاً من صحت عقيدته كيف ؟ أضرب مثل لمرات عديدة:
1 – صحة الحركة بعد صحة العقيدة:
أن إنساناً مصاباً بمرض جلدي، وعلاجه الوحيد التعرض لأشعة الشمس، وبقي في غرفة رطبة قميئة مظلمة، وتحدث عن الشمس كثيراً، وقال كلاماً صحيحاً، ووضع يده على ميزات الشمس، ماذا ينفعه نطقه واعتقاده بنفع أشعة الشمس لمن يعاني مثل مرضه، لا ينتفع أبداً، طبعاً لو أنه أنكر أن تكون الشمس نافعة هو جاهل، لو أنه تكلم عكس ذلك يحتاج إلى معالجة نفسية، لكن لو أنه أصاب الحقيقة ولم يتحرك وفقها ما انتفع بهذه الحقيقة إطلاقاً.
2 – حجمك عند الله بحجمك عملك الصالح:
لذلك التعبير الدقيق: حجمك عند الله بحجم عملك الصالح، بعد أن تصح عقيدتك ، وبعد أن تعرف الحقيقة، وبعد أن تؤمن، الآن التمايز بالعمل، الدليل:
﴿ وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُو ا﴾
لا مما اعتقدوا، ولا مما قالوا، لو لم تعتقد اعتقاداً صحيحاً هذه مصيبة كبيرة وطامة كبيرة، وانحراف شديد، لكن لو كان اعتقادك صحيحاً، ولم تنطلق في حركتك اليومية وفق هذا الاعتقاد فلا قيمة لهذا الاعتقاد.
إذاً: نصل إلى التمايز بالعمل الصالح، إلى أن التفاوت بالعمل الصالح، إلى أن الترجيح بالعمل الصالح نصل إلى أن حجمك عند الله بحجمك عملك الصالح.
2 – الجانب السلبي والإيجابي في العمل الصالح:
كلمة العمل الصالح تعني شيئاً سليباً، وتعني شيئاً إيجابياً، الشيء السلبي الاستقامة، والاستقامة أساسها أن تبتعد عن كل ما نهى الله عنه، يغلب عليها كلمة ما أو لا، أنا لا أكذب، أنا لا آكل المال الحرام، فكل المنهيات أن تنتهي عنها هذا جانب من العمل الصالح، وكل الأوامر جانب آخر.
3 – جانب الأمر والنهي:
الآن كل التضحيات، والبطولات، والبذل، والعطاء جانب ثالث، تنتهي وتأتمر وتبادر.
إخواننا الكرام، مرة ثالثة: حجمك عند الله بعد صحة عقيدتك عملك الصالح والأعمال متفاوتة، فيما نعتقد جميعاً أن سيد من عمل الصالحات هو سيد الخلق وحبيب الحق، حتى إن الله سبحانه وتعالى أقسم بعمره:
﴿ لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾
التفاوت في العمل بين الناس:
ما ضيع من حياته ثانية واحدة، وكل حياته خير، الآن الناس يتفاوتون، أحياناً نصف وقته في سفاسف الأمور، ونصفها في بعض الأعمال الصالحة، لكن كلما ازدادت مساحة العمل الصالح، وضاقت مساحة التسيب والإهمال كنت أعلى، فقد نقول مثلاً: عندنا يوم فيه 24 ساعة، دع منها 8 ساعات للنوم، والشؤون الخاصة بقيت 16، هناك إنسان عنده 15 ساعة من العمل الصالح، وعنده ضياع ساعة، وإنسان عنده ساعة عمل، والـ15 ساعة ضياع في سفاسف الأمور، وفي اللغو، وفي كلام لا يقدم ولا يؤخر، في كلام فارغ، انظر إلى الناس إذا التقوا مع بعضهم، قيّم حديثهم، إنه كلام فارغ لا يقدم ولا يؤخر، ولا يبنى عليه شيء.
فلذلك يجب أن تعتقد بالتفاوت بالعمل.
التمنيات بضائع الحمقى:
عندنا فكرة دقيقة جداً، أنت ضعيف وأنت فقير، وأنت لا تعلم، لكن الله يعلم، والله قدير، والله غني، العمل الصالح هبة من الله ثمنه الطلب، والله عز وجل لا يتعامل بالتمنيات إطلاقاً، والتمنيات بضائع الحمقى، يتعامل بالصدق، والصدق الإصرار على تحقيق الأهداف، لمجرد أن تصر على تحقيق أهدافك وهبك الله هذا العمل ونسبه إليك، إذا أراد ربك إظهار فضله عليك، خلق الفضل، ونسبه إليك.
