- أسماء الله الحسنى
- /
- ٠2أسماء الله الحسنى 2008م
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
من أسماء الله الحسنى: ( البصير):
أيها الأخوة الأكارم، لا زلنا في اسم "البصير".
الله سبحانه وتعالى بصير يشاهد الأشياء كلها ظاهرها وباطنها:
الله سبحانه وتعالى بصير يشاهد ويرى حتى لا يحجب عنه ما ترى الثرى، وإبصاره منزه عن أن يكون بحدقة أو أجفان ، مقدس عن أن يرجع إلى انطباع الصور والألوان، هو المبصر لجميع المبصرات، ويشاهد الأشياء كلها ظاهرها وباطنها، من دون جارحة ولا أداة، ولا تغير في الذات، الآية الكريمة:
﴿ اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى * قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى * قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى ﴾
هذه الآية يجب أن يتمثلها كل مؤمن،
﴿ إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى ﴾
الأمر بيدي يا عبدي، أنا معك.
آية أخرى:
﴿ وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾
آية ثالثة:
﴿ فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ * وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَك الْأَقْرَبِينَ * وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ * وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ * الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ * إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾
أيها الأخوة، هذه آيات واضحة جلية، معانيها قطعية لأن الله يرى ويسمع، فجبريل سأل النبي عليه الصلاة والسلام:
(( أخبرني عن الإحسان، قال: أن تعبدَ الله كأنك تراه، فإن لم تكن تَراه، فإنه يَراكَ ))
أما تستحي منا ويكفيك ما جرى أما تختشي من عتبنا يوم جمعنا
* * *
شهوة المال وشهوة المرأة من أقوى الشهوات التي أودعها الله في الإنسان:
(( إِن الدنيا حُلْوةٌ خَضِرَة ))
الآن ترقص، كلها مباهج، نساء كاسيات عاريات، أماكن جميلة، بيوت فخمة مركبات فارهة، سفر، ركوب طائرات، فنادق خمس نجوم.
(( إِن الدنيا حُلْوةٌ خَضِرَة وإن الله مُستَخْلِفُكم فيها، فناظرٌ كيف تعملون ؟ ))
يعني لا سمح الله ولا قدر الإنسان يتزوج أم يزني ؟ يكسب المال الحلال أم المال الحرام ؟ يصدق أم يكذب ؟ يرحم أم يقسو ؟ ينصف أم يظلم ؟.
(( وإن الله مُستَخْلِفُكم فيها، فناظرٌ كيف تعملون ؟ فاتَّقُوا الدنيا ))
لأنها تضر، وتغر، وتمر،
(( فاتَّقُوا الدنيا ))
الغرور أن تراها بحجم أكبر من حجمها، أن تراها كل شيء، أن ترى المال كل شيء، أن ترى المرأة كل شيء، أن ترى المنصب كل شيء.
(( فاتَّقُوا الدنيا، واتَّقوا النساء ))
في سببين كبيرين لهلاك الإنسان، المال والنساء، وتسعة أعشار الأحكام الشرعية في ضبط كسب المال وإنفاقه، وفي ضبط علاقتك بالنساء، لأن شهوة المال وشهوة المرأة من أقوى الشهوات التي أودعها الله في الإنسان.
الشهوة حيادية ترقى بالإنسان أو تهوي به:
مرة قلت: إن عالماً كبيراً من علماء القرآن، زرته مرة، قال لي: أنا عندي 38 حفيداً، ثلاث عشرة طبيباً منهم، رجل صالح، حافظ لكتاب الله، عالم بكتاب الله، قلت: يا رب ما الذي سبب هذا الحشد الكبير من الأحفاد، والأطباء، والعلماء ؟ علاقة جنسية أساسها، أليس كذلك ؟ وبيوت الدعارة فيها علاقة جنسية، انظر الشهوة نفسها ترقى بك إلى أعلى عليين وتهوي بالإنسان إلى أسفل سافلين، سلم ترقى بها أو دركات تهوي بها، الشهوة حيادية كالوقود السائل في المركبة، إن وضع في المستودعات المحكمة، وسال في الأنابيب المحكمة، وانفجر في الوقت المناسب، وفي المكان المناسب ولّد حركة نافعة، أقلتك أنت وأهلك إلى مكان جميل، في إنفجارات بالسيارة، البنزين نفسه صبّه على المركبة، أعطها شرارة تحرق المركبة ومن فيها، هذه الشهوة، قوة انفجارية، إما أن توظف بالخير يكون لك أحفاد، وأصهار، وبنات، يؤثرون محبتك على كل شيء، وأولاد وسمعة طيبة، وأسرة راقية، وتربية عالية، وحب، ود، ووئام، ومعاونة، ونجدة، وإغاثة، أو يلقى الإنسان في الطريق في نهاية المطاف.
