- أحاديث رمضان
- /
- ٠13رمضان 1427هـ - صلاح الأمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
أيها الإخوة الكرام، مع درس جديد من دروس صلاح الأمة في علو الهمة.
وقفات وحقائق من كلام الله لسيدنا موسى:
نقف وقفة متأنية عند هذا الكلام الذي جرى بين سيدنا موسى ورب العزة.
الحقيقة الأولى: كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو:
أيها الإخوة، الحقيقة الأولى: كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو كيف ؟
سيدنا موسى قال:
﴿ إِذْ رَأَى نَاراً فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَاراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى ﴾
هو ذهب إلى النار ليأتي منها بقبس، فكان تكليم الله له، فكن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو.
ما منا واحد، ولا أستثني أحداً إلا وله قصة في معرفته لله، أو توبته، أو صلحه مع الله، أو إقباله على الله، و قد يكون لقاء عابراً مع إنسان، وقد تكون حادثة، وقد يكون دعاء، ولا يوجد إنسان إلا بسبب عابر أو طارئ أو استثنائي كان هذا الحادث سبب هدايته لله عز وجل.
الحقيقة الثانية: ما هي حقيقة ( اخلَعْ نَعْلَيْكَ ) ؟
الشيء الثاني أن هذا النبي الكريم حينما كلمه الله قال:
﴿ فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى * إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى﴾
بعض العلماء أشار إلى النعلين إلى حظوظ الإنسان في الدنيا، فمن أراد الآخرة يجب أن يتخلى عن حظوظه من الدنيا، الدنيا تأتي، وهي راغمة، ولكن لا ينبغي أن تكون الدنيا هدفاً، الهدف هو الله، إلهي أنت مقصودي، ورضاك مطلوبي، وقد تأتي الدنيا، أما أن تكون هي الهدف وعليها المعول، وإليها تنتهي الآمال، هي محط الرحال، فالطريق عندئذ إلى الله ليس سالكاً:
﴿ فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى * إِنِّي أَنَا رَبُّكَ ﴾
ما من اسم من أسماء الله الحسنى أقرب إلى الإنسان من كلمة رب، إني أنا ربك خلقتك، أمددتك بكل حاجاتك، ربيت نفسك:
﴿ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى ﴾
الحقيقة الثالثة: ما هي حقيقة ( إِنَّكَ بِالوَاد المُقَدَّسِ ) ؟
بصراحة قد يكون الإنسان في واد غير مقدس، في وادي الشهوات، في وادي النساء، في وادي المال، في وادي العلو في الأرض، في وادي الخصومات.
والله أيها الإخوة الكرام، واللهِ لا أبالغ إن قلت: معظم الناس غارقون في خصومات، ومناحرات، وهمز ولمز، وبالمحاكم، كثيرون هم الذين في بيوتهم شرسون، يرفعون أصواتهم، يكيلون الصاع صاعين لزوجاتهم، يتراشقون السباب، حياتهم قطعة من الجحيم:
﴿ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ ﴾
في أي وادٍ أنت ؟ هل أنت في وادي معرفة الله ؟ هل أنت في وادي العمل الصالح ؟ هل أنت في وادي أنك تحمل هم المسلمين ؟ إن كنت في واد مقدس كفاك الله حاجاتك، هم في مساجدهم، واللهُ في حوائجهم، ومستحيل وألف ألف مستحيل أن تشغل بذكره وينساك، بل مَن شغله ذكري عن مسألتي أعطيته فوق ما أعطي السائلين، تنشغل بذكر الله، تحمل همّ الناس، تحب أن تخفف عنهم، تحب أن تعرفهم بربهم، تجهد في تبسيط الأمور، توضيح الحقائق، تأخذ بيدهم، تتفقد أحوالهم، تسعى لهدايتهم، يؤلمك ما يؤلمهم، وينساك الله من فضله ؟ كن في الوادي المقدس، قل لي ماذا يهمك أقل لك من أنت ؟ قبل أن تنام بماذا تفكر ؟ بعد أن تستيقظ مباشرة ما الخواطر التي تأتي إليك ؟ أي هم تحمل ؟ هناك من يحمل همّ طعامه وشرابه، هناك من يحمل همّه الشخصي، هناك من يحمل همّ المسلمين، هل تعيش للناس ؟ في أي وادٍ أنت ؟