لذلك دققوا: ما وصلت إليه هو صدقك، وما لم تصل إليه تمنياتك، كل واحد منا يطمح لأشياء لا تعد ولا تحصى، لم تحقق، لأنه تمناها، أما الذي أنت فيه الذي سعيت له.
﴿ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى* وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى ﴾
أما التمنيات:
﴿ لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ ﴾
أعمال تنتهي بالموت وأعمال تستمر بعد الموت:
هناك أعمال للتمنيات، هناك أعمال تنتهي عند الموت، هناك أعمال تستمر بعد الموت.
من أوضح الأمثلة أنك قد تشاهد درساً لعالم جليل توفاه الله، وربما نشرت دروسه لعشرات، بل لمئات السنين القادمة، الخير مستمر، وقد تجد إنسانا يعمل في الفن الساقط، وقد توفي، وأعماله مستمرة في أكثر المحطات، هناك عمل ينتهي عند الموت ، وهناك عمل يستمر عند الموت.
من خصائص العمل الصالح: قوة واتساع وامتداد تأثيره:
الآن العمل قيمته في قوة تأثيره، وفي اتساع رقعة تأثيره، وفي امتداد قوة تأثيره.
مثلاً: دعوة بدأت من مكة، الآن آثارها في معظم بقاع الأرض، حينما تصل إلى بلاد بعيدة جداً، وتستمع إلى القرآن، وإلى السنة، وإلى دروس العلم يخشع قلبك حينما تقرأ حديث رسول الله:
(( ليبلغ هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ))
أحياناً كأنك في الشام، تستمع إلى الدروس، وإلى القرآن، وإلى المسابقات، فكلما اتسعت رقعة العمل الصالح ازدادت قيمته عند الله، وكلما امتد أثر العمل الصالح ازدادت قيمته عند الله، وكلما كان تأثير العمل عميقاً جداً كان أعظم عند الله.
أحياناً تقنع إنسانا أن يعتني بصحته، لكن أحيانا تبلغ الدعوة، وتتغلغل في كيان الإنسان حتى أعماقه، صباحاًَ ومساء، في جلوته في خلوته، في سفره وفي حضره، في إقبال الدنيا وفي إدبارها ، متأثر أشد التأثر.
إذاً قوة التأثير، ونوع التأثير، وامتداد أمد التأثير، واتساع رقعة التأثير هذه من خصائص العمل الصالح.
العقيدة حدية والتفاوت بالعمل الصالح:
مرة ثانية: بعد أن تصح عقيدتك لا شيء يرفعك على من حولك إلا العمل، لأن العقيدة حدية لا تفاوت فيها.
مثلاً: الموت حدي، مات، ليس عندنا اسم تفضل من مات، والله فلان مات ميتة أموت من فلان، الموت حدي، لذلك لا يصاغ من فعل مات اسم تفضل.
فالعقيدة حدية، أنت مؤمن أن الله على كل شيء قدير، حدية، لكن التفاوت بالعمل، بحجم العمل، بقوة تأثير العمل، بامتداد أمد العمل، باتساع رقعة العمل.
لذلك أنت حينما تعلم حقيقة أن الآخرة توزن بالأعمال:
﴿ وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا ﴾
﴿ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾
ادخلوها برحمتي، واقتسموها بأعمالكم، هذا الفهم للعمل الصالح، بل أنت حينما تعتقد أن العمل الصالح علة وجودك في الدنيا، الدليل: أن الإنسان حينما يغادر الدنيا لا يندم إلا على عمل صالح.
﴿ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ* لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً ﴾
هناك آلاف النشاطات، آلاف الأهداف، والإنسان على فراش الموت لا يتمنى إلا أن يعود إلى الدنيا ليعمل الأعمال الصالحة.
لذلك مر عليه الصلاة والسلام بقبر فقال لصاحب هذا القبر:
(( صاحب هذا القبر إلى ركعتين مما تحقرون من تنفلكم خير له من كل دنياكم ))
هذا كلام الخبير، هناك إنسان الآن يملك تسعين مليار دولار " بيل غيت ".
(( صاحب هذا القبر إلى ركعتين مما تحقرون من تنفلكم خير له من كل دنياكم ))
هذه الحقائق إذا عرفتها وأنت حي، إذا عرفتها وقلبك ينبض، إذا عرفتها وفي العمر بقية انتفعت بها، لذلك قال الله عز وجل:
﴿ لَا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً ﴾
إذا أدرك الإنسان هذه الحقيقة يتحرك حركة صحيحة.