ما في حل وسط، الشهوة قوة دافعة، أو قوة مدمرة، حيادية، وأنت مخير بالإسلام ما في حرمان، ما من شهوة أودعها الله في الإنسان إلا جعل لها قناة نظيفة تسري خلالها، قال:
(( فناظرٌ كيف تعملون ))
تغض بصرك عمن لا تحل لك، وتقول: إني أخاف الله رب العالمين، أم تطلق البصر في امرأة لا تحل لك ؟
(( فاتَّقُوا الدنيا، واتَّقوا النساء، فإنَّ أولَ فِتْنَةِ بني إسرائيل كانت في النساء فما تركت بعدي فتنة أضَرَّ على الرِّجالِ من النساء ))
خطر الغزو الثقافي على الإسلام و المسلمين:
العالم الغربي كانوا يجبروننا بالقوة المسلحة، على أن نفعل ما يريدون، هذا الطريق صعب، مكلف، الآن يجبروننا بالقوة الناعمة المرأة على أن نريد ما يريدون، الآن في غزو ثقافي أيها الأخوة، في معظم بيوتات المسلمين ملهى ليلي دون أن يشعر، هذا الجنس يصرف عن الله، وعن الدار الآخرة، وعن القرآن، وعن السنة، وعن العمل الصالح، أكبر غزو ثقافي الآن.
أوحى الله إلى نبي من الأنبياء قل لقومك ما بالكم تسترون ذنوبكم عن خلقي وتظهرونها لي ؟ إن كنتم ترون أني لا أراكم فأنتم كافرون، وإن كنتم ترون أني أراكم، فلمَ جعلتموني أهون الناظرين إليكم ؟ كلام دقيق.
أما تستحي منا ويكفيك ما جرى أما تختشي من عتبنا يوم جمعنا
* * *
من عرف أنالله بصير زيّن باطنه بالمراقبة وظاهره بالمحاسبة:
إذا عرف الإنسان أن الله بصير زيّن باطنه بالمراقبة، وزين ظاهره بالمحاسبة الله معك، يعني الإنسان لو قيل أنت مراقب، يا لطيف ! يضبط كلماته بشكل مذهل، يضبط حركته، يعني أي شبهة يبتعد عنها، إذا قيل له أنت مراقب من إنسان، أو خطك مراقب ، أو حركتك مراقبة، أو حسابك مراقب، فإذا كان الله هو الرقيب.
﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾
إن الله يراكم، إن تكلمتم يسمعكم، وإن تحركتم يراكم، وإن أضمرتم شيئاً في أنفسكم يعلمه الله.
أحد العلماء قال: من قارب معصية وهو يعلم أن الله يراه، فما أجرأه على الله وما أخسره، وإن ظن أن الله لا يعلم فما أكفره، وما أجهله.
كل إنسان يعصي الله مدموغ بالكفر والجهل:
مرة الإمام الغزالي رحمه الله تعالى، خاطب نفسه، قال: يا نفس، لو أن طبيباً منعك من أكلة تحبينها (الآن يوجد أكلات تؤذي مرضى القلب، لا يأكلها، يحبها كثيراً لكن لا يأكلها ) لو أن طبيباً منعك من أكلة تحبينها لا شك أنك تمتنعين (يكون آخذ بيتاً رابع طابق خامس طابق، تعبان فيه كثير، يصير معه مشكلة بقلبه يبيع البيت فوراً ثاني يوم، هكذا قال الطبيب، هذا البيت العالي لا يناسبك، فوراً يبيعه ) لو أن طبيباً منعك من أكلة تحبينها لا شك أنك تمتنعين، أيكون الطبيب أصدق عندك من الله ؟ ( الله منعك عن أشياء، لماذا استجبت لمنع الطبيب، ولم تستجيبي لمنع الله عز وجل ؟ )أيكون الطبيب أصدق عندك من الله ؟ إذاً ما أكفرك، كلام الإمام الغزالي، إذاً ما أكفرك، أيكون وعيد الطبيب أشد عندك من وعيد الله.
يعني الطبيب بالنهاية يقول مات، ما اعتنى بصحته، جاءته أزمة قلبية مات يعني أقصى ما عند الطبيب مات، أما عند الله جهنم إلى أبد الآبدين، أيكون وعيد الطبيب أشد عندك من وعيد الله ؟ إذاً ما أجهلك، هذا حوار ذاتي مع نفسه، يا نفس، لو أن طبيباً منعك من أكلة تحبينها لا شك أنك تمتنعين، أيكون الطبيب أصدق عندك من الله ؟ أيكون الطبيب أصدق عندك من الله ؟ إذاً ما أكفرك، أيكون وعيد الطبيب أشد عندك من وعيد الله ؟ إذاً ما أجهلك، كل إنسان يعصي الله مدموغ بالكفر والجهل.