﴿ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى * وَأَنَا اخْتَرْتُكَ ﴾
الحقيقة الرابعة: كونك مع أهل الحق عطاء كبير:
إذا سمح الله لشخص أن يلتقي مع أهل الحق، سمح له أن يكون من رواد مسجد، سمح له أن يكون طليق اللسان في ذكر الله، سمح له أن يعمل عملاً صالحاً، سمح له أن يكون محسوباً على الله، هذا عطاء كبير:
﴿ وَأَنَا اخْتَرْتُكَ ﴾
الحقيقة الخامسة: تكفل الله بطالب العلم:
وأنا أقول لكم أيها الإخوة الكرام: والله ما من واحد يطلب العلم إلا ويوظفه الله عنده بشكل أو بآخر، مستحيل أن تطلب العلم، ثم لا يستعملك الله عز وجل، عبدي لي عليك فريضة، ولك علي رزق، فإذا خالفتني في فريضتي لم أخالفك في رزقك، وعزتي وجلالي إن لم ترض بما قسمته لك فلأسلطن عليك الدنيا تركض فيها ركض الوحش في البرية، ثم لا ينالك منها إلا ما قسمته لك، ولا أبالي، وكنت عندي مذموماً، أنت تريد، وأنا أريد، فإذا سلمت لي فيما أريد كفيتك ما تريد، وإن لم تسلم لي فيما أريد أتعبتك فيما تريد، ثم لا يكون إلا ما أريد.
﴿ وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى ﴾
دققوا:
﴿ إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا ﴾
الحقيقة السادسة: لا إله إلا الله الحق المبين:
صدقوا، وآمنوا، وتيقنوا أنه ليس هناك إلا الله، كل ما تقع أعينكم عليه من قوى البغي والعدوان هي بيد الله، كن فيكون، زل فيزول، ليس إلا الله، البطولة أن تتعامل مع الله، البطولة أن تكون مع الله، البطولة أن تجمع الهموم كلها بهم واحد، من جعل الهموم هماً واحداً كفاه الله الهموم كلها:
﴿ إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا ﴾
لا رافع ولا خافض، ولا معز ولا مذل، لا رازق ولا معطي إلا الله، أيقن أن يد الله وحدها تعمل، أيقن أن الله في الأرض وفي السماء، لا إله إلا أنا طمأنك:
﴿ إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي ﴾
لأنه ( لا إله إلا أنا ) فينبغي أن تعبدني، ينبغي أن تنقطع آمالك من غيري، ينبغي ألا تعلق أملاً على غيري، ينبغي ألا تخاف إلا مني، ينبغي ألا تخاف من غيري:
﴿ إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي ﴾
الحقيقة السابعة: الصلاة أعظم العبادات:
أعظم شيء في العبادة:
﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ﴾
فاعبدني في الأمر والنهي، أما العبادة الأولى التي لا تسقط بحال ففيها معنى الصيام، وفيها معنى الحج، وفيها معنى الزكاة، وفيها النطق بالشهادة هي الصلاة:
﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ﴾
الآن:
﴿ إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا ﴾
الحقيقة الثامنة: الساعة وعد صادق:
على الشبكية ماذا ترون ؟ ترون بيوتاً جميلة جداً، في بعض الأحياء الراقية بيوت جميلة، مركبات فارهة، نساء جميلات، دخل كبير، مطاعم فخمة، الدنيا محسوسة، والآخرة خبر، خبر في المصحف، البطولة أن تصدق هذا الخبر، لذلك أولى صفات المؤمنين أنهم يؤمنون بالغيب، الدنيا بين أيدي الناس، الدنيا محسوسة، تحت سمعهم وبصرهم، الدنيا قريبة منهم، تأكل فتتلذذ بالطعام، لكن الآخرة وعد صادق، فالذي آتاه الله عقلاً راجحاً، والذي وفق بسلامته وسعادته لا يتعلق بالمحسوسات، يتعلق بالذي أخبر الله عنه:
﴿ إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ ﴾
لذلك قال تعالى:
﴿ أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ ﴾
أي لم يأت بعدُ، لكن معنى أتى أي مجيئه محقق:
﴿ إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا ﴾
هي خبر.