الجزئيات مرتبطة بالهدف:
إخواننا الكرام، أريد أن أبين لكم بعض الأمثلة: حينما يكون الهدف واضحا جداً مليون جزئية من عملك مرتبطة بالهدف، ذهبت إلى بلد لسبب واحد، لعلة واحدة، لهدف واحد، أن تنال دكتوراه، طموحاتك في بلدك، طموحاتك بين أهلك، لكنك ذهبت إلى هذه المدينة، إلى هذه العاصمة كي تعود بدكتوراه، مليون حركة في هذه المدينة مربوطة بالهدف، هناك سلوك لا علاقة له بالدراسة، أريد أن استأجر بيتا، تبحث عن بيت قريب من الجامعة لتوفر الوقت، والمال، والجهد، أريد أن أصاحب صديقا، تبحث عن صديق يتقن اللغة التي تريد أن تتعلمها، تريد أن تقتني مجلة، تشتري مجلة متعلقة باختصاصك، تريد أن تأكل، تأكل طعاماً يعينك على الدراسة، إذا اتضح الهدف الآن تختار حرفة تحقق الهدف.
هناك حِرف قريبة جداً من الدين، بل ممارسة هذه الحرفة عمل صالح، التعليم مثلاً، التعليم متعب جداً، جداً متعب، ودخله أقل الدخول، لكن المؤمن يرى أنه يتاح له أن يجالس خمسين طالباً في سن غرس القيم والمبادئ، يكون مثلاً أعلى لهم، ويلقنهم الحقائق الصحيحة، يختار عملا متعبا شاقا، دخله قليل على عمل رائع دخله كبير، لكن لا يرضي الله عز وجل.
حينما تعلم سر وجودك تأتي الحركة صحيحة، لذلك إن لم تنعكس مقاييسك بعد إيمانك بالله، وبعد إيمانك بالجنة، أو بالدار الآخرة، إن لم تنعكس مقاييسك لا يعد عملك صحيحاً.
بماذا تفرح ؟!
معظم الناس يفرحون بالأخذ، أما أنت حينما تؤمن بالآخرة تفرح بالعطاء لا بالأخذ، 180 درجة، تفرح بالعطاء، وحينما تؤمن بالدنيا تستهلك جهد الآخرين، وترى هذا ذكاءاً، وقوةً، وهيمنة، أما حينما تؤمن بالآخرة تبذل جهدك للآخرين، وأعود وأقول: إن لم تنعكس مقاييسك 180 درجة فإيمانك باليوم الآخر ليس صحيحاً، المؤمن يعطي ولا يأخذ، كما يفعل الأنبياء أعطوا ولو يأخذوا، عاشوا للناس، ولم يعش الناس بهم ملكوا القلوب، ولم يملكوا الرقاب.
احذر أن يكون عملك هباء منثوراً !!!
لذلك موضوع العمل الصالح أكبر موضوع يأتي بعد العقيدة، عقيدة، عمل صالح.
﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾
قد يعيش الإنسان عمراً مديداً تافهاً.
﴿ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً ﴾
﴿ صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ ﴾
﴿ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً ﴾
هناك بلاد غنية جداً يتطاولون في البنيان، وكل إنسان يكاد يتيه على الآخرين أن بناءه أعلى بناء، وفي النهاية يوم القيامة تدمر هذه كل الأبنية.
﴿ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ ﴾
أحياناً تجد متاحف ببعض البلاد تماثيل، فن رفيع، لوحات خالدة الإنسان لوحة لبيكاسو ثمنها خمسون مليون دولار، تجد اهتمامات، ونشاطات، هذه الأعمال:
﴿ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا ﴾
(( لأن يهدي الله على يديك رجلا خير لك مما طلعت عليه الشمس ))
(( لأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلاً وَاحِداً خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَم ))
(( لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من الدنيا وما فيه ))
فلذلك العمل الصالح فلسفة، أنت حينما تفهم علة وجودك، وغاية وجودك وأن العمل الصالح يأتي في المقدمة على الإيمان بالله، لذلك تجعل العمل الصالح كل همك وتجعل العمل الصالح أحد اهتمامات الكبرى في الحياة.
عليك بعمل صالح يصلح للعرض على الله:
أيها الإخوة، الموضوع دقيق وطويل، موضوع العمل الصالح، له جانب سلبي، وجانب إيجابي، في أوامر تأتمر بها، ونواهٍ تنتهي عنها، الائتمار، والانتهاء، والتقرب بمجمل هذه البنود يعد هذا العمل عملاً صالحاً يصلح للعرض على الله، ويصلح أن تقدمه بين يديك يوم القيامة.