إِنما الأعمال بالنيات:
أيها الأخوة، في ضوء هذا الفهم الدقيق لمعنى "البصير" نقول: أي عمل له ظاهر وله باطن.
شخص عنده تقريباً 200 دنم أرض، أرض مشاع جاء من يهمس في أذنه أنك إذا تبرعت بخمسة دنومات لبناء مسجد تضطر البلدية أن تنظم هذه الأرض، وأن تقسمها إلى محاضر، وبهذا يرتفع ثمنها أضعافاً مضاعفة، راقت له الفكرة، هو لا يصلي إطلاقاً، تبرع بخمسة دنومات أرض، وفعلاً الأرض نظمت، وأصبحت محاضر، وارتفع سعرها أضعاف مضاعفة، كل البشر يثنون عليه، ما شاء الله محسن كريم ! من يعرف الحقيقة ؟ لا تخفى عليه خافية، لذلك:
(( إِنما الأعمال بالنيات ))
في أعمال ظاهرة رائعة ورائها نيات خبيثة، وفي أعمال ظاهرها سيء، إنسان يضرب يتيم، شخص سأل النبي (صحابي جليل)، قال له:
(( يا رسول الله، إن في حجري يتيماً أفأضربه ؟ قال: نعم، مما تضرب منه ولدك ))
لو كان هذا ابنك ورأيت معه مئة ليرة، هو أخذها من جيب رفيقه، تبقى ساكت ؟ تؤدبه
(( نعم، مما تضرب منه ولدك ))
إنسان يضرب يتيماً عمل صعب، كبير ، وإنسان تبرع بأرض لمسجد.
(( إِنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى. فمن كانت هجرته إِلى الله ورسوله، فهجرته إِلى الله ورسوله. ومن كانت هجرته إِلى دنيا يُصِيبها، أو امرأة يتزوجها، فهجرته إِلى ما هاجر إِليه ))
يوجد إنسان أحب امرأة حباً جماً، اسمها أم قيس، فاشترطت عليه كي توافق على الزواج منه أن يهاجر إلى المدينة فهاجر، سماه الناس مهاجر أم قيس.
يقول: أسلم هو ما أسلم أحب امرأة مسلمة فقط، أحب امرأة مسلمة فأسلم.
الله وحده بصير بحجم عمل كل إنسان:
إذاً كل عمل له ظاهر، وله باطن، له خلفية، له نية، له ملابسات، له ظروف الله وحده بصير بحجم عملك، بمقدار تضحيتك، بمقدار الصراع النفسي الذي سبق هذا العمل بصير بكل أبعاده، بكل استحقاقاته، بكل خلفياته، بكل أهدافه، بصير ببواعثه.
لذلك المؤمن يسعد كثيراً لأنه الله "البصير" يعلم نياتنا، يعلم سلامة صدورنا ، يعلم حبنا للخير، يعلم أن هذا الخطأ لا نقصده، يعلم أن هذا الوضع الحرج الذي وقعنا فيه لا نريده، يعلم أن هذه الكلمة التي قلناها لم نكن نقصد مدلولها.
لذلك أنت أيها المؤمن حينما تعلم أن الله يعلم، يعلم حقيقة كل شيء، هذا يسعدك أيما سعادة لا تملك إلا أن تقول الحمد لله على وجود الله، الله يعلم.
من صحت رؤيته صحّ عمله و سعد و من فسدت رؤيته فسد عمله و شقي:
أيها الأخوة، الآن كل عمل وراءه رؤيا، الإنسان لا يشتري حاجة إلا إذا رأى أنها أثمن من سعرها، فلسفة الشراء، إيديولوجية الشراء، والإنسان لا يبيع حاجة إلا إذا ظنّ أن ثمنها أغلى منها، لا الشاري يشتري، ولا البائع يبيع، إلا إذا شعر أنه رابح بهذا العمل وإن صحت رؤيتك صحّ عملك، الذي يسرق، لماذا سرق ؟ رأى أن السرقة كسب سريع بجهد قليل، ولم ينتبه للعقاب، لا في الدنيا، ولا في الآخرة، والذي زنا يرى أن هذا الزنا مغنم كبير، فرصة، إن صحت رؤيته صحّ عمله.
سيدنا يوسف دعته امرأة العزيز فقال: معاذ الله إني أخاف الله رب العالمين فصار سيدنا يوسف، في مئة مليون شاب يقع في مثل هذا الظرف وجده مغنماً، المشكلة الرؤيا ماذا رأى ؟ إنسان يأخذ رشوة يتوهم أنه أذكى الناس، جمع مبلغاً كبيراً بجهد يسير المؤمن يقول: معاذ الله إني أخاف الله رب العالمين.