الحقيقة التاسعة: الجزاء حقٌّ:
أما الدنيا فمحسوسة:
﴿ لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى ﴾
أي لو أن الإنسان أطاع الله عز وجل فكافأه الله من فوره، ولو أن الإنسان عصى الله فعاقبه الله من فوره لانتهى التكليف، وألغي حمل الأمانة، و ألغي الاختيار، وألغي الثواب، وألغي العقاب، لأن الناس سيقبلون على الطاعة من أجل ثمرتها العاجلة، ويبتعدون عن المعصية من أجل عقابها العاجل، ولكن شاءت حكمة الله أن الثواب والعقاب يتأخران كي تتحقق من اختيارك:
﴿ إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى ﴾
الآن الذين يصدون عن سبيل الله هم الأكثرون، العالم كله يصد عن سبيل الله، العالم كله يحارب المسلمين، العالم كله يطرح الفتن بين أيدي الناس، العالم كله يصرف الناس عن الإيمان بالله:
﴿ إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى* فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى ﴾
الحقيقة العاشرة: التلازم الحتمي بين الكفر بالآخرة واتباع الهوى:
لمجرد أنك لا تؤمن بالآخرة تتبع الهوى، تلازم حتمي بين اتباع الهوى و بين عدم الإيمان باليوم الآخر:
﴿ فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا ﴾
الباطل مزخرف، الباطل محبب إلى النفس، الباطل يعتمد على الشهوات، قال لي أحدهم: مئة محاضرة يلغيها مسلسل، هذه تصد عن سبيل الله، هذه تحبب بالدنيا، هذه تجعل الشهوة إلهاً يعبد من دون الله:
﴿ فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى ﴾
الآن دقق إلى هذا الكلام بين مخلوق هو سيدنا موسى وخالق السماوات والأرض:
﴿ وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى ﴾
تلطف اللهفي كلامه مع موسى:
هل يصدق على الذات الإلهية أن يسأل ؟ سيدنا موسى أراد أن يطيل الحوار قال:
﴿ قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا ﴾
يخاطب من ؟ يخاطب رب العزة:
﴿ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي ﴾
استحيا من هذه التفصيلات فقال:
﴿ وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى ﴾
إذا كان الله يسمح لي أن أحدثه عن هذه المآرب يقول: يا موسى، ما هذه المآرب ؟ انظر الأدب والسعادة في خطاب السماوات والأرض:
﴿ وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى * قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى ﴾
معجزات موسى:
1 – انقلاب العصا إلى حية تسعى:
الله عز وجل أراد من هذا السؤال أن يا موسى تأكد هذا الذي بيدك ما هو ؟ هي عصاه، لأنها بعد قليل سوف تصبح حية تسعى، أراد الله أن يؤكد له تثبيت أن هذه عصاه، وبعد حين تكون حية تسعى:
﴿ فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى (20) قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ ﴾
الإنسان يخاف:
1 – خروج اليد بيضاء بعد إدخالها في الجيب:
﴿ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى (21) وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ ﴾
ضعها تحت إبطك:
﴿ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى ﴾
يده كالمصباح:
﴿ لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى * اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى ﴾
فوائد دعوية مستنبطة من قصة موسى مع فرعون:
الفائدة الأولى: تلطُّف الداعي مع المدعو ولو كان فرعون:
هذا الطاغية الجبار الذي قال:
﴿ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى ﴾
الذي قال:
﴿ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي ﴾
إذا كان فرعون الطاغية الجبار المتأله الذي قتل أبناء بني إسرائيل يقول الله لنبي كريم:
﴿ اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي* يَفْقَهُوا قَوْلِي ﴾
الفائدة الثانية: العبرة بالعلم والإخلاص لا بالفصاحة والإعراب:
من هو الأفصح ؟ هارون أم موسى، هارون أفصح، سيدنا موسى معه حبسة، من هو النبي ؟ سيدنا موسى، هذا ملمح خطير العبرة لا بالفصاحة ولا بالخطابة، العبرة بالعقل والوعي والإدراك والإخلاص، إذاً: الفصيح هو سيدنا هارون، لكن الرسول سيدنا موسى:
﴿ وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي* اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي* كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً* وَنَذْكُرَكَ كَثِير* إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيراً ﴾
لذلك برئ من النفاق من أكثر من ذكر الله:
الفائدة الثالثة: إياكم ومعاندة أمر الله فإن فرعون ربى موسى في قصره !!!