مثلاً: بشكل مختصر لا يستطيع جندي غر التحق لتوه في الخدمة الإلزامية، هو بفرقة على رأسها لواء، في الأنظمة العسكرية بكل دول العالم لا يستطيع هذا الجندي أن يقابل هذا اللواء، لأن أمامه عشرات، بل بضع عشرات الرتب، سبع نجوم أمامه، وثماني ، ونجمة، ونجمتان، وثلاث، وتاج ونجمة، وتاج ونجمتان، هذا لواء، إلا بحالة واحدة، أن يرى ابن هذا اللواء يسبح، وكاد يغرق، فألق بنفسه في الماء وأنقذه، هذا العمل أنقذ ابن قائد هذه الفرقة، يدخل عليه من دون إذن، ولا يستبعد أن يجلس إلى جانبه، يدع طاولته، ويجلس إلى جانبه، ولا يستبعد أن يقدم له ضيافة، يقول: أنت فعلت معي عملاً لا أنساه، هذا في أعلى مرتبة عسكرية، والثاني في أدنى مرتبة، لذلك:
﴿ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُه ُ﴾
يرفعك عند الله عملك الصالح، لذلك:
﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً ﴾
صاحب العمل الصالح لا يخاف الموت:
لذلك مرة ثالثة، الذي له عمل صالح لا يخاف من الموت كما يخاف من لا عمل له، لأنه مؤمن أن له عند الله شيئًا.
مَن قدم أعمالا صالحة كثيرة يسره اللحاق بها، أما كل إمكاناته في الدنيا، كل جهوده 70 سنة في عمل بيت فخم جداً، وتجارة عريضة، وبيت بالمصيف، ومركبات، كلمة موت ينخلع لها قلبه، كلمة احتشاء ينهار، لأن كل البيض وضعه في سلة واحدة، الذي يضع كل إمكاناته في الدنيا هذا مقامر ومغامر، أما الذي يقدم ماله أمامه يسره اللحاق به.
الموت عرس المؤمن:
" وا كربتاه عليك يا أبتِ، لا كرب على أبيك بعد اليوم، غداً نلقى الأحبة محمداً وصحبه ".
العمل الصالح ينقل الموت من أكبر مصيبة إلى عرس، العمل الصالح ينقل الموت من أكبر مصيبة إلى سعادة، قال عليه الصلاة والسلام:
(( تحفة المؤمن الموت ))
الموت عرس المؤمن.
أيها الإخوة، قرأت تاريخ سبعين صحابياً، ودرستها بفضل الله عز وجل، فوجدت القاسم المشترك الوحيد بين كل هؤلاء الصحابة أنهم كانوا في أسعد لحظات حياتهم عند موتهم.
سيدنا سعد بن الربيع قال وهو على فراش الموت، أو هو في ساحة المعركة قريبا من الموت: << أبلغ رسول الله مني السلام، وقل له: جزاك الله خير ما جزى نبي عن أمته، وقل لأصحابه: لا عذر لك إذا خلص إلى نبيكم وفيكم عين تطرف >>.
الفائدة المسلكية العملية من الدرس:
لذلك أيها الإخوة، هذا الدرس له ما بُعده، أنت حينما تستيقظ، وتقول: اللهم هب لنا عملاً صالحاً يقربنا إليك، الآن وأنت في عملك من قال لك أن الحرفة ما لها علاقة بالآخرة ؟ يمكن أن تجعل حرفتك عملاً صالحاً، نويت خدمة المسلمين، نويت التخفيف عنهم نويت حل مشكلاتهم، نويت تقديم سلعة رخيصة لهم يسعدون بها.
دققوا إخواننا، كل واحد منا يقدر بحرفته يجعلها عمل صالح، إن كنت صادقاً مخلصاً فلا تبتز أموال الناس، لا تكذب عليكم، تنصحهم، تنفعهم، فرفتك عبادة، وحرفتك عمل صالح، وتلقى الله بحرفتك.
الطبيب مثلا ما دعا إلى الله إطلاقاً، لكن عالج المسلمين بإتقان وتواضع، وقدّم لهم خبرته بأعلى مستوى، وأخذ أجرا معتدلا جداً، لو لم يكن له عمل إلا الطب لوصل إلى الجنة، المحامي، المهندس، البائع، الموظف، الفلاح، أي إنسان إذا أراد الله، وجعل من حرفته عملاً صالحاً بإتقانها، والنصح للمسلمين، وسعر معتدل جعل حرفته عملاً صالحاً.