البطولة بالرؤيا، إن صحت رؤيتك صحّ عملك، إن صحّ عملك سلمت وسعدت في الدنيا والآخرة، إن انحرفت رؤيتك فسد عملك، وإن فسد عملك شقيت وهلكت في الدنيا والآخرة.
كل عمل وراءه رؤيا صحيحة أو خاطئة:
الفرق الوحيد بين الشقي والسعيد، بين المستقيم والمنحرف، بين المنصف والظالم بين المحسن والمسيء، بين الشاكر والكافر الرؤيا، صحة في الرؤيا أو خطأ في الرؤيا، بل إن علة أهل النار خطأ في الرؤيا، الآية الكريمة:
﴿ وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾
رؤيا، عامل تنظيفات طائرة وجد غرفة العجلات كبيرة جداً، فرأى أنه إذا قبع فيها انتقل من بلد إلى بلد بلا موافقات، وبلا أجور، وجد نفسه أذكى إنسان، هكذا رأى جلس فلما أقلعت الطائرة، وأراد الطيار أن يعيد العجلات إلى مكانها أنزل أرضية هذه الغرفة فسقط ميتاً، القصة وقعت في إحدى المطارات، ما الذي قتله ؟ رؤيته الخاطئة، قال لي صديق يعمل في برج المطار قال لي: لو أن في الغرفة مكاناً لا ينزل، لكن الحرارة خمسين تحت الصفر، يموت من البرد.
لذلك إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم، والعلم لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كلك، فإذا أعطيته بعضك فلم يعطيك شيئاً.
الظالم و العاصي هو أغبى إنسان على وجه الأرض:
إخوانا الكرام، أنت حينما ترى أن المعصية مهلكة مؤمن، معناها الدخل الحرام سوف يُدمر، إنسان أحياناً يقترض قرضاً كبيراً يقول لك هذا غني، لن أعطيه إياه، يعدّ نفسه ذكياً.
(( من أخذ أَموال الناس يُريدُ أَداءها أدَّى الله عنه، ومن أخذ أَموال الناس يُرِيدُ إِتْلافها أتلفه الله ))
الذي هدّم سبعين ألف بيت بغزة هذه السنة الرابعة لم يمت.
﴿ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا ﴾
ما عرف أن في إله سيحاسبه، أغبى إنسان هو الظالم، أغبى إنسان هو الطاغية أغبى إنسان هو العاصي.
الله عز وجل منح الإنسان نعمة البصر فعليه أن يستخدمها في ما يرضي الله تعالى:
إخوانا الكرام، حينما ترى أن المعصية مهلكة، وأن الطاعة مغنم كبير، فأنت في نعمة لا تقدر بثمن، آلاف مؤلفة، ملايين مملينة، ترى الباطل حقاً، والحق باطلاً، ترى الخير شراً والشر خيراً، ترى العمل الجميل قبحاً، والعمل القبيح جميلاً، ملايين مملينة لذلك قال عليه الصلاة والسلام:
(( كيف بكم إذا لمْ تأمروا بالمعروفِ ولم تَنْهَوْا عن المنكر ؟ قالوا: يا رسول الله وإنَّ ذلك لكائن ؟ قال: نعم، وأشدُ، كيف بكم إذا أمرتُم بالمنكر، ونهيُتم عن المعروف ؟ قالوا: يا رسول الله وإنَّ ذلك لكائن ؟ قال: نعم، وأَشدُّ كيف بكم إذا رأيتُمُ المعروفَ منكرا والمنكرَ معروفا ))
أيها الأخوة، حينما تشعر أن الله عمك، معك في خلوتك، في جلوتك، في سرك، في علانيتك، مع ذكرك، مع نطقك، في سفرك، في حضرك، هذا الشعور المستمر من نعم الله العظمى:
(( إن من أفضل إيمان المرء أن يعلم أن الله يعلم حيث كان ))
لذلك أيها الأخوة الكرام، من أدبنا مع هذا الاسم "البصير" الله عز وجل منحنا نعمة البصر، ينبغي أن نستخدم هذه النعمة في النظر في آيات الله الدالة على عظمته، لا في تتبع عورات الآخرين، في أفلام لا ترضي الله، في قصص لا ترضي الله، في صور لا ترضي الله، في تنزه في الطرقات لا ترضي الله، في أن تملأ عينك من الحرام هذا لا يرضي الله، هذه النعمة التي لا تقدر بثمن العين احفظها، احفظ الله بها يحفظها لك.