﴿ قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى *وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى *إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى * أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ ﴾
تروي بعض الروايات أن فرعون رأى رؤيا، أن طفلاً من بني إسرائيل سيقضي على ملكه، بدل أن يتوب قال: سأقتل جميع أبناء بني إسرائيل، عظمة الله أن الطفل الذي سيقضي عليه رباه في قصره، إياك أن تعاند الله، إياك أن تتألى على الله، إياك أن تتجبر، لحكمة بالغة هو أراد أن يقضي على كل أبناء بني إسرائيل، لكن الطفل الذي سيقضي عليه رباه في قصره:
﴿ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي ﴾
الفائدة الرابعة: إلقاء الله محبة الداعي في قلوب الناس:
الآن لو أنك محبوب، لو أن هناك أناس يحبونك، يجلونك، تأكد أنها محبة الله ألقاها في قلوب العباد:
﴿ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي * إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْساً فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى﴾
الآن هناك كلمتان أتمنى أن تحسوا معي عظمتهما:
﴿ وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي ﴾
الفائدة الخامسة: خدمة الناس شرفٌ كبير:
شرف كبير أن تكون في خدمة عباد الله ؟ أي شرف تناله إذا اختارك الله لنفسه:
﴿ وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي ﴾
الآن كل شاب يمكن أن يبذل طاقاته في سبيل الله، أن يمشي في هذا الطريق، أن تجمع طاقاتك، إمكاناتك، أن تبذلها في سبيل الله هذا مقام كبير:
﴿ وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي * اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي * اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى﴾
دققوا الآن:
﴿ فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ﴾
الفائدة السادسة: هذه رحمة الله بالعاصي فكيف رحمته بالمطيع ؟!!!
إنسان ناجى ربه فقال: يا رب، إذا كانت رحمتك بمن قال:
﴿ أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى ﴾
فكيف رحمتك بمن قال: سبحان ربي الأعلى ؟ إذا كانت رحمتك بمن قال:
﴿ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي ﴾
فكيف رحمتك بمن قال: لا إله إلا الله:
﴿ قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى ﴾
الآن المسلمون يخافون أن يفرط عليهم وحيد القرن، أو أن يطغى:
﴿ قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى ﴾
آيات دقيقة جداً، إنني معكما، الله موجود، الله معنا، أقم علاقة طيبة معه، أقم صلة معه، ولا تخف أحداً:
﴿ إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى * فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى ﴾
الفائدة السابعة: من صفات الصالحين: مناجاة رب العالمين:
أيها الإخوة الكرام، هذه القصص لنا، إذا أتيح لك أن تتصل بالله، أتيح لك لا أقول: أن تكلمه، هذه لسيدنا موسى، أتيح لك أن تناجيه، أن تدعوه، إن أردت أن يكلمك الله عز وجل فاقرأ القرآن، وإن أردت أن تكلم الله عز وجل فادعه، إنك إن دعوته تكلمه، وإنك إن تلوت كلامه يكلمك.
لذلك أيها الإخوة الكرام، أن تناجي ربك، أن تبتهل إليه، أن تعتذر إليه، أن تسأله المغفرة، أن تسأله أن يقيل عثرتك أن يغفر زلتك، أن يعطيك من خير الدنيا الآخرة، هذا جوهر هذا الدين.